تفسير قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا}

قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا فُضَيْلٌ -يَعْنِيَ ابْنَ مَرْزُوقٍ- عَنْ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ: حَدَّثَنِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ عُمَرَ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْأَعْرَابِ: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا [الأنعام:160]. قَالَ رَجُلٌ: فَمَا لِلْمُهَاجِرِينَ يَا أَبَا عَبْدِالرحمن؟ قال: ما هو أفضل مِنْ ذَلِكَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:40].

وَحَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ: حَدَّثَنِي عَطَاءُ بْنُ دِينَارٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا، فَأَمَّا الْمُشْرِكُ فَيُخَفَّفُ عَنْهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَا يُخْرَجُ مِنَ النَّارِ أَبَدًا.

وَقَدِ اسْتُدِلَّ لَهُ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: أَنَّ الْعَبَّاسَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ عمَّك أَبَا طَالِبٍ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَنْصُرُكَ، فَهَلْ نَفَعْتَهُ بِشَيْءٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نارٍ، ولولا أنا لكان في الدَّرك الأسفل مِنَ النَّارِ.

وَقَدْ يَكُونُ هَذَا خَاصًّا بِأَبِي طَالِبٍ مِنْ دُونِ الْكُفَّارِ، بِدَلِيلِ مَا رَوَاهُ أبو داود الطَّيالسي في "مسنده": حَدَّثَنَا عِمْرَانُ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ الْمُؤْمِنَ حَسَنَةً؛ يُثَابُ عَلَيْهَا الرِّزْقَ فِي الدُّنْيَا، وَيُجْزَى بِهَا فِي الْآخِرَةِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيُطْعَمُ بِهَا فِي الدُّنْيَا، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَةٌ.

الشيخ: وهذا الذي رواه أبو داود قد رواه مسلمٌ في "الصحيح": قال النبيُّ ﷺ: إنَّ الكافرَ إذا عمل حسنةً أُطْعِمَ بها طعمةً في الدنيا، ولا يكن له في الآخرة شيءٌ، وأمَّا المؤمن فيُجزى بها في الدُّنيا، مع ما يُدَّخَر له في الآخرة، فالكافر أعماله باطلة في الدنيا، لكن يُجزى بها في الدنيا: من صلة رحمٍ، من صدقاتٍ، من نصر مظلومٍ، وتفريج كربةٍ، إلى غير هذا مما قد يفعله في الدنيا فيُجزى به في الدنيا، فإذا أفضى إلى الآخرة لا يكون له إلا أعماله السَّيئة، كما قال تعالى: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام:88]، وقال تعالى: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الزمر:65]، وقال تعالى: مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ [التوبة:17]، وقال جلَّ وعلا: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [المائدة:5].

أمَّا ما يتعلق بأبي طالب فهذا من خصائص النبي ﷺ، هذا من الشَّفاعة الخاصَّة، تختصُّ بالنبي ﷺ، النبي ﷺ له عدّة شفاعات، ثلاثٌ خاصَّة به: الشَّفاعة في أهل الموقف حتى يُقضى بينهم، هذه الشَّفاعة العظمى، وهي المقام المحمود. والثَّانية: الشَّفاعة في أهل الجنة أن يدخلوا الجنةَ، هذه خاصَّة به أيضًا. والثالثة: الشَّفاعة في عمِّه أبي طالب، كان في غمرات من النار، فشفع فيه؛ فجعله اللهُ في ضحضاحٍ من النار، يغلي منه دماغُه.

وفي بعض الرِّوايات: إن أخفّ أهل النار عذابًا يوم القيامة أبو طالب، وإنَّ على قدميه جمرتين من نارٍ. أو قال: في نعليه من النار، يغلي منهما دماغُه. وفي اللَّفظ الآخر: أخفّ الناس عذابًا يوم القيامة مَن له نعلان من النار يغلي منهما دماغُه، نسأل الله العافية والسَّلامة.

س: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا [الفرقان:23]؟

ج: هذا من جنس بقية الآيات.

س: تفاوتهم في العذاب في النَّار؟

ج: على حسب أعمالهم، مثلما أنَّ أهل الجنة يتفاوتون في الثواب بحسب أعمالهم الطَّيبة، فهكذا أهل النَّار أعمالهم مُتفاوتة، وعذابهم مُتفاوت، نسأل الله العافية: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ [النساء:145]، نسأل الله العافية.

س: ما نُقِلَ بأنَّ أبا لهبٍ يُخفَّف عنه يوم الاثنين بسبب إعتاقه ثُويبة؟

ج: يُروى بعتاقة ثُويبة، هذا يكون خاصًّا له إن صحَّ.

س: المشركون والمنافقون في منزلةٍ واحدةٍ؟

ج: أخبر اللهُ عنهم أنَّهم في الدَّرك الأسفل من النار، ولا يلزم أن يكونوا أن ..... في الدَّرك الأسفل، ولكن يجمعهم الدَّرك الأسفل، قد يكون عذابُهم متفاوتًا على حسب أعمالهم الكفرية، نسأل الله العافية.

وَقَالَ أَبُو بكرٍ وَعِكْرِمَةُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ فِي قَوْلِهِ: وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:40] يعني: الجنة، نسأل الله رضاه والجنة.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُالصَّمَدِ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ -يَعْنِيَ ابْنَ الْمُغِيرَةِ- عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعْطِي عَبْدَهُ الْمُؤْمِنَ بِالْحَسَنَةِ الْوَاحِدَةِ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ. قَالَ: فَقُضِيَ أَنِّي انْطَلَقْتُ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا، فَلَقِيتُهُ، فَقُلْتُ: بَلَغَنِي عَنْكَ حَدِيثٌ أَنَّكَ تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول: يُجْزَى العبدُ بالحسنة ألف ألف حسنة، فقلت: ويحكم! ما أحدٌ أكثر مني مجالسةً لأبي هريرة، وما سمعتُ هذا الحديث منه. فَتَحَمَّلْتُ أُرِيدُ أَنْ أَلْحَقَهُ، فَوَجَدْتُهُ قَدِ انْطَلَقَ حاجًّا، فانطلقتُ إلى الحجِّ في طلب هذا الحديث، فلقيتُه فقلتُ: يا أبا هريرة، إنَّ الله يُضاعِف الحسنةَ ألف ألف حسنةٍ؟ قَالَ: يَا أَبَا عُثْمَانَ، وَمَا تَعْجَبُ مِنْ ذَا وَاللَّهُ يَقُولُ: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً [البقرة:245]، وَيَقُولُ: فَمَا مَتاَعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ [التوبة:38]؟ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ لِيُضَاعِفُ الْحَسَنَةَ أَلْفَيْ أَلْفِ حَسَنَةٍ، قال: وهذا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَعَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ عنده مناكير.

الشيخ: علي بن زيد معلومٌ أنه ضعيفٌ في الحديث، لكن فضل الله واسع، الله جلَّ وعلا أخبر أنه يُضاعف لمن يشاء، والرجل إذا عمل حسنةً تُضاعف إلى سبعمئة حسنةٍ، إلى أضعافٍ كثيرةٍ، كما قاله النبيُّ عليه الصلاة والسلام، فالمضاعفة لا يُحصيها إلا الله، يُضاعف جلَّ وعلا لمن يشاء مُضاعفةً لا يُحصيها إلا هو ، فضله واسع، والناس في الحسنات على أقسامٍ وعلى طبقاتٍ في عمل الحسنات، حسبما يقترن مع الحسنة من خوفٍ من الله، وتعظيمٍ وذكرٍ لله، واجتهادٍ في أنواع الطَّاعة، إلى غير هذا مما يترتب على بعض الحسنات، نتائج عظيمة، يُضاعف اللهُ له بها الأجر .

س: ..............؟

ج: شاهدٌ لهذا: ما من عبدٍ يتصدَّق بعدل تمرةٍ من كسبٍ طيبٍ -ولا يقبل اللهُ إلا الطَّيب- إلا تقبَّلها اللهُ بيمينه، فيُربيها لصاحبها حتى تكون مثل الجبل.

س: ..............؟

ج: المقصود إذا كان يتقرَّب بها لله، الكلام في الحسنات التي تكون لله، ما تكون حسنة إلا إذا كانت لله، أمَّا إذا كانت لغير الله فهي باطلة، حابطة، نسأل الله العافية، نعم.

ورواه أحمدُ أيضًا فَقَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ: حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ فَقُلْتُ لَهُ: بَلَغَنِي أَنَّكَ تَقُولُ: إِنَّ الْحَسَنَةَ تُضَاعَفُ أَلْفَ أَلْفِ حسنة! قال: وما أعجبك من ذلك؟ فوالله لقد سَمِعْتُ النَّبِيَّ ﷺ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ لَيُضَاعِفُ الْحَسَنَةَ أَلْفَيْ أَلْفِ حَسَنَةٍ.

وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فقال: حدَّثنا أبو خلَّاد وسليمان بن خلَّاد المؤدِّب: حدَّثنا محمد الرّفاعي، عن زياد بن الْجَصَّاصِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ قَالَ: لَمْ يكن أحدٌ أكثر مجالسةً مني لأبي هريرة، فقدم قبلي حاجًّا وقدمتُ بعده، فإذا أهل البصرة يُؤثرون عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول: إنَّ الله يُضاعف الحسنةَ ألف ألف حسنةٍ. فقلتُ: ويحكم! ما كان أحدٌ أكثر مجالسةً مني لأبي هريرة، وما سمعتُ منه هذا الحديث. فهممتُ أَنْ أَلْحَقَهُ، فَوَجَدْتُهُ قَدِ انْطَلَقَ حَاجًّا، فَانْطَلَقْتُ إِلَى الْحَجِّ أَنْ أَلْقَاهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ.

ورواه ابنُ أبي حاتم من طريقٍ أخرى فقال: حدَّثنا بشرُ بن مسلم: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ رَوْحٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خالد الذَّهبي، عن زياد الْجَصَّاصِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: قُلْتُ: يَا أبا هريرة، سمعتُ إخواني بالبصرة يزعمون أَنَّكَ تَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي بِالْحَسَنَةِ ألف ألف حسنة؟ فقال أبو هريرة: والله بل سَمِعْتُ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي بِالْحَسَنَةِ أَلْفَيْ أَلْفِ حَسَنَةٍ، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ [التوبة:38].

الشيخ: المقصود أنَّ قوله: إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا [النساء:40]، المضاعفة لا يُحصيها إلَّا هو، أقلّها عشرٌ: مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا [الأنعام:160]، هذا أقل شيءٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ [البقرة:261] إلى سبعمئةٍ، إلى ألفٍ، إلى ألفين، إلى ألفٍ، إلى ألفٍ، إلى أكثر من ذلك، يُضاعف لمن يشاء، لا أحد يُحصي مُضاعفته جلَّ وعلا، فهو الجواد الكريم .

الطالب: محمد بن خالد الوهبي.

الشيخ: الخلاصة؟

الطالب: (س) محمد بن خالد بن خلي -بكسر اللام كعلي- الكلاعي، أبو الحسين، الحمصي، عن أبيه وأحمد بن خالد الوهبي وغيرهما، وعنه (س) ووثَّقه.

محمد بن خالد بن محمد الوهبي الحمصي، أخو أحمد، صدوق، من التاسعة، مات قبل سنة تسعين ومئة. (د، س، ق).

وقوله تَعَالَى: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا [النساء:41].

يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ هَوْلِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَشِدَّةِ أَمْرِهِ وَشَأْنِهِ: فَكَيْفَ يَكُونُ الْأَمْرُ وَالْحَالُ يَوْمَ القيامة حين يَجِيءُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ؟ يَعْنِي: الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ [الزمر:69]، وَقَالَ تَعَالَى: وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ [النحل:84].

وقال الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: اقْرَأْ عَلَيَّ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أأقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ؟! قَالَ: نَعَمْ، إِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي، فَقَرَأْتُ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى أَتَيْتُ إِلَى هَذِهِ الْآيَةِ: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا [النساء:41]، فقال: حَسْبُكَ الْآنَ، فَإِذَا عَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ.

الشيخ: يعني تذكر هذا الموقف العظيم عليه الصلاة والسلام حين يُؤتى به فيشهد على أُمَّته، فذرفت عيناه عليه الصلاة والسلام؛ لأنَّ الأمرَ عظيمٌ، والهولَ كبيرٌ: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ يعني: يا محمد عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا، يشهد عليهم أنَّه بلَّغهم الرِّسالة، فمَن أطاع واستجاب فله الجنة، ومَن أبى فله النَّار، نسأل الله العافية.

وَرَوَاهُ هُوَ وَمُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ بِهِ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَهُوَ مَقْطُوعٌ بِهِ عَنْهُ، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَيَّانَ وَأَبِي رَزِينٍ عَنْهُ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مَسْعُودٍ الْجَحْدَرِيُّ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ فَضَالَةَ الْأَنْصَارِيُّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ -وَكَانَ أَبِي مِمَّنْ صَحِبَ النَّبِيَّ ﷺ- أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَتَاهُمْ فِي بَنِي ظَفَرٍ، فَجَلَسَ عَلَى الصَّخْرَةِ الَّتِي فِي بَنِي ظَفَرٍ الْيَوْمَ، وَمَعَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ وَنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ قارئًا فقرأ حتى أتى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا، فَبَكَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ حَتَّى اضْطَرَبَ لِحْيَاهُ وَجَنْبَاهُ، فَقَالَ: يَا رَبِّ، هَذَا شَهِدْتُ عَلَى مَنْ أَنَا بَيْنَ أظهرهم، فَكَيْفَ بِمَنْ لَمْ أَرَهُ؟!.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ الزُّهْرِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْمَسْعُودِيِّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ -هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ فِي هذه الْآيَةِ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: شَهِيدٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتُ فِيهِمْ، فَإِذَا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ.

وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ أَبُو عَبْدِاللَّهِ الْقُرْطُبِيُّ فِي "التَّذْكِرَةِ" حَيْثُ قَالَ: بَابُ مَا جَاءَ فِي شَهَادَةِ النَّبِيِّ ﷺ عَلَى أُمَّتِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ: أَخْبَرَنَا رَجُلٌ مِنَ الأنصار، عن المنهال بن عمرو: أَنَّهُ سَمِعَ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ: لَيْسَ من يومٍ إلَّا تُعرض فيه عَلَى النَّبِيِّ ﷺ أُمَّتُهُ غُدْوَةً وَعَشِيَّةً، فَيَعْرِفُهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ؛ فَلِذَلِكَ يَشْهَدُ عَلَيْهِمْ، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا، فإنه أثرٌ، وفيه انقطاعٌ، فإنَّ فِيهِ رَجُلًا مُبْهَمًا لَمْ يُسَمَّ، وَهُوَ مِنْ كَلَامِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، لَمْ يَرْفَعْهُ، وَقَدْ قَبِلَهُ الْقُرْطُبِيُّ فَقَالَ بَعْدَ إِيرَادِهِ: قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْأَعْمَالَ تُعْرَضُ عَلَى اللَّهِ كُلَّ يَوْمِ اثْنَيْنِ وَخَمِيسٍ، وَعَلَى الْأَنْبِيَاءِ وَالْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، قَالَ: وَلَا تَعَارُضَ؛ فَإِنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُخَصَّ نَبِيُّنَا بِمَا يُعْرَضُ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ، ويوم الجمعة مع الأنبياء عليه وعليهم أفضل الصَّلاة والسلام.

الشيخ: كل هذا ليس بشيءٍ، كلام القرطبي ليس بشيءٍ، وليس بثابتٍ العرض عليه عليه الصلاة والسلام، وإنما المقصود أنَّه يشهد عليهم أنَّه بلَّغهم، بلَّغ الأُمَّةَ، مكث فيهم ثلاثًا وعشرين سنةً يُبَلِّغهم الرِّسالةَ في مكة، ثم في المدينة، ثلاثًا وعشرين سنةً، ثم الصَّحابة بلَّغوا، ثم هكذا مَن بعدهم بلَّغوا، وهكذا إلى آخر الدَّهر، خلفًا من بعد سلفٍ يُبَلِّغون، القرآنُ بين أيديهم يُبَلّغ، والسُّنة بين أيديهم تُبَلّغ، فقد بلّغ أوَّلهم وآخرهم؛ أولهم بالمشافهة والمقابلة، والبقية بما ترك لهم من القرآن والسُّنة، قد بلّغوا بالقرآن، وقامت عليهم الحجّة، فمَن هداه الله تمَّت له السَّعادة، ومَن ضلَّ فإنما يضلّ على نفسه، ومَن لم تبلغه هذه الحجّة يكون يوم القيامة حكمه حكم أهل الفترات: يُكلَّف ويُمْتَحَن، فإن نجح تمَّت له السَّعادة، وإن لم ينجح صار إلى النَّار.

فالمقصود أنَّه ﷺ قد بلَّغهم في حياته، ثم بلَّغهم أصحابُه، وهكذا مَن بعدهم سلفًا وخلفًا، إلى أن تقوم السَّاعة.

س: شهادته عليه الصَّلاة والسلام بتبليغه لهم تكون شهادة له .....؟

ج: شهيدٌ عليهم يعني بأنَّه بلَّغهم، يشهد عليهم أنَّهم بُلِّغوا.

س: ..............؟

ج: على كل حالٍ غُربة الإسلام معروفة، لكن البلاغ قد بلَّغهم عليه الصَّلاة والسلام، بلَّغهم القرآن والسّنة، فمَن لم يبلغه القرآن والسّنة فهو من أهل الفترة، إذا وُجِدَ في أطراف الدُّنيا مَن لم يبلغ يكون من أهل الفترة.

.............

س: بالنسبة للعلماء والدُّعاة هم مُبلّغون عن رسول الله ﷺ؟

ج: نعم، يُبلِّغون عن الرسول بما علموا من الكتاب والسُّنة.

وقوله تعالى: يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا [النساء:42] أَيْ: لَوِ انْشَقَّتْ وَبَلَعَتْهُمْ مِمَّا يَرَوْنَ مِنْ أَهْوَالِ الْمَوْقِفِ وَمَا يَحِلُّ بِهِمْ مِنَ الْخِزْيِ والفضيحة والتَّوبيخ، كقوله: يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ [النبأ:40].

وقوله: وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا إخبارٌ عَنْهُمْ بِأَنَّهُمْ يَعْتَرِفُونَ بِجَمِيعِ مَا فَعَلُوهُ، وَلَا يكتمون منه شيئًا.

وقال ابنُ جريرٍ: حدَّثنا ابنُ حميدٍ: حدَّثنا حكام: حدَّثنا عمرو، عن مطرف، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ له: سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ –يَعْنِي- إِخْبَارًا عَنِ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّهُمْ قَالُوا: وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ [الأنعام:23]، وَقَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا؟ فَقَالَ ابنُ عباسٍ: أَمَّا قَوْلُهُ: وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ فَإِنَّهُمْ لَمَّا رَأَوْا أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا أَهْلُ الْإِسْلَامِ قَالُوا: تَعَالَوْا فَلْنَجْحَدْ. فَقَالُوا: وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ، فَخَتَمَ اللَّهُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، وَتَكَلَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ: وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا.

الشيخ: المقصود أنَّ يوم القيامة يومٌ طويلٌ مقداره خمسون ألف سنة، للناس فيه أحوالٌ: في بعض الأوقات يجحدون، وفي بعضها يُقِرُّون في موضعٍ: قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ، وفي موضعٍ آخر لم يكتموا الله حديثًا، بل أقرُّوا على أنفسهم بظلمهم وكفرهم وافترائهم على الله.

س: قوله: فبكى حتى اضطرب لحياه وجنباه؟

ج: لعله الدَّمع، يعني: قطر الدَّمع، سال الدَّمع.

وَقَالَ عَبْدُالرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ رَجُلٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جبيرٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: أَشْيَاءٌ تَخْتَلِفُ عَلَيَّ فِي الْقُرْآنِ. قَالَ: مَا هُوَ؟ أَشُكُّ فِي الْقُرْآنِ؟ قَالَ: لَيْسَ هُوَ بِالشَّكِّ، وَلَكِنِ اخْتِلَافٌ. قَالَ: فَهَاتِ مَا اخْتَلَفَ عَلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ. قَالَ: أَسْمَعُ اللَّهَ يَقُولُ: ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ، وَقَالَ: وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا فَقَدْ كَتَمُوا. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمَّا قَوْلُهُ: ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ فَإِنَّهُمْ لَمَّا رَأَوْا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ إِلَّا لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، ويغفر الذنوب، ولا يتعاظمه ذنبٌ أن يغفره، ولا يغفر شركًا؛ جَحَدَ الْمُشْرِكُونَ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ، رَجَاءَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُمْ، فَخَتَمَ اللَّهُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، وَتَكَلَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ: يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا [النساء:42].

وَقَالَ جُوَيْبِرٌ: عَنِ الضَّحَّاكِ: إِنَّ نَافِعَ بْنَ الْأَزْرَقِ أَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ: يا ابن عباس، قول الله تعالى: يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا، وَقَوْلُهُ: وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنِّي أَحْسَبُكَ قُمْتَ مِنْ عِنْدِ أَصْحَابِكَ فَقُلْتَ: أُلْقِي عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ مُتَشَابِهَ الْقُرْآنِ.

الشيخ: ألقي على ابن عباس، أُلقي أنا يعني، هو الذي يُلقي، يعني: يمتحنه.

فَإِذَا رَجَعْتَ إِلَيْهِمْ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الله تعالى جَامِعُ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي بَقِيعٍ وَاحِدٍ، فَيَقُولُ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا إِلَّا مِمَّنْ وَحَّدَهُ. فَيَقُولُونَ: تَعَالَوْا نجحد. فَيَسْأَلُهُمْ فَيَقُولُونَ: وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ، قال: فيختم اللهُ على أفواههم، ويستنطق جَوَارِحَهُمْ، فَتَشْهَدُ عَلَيْهِمْ جَوَارِحُهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا مُشْرِكِينَ، فعند ذلك يتمنون لَوْ أَنَّ الْأَرْضَ سُوِّيَتْ بِهِمْ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا. رواه ابنُ جريرٍ.

الشيخ: مثلما قال الله جلَّ وعلا: الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [يس:65]، نسأل الله العافية: حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [فصلت:20]، نسأل الله العافية.

س: ألم يروه البخاري؟

ج: ما أدري، ما أتذكّر.

.............

جعفر بن عمرو بن حريث المخزومي، مقبول، من الثالثة. (م، د، تم، س، ق).