تفسير قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ..}

وأمَّا قوله تعالى: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ [النساء:23] فالجمهور على أنَّ الرَّبيبةَ حرامٌ، سواء كانت في حجر الرَّجل، أو لم تكن في حجره.

قالوا: وهذا الخطابُ خرج مخرج الغالب، فلا مفهومَ له، كقوله تعالى: وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا [النور:33].

وفي "الصحيحين" أنَّ أمَّ حبيبة قالت: يا رسول الله، انكح أُختي بنت أبي سفيان. وفي لفظٍ لمسلمٍ: عزة بنت أبي سفيان. قال: أوتُحبِّين ذلك؟ قالت: نعم، لستُ لك بمُخليةٍ، وأحبُّ مَن شاركني في خيرٍ أختي. قال: فإنَّ ذلك لا يحلّ لي، قالت: فإنَّا نُحدَّث أنَّك تُريد أن تنكح بنتَ أبي سلمة! قال: بنت أمِّ سلمة؟ قالت: نعم. قال: إنَّها لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلَّت لي، إنَّها لبنت أخي من الرَّضاعة؛ أرضعتني وأبا سلمة ثُويبة، فلا تعرضُنَّ عليَّ بناتكنَّ ولا أخواتكنَّ.

وفي روايةٍ للبُخاري: إني لو لم أتزوج أمّ سلمة ما حلَّت لي، فجعل المناطَ في التَّحريم مجرد تزوّجه أمّ سلمة، وحُكِمَ بالتَّحريم لذلك.

الشيخ: وهكذا قوله: فلا تعرضنَّ عليَّ بناتكنَّ ولا أخواتكنَّ، ولم يقل: بناتكنَّ اللَّاتي في الحجور. فإنَّ البنت تحرم مطلقًا عند عامَّة أهل العلم، وهناك قولٌ شاذٌّ مخالفٌ، لكن الذي عليه جمهورُ أهل العلم أنَّ بنتَ الزوجة تحرم بالدُّخول وإن لم تكن في الحجر، إذا دخل بأُمِّها حرمت عليه، وإن كانت عند أبيها، أو كانت معه؛ ولهذا قال: فلا تعرضنَّ عليَّ بناتكنَّ ولا أخواتكنَّ، وفي اللَّفظ الآخر: لو لم أنكح أمَّ سلمة لم تحلّ لي؛ لأنها ابنةُ أخي من الرَّضاعة، فاجتمع فيها مانعان: كونها بنت أخيه من الرضاعة، وكونها بنت أم سلمة، وقد دخل بها، نعم.

وهذا هو مذهب الأئمّة الأربعة، والفقهاء السَّبعة، وجمهور الخلف والسَّلف.

وقد قيل بأنَّه لا تحرم الرَّبيبة إلا إذا كانت في حجر الرَّجل، فإذا لم تكن كذلك فلا تحرم.

وقال ابنُ أبي حاتم: حدَّثنا أبو زرعة: حدَّثنا إبراهيمُ بن موسى: أنبأنا هشام -يعني ابن يوسف- عن ابن جريج: حدَّثني إبراهيمُ بن عبيد بن رفاعة: أخبرني مالكُ بن أوس بن الحدثان قال: كانت عندي امرأةٌ فتُوفِّيت، وقد ولدت لي، فوجدتُ عليها، فلقيني عليُّ بن أبي طالبٍ فقال: ما لك؟ فقلتُ: تُوفِّيت المرأةُ. فقال عليٌّ: لها ابنةٌ؟ قلت: نعم، وهي بالطَّائف. قال: كانت في حجرك؟ قلتُ: لا، هي بالطَّائف. قال: فانكحها. قلتُ: فأين قول الله: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ؟! قال: إنَّها لم تكن في حجرك، إنما ذلك إذا كانت في حجرك.

هذا إسنادٌ قويٌّ ثابتٌ إلى علي بن أبي طالب على شرط مسلمٍ، وهو قولٌ غريبٌ جدًّا.

وإلى هذا ذهب داود بن علي الظَّاهري وأصحابه، وحكاه أبو القاسم الرَّافعي عن مالكٍ رحمه الله، واختاره ابنُ حزم.

وحكى لي شيخُنا الحافظ أبو عبدالله الذَّهبي أنَّه عرض هذا على الشيخ الإمام تقي الدِّين ابن تيمية رحمه الله، فاستشكله وتوقف في ذلك، والله أعلم.

الشيخ: المقصود أنَّ هذا قولٌ شاذٌّ إن صحَّ عن عليٍّ، إن كان ظاهر السَّند أنَّه لا بأس به، لكنَّه قولٌ شاذٌّ مخالفٌ لما عليه أهلُ العلم، ولا يجوز التَّعلق به.

س: استشكال تقي الدِّين لأجل صحّته عن عليٍّ؟

ج: نعم، هذا هو .....، وهو أحد الخلفاء الرَّاشدين.

س: فيه عنعنة ابن جُريج؟

ج: لا، صرَّح، يقول: حدَّثني.

وقال ابنُ المنذر: حدَّثنا عليُّ بن عبدالعزيز: حدَّثنا الأثرم، عن أبي عبيدة: قوله: اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ، قال: في بيوتكم.

وأمَّا الرَّبيبة في ملك اليمين فقد قال الإمامُ مالك بن أنس: عن ابن شهابٍ: أنَّ عمر بن الخطاب سُئِلَ عن المرأة وبنتها من ملك اليمين، تُوطأ إحداهما بعد الأخرى؟ فقال عمر: ما أحبّ أن أُجيزهما جميعًا. يُريد أن أطأهما جميعًا بملك يميني. وهذا مُنقطعٌ.

وقال سنيد بن داود في "تفسيره": حدَّثنا أبو الأحوص، عن طارق بن عبدالرحمن، عن قيسٍ قال: قلتُ لابن عباسٍ: أيقع الرجلُ على امرأةٍ وابنتها مملوكين له؟ فقال: أحلَّتهما آيةٌ، وحرَّمتهما آيةٌ، ولم أكن لأفعله.

وقال الشيخ أبو عمر ابن عبدالبر رحمه الله: لا خلافَ بين العلماء أنَّه لا يحلّ لأحدٍ أن يطأ امرأةً وبنتها من ملك اليمين؛ لأنَّ الله حرَّم ذلك في النِّكاح، قال: وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ [النساء:23]، وملك اليمين عندهم تبعٌ للنِّكاح، إلا ما رُوِيَ عن عمر وابن عباسٍ، وليس على ذلك أحدٌ من أئمة الفتوى ولا مَن تبعهم.

وروى هشامٌ عن قتادة: بنت الرَّبيبة وبنت ابنتها لا تصلح وإن كانت أسفل ببطونٍ كثيرةٍ.

وكذا قال قتادةُ عن أبي العالية.

الشيخ: وهذا هو الصَّواب الذي عليه أهل الحقِّ، الذي عليه أهلُ العلم أنَّ بنتَ الزوجة المدخول بها وبنتَ بنتها وبنتَ ولدها كلّهم ربائب وإن نزلن، وهكذا المملوكة إذا وطئها حرمت بنتُها؛ لأنها صارت كالرَّبيبة، كالزوجة، وإن وطئ البنت حرمت الأمّ كأمّ الزوجة، فأيّهما وطئ حرمت الأخرى؛ إن وطئ البنتَ حرمت أمُّها، وإن وطئ الأمَّ حرمت البنتُ؛ لأنها من جنس الرَّبيبة سواءٌ بسواءٍ.

ومعنى قوله: اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ [النساء:23] أي: نكحتُموهنَّ. قاله ابنُ عباسٍ وغيرُ واحدٍ.

الشيخ: نكحتُموهنَّ يعني: وطأتُموهنَّ، الدّخول هنا بمعنى الوطء، النِّكاح بمعنى الوطء، نعم.

وقال ابنُ جريج: عن عطاء: هو أن تُهدى إليه، فيكشف ويُفتش ويجلس بين رجليها. وقلتُ: أرأيتَ إن فعل ذلك في بيت أهلها؟ قال: هو سواء، وحسبه قد حرم ذلك عليه ابنتها.

وقال ابنُ جرير: وفي إجماع الجميع على أنَّ خلوةَ الرجل بامرأةٍ لا يُحرّم ابنتَها عليه إذا طلَّقها قبل مسيسها ومُباشرتها، أو قبل النَّظر إلى فرجها بشهوةٍ؛ ما يدل على أنَّ معنى ذلك هو الوصول إليها بالجماع.

وقوله تعالى: وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ [النساء:23] أي: وحرمت عليكم زوجاتُ أبنائكم الذين ولدتموهم من أصلابكم، يحترز بذلك عن الأدعياء الذين كانوا يتبنّونهم في الجاهلية، كما قال تعالى: فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ [الأحزاب:37].

وقال ابنُ جريج: سألتُ عطاءً عن قوله: وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ، قال: كنا نحدّث والله أعلم أنَّ النبيَّ ﷺ لما نكح امرأةَ زيدٍ قال المشركون بمكّة في ذلك، فأنزل الله : وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ، ونزلت: وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ [الأحزاب:4]، ونزلت: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ [الأحزاب:40].

الشيخ: يعني الرَّضاع كالنَّسب، حلائل أبنائهم من الرَّضاع كالنَّسب تحرمن عليه؛ لأنَّ ابنه من الرضاعة كابنه من النَّسب، وإنما المراد التَّحرز من الأدعياء، نعم، كما ذكر المؤلفُ.

س: الراجح إذا خلا بها ونظر إلى فرجها كما قال؟

ج: لا تحرم، لا تحرم إلا بالجماع.

وقال ابنُ أبي حاتم: حدَّثنا أبو زرعة: حدَّثنا محمد ابن أبي بكر المقدمي: حدَّثنا الجرح بن الحارث، عن الأشعث، عن الحسن بن محمد: أنَّ هؤلاء الآيات مُبهمات: وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ، وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ.

الشيخ: مُبهمات يعني: وإن لم يدخل بها بمجرد العقد؛ أمّ الزوجة بمجرد العقد، وزوجة الابن بمجرد العقد.

ثم قال: ورُوِيَ عن طاوسٍ وإبراهيم والزُّهري ومكحول نحو ذلك.

قلتُ: معنى "مبهمات" أي عامّة في المدخول بها وغير المدخول، فتحرم بمجرد العقد عليها، وهذا متَّفقٌ عليه.

فإن قيل: فمن أين تحرم امرأةُ ابنه من الرَّضاعة -كما هو قول الجمهور، ومن الناس مَن يحكيه إجماعًا- وليس من صلبه؟!

فالجواب: من قوله ﷺ: يحرم من الرَّضاع ما يحرم من النَّسب.

الشيخ: نعم، يعني: المقصود من أصلابكم، يعني: التَّحرز من الأدعياء.

عندك خالد بن الحارث؟

الطالب: خالد بن الحارث بن عبيد بن سليم، الهجيمي، أبو عثمان، البصري، ثقة، ثبت، من الثامنة، مات سنة ستٍّ وثمانين، ومولده سنة عشرين. (ع).

الشيخ: حطّ نسخة ..... خالد بن الحارث.

وقوله تعالى: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ الآية [النساء:23] أي: وحرم عليكم الجمعُ بين الأختين معًا في التَّزويج، وكذا في ملك اليمين، إلا ما كان منكم في جاهليَّتكم فقد عفونا عنه وغفرناه.

فدلَّ على أنَّه لا مثنوية فيما يستقبل؛ ولأنَّه استثناء فيما سلف، كما قال: لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى [الدخان:56]، فدلَّ على أنَّهم لا يذوقون فيها الموت أبدًا.

وقد أجمع العلماءُ من الصَّحابة والتَّابعين والأئمّة قديمًا وحديثًا على أنَّه يحرم الجمعُ بين الأختين في النِّكاح، ومَن أسلم وتحته أختان خُيِّر: فيُمْسِك إحداهما، ويُطلِّق الأخرى لا محالةَ.

قال الإمامُ أحمد: حدَّثنا موسى بن داود: حدَّثنا ابنُ لهيعة، عن أبي وهبٍ الجيشاني، عن الضَّحاك بن فيروز، عن أبيه قال: أسلمتُ وعندي امرأتان أختان، فأمرني النبيُّ ﷺ أن أُطلِّق إحداهما.

ثم رواه الإمامُ أحمد والترمذي وابنُ ماجه من حديث ابن لهيعة، وأخرجه أبو داود والترمذي أيضًا من حديث يزيد ابن أبي حبيب، كلاهما عن أبي وهبٍ الجيشاني، قال الترمذي: واسمه ديلم بن الهوشع.

الشيخ: انظر "التقريب".

الطالب: أبو وهب الجيشاني -بفتح الجيم، وسكون التَّحتانية، بعدها مُعجمة- المصري، قيل: اسمه ديلم بن هوشع. وقال ابنُ يونس: هو عبيد بن شرحبيل، مقبول، من الرابعة. (د، ت، ق).

الشيخ: حطّ نسخة: ديلم.

عن الضَّحاك بن فيروز الدَّيلمي، عن أبيه به.

وفي لفظٍ للترمذي: فقال النبيُّ ﷺ: اختر أيَّتهما شئتَ.

ثم قال الترمذي: هذا حديثٌ حسنٌ.

وقد رواه ابنُ ماجه أيضًا بإسنادٍ آخر، فقال: حدَّثنا أبو بكر ابن أبي شيبة: حدَّثنا عبدُالسلام بن حرب، عن إسحاق بن عبدالله ابن أبي فروة، عن أبي وهبٍ الجيشاني، عن أبي خراش الرّعيني قال: قدمتُ على رسول الله ﷺ وعندي أُختان تزوَّجتُهما في الجاهلية، فقال: إذا رجعتَ فطلِّق إحداهما. قلتُ: فيحتمل أنَّ أبا خراش هذا هو الضَّحاك بن فيروز.

الشيخ: هذا ضعيفٌ، فيه إسحاق ابن أبي فروة، العُمدة على رواية الضَّحاك.

قلتُ: فيحتمل أنَّ أبا خراش هذا هو الضَّحاك بن فيروز، ويحتمل أن يكون غيره.

الشيخ: هذا فيه نظر، كلام المؤلف ..... الله يغفر له، لعله غلط، يحتمل أنَّه هو فيروز، ما هو بالضَّحاك، الضَّحاك تابعي، الذي خاطب النبيَّ فيروز –يعني- فلعله يكون فيروزًا، ما هو الضَّحاك، حطّ عليه إشارة، صوابه هو فيروز والد الضَّحاك؛ لأنَّه هو الذي قدم على النبيِّ ﷺ، الضَّحاك تابعي، انظر أبا خراش.

عن أبي خراشٍ الرّعيني قال: قدمتُ على رسول الله ﷺ وعندي أختان تزوَّجتُهما في الجاهلية، فقال: إذا رجعتَ فطلِّق إحداهما.

الشيخ: المقصود أنَّه ضعيفٌ، والمؤلف هنا ..... ذاك ديلمي، وهذا رعيني.

الطالب: أبو خراش -براء بدل الدال- الرّعيني، مجهول، من الثالثة. (ابن ماجه).

الشيخ: انظر الضَّحاك بن فيروز الدَّيلمي، المقصود أنَّ المؤلفَ رحمه الله ما تأمّل الموضوع، ما تأمل، تعليق سطحيّ، ما تأمل.

فيكون أبو وهبٍ قد رواه عن اثنين عن فيروز الدّيلمي، والله أعلم.

الشيخ: وهذا أيضًا وهمٌ آخر عن الضَّحاك، ما هو عن فيروز، صوابه: عن الضَّحاك، نعم، الله يغفر لنا وله، وقد يكون من الطَّابع.

الطالب: الضَّحاك بن فيروز الدّيلمي، الفلسطيني، مقبول، من الثالثة. (أبو داود، والترمذي، وابن ماجه).

وقال ابنُ مردويه: حدَّثنا عبدُالله بن يحيى بن محمد بن يحيى: حدَّثنا أحمد بن يحيى الخولاني: حدَّثنا هيثم بن خارجة: حدَّثنا يحيى بن إسحاق، عن إسحاق بن عبدالله ابن أبي فروة، عن رزيق بن حكيم، عن كثير بن مرَّة، عن الدّيلمي قال: قلتُ: يا رسول الله، إنَّ تحتي أُختين؟ قال: طلِّق أيَّهما شئتَ. فالدَّيلمي المذكور أولًا هو الضَّحاك بن فيروز الدَّيلمي.

الشيخ: صوابه: هو فيروز، ما هو الضَّحاك، صوابه: هو فيروز، سقطة قلمٍ، أو من الطَّابع، صوابه: هو فيروز، ما هو بالضَّحاك.

فالدَّيلمي المذكور هو فيروز الدَّيلمي.

الشيخ: حطّه على الحاشية، صوابه: هو فيروز، بدل الضَّحاك.

قال أبو زُرعة الدِّمشقي: كان يصحب عبدالملك بن مروان، والثاني هو أبو فيروز الدّيلمي ، وكان من جملة الأُمراء باليمن الذين ولوا قتل الأسود العنسي المتنبي، لعنه الله.

الشيخ: المقصود أنَّ نصَّ الآية واضحٌ في تحريم الجمع بين الأُختين، وقد نهى النبيُّ ﷺ عن ذلك للأحاديث الصَّحيحة أيضًا، وأجمع المسلمون على تحريم الجمع بين الأختين، والمرأة وعمَّتها، والمرأة وخالتها، يحرم الجمعُ بين الأختين بنصِّ الآية، وبين المرأة وعمَّتها وخالتها بنصِّ السُّنة الصَّحيحة.

س: تحريم ابنة الابن من الرّضاعة؟

ج: بالآية الكريمة ..... مع الأحاديث الصَّحيحة: يحرم من الرَّضاع ما يحرم من النَّسَب.

س: هذا دليل الجمهور؟

ج: هذا دليل الجمهور، نعم، الأصلاب يعني ..... التَّحرز من الأدعياء.

س: فيه خلافٌ تحريم الرَّضاع؟

ج: قول الجمهور، وبعضهم حكاه إجماعًا كالمؤلف، حكى الإجماع، الموفق رحمه الله في "المغني" يقول: لا أعلم فيه خلافًا بين أهل العلم، زوجات الابن من الرَّضاعة مثل زوجات الابن من النَّسب.

س: يُصبح هذا دليلًا مُركَّبًا؟

ج: ذكر ابنُ القيم شيئًا من التَّوجيه رحمه الله، لكنَّه قولٌ ليس بشيءٍ، كما ذكر ابنُ القيم، وذكر الشيخ تقي الدِّين في هذا، ليس بشيءٍ، الذي عليه أهلُ العلم تحريم زوجات الأبناء من الرَّضاع كالنَّسب سواء .....

وأما الجمع بين الأختين في ملك اليمين فحرامٌ أيضًا؛ لعموم الآية.

الشيخ: يعني حرام أن يطأهما، وإلا فكونه يملكهما لا بأس، لا بأس أن يملك أختين، أو امرأةً وبنتها، لكن لا يطأهما جميعًا، إذا وطئ الأمّ حرمت البنت، وإذا وطئ البنتَ حرمت الأم كما تقدم، وإذا وطئ الأختَ حرمت أختُها حتى يستبرئ الأخت.

وقال ابنُ أبي حاتم: حدَّثنا أبو زرعة: حدَّثنا موسى بن إسماعيل: حدَّثنا حماد بن سلمة، عن قتادة، عن عبدالله ابن أبي عنبة -أو عتبة- عن ابن مسعودٍ: أنَّه سُئل عن الرجل يجمع بين الأختين، فكرهه، فقال له -يعني السَّائل- يقول الله تعالى: إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:24]! فقال له ابنُ مسعودٍ رضي الله تعالى عنه: وبعيرك مما ملكت يمينك.

وهذا هو المشهور عن الجمهور والأئمّة الأربعة وغيرهم، وإن كان بعضُ السَّلف قد توقَّف في ذلك.

قال الإمامُ مالك: عن ابن شهابٍ، عن قبيصة بن ذؤيب: أنَّ رجلًا سأل عثمان بن عفان عن الأُختين في ملك اليمين، هل يُجمع بينهما؟ فقال عثمانُ: أحلَّتهما آيةٌ، وحرَّمتهما آيةٌ.

الشيخ: يعني حرَّمتهما: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ [النساء:23]، وأحلَّتهما: إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ، إطلاق مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ هذا مقصوده، كما يُروى عن ابن عباسٍ أيضًا، ولكن التَّحريم مُقدَّمٌ على الإطلاق، التَّحريم خاصٌّ، يُقدَّم على الإطلاق؛ لأنَّ الخاصَّ يقضي على العامِّ.

وما كنتُ لأصنع ذلك. فخرج من عنده فلقي رجلًا من أصحاب النبي ﷺ، فسأله عن ذلك، فقال: لو كان لي من الأمر شيءٌ ثم وجدتُ أحدًا فعل ذلك لجعلته نكالًا.

قال مالك: قال ابنُ شهابٍ: أراه عليّ بن أبي طالب. قال: وبلغني عن الزبير بن العوام مثل ذلك.

قال ابنُ عبدالبر النَّمري رحمه الله في كتاب "الاستذكار": إنما كنَّى قبيصة بن ذُؤيب عن عليّ بن أبي طالب لصُحبته عبدالملك بن مروان، وكانوا يستثقلون ذكر عليّ بن أبي طالبٍ .

الشيخ: الإخوة عندهم اختبارات هذه الأيام، فما رأيكم: تستمرّ الدّروس أو نُوقفها حتى ينتهي الاختبارُ؟ بعضكم يختبر، وبعضكم مُدرس، ماذا تُفضِّلون: تبقى الدُّروس أو نُؤجِّلها لأول شعبان حتى تنتهي الاختبارات؟

..............