تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا..}

وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ۝ قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ۝ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ [الأعراف:28- 30].

قَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاةً، يَقُولُونَ: نَطُوفُ كما ولدتنا أُمّهاتنا. فتضع المرأةُ على قُبُلِها النّسعة أو الشَّيء وتقول: [رجز]

الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ وَمَا بَدَا منه فلا أُحلّه

فأنزل الله: وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا الْآيَةَ.

قُلْتُ: كَانَتِ الْعَرَبُ مَا عَدَا قُرَيْشًا لَا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ فِي ثِيَابِهِمُ الَّتِي لَبِسُوهَا، يَتَأَوَّلُونَ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمْ لَا يَطُوفُونَ فِي ثِيَابٍ عَصَوُا اللَّهَ فِيهَا، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ -وَهُمُ الْحُمْسُ- يَطُوفُونَ فِي ثِيَابِهِمْ، وَمَنْ أَعَارَهُ أَحْمَسِيٌّ ثَوْبًا طَافَ فِيهِ، وَمَنْ مَعَهُ ثَوْبٌ جَدِيدٌ طَافَ فِيهِ، ثُمَّ يُلْقِيهِ فلا يتملّكه أحدٌ، ومَن لَمْ يَجِدْ ثَوْبًا جَدِيدًا، وَلَا أَعَارَهُ أَحْمَسِيٌّ ثَوْبًا طَافَ عُرْيَانًا، وَرُبَّمَا كَانَتِ امْرَأَةً، فَتَطُوفُ عريانةً، فتجعل على فرجِها شيئًا ليستره بعض السّتر، فتقول: [رجز]

الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ وَمَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ

وَأَكْثَرُ مَا كَانَ النِّسَاءُ يَطُفْنَ عُرَاةً بِاللَّيْلِ.

الشيخ: وهذا كلّه من خُرافاتهم، هذا من خُرافات أهل الشِّرك ومَن لعب الشَّيطانُ بعقولهم حتى صارت حالتُهم إلى هذه؛ ولهذا أمر النبيُّ ﷺ في حجّة تسعٍ أن يُنادى في الناس: ألا يطوف بالبيت عريانٌ، وألا يحجّ بعد العام مُشركٌ، وأنه لا يدخل الجنةَ إلا نفسٌ مؤمنة.

فهذا من سخافاتهم وضلالاتهم: أن يطوفوا عُراةً بالبيت، ويقولون: لا نطوف بثيابٍ عصينا الله فيها. فيعصونه عند بيته العظيم بالعُري، فيتنزَّهون من ثوبٍ عصوا الله فيه بالوقوع في معصيةٍ صريحةٍ، إلا أن يُعيره أحمسيٌّ ثوبًا، أو يجد ثوبًا جديدًا، ولا شكَّ أنَّ هذا من تلاعب الشَّيطان، الإنسان إذا تأمَّل هذا كيف يصير هذا من عاقل؟! لولا لعب الشيطان بعقولهم، نسأل الله العافية.

وَكَانَ هَذَا شَيْئًا قَدِ ابْتَدَعُوهُ مِنْ تِلْقَاءِ أَنْفُسِهِمْ، وَاتَّبَعُوا فِيهِ آبَاءَهُمْ، وَيَعْتَقِدُونَ أَنَّ فِعْلَ آبَائِهِمْ مُسْتَنِدٌ إِلَى أَمْرٍ مِنَ اللَّهِ وَشَرْعٍ، فَأَنْكَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، فَقَالَ: وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا، فَقَالَ تَعَالَى ردًّا عليهم: قُلْ أي: يَا مُحَمَّدُ لِمَنِ ادَّعَى ذَلِكَ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَيْ: هَذَا الَّذِي تَصْنَعُونَهُ فَاحِشَةٌ مُنْكَرَةٌ، وَاللَّهُ لَا يَأْمُرُ بِمِثْلِ ذَلِكَ، أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ أَيْ: أَتُسْنِدُونَ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْأَقْوَالِ مَا لَا تعلمون صحَّته.

الشيخ: وشركهم بالله وتعلُّقهم بالأصنام والأشجار والأحجار أقبح وأعظم من طوافهم عُراةً وحجّتهم: إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ [الزخرف:23]، وهذه الحجّة الدَّاحضة الخبيثة التي يحتجّ بها كلُّ مجرمٍ بتقليد الآباء والأسلاف، والواجب الرجوع إلى ما جاءت به الرسل، وعدم الرجوع إلى تقليد الآباء والأسلاف، وأمرهم الله أن يعبدوه بما أمر: قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [النور:54]، آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ [النساء:136]، فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ [النساء:59]، وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [الشورى:10]، هكذا يجب على العقلاء أن يرجعوا إلى الأساس المتين والأصل العظيم، وهو ما جاء عن الله وعن رسله، لا إلى أسلافٍ جُهَّالٍ وآباء جُهَّالٍ، ثم هذا التَّقليد الأعمى أوقعهم في أعظم الذّنوب وأقبحها، وهو الشرك، وهو عصيان الرسل ومُحاربتهم وقتالهم، فهذا شؤم التَّقليد الأعمى واتِّباع الآباء والأسلاف في الباطل.

وقوله تعالى: قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ أَيْ: بِالْعَدْلِ وَالِاسْتِقَامَةِ، وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [الأعراف:29] أَيْ: أَمَرَكُمْ بِالِاسْتِقَامَةِ فِي عِبَادَتِهِ فِي مَحَالِّهَا، وَهِيَ مُتَابَعَةُ الْمُرْسَلِينَ الْمُؤَيَّدِينَ بِالْمُعْجِزَاتِ فيما أخبروا به عن الله، وما جاءوا به مِنَ الشَّرَائِعِ، وَبِالْإِخْلَاصِ لَهُ فِي عِبَادَتِهِ، فَإِنَّهُ تَعَالَى لَا يَتَقَبَّلُ الْعَمَلَ حَتَّى يَجْمَعَ هَذَيْن الرُّكْنَيْنِ: أَنْ يَكُونَ صَوَابًا مُوَافِقًا لِلشَّرِيعَةِ، وَأَنْ يَكُونَ خَالِصًا مِنَ الشِّرْكِ.

الشيخ: وهذا هو العمل الصَّالح، العمل الصَّالح هو الذي يجمع أمرين: إخلاصًا لله، ومُوافقةً للشَّريعة، فإن كان فيه شركٌ فهو باطلٌ لعدم الإخلاص، وإن كان غير موافقٍ للشَّريعة فهو بدعة باطلة: مَن عمل عملًا ليس عليه أمرُنا فهو ردٌّ، وقوله جلَّ وعلا: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ [البقرة:277] يعني: آمنوا بالله ورسله، وعملوا بشرع الله، وأخلصوا له العمل .

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ إلى قوله: الضَّلَالَةُ.

اختُلِفَ في معنى قوله: كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ، فَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ: عَنْ مُجَاهِدٍ: كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ يُحْيِيكُمْ بَعْدَ مَوْتِكُمْ.

وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: كَمَا بَدَأَكُمْ فِي الدُّنْيَا كَذَلِكَ تَعُودُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحْيَاءً.

وَقَالَ قَتَادَةُ: كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ قَالَ: بَدَأَ فَخَلَقَهُمْ وَلَمْ يَكُونُوا شَيْئًا، ثُمَّ ذَهَبُوا، ثُمَّ يُعِيدُهُمْ.

الشيخ: بدأهم من الطِّين، بدأ أباهم من الطِّين: آدم، ثم رجعوا إلى الطِّين، ثم يُنبتهم منه، ويبدأهم منه، ويخرجون من قبورهم وقد تمَّ خلقُهم بدءًا جديدًا: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ [الروم:27]، كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ [الأنبياء:104]، فالذي بدأهم هو الذي أعادهم، وهو القادر في الحالين، والإعادة أسهل من البدء، فإذا فعل البدء فهو على الإعادة أقدر؛ ولهذا قال جلَّ وعلا: وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ، كلّه هيِّنٌ عليه، إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس:82] .

وَقَالَ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: كَمَا بَدَأَكُمْ أَوَّلًا كَذَلِكَ يُعِيدُكُمْ آخِرًا. وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ أَبُو جَعْفَرِ ابْنُ جَرِيرٍ، وَأَيَّدَهُ بِمَا رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَشُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ، كلاهما عن الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بِمَوْعِظَةٍ، فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ تُحْشَرُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً، عُرَاةً، غُرْلًا: كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ.

وَهَذَا الْحَدِيثُ مُخَرَّجٌ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" مِنْ حَدِيثِ شعبة، وفي "صحيح الْبُخَارِيِّ" أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ بِهِ، وَقَالَ وقاء بْنُ إِيَاسٍ أَبُو يَزِيدَ.

الطالب: وِقَاء -بكسر أوَّله وقاف- ابن إياس، الأسدي، أبو يزيد، الكوفي، لين الحديث، من السادسة. (قد، س).

عَنْ مُجَاهِدٍ: كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ قَالَ: يُبْعَثُ الْمُسْلِمُ مُسْلِمًا، وَالْكَافِرُ كَافِرًا.

وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ رُدُّوا إِلَى عِلْمِهِ فِيهِمْ.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ كَمَّا كَتَبَ عَلَيْكُمْ تكونون. وفي روايةٍ: كما كنتم عَلَيْهِ تَكُونُونَ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ مَنِ ابْتَدَأَ اللَّهُ خَلْقَهُ عَلَى الشَّقَاوَةِ صَارَ إِلَى مَا ابْتُدِئَ عَلَيْهِ خَلْقُهُ وَإِنْ عَمِلَ بِأَعْمَالِ أهل السَّعادة، ومَن ابتدأ خَلْقَهُ عَلَى السَّعَادَةِ صَارَ إِلَى مَا ابْتُدِئَ خَلْقُهُ عَلَيْهِ وَإِنْ عَمِلَ بِأَعْمَالِ أَهْلِ الشَّقَاءِ، كما أنَّ السَّحرةَ عملوا بِأَعْمَالِ أَهْلِ الشَّقَاءِ، ثُمَّ صَارُوا إِلَى مَا ابتُدئوا عَلَيْهِ.

وَقَالَ السُّدِّيُّ: كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ۝ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ [الأعراف:29- 30]، يَقُولُ: كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ فَرِيقٌ مُهْتَدُونَ، وَفَرِيقٌ ضُلَّالٌ، كَذَلِكَ تَعُودُونَ وَتُخْرَجُونَ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ.

وَقَالَ عَلِيُّ ابْنُ أَبِي طَلْحَةَ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَوْلُهُ: كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ ۝ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَدَأَ خَلْقَ ابْنِ آدَمَ مُؤْمِنًا وَكَافِرًا، كما قال: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ [التغابن:2]، ثُمَّ يُعِيدُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا بَدَأَهُمْ مُؤْمِنًا وَكَافِرًا.

قُلْتُ: وَيَتَأَيَّدُ هَذَا الْقَوْلُ بِحَدِيثِ ابْنِ مسعودٍ في "صحيح البخاري": فوالذي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا بَاعٌ أَوْ ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ فَيَدْخُلَهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا بَاعٌ أَوْ ذِرَاع،ٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُل الْجَنَّةَ.

الشيخ: الآية عامَّة: كما بدأهم من جهة الخلق، وكما بدأهم من جهة الشَّقاوة والسَّعادة، ولكنَّها في الخلق أظهر، كما بدأهم في الخلق حُفاةً، عُراةً، غُرْلًا، يُعيدهم كذلك، والأعمال لها ..... يُبعث العبدُ على ما مات عليه من خيرٍ وشرٍّ، ولكن الآية أظهر في الخلقة؛ ولهذا قال: حُفَاةً، عُرَاةً، غُرْلًا كما بدأكم. حُفاة: ما عليهم نِعال. عُراة: ما عليهم ملابس، خرجوا من بطون أُمَّهاتهم عُراةً. غُرْلًا: غير مختونين القلفة التي على الذَّكَر، وهكذا المرأة، هكذا يوم القيامة كلّهم هكذا: عُراةً، حُفاةً، غُرْلًا على رؤوس الأشهاد حتى يكسوهم الله جلَّ وعلا بعد ذلك، وأول مَن يُكْسَى إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، كما في الحديث الصَّحيح، أما كونهم يُبْعَثون على أعمالهم فهذا أمرٌ معلومٌ من أدلَّةٍ أخرى: إنَّ العبدَ يُبْعَثُ على ما مات عليه؛ إن مات سعيدًا بُعِثَ سعيدًا، وإن مات شَقِيًّا بُعِثَ شَقِيًّا.

س: الأصل في الإنسان الكفر أو الإسلام؟

ج: الأصل فيه الكفر والجهل والظُّلم: إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ [إبراهيم:34]، وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا [الأحزاب:72]، إلَّا مَن هداه الله.

وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ.

س: وحديث: ما من مولودٍ إلَّا يُولَد على الفطرة؟

ج: ما يتنافى، الأصلُ فيه أنه يخرج عن الفطرة، يُخرجه أبواه وجُلساؤه وأصحابُه، هو يُولد على الفطرة، لكن الغالب عليه هو خروجه عن الفطرة إلى الظُّلم والجهل والكفر.

س: ............؟

ج: أبواه يُهوِّدانه، أو يُنَصِّرانه.

س: يكون هذا خلافَ الأصل؟

ج: محتمل، محتمل، ظاهر الحديث: ما من مولودٍ إلَّا يُولَد على الفطرة، يعني: على الإسلام، فأبواه يُهوِّدانه، أو يُنَصِّرانه، ثم يعتريه الجهلُ والظلمُ، ولكن مُقتضى وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا، إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ، إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ [هود:10]، إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ [هود:9]، هذه صفاته الغالبة عليه على الأكثر؛ ولهذا يُطلب فيه العدالة إذا شهد، يُطلب أن يُزَكَّى حتى يُعرف أنَّه سلم من الظُّلم والجهل، لا بدَّ من زكاته في الشَّهادة والعدل بالعدالة والثِّقة، قد يُقال أنَّ الأصلَ فيه من جهة ذاته أنَّه يُولد على الفطرة، ولكن الأصل فيه من جهة مجتمعه كما يغلب عليه هو طابع الظّلم والجهل واتِّباع الأكثرين، نسأل الله العافية.

س: ..............؟

ج: في روايةٍ أخرى: فيما يبدو للناس؛ لأنَّه قد كُتِبَ شَقِيًّا أو سَعِيدًا.

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إنَّ الْعَبْدَ لَيَعْمَلُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّهُ لَيَعْمَلُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالْخَوَاتِيمِ، هَذَا قطعةٌ من حديث الْبُخَارِيِّ، مِنْ حَدِيثِ أَبِي غَسَّانَ مُحَمَّدِ بْنِ مُطَرَّفٍ الْمَدَنِيِّ فِي قِصَّةِ قُزْمَانَ يَوْمَ أُحُدٍ.

وقال ابنُ جريرٍ: حدَّثني ابْنُ بَشَّارٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُالرَّحْمَنِ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: تُبْعَثُ كُلُّ نَفْسٍ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ. وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنِ الْأَعْمَشِ بِهِ، وَلَفْظُهُ: يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ، وعن ابن عباسٍ مثله.

قلتُ: ويتأيَّد بحديث ابن مسعودٍ.

قُلْتُ: وَلَا بُدَّ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ هَذَا الْقَوْلِ إِنْ كَانَ هُوَ الْمُرَادَ مِنَ الْآيَةِ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا [الروم:30]، وَمَا جَاءَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، وَيُنَصِّرَانِهِ، وَيُمَجِّسَانِهِ.

وَفِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ" عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ، فَجَاءَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ الْحَدِيثَ.

وَوَجْهُ الْجَمْعِ عَلَى هَذَا أَنَّهُ تَعَالَى خَلَقَهُمْ لِيَكُونَ مِنْهُمْ مُؤْمِنٌ وَكَافِرٌ فِي ثَانِي الْحَالِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَطَرَ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ عَلَى مَعْرِفَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ وَالْعِلْمِ بِأَنَّهُ لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، كَمَا أَخَذَ عليهم الميثاق بذلك، وَجَعَلَهُ فِي غَرَائِزِهِمْ وَفِطَرِهِمْ، وَمَعَ هَذَا قَدَّرَ أَنَّ مِنْهُمْ شَقِيًّا، وَمِنْهُمْ سَعِيدًا: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ [التغابن:2].

وَفِي الْحَدِيثِ: كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو، فَبَائِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا، وَقَدَرُ اللَّهِ نَافِذٌ فِي بَرِيَّتِهِ، فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى [الأعلى:3]، والَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى [طه:50].

وَفِي "الصَّحِيحَيْنِ": فَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَسَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ فَسَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ، ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ الآية.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَهَذَا مِنْ أَبْيَنِ الدَّلَالَةِ عَلَى خَطَأ مَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا عَلَى مَعْصِيَةٍ رَكِبَهَا، أَوْ ضَلَالَةٍ اعْتَقَدَهَا، إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهَا بَعْدَ عِلْمٍ مِنْهُ بِصَوَابِ وَجْهِهَا فَيَرْكَبَهَا عِنَادًا مِنْهُ لِرَبِّهِ فِيهَا؛ لأنَّه لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ فَرِيقِ الضَّلالة الذي ضلَّ وهو يحسب أنَّه مُهتدٍ وَفَرِيقِ الْهُدَى فَرْقٌ، وَقَدْ فَرَّقَ اللَّهُ تَعَالَى بين أسمائهما وأحكامهما في هذه الآية.

س: ما المقصود بقوله: .......؟

ج: وجه الجمع على قوله أنَّهم يُولدون على الفطرة، لكنَّهم إذا شبّوا صاروا في ..... الحال إلى غير ذلك مما سبق في علم الله من شقاوةٍ وسعادةٍ، وهذا يقينٌ يُولد على الفطرة، ثم الكل يسير إلى ما قدّر له من كفرٍ وضلالٍ، أو هدى وإيمان، هذا أمرٌ معلومٌ، قد يكون بأسباب الآباء والأمّهات، وقد يكون بأسبابٍ أخرى.

............

يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأعراف:31].

هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ رَدٌّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِيمَا كَانُوا يَعْتَمِدُونَهُ مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ عُرَاةً، كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ -وَاللَّفْظُ لَهُ- مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ، عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاةً، الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، الرِّجَالُ بِالنَّهَارِ، والنِّساء باللَّيل، وكانت المرأةُ تقول: [رجز]

الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ وَمَا بَدَا مِنْهُ فَلَا أُحِلُّهُ

فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ، وَقَالَ الْعَوْفِيُّ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ الْآيَةَ، قَالَ: كَانَ رِجَالٌ يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ عُرَاةً، فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ بِالزِّينَةِ، وَالزِّينَةُ: اللِّبَاسُ، وَهُوَ مَا يُوَارِي السَّوْأَةَ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ جَيِّدِ الْبَزِّ وَالْمَتَاعِ، فَأُمِرُوا أَنْ يَأْخُذُوا زِينَتَهُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ.

وهكذا قَالَ مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ وَالضَّحَّاكُ وَمَالِكٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ فِي تَفْسِيرِهَا: أنها نزلت في طواف المشركين بالبيت عُراةً.

وقد روى الحافظُ ابنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ، عن قتادةَ، عن أنسٍ مرفوعًا: أنها نزلت فِي الصَّلَاةِ فِي النِّعَالِ. وَلَكِنْ فِي صِحَّتِهِ نَظَرٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ؛ وَلِهَذِهِ الْآيَةِ وَمَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهَا مِنَ السُّنَّةِ يُسْتَحَبُّ التَّجَمُّلُ عِنْدَ الصَّلَاةِ، وَلَا سِيَّمَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَ الْعِيدِ، وَالطِّيبُ لِأَنَّهُ مِنَ الزِّينَةِ، وَالسِّوَاكُ لِأَنَّهُ مِنْ تمام ذلك.

ومن أفضل اللِّباس الْبَيَاضُ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُاللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ مرفوعًا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: الْبَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ الْبَيَاضَ، فَإِنَّهَا مِنْ خيرِ ثيابِكم، وكفِّنوا فيها موتاكم، وإنَّ خَيْرَ أَكْحَالِكُمُ الْإِثْمِدُ؛ فَإِنَّهُ يَجْلُو الْبَصَرَ، وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ.

هَذَا حَدِيثٌ جَيِّدُ الْإِسْنَادِ، رِجَالُهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ بِهِ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَلِلْإِمَامِ أَحْمَدَ أَيْضًا وَأَهْلِ السُّنَنِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: عليكم بثياب الْبَيَاضِ فَالْبَسُوهَا، فَإِنَّهَا أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ، وَكَفِّنُوا فِيهَا موتاكم.

وروى الطَّبراني بسندٍ صَحِيحٍ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ: أنَّ تميمًا الدَّاري اشترى رداءً بألفٍ، وكان يُصلي فيه.

وقوله تعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا الْآيَةَ، قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: جَمَعَ اللَّهُ الطِّبَّ كُلَّهُ فِي نِصْفِ آيَةٍ: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا.

س: يُؤخذ سنية الاكتحال من هذا الحديث؟

ج: نعم، جاء في أحاديث غير هذا أنَّه كان يكتحل ﷺ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُلْ مَا شِئْتَ، وَالْبَسْ مَا شِئْتَ، مَا أَخْطَأَتْكَ خَصْلَتَانِ: سَرَفٌ، وَمَخِيلَةٌ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِالْأَعْلَى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ ثَوْرٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَحَلَّ اللَّهُ الْأَكْلَ وَالشُّرْبَ مَا لَمْ يَكُنْ سَرَفًا أَوْ مَخِيلَةً. إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.

س: قراءة بعض القرَّاء على الجماعة بأكثر من قراءةٍ؟

ج: تركها أولى، لا يُشوش، إلا إذا كان من باب التَّعليم للطلبة، من باب التَّعليم، يُعلّم بعضَهم القراءات لا بأس، وإلا على الجماعة .....

س: .............؟

ج: يقرأ ما كان في المصحف، ولا يُشوش على النَّاس.

س: المبالغة في إكرام الضَّيف .....؟

ج: الأقرب في هذا التَّوسط، وإذا فضل شيءٌ يُوزَّع بين الفقراء، وإلا يأكلونه هم، لا يُلقى، يأكلونه في وقتٍ آخر أهله، لا يُلقى.

س: ..............؟

ج: يُخشى إذا أنفقت شيئًا ما له لزوم، يخشى، قد يضرّ الضيف أيضًا، ينبغي أن يكون وسطًا حسب العُرْف من دون تكلُّفٍ، إن أكل من هذا نوى، ومن هذا نوى، فيضرّ نفسه.

س: شراء الملابس الغالية؟

ج: الأقرب والله أعلم الوسط في كل شيءٍ، هذا هو الأحوط والأولى.