باب الحلق والتقصير عند الإحلال
1726- حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب ابن أبي حمزة، قال نافع: كان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: حلق رسول الله ﷺ في حجته.
الشيخ: والحلق أفضل لأمرين:
الأمر الأول: لأنه حَلَقَ، وفعله أفضل من غيره.
والثاني: أنه دعا للمُحلِّقين ثلاثًا، وللمُقَصِّرين واحدةً، فدل على أن الحلق أفضل، لكن إذا كانت العمرة قريبةً من الحج فالأفضل التقصير كما أمر الصحابةَ أن يُقَصِّروا؛ حتى يكون الحلقُ في حجِّهم، نعم.
1727- حدثنا عبدالله بن يوسف: أخبرنا مالك، عن نافع، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله ﷺ قال: اللهم ارحم المحلِّقين، قالوا: والمقَصِّرين يا رسول الله. قال: اللهم ارحم المحلِّقين، قالوا: والمقصِّرين يا رسول الله. قال: والمقصِّرين.
وقال الليث: حدثني نافع: رحم الله المحلِّقين مرةً أو مرتين. قال: وقال عبيدالله: حدثني نافع: وقال في الرابعة: والمقصِّرين.
1728- حدثنا عياش بن الوليد: حدثنا محمد بن فضيل: حدثنا عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: اللهم اغفر للمُحلِّقين، قالوا: وللمُقَصِّرين. قال: اللهم اغفر للمُحلِّقين، قالوا: وللمُقَصِّرين. قالها ثلاثًا، قال: وللمُقَصِّرين.
1729- حدثنا عبدالله بن محمد بن أسماء: حدثنا جويرية بن أسماء، عن نافع: أن عبدالله بن عمر قال: حلق النبي ﷺ وطائفةٌ من أصحابه، وقصَّر بعضهم.
1730- حدثنا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن الحسن بن مسلم، عن طاوس، عن ابن عباسٍ، عن معاوية قال: قصَّرْتُ عن رسول الله ﷺ بمِشْقَصٍ.
الشيخ: وكان هذا في عُمرة الجعرانة حين اعتمر بعدما فرغ من قسم غنائم حنين، كان معاوية قد أسلم ذاك الوقت، وقيل: إنه أسلم في الهدنة بعد صلح الحديبية ، نعم.
باب تقصير المتمتع بعد العمرة
1731- حدثنا محمد ابن أبي بكر: حدثنا فضيل بن سليمان: حدثنا موسى بن عقبة: أخبرني كريب، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: لما قدم النبي ﷺ مكة أمر أصحابه أن يطوفوا بالبيت وبالصفا والمروة، ثم يُحلوا ويحلقوا أو يُقَصِّروا.
الشيخ: نعم؛ لأنهم ما ساقوا الهدي، بخلاف مَن ساق الهدي فإنه يبقى على إحرامه كما هو معلومٌ، نعم.
باب الزيارة يوم النحر
وقال أبو الزبير: عن عائشة وابن عباسٍ : أخَّر النبي ﷺ الزيارة إلى الليل.
الشيخ: وهذا -والله أعلم- وهمٌ من ابن الزبير، والصواب أنه ﷺ طاف في النهار طواف الإفاضة، بعدما فرغ من الحلق ذهب إلى مكة، كما ثبت هذا من حديث عائشة في "الصحيحين"، ومن حديث جابرٍ، وغيرهما: أنه ﷺ دخل مكة بعدما فرغ من نحر هديه وحلقه، دخل مكة وطاف وصلَّى بمكة الظهر.
وما رواه أبو الزبير عن عائشةَ وابن عباسٍ هذا معناه تأخير الزيارة، وهذا ليس بجيدٍ، ولعله وهمٌ من جهة أنه طاف طوافًا آخر في الليل، يمكن مثلًا أن يكون طاف في إحدى الليالي وزار البيت، هذا ممكنٌ.
أيش قال المحشي؟
أما طواف الإفاضة فقد كان في النهار، وهو طواف الزيارة.
أيش قال المحشي على: وقال أبو الزبير؟
قارئ الشرح: قوله: "وقال أبو الزبير ... إلخ" وصله أبو داود والترمذي وأحمد من طريق سفيان -وهو الثوري- عن أبي الزبير، به.
قال ابن القطان الفاسي: هذا الحديث مُخالفٌ لما رواه ابن عمر وجابر، عن النبي ﷺ: أنه طاف يوم النحر نهارًا. انتهى.
فكأن البخاري عقب هذا بطريق أبي حسان ليجمع بين الأحاديث بذلك، فيحمل حديث جابرٍ وابن عمر على اليوم الأول، وحديث ابن عباسٍ هذا على بقية الأيام.
الشيخ: يعني: زيارة غير طواف الإفاضة، ممكنٌ هذا، لكن طواف الزيارة إذا أُطلق فهو طواف الإفاضة، نعم، لكن محتملٌ ..... إن صحَّ ما قاله أبو الزبير يحتمل أن يكون طوافًا، يعني: زار به البيت.
س: .............؟
ج: محتملٌ إن لم يكن وهمًا، والأمر واسعٌ، إن دخل وطاف لا بأس، نعم.
ويُذكر عن أبي حسان، عن ابن عباسٍ: أن النبي ﷺ كان يزور البيت أيام منى.
1732- وقال لنا أبو نعيم: حدثنا سفيان، عن عبيدالله، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه طاف طوافًا واحدًا، ثم يقيل، ثم يأتي منى، يعني: يوم النحر.
ورفعه عبدالرزاق: أخبرنا عبيدالله.
1733- حدثنا يحيى بن بُكير: حدثنا الليث، عن جعفر بن ربيعة، عن الأعرج قال: حدثني أبو سلمة ابن عبدالرحمن: أن عائشة رضي الله عنها قالت: حججنا مع النبي ﷺ، فأفضنا يوم النحر، فحاضت صفيةُ، فأراد النبي ﷺ منها ما يُريد الرجل من أهله، فقلت: يا رسول الله، إنها حائض. قال: حابستنا هي! قالوا: يا رسول الله، أفاضت يوم النحر. قال: اخرجوا.
ويُذكر عن القاسم، وعروة، والأسود، عن عائشة رضي الله عنها: أفاضت صفيةُ يوم النحر.
الشيخ: فلما علم ﷺ أنها قد أفاضت قال: انفروا، فإن الوداع لا يجب على الحائض والنفساء إذا كنَّ قد أفضن يوم النحر أو بعده طواف الإفاضة، فلا وداعَ عليهن، ينفرن إذا كن في الحيض أو النفاس، نعم.
س: يا شيخ أحسن الله إليك، ما ثبت عن الرسول ﷺ أنه كان يزور مكة أيام منى؟
ج: ما في إلا هذا الأثر؛ أثر أبي الزبير .....، وذكر الباقي أنه يزور بصيغة التَّمريض، قال: ويُذكر ..... عند المؤلف رحمه الله.
هل تكلم عليه المحشي عندك، على: "ويُذكر"؟
قارئ الشرح: قوله: "ويُذكر عن أبي حسان، عن ابن عباسٍ: أن النبي ﷺ كان يزور البيت أيام منى". وصله الطبراني من طريق قتادة عنه.
وقال ابنُ المديني في "العلل": روى قتادة حديثًا غريبًا لا نحفظه عن أحدٍ من أصحاب قتادة إلا من حديث هشام، فنسخته من كتاب ابنه معاذ بن هشام، ولم أسمعه منه، عن أبيه، عن قتادة: حدثني أبو حسان، عن ابن عباسٍ: أن النبي ﷺ كان يزور البيت كل ليلةٍ ما أقام بمنى.
وقال الأثرم: قلت لأحمد: تحفظ عن قتادة؟ فذكر هذا الحديث، فقال: كتبوه من كتاب معاذ. قلت: فإن هنا إنسانًا يزعم أنه سمعه من معاذ. فأنكر ذلك.
وأشار الأثرم بذلك إلى إبراهيم بن محمد بن عرعرة، فإن من طريقه أخرجه الطبراني بهذا الإسناد.
وأبو حسان اسمه: مسلم بن عبدالله، قد أخرج له مسلمٌ حديثًا غير هذا عن ابن عباسٍ، وليس هو من شرط البخاري.
ولرواية أبي حسان هذه شاهدٌ مُرسلٌ أخرجه ابن أبي شيبة، عن ابن عيينة: حدثنا ابن طاوس، عن أبيه: أن النبي ﷺ كان يفيض كل ليلةٍ.
الشيخ: فقط؟
القارئ: نعم.
الشيخ: فيه نظرٌ، في صحته نظرٌ، هذا الأخير مُرسلٌ، نعم.
باب إذا رمى بعدما أمسى، أو حلق قبل أن يذبح ناسيًا أو جاهلًا
1734- حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا وهيب: حدثنا ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أن النبي ﷺ قيل له في الذبح، والحلق، والرمي، والتقديم، والتأخير، فقال: لا حرج.
1735- حدثنا علي بن عبدالله: حدثنا يزيد بن زريع: حدثنا خالد، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: كان النبي ﷺ يُسأل يوم النحر بمنى فيقول: لا حرج، فسأله رجلٌ فقال: حلقتُ قبل أن أذبح؟ قال: اذبح ولا حرج، وقال: رميتُ بعدما أمسيتُ؟ فقال: لا حرج.
الشيخ: وهذا كله يُبين أنه حتى لو كان عمدًا، ما هو شرط النسيان أو الجهل، حتى ولو عمدًا، إذا قدَّم بعضها على بعضٍ فلا حرج؛ لأن الرسول ﷺ لم يشترط أن يكون ناسيًا، فدل ذلك على أنه لا حرج، فلو أخَّر الرمي حتى يُمسي يوم العيد، ما رمى إلا بعد الظهر، أو بعد العصر، فلا حرج، ولو قدَّم الذبح على الرمي، أو الحلق على الذبح، أو الطواف على الذبح، أو الطواف على الرمي، فلا حرج؛ لقوله ﷺ لمن قدَّم وأخَّر يوم العيد: لا حرج، لا حرج، لكن الأفضل ما فعله النبي ﷺ: رمى، ثم نحر، ثم حلق، ثم طاف، هذا هو الأفضل على هذا الترتيب: الرمي أولًا، ثم النحر إن كان عنده هديٌ، ثم الحلق أو التقصير، والحلق أفضل، ثم ينتقل إلى البيت للطواف والسعي .....، هذا هو الأفضل، لكن مَن قدَّم بعضها على بعضٍ فلا حرج؛ لأن أيام الحج أيامٌ يكثر فيها الغلط والنسيان والاشتباه، فيحج مَن لم يحج، فالناس الذين حجّهم هو الحج الأول تخفى عليهم أمورٌ، فمن رحمة الله أن جعل هذا أمرًا واسعًا، فمَن قدَّم بعضها على بعضٍ فلا حرج، والحمد لله.
س: لو قدَّم السعي .....؟
ج: الصواب أنه ولو في العمرة؛ لأنه سُئل ﷺ، قال رجلٌ: يا رسول الله، سعيتُ قبل أن أطوف؟ قال: لا حرج، ولم يسأل: هذه عمرةٌ أو حجٌّ؟ قال: لا حرج، نعم؛ ولأنه يقع من الجهلة كثيرًا: يسعون قبل أن يطوفوا.
س: الفصل بين أشواط السعي إذا تعب، ينام بين أشواط السعي؟
ج: السنة الموالاة، والفصل اليسير لا حرج فيه، إن شاء الله.
س: إذا نام؟
ج: ما يضرّ؛ لأن السعي ما تُشترط له الطهارة، المقصود إذا سعى ووالى بين الأشواط، ولو أنه ..... بين شوطين أو استراح، فالصواب أنه لا يضرّ؛ لأنها تطول؛ لأن الأشواط طويلةٌ، وفيها بعض التعب.
وقال بعضهم: لا بد من التوالي، وأنه إذا فرَّق بينها وطال الفصل يُعيدها من أولها، فإذا أعادها احتياطًا إن كان الفصل طال، فهذا من باب الاحتياط، وإلا فهو يجزي -إن شاء الله-، بخلاف الطواف، فالطواف لا بد فيه من التوالي، إلا الفصل اليسير يُعفا عنه، مثل: لو أُقيمت الصلاةُ فصلَّى مع الناس، ثم تمم طوافه، أو حضرت جنازةٌ فصلى عليها، وتمم طوافه، لا بأس، أما السعي فهو أوسع.
س: لو انتقض وضوؤه أثناء الطواف؟
ج: يُعيده، إذا انتقض وضوؤه يُعيد الطواف؛ لأن الطواف من شرطه الطهارة، كالصلاة، إذا انتقض يُعيده من أوله، ما يبني، مثل: الصلاة، فالصواب فيها أنه لا يبني، بل يُعيد من أول الصلاة، يُعيد الصلاة من أولها، ويُعيد الطواف من أوله.
س: ...............؟
ج: ما يضرّ، ما يمنع؛ لأنه عذرٌ شرعيٌّ.
س: لكن مَن قال أنه يذهب ويتوضأ ويرجع ويُكمل؟
ج: قولٌ ضعيفٌ مثلما قيل في الصلاة، قولٌ ضعيفٌ، الصواب أنها تبطل؛ لأنه اختلَّ شرطها.