الْحَدِيثُ الْحَادِي عَشَرَ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عن ضمضم بن جوش الْيَمَامِيِّ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو هُرَيْرَةَ: يَا يمامي، لا تقولون لِرَجُلٍ: وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ، أَوْ لَا يُدْخِلُكَ الْجَنَّةَ أَبَدًا. قُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، إِنَّ هَذِهِ كَلِمَةٌ يَقُولُهَا أَحَدُنَا لِأَخِيهِ وَصَاحِبِهِ إِذَا غَضِبَ. قَالَ: لَا تَقُلْهَا؛ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: كَانَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلَانِ، كَانَ أَحَدُهُمَا مُجْتَهِدًا فِي الْعِبَادَةِ، وَكَانَ الْآخَرُ مُسْرِفًا عَلَى نَفْسِهِ، وَكَانَا مُتَآخِيَيْنِ، وَكَانَ الْمُجْتَهِدُ لَا يَزَالُ يَرَى الْآخَرَ عَلَى ذَنْبٍ فَيَقُولُ: يَا هَذَا، أَقْصِرْ. فَيَقُولُ: خَلِّنِي وَرَبِّي، أَبُعِثْتَ عَلَيَّ رَقِيبًا؟ قَالَ: إِلَى أَنْ رَآهُ يَوْمًا عَلَى ذَنْبٍ اسْتَعْظَمَهُ، فَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ! أَقْصِرْ. قَالَ: خَلِّنِي وَرَبِّي، أَبُعِثْتَ عَلَيَّ رَقِيبًا؟ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ، أَوْ لَا يُدْخِلُكَ اللهُ الْجَنَّةَ أَبَدًا. قَالَ: فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمَا مَلَكًا فَقَبَضَ أَرْوَاحَهُمَا، وَاجْتَمَعَا عِنْدَهُ، فَقَالَ لِلْمُذْنِبِ: اذْهَبْ فادخل الجنةَ برحمتي. وقال للآخر: أكنتَ عَالِمًا؟ أَكُنْتَ عَلَى مَا فِي يَدِي قَادِرًا؟ اذهبوا به إلى النار. قال: فوالذي نفس أبي القاسم بيده، إنَّه لتكلَّم بكلمةٍ أوبقت دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ بْنِ عمَّارٍ: حدَّثني ضمضم بن جوش بِهِ.
الشيخ: وهذا فيه الحذر، في هذا الحديثِ التَّحذير من التَّألِّي على الله، وسُوء الظنِّ به ، وأنَّ الواجبَ على المؤمن أن ينصح أخاه ويعظه ويُذَكِّره بالله، لكن لا يتألَّى على الله، لا يقول: لا يغفر اللهُ لك، لا يُدخلك الجنة. لا، بل يقول: اتَّقِ الله، راقب الله، هذا لا يجوز لك؛ ولهذا في رواية مسلم رحمه الله: مَن ذا الذي يتألَّى عليَّ ألا أغفر لفلان؟! إني قد غفرتُ له، وأحبطتُ عملك.
المقصود أنَّ هذا خطرٌ عظيمٌ يجب الحذر منه، فالنَّاصح لا يعجب بنفسه، ولا يتألَّى على ربِّه، ولا يتحجَّر عليه رحمته، ولكن ينصح: اتَّقِ الله، راقب الله، خف الله، هذا لا يجوز، هذا محرَّم، هذا مُنكر، قال الله كذا، قال الرسول كذا، فيحذر، أما أنَّه يقول: لا، أنت لا يغفر لك، أنت لا يُدخلك اللهُ الجنةَ، أنت من أهل النار. يحذر هذا، لا يتألَّى على الله، ربنا جلَّ وعلا قد يعفو، قد تكون للمُذنب أعمال صالحة أخرى، قد يكون له حُسنُ ظنٍّ بربه جلَّ وعلا، ولكن غلبه الهوى في بعض المسائل.
فالمؤمن يحذر؛ يحذر شرَّ لسانه، وشرَّ غيرته، الغيرة لها حدود، لا بدَّ أن تكون الغيرةُ في حدود الشَّرع، فلا يتألَّى على الله، ولا يُنكر خلاف الشرع، بل يتقيد بحدود الشَّريعة، وإن كان المذنبُ على خطرٍ، والعاصي على خطرٍ، قد توعد اللهُ العُصاةَ بالوعيد الشَّديد، لكن لا يتألَّى على الله فيهم، يدعو لهم بالهداية، ويُنكر عليهم ويُرشدهم، ولا يتحجَّر عليهم رحمة الله ولا عفوه .
س: سند الحديث؟
ج: لا بأس به، وأصله في مسلم؛ أخرجه مسلمٌ في "الصحيح"، أصله: قال لأخيه، رآه على معصيةٍ فقال: والله لا يغفر الله لك. قال الله: مَن ذا الذي يتألَّى عليَّ ألا أغفرَ لفلانٍ؟! فإني قد غفرتُ له وأحبطتُ عملك.
س: كيف الجمع بينه وبين حديث الأعرابي: اللهم ارحمني ومحمدًا، ولا ترحم معنا أحدًا؟
ج: هذا ما فيه مثل هذا، هذا فقط تعدٍّ في الدُّعاء، قال: لا ترحم معنا أحدًا. فقال: لقد تحجَّرتَ واسعًا، لا يجوز أيضًا مثل ..... يُقسم أنَّ الله ما يغفر له، فرقٌ بينهما.
س: دخول العُصاة عن دخول الكفَّار .....؟
ج: دخول العُصاة من باب المعاصي، من باب المعاصي، نعم، تحت مشيئة الله، وإن دخلها لا يخلد فيها، هذا من باب الوعيد، مثلما قال للقاتل: أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:217]، والزاني، لكن تحت مشيئة الله، ومثلما جاء في عاق والديه، وغيره.
الشيخ: وهذا السَّند بسند مَن لم يُعرف، لكنَّ معناه صحيحٌ، من باب الوعد، مثلما جاء في الأحاديث الكثيرة: مَن مات لا يُشرك بالله شيئًا دخل الجنةَ من باب الوعد لأهل التوحيد، أهل التوحيد موعودون بالجنة، وإن كانت لهم ذنوب وسيّئات، وأهل الشِّرك مُتوعدون بالنار، ومُخلَّدون في النار، وإن كانت لهم حسنات، فحسناتهم باطلة، حابطة، أما أهل التوحيد فحسناتهم مقبولة، وأعمالهم طيبة، تنفعهم، وهم على خطرٍ من أعمالهم السَّيئة، وتحت مشيئة الله جلَّ وعلا، فما جاء من وعد المغفرة فهو مُقيَّدٌ بالأدلة الأخرى الدَّالة على أنهم على خطرٍ، وأنهم تحت مشيئة الله جلَّ وعلا، والنصوص من الكتاب والسّنة فيها الترغيب والترهيب؛ لأنَّ الناس أقسام ثلاثة: مؤمنون، وكافرون، وظالمٌ لنفسه.
فالمؤمن له الجنة من أول وهلةٍ، والكافر له النار من أول وهلة، والظالم نفسه والعاصي الذي مات مخلطًا، لم يتب، تحت مشيئة الله؛ قد يدخل النار، وقد يُعفا عنه، وقد ذكرهم الله في قوله في سورة فاطر: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ جَنَّاتُ عَدْنٍ [فاطر:32- 33]، وعدهم الجنةَ جميعًا، لكن الظالم لنفسه تحت مشيئة الله، وإن كان مصيرُه ومُنتهاه إلى الجنة إذا مات على التوحيد، لكن قد يُعذَّب.
............
الطالب: في نسخة الشّعب: سهيل ابن أبي حزم.
الشيخ: حزم بدون ألف، "التقريب".
الطالب: سهيل -بالتَّصغير- ابن أبي حزم مهران، أو عبدالله، القطعي -بضم القاف وفتح الطاء- أبو بكر، البصري، ضعيف، من السابعة. (ع).
الشيخ: الجماعة أو الأربعة.
الطالب: عين.
الشيخ: لعلها عين مقطوعة.
الطالب: "الخلاصة" أربعة، وليس عينًا.
الشيخ: .........
عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ وَعَدَهُ اللَّهُ عَلَى عَمَلٍ ثَوَابًا فَهُوَ مُنْجِزُهُ لَهُ، وَمَنْ تَوَعَّدَهُ عَلَى عَمَلٍ عِقَابًا فَهُوَ فِيهِ بِالْخِيَارِ تَفَرَّدَا بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ الْخَوْلَانِيُّ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ -يَعْنِي ابْنَ عَبْدِالرَّحْمَنِ الْخُرَاسَانِيَّ- حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بن حماد، عَنْ سَلَّامِ ابْنِ أَبِي مُطِيعٍ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ الْمُزَنِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا أَصْحَابَ النَّبِيِّ ﷺ لَا نَشُكُّ فِي قَاتِلِ النَّفْسِ، وَآكِلِ مَالِ الْيَتِيمِ، وَقَاذِفِ الْمُحْصَنَاتِ، وَشَاهِدِ الزُّورِ، حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، فَأَمْسَكَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ ﷺ عَنِ الشَّهَادَةِ. وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ من حديث الهيثم بن حمَّاد بِهِ.
الشيخ: والمعنى أنَّهم كانوا -يعني- يعتقدون فيهم النار -الخلود في النار- حتى نزلت الآيةُ تُبين أنَّ العُصاة تحت مشيئة الله.
..........
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَيْضًا: حَدَّثَنَا عَبْدُالْمَلِكِ ابْنُ أَبِي عَبْدِالرَّحْمَنِ الْمُقْرِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا صَالِحٌ -يعني المري- حدَّثنا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا لَا نَشُكُّ فِيمَنْ أَوْجَبَ اللَّهُ لَهُ النَّارَ فِي الْكِتَابِ، حَتَّى نَزَلَتْ عَلَيْنَا هَذِهِ الْآيَةُ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ. قَالَ: فَلَمَّا سَمِعْنَاهَا كَفَفْنَا عَنِ الشَّهَادَةِ، وَأَرْجَيْنَا الْأُمُورَ إِلَى اللَّهِ .
وَقَالَ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِالرَّحِيمِ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ سُرَيْجٍ.
الشيخ: أيش قال في "التقريب".
الطالب: حرب بن سُريج -بالمهملة والجيم- ابن المنذر، المنقري، أبو سفيان، البصري، البزاز، صدوق، يُخطئ، من السابعة. (عس).
الشيخ: ابن سريج، نعم.
............
وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ: عَنِ الرَّبِيعِ: أَخْبَرَنِي مُجَبَّرٌ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ [الزمر:53] إلى آخر الآية، قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: وَالشِّرْكُ بِاللَّهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ فَكَرِهَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا. رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
وَهَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي فِي سُورَةِ تَنْزِيلِ مَشْرُوطَةٌ بِالتَّوْبَةِ، فَمَنْ تَابَ مِنْ أَيِّ ذَنْبٍ وَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ.
الشيخ: وهذا عند جميع أهل العلم: أنَّها في التَّائبين، وهي قوله سبحانه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، أجمع أهلُ العلم على أنَّها في التَّائبين، أمَّا غير التَّائبين ففيها قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ، هذه في غير التَّائبين، والشِّرك لا يُغفر، وما دونه تحت المشيئة، أما التَّائبون فجميعهم مغفورٌ لهم إذا تابوا توبةً صادقةً، نعم.
س: ولو تكررت منهم يا شيخ؟
ج: ولو تكررت، نعم.
س: ..............؟
ج: نعم، مثل غيره من العُصاة.
س: الشِّرك الأصغر؟
ج: محتمل أنَّه تعمّه النصوص، لكن إذا رجحت الحسنات سقط، وكذلك مَن أُعْطِيَ كتابه بيمينه لم يضرّه، لكنَّه أشدّ من الكبائر، لكنَّ صاحبه لا يُخلد في النار، ولا تحبط أعماله بالشِّرك الأصغر، إنما يحبط العملُ الذي قارنه، الشِّرك الأصغر يحبط ما قارنه: القراءة التي قارنها، والكلام الذي قارنه يحبط، والصَّلاة التي قارنها، وما أشبه ذلك.
س: ............؟
ج: ...........
الشيخ: وهكذا النّصوص يُفسّر بعضُها بعضًا، ويُقيد مُقيدُها مُطلَقَها، وخاصُّها عامَّها، مثل هذه الآية مع آية الشِّرك.
وَقَوْلُهُ: وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا كَقَوْلِهِ: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13].
وَثَبَتَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ؟ قَالَ: أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ. وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيث.
وَقَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ زَيْدٍ، قال: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو، قال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، قال: حَدَّثَنَا مَعْنٌ، قال: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: أُخْبِرُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، ثُمَّ قَرَأَ: وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، ثُمَّ قَرَأَ: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14]، والله أعلم.
الشيخ: وفي الباب ما هو أصحّ، كان يحسن هنا ما رواه الشَّيخان عن أبي بكرة الثَّقفي، عن النبي ﷺ أنَّه قال: ألا أُنبئكم بأكبر الكبائر؟ ألا أُنبئكم بأكبر الكبائر؟ ألا أُنبئكم بأكبر الكبائر؟ كررها ثلاثًا، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متَّكئًا فجلس فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور، فما زال يُكررها حتى قلنا: ليته سكت.
ولا شكَّ بإجماع أهل العلم أنَّ أكبر الكبائر هو الشِّرك بالله، وهو أعظم الذنوب والجرائم، من جنس الشِّرك الأكبر، أنواع الكفر كلها هي أكبر الكبائر؛ لأنَّه لا خيرَ مع صاحبه، ولا رجاءَ له، بل هو مُخلَّدٌ في النار أبد الآباد، فهو أعظم الذّنوب وأخطرها، أمَّا ما دونه فهو تحت مشيئة الله .
س: النِّفاق العملي هل صاحبُه مُتوعَّدٌ إذا دخل النار بالدَّرك الأسفل؟
ج: النِّفاق العملي مثل صاحب الكبائر، الدَّرك الأسفل للمُنافقين الذين أضمروا الكفرَ وأعلنوا الإسلام، هؤلاء هم المنافقون النِّفاق الأكبر، أما النِّفاق العملي فمن جنس بقية الكبائر.
س: ............؟
ج: هم المنافقون النِّفاق الأكبر.