تفسير قوله تعالى: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ..} (1)

وقوله تَعَالَى: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ الآية [النساء:31]، أَيْ: إِذَا اجْتَنَبْتُمْ كَبَائِرَ الْآثَامِ الَّتِي نُهِيتُمْ عَنْهَا كَفَّرْنَا عَنْكُمْ صَغَائِرَ الذُّنُوبِ وَأَدْخَلْنَاكُمُ الْجَنَّةَ؛ وَلِهَذَا قَالَ: وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا [النساء:31].

وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا مُؤَمِّلُ بْنُ هِشَامٍ قال: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قال: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ أيوب، عن معاوية بن قُرَّة، عن أنسٍ –رفعه- قال: لم نرَ مثلَ الَّذِي بَلَغَنَا عَنْ رَبِّنَا ، ثُمَّ لَمْ نَخْرُجْ لَهُ عَنْ كُلِّ أَهْلٍ وَمَالٍ أَنْ تَجَاوَزَ لَنَا عَمَّا دُونَ الْكَبَائِرِ، يَقُولُ الله: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31].

الشيخ: انظر في "التقريب": خالد بن أيّوب.

وَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ مُتَعَلِّقَةٌ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، فَلْنَذْكُرْ مِنْهَا مَا تَيَسَّرَ.

قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ قَرْثَعٍ الضَّبِّيِّ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: قَالَ لِيَ النَّبِيُّ ﷺ: أَتَدْرِي مَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ؟ قُلْتُ: هُوَ الْيَوْم الَّذِي جَمَعَ اللَّهُ فِيهِ أَبَاكُمْ. قَالَ: لَكِنْ أَدْرِي مَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ، لَا يَتَطَهَّرُ الرَّجُلُ فَيُحْسِنُ طُهُورَهُ، ثُمَّ يَأْتِي الْجُمُعَةَ فَيُنْصِتُ حَتَّى يَقْضِيَ الْإِمَامُ صَلَاتَهُ إِلَّا كَانَ كَفَّارَةً لَهُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ مَا اجْتُنِبَتِ الْمَقْتَلَةُ.

............

وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَلْمَانَ نَحْوَهُ.

وَقَالَ أَبُو جَعْفَرِ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِيَ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي خَالِدٌ، عَنْ سَعِيدِ ابْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ نُعَيْمٍ الْمُجْمِرِ: أَخْبَرَنِي صُهَيْبٌ -مَوْلَى الصّواري- أنَّه سمع أبا هريرة وأبا سَعِيدٍ يَقُولَانِ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمًا فَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَكَبَّ، فَأَكَبَّ كُلُّ رَجُلٍ منا يبكي، لا ندري مَاذَا حَلَفَ عَلَيْهِ، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَفِي وَجْهِهِ الْبِشْرُ، فَكَانَ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنْ حُمْرِ النَّعم، فقال: مَا مِنْ عَبْدٍ يُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَيَصُومُ رَمَضَانَ، وَيُخْرِجُ الزَّكَاةَ، وَيَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ السَّبْعَ؛ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، ثُمَّ قِيلَ لَهُ: ادْخُلْ بِسَلَامٍ.

وَهَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالْحَاكِمُ فِي "مستدركه" مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ بِهِ.

وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ أَيْضًا وَابْنُ حِبَّانَ فِي "صَحِيحِهِ" مِنْ حَدِيثِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ ابن أبي هلالٍ بِهِ. ثُمَّ قَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، ولم يخرجاه.

...........

الشيخ: والأحاديث في هذا مُتكاثرة، والآيات الكريمة، والآية أصلٌ عظيمٌ في تكفير السَّيئات، واجتناب الكبائر، وشواهدها من طرق السّنة كثيرة، منها رواية مسلم في "الصحيح": الصَّلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفَّارات لما بينهنَّ إذا اجتنب الكبائر، وحديث عثمان في الوضوء أنَّه كفَّارة ما اجتنبت المقتلة، يعني: الكبيرة.

فالواجب على المؤمن أن يحذر الكبائر، وأن يحذر الصَّغائر أيضًا؛ لأنَّ الصَّغائر قد تكون كبيرةً إذا أصرَّ عليها، كما قال ابنُ عباسٍ: "لا صغيرةَ مع الإصرار، ولا كبيرةَ مع الاستغفار"، المقصود أنَّه قد يتوهم أيضًا أنَّ هذا الذنبَ صغيرةٌ، وليس بصغيرةٍ، بل كبيرة، ثم قد تجرّه الصَّغائر إلى ما هو أكبر.

فالواجب الحذر من الجميع، وأن يكون بعيدًا عن كلِّ ما نهى الله عنه، كما قال جلَّ وعلا: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر:7]، وقال النبي ﷺ: ما نهيتُكم عنه فاجتنبوه، والتَّساهل بالصَّغائر التي يظنّها صغائر قد يجرّه إلى الكبائر.

ثم ضابط الكبيرة قد تنازع فيه العلماءُ: في ضابط الكبيرة، ما الكبيرة؟ فالحزم كل الحزم في الحذر من جميع ما نهى الله عنه، وألا يتساهل في شيءٍ من الذّنوب، يقول: لعله يُكفَّر باجتناب الكبائر. يكون عند المؤمن الحزم والحذر، وتعظيم حرمات الله أينما كان.

الطالب: صهيب مولى العتواريين -بمهملة ومثناة ساكنة- تفرَّد نعيم المجمر بالرِّواية عنه، ووهم مَن قال غير ذلك، مقبول، من الرابعة. (س).

.............

تَفْسِيرُ هَذِهِ السَّبْعِ: وَذَلِكَ بِمَا ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" مِنْ حَدِيثِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَالِمٍ أَبِي الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَالسِّحْرُ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ.

طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ: قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي قال: حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ عَوْفٍ قال: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَمْرِو ابْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعًا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال: الْكَبَائِرُ سَبْعٌ: أَوَّلُهَا الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، ثُمَّ قَتْلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقِّهَا، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ إِلَى أَنْ يَكْبُرَ، وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ، وَرَمْيُ الْمُحْصَنَاتِ، وَالِانْقِلَابُ إِلَى الْأَعْرَابِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ.

فَالنَّصُّ عَلَى هَذِهِ السَّبْعِ بِأَنَّهُنَّ كَبَائِرُ لَا يَنْفِي مَا عَدَاهُنَّ إِلَّا عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِمَفْهُومِ اللَّقَبِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ، وَلَا سِيَّمَا عِنْدَ قِيَامِ الدَّلِيلِ بِالْمَنْطُوقِ عَلَى عَدَمِ الْمَفْهُومِ، كَمَا سَنُورِدُهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُتَضَمّنَةِ مِنَ الْكَبَائِرِ غَيْرَ هَذِهِ السَّبْعِ.

الشيخ: مثلما قال المؤلفُ، قوله ..... الكبائر يعني: من الكبائر، ليس المرادُ الحصرَ، المراد من الكبائر هذه السَّبع، والكبائر أكثر من ذلك في الأحاديث الصَّحيحة.

س: ذكر في الكبائر: الانقلاب إلى الأعراب، أيش معناها؟

ج: يعني بعدما هاجر يعود إلى البادية، هذا إن صحَّ الحديثُ.

س: ............؟

ج: هذا عامٌّ، كونه يُهاجر ثم يرجع إلى البادية، إلا سلمة بن الأكوع؛ خصَّه النبيُّ ﷺ، إلَّا إذا تغيّرت الحالُ، إذا صارت الحاضرةُ خطيرةً فلا بأس أن يفرَّ بدينه إلى البادية، مثلما في الحديث الصَّحيح: يُوشِك أن يكون خيرُ مال المرء المسلم غنمًا يتبع بها شعفَ الجبالِ ومواقعَ القَطْر، يفرُّ بدينه من الفتن، إذا دعته الحاجةُ فلا بأس.

فَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي "مُسْتَدْرَكِهِ" حَيْثُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ كَامِلٍ الْقَاضِي إِمْلَاءً قال: حَدَّثَنَا أَبُو قِلَابَةَ عَبْدُالْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ قال: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هَانِئٍ قال: حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِالْحَمِيدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ –يَعْنِي: عُمَيْرَ بْنَ قَتَادَةَ - أَنَّهُ حَدَّثَهُ -وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ- أنَّ رسولَ الله ﷺ قَالَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ الله المصلّون؛ مَن يُقِمِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ الَّتِي كَتَبَ اللهُ عَلَيْهِ، وَيَصُومُ رَمَضَانَ، وَيَحْتَسِبُ صَوْمَهُ، يَرَى أَنَّهُ عَلَيْهِ حَقٌّ، وَيُعْطِي زَكَاةَ مَالِهِ يَحْتَسِبُهَا، وَيَجْتَنِبُ الْكَبَائِرَ الَّتِي نَهَى اللَّهُ عَنْهَا.

ثُمَّ إِنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْكَبَائِرُ؟ فَقَالَ: تِسْعٌ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَقَتْلُ نَفْسِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَفِرَارُ يَوْمِ الزَّحْفِ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَةِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ، وَاسْتِحْلَالُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ قِبْلَتِكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا، ثُمَّ لَا يَمُوتُ رَجُلٌ لَا يَعْمَلُ هَؤُلَاءِ الْكَبَائِرَ، وَيُقِيمُ الصَّلَاةَ، وَيُؤْتِيَ الزَّكَاةَ؛ إِلَّا كَانَ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي دَارٍ أبوابها مصاريعُ من ذهبٍ. هكذا رَوَاهُ الْحَاكِمُ مُطَوَّلًا.

وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ مُخْتَصَرًا مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ هَانِئٍ بِهِ.

وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِهِ مَبْسُوطًا.

ثُمَّ قَالَ الْحَاكِمُ: رِجَالُهُ كُلُّهُمْ يُحْتَجُّ بِهِمْ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" إِلَّا عَبْدَالْحَمِيدِ بْنَ سِنَانٍ.

قُلْتُ: وَهُوَ حِجَازِيٌّ لَا يُعْرَفُ إِلَّا بِهَذَا الْحَدِيثِ، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ "الثِّقَاتِ"، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: فِي حَدِيثِهِ نَظَرٌ. وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ ثَابِتٍ الْجَحْدَرِيِّ، عَنْ سَلْمِ بْنِ سَلَامٍ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ يَحْيَى ابْنِ أبي كثيرٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ. فَذَكَرَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْإِسْنَادِ عَبْدَالْحَمِيدِ بْنَ سنان، والله أَعْلَمُ.

الطالب: قَرْثَع بمثلثة، وزن أحمد، الضَّبي، الكوفي، صدوق، من الثانية، مخضرم، قُتِلَ في زمن عثمان. قاله الخطيب. (د، تم، س، ق).

الشيخ: نعم، صلح الذي عندك.

س: قوله: عقوق الوالِدَين المسلِمَين؟

ج: نعم، هو أهم، الكافِرَين أمرهما أسهل، لكن مثلما قال الله: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان:15] بالإحسان إليهما، لعلهما يُسلمان، لكن الحديثَ في سنده نظرٌ، ينبغي له العناية بالوالدين وإن كانا كافرين، لعلهما يُسلمان، كما قال جلَّ وعلا: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا، لكنَّ الأهمَّ الوالدان المسلمان.

س: لكن عقوق الوالِدَين الكافرين هل يُعتبر من الكبائر؟

ج: محل نظرٍ، محل نظرٍ.

حَدِيثٌ آخَرُ فِي مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ: قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِالْحَمِيدِ: حَدَّثَنَا عَبْدُالْعَزِيزِ بْنُ مسلم بن الوليد.

الشيخ: حطّ عليه إشارة، انظر "التقريب".

الطالب: ما في إلا اثنين:

عبدالعزيز بن مسلم القَسْمَلِي -بفتح القاف وسكون المهملة وفتح الميم مخفَّفًا- أبو زيد، المروزي، ثم البصري، ثقة، عابد، ربما وهم، من السابعة، مات سنة سبعٍ وستين. (خ، م، د، ت، س).

عبدالعزيز بن مسلم المدني، مولى آل رفاعة، مقبول، من السابعة. (د، ق).

الشيخ: يُراجع .......

عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ، عَنْ ابن عَمْرٍو قَالَ: صَعِدَ النَّبِيُّ ﷺ الْمِنْبَرَ فَقَالَ: لَا أُقْسِمُ، لَا أُقْسِمُ، ثُمَّ نَزَلَ فَقَالَ: أَبْشِرُوا، أَبْشِرُوا، مَنْ صَلَّى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ وَاجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ السَّبْعَ نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ: ادْخُلْ، قَالَ عَبْدُالْعَزِيزِ: لَا أعلمه إلا قال: بسلامٍ.

وقال الْمُطَّلِبُ: سَمِعْتُ مَنْ سَأَلَ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عَمْرٍو: أَسَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَذْكُرُهُنَّ؟ قَالَ: نَعَمْ: عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَإِشْرَاكٌ بِاللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ، وَأَكْلُ مَالِ اليتيم، والفراقُ مِنَ الزَّحْفِ، وَأَكْلُ الرِّبَا.

حَدِيثٌ آخَرُ فِي مَعْنَاهُ: قَالَ أَبُو جَعْفَرِ ابْنُ جَرِيرٍ فِي التفسير: حدَّثنا يعقوب: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ مِخْرَاقٍ، عَنْ طَيْسَلَةَ بْنِ مَيَّاسٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّجدَاتِ فَأَصَبْتُ ذُنُوبًا لَا أَرَاهَا إِلَّا مِنَ الْكَبَائِرِ، فَلَقِيتُ ابْنَ عُمَرَ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي أَصَبْتُ ذُنُوبًا لَا أَرَاهَا إِلَّا مِنَ الْكَبَائِرِ. قَالَ: مَا هِيَ؟ قُلْتُ: أَصَبْتُ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: لَيْسَ مِنَ الْكَبَائِرِ. قُلْتُ: وَأَصَبْتُ كَذَا وَكَذَا. قَالَ: لَيْسَ مِنَ الْكَبَائِرِ. قَالَ بِشَيْءٍ لَمْ يُسَمِّهِ طَيْسَلَةُ، قَالَ: هِيَ تِسْعٌ، وَسَأَعُدُّهُنَّ عَلَيْكَ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقِّهَا، وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَةِ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ظُلْمًا، وَإِلْحَادٌ فِي الْمَسْجِدِ الحرامِ، والذي يستسحر، وَبُكَاءُ الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْعُقُوقِ.

قَالَ زِيَادٌ: وَقَالَ طَيْسَلَةُ: لَمَّا رَأَى ابْن عُمَرَ فَرَقِي قَالَ: أَتَخَافُ النَّارَ أَنْ تَدْخُلَهَا؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: وَتُحِبُّ أَنْ تَدْخُلَ الْجَنَّةَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: أحيٌّ والِدَاك؟ قلتُ: عندي أمّي. قال: فوالله لَئِنْ أَنْتَ أَلَنْتَ لَهَا الْكَلَامَ، وَأَطْعَمْتَهَا الطَّعَامَ؛ لَتَدْخُلَنَّ الْجَنَّةَ مَا اجْتَنَبْتَ الْمُوجِبَاتِ.

طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ الْجَحْدَرِيُّ الْوَاسِطِيُّ: حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ سَلَامٍ: حَدَّثَنَا أيوبُ بن عتبة، عن طيسلة بن عليٍّ النَّهْدِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ وَهُوَ فِي ظِلِّ أَرَاكٍ يَوْمَ عَرَفَةَ، وَهُوَ يَصُبُّ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ، قُلْتُ: أَخْبِرْنِي عَنِ الْكَبَائِرِ؟ قَالَ: هِيَ تِسْعٌ. قُلْتُ: مَا هِيَ؟ قَالَ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَةِ. قَالَ: قُلْتُ: قَبْلَ الْقَتْلِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَرُغْمًا، وَقَتْلُ النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ، وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ، وَالسِّحْرُ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مالِ اليتيم، وعقوق الوالدين المسلمين، وإلحادٌ بِالْبَيْتِ الْحَرَامِ قِبْلَتِكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا. هَكَذَا رَوَاهُ مِنْ هَذَيْنِ الطَّرِيقَيْنِ مَوْقُوفًا.

وَقَدْ رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عُتْبَةَ، عَنْ طيسلة بن عليٍّ قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ وَهُوَ تَحْتَ ظِلِّ أَرَاكَةٍ، وَهُوَ يَصُبُّ الْمَاءَ عَلَى رأسِه، فسألتُه عن الكبائر؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: هُنَّ سَبْعٌ، قَالَ: قُلْتُ: وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَةِ. قَالَ: قُلْتُ: قَبْلَ الدَّمِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَرُغْمًا، وَقَتْلُ النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ، وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ، وَالسِّحْرُ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَإِلْحَادٌ بالبيت الحرام قبلتكم أحياءً وأمواتًا. وهكذا رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الْأَشْيَبُ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عُتْبَةَ الْيَمَانِيِّ، وَفِيهِ ضَعْفٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الطالب: طيسلة يقول هنا: النَّهدي، وفي "التقريب": البهدلي.

يقول: طَيْسَلَة -بفتح أوله وسكون التَّحتانية وفتح المهملة وتخفيف اللَّام- بن عليٍّ البهدلي -بمُوحدة- اليمامي، مقبول، من الثالثة، قال البرديجي: هو ابن مياس، وهو لقب عليٍّ. (بخ، ل).

الشيخ: حطّ عليه إشارة: في "التقريب": البهدلي.

الطالب: سلمة بن سلام في الشعب: سلم بن سلام.

الشيخ: حطّ عليه إشارة.

ينبغي أن يُعلم أنَّ كلَّ إنسانٍ يُخبر عمَّا بلغه من ..... الكبائر ومن تفسيرها، فإذا جُمعت صارت كثيرةً .....، فإذا جمعها طالبُ العلم وجدها كثيرةً؛ ولهذا رُوِيَ عن ابن عباسٍ أنَّه قال: "هي إلى سبعين أقرب منها إلى سبعٍ". هي عند إحصائها وجمعها من النّصوص كثيرة، قد حدَّها بعضُهم بأنَّ كلَّ ذنبٍ خُتِمَ بغضبٍ أو لعنةٍ أو ختمٍ بنارٍ أو فيه حدٌّ في الدُّنيا يُسمَّى: كبيرة، وهذا مما يُوجب للمؤمن الحذر من جميع الذّنوب؛ لأنَّه قد يظنّ أنَّ هذا ليس بكبيرةٍ فيتساهل، فيقع في الكارثة، فالواجب الحذر من كلِّ ما نهى اللهُ عنه ، وألا يتساهل بدعوى أنَّها تُغفر باجتناب الكبائر.

حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ، عَنْ بَحِير بْنِ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ: أَنَّ أَبَا رُهْمٍ السَّمَعِيَّ حَدَّثَهُمْ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ عَبَدَ اللَّهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَأَقَامَ الصَّلَاةَ، وَآتَى الزَّكَاةَ، وَصَامَ رَمَضَانَ، وَاجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ؛ فَلَهُ الْجَنَّةُ -أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ: مَا الْكَبَائِرُ؟ فَقَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَقَتْلُ نفسٍ مُسْلِمَةٍ، وَالْفِرَارُ يَوْمَ الزَّحْفِ.

وَرَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا وَالنَّسَائِيُّ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ بَقِيَّةَ.