باب تقصير المتمتع بعد العُمرة
1731- حدثنا محمد ابن أبي بكر: حدثنا فضيل بن سليمان: حدثنا موسى بن عقبة: أخبرني كريب، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: لما قدم النبي ﷺ مكة أمر أصحابه أن يطوفوا بالبيت، وبالصفا والمروة، ثم يحلوا، ويحلقوا، أو يُقصِّروا.
الشيخ: وهذا في حقِّ مَن لم يسقِ الهدي كما تقدم غير مرةٍ في غالب الأحاديث: أنه أمرهم بالتقصير من أجل قُرب الحج؛ حتى يكون الحلقُ في الحج، وهنا أمر بالتقصير والحلق، هذا أو هذا، وأنه لا بأس بهذا أو هذا في حقِّ المعتمر، ولكن غالب الأحاديث التي جاءت عن كبار الصحابة فيها التقصير؛ لأنهم حلّوا في رابع ذي الحجة والحج قريبٌ، فيبقى له الحلق، فالأفضل للأفضل.
باب الزيارة يوم النحر
وقال أبو الزبير: عن عائشة وابن عباسٍ : أخَّر النبي ﷺ الزيارة إلى الليل.
ويذكر عن أبي حسان، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أن النبي ﷺ كان يزور البيت أيام منى.
1732- وقال لنا أبو نعيم: حدثنا سفيان، عن عبيدالله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه طاف طوافًا واحدًا ثم يقيل، ثم يأتي منى، يعني: يوم النحر.
ورفعه عبدالرزاق: أخبرنا عبيدالله:
1733- حدثنا يحيى بن بكير: حدثنا الليث، عن جعفر بن ربيعة، عن الأعرج قال: حدثني أبو سلمة ابن عبدالرحمن: أن عائشة رضي الله عنها قالت: حججنا مع النبي ﷺ، فأفضنا يوم النحر، فحاضت صفية، فأراد النبي ﷺ منها ما يُريد الرجل من أهله، فقلت: يا رسول الله، إنها حائضٌ. قال: حابستنا هي؟!، قالوا: يا رسول الله، أفاضت يوم النحر. قال: اخرجوا.
ويذكر عن القاسم، وعروة، والأسود، عن عائشة رضي الله عنها: أفاضت صفية يوم النحر.
الشيخ: وهذا هو المعتمد: أنه ﷺ أفاض يوم النحر، وطاف ضُحًى، ولم يُؤخّر الزيارة إلى الليل، ورواية أبي الزبير التي ذكرها المؤلف مُعلَّقة، شاذَّة، مخالفة للأحاديث الصحيحة، فالأحاديث الصحيحة مُستفيضة أنه ﷺ أفاض يوم النحر، وطاف نهارًا قبل الظهر وتحلل، ثم رجع إلى منى وصلَّى بها الظهر، بعدما صلَّى بالناس الظهر في مكة، صلَّاها أولًا فريضةً، ثم صلَّاها نافلةً كما تقدم، أما ما يقوله أبو الزبير عن عائشة: أنها أخَّرت الزيارة إلى الليل، فهو وهمٌ من أبي الزبير، أو ممن حدَّث أبا الزبير. نعم.
س: زيارة النبي ﷺ أيام منى صحيحةٌ؟
ج: لا، ما هي بصحيحةٍ، ما أتى البيت إلا ثلاث مرات: طواف القدوم، وطواف الإفاضة، وطواف الوداع فقط، هذا المحفوظ عن النبي ﷺ.
أيش قال الشارح على الترجمة؟ على قول أبي الزبير.
قوله: "باب الزيارة يوم النَّحر" أي: زيارة الحاج البيت للطواف به، وهو طواف الإفاضة، ويُسمّى أيضًا: طواف الصدر، وطواف الركن.
الشيخ: ويُسمّى أيضًا: طواف الزيارة، طواف الإفاضة، طواف الصدر، طواف الركن، طواف الحج. نعم.
قوله: "وقال أبو الزبير .." إلخ وصله أبو داود والترمذي وأحمد من طريق سفيان -وهو الثوري-، عن أبي الزبير، به.
قال ابن القطان الفاسي: هذا الحديث مُخالفٌ لما رواه ابن عمر وجابر، عن النبي ﷺ: أنه طاف يوم النحر نهارًا. انتهى. فكأن البخاري عقب هذا بطريق أبي حسان ليجمع بين الأحاديث بذلك، فيُحمل حديث جابر وابن عمر على اليوم الأول، وحديث ابن عباسٍ هذا على بقية الأيام.
قوله: "ويذكر عن أبي حسان، عن ابن عباسٍ: أن النبي ﷺ كان يزور البيت أيام منى" وصله الطبراني من طريق قتادة عنه.
وقال ابنُ المديني في "العلل": روى قتادة حديثًا غريبًا لا نحفظه عن أحدٍ من أصحاب قتادة إلا من حديث هشام، فنسخته من كتاب ابنه معاذ بن هشام، ولم أسمعه منه عن أبيه، عن قتادة: حدثني أبو حسان، عن ابن عباسٍ: أن النبي ﷺ كان يزور البيت كل ليلةٍ ما أقام بمنى.
وقال الأثرم: قلت لأحمد: تحفظ عن قتادة. فذكر هذا الحديث، فقال: كتبوه من كتاب معاذٍ. قلت: فإن هنا إنسانًا يزعم أنه سمعه من معاذٍ. فأنكر ذلك، وأشار الأثرم بذلك إلى إبراهيم بن محمد بن عرعرة، فإن من طريقه أخرجه الطبراني بهذا الإسناد.
وأبو حسان اسمه: مسلم بن عبدالله، قد أخرج له مسلمٌ حديثًا غير هذا عن ابن عباسٍ، وليس هو من شرط البخاري، ولرواية أبي حسان هذه شاهدٌ مُرسلٌ أخرجه ابن أبي شيبة، عن ابن عيينة: حدثنا ابن طاوس، عن أبيه: أن النبي ﷺ كان يفيض كل ليلةٍ.
قوله: "وقال لنا أبو نعيم .." إلخ، ثم قال: "رفعه عبدالرزاق: حدثنا عبيدالله" وصله ابن خزيمة والإسماعيلي من طريق عبدالرزاق بلفظ أبي نعيم، وزاد في آخره: ويذكر –أي: ابن عمر- أن النبي ﷺ فعله، وفيه التنصيص على الرجوع إلى منى بعد القيلولة في يوم النحر، ومُقتضاه أن يكون خرج منها إلى مكة لأجل الطواف قبل ذلك.
ثم ذكر المصنف حديث أبي سلمة: أن عائشة قالت: حججنا مع رسول الله ﷺ وأفضنا يوم النحر. أي: طُفنا طواف الإفاضة، وهو مُطابقٌ للترجمة، وذكر فيه قصة صفية، وسيأتي الكلام عليه في باب: إذا حاضت المرأة بعدما أفاضت قريبًا.
قوله: "ويذكر عن القاسم، وعروة، والأسود، عن عائشة: أفاضت صفيةُ يوم النحر" وغرضه بهذا أنَّ أبا سلمة لم ينفرد عن عائشة بذلك، وإنما لم يجزم به لأن بعضهم أورده بالمعنى كما نُبينه، أما طريق القاسم فهي عند مسلمٍ من طريق أفلح بن حميد عنه، عن عائشة قالت: كنا نتخوف أن تحيض صفيةُ قبل أن تفيض، فجاءنا رسول الله ﷺ فقال: أحابستنا صفية؟! قلنا: قد أفاضت. قال: فلا إذن.
ورواه أحمد من وجهٍ آخر عن القاسم عنها: أن صفية حاضت بمنى، وكانت قد أفاضت .. الحديث.
وأما طريق عروة فرواه المصنف في "المغازي" من طريق شعيب، عن الزهري، عنه، عن عائشة: أن صفية حاضت بعدما أفاضت.
وأخرجه الطحاوي عقب رواية الأسود، عن عائشة بلفظ: أكنتِ أفضتِ يوم النحر؟ قالت: نعم. أخرجه من طريق يونس، عن الزهري به، وقال نحوه.
وأما طريق الأسود فوصلها المصنف في باب الإدلاج من المحصب بلفظ: حاضت صفيةُ .. الحديث. وفيه: أطافت يوم النحر؟ فقيل: نعم.
الشيخ: المؤلف رحمه الله ما اعتنى بالمقام كما ينبغي، والأمر واضحٌ كما قال ابن القطان الفاسي: أنه ﷺ أفاض يوم النحر كما في "الصحيحين" من حديث ابن عمر، وحديث جابر، وحديث "الصحيحين" من حديث عائشة، مع شواهد أخرى كثيرةٌ كلها تدل على أنه أفاض يوم النحر، ورواية أبي الزبير هذه –يعني- غاية ما فيها أن تكون شاذَّةً، إن صحَّت فهي شاذَّةٌ .....، ورواية ابن عباسٍ كذلك ذكرها المؤلف بصيغة التَّمريض، ويذكر أنها ليست ثابتةً. نعم.
المحفوظ أنه ﷺ ما كان يزور مكة أيام منى: لا ليالي منى، ولا أيام منى، وإنما زارها ثلاث مرات: حين قدم، ويوم النحر، وليلة الحصبة حين دخلها ليطوف للوداع.
والحكمة في ذلك -والله أعلم- التَّخفيف على الناس والتيسير؛ لأنه لو دخل يدخل معه جماعةٌ، فيحصل الزحام والمشقّة، فترك ذلك ليتأسى به مَن يخشى من دخوله مشقة.
فهو لم يطف إلا ثلاثة أطوفة فقط: طواف الإفاضة، وطواف القدوم، وطواف الوداع، هذا هو المحفوظ من الأحاديث الصحيحة.
أما رواية أبي الزبير فهي شاذَّة، ورواية ابن عباسٍ: أن النبي ﷺ كان يزور البيت أيام منى، كلها ضعيفةٌ. نعم.
مداخلة: إذا كان البخاري على عادته إذا أتى بعد الترجمة كأنه يميل إلى هذا؟
الشيخ: الظاهر -والله أعلم- أنه للتنبيه، وإلا ما جزم بشيءٍ رحمه الله، للتنبيه، محل توقفٍ. نعم.
مداخلة: الشارح هنا يقول: كأن البخاري عقب .....؛ ليجمع بين ..... بذلك، ويُحمل حديث جابرٍ وابن عمر على .....، وحديث ابن عباس على بقية الأيام.
الشيخ: ما هو بظاهرٍ، الظاهر من إيراده للحديث إخبار طالب العلم بما عنده؛ لأنه ما جزم بشيءٍ، حتى أثر ابن عباسٍ قال: ويُذكر. نعم.
يعني: مهما كان، حتى لو كان البخاري أراد إثبات ذلك فهو ليس بظاهرٍ، ليس مشيًا على طريقته، ولا على طريقة أهل العلم، فإن القاعدة: إذا خالف الثقةُ مَن هو أوثق منه صار شاذًّا، فكيف إذا كان أبو الزبير خالف جماعةً -ما هو بواحدٍ- كلهم موثقون؟
س: أثر ابن عباسٍ جمع الشيخ الألباني طرقه، ورأى صحَّته في "السلسلة" في مناسك الحج والعُمرة؟
ج: مهما كان فهو شاذٌّ، ولو صحَّ فهو شاذٌّ مخالفٌ للأحاديث الصحيحة.
س: .............؟
ج: الذين رووا حجته وأثبتوها: أنه لم يأتِ البيت إلا هذه الأطوفة الثلاثة فقط؛ أهل الثقة والعارفون به ﷺ.
س: ما يكون المثبت مُقدَّمًا على النافي؟
ج: لا؛ لأنها ضعيفةٌ شاذَّةٌ.
باب إذا رمى بعدما أمسى، أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلًا
1734- حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا وهيب: حدثنا ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أن النبي ﷺ قيل له في الذبح، والحلق، والرمي، والتقديم، والتأخير، فقال: لا حرج.
1735- حدثنا علي بن عبدالله: حدثنا يزيد بن زريع: حدثنا خالد، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: كان النبي ﷺ يُسأل يوم النحر بمنى فيقول: لا حرج، فسأله رجلٌ فقال: حلقتُ قبل أن أذبح؟ قال: اذبح ولا حرج، وقال: رميتُ بعدما أمسيتُ؟ فقال: لا حرج.
س: التقييد بقوله: "ناسيًا أو جاهلًا" هل هو قيدٌ؟
ج: الصواب أنه ليس بقيدٍ؛ لأن الأدلة الأخرى فيها إطلاق "لا حرج" لما سُئل، لكن في بعضها "لم أشعر"؛ ولهذا ..... المؤلف، وإلا فالصواب أنه حتى ولو كان عامدًا لحاجةٍ، أما الناسي والجاهل فلا كلام فيه، لكن حتى الإنسان العامد لا حرجَ عليه؛ لأن الرسول ﷺ أطلق لما سُئل، ما قال: بشرط أن يكون ناسيًا أو جاهلًا. نعم.
باب الفُتيا على الدابة عند الجمرة
1736- حدثنا عبدالله بن يوسف: أخبرنا مالك، عن ابن شهابٍ، عن عيسى بن طلحة، عن عبدالله بن عمرو: أن رسول الله ﷺ وقف في حجة الوداع، فجعلوا يسألونه، فقال رجلٌ: لم أشعر فحلقتُ قبل أن أذبح. قال: اذبح ولا حرج، فجاء آخر فقال: لم أشعر فنحرتُ قبل أن أرمي. قال: ارمِ ولا حرج، فما سُئل يومئذٍ عن شيءٍ قُدِّم ولا أُخِّر إلا قال: افعل ولا حرج.
1736- حدثنا عبدالله بن يوسف: أخبرنا مالك، عن ابن شهابٍ، عن عيسى بن طلحة، عن عبدالله بن عمرو: أن رسول الله ﷺ وقف في حجة الوداع، فجعلوا يسألونه، فقال رجلٌ: لم أشعر فحلقتُ قبل أن أذبح. قال: اذبح ولا حرج، فجاء آخر فقال: لم أشعر فنحرتُ قبل أن أرمي. قال: ارمِ ولا حرج، فما سُئل يومئذٍ عن شيءٍ قُدِّم ولا أُخِّر إلا قال: افعل ولا حرج.
1737- حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد: حدثنا أبي: حدثنا ابن جريج: حدثني الزهري، عن عيسى بن طلحة: أن عبدالله بن عمرو بن العاص حدَّثه: أنه شهد النبي ﷺ يخطب يوم النحر، فقام إليه رجلٌ فقال: كنتُ أحسب أن كذا قبل كذا. ثم قام آخر فقال: كنت أحسب أن كذا قبل كذا. حلقتُ قبل أن أنحر. نحرتُ قبل أن أرمي. وأشباه ذلك، فقال النبي ﷺ: افعل ولا حرج لهن كلهن، فما سُئل يومئذٍ عن شيءٍ إلا قال: افعل ولا حرج.
الشيخ: ثم أيضًا هو أنصح الناس عليه الصلاة والسلام، هو أنصح الناس، وأعلم الناس بما يأتي ويذر عليه الصلاة والسلام، فلو كان النسيان شرطًا أو الجهل لبيَّنه، لقال: لا حرج ما لم تتعمد، لا حرج ما دمت ناسيًا، لا حرج ما دمت جاهلًا، بل أطلق عليه الصلاة والسلام.
ثم الناس في هذه الأيام تعتريهم حاجاتٌ كثيرةٌ، وليس كل أحدٍ يتيسر له أن يرتب كما يريد كما شرع الله جلَّ وعلا، قد تعرض لهم أمورٌ تمنع، في أوقاتٍ يحتاج إلى أن ينحر قبل أن يرمي، ما تيسر له الرمي، حيل بينه وبين الرمي بسبب الزحام العظيم، وهو محتاجٌ إلى النحر فينحر، كذلك قد يتيسر له الحلق قبل أن يذبح، وهو محتاجٌ للحلق حتى يحلّ، على رأي مَن شرط أنه لا بد من الأمرين.
المقصود أن .....
كذلك الإفاضة: قد يتيسر له طواف الإفاضة قبل أن يحلق، وقبل أن يرمي في ذلك اليوم؛ لأنه وجد فجوةً، وجد سعةً، أمكنه أن يطوف. نعم.
س: السنة في ترتيب المناسك؟
ج: مثلما تقدم، السنة الترتيب كما فعل النبي ﷺ، السنة فعل النبي ﷺ: يرمي، ثم ينحر إن كان عنده نحرٌ، ثم يحلق أو يُقصّر، ثم الطواف، هذا الترتيب، لكن الرسول ﷺ قال لمن سأله في هذه المخالفات: لا حرج.
س: بالنسبة للتقديم والتأخير في اللباس؟
ج: اللباس أمره سهلٌ، لو جلس بلباسه ما يضرّ، المهم الحلّ، إذا طاف وسعى وفعل كل شيءٍ ولباس الإحرام عليه ما يُخالف، كانت العربُ تلبس لباس الإحرام دائمًا: الرداء والإزار، هو من طريقهم، من لبسهم المعتاد.
س: قدَّم النحر قبل أن يرمي، وهو عليه لباس الإحرام مثلًا؟
ج: ما يُخالف.
س: لكن لو لبس المخيط؟
ج: لبس المخيط بعد الرمي يجوز.
س: وهو ما حلق؟
ج: لا بأس، لكن الأفضل أن يُؤجل حتى يفعل اثنين من ثلاثةٍ، وإلا فالرمي يكفي للتحلل الأول، فإذا رمى حلَّ التحلل الأول، ولكن الأفضل والأحوط وخروجًا من الخلاف يُضيف إليه الحلق أو التَّقصير أو الطواف؛ حتى يفعل اثنين من الثلاثة. نعم.
س: لو لبس المخيط ثم حلق ما في حرج؟
ج: ما عليه حرجٌ، نعم.
س: يتحلل التحلل الأول بالطواف والسعي؟
ج: قد يقال بهذا؛ لأن هذا أعظم من الرمي، إذا حلَّ بالرمي فالطواف والسعي أعظم من الرمي، ولكن كونه يصبر حتى يحلق أو يُقصّر مثلما فعل النبي ﷺ؛ فإنه رمى، ثم حلق، ثم حلَّ عليه الصلاة والسلام.
س: ..............؟
ج: يُرجى ألا يكون عليه شيءٌ؛ لأن الطواف والسعي أعظم من الرمي ..... الركن أعظم بعد عرفة. نعم.
س: هل يُقدّم السعي على الطواف مطلقًا في الحج والعمرة؟
ج: السنة أن يُقدّم الطواف، لكن لو فعل لا حرج عليه، ولا سيما إذا كان ناسيًا أو جاهلًا، لا حرج.
س: حتى العُمرة؟
ج: حتى العمرة، الحديث عامٌّ، قال رجلٌ: يا رسول الله، سعيتُ قبل أن أطوف؟ قال: لا حرج، لا حرج.
س: هذا في الحج أحسن الله إليك؟
ج: يشمل، الحكم واحدٌ، ما قال: إلا في العمرة. لكن السنة ألا يتعمد ذلك، السنة أن يطوف ثم يسعى، هذا المشروع.
س: لكن تعديه للعُمرة بالقياس؟
ج: لعموم الحديث، ما هو بالقياس.
س: لكن السؤال في الحج؟
ج: لكن السائل ما قال: الحج، قال: سعيتُ قبل أن أطوف. وأطلق، ما قال: في حجي، أو في عُمرتي.
س: لم يكن السؤال في يوم النحر؟
ج: ..... يحتمل أنه عُمرة، يحتمل أنه جاء بعمرةٍ، ما حجَّ مع الناس.
والجهل بالحج لا يُحصى أبدًا، جهل الناس في الحجِّ ونسيانهم أمرٌ لا يُحصى أبدًا ..... يعني: مَن عرف أمور الحجاج عرف أنهم يُبتلون بالأغلاط الكثيرة لأجل أن الحج ما يأتي إلا في السنة مرةً، وقد ما يكون حجَّ إلا من سنواتٍ عديدةٍ مضت عليه، ونسي كل شيءٍ. نعم.
س: لماذا لا تُعمم كيفية حجّ النبي ﷺ في المدارس؟
ج: يُدرس كتاب الحج في الفقه، ويُدرس في الحديث في المدارس، وفي غير المدارس. نعم.
الشيخ: يعني: يوم النحر وقف لما ..... يوم النحر وقف، والناس يسألونه، وهو يُجيبهم عليه الصلاة والسلام.
باب الخطبة أيام منى
1739- حدثنا علي بن عبدالله: حدثني يحيى بن سعيد: حدثنا فضيل بن غزوان: حدثنا عكرمة، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أن رسول الله ﷺ خطب الناس يوم النحر فقال: يا أيها الناس، أي يومٍ هذا؟ قالوا: يومٌ حرامٌ. قال: فأي بلدٍ هذا؟ قالوا: بلدٌ حرامٌ. قال: فأي شهرٍ هذا؟ قالوا: شهرٌ حرامٌ. قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرامٌ كحُرمة يومكم هذا، في بلدكم هذا، في شهركم هذا، فأعادها مرارًا، ثم رفع رأسه فقال: اللهم هل بلغت؟ اللهم هل بلغت؟ قال ابن عباسٍ رضي الله عنهما: فوالذي نفسي بيده، إنها لوصيته إلى أمته: فليُبلغ الشاهد الغائب.
الشيخ: نشهد أنه قد بلَّغ عليه الصلاة والسلام، بلغ البلاغ العظيم، اللهم صلِّ عليه وسلم، وعلى طالب العلم أن يُبلغ أيضًا: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرامٌ يُكررها كحُرمة يومكم هذا يوم النحر في بلدكم هذا مكة في شهركم هذا شهر ذي الحجة، حرامٌ في حرامٍ في حرامٍ، اليوم يوم النحر، والبلد مكة، والشهر شهر ذي الحجة، ويُكررها عليهم، وما ذاك إلا لأن التعدي على الدماء والأموال والأعراض ..... والفتن والقتال والعواقب الوخيمة والشحناء.
فالواجب على المسلم أن يحذر دم أخيه، ومال أخيه، وعِرض أخيه؛ حتى تسلم القلوب، وتبقى المودة، ويبقى الاجتماع والتعاون على البرِّ والتقوى، فإذا وقع الناس في الدماء وقعت الفرقة والاختلاف، وهكذا إذا وقع الناس في نهب الأموال وسرقة الأموال وقع الشر أيضًا، وإن كان دون الدم، لكنه يقع به شرٌّ عظيمٌ، ويُفضي إلى الدم أيضًا، وهكذا الأعراض؛ هتك الأعراض والغيبة شرها عظيمٌ. نعم.
قال ابن عباسٍ رضي الله عنهما: فوالذي نفسي بيده، إنها لوصيته إلى أمته: فليُبلغ الشاهد الغائب، لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضُكم رقابَ بعضٍ.
1740- حدثنا حفص بن عمر: حدثنا شعبة، قال: أخبرني عمرو، قال: سمعتُ جابر بن زيد قال: سمعتُ ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: سمعت النبي ﷺ يخطب بعرفاتٍ. تابعه ابن عيينة، عن عمرو.
الشيخ: هذا يدل على عنايةٍ عظيمةٍ من ابن عباسٍ، وفقهٍ عظيمٍ، وحرصٍ على العلم من صغره ، مات النبي ﷺ وهو دون البلوغ، ثم عنده هذا الحرص العظيم والعناية، ثم ما تبع ذلك من أخذه عن الصحابة، وجمعه عن الصحابة الأحاديث، وتفقهه في ذلك رضي الله عنه وأرضاه، آيةٌ من آيات الله ، سبحان الله! رضي الله عنه ورحمه.
س: هذه الخطبة قِيلت في عرفات، أم كُررت في منى وعرفات؟
ج: خطب في عرفات، وخطب في منى، وخطب في أيام التَّشريق، وكرر الكلام عليه الصلاة والسلام.
س: "فليُبلغ الشاهد الغائب" من كلام ابن عباسٍ؟
ج: لا، من كلام النبي ﷺ، ويحتمل أنه من كلام ابن عباسٍ، لكنه ثابتٌ من كلام النبي ﷺ، قال: فليُبلغ الشاهد الغائب، وابن عباسٍ يقول: "فليُبلغ الشاهد الغائب"، ظاهر السياق أنه من كلامه، يعني: طاعةً للنبي ﷺ في قوله: فليُبلغ الشاهد الغائب.
س: بالنسبة لـ"تابعه ابن عُيينة، عن عمرو" أيش المعنى؟
ج: أعد السند قبل "تابعه ابن عيينة"، حدثنا أيش؟
الشيخ: يعني: تابع شعبة، عن عمرو بن دينار، يعني: تابع شعبة، يعني: أنه رواه عن عمرو مثلما رواه عن شعبة، عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد.
الشيخ: "ذو" بالواو؟
قارئ المتن: نعم.
الشيخ: كذا عندكم؟
الطلاب: نعم.
الشيخ: أيش قال الشارح عليه؟
قوله: أليس يوم النحر بنصب "يوم" على أنه خبر "ليس"، والتقدير: أليس اليوم يوم النحر؟ ويجوز الرفع على أنه اسم "ليس"، والتقدير: أليس يوم النحر هذا اليوم؟
والأول أوضح، لكن يُؤيد هذا الثاني قوله: أليس ذو الحجة؟ أي: أليس ذو الحجة هذا الشهر؟
الشيخ: يعني: يصير ..... هو الاسم، والخبر محذوفٌ، والمعروف في الروايات: أليس ذا الحجة؟ يعني: أليس هذا اليوم أو هذا الشهر ذا الحجة؟ على أنه خبر ..... نعم.
قال: أي بلدٍ هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيُسميه بغير اسمه، قال: أليست بالبلدة الحرام؟ قلنا: بلى. قال: فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرامٌ كحُرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، إلى يوم تلقون ربَّكم، ألا هل بلغتُ؟ قالوا: نعم. قال: اللهم اشهد، فليُبلغ الشاهد الغائب، فرُبَّ مُبَلَّغٍ أوعى من سامعٍ، فلا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضُكم رقابَ بعضٍ.
الشيخ: أيش قال الشارح على: إن دماءكم وأموالكم، زيادة: وأعراضكم تقدَّمت في حديث ابن عباسٍ، وجاءت في بعض روايات أبي بكرة، ما تعرض له؟
...............
1742- حدثنا محمد بن المثنى: حدثنا يزيد بن هارون: أخبرنا عاصم بن محمد بن زيد، عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي ﷺ بمنى: أتدرون أي يومٍ هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. فقال: فإن هذا يومٌ حرامٌ، أفتدرون أي بلدٍ هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: بلدٌ حرامٌ، أفتدرون أي شهرٍ هذا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: شهرٌ حرامٌ، قال: فإن الله حرَّم عليكم دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم كحُرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا.
وقال هشام بن الغاز: أخبرني نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما: وقف النبي ﷺ يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حجَّ بهذا.
قارئ المتن: بها أو بهذا؟
الشيخ: بهذا ما يُخالف، يعني: بعدما رمى الجمرة عليه الصلاة والسلام.
س: .............؟
ج: بهذا المكان. نعم.
الشيخ: أيش قال الشارح على: وقال هشام؟
قوله: "وقال هشام بن الغاز" بالغين المعجمة، وآخره زاي خفيفة، وقد وصله ابن ماجه قال: حدثنا هشام بن عمار: حدثنا صدقة بن خالد: حدثنا هشام.
وأخرجه الطبراني عن أحمد بن المعلى، والإسماعيلي عن جعفر الفريابي، كلاهما عن هشام بن عمار، وعن جعفر الفريابي، عن دحيم، عن الوليد بن مسلم، عن هشام بن الغاز. ومن هذا الوجه أخرجه أبو داود.
الشيخ: وهذا نصٌّ أنه يوم الحج الأكبر، يعني: يوم النحر، وهو موافقٌ لظاهر القرآن الكريم: وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ [التوبة:3]، فإن الذين نادوا بالأذان نادوا يوم النحر، وقفوا على الناس، وهو يوم الحج الأكبر؛ لما فيه من أعمال الحج، معظم أعمال الحج فيه؛ ولهذا قيل له: يوم الحج الأكبر، يوم النحر.
وقال آخرون: إنه عرفة. والصواب أن يوم العيد هو يوم الحج الأكبر؛ للآية الكريمة، ولهذا الحديث؛ ولأنه ﷺ بعث مُنادين يُنادون يوم النحر: "ألا يحجَّ بعد العام مُشركٌ، وألا يطوف بالبيت عريانٌ"، وما ذاك إلا لأن فيه الرمي، وفيه الذبح، وفيه الطواف، وفيه الحلق، فيه أعمال الحج. نعم.
س: .............؟
ج: نص القرآن الكريم، جزاك الله خيرًا.
س: أقصد هل تستمر ..... مع الحج؟
ج: ما بلغني، نعم، بيَّن للناس عليه الصلاة والسلام ألا يحجَّ بعد العام مُشركٌ، ولا يطوف بالبيت عريانٌ، أما ما تفعله الرافضة فليس له أساسٌ، ما أعرف له أساسًا: أن آية براءة من أعمال الحج.
س: "ورُبَّ مُبَلَّغٍ أوعى من سامعٍ" ما المعنى؟
ج: المعنى: أن الإنسان قد يسمع الحديث من النبي ﷺ أو من غيره، فيُبلغه غيره، فيكون المبلَّغ أوعى ممن نقله له، وأفهم له، وأنشط في تبليغه والعمل به.
زيد ابن فلان يُبلِّغ أن الرسول ﷺ قال: كذا وكذا، قد تكون أنت أنشط منه في العمل وبلاغ الناس أيضًا، أنشط من الذي بلَّغك وأفهم.
س: الحج الأكبر كل سنةٍ؟
ج: الحج الأكبر يوم النحر.
س: كل سنةٍ؟
ج: كل سنةٍ، نعم.
س: إذا ثبت كفر بعض الطوائف التي تنتمي إلى الإسلام، فهل يُمنعون من الحج؟
ج: إذا ثبت واستطاعت الدولةُ منعهم، وإن كان يترتب على منعهم خطرٌ وشرٌّ لا يُمنعون، باسم الإسلام كالمنافقين، المنافقون يحجون مع الناس، وعبدالله بن أبي منهم.
............