باب القطائع
2376- حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد قال: سمعت أنسًا قال: أراد النبي ﷺ أن يقطع من البحرين، فقالت الأنصار: حتى تقطع لإخواننا من المهاجرين مثل الذي تقطع لنا. قال: سترون بعدي أَثَرَةً، فاصبروا حتى تلقوني.
باب كتابة القطائع
2377- وقال الليث: عن يحيى بن سعيد، عن أنسٍ : دعا النبي ﷺ الأنصار ليقطع لهم بالبحرين، فقالوا: يا رسول الله، إن فعلتَ فاكتب لإخواننا من قريش بمثلها. فلم يكن ذلك عند النبي ﷺ، فقال: إنكم سترون بعدي أَثَرَةً، فاصبروا حتى تلقوني.
الشيخ: هذا الحديث العظيم، وهو أنه ﷺ همَّ أن يُقطع الأنصار من أرض البحرين لما فُتحت، فقال الأنصار: يا رسول الله، حتى تُقطع إخواننا من المهاجرين. فقال ﷺ: إنكم ستلقون بعدي أثرةً، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض، هذا يدل على فضل الأنصار ، وحرصهم على إيثار إخوانهم المهاجرين، والإحسان إلى المهاجرين؛ لمعرفتهم فضلهم، وأنهم تركوا بلادهم وأموالهم، وبعضهم ترك أهله رغبةً فيما عند الله، فطلبوا من النبي ﷺ أن يُقطع للمُهاجرين معهم، وهذا مما يدل على الرغبة العظيمة بالمواساة والإحسان، وعدم رغبتهم أن يُؤْثَروا بشيءٍ على إخوانهم، فلما رأى إيثارهم إخوانهم وحرصهم قال: سترون بعدي أَثَرَةً يعني: مع حرصكم على الخير، وحرصكم على إيثار إخوانكم المهاجرين ستُبتلون أنتم ويُؤْثَر عليكم غيركم: فاصبروا حتى تلقوني على الحوض، ستجدون ممن بعدي مَن يُؤْثِر عليكم غيركم.
والمقصود من هذا أن الأمور تتغير، وأن هناك مَن لا يُراعي حقَّهم كما راعهم النبي عليه الصلاة والسلام، وهكذا مَن بعدهم، فكل إنسانٍ يُبتلى ولا يُنصف فليعرف أن له سلفًا، وأن عليه الصبر إذا أُوثِرَ عليه مَن يرى أنه هو أولى منه، فهذه الدار دار الابتلاء والامتحان، ودار المناقضات، ودار التغيرات والجور والظلم، كما أنها أيضًا دارٌ للحسنات والأعمال الصالحات.
فمَن رُزِقَ العمل الصالح وأُنصف وأُعطي حقَّه فليحمد الله، ومَن ابتُلي بمرضٍ أو ظلمٍ أو غير هذا مما يكره فليصبر، فقد سبقه مَن هو خيرٌ منه فصبر، وسبق الجميع الرسل، وهم أفضل الجميع، وصبروا، وهم الأُسوة، كما قال الله لنبيه ﷺ: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الأحقاف:35]، لك بهم أسوةٌ، وهكذا الصالحون لهم أسوةٌ فيمَن قبلهم في كل ما قد يُؤثَر عليهم أو يُحزنهم، ولهم في هذا خيرٌ عظيمٌ؛ لهم في الضرَّاء إذا صبروا عليها أجرٌ، ولهم في السراء إذا شكروا عليها أجرٌ، كلاهما؛ ولهذا في الصحيح من حديث صهيبٍ : يقول النبي ﷺ: عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله له خيرٌ، وليس ذلك لأحدٍ إلا للمؤمن؛ إن إصابته ضرَّاء صبر فكان خيرًا له، وإن أصابته سرَّاء شكر فكان خيرًا له، فليكن هذا على بال المؤمن، ولا سيما طالب العلم فإنه يُقتدى به، ليكن هذا على باله: الشكر عند الرخاء، والنعمة والصبر عند البلاء والمحنة، نعم.
س: قوله: "فلم يكن ذلك عند النبي ﷺ"؟
ج: أي: ما عنده ما يكفي.
س: إذا فُتحت الأرض عنوةً أو فُتحت صلحًا هل يختلف نظر الإمام فيها؟
ج: العنوة غنيمةٌ، والصلح ينظر فيها ولي الأمر في مصالح المسلمين، أما العنوة فغنيمةٌ.
س: هذه أرضٌ: أن يُقطعهم إياها؟
ج: أراضٍ، نعم.
س: للزراعة؟
ج: هذا الظاهر، نعم، الأنصار أهل زرعٍ، نعم.
س: هل حصل هذا الإقطاع؟
ج: ما أتذكر شيئًا، هل تكلم الشارح بشيءٍ؟ تعرَّض لشيءٍ؟ نعم.
باب حلب الإبل على الماء
2378- حدثنا إبراهيم بن المنذر: حدثنا محمد بن فليح، قال: حدثني أبي، عن هلال بن علي، عن عبدالرحمن بن أبي عمرة، عن أبي هريرة ، عن النبي ﷺ قال: من حقِّ الإبل أن تُحلب على الماء.
الشيخ: حتى يحسن منها، كما في الحديث الصحيح: من حقِّها حلبها على الماء، ..... النبي ﷺ على أهل الإبل أن يُؤدُّوا حقَّها، قالوا: يا رسول الله، ما حقُّها؟ قال: إطلاق فحلها، وحلبها على الماء، وإعارة دلوها، يعني: غير الزكاة، المال فيه حقوقٌ، الزكاة معروفةٌ بشروطها، لكن من حقِّ المال أيضًا في حقِّ البادية وما عندهم من الإبل وغيرها: إطلاق فحلها؛ لأن بعض إخوانه قد يكون ما عنده فحلٌ، عنده نوقٌ، وما عنده فحلٌ، فيحتاج إلى فحل أخيه، عنده بقرٌ، وما عنده ثورٌ، عنده غنمٌ، وما عنده كبشٌ ولا تيسٌ، فيحتاج إلى فحل أخيه، فيُعيره فحله حتى يطلق إناثه.
وهكذا إعارة دلوها، فقد تجد بعض الناس ما عنده دلوٌ، وهو عنده دلوٌ، فيُعيره.
كذلك قد يكون بعض إخوانه ما عنده حليبٌ، ما عنده إلا أباعر ذكور، أو نُوق ما فيها حليبٌ، أو غنم ما فيها حليب، فإذا ورد عنده حليبٌ سقى إخوانه، هذا من مكارم الأخلاق، ومن المعروف.
وإذا كان هذا في البادية إذا وردوا فهكذا الحاضرة، إذا صار بعضهم عنده شيءٌ، والآخر ما عنده شيءٌ من الجيران والأقارب؛ يجود مَن عنده فضلٌ على مَن ليس عنده فضلٌ من الجيران، يجود مَن عندهم حليبٌ زيادةً، عندهم فواكه زيادةً، عندهم أشياء، وجيرانهم ما عندهم شيءٌ، يجودون عليهم، يُحسنون، هكذا الجيران، يقول النبي ﷺ: لا تحقرنَّ جارةٌ لجارتها ولو فِرْسِن شاةٍ (متفقٌ عليه) يعني: ولو في قليلٍ.
تقول عائشة: يا رسول الله، أي الجيران أحقُّ بهديتي؟ قال: مَن كان أقرب منكِ بابًا، ويقول: خير الجيران خيرهم لجاره، ويقول ﷺ في "الصحيحين": مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليُكرم جاره، وفي اللفظ الآخر: فلا يُؤذِ جاره، وفي اللفظ الثالث: فليُحْسِن إلى جاره، ويقول ﷺ: ما زال جبريل يُوصيني بالجار حتى ظننتُ أنه سيُورثه، وفي نص القرآن في آية الحقوق العشرة -آية النساء- يقول سبحانه: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ [النساء:36].
والجيران ثلاثةٌ:
جارٌ مسلمٌ قريبٌ، له ثلاثة حقوقٍ: حق الجوار، وحق الإسلام، وحق القرابة.
والثاني: جارٌ مسلمٌ، أو جارٌ قريبٌ فقط، له حقان: حق الجوار، وحق الإسلام، أو حق الجوار، وحق القرابة.
والجار الثالث: جارٌ ليس بمسلمٍ ولا قريبٍ، كافرٌ، وليس بقريبٍ، فله حقٌّ واحدٌ، وهو حق الجوار.
فالمؤمن يحرص على أداء حق الجوار وحق القرابة وحق الإسلام أينما كان: في البر، في البحر، في السيارة، في الطيارة، في الشدة، في الرخاء، أينما كان يُحاسب نفسه حتى يُؤدي الحقوق.
س: تصل إلى الواجب هذه الأشياء .....؟
ج: ظاهر الحديث أنها واجبةٌ؛ لأنها حقٌّ عليه.
س: قوله: "حلبها على الماء" يعني: تكون ريَّانةً؟
ج: يعني: يحلبها إذا ورد، إذا أوردها يحلبها ويسقي مَن كان محتاجًا.
س: إعارة الفحل بمقابلٍ؟
ج: ما يجوز، لا، الرسول ﷺ نهى عن ثمن عَسْب الفحل، يُعيره فحله بدون أجرٍ، نعم.
س: بعضهم إذا أعطاك الفحل يقول: أشترط عليك أن تُعشيه. فهل يُلحق هذا ببيع العَسْب؟
ج: ما ينبغي هذا، إذا عشَّاه بدون شرطٍ لا بأس، أما بشرطٍ ما يجوز، فمن مكارم الأخلاق أنه إذا جاءه يُعشيه، أو ..... بشيءٍ آخر، لكن من دون شرطٍ.
س: حلبها على الماء مطلقًا يُعطى مَن طلبه، أو هو خاصٌّ بالفقير المحتاج؟
ج: ظاهر الإطلاق أنه عامٌّ، مَن كان محتاجًا له، يعني: الذين ما معهم حليبٌ، ولو لم يكونوا فُقراء.
س: الحق ..... أو للمساكين؟
ج: هذا حقٌّ فيها، حقٌّ في الإبل للمسلمين الذين معك، يردون معك، حقٌّ في الإبل على صاحبها أن يُؤديه، وهكذا البقر، وهكذا الغنم، نعم.
باب الرجل يكون له ممرٌّ أو شربٌ في حائطٍ أو في نخلٍ
قال النبي ﷺ: مَن باع نخلًا بعد أن تُؤَبَّر فثمرتها للبائع، وللبائع الممر والسّقي حتى يرفع، وكذلك ربّ العرية.
2379- أخبرنا عبدالله بن يوسف: حدثنا الليث: حدثني ابن شهاب، عن سالم بن عبدالله، عن أبيه قال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: مَن ابتاع نخلًا بعد أن تُؤَبَّر فثمرتها للبائع، إلا أن يشترط المبتاع، ومَن ابتاع عبدًا وله مالٌ، فماله للذي باعه، إلا أن يشترط المبتاع.
وعن مالكٍ، عن نافعٍ، عن ابن عمر، عن عمر في العبد.
الشيخ: وهذا واضحٌ، يعني: إذا كانت الثمرة من الضروري أنه يُيسر لها طريقًا حتى يسقي الثمر ..... إلا أن يسقيه المشتري، وإلا فالبائع محتاجٌ أن يسقي ثمرته التي له.
وهكذا إذا كان له شِقْصٌ من نقلٍ، وهو في الأرض، لا بد من طريقٍ يُوصله إلى هذا الشخص، نعم.
س: في ..... مال العبد هل يدخل فيه مثلًا لو كانت مع العبد نقودٌ؟
ج: نعم، كل مال العبد للبائع.
س: أقصد لو مثلًا اشترط المبتاع .....؟
ج: إلا أن يشترطه المبتاع، فإذا كانت عند العبد سيارةٌ أو حصانٌ أو سيفٌ أو غيره فهو للبائع، إلا أن يشترطه المبتاع ..... سيارته ما هي تبعًا له، ولا حلقة السلاح، يتبعه الشيء العادي: ثيابه، ونعاله، والشيء المعتاد، إلا أن يشترطه المبتاع.
س: لكن لو كانت نقودٌ ما تصلح؟
ج: حتى النقود تبعٌ، لو كانت عنده نقودٌ يتصرف فيها، وقال: هو وماله الذي معه. ما في بأس، تصير تبعًا، الحديث عامٌّ، نعم.
2380- حدثنا محمد بن يوسف: حدثنا سفيان، عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر، عن زيد بن ثابت قال: رخَّص النبي ﷺ أن تُباع العَرَايا بخرصها تمرًا.
2381- حدثنا عبدالله بن محمد: حدثنا ابن عيينة، عن ابن جريج، عن عطاء، سمع جابر بن عبدالله رضي الله عنهما: نهى النبي ﷺ عن المخابرة، والمحاقلة، وعن المزابنة، وعن بيع الثمر حتى يبدو صلاحها، وأن لا تُباع إلا بالدينار والدرهم، إلا العَرَايا.
2382- حدثنا يحيى بن قزعة: أخبرنا مالك، عن داود بن حصين، عن أبي سفيان مولى ابن أبي أحمد، عن أبي هريرة قال: رخَّص النبي ﷺ في بيع العَرَايا بخرصها من الثمر فيما دون خمسة أوسقٍ.
الشيخ: "من التمر" بالتاء، تعرَّض له الشارح؟
المعروف: "من التمر"؛ لأن الكلام في النخل، نعم، والمقصود من هذا كله أنه إذا صارت له الثمرة لا بد من طريقٍ، هذا قصد المؤلف، لا بد من طريقٍ حتى ..... ثمره، لا بد عند إقطاع النخل أن يجعل لها طريقًا، ما دام باع العارية يكون لها طريقٌ حتى تُؤخذ ثمرتها، نعم.
القارئ: في حديثٍ سبق بالثاء.
الشيخ: لا، الحديث بالتاء، نعم.
عن أبي هريرة قال: رخَّص النبي ﷺ في بيع العَرَايا بخرصها من التمر فيما دون خمسة أوسقٍ، أو في خمسة أوسقٍ. شكَّ داود في ذلك.
2383- حدثنا زكرياء بن يحيى: أخبرنا أبو أسامة، قال: أخبرني الوليد بن كثير، قال: أخبرني بشير بن يسار مولى بني حارثة: أن رافع بن خديج وسهل بن أبي حثمة حدثاه: أن رسول الله ﷺ نهى عن المزابنة؛ بيع الثمر بالتمر، إلا أصحاب العرايا فإنه أذن لهم.
قال أبو عبدالله: وقال ابن إسحاق: حدثني بشير مثله.
س: أحسن الله إليك، العرايا؟
ج: العرايا: يبيع صاحب النخل نخلات بخرصها تمرًا؛ لأن غير الحرَّاث محتاجٌ للرطب، وليس عنده النقود، وعنده تمرٌ، فيشتري منه الرطب بالخرص تمرًا فيما دون خمسة أوسقٍ، يدًا بيدٍ، يقبض هذا التمر، وهذا يُخلي بينه وبين النخلات على أن يأكلها رطبًا، يأخذها رطبًا.
43- كتابٌ في الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس
باب مَن اشترى بالدَّين وليس عنده ثمنه، أو ليس بحضرته
2385- حدثنا محمد بن يوسف -هو البيكندي-: أخبرنا جرير، عن المغيرة، عن الشعبي، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: غزوتُ مع النبي ﷺ، قال: كيف ترى بعيرك؟ أتبيعه؟ قلت: نعم، فبعتُه إياه، فلما قدم المدينة غدوتُ إليه بالبعير، فأعطاني ثمنه.
الشيخ: هذا فيه فائدة: أنه لا بأس أن يشتري السلطانُ من بعض الرعية بنفسه: الرئيس، الملك، رئيس الجمهورية يشتري بنفسه، لا حرج، ما لم يكن في شرائه مضرَّةٌ على الشخص، فإذا اشترى مثل الناس بالسعر ولم يُؤذِه ولم يبخسه حقَّه فلا بأس، وإذا كان شراؤه قد يضرّ البائع فإنه يتركه، والرسول ﷺ معلومٌ أنه محل العدالة عليه الصلاة والسلام، ويزيدهم ولا ينقصهم؛ ولهذا لما جاء جابرٌ بالبعير أعطاه الثمن وزاده، وردَّ عليه البعير أيضًا، قال: خذ جملك ودراهمك، فهو لك، فأعطاه البعير، وأعطاه الثمن، وزاده في الثمن عليه الصلاة والسلام: إن خياركم أحسنكم قضاءً.
المقصود بيان هذا التشريع، مقصوده ﷺ بيان التشريع؛ حتى يتأسى الناس ويعلموا ..... في أول الشراء، ثم لما تمَّ الشراء شرط ظهره إلى المدينة، فأعطاه ظهره إلى المدينة، فدلَّ على جواز الشرط في البيع، ثم لما جاء به أمره أن يُصلي ركعتين تحية المسجد، ثم أعطاه الثمن، أمر أن يُوزن له الثمن، وزاده في الثمن، ثم ردَّ عليه البعير وقال: خذ جملك ودراهمك، فهو لك، وهو غايةٌ في مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال والرفق بالرعية والتواضع، نعم.
س: هذا إذا كان بيع السلطان ينفع البائع؟
ج: إذا كان ينفعه ولا يضرّه، نعم، الناس قد يستحون منه، وقد يهابون، لكن إذا كان يُنصفهم فلا بأس.
س: هل يجوز أن يبيع وهو .....؟
ج: يبيع بالوصف، يبيعه بالوصف، وإذا جاءه على الوصف وإلا فله الخيار، إذا قال: من صفته كذا، وصفته كذا، وباعه على الوصف، فإن جاء وطابق الوصف، وإلا فالمشتري له الخيار، نعم.
س: لما قال جابرٌ: "لا"، ما معنى كلمة "لا" هذه؟
ج: يعني: خُذه عطيةً، والنبي ﷺ أبى وقال: لا، بالثمن، نعم.
س: ...............؟
ج: إذا حضر المبيع بعد ذلك ينظر فيه؛ إن تطابقت الشروط والأوصاف لزمه، وإلا فلا.
الشيخ: وهذا مثلما تقدم أيضًا: يجوز في الدين الشراء إلى أجلٍ، والرهن في السفر والحضر جميعًا، وأن يشتري من الكافر، ويبيع على الكافر، فالشراء من الكافر والبيع عليه ما يدخل في الموالاة، ولا المحبة، فالنبي ﷺ اشترى من اليهود، واشترى من الكفار الوثنيين، فلا حرج في ذلك.
وفيه أنه ﷺ مات ودرعه مرهونةٌ في طعامٍ لأهله، فدلَّ على جواز الاستدانة والرهن في الحضر، وعلى جواز شراء ولي الأمر من رعيته إذا أنصفهم ولم يظلمهم، نعم.
س: ...............؟
ج: هذا مثله مثل أن السلم: تقديم الثمن وتأخير المثمن، فهذا عكسه: تقديم المثمن وتأجيل الثمن، المعنى واحدٌ، كما جاز هذا جاز هذا.
س: ...............؟
ج: قياس العكس، نعم.
س: رهن النبي ﷺ درعه لليهودي هل ينسخ ما قاله ﷺ: صلوا على صاحبكم؟
ج: لا، النسخ جاء من أحاديث أخرى، النبي ﷺ لما وسَّع الله عليه كان ..... على الناس، ويُصلي على المدِين، كان أولًا ثم نُسخ، يُصلي على المدين ولو ما ترك قضاءً، يتحمله النبي ﷺ.
باب مَن أخذ أموال الناس يُريد أداءها أو إتلافها
2387- حدثنا عبدالعزيز بن عبدالله الأويسي: حدثنا سليمان بن بلال، عن ثور بن زيد، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة ، عن النبي ﷺ قال: مَن أخذ أموال الناس يُريد أداءها أدَّى الله عنه، ومَن أخذ يُريد إتلافها أتلفه الله.
الشيخ: وهذا فيه الحث على النية الصالحة في المداينة، وأن مَن أخذ أموال الناس يريد أداءها -احتاج إليها وأخذها بنية الأداء- فالله يُوفي عنه سبحانه، أخذها يتزوج، يشتري حاجةً يحتاج إليها، يُوفي دَينًا، ... إلى غير هذا من الحاجات، ونيته الوفاء، والحرص على الوفاء، فالله سبحانه يُعينه على الوفاء، يُوفي عنه جلَّ وعلا، ومَن كانت نيته التلاعب بالناس وأكل أموالهم أتلفه الله، نسأل الله العافية.
س: عمل المسلم عند النصارى واليهود؟
ج: إذا احتاج إلى ذلك لا بأس، بشرط ألا تكون فيه مُوالاةٌ، نعم.
س: قوله: أتلفه الله هذا في الدنيا أو في الآخرة؟
ج: عامٌّ، عامٌّ، يعمّ هذا وهذا، نسأل الله العافية، من باب الوعيد والتَّحذير.