تفسير قوله تعالى: {..إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا}

قَالَ الْإِمَامُ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُاللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ: حَدَّثَنَا أَبِي: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ: سَمِعْتُ يَعْقُوبَ بْنَ عَاصِمِ بْنِ عُرْوَةَ بْنِ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيَّ: سَمِعْتُ عَبْدَاللَّهِ بْنَ عَمْرٍو وَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: مَا هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي تحدِّث به، تقول: أنَّ الساعةَ تَقُومُ إِلَى كَذَا وَكَذَا؟! فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! أَوْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ! أَوْ كَلِمَةً نحوهما، لقد هممتُ أن لا أُحَدِّثَ أَحَدًا شَيْئًا أَبَدًا، إِنَّمَا قُلْتُ: إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدَ قَلِيلٍ أَمْرًا عَظِيمًا؛ يخربُ الْبَيْتُ وَيَكُونُ وَيَكُونُ.

ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَخْرُجُ الدَّجَّالُ فِي أُمَّتِي فَيَمْكُثُ أَرْبَعِينَ -لَا أَدْرِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ أَرْبَعِينَ شَهْرًا أَوْ أَرْبَعِينَ عَامًا- فَيَبْعَثُ اللَّهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، فَيَطْلُبُهُ فَيُهْلِكُهُ، ثُمَّ يَمْكُثُ النَّاسُ سَبْعَ سِنِينَ لَيْسَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَدَاوَةٌ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ رِيحًا بَارِدَةً مِنْ قِبَلِ الشَّامِ، فَلَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ إِيمَانٍ إِلَّا قَبَضَتْهُ، حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ دَخَلَ فِي كَبِدِ جَبَلٍ لَدَخَلَتْهُ عَلَيْهِ حَتَّى تَقْبِضَهُ.

قَالَ: سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قَالَ: فَيَبْقَى شِرَارُ النَّاسِ فِي خِفَّةِ الطَّيْرِ وَأَحْلَامِ السِّبَاعِ، لَا يَعْرِفُونَ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُونَ مُنْكَرًا، فَيَتَمَثَّلُ لَهُمُ الشَّيْطَانُ فَيَقُولُ: أَلَا تَسْتَجِيبُونَ؟ فَيَقُولُونَ: فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَيَأْمُرُهُمْ بِعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَهُمْ فِي ذَلِكَ دَارٌّ رِزْقُهُمْ، حَسَنٌ عَيْشُهُمْ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَلَا يَسْمَعُهُ أَحَدٌ إِلَّا أَصْغَى ليتًا وَرَفَعَ ليتًا.

الشيخ: اللّيت هذا يعني: يلوي عنقه يتسمَّع ..... حتى يمدّها إسرافيل حتى تعمَّ الناس فيُصعقون ويموتون، هذا يلوط حوضَ إبله، وهذا يأكل، وهذا يغرس، وهذا يتبايع مع صاحبه الثَّوب، وكلهم يسقطون موتى بعدما تأتيهم الصَّيحة -صيحة الموت- الصَّعق، الله المستعان.

وقوله: "لا أدري أربعين يومًا، أو أربعين شهرًا، أو أربعين سنةً" تقدّم من حديث النَّواس بن سمعان: أنها أربعين يومًا، إذا جاء الجدالُ أربعون يومًا، كما ثبت من حديث النَّواس عند مسلم: يومٌ كسنةٍ، ويومٌ كشهرٍ، ويومٌ كأسبوعٍ، وباقي أيَّامه كأيَّامنا.

س: عدد النَّفخات؟

ج: الصَّواب أنها نفختان، وقال بعضُهم: إنها ثلاثٌ، في حديث الصّور ثلاثٌ، لكنَّه ضعيفٌ، نفخة الفزع -ويُقال لها: نفخة الصّعق- والثَّانية: نفخة البعث والنُّشور.

قَالَ: وَأَوَّلُ مَنْ يَسْمَعُهُ رَجُلٌ يَلُوطُ حَوْضَ إِبِلِهِ.

قَالَ: فَيَصْعَقُ وَيَصْعَقُ النَّاسُ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ -أَوْ قَالَ: يُنْزِلُ اللَّهُ- مَطَرًا كَأَنَّهُ الطَّلُّ -أَوْ قَالَ: الظِّلُّ، نُعْمَانُ الشَّاكُّ- فَتَنْبُتُ مِنْهُ أَجْسَادُ النَّاسِ، ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ، ثُمَّ يُقَالُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ، هَلُمُّوا إِلَى رَبِّكُمْ: وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ [الصافات:24]، ثم يُقال: أخرجوا بعثَ النار، فَيُقَالُ: من كَمْ؟ فَيُقَالُ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِئَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ. قَالَ: فَذَلِكَ يَوْمٌ يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شَيْبًا، وَذَلِكَ: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ [القلم:42].

ثم رواه مسلمٌ والنَّسائي في "تفسيره" جميعًا عن محمد بن بشار، عن غندر، عن شعبة، عن النعمان بن سالم، به.

الشيخ: وبهذا يُعلم أنها لا تقوم إلا على الأشرار، لا تقوم الساعةُ على الموحِّد، مثلما في اللَّفظ الآخر: لا تقوم الساعةُ حتى لا يُقال في الأرض: لا إله إلا الله، وفي اللَّفظ الآخر: حتى لا يُقال في الأرض: الله، الله، يبقى الناسُ في غايةٍ من الجهالة، لا يعرفون ربًّا ولا إلهًا، وتُقبض أرواح المؤمنين جميعًا من الذكور والإناث، فلا يبقى إلا الأشرار، فعليهم تقوم السَّاعة، بخفّة الطير وأحلام السِّباع، يتناكحون في الطُّرقات، ويعبدون غير الله، ويتمثَّل لهم الشيطان، ويتّبعونه في كل شيءٍ، نسأل الله العافية.

حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أحمدُ: أخبرنا عَبْدُالرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ الأنصاري، عن عبدالله بن زيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يقول: يَقْتُلُ ابْنُ مَرْيَمَ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ بِبَابِ لُدٍّ -أَوْ إِلَى جَانِبِ لُدٍّ.

وَرَوَاهُ أَحْمَدُ أَيْضًا عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ وَالْأَوْزَاعِيِّ –ثَلَاثَتُهُمْ- عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُبَيْدِاللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، عَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَمِّهِ مُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ قال: يقتل ابنُ مريم الدَّجالَ باب لُدٍّ.

وَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنِ اللَّيث به. وقال: هذا حديثٌ صحيحٌ. وقال: وَفِي الْبَابِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَنَافِعِ بْنِ عُتْبَةَ.

الطالب: مُجمّع -بضم أوَّله وفتح الجيم وتشديد الميم المكسورة- بن جارية –بالجيم- بن عامر، الأنصاري، الأوسي، المدني، صحابي، مات في خلافة معاوية. (د، ت، ق).

وَأَبِي بَرْزَةَ، وَحُذَيْفَةَ بْنِ أسيد، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَكَيْسَانَ، وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ، وَجَابِرٍ، وَأَبِي أُمَامَةَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَعَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَسَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ، وَالنَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ، وَعَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، وَحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ .

وَمُرَادُهُ بِرِوَايَةِ هَؤُلَاءِ مَا فِيهِ ذِكْرُ الدَّجَّالِ وَقَتْلِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَهُ، فَأَمَّا أَحَادِيثُ ذِكْرِ الدَّجَّالِ فَقَطْ فَكَثِيرَةٌ جِدًّا، وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحصى؛ لانتشارها وكثرة روايتها.

الشيخ: يعني أنها مُتواترة تواترًا عظيمًا، أخبار الدَّجال كفى اللهُ شرَّه، والله المستعان.

في الصِّحاح والحسان والمسانيد، وغير ذلك.

حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ فُرَاتٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ قَالَ: أَشْرَفَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ من غرفةٍ وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ السَّاعَةَ، فَقَالَ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَرَوْا عَشْرَ آيَاتٍ: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا، وَالدُّخَانُ، وَالدَّابَّةُ، وَخُرُوجُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَنُزُولُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَالدَّجَّالُ، وَثَلَاثَةُ خُسُوفٍ: خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنٍ تَسُوقُ -أَوْ تَحْشُرُ- النَّاسَ، تَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا، وَتَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا.

وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَأَهْلُ السُّنَنِ مِنْ حَدِيثِ فُرَاتٍ الْقَزَّازِ بِهِ.

وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِالْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عن أبي سريحة حُذَيْفَةَ بْنِ أسيدٍ الْغِفَارِيِّ مَوْقُوفًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَهَذِهِ أَحَادِيثُ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ وَأَبِي أُمَامَةَ وَالنَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ وَعَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَمُجَمِّعِ بْنِ جَارِيَةَ وَأَبِي سَرِيحَةَ حُذَيْفَةَ بْنِ أُسَيْدٍ .

وَفِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى صِفَةِ نُزُولِهِ، وَمَكَانِهِ مِنْ أَنَّهُ بِالشَّامِ، بَلْ بِدِمَشْقَ عِنْدَ الْمَنَارَةِ الشَّرْقِيَّةِ، وأنَّ ذلك يكون عند إقامة صلاة الصُّبح، وَقَدْ بُنِيَتْ فِي هَذِهِ الْأَعْصَارِ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِئَةٍ مَنَارَةٌ لِلْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ بَيْضَاءُ مِنْ حِجَارَةٍ مَنْحُوتَةٍ عِوَضًا عَنِ الْمَنَارَةِ الَّتِي هُدِمَتْ بِسَبَبِ الْحَرِيقِ الْمَنْسُوبِ إِلَى صَنِيعِ النَّصَارَى -عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ اللَّهِ الْمُتَتَابِعَةُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ- وَكَانَ أَكْثَرُ عِمَارَتِهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَقَوِيَتِ الظُّنُونُ أَنَّهَا هِيَ الَّتِي يَنْزِلُ عَلَيْهَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ، وَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ، فَلَا يَقْبَلُ إِلَّا الْإِسْلَامَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ".

الشيخ: الله المستعان، مضى عليها الآن ستّمئة سنة وأكثر من خمسين سنة المنارة، سبحان الذي يعلم متى ينزل! الله أكبر، الله أكبر، بُنيت سنة سبعمئة واثنين وأربعين، ونحن الآن في ألف وأربعمئة وستة عشر، أكثر من خمسمئة وخمسين سنة.

س: .............؟

ج: الله أعلم، بعضها على حسب، وبعضها ما هو على حسب.

س: ذكر في الحديث أنها عشر، ولم يذكر إلا ثمان.

ج: لا، هي عشر، آخرها حشر النار وثلاثة خسوف، هذه الأربعة، والبقية ستّ: الدَّجال، وخروج الدابة، وخروج يأجوج ومأجوج ... نعم.

س: رواية الإمام أحمد هذه صحيحة؟

ج: إيه، رواها مسلمٌ أيضًا.

س: الذي لا يُؤمن بهذه الآيات كافرٌ؟

ج: محل نظرٍ، أقول: محل نظرٍ، قد ما يبلغه الخبر، إذا بلَّغ الخبر وبيّن له تواترها يكفي، لكن قد يكون جاهلًا، ما بلغه الخبر.

س: .............؟

ج: هذه في حديثٍ آخر ..... نزع القرآن والمهدي هذه آيات أخرى، لكن هذه ..... في الحديث هذا، الله المستعان.

س: .............؟

ج: الله المستعان، نسأل الله حُسن الختام، سبحان الذي يعلم متى ينزل.

س: .............؟

ج: خروج المهدي ..... في آخر الزمان عند أهل السُّنة والجماعة من العلامات العشر.

س: بعض العلمانيين يقولون: أنَّ الأقمارَ الصناعية تجوب الأرض، فأين يأجوج ومأجوج؟

ج: الأقمار الصِّناعية يستفيدون منها، ولكن يأجوج ومأجوج ما بعد خرجوا حتى يعلموا، والأغلب أنَّهم من الصِّين، غالب الظنّ أنهم من الصين، من شعب الصين، هذا غالب الظنّ والله أعلم سبحانه، لكنَّهم من الشَّرق، يأتون من الشرق والله المستعان، والصين الآن يُقال عنهم أنهم ألف مليون ومئتا مليون، إحصاؤهم مع مَن حولهم من الشَّرقيين الآخرين: التتر وغير التتر. لا يعلم إحصاءهم إلا الله .

وَهَذَا إِخْبَارٌ مِنَ النَّبِيِّ ﷺ بِذَلِكَ، وَتَقْرِيرٌ وَتَشْرِيعٌ وَتَسْوِيغٌ لَهُ عَلَى ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ.

الشيخ: يعني تكون الشَّريعة المحمدية تنتهي في هذا الأمر عند نزول عيسى؛ لأنَّه شرع الله جلَّ وعلا، أمر عيسى بذلك، فالمعنى أنَّه لا يزال وضع الجزية، أخذ الجزية في الشرع حتى ينزل عيسى، فإذا نزل عيسى انتهى أمرُ الجزية، فيكون تشريع الجزية مُؤقًّتًا وينتهي بنزول عيسى بشرع الله ؛ لأنَّ عيسى ينزل مأمورًا بهذا، فشريعته تنتهي بنزول عيسى، فإذا نزل عيسى وضعها وتركها، وقال: إما أن تُسلموا، وإمَّا السيف. والله أكبر، نعم.

س: تحريم الخنزير ما السَّبب؟

ج: الله أعلم؛ لخبثه، حرَّمه اللهُ لخبثه، خبيثٌ، مُحرَّمٌ لخُبْثِه.

س: هل يُقال أنَّ تغيير عيسى عليه الصَّلاة والسلام هذا الأمر تابعٌ لشريعة محمدٍ ﷺ، أخبر أنَّ هذا .....؟

ج: شريعة محمدٍ تنتهي بهذا، يعني: إذا نزل عيسى منع أخذ الجزية، كما نقول: إنها تمنع الجزية منهم إذا آذونا وحاربونا ولم يلتزموا بالشَّرط؛ فإنها ما تُؤخذ منهم حينئذٍ ويُقاتلون، إذا كان أخذُ الجزية لا يكفُّهم عن شرِّهم وإيذائهم للمُسلمين.

س: ..............؟

ج: يحكم بالكتاب والسُّنة، وإن أوحى اللهُ إليه هو يحكم بالكتاب والسُّنة؛ ولهذا في الحديث: وإمامكم منكم يعني: القرآن.

حَيْثُ تَنْزَاحُ عِلَلُهُمْ، وَتَرْتَفِعُ شُبَهُهُمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ؛ وَلِهَذَا كُلُّهُمْ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ مُتَابَعَةً لِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ وَعَلَى يَدَيْهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ الآية [النساء:159]، وهذه الآية كقوله: وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ [الزخرف:61]، وقُرِئَ: (لعلم) بالتَّحريك، أي: أمارة وَدَلِيلٌ عَلَى اقْتِرَابِ السَّاعَةِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَنْزِلُ بَعْدَ خُرُوجِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ فَيَقْتُلُهُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً، وَيَبْعَثُ اللَّهُ فِي أَيَّامِهِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ فَيُهْلِكُهُمُ الله تعالى بِبَرَكَةِ دُعَائِهِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ الآية [الأنبياء:96].

.............