الشيخ: وهذا يدل على أنَّ الجيرانَ يُعتبر قربهم وبُعدهم بالأبواب، لا بالجدران؛ ولهذا لما قالت عائشةُ رضي الله عنها: إنَّ لي جارين، فإلى أيِّهما أُهْدِي؟ قال: إلى أقربهما منكِ بابًا، وكما رواه البخاري رحمه الله، والإمام أحمد رحمه الله.
فالجيران يتفاوتون كما تقدَّم: جارٌ قريبٌ له حقَّان: حقّ الجوار، وحقّ القرابة. وجارٌ قريبٌ مسلمٌ له ثلاثة حقوقٍ: حقّ الجوار والقرابة والإسلام. وجارٌ كافرٌ ليس له قرابةٌ، له حقٌّ واحدٌ، فهكذا من جهة قرب الأبواب، كلما كان الجارُ أقربَ بابًا كان أولى بالعناية بحقِّ الجوار من الصِّلة والهدية وغيرهما من أنواع المعروف، وإذا تيسَّر اتِّساعُ الأمر وتعميم الجيران فذلك خيرٌ عظيمٌ.
س: .............؟
ج: أقربهم بابًا أولى، إذا جاءا جميعًا، إذا دعوه جميعًا فأقربهم بابًا أولى، فإن سبق أحدُهما فالسَّابق أولى، كما جاء في الحديث، نعم.
س: ما ورد في بعض الآثار أنَّ الجارَ أربعين دارًا من كل جهةٍ، من كل جانبٍ؟
ج: ورد هذا، لكن لا أعرفه، أقول: لا أعرف حال إسناده، فالمعتبر أنَّ الجيرانَ الأقربُ فالأقربُ، وليس هناك نهايةٌ، الأقرب فالأقرب.
الشيخ: وأيش السَّند الذي قبله، سند عائشة؟
الشيخ: ما في ذكر عبدالرحمن.
مُداخلة: قبله أحسن الله إليك: قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ الفضل إِلَّا ابْنَ أَبِي فُدَيْكٍ.
الشيخ: قبله أيش؟
قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُاللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ أَبُو الرَّبِيعِ المحاربي: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ: أَخْبَرَنِي عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ الْفَضْلِ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: الْجِيرَانُ ثَلَاثَةٌ: جَارٌ لَهُ حَقٌّ وَاحِدٌ، وَهُوَ أَدْنَى الْجِيرَانِ حَقًّا، وَجَارٌ لَهُ حَقَّانِ، وَجَارٌ لَهُ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ، وَهُوَ أَفْضَلُ الْجِيرَانِ حَقًّا؛ فَأَمَّا الَّذِي لَهُ حَقٌّ وَاحِدٌ فَجَارٌ مُشْرِكٌ لَا رَحِمَ لَهُ، لَهُ حَقُّ الْجِوَارِ، وَأَمَّا الَّذِي لَهُ حَقَّانِ فَجَارٌ مُسْلِمٌ، لَهُ حَقُّ الْإِسْلَامِ وَحَقُّ الْجِوَارِ، وَأَمَّا الَّذِي لَهُ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ فَجَارٌ مُسْلِمٌ ذُو رَحِمٍ، لَهُ حَقُّ الْجِوَارِ وَحَقُّ الْإِسْلَامِ وَحَقُّ الرَّحِمِ.
قَالَ الْبَزَّارُ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا رَوَى عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ الفضل إِلَّا ابْنَ أَبِي فُدَيْكٍ.
الشيخ: قد يكون حديثُ عائشة مُؤخَّرًا، والذي بعده مُقدَّمًا، فيكون المراد به عبدالرحمن بن الفضل، فصل بينهما حديث عائشة من بعض النُّسَّاخ قدَّم وأخَّر، محتمل.
............
الشيخ: الأخير الذي بعد حديث عائشة؟
الشيخ: نعم، الله أعلم، الله أعلم.
س: .............؟
ج: لا بدَّ أنَّ فيه شيئًا سقط، وإلا تقديم وتأخير.
الحديث الحادي عشر: قال أحمدُ: حدَّثنا قتيبةُ: حدَّثنا ابنُ لهيعة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إنَّ أول خصمين يوم القيامة جاران.
وقوله تعالى: وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ [النساء:36].
قَالَ الثَّوْرِيُّ: عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ قَالَا: هِيَ الْمَرْأَةُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ وَالْحَسَنِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَاتِ نَحْوُ ذَلِكَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وقَتَادَةُ: هُوَ الرَّفِيقُ فِي السَّفَرِ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: هُوَ الرَّفِيقُ الصَّالِحُ.
وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: هُوَ جَلِيسُكَ فِي الْحَضَرِ، وَرَفِيقُكَ فِي السَّفَرِ.
الشيخ: كل هؤلاء مأمورٌ بالإحسان إليهم: الزوجة معروفٌ حقّها بوجوب الإحسان إليها، والرَّفيق في الحضر والسَّفر كذلك الإحسان إليه بالنَّصيحة والتَّوجيه وبذل المعروف، والضَّيف كذلك، واللَّفظ محتمل، "صاحب الجنب" محتمل، محتمل هذا وهذا، كل هؤلاء لهم حقٌّ في الإحسان إليهم: للضيف، والرَّفيق في السَّفر وفي الحضر، والزوجة، كل هذه التَّفاسير لها وجهٌ، نعم.
الطالب: .........
الشيخ: تقدَّم ..... الذي عنده: الضَّعيف، يحطّها: الضَّيف.
الشيخ: والآية تعمّ الضَّيف وغيرَه، ابن السَّبيل مطلقًا الذي مرَّ بالبلد، ليس من أهلها، انقطع به السَّفر، كما في الآيات الأخرى، وله حقٌّ في الزكاة، وإن لم يكن ضيفًا لك، متى عرفتَ أنه ابن سبيلٍ فهو مستحقٌّ وإن لم يكن ضيفًا، نعم.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَأَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ وَالْحَسَنُ وَالضَّحَّاكُ وَمُقَاتِلٌ: هُوَ الَّذِي يَمُرُّ عَلَيْكَ مُجْتَازًا فِي السَّفَرِ. وَهَذَا أَظْهَرُ، وَإِنْ كَانَ مُرَادُ الْقَائِلِ بِالضَّيْفِ الْمَارَّ فِي الطَّرِيقِ، فَهُمَا سَوَاءٌ.
وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى أَبْنَاءِ السَّبِيلِ فِي سُورَةِ بَرَاءَةَ، وَبِاللَّهِ الثِّقَةُ، وعليه التُّكلان.
وقوله تعالى: وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:36] وَصِيَّةٌ بِالْأَرِقَّاءِ؛ لِأَنَّ الرَّقِيقَ ضعيفُ الحيلة، أسيرٌ في أيدي الناس؛ فلهذا ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ جَعَلَ يُوصِي أُمَّتَهُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ يَقُولُ: الصَّلَاةَ، الصَّلَاةَ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ، فَجَعَلَ يُرَدِّدُهَا حَتَّى مَا يَفِيضُ بِهَا لِسَانُهُ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ ابْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ: حَدَّثَنَا بَحِيرُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَا أَطْعَمْتَ نَفْسَكَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَمَا أَطْعَمْتَ وَلَدَكَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَمَا أَطْعَمْتَ زَوْجَتَكَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَةٌ، وَمَا أَطْعَمْتَ خَادِمَكَ فَهُوَ لَكَ صَدَقَهٌ.
الشيخ: وهذا إسنادٌ جيدٌ؛ لأنَّ بقيةَ صرَّح بالتَّحديث، وفيه فضلٌ من الله جلَّ وعلا، وأنَّ إطعامَ الإنسان نفسه وزوجته وضيفه ورقيقه كلّها صدقة يأجرنا اللهُ عليها، كما في الحديث الآخر: ابدأ بنفسِك ثم بمَن تعول، بزوجتك، بخادمك، بأبيك، بغيرهم، المقصود أنَّ المؤمن له في صدقاته خيرٌ عظيمٌ، له في إطعامه خيرٌ عظيمٌ؛ فإطعامه نفسه، وإطعامه زوجته، وإطعامه الضيف، وإطعامه أبناء السَّبيل، وإطعامه خادمه، وإطعامه دابَّته، كلّه صدقة.
س: صحيح أنَّ الأولوية في النَّفقة والإطعام والرِّعاية أولًا دخول الزوج، ثم الخادم، ثم الوالدين؟
ج: كذا جاء في بعض الرِّوايات؛ لأنَّ الخادمَ معاوضة، والزوجة معاوضة، والوالدين برٌّ، وفي اللَّفظ الآخر: ابدأ بنفسك، ثم بأمِّك وأبيك، لما قال له ..... مَن أبرُّ؟ قال: أُمُّك، قال: ثم مَن؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أباك، ثم الأقرب فالأقرب، وهذا أصحّ؛ فللوالدين أعظم حقٍّ على الإنسان، والزوجة والمملوك في إمكانه التَّخلص منهما، بالإمكان أن يُطلقها إذا عجز، والمملوك بالإمكان أن يبيعه إذا عجز، والوالدان حقُّهما أعظم من حقِّ الزوجة، وأعظم من حقِّ الرَّقيق.
س: ............؟
ج: الأقرب والله أعلم أنَّه بالاحتساب، إذا احتسب ذلك بنيةٍ صالحةٍ، ويحتمل العموم فضلًا من الله جلَّ وعلا، فضلًا من الله وإحسانًا منه ؛ لأنَّ ظاهرَ النصوص الكثيرة الإطلاق، أما عموم: إنما الأعمال بالنّيات يحتمل أن يعمَّها، ويحتمل ألا يعمَّها؛ فضلًا من الله جلَّ وعلا، لكن إذا احتسب ذلك يكون أكمل وأحوط.
س: ............؟
ج: قد تكون قيدًا، وقد لا تكون قيدًا، ولكن إذا احتسبها يكون أجرُها أعظم.
س: ............؟
ج: جيدٌ، نعم، وفيه الدَّلالة على عظم شأن الصَّلاة، وأنَّ الواجبَ على أهل الإسلام العناية بالصلاة، والحرص عليها؛ لأنها عمود الإسلام، مَن حفظها حفظ دينَه، ومَن ضيَّعها فهو لما سواها أضيع، هي حقّ الله على عباده، والمملوك أسيرٌ في يد سيده، ضعيفٌ، فالواجب أن يتَّقي الله فيه، أو يُعتقه، أو يبيعه، نعم.
وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ بَقِيَّةَ، وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ لِقَهْرَمَانَ لَهُ: هَلْ أَعْطَيْتَ الرَّقِيقَ قُوتَهُمْ؟ قَالَ: لَا. قَالَ: فَانْطَلِقْ فَأَعْطِهِمْ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يَحْبِسَ عَمَّنْ يَمْلِكُ قُوتَهُمْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ وَكِسْوَتُهُ، وَلَا يُكَلَّفُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا يُطِيقُ. رواه مسلمٌ أيضًا.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ فَلْيُنَاوِلْهُ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ، أَوْ أَكْلَةً أَوْ أَكْلَتَيْنِ.
الشيخ: أو أُكلة أو أُكلتين شكٌّ من الراوي: هل قال: لقمة، أو قال: أكلة؟
أو أُكلة أو أُكلتين، فَإِنَّهُ وَلِيَ حَرَّهُ وَعِلَاجَهُ. أَخْرَجَاهُ، وَلَفْظُهُ لِلْبُخَارِيِّ وَلِمُسْلِمٍ: فَلْيُقْعِدْهُ مَعَهُ فَلْيَأْكُلْ، فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مَشْفُوهًا قَلِيلًا فَلْيَضَعْ فِي يَدِهِ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ.
وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: هُمْ إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ، جَعَلَهُمُ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ، فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ، وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ، وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ، فإن كلَّفتُموهم فأعينوهم أخرجاه.
وقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا [النساء:36] أَيْ: مُخْتَالًا فِي نَفْسِهِ، مُعْجَبًا، مُتَكَبِّرًا، فَخُورًا عَلَى النَّاسِ، يَرَى أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْهُمْ، فَهُوَ فِي نَفْسِهِ كَبِيرٌ، وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَقِيرٌ، وَعِنْدَ النَّاسِ بَغِيضٌ.
قَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا يَعْنِي: مُتَكَبِّرًا، فَخُورًا يَعْنِي: بعدمَا أعطى.
الشيخ: أو بعدما أُعْطِيَ. بعدما جاد اللهُ عليه.
الشيخ: مثلما قال ﷺ: أنا سيد ولد آدم ولا فخر، بعدما أعطاه الله النّبوة والرِّسالة، وجعله سيد الناس: أنا سيد ولد آدم ولا فخر، اللهم صلِّ عليه وسلِّم.
وفي الحديث الصَّحيح الذي رواه مسلمٌ عن عياض بن حمار المجاشعي يقول ﷺ: إنَّ الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يبغِ أحدٌ على أحدٍ، ولا يفخر أحدٌ على أحدٍ.
س: ............؟
ج: هذا أفضل لحديث أبي ذرٍّ، وإلا فالواجب إطعامه وكسوته المعتادة: للمملوك طعامه وكسوته، ولا يُكلَّف من العمل إلَّا ما يُطيق رواه مسلمٌ، لكن إذا ألبسه مما يلبس وأطعمه مما يطعم يكون أكمل.
س: .............؟
ج: كأنَّه كالوزير، يعني: كالوزير، الوكيل.
س: يُقاس على ما ملكت اليمين: الخدم في البيوت والسَّواقين؟
ج: أولى، أولى، إذا أكلوا جميعًا أجزأ، وإن جعل لهم طعامًا خاصًّا فلا بأس، وإلا فهم بإمكانهم التَّخلص، لكن المملوك مسكين، مربوط، أمَّا الأحرار فبإمكانهم أن يبقوا إذا ناسبهم الوضع، وبإمكانهم ألا يبقوا إذا لم يُناسبهم الوضع، لكن إذا ساوى بينهم وجعلهم ..... واحد هذا يكون من مكارم الأخلاق، وإذا جعل لهم طعامًا خاصًّا فلا بأس.
س: يستوي فيه المسلمُ وغيرُ المسلم؟
ج: نعم، عام، الحديث عامّ.
الشيخ: هذا هو الغالب، إنما أساء الملكة وأساء إلى الخدم لكونه فخورًا مختالًا مُتكبِّرًا.
الطالب: عبدالله بن واقد بن الحارث بن عبدالله الحنفي، أبو رجاء، الهروي، الخراساني، ثقة، موصوف بخصال الخير، من السابعة، مات سنة بضعٍ وستين. (ق).
الشيخ: الذي عنده "عن" يشطب، عن عبدالله بن واقد أبي رجاء.
وَلَا عَاقًّا إِلَّا وَجَدْتَهُ جَبَّارًا شَقِيًّا، وَتَلَا: وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا [مريم:32].
وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الْعَوَّامِ بْنِ حَوْشَبٍ مِثْلَهُ فِي الْمُخْتَالِ الْفَخُورِ، وَقَالَ: حَدَّثَنَا أبي: حدَّثنا أبو نُعيم، عن الْأسودِ بْنِ شَيْبَانَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ قَالَ: قَالَ مُطَرِّفٌ: كَانَ يَبْلُغُنِي عَنْ أَبِي ذَرٍّ حَدِيثٌ كُنْتُ أَشْتَهِي لقاءَه، فَلَقِيتُهُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا ذَرٍّ، بَلَغَنِي أَنَّكَ تَزْعُمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قال: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ ثَلَاثَةً، وَيُبْغِضُ ثلاثةً. فقال: أَجَلْ، فَلَا إِخَالُنِي أَكْذِبُ عَلَى خَلِيلِي ثَلَاثًا. قُلْتُ: مَنِ الثَّلَاثَةُ الَّذِينَ يُبْغِضُ اللَّهُ؟ قَالَ: المختال الفخور، أوليس تَجِدُونَهُ عِنْدَكُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ؟ ثُمَّ قَرَأَ الْآيَةَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا.
وَحَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ: حَدَّثَنَا أُهَيْبُ بن خَالِدٍ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَني الهُجَيْمِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَوْصِنِي. قَالَ: إِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الْإِزَارِ؛ فَإِنَّ إِسْبَالَ الْإِزَارِ مِنَ الْمَخِيلَةِ، وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمَخِيلَةَ.
الشيخ: يعني من المخيلة، وهذا ظاهرٌ في تحريم ذلك؛ ولهذا في الحديث الصَّحيح: ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار رواه البخاري في "الصحيح".
وحديث أبي ذرٍّ: يقول ﷺ: ثلاثٌ لا يُكلِّمهم الله، ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ولا يُزكِّيهم، ولهم عذابٌ أليمٌ: المسبل إزاره، والمنَّان بما أعطى، والمنَفِّق سلعتَه بالحلف الكاذب. رواه مسلمٌ.
وهذا السَّند صحيحٌ: إياك والمخيلة؛ فإنَّ الله لا يُحبّ المخيلة.
أعد، رجلٌ من بني الهجيم يقول؟
س: المخيلة أو المخيلة؟
ج: الذي أعرف: "المخيلة" بكسر الخاء، انظر "القاموس" في خيل.
وهذا يُبين لنا أنَّ وإياك والإسبالَ؛ فإنَّ الإسبالَ من المخيلة أنَّ إرخاءَ الإزار تحت الكعب يُعتبر إسبالًا، ولو قال صاحبُه: إنه ليس بإسبالٍ، ما قصد المخيلة، فقوله ﷺ: مَن جرَّ ثوبَه خُيَلاء لم ينظر اللهُ إليه يوم القيامة، هذا وعيدٌ شديدٌ، لكن ليس معناه أنَّ الجرَّ بدون خُيلاء جائز، بل صاحبه متَّهمٌ بالمخيلة، وإن زعم أنَّه ليس بمختالٍ؛ لعموم الأحاديث، الإسبال عامٌّ ممنوعٌ، مُحرَّمٌ مطلقًا، لكن إذا كان مع نيَّة المخيلة -مع قصد المخيلة- صار أشدَّ، وإلا فجنس الإسبال مخيلة، ويدعو إلى الكبر، وصاحبه مُتَّهمٌ بالكبر، ولو زعم خلافَ ذلك؛ ولهذا قال ﷺ: ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار، ولم يقل: إذا كان خيلاء.
بقي حديثُ الصِّديق حين قال: يا رسول الله، إنَّ إزاري يتفلَّت عليَّ إلا أن أتعاهده. فقال: إنَّك لستَ ممن يفعله خُيلاء، يدل على أنَّ التَّفلُّت الذي يُصيب الإنسانَ ينحسر بعض الأحيان، يغلبه، لا يضرّه ذلك إذا كان ليس بقاصدٍ، وإنما يغلبه، وليس معناه أنَّ مَن جرَّ ثيابَه أنَّه لا بأسَ به إذا زعم أنَّه ليس بخُيَلاء.
الطالب: يقول في "القاموس": والأخيل والخُيلاء والخيل والخيلة والمخيلة: الكِبْر.
الشيخ: إذن المخيلة بكسر الخاء، وتسكين الياء، وأيش بعده؟
الطالب: ورجل خال وخائل وخال .....
الشيخ: أيش بعده؟
الطالب: أخال وأخايل: مُتكبر، وقد تخيل وتخايل، والأخيل طائر ..... سُمِّيَ لاختلاف لونه بالسَّواد والبياض، جمع خيل بالكسر، وبنو الأخيل من بني عقيل، رهط ليلى.
وتخيل الشّيء له: تشبه. وأبو الأخيل: خالد بن عمرو السّلفي، وإسحاق بن أخيل الحلبي: محدثان.
والخيال والخيالة: ما تشبه لك في اليقظة والحلم من صورةٍ، ج: أخيلة، وشخص الرجل وطلعته.
وخيل للنَّاقة، وأخيل: وضع لولدها خيالًا ليفزع منه الذِّئب، وعن القوم: كَعَّ عنهم.
والخيال: كساء أسود يُنصَب على عودٍ، يُخيل به للبهائم والطَّير، فتظنّه إنسانًا، وأرض لبني تغلب، ونبت.
والخيل: جماعة الأفراس، لا واحدَ له، أو واحده: خائل؛ لأنه يختال، ج: أخيال وخيول، ويُكسر، والفرسان،
وبلدة قرب قزوين.