تفسير قوله تعالى: {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ..}

وقال الحافظ أبو القاسم الطّبراني: حدَّثنا موسى بن هارون: حدَّثنا محمد بن إدريس بن وراق بن الحميدي.

مداخلة: بدون ابن وراق، وراق الحميدي بدون (ابن).

الشيخ: حدَّثنا موسى بن هارون؟

حدَّثنا موسى بن هارون: حدَّثنا محمد بن إدريس بن وراق بن الحميدي.

الشيخ: وعندكم ما في: ابن وراق؟

الطالب: ما في (ابن)، ما في: ابن وراق الحميدي.

مداخلة: في تعليق يقول: في مخطوطة الأزهر: محمد بن إدريس بن الحميدي، وفي الطبعات السَّابقة: محمد بن إدريس بن الوراق الحميدي، والمثبت عن "الجرح" لابن أبي حاتم، قال: محمد بن إدريس، أبو بكر، وراق الحميدي، مكي، روى عن أبي عبدالرحمن المقرئ، وعثمان بن اليمان، سمعتُ منه بمكّة، وهو صدوقٌ.

الشيخ: طيب، وراق، (ابن) ما لها محل، يعني: كاتب الحميدي، وراق الحميدي، بدون (ابن).

حدَّثنا محمد بن إدريس وراق الحميدي: حدَّثنا محمد بن عمر بن إبراهيم -من ولد جُبير بن مطعم- قال: حدَّثتني أمُّ عثمان بنت سعيد -وهي جدّتي-، عن أبيها سعيد بن محمد بن جبير، عن أبيه جبير بن مطعم.

مُداخلة: محمد بن جبير، عن أبيه جبير بن مطعم.

الشيخ: حدَّثتني جدَّتي.

حدَّثتني أمُّ عثمان بنت سعيد -وهي جدَّتي-، عن أبيها سعيد بن محمد بن جبير، عن أبيه.

الشيخ: عن أبيه، عن جبير. عن أبيه، يعني: محمدًا، عن جبير.

عن أبيه، عن جبير بن مطعم قال: خرجتُ تاجرًا إلى الشَّام، فلمَّا كنتُ بأدنى الشَّام لقيني رجلٌ من أهل الكتاب فقال: هل عندكم رجل نبيٌّ؟ قلت: نعم. قال: هل تعرف صورته إذا رأيتها؟ قلت: نعم. فأدخلني بيتًا فيه صور، فلم أرَ صورةَ النبي ﷺ، فبينا أنا كذلك إذ دخل رجلٌ منهم علينا فقال: فيمَ أنتم؟ فأخبرناه، فذهب بنا إلى منزله، فساعة ما دخلتُ نظرتُ إلى صورة النبي ﷺ، وإذا رجلٌ آخذٌ بعقب النبي ﷺ، قلتُ: مَن هذا الرجل القابض على عقبه؟ قال: إنَّه لم يكن نبيٌّ إلا كان بعده نبيٌّ، إلا هذا النبي، فإنَّه لا نبيَّ بعده، وهذا الخليفة بعده. وإذا صفة أبي بكر .

مُداخلة: في تعليق للشيخ مقبل على الحديث، يقول: سعيد بن محمد بن جبير هو ابن مطعم النّوفلي، قال الحافظُ في "التقريب": مقبول. ومحمد بن عمر بن إبراهيم ذكره الرازي في "الجرح والتعديل"، والبخاري في "التاريخ الكبير"، ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، فالأثر ضعيفٌ لذلك. وأمَّا أمّ عثمان فلم أجد ترجمتها.

الشيخ: طيب، نعم.

وقال أبو داود: حدَّثنا عمر بن حفص -أبو عمرو الضَّرير: حدَّثنا حماد بن سلمة: أنَّ سعيد بن إياس الجريري أخبرهم: عن عبدالله بن شقيق العقيلي، عن الأقرع -مؤذن عمر بن الخطاب - قال: بعثني عمر إلى الأسقف، فدعوته، فقال له عمر: هل تجدني في الكتاب؟ قال: نعم. قال: كيف تجدني؟ قال: أجدك قرنًا. فرفع عمرُ الدّرة وقال: قرن مه؟! قال: قرن حديد، أمير شديد.

مُداخلة: في تعليق يقول: في نسخة أبي داود: (أمين شديد).

الشيخ: علّق عليه؟

الطالب: ما علّق على الحديث.

الشيخ: أعد السَّند.

وقال أبو داود: حدَّثنا عمر بن حفص، أبو عمرو الضَّرير.

مُداخلة: في تعليق يقول: عمر بن حفص صوابه: حفص بن عمر، كما هو في أبي داود.

الشيخ: أيش عندك أنت؟

الطالب: عمر بن حفص، أبو عمرو الضَّرير.

الشيخ: الظَّاهر أنَّه عكس: حفص بن عمر، أبو عمرو الضَّرير.

الطالب: عندنا: حفص بن عمر، يقول: صوابه: حفص بن عمر.

الشيخ: أبو عمر أيش عندك؟

وقال أبو داود: حدَّثنا عمر بن حفص -أبو عمرو الضَّرير: حدَّثنا حماد بن سلمة.

الشيخ: وعندك: حفص بن عمر.

الطالب: يقول: عمر بن حفص، صوابه: حفص بن عمر، كما في أبي داود.

الشيخ: وأنتم كلكم عندكم مثله؟

ج: لا، عندنا: عمر بن حفص.

مُداخلة: لكن -أحسن الله إليك- كونه يقول: عمر بن حفص، أبو عمرو.

الشيخ: ما يصلح، حطّ عليه إشارة: يراجع أبو داود.

...........

الشيخ: انظر "التقريب": حفص بن عمر.

الطالب: حفص بن عمر، أبو عمر الضَّرير الأكبر، البصري، صدوق، عالم، قيل: وُلِدَ أعمى، من كبار العاشرة، مات سنة عشرين وقد جاز السَّبعين. أبو داود.

الشيخ: هذا هو.

الطالب: ومما يُقال له: أبو عمر الضَّرير، ويُسمّى: حفصًا، غير هذا الأكبر الأصغر الذي تقدّم قبله: حفص بن عمر هذا الصَّغير، حفص بن عمر بن عبدالعزيز، أبو عمر الدّوري، المقرئ، الضَّرير، الأصغر، صاحب الكسائي، لا بأس به، من العاشرة، مات سنة ستٍّ أو ثمانٍ وأربعين، ومولده تقريبًا سنة خمسين. ابن ماجه.

الشيخ: صلّح الذي عندك: حفص بن عمر. مكنّى بأبيه: حفص بن عمر، أبو عمر، صلّحه عندك.

الطالب: يوجد واحدٌ قريبٌ من الأول في الطبقة: حفص بن عمر بن الحارث بن سَخْبَرة -بفتح المهملة وسكون الخاء المعجمة وفتح الموحدة- الأزدي، النَّمَري -بفتح النون والميم-، أبو عمر الحوضي، وهو بها أشهر، ثقة، ثبت، عِيبَ بأخذ الأجرة على الحديث، من كبار العاشرة، مات سنة خمسٍ وعشرين. (خ، د، س).

س: النَّمري أو النُّمري؟

ج: النَّمَري، نسبة إلى نمر.

حدَّثنا حفص بن عمر -أبو عمر الضَّرير: حدَّثنا حماد بن سلمة: أنَّ سعيد بن إياس الجريري أخبرهم: عن عبدالله بن شقيق العقيلي، عن الأقرع -مؤذن عمر بن الخطاب - قال: بعثني عمرُ إلى الأسقف، فدعوته، فقال له عمر: هل تجدني في الكتاب؟ قال: نعم. قال: كيف تجدني؟ قال: أجدك قرنًا. فرفع عمرُ الدّرة وقال: قرن مه؟! قال: قرن حديد، أمير شديد.

س: بالكسر أو بالضمّ: الدّرة؟

ج: ما فيها ضبط، لا أذكر ضبطها، قد تكون مُثلثةً؛ تُقرأ (الدِّرة) بالكسرة، و(الدُّرة) بالضمِّ، انظر "القاموس".

قال: فكيف تجد الذي بعدي؟ قال: أجد خليفةً صالحًا، غير أنَّه يُؤثر قرابته. قال عمر: يرحم الله عثمان. ثلاثًا، قال: كيف تجد الذي بعده؟ قال: أجده صدأ حديدًا. قال: فوضع عمرُ يدَه على رأسه وقال: يا دفراه! يا دفراه! قال: يا أمير المؤمنين، إنه خليفة صالح، ولكنه يستخلف حين يستخلف والسيف مسلول، والدّم مهراق.

الشيخ: كذا عندكم بالصاد والدَّال والهمزة؟

الطالب: في حاشية -أحسن الله إليك- يقول: في مخطوطة الأزهر: الصدأ، والمثبت عن "سنن أبي داود"، وفي "النهاية": صدأ من حديد. ويُروى (صدع) بفتحتين، أراد دوام لبس الحديد؛ لاتِّصال الحروب في أيام عليٍّ، وما بُلي به من مُقاتلة الخوارج والبُغاة، ومُلابسة الأمور المشكلة، والخطوب المعضلة؛ ولذلك قال عمر -: وادفراه! تضجرًا من ذلك واستفحاشًا.

ورواه أبو عبيد غير مهموزٍ، كأنَّ الصّدا لغة في الصّدع، وهو اللَّطيف الجسم، أراد أنَّ عليًّا -- خفيفٌ، يخفّ إلى الحروب، ولا يكسل؛ لشدّة بأسه وشجاعته.

الشيخ: نعم، الله المستعان.

الطالب: أحسن الله عملك، والدِّرة بالكسر التي يُضرب بها، والدّم، وسيلان اللّبن وكثرته، وبالضمّ اللؤلؤة العظيمة.

الشيخ: هذا واضحٌ، التي يُضرب بها بالكسر، والدُّرة بالضم اللؤلؤة.

الطالب: إسناد أبي داود الأخير -أحسن الله إليك-؟

الشيخ: حدَّثنا أيش؟

حدَّثنا حفص بن عمر -أبو عمر الضَّرير: حدَّثنا حماد بن سلمة: أنَّ سعيد بن إياس الجريري أخبرهم: عن عبدالله بن شقيق العقيلي، عن الأقرع -مؤذن عمر بن الخطاب - قال: بعثني عمرُ إلى الأسقف، فدعوته.

الشيخ: يكفي الذي بعده، انظر (الأقرع)؟

الطالب: الأقرع مُؤذن عمر بن الخطاب مُخضرم، ثقة، من الثانية. أبو داود.

الشيخ: سند جيد، على هذا سند جيد .........

وقوله تعالى: يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ [الأعراف:157]، هذه صفة الرسول ﷺ في الكتب المتقدّمة، وهكذا كانت حاله -عليه الصلاة والسلام- لا يأمر إلا بخيرٍ، ولا ينهى إلا عن شرٍّ، كما قال عبدُالله بن مسعود: إذا سمعت الله يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فأرعها سمعك؛ فإنَّه خيرٌ تُؤْمَر به، أو شرٌّ تُنْهَى عنه. ومن أهمّ ذلك وأعظمه ما بعثه اللهُ به من الأمر بعبادته وحده لا شريكَ له، والنَّهي عن عبادة مَن سواه.

الشيخ: هذا أعظم الأمور، قوله من تسامح في العبارة، هذا أهمّ شيءٍ، وأعظم شيءٍ: الأمر بتوحيد الله، والنَّهي عن الشِّرك بالله .

كما أرسل به جميع الرسل قبله، كما قال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [النحل:36].

وقال الإمامُ أحمد: حدَّثنا أبو عامر -هو العقدي عبدالملك بن عمرو: حدَّثنا سليمان -هو ابن بلال- عن ربيعة ابن أبي عبدالرحمن، عن عبدالملك بن سعيد، عن أبي حميد وأبي أسيد -رضي الله عنهما- أنَّ رسول الله ﷺ قال.

الشيخ: انظر: (عبدالملك بن سعيد) في "التقريب"، وفي "الخلاصة".

إذا سمعتم الحديث عني تعرفه قلوبُكم، وتلين له أشعاركم وأبشاركم، وترون أنَّه منكم قريب، فأنا أولاكم به، وإذا سمعتم الحديث عني تُنكره قلوبُكم، وتنفر منه أشعاركم وأبشاركم، وترون أنَّه منكم بعيد، فأنا أبعدكم منه. رواه الإمام أحمد  بإسنادٍ جيدٍ، ولم يُخرجه أحدٌ من أصحاب الكتب.

الشيخ: وهذا من علامات الحديث النبوي، وعلامات الأحاديث الأخرى المكذوبة عند أهل العلم والبصيرة الذين يعرفون كلامه ﷺ ويعرفون سُنته، فإنَّ لهم علامات يعرفون بها الحديث الثابت، ويعرفون بها الموضوع المخالف لكتاب الله وسُنة رسوله ﷺ؛ فإنَّ سنته ﷺ يُصدّق بعضُها بعضًا، وتُوافق الكتاب أو تُخالفه، أما الأحاديث المكذوبة فإنها تُخالف سنته، وتُخالف كتابَ الله -جلَّ وعلا-، وتُنكرها قلوب أهل العلم والإيمان والبصيرة.

الطالب: أحسن الله إليك، عبدالملك بن سعيد بن سويد الأنصاري، المدني، ثقة، من الثالثة. مسلم، وأبو داود، والنَّسائي، وابن ماجه.

عبدالملك بن سعيد بن جبير الأسدي مولاهم، الكوفي، لا بأس به، من السادسة. البخاري، وأبو داود، والترمذي.

عبدالملك بن سعيد بن حيان –بالتحتانية- بن أبجر -بالموحدة وجيم- الكوفي، ثقة، عابد، من السادسة. مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنَّسائي.

الشيخ: هو الذي قلت، الأول: عبدالملك بن سعيد؟

الطالب: عبدالملك بن سعيد بن سويد الأنصاري، المدني، ثقة، من الثالثة. مسلم، وأبو داود، والنَّسائي، وابن ماجه.

الشيخ: هذا هو، نعم.

وقال الإمامُ أحمد: حدَّثنا أبو معاوية: حدَّثنا الأعمش، عن عمرو بن مُرَّة، عن أبي البختري، عن عليٍّ قال: إذا سمعتم عن رسول الله ﷺ حديثًا فظنّوا به الذي هو أهدى، والذي هو أهنى، والذي هو أتقى.

ثم رواه عن يحيى، عن ابن سعيد، عن مسعر، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن أبي عبدالرحمن، عن عليٍّ قال: إذا حدّثتم عن رسول الله ﷺ حديثًا فظنّوا به الذي هو أهداه، وأهناه، وأتقاه.

وقوله: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف:157] أي: يحلّ لهم ما كانوا حرَّموه على أنفسهم من البحائر والسَّوائب والوصائل والحام، ونحو ذلك مما كانوا ضيَّقوا به على أنفسهم.

وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ، قال علي ابن أبي طلحة: عن ابن عباسٍ: كلحم الخنزير والربا، وما كانوا يستحلّونه من المحرّمات من المآكل التي حرَّمها الله تعالى.

وقال بعضُ العلماء: فكلّ ما أحلّ الله تعالى من المآكل فهو طيبٌ، نافعٌ في البدن والدِّين، وكلّ ما حرَّمه فهو خبيثٌ، ضارٌّ في البدن والدِّين.

وقد تمسّك بهذه الآية الكريمة مَن يرى التَّحسين والتَّقبيح العقليين، وأُجيب عن ذلك بما لا يتّسع هذا الموضع له.

وكذا احتجّ بها مَن ذهب من العلماء إلى أنَّ المرجع في حِلِّ المآكل التي لم ينصّ على تحليلها ولا تحريمها إلى ما استطابته العرب في حال رفاهيتها، وكذا في جانب التَّحريم إلى ما استخبثته، وفيه كلامٌ طويلٌ أيضًا.

الشيخ: الصواب: أنَّ ما أحلّه الله فهو من الطّيبات النَّافعة، المفيدة، وما حرَّمه الله من الخبائث، وما اشتبه ولم يرد فيه نصٌّ ينظر فيه؛ فإن كان طيبًا نافعًا فهو من الحلال، وإن كان رديئًا ضارًّا فهو من الخبائث، النص كافٍ، لكن إذا وُجدت أشياء اشتبهت ولم يُحفظ لها نصٌّ تُعرض على ....... والعارفين بها، فإن كانت طيبةً نافعةً لا ضررَ فيها أُبيحت، وإلا فالأصل التَّحريم، مثلما قال الله -جلَّ وعلا-: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ، وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [البقرة:172].

س: قوله: "المرجع في حِلِّ المآكل التي لم ينصّ على تحليلها ولا تحريمها إلى ما استطابته العرب".

ج: لا، لا، القيد بالعرب ما له سند، المقصود ما يعرف ....... العرب قد تستطيب الخبائث.

وقوله: وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ [الأعراف:157] أي: إنَّه جاء بالتيسير والسّماحة، كما ورد الحديث من طرقٍ عن رسول الله ﷺ أنَّه قال: بُعثت بالحنيفية السَّمحة، وقال ﷺ لأميريه: معاذ وأبي موسى الأشعري لما بعثهما إلى اليمن: بشّرا ولا تُنفّرا، ويسّرا ولا تُعسّرا، وتطاوعا ولا تختلفا، وقال صاحبُه أبو برزة الأسلمي: إني صحبتُ رسول الله ﷺ وشهدتُ تيسيره.

وقد كانت الأممُ التي قبلنا في شرائعهم ضيقٌ عليهم، فوسّع الله على هذه الأمّة أمورها، وسهّلها لهم؛ ولهذا قال رسولُ الله ﷺ: إنَّ الله تجاوز لأُمتي ما حدّثت به أنفسها، ما لم تقل أو تعمل، وقال: رُفع عن أمّتي الخطأ، والنسيان، وما استُكرهوا عليه؛ ولهذا قد أرشد الله هذه الأمّة أن يقولوا: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [البقرة:286].

وثبت في "صحيح مسلم": أنَّ الله تعالى قال بعد كل سؤالٍ من هذه: قد فعلتُ، قد فعلتُ.

وقوله: فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ [الأعراف:157] أي: عظّموه، ووقّروه.

وقوله: وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ [الأعراف:157] أي: القرآن والوحي الذي جاء به مُبلغًا إلى الناس: أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الأعراف:157] أي: في الدنيا والآخرة.

الشيخ: اللهم اجعلنا منهم، الله يجعلنا وإياكم منهم، والله المستعان.

س: ما اشتبه: هل هو من الطّيبات أو من الخبائث؟

ج: من أهل العلم، إذا كان ما فيه نصٌّ يسأل أهلَ الخبرة به من عجمٍ ومن عربٍ، أهل الخبرة الذين يعرفون من الثِّقات.

س: ما يسأل العُلماء؟

ج: العلماء العارفين، وغير العلماء الخبرة من الأمناء الكبار العارفين به.

س: قوله: "ما استطابته العرب"؟

ج: هذا ما له أصل، ليس له أصل، يرد المؤلف عليه، ما له أصل.

س: صحيح أنَّ عثمان قرب قرابته؟

ج: في بعض الإمارات وبعض الأشياء، يرى أنَّه مُصيبٌ فيها تقريب القرابة لا ذمَّ فيه، بل يُمدح مَن أحسن إلى قرابته وواساهم ووظّفهم إذا كانوا أهلًا لذلك، ما في نقص عليه، النَّقص عليه إذا حاف وولّى غير الأخيار، وولّى غير الأكفاء، لكن الذين قاموا عليه بُغاة، خُبثاء، ما بين كافرٍ، وما بين ظالمٍ وجاهلٍ.

س: ما ينكر على مَن قال ........ أنَّ عثمان قرّب قرابته، بعض الكُتَّاب ألَّف في مثل هذا؟

ج: هذا مشهورٌ، لكن لا لومَ عليه فيما اجتهد فيه، لا لومَ عليه في ذلك، النبي ﷺ قال لعليٍّ، دعاه مريضًا، وتفل في عينه، ودعا له، وأمَّره على خيبر -عليه الصلاة والسلام-، وهو ابن عمه، وزوج ابنته -عليه الصلاة والسلام-، ما في محظور إذا كان المقرّب أهلًا لذلك.

س: قوله هنا: "غير أنَّه يُؤثر قرابته" في الحديث الذي مضى؟

ج: هذا فيما عندهم من كتبهم التي عندهم: "يؤثر قرابته" يعني: في الشيء الذي لا نقصَ فيه، ولا هو معصوم، قد يقع الخطأ.

س: أكل الفيل، هل يجوز أكله؟

ج: الفيل معروفٌ أنَّه من المحرّمات؛ له نابٌ عظيمٌ.

س: والتَّماسيح؟

ج: المعروف أنَّه من ذوي النَّاب.

س: لكن نابه لا يأكل به، لا يفترس به؟

ج: هو مُفترس، وخبيث شديد، وعنده خرطومه أعظم من النَّاب، المعروف عند أهل العلم أنَّه مُحرّم، وصاحب "حياة الحيوان" بسط الكلام فيه، لكن المعروف عند أهل العلم أنَّه من جملة المحرّمات.

س: يفترس بخرطومه؟

ج: قد يُقال: إنَّه ينوب عن نابه، إذا كان نابُه ما يستعمله يمكن.

س: والببغاء؟

ج: ما أعرف فيه شيئًا.

هذه قاعدة: ما كان من السِّباع ذا نابٍ، وما كان من الطيور ذا مخلبٍ فهذا محرّمٌ، والرسول نهى عن كل ذي مخلبٍ من الطير، وعن كل ذي نابٍ من السباع، والطيور التي لا مخلبَ لها: حمام، وأشباه الحمام التي ليس لها مخلب؛ هذه من الطيور المباحة.

س: لكن -أحسن الله إليك- التَّماسيح تعيش في البحر وفي البرِّ؛ في المستنقعات؟

ج: لا يحلّ إلا ما كان في البحر، صيد البحر: هو الطَّهور ماؤه، الحلّ ميتته، أمَّا إذا كان يعيش في البرِّ والبحر لا.

س: جُلّ حياته في البحر، في الأنهار؟

ج: المعروف أنَّه إذا كان يعيش في البرِّ والبحر يغلب عليه جانب التَّحريم، مثل: الضّفدع وأشباهه.