باب الشراء والبيع مع المشركين وأهل الحرب

باب الشراء والبيع مع المشركين وأهل الحرب

2216- حدثنا أبو النعمان: حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أبي عثمان، عن عبدالرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما قال: كنا مع النبي ﷺ، ثم جاء رجلٌ مُشركٌ مُشْعَانٌّ طويلٌ بغنمٍ يسوقها، فقال النبي ﷺ: بيعًا أم عطيةً؟ أو قال: أم هِبَةً؟ قال: لا، بل بيعٌ. فاشترى منه شاةً.

باب شراء المملوك من الحربي وهبته وعتقه

وقال النبي ﷺ لسلمان: كاتب، وكان حرًّا، فظلموه وباعوه، وسُبي عمار، وصهيب، وبلال.

وقال الله تعالى: وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَهُمْ فِيهِ سَوَاءٌ أَفَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ [النحل:71].

2217- حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب: حدثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال النبي ﷺ: هاجر إبراهيمُ بسارة، فدخل بها قريةً فيها ملكٌ من الملوك، أو جبارٌ من الجبابرة، فقيل: دخل إبراهيمُ بامرأةٍ هي من أحسن النساء. فأرسل إليه: أن يا إبراهيم مَن هذه التي معك؟ قال: أختي. ثم رجع إليها فقال: لا تكذبي حديثي، فإني أخبرتهم أنك أُختي، والله إن على الأرض مُؤمنٌ غيري وغيركِ. فأرسل بها إليه، فقام إليها، فقامت توضأ وتُصلي، فقالت: اللهم إن كنتُ آمنتُ بك وبرسولك، وأحصنتُ فرجي إلا على زوجي، فلا تُسلط عليَّ الكافر. فغُطَّ حتى ركض برجله.

قال الأعرج: قال أبو سلمة بن عبدالرحمن: إن أبا هريرة قال: قالت: اللهم إن يَمُتْ يُقال: هي قتلته. فأُرسل، ثم قام إليها، فقامت توضأ تُصلي، وتقول: اللهم إن كنتُ آمنتُ بك وبرسولك، وأحصنتُ فرجي إلا على زوجي، فلا تُسلط عليَّ هذا الكافر. فغُطَّ حتى ركض برجله.

قال عبدالرحمن: قال أبو سلمة: قال أبو هريرة: فقالت: اللهم إن يَمُتْ فيُقال: هي قتلته. فأُرسل في الثانية، أو في الثالثة، فقال: والله ما أرسلتم إليَّ إلا شيطانًا، أرجعوها إلى إبراهيم، وأعطوها هاجر، فرجعت إلى إبراهيم ، فقالت: أشعرتَ أن الله كَبَتَ الكافر وأَخْدَم وَليدةً؟.

الشيخ: هذه الأخبار وما جاء في معناها كلها تدل على أنه لا مانع من معاملة المشركين فيما ينفع المسلمين، وفيما أباح الله ، وقد فعل النبي ذلك عليه الصلاة والسلام، فقد اشترى من المشركين كما في حديث عبدالرحمن بن أبي بكر: اشترى الشاة من المشرك، وقد اشترى من اليهود الطعام، ومات ودرعه مرهونةٌ في طعامٍ لأهله عند بعض اليهود.

ولا بأس أيضًا بشراء الرقيق، واستخدام الرقيق، كما في قصة هاجر، فقد استقرت بيد سارة وإبراهيم، وهي من هبة المشركين، ثم تسرَّاها إبراهيم وأولدها إسماعيل.

فالمعاملة مع غير المسلمين في الشراء والبيع والهبة وغير ذلك جائزةٌ بشروطها الشرعية، سواء كان ذلك في الرِّقاب، أو في الأموال الأخرى، سواء بالنقد؛ كما في قصة الشاة التي اشتراها النبي ﷺ من المشرك، أو بالدَّين، ولا يتضمن هذا مودةً ولا محبةً في المعاملات، لا تتضمن المودة والمحبة، فالمحبة والمودة شيءٌ، والبيع والشراء شيءٌ آخر، نعم.

س: إذا كان هناك تاجرٌ مسلمٌ، وتاجرٌ رافضيٌّ، ما يدخل هذا في الولاء والبراء؟

ج: لا، البيع والشراء ما هو من باب الولاء والبراء، قد تكون السلعة عند الرافضي، أو عند اليهودي، أو عند الوثني، قد تكون عنده سلعةٌ أحسن من التي عند المسلم، أو أرخص، فيشتريها، نعم.

س: هل صلاتهم غير صلاتنا، أم أن الكافر سمح لها أن تتوضأ وتُصلي؟

ج: المقصود أن الله جلَّ وعلا أرغم أنفه وأذلَّه وحماها، ففيه دلائل على أن الله يحمي أولياءه من أعدائه بأي شيءٍ : أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولَا هُمْ يَحْزَنُونَ ۝ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:62- 63]، فهذا من حماية الله لوليةٍ من أوليائه، وهي سارة، حماها الله من هذا الكافر فضلًا منه سبحانه، وأظهر آياته في ذلك التي يحمي بها هذه المرأة المؤمنة، فكلما همَّ بشيءٍ أصابه ما أصابه، حتى يُخشى عليه من الموت، حتى كفاها الله شرَّه.

فهذا من كرامات الله لأوليائه، وحمايته لأوليائه، ونصره لهم، وهذا شيءٌ كثيرٌ في أهل الإيمان، من كرامات الله لأهل الإيمان، وحفظه لهم، وكلاءته لهم، وقد يبتليهم إذا شاء؛ فيُقتل مَن يُقتل منهم، كما جرى للأنبياء وللصحابة في أحدٍ وغيرها، فهو له الحكمة البالغة في نصر أوليائه، وفي حمايتهم، وإظهار الكرامات على أيديهم، وفي ابتلائهم بالقتل وغيره، نعم.

س: الآن الشراء من الكفار يرفع من اقتصادهم، فهل نشتري منهم؟

ج: يقول النبي ﷺ: إياكم والغلوَّ في الدين، فإنما أهلك مَن كان قبلكم الغلوُّ في الدين، ومنع الشراء منهم من الغلو الذي لا وجهَ له، وهو مُخالفٌ للأدلة الشرعية.

س: السلام عليهم، والسؤال عن حالهم؟

ج: السلام عليهم لا تبدأهم، وإذا رددتَ عليهم فليس من الولاية في شيءٍ، وسؤال الحال لا بأس به إذا رأى المصلحة في ذلك: كيف حالك؟ كيف أولادك؟ كيف حال فلان؟ فليس هذا بسلامٍ، فإذا دعت الحاجةُ إلى ذلك لا بأس.

س: اضطرارهم إلى أضيق الطرق؟

ج: إذا تيسر ذلك فهو السنة، مثلما قال ﷺ في الحديث الصحيح: لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام، وإذا لقيتم أحدهم في طريقٍ فاضطروه إلى أضيقه رواه مسلمٌ، إذا تيسر هذا، نعم.

2218- حدثنا قتيبة: حدثنا الليث، عن ابن شهابٍ، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها: أنها قالت: اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة في غلامٍ، فقال سعد: هذا يا رسول الله ابن أخي عتبة بن أبي وقاص، عهد إليَّ أنه ابنه، انظر إلى شبهه. وقال عبد بن زمعة: هذا أخي يا رسول الله، وُلِدَ على فراش أبي من وليدته. فنظر رسول الله ﷺ إلى شبهه، فرأى شبهًا بيِّنًا بعتبة، فقال: هو لك يا عبد بن زمعة، الولد للفراش، وللعاهر الحجر، واحتجبي منه يا سودة بنت زمعة، فلم تره سودةُ قط.

2219- حدثنا محمد بن بشار: حدثنا غندر: حدثنا شعبة، عن سعدٍ، عن أبيه: قال عبدالرحمن بن عوف لصهيبٍ: اتَّقِ الله ولا تدع إلى غير أبيك. فقال صهيب: ما يسرني أن لي كذا وكذا وأني قلتُ ذلك، ولكني سُرقتُ وأنا صبيٌّ.

2220- حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزهري قال: أخبرني عروة بن الزبير: أن حكيم بن حزام أخبره: أنه قال: يا رسول الله، أرأيت أمورًا كنت أتحنَّث -أو أتحنَّت- بها في الجاهلية من صلةٍ وعتاقةٍ وصدقةٍ، هل لي فيها أجرٌ؟ قال حكيمٌ : قال رسول الله ﷺ: أسلمتَ على ما سلف لك من خيرٍ.

الشيخ: وهذا كله يدل على أن الواجب في جميع ما يقع بين الناس بعد الإسلام أن يُحمل على الإسلام، وأن تجري الأمور على الوجه الشرعي، فما كان من أعمالٍ طيبةٍ فصاحبها على خيرٍ عظيمٍ، وأسلم على ما أسلف من خيرٍ، وما كان من شرٍّ فحكم الإسلام فيه التوبة، تجُبُّه، التوبة تجُبُّ ما قبلها؛ ولهذا قال لحكيمٍ: أسلمتَ على ما أسلفتَ من خيرٍ، وحكم لعبد بن زمعة بالولد، قال: هو لك يا عبد بن زمعة، الولد للفراش، وللعاهر الحجر، ولم يُلحقه بعتبة من أجل الشَّبه، حكم بحكم الإسلام في الولد، وأنه للفراش، ولو كان فيه شَبَهٌ بيِّنٌ بالزاني، فالحكم للفراش، ولا يُلتفت إلى شبه الزاني.

فإذا زنى بالمرأة وهي ذات زوجٍ فالولد لزوجها، ولا يُلتفت إلى الزاني ولا شبهه، إلا أن يُلاعن، فإن لاعن الرجلُ على أن هذا ليس منه فاللِّعان يخصُّه الحديث، وهكذا في مسألة صهيب، وسلمان، وغيرهما، إذا استرقّ الإنسان في الجاهلية ..... المشركين وباعوه، فإنه يُشترى ويخلص منهم، يُشترى والحمد لله.

س: "فلم تره سودةُ قط" فيه دليلٌ على أن الحجاب يشمل الوجه؟

ج: هذا حكمٌ خاصٌّ من جهة سودة، وإلا فهو صار ولدًا لعبد بن زمعة، حكمه حكم أولاده، لكن هذا شيءٌ خاصٌّ، أمرٌ بين النبي ﷺ وسودة أم المؤمنين رضي الله عنها، من أجل الشُّبهة، ويعمّ الوجه وغيره، داخلٌ فيه الوجه وغيره.

س: مناسبة القصة للترجمة: شراء المملوك .....؟

ج: لأنه من تصرف المشركين، يدخل في تصرفات المشركين، أقول: من جهة تصرف المشركين: بيعهم، وشرائهم، وهكذا سرقتهم واستيلائهم على أموال الناس بغير حقٍّ في أمورٍ جاهليةٍ تمضي على ما كانت عليه من أمور الجاهلية، ويصير الشراء صحيحًا، والعتق صحيحًا.

س: قصة حكيم .....؟

ج: ظاهرةٌ، يقول: أسلمتَ على ما أسلفتَ من خيرٍ، فما كان في الجاهلية من خيرٍ لا يُبطله الإسلام، بل يُثبته، وإنما يُبطل ما كان فيها من شرٍّ، فالإسلام يثبت الخير، ويُبطل الشر، الإسلام يجُبّ ما قبله من الشر، ويُثبت الخير، فإذا كان للكافر مثلًا عتقٌ في الكفر، أو له صدقات، أو له حجٌّ أو عمرةٌ، أو عتاقةٌ، أو ما أشبه ذلك؛ فقد أسلم على ما أسلف من خيرٍ، يكون له ثوابها، نعم.

س: على هذا مَن ارتد وقد كان حجَّ لا يلزمه إعادة الحج؟

ج: لا، إذا ارتدَّ ثم رجع إلى الإسلام فحجُّه صحيحٌ، أسلم على ما أسلف من خيرٍ، حجُّه صحيحٌ، وصلواته السابقة لم تحبط؛ لأن الله اشترط في ذلك الموت على الكفر: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ [آل عمران:91]، فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ [البقرة:217] شرطٌ، وإذا مات وهو مسلمٌ بقيت له أعماله، نعم.

باب جلود الميتة قبل أن تُدْبَغ

2221- حدثنا زهير بن حرب: حدثنا يعقوب بن إبراهيم: حدثنا أبي، عن صالحٍ قال: حدثني ابن شهابٍ: أن عبيدالله بن عبدالله أخبره: أن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أخبره: أن رسول الله ﷺ مرَّ بشاةٍ ميتةٍ، فقال: هلا استمتعتم بإهابها؟ قالوا: إنها ميتةٌ. قال: إنما حرم أكلها.

الشيخ: ..... واضحٌ في جواز الاستمتاع بجلود الميتة إذا دُبغت، وأن الله حرَّم أكلها، ولم يُحرم الانتفاع بشعرها وجلدها ونحو ذلك، فدباغ جلود الميتة طهورها، نعم.

س: له أن يبيعها قبل أن يدبغها؟

ج: لا، ..... يملكها، تطهر بالدبغ، تكون ملكًا له.

س: ما الذي يمنع بيعها قبل الدبغ؟

ج: لأنها ما بعد صارت ملكًا له، ما طهرت له، الميتة ما تُباع، فإذا دُبغت خرجت عن حكم الميتة بالطهارة.

باب قتل الخنزير

وقال جابر: حرَّم النبي ﷺ بيع الخنزير.

2222- حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا الليث، عن ابن شهابٍ، عن ابن المسيب: أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله ﷺ: والذي نفسي بيده، ليُوشكنَّ أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا مُقسطًا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحدٌ.

الشيخ: "يُوشكنَّ" هذه صيغة تقريبٍ، "يوشكنَّ" يقرب، بالنسبة إلى الساعة قريبةٌ إلى نبينا محمدٍ؛ لأنه نبي الساعة، فالمدة التي بين الساعة وبين نبينا ﷺ قريبةٌ وقليلةٌ بالنسبة إلى ما مضى من الدنيا؛ ولهذا قال: ليُوشكنَّ ليقربَنَّ، وأوشك من أفعال المقاربة.

المقصود أن الخنزير من المحرَّمات الخبيثة، ولا بأس بقتله؛ ولهذا عند نزول عيسى يقتله؛ يقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويكسر الصليب، ولا يقبل إلا الإسلام، وتكون الدعوة في زمانه لله وحده، ويُهلك الله في زمانه الأديان كلها، فلا يبقى إلا الإسلام، لا يقبل الجزية: لا من اليهود، ولا من النصارى، ولا من غيرهم، بل إما الإسلام، وإما السيف.

فهل يُستفاد من هذا أن قتل الخنزير مُباحٌ اليوم كما أُبيح لعيسى في وقته، أو يُقال: لا، إن هذا خاصٌّ بعيسى، كما أنه يضع الجزية، ولا يقبل الجزية، وهي مقبولةٌ الآن من اليهود والنصارى والمجوس.

أيش قال الشارح على الترجمة؟

قارئ الشرح: قوله: "باب قتل الخنزير" أي: هل يُشرع كما شُرع تحريم أكله؟

ووجه دخوله في أبواب البيع: الإشارة إلى أن ما أُمر بقتله لا يجوز بيعه.

قال ابن التين: شذَّ بعض الشافعية فقال: لا يُقتل الخنزير إذا لم يكن فيه ضراوةٌ.

قال: والجمهور على جواز قتله مطلقًا.

والخنزير بوزن غربيب، ونونه أصليةٌ، وقيل: زائدةٌ. وهو مختار الجوهري.

الشيخ: العيني موجودٌ؟

الطالب: غير موجودٍ، لم يأتِ.

الشيخ: محتملةٌ؛ لأن الخنزير مع شيئين: مع الجزية، ومع كسر الصليب، فالصليب يُكسر قبل عيسى، وبعد عيسى؛ لأنه منكرٌ، ووضع الجزية في وقت عيسى فقط، أما اليوم لا.

فهل قتل الخنزير يُلحق بكسر الصليب، ويُقال: لأنه مما يُعظِّمه النصارى ويأكلونه فيُقتل الآن مطلقًا، أو يُقال: لا يُقتل، كما لا يُقتل الكلب إلا إذا تعدَّى؟ فالكلب لا يُقتل إلا إذا تعدَّى، فهكذا الخنزير لا يُقتل، وإنما هذا خاصٌّ بوقت نزول عيسى، فيُقتل في وقت نزول عيسى فقط، أما قبل ذلك فلا، كبقية الكلاب، فهو نجسٌ ومُحرَّمٌ، والكلب نجسٌ ومُحرَّمٌ أيضًا، وليس من السباع العادية.

فالأقرب عندي -والله أعلم- أنه من جنس الكلب: إن تعدَّى قُتل، وإلا فلا؛ لأن الرسول ﷺ أخبر عن قتله عند نزول عيسى فقط، يقتله عيسى، كما يضع الجزية، والجزية لا تُوضع الآن، فإلحاقه بالممنوع أقرب من إلحاقه بالمباح الذي هو كسر الصليب إلا بدليلٍ خاصٍّ.

أما تحريم بيعه فهذا مُحرَّمٌ: بيع الخمر، وبيع الميتة ..... معروفٌ، لا يُباع الخنزير، كما لا يُباع الكلب، فالرسول ﷺ نهى عن ثمن الكلب، فكذلك الخنزير من باب أولى لا يُباع، نعم.

وقد يكون صاحب "حياة الحيوان" بسط الكلام في هذا، أقول: قد يكون صاحب "حياة الحيوان" نقل كلام العلماء في ذلك وبسطه.

س: رفع الجزية: إسقاطها، ولا يقبل إلا الإسلام، أو القتل؟

ج: هذا معناه: وضع الجزية، يعني: لا يقبلها، إما الإسلام، وإما السيف، أما اليوم فتُقبل من اليهود والنصارى والمجوس، نعم.

وهذا شرعٌ مُؤقَّتٌ، هذا من شريعة محمدٍ ﷺ، لكنه مُؤقَّتٌ بنزول عيسى، وليس عيسى مُشَرِّعًا، إنما هو مُؤقَّتٌ، فشريعة محمدٍ ﷺ مُؤقتةٌ في وضع الجزية وقتل الخنزير في ذاك الوقت، إذا نزل عيسى صار وضع الجزية حينئذٍ جائزًا، وقتل الخنزير كذلك، وألا يُقَرُّ أحدٌ على الكفر أبدًا، إما الإسلام، وإما السيف، وعيسى يحكم بشريعة محمدٍ ﷺ وقت نزوله؛ ولهذا قال: وإمامكم منكم، نعم.

س: الخنزير ما يُلحق بالصليب؟

ج: ما هو بظاهرٍ، لا؛ لأن الخنزير حيوانٌ مثل الحيوانات الأخرى: الكلاب، والحمير، والسِّباع، وغيرها، وكون النصارى يأكلونه ما يقتضي قتله، نعم.

س: كلب الصيد وكلب الغنم هل يُباع؟

ج: الكلب ما يُباع، قال النبي ﷺ: ثمن الكلب خبيثٌ، ولم يقل: إلا الصيد، أما رواية النسائي وفيها: إلا كلب الصيد فهي ضعيفةٌ، إلا كلب الصيد ضعيفةٌ، فالكلاب لا تُباع، وثمنها خبيثٌ مطلقًا.

س: والصقر؟

ج: الصقر لا بأس به، الصقر يُباع لمنفعته؛ ليُصاد به الصيد، ولم يرد فيه نهيٌ.

س: مَن يتحايل على بيع الكلب؛ يُعطي سلمًا ويأخذ .....؟

ج: يقول النبي ﷺ: لا ترتكبوا ما ارتكبت يهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحِيَل.

س: ..............؟

ج: ظاهر الحديث العموم، ظاهر الحديث المنع، نعم.

س: مَن قال: يبيعه منفعة كلب الصيد، أو كلب .....؟

ج: هذا من الحِيَل، نعم.

باب: لا يُذاب شحم الميتة، ولا يُباع ودكه

رواه جابرٌ ، عن النبي ﷺ.

2223- حدثنا الحميدي: حدثنا سفيان: حدثنا عمرو بن دينار، قال: أخبرني طاوس: أنه سمع ابن عباسٍ رضي الله عنهما يقول: بلغ عمر بن الخطاب أن فلانًا باع خمرًا، فقال: قاتل الله فلانًا، ألم يعلم أن رسول الله ﷺ قال: قاتل الله اليهود؛ حُرمت عليهم الشحوم، فجملوها، فباعوها؟!

2224- حدثنا عبدان: أخبرنا عبدالله: أخبرنا يونس، عن ابن شهابٍ: سمعت سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة : أن رسول الله ﷺ قال: قاتل الله يهود؛ حُرِّمت عليهم الشحوم، فباعوها وأكلوا أثمانها.

الشيخ: وهذا فيه تحريم الحِيَل التي يتحيل بها على استحلال الحرام؛ لأن الله جلَّ وعلا حرَّم بيع الخمر، والميتة، والخنزير، والأصنام، فقال بعض الناس: إنه يُطلى بها السفن، ويُدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ فقال النبي ﷺ: هو حرامٌ يعني: ولو كانت في هذا، يحرم بيع الشحوم، بيع الميتة مطلقًا.

ثم قال: قاتل الله اليهود؛ لما حرَّم الله عليهم الشحوم جملوها يعني: أذابوها بالنار، ثم باعوها، وقالوا: ما بعنا شَحْمًا، وإنما بعنا دهنًا.

فهكذا مَن يتحيل في بيع الخمر ويُخللها ويبيعها، أو ببيع الخنزير، أو الميتة، أو غير ذلك، نعم، بأي طريقةٍ.

قال أبو عبدالله: قَاتَلَهُمُ اللَّهُ [التوبة:30]: لعنهم، قُتِلَ [الذاريات:10]: لُعِنَ، الْخَرَّاصُونَ [الذاريات:10]: الكذَّابون.

الشيخ: معنى: قاتل الله اليهود لعن الله اليهود، قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ: الكذَّابون، لُعِنَ الخرَّاصون أي: الكذَّابون، قاتل الله اليهود والنصارى، يعني: لعنهم الله؛ ولهذا في الحديث الصحيح: لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، وفي اللفظ الآخر: قاتل الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، نعم.

س: الانتفاع بشحوم الميتة بدون بيعٍ .....؟

ج: هناك خلافٌ بين العلماء؛ منهم مَن أجازه، وقالوا: إنه لا يُؤكل، إنه ليس بأكلٍ، كما يُطلى بها السفن، ويُدهن بها الجلود.

والآخرون حرَّموا ذلك؛ لأنه وسيلةٌ للبيع؛ لأن الانتفاع بها وسيلةٌ إلى بيعها، وذريعةٌ إلى بيعها، فالواجب إطلاقها، والنبي ﷺ لما سُئل: إنها يُطلى بها السفن، ويُدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟ قال: هو حرامٌ، فظاهر إطلاقه أنه كله حرامٌ، وحمل ذلك بعض الناس على أنه حرامٌ، يعني: البيع، لا هذه الأشياء، لكن إطلاقه ﷺ ..... حرامٌ يقتضي تحريم هذا وهذا: بيعها، والانتفاع الذي يجرّ إلى بيعها، نعم، والحديث في "الصحيحين" عن جابرٍ، نعم.