27- أبواب المحصر وجزاء الصيد
وقوله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة:196].
وقال عطاء: الإحصار من كل شيءٍ يحبسه.
قال أبو عبدالله: وَحَصُورًا [آل عمران:39]: لا يأتي النِّساء.
باب إذا أحصر المعتمر
1806- حدثنا عبدالله بن يوسف: أخبرنا مالك، عن نافع: أن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما حين خرج إلى مكة مُعتمرًا في الفتنة قال: إن صُددتُ عن البيت صنعتُ كما صنعنا مع رسول الله ﷺ. فأهلَّ بعمرةٍ من أجل أن رسول الله ﷺ كان أهلَّ بعمرةٍ عام الحديبية.
الشيخ: والمقصود من هذا أن العمرة كالحج، إذا أُحصر فعل ما يفعل الحاج: يهدي، ويحلق أو يُقصر، ويتحلل، فإن عجز عن الهدي يصوم عشرة أيام، ويحلق أو يُقصر، ويتحلل؛ لأن الله قال: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ وهذا مُطلقٌ، فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ يعني: فاذبحوا ما استيسر من الهدي، وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، هذا كله في الإحصار، وإلا في الحج يجوز أن يحلق قبل أن يُهدي، لما سُئل ﷺ عن الرجل حلق قبل أن يذبح قال: لا حرج، لكن هذا في الإحصار لا بد أن يكون الذبح قبل الحلق، يذبح ثم يحلق.
وهكذا في العمرة، مثلما قال ابن عمر لما أراد العمرة في زمن حصار الحجاج لابن الزبير في مكة، قال له بعض أولاده: نخشى أن تُمنع. قال: إن مُنعت فعلتُ ما فعل النبي ﷺ يوم الحديبية. والحديبية عمرةٌ، أُحصر عن عمرةٍ ﷺ.
س: الهدي إن لم يتيسر في مكانه يُنحر في مكانٍ آخر؟
ج: قبل أن يحلق، في مكانه الذي أُحصر فيه، أو في مكانٍ آخر، ما يُخالف.
س: والإحلال يكون بعد الذبح؟
ج: بعد الذبح، وبعد الحلق أو التقصير، أي نعم.
س: الصيام عند العجز على القياس؟
ج: على الهدي: هدي التمتع، مَن عجز عنه صام عشرة أيام.
س: على القياس؟
ج: على القياس، نعم.
1807- حدثنا عبدالله بن محمد بن أسماء: حدثنا جويرية، عن نافع: أن عبيدالله بن عبدالله، وسالم بن عبدالله أخبراه: أنهما كلَّما عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ليالي نزل الجيش بابن الزبير، فقالا: لا يضرك ألا تحج العام، وإنا نخاف أن يُحال بينك وبين البيت. فقال: خرجنا مع رسول الله ﷺ فحال كفارُ قريشٍ دون البيت، فنحر النبي ﷺ هديَه، وحلق رأسه، وأُشهدكم أني قد أوجبتُ العمرة، إن شاء الله أنطلق، فإن خُلي بيني وبين البيت طُفْتُ، وإن حِيل بيني وبينه فعلتُ كما فعل النبي ﷺ وأنا معه.
فأهلَّ بالعمرة من ذي الحُليفة، ثم سار ساعةً، ثم قال: إنما شأنهما واحدٌ، أُشهدكم أني قد أوجبتُ حجةً مع عمرتي. فلم يحلّ منهما حتى دخل يوم النحر وأهدى، وكان يقول: لا يحلّ حتى يطوف طوافًا واحدًا يوم يدخل مكة.
مداخلة: عندنا: فلم يحلّ منهما حتى حلَّ يوم النحر وأهدى.
الشيخ: عندكم الشارح هل تعرض لدخل؟ هل هي مُصحفة؟ متن الشرح: دخل يوم النحر، أو حلَّ يوم النحر؟
القارئ: لا، دخل، حتى دخل يوم النحر وأهدى.
الشيخ: "حتى" في متن الشرح؟
القارئ: في المتن، نعم.
طالب: نفسه "دخل".
الشيخ: الذي عند العيني أوضح: "حل"، تكلم عليه الشارح؟ ما تكلم على "دخل"؟
الطالب: لا، ما تكلم.
الشيخ: نعم، ماشٍ، يعني: دخل يوم النحر، حلَّ، أعد سطرًا أو سطرين قبل ذلك.
القارئ: فإن خُلي بيني وبين البيت طُفْتُ، وإن حِيل بيني وبينه فعلتُ كما فعل النبي ﷺ وأنا معه.
فأهلَّ بالعمرة من ذي الحُليفة، ثم سار ساعةً، ثم قال: إنما شأنهما واحدٌ، أشهدكم أني قد أوجبتُ حجةً مع عمرتي. فلم يحلّ منهما حتى دخل يوم النحر وأهدى، وكان يقول: لا يحلّ حتى يطوف طوافًا واحدًا يوم يدخل مكة.
الشيخ: هذا في العمرة، أما في الحج فلا بد من الطواف يوم النحر، غير طواف القدوم، وكلام ابن عمر هذا مُوهِمٌ، والنبي ﷺ طاف طواف القدوم وسعى بعده، ثم طاف طواف الحج يوم النحر عليه الصلاة والسلام، فلا بد من هذا، كلام ابن عمر هذا يُوهم خلاف ذلك.
س: قوله: أُشهدكم؟
ج: أصحابه، يعني: الذين معه.
س: النية؟
ج: يكفي، لكنه أراد أن يُبين لهم، أراد أن يُوضح لهم حتى يستفيدوا، نعم.
1808- حدثني موسى بن إسماعيل: حدثنا جويرية، عن نافع: أن بعض بني عبدالله قال له: لو أقمتَ بهذا.
1809- حدثنا محمد، قال: حدثنا يحيى بن صالح: حدثنا معاوية بن سلام.
الشيخ: بالتشديد: معاوية بن سلام.
الشيخ: قاعدة في ابن سلام: كلما جاء "سلام" فهو بالتشديد إلا في موضعين:
الصحابي: عبدالله بن سلام بالتخفيف، الإسرائيلي، الصحابي الجليل، المشهود له بالجنة.
والثاني: شيخ البخاري محمد بن سلام البيكندي، على الصحيح بالتخفيف: محمد بن سلام شيخ البخاري، والبقية: زيد بن سلام، ومعاوية بن سلام، وسلام بن مشكم، وسلام الحبشي ..... وغيرهم بالتشديد.
الشيخ: يعني: حِلًّا كاملًا، إذا أُحصر، جاء للعمرة أو الحج ومنعوه؛ يُهدي ويحلق أو يُقصر ويحلّ حِلًّا كاملًا: يلبس ثيابه، ويأتي أهله؛ لقوله تعالى: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة:196] يعني: فاذبحوا ما استيسر من الهدي.
الشيخ: ولهذا قد يقع الإحصار بغير العدو، قد يقع على الصحيح؛ قد يمرض ويشقّ عليه أن يُكمل، قد يضيع ولا يهتدي للطريق، معه دليلٌ ثم ضاع؛ له التحلل، قد تنفد نفقته في الطريق، أو تُسرق؛ يُصادفه عدوٌّ فيأخذ نفقته، ما يبقى معه شيءٌ؛ يتحلل، يعني: يهدي ويحلق أو يُقصر ويتحلل، نعم، هذا الصواب، ما هو خاصًّا بالعدو، نعم.
1810- حدثنا أحمد بن محمد: أخبرنا عبدالله: أخبرنا يونس، عن الزهري قال: أخبرني سالم، قال: كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: أليس حسبكم سنة رسول الله ﷺ؟ إن حُبِسَ أحدكم عن الحجِّ طاف بالبيت وبالصفا والمروة، ثم حلَّ من كل شيءٍ حتى يحج عامًا قابلًا، فيُهدي أو يصوم إن لم يجد هديًا.
وعن عبدالله: أخبرنا معمر، عن الزهري قال: حدثني سالم، عن ابن عمر نحوه.
الشيخ: وإذا صُدَّ عن الحج له أن يتحلل بعمرةٍ، نعم.
باب النحر قبل الحلق في الحصر
1811- حدثنا محمود: حدثنا عبدالرزاق: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن المسور : أن رسول الله ﷺ نحر قبل أن يحلق، وأمر أصحابه بذلك.
الشيخ: حين الإحصار، حين أُحصر في الحديبية نحر أولًا ثم حلق، نعم، على ما في الآية: وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة:196]، نعم.
الشيخ: يعني: حلَّ هو وأصحابه يوم الحديبية سنة ستٍّ من الهجرة حين صالح قريشًا، وكان معه أكثر من ألفٍ وأربعمئةٍ من المسلمين، فحلُّوا معه، حلَّ بسبب الإحصار، نعم.
س: فعل الرسول ﷺ هل يدل على الوجوب؟
ج: تشريعٌ، مثل هذا يجب؛ لأن الله قال: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21]، فهذا مثل مسألة الصلاة: صلُّوا كما رأيتُموني أُصلي، نعم.
س: الحل إذا كان مُشترطًا؟
ج: ما عليه، إذا اشترط ما عليه شيءٌ، إذا اشترط ما عليه هديٌ، يحلّ فقط، يقول: فإن حبسني حابسٌ، أو إن حال بيني حائلٌ، فلا بأس، مثلما قال ﷺ لضباعة: اشترطي أن محلِّي حيث حبستني، فإذا كان اشترط فليس عليه شيءٌ، يحلّ ولا شيء عليه، نعم.
س: ذهب للحج وليس معه تصريحٌ، ثم رُدَّ، فما الحكم؟
ج: إذا مُنع حكمه حكم المحصر.
س: مَن اشترط هل له أن يحلّ بغير سببٍ؟
ج: إذا مُنِعَ، لا يحلّ بدون سببٍ، إن قال: إن حبسني حابسٌ، لا بد أن يمنعه مانعٌ: مرضٌ، أو عدوٌّ، ما هو بهواه، نعم.
س: له أن يشترط في كل وقتٍ؟
ج: لا مانع، لا مانع أن يشترط، ولا سيما في هذا العصر الذي كثرت فيه حوادث السيارات والزحام، وإن ترك فلا بأس.
س: الرسول ﷺ يقول: إذا انتصف شعبان فلا تصوموا، ما المقصود بالحديث؟
ج: مقصوده إذا انتصف شعبان ما يبدأ الصيام الذي ما صام قبل، أما الذي صام قبل لا بأس، كان النبي عليه الصلاة والسلام يصوم شعبان، ربما صامه كله، وربما أفطر منه بعض الشيء، فالذي ما صام في النصف الأول لا يصوم في النصف الأخير؛ سدًّا لذريعة الزيادة في رمضان، مثلما في الحديث الآخر: لا تقدَّموا رمضان بصوم يومٍ ولا يومين، إلا رجلٌ كان يصوم صومه فليصمه، الذي له عادةٌ: يصوم الاثنين، أو الخميس؛ لا بأس أن يصوم، أو يصوم يومًا، ويُفطر يومًا، عادته أن يصوم.
أما الإنسان الذي يريد أن يبتدئ الصيام بعد النصف لا؛ سدًّا للذريعة، وهو حديثٌ لا بأس به.
س: مَن كانت له عادةٌ أن يصوم ثلاثة أيام؟
ج: يصومها، في شعبان، وفي غيره.
س: حتى بعد النصف من شعبان؟
ج: نعم، حتى بعد النصف من شعبان، إذا كانت عادته أن يصوم ثلاثة أيام من كل شهرٍ يصومها، نعم.
س: ألا يلزم من إيجاب الأحكام أن يكون أمرًا من الرسول ﷺ بالقول؟
ج: أمرٌ، أو فعلٌ، أو ما يدل على الأمر؛ لأن الأحاديث الكثيرة فيها أمرٌ: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة:196] يعني: فافعلوا، والنبي ﷺ بفعله فسَّر الآية.
س: إذا فاتته الأيام البيض، عادته أن يصوم الأيام البيض وفاتته في شعبان؟
ج: يصوم ثلاثة أيامٍ من كل شهرٍ: في أوله، أو في آخره، أو في وسطه، الأمر واسعٌ.
س: تخريج حديث النهي عن الصيام؟
ج: حديث أبي هريرة رواه الخمسة: أحمد وأهل السنن بإسنادٍ صحيحٍ.
س: حديث النزول: أن الله ينزل في ليلة النصف من شعبان فيغفر .....؟
ج: ضعيفٌ، ضعيفٌ.