تفسير قوله تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (2)

حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو وَائِلٍ الصَّنْعَانِيُّ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ عُرْوَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ إِذْ دَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فكلَّمه بكلامٍ أغضبه، فلما أن أغضبه قَامَ ثُمَّ عَادَ إِلَيْنَا وَقَدْ تَوَضَّأَ، فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي عَطِيَّةَ -هُوَ ابْنُ سَعْدٍ السَّعْدِيُّ، وَقَدْ كَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ الْغَضَبَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ خُلِقَ مِنَ النَّارِ، وَإِنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالْمَاءِ، فَإِذَا أُغْضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ.

وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ خَالِدٍ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ الْقَاصِّ الْمُرَادِيِّ الصَّنْعَانِيِّ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: أُرَاهُ عَبْدَاللَّهِ بْنَ بَحِيرٍ.

حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ يَزِيدَ: حَدَّثَنَا نُوحُ بْنُ جَعْوَنَةَ السُّلَمِيُّ، عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.

...........

الشيخ: انظر الكلام عليه في "التقريب"، انظر نوح بن جعونة.

الطالب: ..........

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَن أَنْظَرَ مُعْسِرًا أَوْ وَضَعَ لَهُ وَقَاهُ اللَّهُ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ، أَلَا إِنَّ عَمَلَ الْجَنَّةِ حَزْنٌ بِرَبْوَةٍ -ثَلَاثًا- أَلَا إِنَّ عَمَلَ النَّارِ سَهْلٌ بِسَهْوَةٍ، وَالسَّعِيدُ مَنْ وُقِيَ الْفِتَنَ، وَمَا مِنْ جَرْعَةٍ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ جَرْعَةِ غَيْظٍ يَكْظِمُهَا عَبْدٌ، مَا كَظَمَهَا عَبْدٌ لِلَّهِ إِلَّا مَلَأَ جَوْفَهُ إِيمَانًا.

انْفَرَدَ بِهِ أَحْمَدُ، وإسناده حَسَنٌ، لَيْسَ فِيهِ مَجْرُوحٌ، وَمَتْنُهُ حَسَنٌ.

مداخلة: في "المسند" قال: خرج رسولُ الله ﷺ إلى المسجد وهو يقول بيده هكذا. فأومأ أبو عبدالرحمن بيده إلى الأرض .....

الشيخ: مختصر هذه.

س: ..............؟

ج: يمكن لأجل صحّة المعنى، المعنى واضح، مناسب المعنى، ومن هذا الباب: حُفَّت النارُ بالشَّهوات، وحُفَّت الجنَّةُ بالمكاره ..... حزن بربوةٍ فيها صعوبة، تحتاج إلى جهاد النَّفس حتى تستقيم على طاعة الله، وتدع ما يُخالف شرعه، وتجتنب هواها، أما طريق النَّار فسهلٌ بسهوةٍ، مُتيسّر طاعة الهوى والشَّيطان -والعياذ بالله- لهذا حُفَّت النارُ بالشَّهوات.

س: .............؟

ج: الله أعلم، يحتاج إلى تأملٍ، والمعنى طيبٌ، والجمل كلها طيبة مثلما قال المؤلف، نعم.

والمقصود من هذا أنَّ الغضبَ من الشيطان، وأنَّ المؤمنَ يُجاهد نفسه، إذا غضب لا بدَّ من جهادٍ: حُفَّت النارُ بالشَّهوات، النفس تطلب التَّنفيذ لمرادها، وتنفيذ هواها، ومن ذلك الغضب، إذا غضب يريد أن ينفذ.

فينبغي للمؤمن أن يحذر شرَّ غضبه، وشرَّ نفسه: وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ۝ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى [النازعات:40- 41]، وإذا غضب تعوَّذ بالله من الشيطان الرجيم، يتوضّأ ويجلس إن كان قائمًا، ويقف إن كان ماشيًا، ويضطجع حتى يذهب هذا الشَّرٌّ؛ حتى يغلبه ويقضي عليه.

والمقصود من هذا كلّه الحذر من تنفيذ ما تطلبه النفس عند الغضب، فإنها قد تطلب شرًّا عظيمًا: كالقتل، والضرب، والطلاق، إلى غير هذا، نعم.

س: ..............؟

ج: الحديث الصَّحيح ثابتٌ في قصّة الرجلين: غضبا وانتفخت أوداجُ أحدهما. في مسلم، أو البخاري، أو كلاهما، قال النبيُّ: إني لأعلم كلمةً لو قالها لذهب عنه ما يجد: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أمَّا لفظ: (الغضب من الشيطان) ما أعرف هذه الكلمة، لكن هو معنى الأحاديث كلّها، معناه أنَّه من الشيطان، ويدعو إليه.

س: ..............؟

ج: مثلما قال: وإنَّ الشَّيطان خُلِقَ من النار، والنار تُطْفَأ بالماء، لكن حديث عروة لا بأس به في الجملة، نعم.

حَدِيثٌ آخَرُ فِي مَعْنَاهُ: قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ –يَعْنِي: ابْنَ مَهْدِيٍّ- عَنْ بِشْرٍ –يَعْنِي: ابْنَ مَنْصُورٍ- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَبْنَاءِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ مَلَأَهُ اللَّهُ أَمْنًا وَإِيمَانًا، وَمَنْ تَرَكَ لبس ثوب جمالٍ وهو قادرٌ عَلَيْهِ -قَالَ بِشْرٌ: أَحْسَبُهُ قَالَ: تَوَاضُعًا- كَسَاهُ اللهُ حُلَّةَ الكرامة، ومَن توّج لِلَّهِ كَسَاهُ اللَّهُ تَاجَ الْمُلْكِ.

.............

الشيخ: فيه المبهم هذا، لكن المعنى صحيح: مَن أعطى لله جلَّ وعلا، فعل لله؛ عوَّضه اللهُ، الجزاء من جنس العمل: هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ [الرحمن:60]، إذا زوَّج لله يعني: اختار عبدًا صالحًا زوَّجه لله، لا لأجل الدنيا، أو تَوَّج يعني: ولَّى أميرًا أو ملكًا لله؛ لأنَّه رآه أهلًا لذلك، وفعل ما استطاع لأجل تتويجه؛ حتى يتولَّى الأمر كذلك، أما (روج، وروح) فمحلّ نظرٍ، ولو صحّت معناه: روَّج شيئًا، يعني: جعله يكثر في الناس، يروج في الناس؛ لأنَّه يُرضي الله، لو صحَّت العبارة.

الطالب: بشر بن منصور السَّليمي -بفتح المهملة وبعد اللام تحتانية- أبو محمد، الأزدي، البصري، صدوق، عابد، زاهد، من الثامنة، مات سنة ثمانين. (م، د، س).

بشر بن منصور الحنّاط -بالمهملة والنون- صدوق، من الثامنة، وقيل: هو الذي قبله. (ق).

الشيخ: وسويد بن وهب؟

الطالب: سويد بن وهب مجهول، من السادسة. (د).

الشيخ: عِلَّتان: جهالة سويد، وإبهام الرجل. لكن المعنى صحيح ..... الأدلة الأخرى تشهد لهذا المعنى.

حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ يزيد قال: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ: حَدَّثَنِي أَبُو مَرْحُومٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رسولَ الله قَالَ: مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الْخَلَائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ مِنْ أَيِّ الْحُورِ شَاءَ.

وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ ابْنِ أَبِي أَيُّوبَ بِهِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ.

الشيخ: لا بأس به، وهذا فيه فضل كظم الغيظ، والله وصف به المتَّقين أهل الجنّة والمغفرة، وصفهم بهذا، كما قال سبحانه: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ۝ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ [آل عمران:133- 134]، يكظم الغيظَ لله، يُريد ما عند الله، يُغضبه إنسانٌ ويُؤذيه فيكظم الغيظَ يرجو ما عند الله، وقادرٌ أن ينتقم، قادرٌ أن يتكلم، لكنَّه كظم يرجو ما عند الله.

حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ عَبْدُالرَّزاق: أنبأنا داود بن قيس، عن زيد بن أسلم، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ يُقَالُ لَهُ: عَبْدُالْجَلِيلِ، عَنْ عَمٍّ لَهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى إِنْفَاذِهِ مَلَأَ اللَّهُ جوفَه أَمْنًا وَإِيمَانًا. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ.

الشيخ: مقصود المؤلف بيان فضل هذا الأمر، وإن كان بعض ما يذكر ضعيفًا، لكن المقصود الترغيب في هذا الخير العظيم؛ ولهذا تساهل في رواية بعض هذه الأحاديث الضَّعيفة رحمه الله.

حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زيادٍ: أنبأنا يحيى ابن أبي طالب: أنبأنا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عن الحسن، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَا تَجَرَّعَ عَبْدٌ مِنْ جُرْعَةٍ أَفْضَلَ أَجْرًا مِنْ جُرْعَةِ غَيْظٍ كَظَمَهَا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ.

وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ يُونُسَ بن عبيدٍ به.

الشيخ: يكفي المؤمنين ما وصف اللهُ به المتَّقين، وأنَّ من صفاتهم ..... الجنة، فهذا كافٍ في التَّشجيع عليه والترغيب فيه، كذلك قوله ﷺ: ليس الشديدُ بالصّرعة، إنما الشَّديد الذي يملك نفسَه عند الغضب، فالمؤمن يكفيه في الحثِّ على الخير والترغيب فيه ولو حديثٌ واحدٌ صحيحٌ، فكيف إذا كان بنصِّ القرآن.

فقوله تعالى: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ أَيْ: لَا يُعْمِلُونَ غَضَبَهُمْ فِي النَّاسِ، بَلْ يَكُفُّونَ عَنْهُمْ شَرَّهُمْ، وَيَحْتَسِبُونَ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ .

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ أَيْ: مَعَ كَفِّ الشَّرِّ يَعْفُونَ عَمَّنْ ظَلَمَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ، فَلَا يَبْقَى فِي أَنْفُسِهِمْ مَوْجِدَةٌ عَلَى أَحَدٍ، وَهَذَا أَكْمَلُ الْأَحْوَالِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ، فَهَذَا مِنْ مَقَامَاتِ الْإِحْسَانِ.

الشيخ: هذه أخلاقهم، أخلاقهم من أخلاق المحسنين: كظم الغيظ، والعفو عن الناس، هذه من أخلاقهم: يُنفقون في السَّراء والضَّراء، ويكظمون الغيظَ، ويعفون عن الناس، هذه من أخلاقهم، أهل الإحسان الذين قال فيهم جلَّ وعلا: وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ [الحج:37]، إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ [النحل:128]، ومن أخلاقهم: لزوم التقوى، والاستقامة على الحقِّ، والثبات عليه، ويعتنون بفعل الواجبات، وترك المعاصي.

ثم مع هذا هم أهل إنفاقٍ في السَّراء والضَّراء، وكظم غيظٍ، وعفوٍ، مع أداء الواجبات، وترك المعاصي، عندهم أخلاق أخرى عظيمة: من الإنفاق في السَّراء والضَّراء، يطلبون ما عند الله غير الزكاة، يكظمون الغيظ وإن كانوا مُحقِّين، لو نفذوا يعفون، لهم حقٌّ ويعفون، كل هذا يرجون ما عند الله جلَّ وعلا.

وَفِي الْحَدِيثِ: ثَلَاثٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ: مَا نَقَصَ مَالٌ مِنْ صَدَقَةٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ اللَّهُ.

وَرَوَى الْحَاكِمُ فِي "مستدركه" من حَدِيثِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى ابْنِ أبي طَلْحَةَ الْقُرَشِيِّ.

الطالب: ...........

الشيخ: أيش عندك؟

الطالب: ...........

الشيخ: انظر "التقريب"، وقال مَن؟

الطالب: وروى الحاكم في "مستدركه".

الشيخ: انظر: إسحاق بن يحيى.

عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُشْرَفَ لَهُ الْبُنْيَانُ، وَتُرْفَعَ لَهُ الدَّرجات، فليعفُ عمَّن ظلمَه، ويعظْ مَنْ حَرَمَهُ، وَيَصِلْ مَنْ قَطَعَهُ.

ثُمَّ قَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ.

وَقَدْ أَوْرَدَهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ وَكَعْبِ بن عُجرة وأبي هريرة وأم سلمة بِنَحْوِ ذَلِكَ.

الشيخ: وذكر شيخُ الإسلام ابن تيمية في "العقيدة الواسطية" أنَّ أهل السّنة يندبون إلى أن تصل مَن قطعك، وتُعطي مَن حرمك، وتعفو عمَّن ظلمك، والأدلة من الشَّرع كلّها واضحة في هذا؛ فإنَّ وصل القاطع له شأنٌ عظيمٌ، في "صحيح البخاري" يقول ﷺ في حديث جبير بن مطعم: ليس الواصلُ بالمكافئ، ولكن الواصلَ الذي إذا قُطعت رحمُه وصلها، والعفو معروفٌ ما فيه من النصوص من القرآن والسّنة: وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ، وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [البقرة:237]، ويقول الرسولُ: ما زاد اللهُ عبدًا بعفوٍ إلَّا عزًّا، والجواد والكريم يُعطي مَن حرمه، والمقصود أنَّه من خصال أهل السّنة والجماعة: أن تصل مَن قطعك، وتُعطي مَن حرمك، وتعفو عمَّن ظلمك».

س: ............؟

ج: الزيارة من صلة الرحم، يزور أقاربه، ولا سيما عند المناسبات: يعوده إذا مرض، يُعينه إذا احتاج إلى شيءٍ، يُعزِّيه إذا مات قريبه، إلى غير هذا من المناسبات التي تُناسب فيها الزيارة، أو يزوره فقط لأجل الصِّلة؛ للسؤال عن حاله؛ لإيناسه على وجهٍ ليس فيه محذورٌ شرعًا.

الطالب: إسحاق بن يحيى بن طلحة بن عبيدالله التَّيمي، ضعيف، من الخامسة. (الترمذي، وابن ماجه).

الشيخ: عندك إسحاق بن يحيى ابن أبي طلحة القُرشي؟

الطالب: نعم، أحسن اللهُ إليك.

الشيخ: وأنت عندك في الحاشية شيء يا شيخ سلطان؟

الطالب: ما في حاشية، بدون حاشية: إسحاق بن يحيى بن طلحة.

الشيخ: عندك غيره؟

الطالب: لا بأس، هذا هو.

الشيخ: نعم، صلّحه: ابن طلحة، إسحاق بن يحيى بن طلحة، بحذف "أبي".

وَرُوِيَ عَنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إذا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ نَادَى مُنَادٍ يَقُولُ: أَيْنَ الْعَافُونَ عَنِ النَّاسِ؟ هَلُمُّوا إِلَى رَبِّكُمْ، وَخُذُوا أُجُورَكُمْ، وَحُقَّ عَلَى كُلِّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِذَا عَفَا أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ.

س: .............؟

ج: العفو معروفٌ فضله؛ لما فيه من الخير العظيم، لكن إذا كان العفو قد يُجرِّئ على شرٍّ ويُسبِّب مشاكل، قد يكون تركه أفضل في بعض الأحيان بصفةٍ استثنائيَّةٍ، المقصود أنَّ الأصل في العفو هو الفضل والأجر والاستحباب، لكن في بعض الأحيان قد يكون العفو يترتب عليه ما لا تُحمد عقباه، فإذا رأى المصلحة الشَّرعية في عدم العفو فلا بأس، مثل هذه الحالة مُستثناة.