تفسير قوله تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (1)

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، وَلَكِنَّ الشَّدِيدَ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ. وَقَدْ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ مالكٍ.

الشيخ: وهذا الحديث العظيم يدل على شدّة خطر الغضب، وأنَّ آفات الغضب كثيرة، وأخطاره عظيمة؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: ليس الشَّديدُ بالصّرعة يعني: ليس القويُّ بالمعنى الأكمل وهو الصّرعة، والصّرعة الذي يصرع الناس بقوته ..... بالمصارعة يُسمَّى: قويًّا، يُسمَّى: صرعة، لكن ليس هو الأولى بهذا الوصف، ولكن الأولى به على الحقيقة والكمال الذي يصرع نفسه عند الغضب ويغلبها عند غضبه، إذا غضب غلبها، ولم يقل: ولم يعمل إلا ما ينبغي. هذا هو القوي، وهذا هو الصّرعة على الحقيقة والكمال، والغضب خطره عظيم.

والواجب عند الغضب القوّة في ملك النفس وجهادها، يملك اللِّسان والجوارح حتى لا يقع ما لا ينبغي: من ضربٍ، أو شتمٍ، أو قتلٍ، أو غير ذلك مما لا ينبغي؛ لأنَّ الغضبَ قد يُفقد الإنسانَ شعوره فيتكلم ويقول ويفعل ما لا ينبغي.

فالواجب على العاقل أن يحذر شرَّ الغضب، وأن يتعاطى ما يجعله ..... من هذه النفس عند الغضب، ومن ذلك: التَّعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ومن ذلك: الوضوء الشَّرعي، ومن ذلك: السّكوت، ومن ذلك: الاضطجاع إن كان جالسًا، أو الجلوس إن كان قائمًا، يتعاطى الأسبابَ التي تصرع هذا الأمر.

ومثل هذا قوله عليه الصلاة والسلام: ليس المسكينُ بهذا الطَّواف الذي يطوف تردّه اللُّقْمَةُ واللُّقْمَتَان والأكلةُ والأكلتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غنًى يُغنيه، ولا يفطن له فيتصدّق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس، هذا هو المسكين بالمعنى الأكمل.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ -وهو ابْنُ مَسْعُودٍ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: أَيُّكُمْ مَالُ وَارِثِهِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ؟ قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا مَالُهُ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِ وَارِثِهِ. قَالَ: اعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا مال وارثه أحبّ إليه من ماله؛ ما لك من مالِكَ إلَّا ما قدَّمْتَ، ومال وارثك مَا أَخَّرْتَ.

قَالَ: وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ما تعدّون الصّرعة فيكم؟ قلنا: الذي لا تصرعه الرِّجال. قَالَ: لَا، وَلَكِنِ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ.

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ما تعدّون فيكم الرَّقوب؟ قُلْنَا: الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ. قَالَ: لَا، وَلَكِنَّ الرَّقُوبَ الَّذِي لَمْ يُقَدِّمْ مِنْ وَلَدِهِ شَيْئًا.

أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ الْفَصْلَ الْأَوَّلَ مِنْهُ، وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ أَصْلَ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ بِهِ.

الشيخ: والمراد بهذا الأكمل، الرَّقوب: الذي لم يخلف ولدًا، رقوب: عقيم، لكن أولى بهذا الاسم الذي لم يُقدّم من ولده شيئًا، لم يمت له أفراطٌ.

وهكذا في الحقيقة أنَّ غالبَ الناس كما أخبر النبيُّ ﷺ مال وارثه أحبّ إليه من ماله؛ لأنَّه يبخل به، ويتأخَّر عن المشاريع الخيرية، والعاقبة تكون أنَّ هذه الأموال للورثة، فيُحرم خيرها وفضلها، بسبب الشُّحِّ وعدم بصيرته بالعواقب صار مالُ وارثه أحبَّ إليه، ولو تعقَّل ونظر وتأمَّل لعرف أنَّ ماله هو ما قدَّم بالصَّدقة والعتق وسائر المشاريع الخيرية التي يقدمها من ماله، هذا هو مالك في الحقيقة الذي يحصل لك به الأجر والمنازل العالية في دار الكرامة، والذكر الجميل، والقدوة الحسنة.

حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ: سَمِعْتُ عُرْوَةَ بن عبدالله الجعفي يُحدِّث عن أبي حصبة، أو ابن حصبة.

...........

عَنْ رَجُلٍ شَهِدَ النَّبِيَّ ﷺ يخطب، فقال: أتدرون ما الرَّقوب؟ قلنا: الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ. قَالَ: الرَّقُوبُ كُلُّ الرَّقُوبِ الَّذِي لَهُ وَلَدٌ فَمَاتَ وَلَمْ يُقَدِّمْ مِنْهُمْ شَيْئًا، قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا الصُّعْلُوكُ؟ قَالُوا: الذي ليس له مالٌ. فقال النَّبِيُّ ﷺ: الصُّعْلُوكُ كُلُّ الصُّعْلُوكِ الَّذِي لَهُ مَالٌ فَمَاتَ وَلَمْ يُقَدِّمْ مِنْهُ شَيْئًا.

الشيخ: الصعلوك: الفقير، وهو المفلس الذي لم يُقدِّم من ماله شيئًا؛ ولهذا يقول ﷺ في نصيحته لفاطمة بنت قيس لما استشارته في التَّزوج بأبي جهم ومعاوية، قال: أما معاوية فصعلوكٌ لا مالَ له ذاك الوقت -يعني- ما عنده مال، فقير، وهو معروفٌ في عُرف الناس الآن: الصعلوك الذي ما عنده مال، ما عنده شيء يعني .....

قَالَ: ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: مَا الصُّرَعَةُ؟ قَالُوا: الصَّرِيعُ. قَالَ: فَقَالَ ﷺ: الصُّرَعَةُ كُلُّ الصُّرَعَةِ الَّذِي يَغْضَبُ فَيَشْتَدُّ غَضَبُهُ، وَيَحْمَرُّ وَجْهُهُ، وَيَقْشَعِرُّ شَعْرُهُ؛ فَيَصْرَعُ غَضَبَهُ.

حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ: حَدَّثَنَا هشام بن عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَمٍّ لَهُ يُقَالُ لَهُ: جَارِيَةُ بْنُ قُدَامَةَ السَّعْدِيُّ.

...........

أَنَّهُ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْ لِي قَوْلًا يَنْفَعُنِي وَأَقْلِلْ عَلَيَّ، لَعَلِّي أَعِيهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا تَغْضَبْ، فَأَعَادَ عَلَيْهِ حَتَّى أَعَادَ عَلَيْهِ مِرَارًا، كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ: لَا تَغْضَبْ.

وهكذا رَوَاهُ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامٍ بِهِ.

وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ، عَنْ هِشَامٍ بِهِ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رسولَ الله، قل لي قولًا وأقلل عليَّ لعلي أعقله. فقال: لَا تَغْضَبْ. الْحَدِيثَ، انْفَرَدَ بِهِ أَحْمَدُ.

الشيخ: وهكذا جاء في الصَّحيح: قال: أوصني. قال: لا تغضب، فردد مرارًا قال: لا تغضب.

فالغضب شرّه عظيم، والمعنى: احذر أسبابه، لا تغضب يعني: احذر أسبابَ الغضب، تباعد عنه، يعني: اجتهد في اجتناب أسباب الغضب لعلك تسلم منه.

............

حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّزَّاقِ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْصِنِي، قَالَ: لَا تَغْضَبْ، قَالَ الرجل: ففكرتُ حِينَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ مَا قَالَ، فَإِذَا الْغَضَبُ يَجْمَعُ الشَّرَّ كُلَّهُ. انْفَرَدَ بِهِ أَحْمَدُ.

حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا دَاودُ ابْنُ أَبِي هند، عن أبي حرب ابن أَبِي الْأَسْوَدِ.

مُداخلة: في نسخة الشّعب: عن ابن أبي حرب أبي الأسود.

الشيخ: وأيش الذي عندك؟

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ: حَدَّثَنَا دَاودُ ابْنُ أَبِي هند، عن أبي حرب ابن أَبِي الْأَسْوَدِ.

الشيخ: والذي عندك يا شيخ سُلطان؟

الطالب: أحسن الله إليك، في نسخة الشّعب: عن ابن أبي حرب. في الحاشية قال: في المخطوطة: عن ابن حرب. وفي "المسند" -في الجزء والصَّفحة كذا- عن أبي حرب.

الشيخ: المعروف أبي حرب، مثلما عند ..... أبو حرب الذي عندك غلطٌ.

مُداخلة: في الحديث السَّابق قال أحمدُ: حدَّثنا عبدُالرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن .....؟

الشيخ: نعم، على شرط الشَّيخين، أقول: على شرط الشَّيخين.

س: ..............؟

ج: تسلية للمؤمن وتعزية، إذا مات له أفراطٌ فهو على خيرٍ عظيمٍ، الأفراط هم الأولاد في الحقيقة؛ ولهذا في الحديث الصَّحيح: لما خطب النبيُّ النِّساءَ وقال: مَن مات لها ثلاثةُ أولادٍ لم يبلغوا الحنثَ كنَّ لها حجابًا من النار، فسألته امرأةٌ: يا رسول الله، أو اثنان؟ قال: أو اثنان، فالمصيبة في الأولاد مصيبة مُؤثرة، لكن إذا تذكر الإنسانُ أنَّ الأجر عظيمٌ، وهذا من أسباب السَّلامة من النار، والوقاية من النار؛ خفَّت المصيبة.

س: ما ورد من فضائل في تقديم الأولاد، هل يجوز للأب أن يتمنى وفاة أحدٍ من أولاده .....؟

ج: ما أعلم دليلًا في هذا الشَّيء، بل يسأل الله صلاحَهم واستقامتهم، وتمني موتهم ما يصلح، في الحديث الصَّحيح: لا يتمنى أحدُكم الموتَ لضُرٍّ نزل به .....

س: قوله: الصُّرَعَةُ كُلُّ الصُّرَعَةِ الَّذِي يَغْضَبُ فَيَشْتَدُّ غَضَبُهُ، وَيَحْمَرُّ وَجْهُهُ، وَيَقْشَعِرُّ شَعْرُهُ، في "المسند": فَيَصْرَعُه غَضَبُهُ؟

ج: ..... ما يكون صرعةً إلا إذا صرع الغضبَ هو، أمَّا إذا صرعه الغضبُ فليس بصرعةٍ.

س: قوله: الرَّقوب كل الرَّقوب والصّعلوك كل الصعلوك؟

ج: هذا الرّقوب مَن لم يُقدِّم من ولده شيئًا، والصّعلوك مَن لم يُقدِّم من ماله شيئًا، هذا معنى، وهذا معنى، الرقوب: العقيم يعني، والصّعلوك: المفلس الذي ما قدَّم من ماله شيئًا، نسأل الله السَّلامة، هو المفلس الذي أمواله صارت للورثة.

س: ............؟

ج: لأنَّهم يشفعون لآبائهم وأُمَّهاتهم.

س: سقوط الحمل في نفس الباب؟

ج: إذا كان بعد نفخ الروح فيه، أمَّا قبل ذلك ما يُعتبر ولدًا حتى تُنفخ فيه الروح، يكون بين ..... علقة، أو إذا ..... أسقطت علقةً أو مُضغةً ما يُسمّى: ولدًا، لا يُغسّل، ولا يُصلَّى عليه.

س: إذا قدمت المرأةُ ابنًا واحدًا؟

ج: في الحديث لم يسألوه، لكن جاء في الحديث الصَّحيح: أنَّ الربَّ جلَّ وعلا يقول: ما لعبدي المؤمن جزاء إذا أخذتُ صفيَّه من هذه الدنيا فاحتسبه إلا الجنّة، هذا يشمل الواحد، إذا قبض اللهُ صَفِيَّ الإنسان: ولدًا له، أو قبض أخاه، أو أباه، أو أُمَّه، أو غيرهم من الأصفياء الذين لهم أهمية عنده، وصبر واحتسب ففيه هذا الوعد العظيم، وهو الجنة.

.............

عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: كَانَ يَسْقِي عَلَى حَوْضٍ لَهُ، فَجَاءَ قومٌ فقالوا: أَيُّكُمْ يُورِدُ عَلَى أَبِي ذَرٍّ وَيَحْسِبُ شَعَرَاتٍ مِنْ رَأْسِهِ؟ فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا. فَجَاءَ الرَّجُلُ فأورد عليه الحوض فذقّه، وَكَانَ أَبُو ذَرٍّ قَائِمًا فَجَلَسَ، ثُمَّ اضْطَجَعَ، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا ذَرٍّ، لِمَ جَلَسْتَ ثُمَّ اضْطَجَعْتَ؟ فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ لَنَا: إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ، فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلَّا فَلْيَضْطَجِعْ.

وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ بِإِسْنَادِهِ، إِلَّا أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَتِهِ: عَنْ أَبِي حَرْبٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ. وَالصَّحِيحُ: ابْنُ أَبِي حَرْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ. كَمَا رَوَاهُ عَبْدُاللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ.

الشيخ: سندٌ جيدٌ، لكن "يحسب شعرات" ما اتَّضح وجهه، أيش عندك: ابن أبي حرب؟ الأول عندك: ابن أبي حرب أو أبي حرب؟

الطالب: الأول: عن أبي حرب.

الشيخ: انظر "التقريب": ابن أبي حرب في الأبناء، وأيش معنى: يحسب شعرات؟ ذقّ الحوض معروف أنَّه يُغضب الإنسان ..... أرادوا إغضاب أبي ذرٍّ، أرادوا أن يمتحنوا أبا ذرٍّ، لكن تحتسب شعرات، أو يحسب شعرات، أيش معنى هذا الكلام: يحسب، يحتسب.

مُداخلة: يحسبون شعرات رأسه البيضاء؟

الشيخ: الذي يذقّ الحوض هو الذي يحتسب، الذي يذقّ الحوض ما هو يغضب؛ لأنَّه مُتعمّد للأذى، الذي يغضب أبو ذرٍّ؛ ولهذا جلس ثم اضطجع حتى لا يُقابلهم بالغضب .

مُداخلة: أو ليكون -أحسن الله إليك- لأنَّهم سيكشفون عمامتهم .....، ولم يكن يعلم؛ لأنَّ الإنسان يغضب إذا كشفت عمامته بدون علمه؟

ج: ما قال: يحتسب شعرات من أيش؟ متنه.

كَانَ يَسْقِي عَلَى حَوْضٍ لَهُ، فَجَاءَ قومٌ فقالوا: أَيُّكُمْ يُورِدُ عَلَى أَبِي ذَرٍّ وَيَحْسِبُ شَعَرَاتٍ مِنْ رَأْسِهِ؟

الشيخ: أو يحتسِب؟

.............

كأنَّه ما هو بواضحٍ، رواية الإمام أحمد؟

الطالب: نعم، أحسن الله إليك، ورواه أبو داود.

الشيخ: يُراجع مسند أبي ذرٍّ: ابن أبي حرب، كأنَّ مُراده -يعني- يذقّ الحوضَ ويحسب شعرات رأس أبي ذرٍّ.

مُداخلة: قد تكون: ويسحب شعرات من رأسه.

الشيخ: هذا ما يُسويه عاقلٌ، ينتف شعر الرأس! رأيتَ ابن أبي حرب؟

............

الشيخ: غيره؟ وإلا في "الكنى"، أبو حرب في "الكنى".

الطالب: أبو حرب ابن أبي الأسود الدِّيلي، عن أبيه، عن عبدالله بن عمرو. وعنه قتادة، وداود ابن أبي هند، وثَّقه ابنُ حبان وقال .....

الشيخ: هذا هو أبو حرب ابن أبي الأسود .....، فالصواب ..... آخر ما قرأت؟

والصَّحيح: ابن أبي حرب، عن أبيه، عن أبي ذرٍّ. كما رواه عبدُالله بن أحمد، عن أبيه.

الشيخ: تقدَّم عبدُالله بن أحمد، تقدَّم؟

الطالب: لا، ما تقدَّم.

الشيخ: حطّ عليه إشارة: ابن أبي حرب.

س: قوله: يُورد على الحوض؟

ج: حوض أبي ذرٍّ يُورده دون رضا أبي ذرٍّ، يعني: يُورد على حوضه بدون رضاه حتى يُغضبه.

س: ............؟

ج: إبله.

س: ذقّ الحوض؟

ج: يعني .....، يعني: يختلّ، يعني: حتى يختلّ، المقصود أسباب الغضب.

س: هل يجوز إغضابه؟

ج: لا، ما يجوز، هذا امتحانٌ لأبي ذرٍّ.

...........

س: "مختصر ابن كثير" للصَّابوني ما رأيكم فيه؟

ج: فيه بعض الأغلاط، فيه بعض الأغلاط، ..... فيما يتعلَّق بالصِّفات، وأنا بعيد العهد عنه، وقد راجعناه قديمًا، والذي يغلب على ظنِّي أنَّ فيه بعض الشيء من جهة الصِّفات، لكن على كل حالٍ طالبُ العلم صاحب السُّنن يعرف، إذا قرأ يعرف.