تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ..}

بَلْ هُوَ مُحِيطٌ بِكُمْ بِعِلْمِهِ وَبَصَرِهِ وَقُدْرَتِهِ، فَلَا مَلْجَأَ مِنْهُ إِلَّا إِلَيْهِ: يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ ۝ كَلَّا لَا وَزَرَ ۝ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ [القيامة:10- 12].

الشيخ: وهذا هو الواجب على المكلَّفين أن يستجيبوا لله الذي خلقهم من العدم، وغذاهم بالنِّعَم، وأرسل لهم الرسل، وأنزل الكتب، وبيَّن لهم المآل، وأنَّ لهم دارين: دار النَّعيم لمن أطاع واستقام، ودار الهوان والعذاب لمن أعرض عن الهدى وتابع الهوى.

الواجب أن يستقيموا وأن يستجيبوا لله؛ ولهذا قال: اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ [الشورى:47] يعني: أطيعوه، واستقيموا على أمره، واحذروا معصيته، فالمستجيب هو الذي يُطيع الأوامر، وينتهي عن النَّواهي، هذا هو المستجيب، فالله جلَّ وعلا يأمرهم أن يستجيبوا بفعل الأوامر، وترك النَّواهي، وعلى رأسها توحيد الله، والإخلاص له، وترك الإشراك به قبل أن يأتيهم يوم القيامة، يعني: قبل الموت، مَن مات فقد قامت قيامته.

فالحاصل أنَّ الإنسان يجب عليه أن ينتبه، وأن يحذر، وأن يعدّ العدَّة قبل أن يهجم عليه الأجلُ، هذا لا بدَّ منه، لا بدَّ من الموت، ولا بدَّ من يوم القيامة، لا ملجأ، ولا نكير، فالقيامة حقٌّ، والموت حقٌّ، وإذا متّ انتهت الحيل.

فالواجب أن تعدّ العُدَّة قبل أن يهجم عليك الأجل؛ ولهذا قال جلَّ وعلا: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر:99]، وقال : وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا [المنافقون:11]، فالواجب الحذر قبل هجوم هذا الأجل الذي لا حيلةَ فيه.

وَقَوْلُهُ تعالى: فَإِنْ أَعْرَضُوا يَعْنِي: الْمُشْرِكِينَ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا [الشورى:48]، أي: لست عليهم بمُسيطر، وقال : لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [البقرة:272]، وقَالَ تَعَالَى: فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ [الرعد:40]، وقَالَ جلَّ وعلا هَاهُنَا: إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ [الشورى:48] أَيْ: إِنَّمَا كَلَّفْنَاكَ أَنْ تُبْلِغَهُمْ رِسَالَةَ اللَّهِ إِلَيْهِمْ.

الشيخ: وهكذا الدُّعاة -خُلفاء الرسل- ليس عليهم إلا هذا، ليس عليهم إلا البلاغ، والصِّدق، والنُّصح، والهداية بيد الله: لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ، فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ، فلا ينبغي للدَّاعي أن يحزن ويضيق صدره وينكل عن الدَّعوة، لا، يصبر: وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ [النحل:127]، عليه أن يُبَلِّغ، ويصبر، ويسأل ربَّه لهم الهداية، وأمَّا أن يحزن حزنًا يمنعه من الإنذار، أو يُقعِده عن البلاغ، أو يُشوش عليه فكره، لا.

ثُمَّ قال تبارك وتعالى: وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا أَيْ: إِذَا أَصَابَهُ رَخَاءٌ ونِعْمَةٌ فَرِحَ بِذَلِكَ، وَإِنْ تُصِبْهُمْ يَعْنِي: النَّاسَ سَيِّئَةٌ أَيْ: جدبٌ، ونقمةٌ، وبَلَاءٌ، وشِدَّةٌ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ [الشورى:48] أَيْ: يَجْحَدُ مَا تَقَدَّمَ مِنَ النِّعَم، ولَا يَعْرِفُ إِلَّا السَّاعَةَ الرَّاهِنَةَ، فَإِنْ أَصَابَتْهُ نِعْمَةٌ أَشِرَ وبَطِرَ.

الشيخ: هذا غالب الناس، هذا وصفٌ أغلبيٌّ، الشَّكور هو القليل: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ [سبأ:13]، لكن الغالب على الناس أنهم متى جاءت النِّعَم بطروا، وأشروا، وظلموا، ومتى جاءت المصائبُ يئسوا، وقنطوا، ولا حول ولا قوَّة إلَّا بالله.

فَإِنْ أَصَابَتْهُ نِعْمَةٌ أَشِرَ وبَطِرَ، وإِنْ أَصَابَتْهُ مِحْنَةٌ يَئِسَ وقَنِطَ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لِلنِّسَاءِ: يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ، فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: ولِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ ﷺ: لِأَنَّكُنَّ تُكْثِرْنَ الشِّكَايَةَ، وتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ تَرَكْتَ يَوْمًا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ، وهَذَا حَالُ أكثر الناس، إلَّا مَن هداه الله تعالى، وأَلْهَمَهُ رُشْدَهُ، وكَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالحات.

الشيخ: وهكذا الحديث -حديث صهيب- في شأن المؤمن: عجبًا لأمر المؤمن، إنَّ أمرَه كلَّه خيرٌ؛ إن أصابته سرَّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاء صبر فكان خيرًا له، وليس ذلك إلا للمؤمن، لكنَّهم الأقلون، هم الأقلون: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف:103].

فالمؤمن كما قال ﷺ: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، ولَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا للمؤمن.

لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ۝ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ [الشورى:49- 50].

يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّهُ خَالِقُ السَّمَاوَاتِ والْأَرْضِ، ومَالِكُهُمَا، والْمُتَصَرِّفُ فِيهِمَا، وأَنَّهُ مَا شَاءَ كَانَ، ومَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ، وأَنَّهُ يُعطي مَن يشأ، ويَمْنَعُ مَنْ يَشَاءُ، ولَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَى، ولَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ، وأَنَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا أَيْ: يَرْزُقُهُ الْبَنَاتِ فقط. قال البغوي: ومنهم لوطٌ عليه الصَّلاة والسَّلام. وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَيْ: يَرْزُقُهُ الْبَنِينَ فقط. قال البغوي: كإبراهيم الخليل عليه الصَّلاة والسلام، لَمْ يُولَدْ لَهُ أُنْثَى. أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا أي: ويُعطي لمن يَشَاءُ مِنَ النَّاسِ الزَّوْجَيْنِ: الذَّكَرَ والْأُنْثَى، أَيْ: مِنْ هَذَا وهَذَا. قَالَ الْبَغَوِيُّ: كَمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ، وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا أَيْ: لَا يُولَدُ لَهُ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: كَيَحْيَى وعِيسَى عَلَيْهِمَا السَّلَامُ.

فَجَعَلَ النَّاسَ أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ: مِنْهُمْ مَنْ يُعْطِيهِ الْبَنَاتِ، ومِنْهُمْ مَنْ يُعْطِيهِ الْبَنِينَ، ومِنْهُمْ مَنْ يُعْطِيهِ مِنَ النَّوْعَيْنِ: ذُكُورًا وإِنَاثًا، ومِنْهُمْ مَنْ يَمْنَعُهُ هَذَا وهَذَا، فَيَجْعَلُهُ عَقِيمًا؛ لَا نَسْلَ لَهُ، ولَا يُولَدُ لَهُ.

إِنَّهُ عَلِيمٌ أَيْ: بِمَنْ يَسْتَحِقُّ كُلَّ قِسْمٍ مِنْ هَذِهِ الْأَقْسَامِ، قَدِيرٌ أَيْ: عَلَى ما يَشَاءُ مِنْ تَفَاوُتِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ.

وهَذَا الْمَقَامُ شبيهٌ بقوله تبارك وتعالى عن عيسى عليه الصَّلاة والسلام: وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ [مريم:21] أَيْ: دَلَالَةً لَهُمْ عَلَى قُدْرَتِهِ تَعَالَى وتَقَدَّسَ، حَيْثُ خَلَقَ الْخَلْقَ على أربعة أقسامٍ: فآدم عليه الصلاة والسلام مَخْلُوقٌ مِنْ تُرَابٍ، لَا مِنْ ذَكَرٍ، ولَا أُنْثَى، وحَوَّاءُ عَلَيْهَا السَّلَامُ مَخْلُوقَةٌ مِنْ ذَكَرٍ بِلَا أُنْثَى، وسَائِرُ الْخَلْقِ سِوَى عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ ذكرٍ وأُنثى، وعيسى من أُنْثَى بِلَا ذَكَرٍ. فَتَمَّتِ الدَّلَالَةُ بخلق عيسى ابن مريم عليهما الصلاة والسلام.

الشيخ: يعني تمَّت القسمةُ الرُّباعية بخلق عيسى؛ فآدم من ترابٍ، لا من ذكرٍ، ولا من أنثى، وزوجته حوَّاء منه، خلقها اللهُ منه: وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا [النساء:1]، وعيسى من أنثى بلا ذكرٍ، من مريم، ليس له أبٌ، والبقية من ذكرٍ وأنثى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى [الحجرات:13].

ولهذا قال تعالى: وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ [مريم:21]، فَهَذَا الْمَقَامُ فِي الْآبَاءِ، والْمَقَامُ الْأَوَّلُ فِي الْأَبْنَاءِ، وكُلٌّ مِنْهُمَا أَرْبَعَةُ أقسامٍ، فسبحان العليم القدير.

وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ  ۝ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ۝ صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ [الشورى:51- 53].

هذه مقامات الوحي بالنسبة إلى جنات الله ، وهو أنه تبارك وتعالى تَارَةً يَقْذِفُ فِي رُوعِ النَّبِيِّ ﷺ شَيْئًا لَا يَتَمَارَى فِيهِ أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ .

الشيخ: يعني لا يشكّ.

كَمَا جَاءَ فِي "صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ" عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ رُوحَ الْقُدُسِ نَفَثَ فِي رُوعِي: إِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَكْمِلَ رِزْقَهَا وأَجَلَهَا، فَاتَّقُوا اللَّهَ، وأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ.

وقوله تعالى: أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الشورى:51] كَمَا كَلَّمَ مُوسَى عليه الصَّلاة والسَّلام، فَإِنَّهُ سَأَلَ الرُّؤْيَةَ بَعْدَ التَّكْلِيمِ فَحُجِبَ عَنْهَا.

وَفِي الصَّحِيحِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ رضي الله عنهما: مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا إِلَّا مِنْ ورَاءِ حِجَابٍ، وإِنَّهُ كَلَّمَ أَبَاكَ كفاحًا، كذا جاء في الحديث، وكان قَدْ قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ، ولَكِنَّ هَذَا فِي عَالَمِ الْبَرْزَخِ، والْآيَةُ إِنَّمَا هِيَ فِي الدَّارِ الدُّنيا.

الشيخ: وهكذا نبيُّنا ﷺ كلَّمه اللهُ من وراء حجابٍ، لم يرهُ، لما عُرج به إلى السَّماء، وفرض اللهُ عليه الصَّلوات الخمس، كلَّمه سبحانه وفرضها عليه خمسين، ثم لم يزل يتردد إلى ربِّه حتى جعلها خمسًا، ونادى منادٍ من السَّماء: إني قد أمضيتُ فريضتي، وخفَّفتُ عن عبادي، هذا أيضًا من الكلام من وراء حجابٍ، أمَّا الرُّؤية فلم يره أحدٌ: لا موسى، ولا محمد؛ ولهذا لما سُئِلَ ﷺ: أرأيت ربَّك؟ قال: نورٌ أنَّى أراه؟! وفي لفظٍ: رأيتُ نورًا، فلم يرَ أحدٌ ربَّه في هذه الدُّنيا.

وفي الصَّحيح عن النبي ﷺ أنَّه قال: واعلموا أنَّه لن يرى أحدٌ ربَّه حتى يموت، فهذه الدَّار ما هي دار رؤية، الرُّؤية أعلى نعيم أهل الجنَّة، فلا يُرَى إلَّا في الآخرة ، يراه المؤمنون يوم القيامة، ويراه المؤمنون في الجنَّة.

س: هل رآه النبيُّ ﷺ في المنام؟

ج: رؤيا المنام غير، رؤيا المنام لا بأس بها، قد تقع، رآه النبيُّ ﷺ في النوم.

س: يرى الله على صورته؟

ج: يرى شيئًا مما يدل على أنَّه الله: إمَّا نور شبهه؛ لأنَّ الله لا يُشبهه شيء .

س: عندما أُسْرِيَ بالرسول عليه الصلاة والسلام، عقيدة أهل السُّنة: هل الله ..... وإلَّا فُرضت عليه الصَّلاة دون أن يسمع كلامَ الجلالة؟

ج: فرض الله عليه الصَّلاة، وسمع كلامَ ربِّه ليلة المعراج.

س: قول الله تعالى لإبراهيم عليه السَّلام: إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ [البقرة:131] ألا يقتضي أنَّ الله كلَّمه؟

ج: محتملٌ أنَّه من وراء حجابٍ، ومحتملٌ أنه بواسطة جبرائيل، ما هو بصريح.

وقوله : أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ كما يُنزل جبريل عليه الصَّلاة والسلام وغيره من الملائكة على الأنبياء عليهم الصَّلاة والسلام، إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ [الشورى:51]، فَهُوَ عَلِيٌّ، عَلِيمٌ، خَبِيرٌ، حكيمٌ.

وقوله : وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا يَعْنِي: الْقُرْآنَ، مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ أَيْ: عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي شُرِعَ لَكَ فِي الْقُرْآنِ، وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ أَيِ: الْقُرْآنَ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا [الشورى:52]، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى الآية [فصلت:44].

الشيخ: وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا يعني: الوحي، جعله الله روحًا يحصل به الحياة الطَّيبة، وجعله الله نورًا يحصل به البصيرة والهدى، وهو هذا القرآن، وما جاءت به السّنة فيها الروح، وفيها النور: القرآن، والسّنة الروح والنّور، فهما روح تحصل بهما الحياة الطَّيبة السَّعيدة، وهما نور يحصل بهما البصيرة.

وقوله تعالى: وَإِنَّكَ أَيْ: يَا مُحَمَّدُ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الشورى:52]، وهُوَ الْخُلُقُ الْقَوِيمُ، ثُمَّ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ تعالى: صِرَاطِ اللَّهِ أي: وشرعه الَّذِي أَمَرَ بِهِ اللَّهُ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ [الشورى:53] أَيْ: رَبُّهُمَا، ومَالِكُهُمَا، والْمُتَصَرِّفُ فيهما، والحاكم الَّذِي لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ.

الشيخ: وهو المراد بقوله: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [الفاتحة:6]، وفي قوله: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ [الأنعام:153]، هذا الصِّراط الذي يدعو إليه النبيُّ ﷺ، ويهدي إليه شرعُ الله ودينه.

أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ [الشورى:53] أَيْ: تَرْجِعُ الْأُمُورُ فَيَفْصِلُهَا ويَحْكُمُ فيها عمَّا يقول الظالمون والجاحدون عُلُوًّا كبيرًا.