تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها..}(2)

وثبت في "الصحيحين" خبر الإسرائيلي الذي قتل مئة نفسٍ، ثم سأل عالـمًا: هل لي من توبةٍ؟ فقال: ومَن يحول بينك وبين التوبة؟! ثم أرشده إلى بلدٍ يعبد الله فيه، فهاجر إليه، فمات في الطريق، فقبضته ملائكةُ الرحمة، كما ذكرناه غير مرةٍ.

وإذا كان هذا في بني إسرائيل فلأن يكون في هذه الأمة التوبة مقبولة بطريق الأولى والأحرى؛ لأنَّ الله وضع عنا الآصار والأغلال التي كانت عليهم، وبعث نبينا بالحنيفية السَّمحة.

الشيخ: وهذا يدلّ على سعة رحمة الله -جلَّ وعلا-، فإنَّ الله -جلَّ وعلا- رؤوف بعباده رحيم، قد فتح لهم باب التوبة، والعبد من صفته الخطأ والزلل، عنده نفسه الأمَّارة بالسوء، والشيطان، والهوى، وقد يُبتلى بجُلساء السوء، فمن رحمة الله أن فتح له باب الرحمة، وباب التوبة، وباب الاستغفار، فإذا لجأ إلى الله، وأناب إليه، وتاب إليه توبةً صادقةً؛ محا الله عنه تلك الذنوب التي أعظمها الشِّرك، فإذا كان الشركُ الذي هو أعظم الذنوب وأعظم الجرائم يُغفر بالتوبة، فما دونه من باب أولى.

وهذا الذي في بني إسرائيل قتل تسعةً وتسعين نفسًا بغير حقٍّ، ثم جاء يسأل عن التوبة، فدُلَّ على راهبٍ –عابد- فسأله: هل لي من توبةٍ؟ قال: ما لك توبة. استعظمها: تسعة وتسعين، استعظمها، قال: ما لك من توبةٍ؛ لأنَّه جاهل، عابد ما عنده علم، قال: ما لك توبة. فقتله فتمم به المئة.

ثم سأل فدُلَّ على عالمٍ، فجاء إليه فقال: ومَن يحول بينك وبين التوبة؟! تب إلى الله، فتاب إلى الله توبةً نصوحًا، وأرشده العالم إلى أن يذهب إلى قرية كذا، فإنها قرية صالحة، يكون فيها يعبد الله، قال: واترك قريتك؛ لأنها قرية سوء. فذهب إلى القرية الصالحة ليتعبد هناك، فنزل به الموتُ في الطريق، فمات في الطريق.

فاختصمت فيه ملائكةُ الرحمة وملائكةُ العذاب؛ ملائكة العذاب تقول: إنَّه فعل وفعل وفعل، فنحن أولى به. وملائكة الرحمة تقول: إنَّه جاء تائبًا نادمًا، نحن أولى به. فأرسل الله إليهم ملكًا يحكم بينهم، فقال: قيسوا ما بين الأرضين، فإلى أيّهما أقرب فهو إليها. فصار إلى الصالحة أقرب بشبرٍ، فقبضته ملائكةُ الرحمة، وقبل الله توبته.

وفي بعض الروايات: أنه جعل ينوء بصدره إلى جهة القرية الصالحة. في بعض الروايات: أنَّ الله قال لهذه: تقاربي، ولهذه: تباعدي.

فالمقصود أنَّ الله -جلَّ وعلا- رحمه وقبل توبته، فالمهم صدق التوبة، وصدق الندم، فإذا تاب توبةً صادقةً من قلبه، وحققها بالعزم الصادق ألا يعود؛ فإنَّ الله -جلَّ وعلا- يقبلها من الشرك وغير الشرك، من الشرك والقتل وغير ذلك.

وقوله : وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93]، هذا جزاؤه إن جازاه، فإذا تاب رفع اللهُ عنه هذا الوعيد، كما قال سبحانه: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ جمع الشرك والقتل والزنا، ثم قال: وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ۝ يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ۝ إِلَّا مَنْ تَابَ بنصِّ القرآن: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان:68-70]، نصٌّ صريحٌ في نفس الشِّرك والقتل والزنا، وأنَّ الله يُبدل سيئاته حسنات بسبب توبته الصَّادقة وعمله الصالح.

وهكذا بقية الذنوب: الربا، والسرقة، والظلم، والعقوق، والقطيعة، وسائر المعاصي إذا تاب منها توبةً صادقةً نادمًا على ما مضى، مُقلعًا، عازمًا ألا يعود، ثم مات؛ فإنَّ الله -جلَّ وعلا- يغفرها له، كما قال ﷺ: التوبة تجُبّ ما قبلها، والإسلام يهدم ما كان قبله، نعم، نسأل الله السَّلامة.

س: الديوان ثلاث: ديوان لا يغفره الله، هو الشرك، وديوان ..... وهو حقّ العباد، وديوان داخلٌ في مشيئة الله؟

ج: المظالم إذا تاب منها فالله يُرضيهم ، إذا تاب توبةً صادقةً فالله يُرضيهم، وأعظمها القتل، نسأل الله العافية.

س: .............؟

ج: هذا على كل حالٍ اجتهاد ابن عباس.

طالب: .............؟

الشيخ: نعم، يعني: الرجوع؟

الطالب: إيه، نعم، قال -رحمه الله: وذهب جماعةٌ من العلماء -منهم عبدالله بن عمر، وهو أيضًا مروي عن زيد وابن عباس- إلى أنَّ له توبةً.

روى يزيد بن هارون قال: أخبرنا أبو مالك الأشجعي، عن سعد بن عبيدة قال: جاء رجلٌ إلى ابن عباسٍ فقال: ألمن قتل مؤمنًا متعمدًا توبة؟ قال: لا، إلا النار. قال: فلما ذهب قال له جُلساؤه: أهكذا كنتَ تُفتينا؟! كنت تفتينا أنَّ لمن قتل توبةً مقبولةً! قال: إني لأحسبه رجلًا مُغضبًا يريد أن يقتل مؤمنًا. قال: فبعثوا في أثره فوجدوه كذلك.

وهذا مذهب أهل السنة، وهو الصحيح، وأن هذه الآية مخصوصة، ودليل التَّخصيص آيات وأخبار.

وقد أجمعوا على أنَّ الآية نزلت في مقيس بن ضبابة، وذلك أنَّه كان قد أسلم هو وأخوه هشام بن ضبابة، فوجدوا هشامًا قتيلًا في بني النَّجار، فأُخبر بذلك النبي ﷺ، فكتب له إليهم أن يدفعوا إليه قاتل أخيه، وأرسل معه رجلًا من بني فهر، فقال بنو النَّجار: والله ما نعلم له قاتلًا، ولكنا نُؤدي الدِّية. فأعطوه مئة من الإبل، ثم انصرفا راجعين إلى المدينة، فعدا مقيس على الفهري فقتله بأخيه، وأخذ الإبل وانصرف إلى مكة كافرًا مُرتدًّا.

وجعل يُنشد:

قَتَلْتُ بِهِ فِهْرًا وَحَمَّلْتُ عَقْلَهُ سَرَاةَ بَنِي النَّجَّارِ أَرْبَابَ فَارِعِ

الشيخ: السَّراة: الرؤساء الأشراف، أما السُّراة فجمع: ساري، مثل: قضاة جمع قاضٍ، وهُداة جمع هادٍ، أما السَّراة بالفتح فهم أشراف الناس:

لا يصلح الناسُ فوضى لا سَرَاةَ لهم ولا سَرَاةَ إذا جُهَّالهم سادوا

الطالب:

حَلَلْتُ بِهِ وَتْرِي وَأَدْرَكْتُ ثَوْرَتِي وَكُنْتُ إِلَى الْأَوْثَانِ أَوَّلَ رَاجِعِ

فقال رسولُ الله ﷺ: لا أُؤَمّنه في حلٍّ ولا حرمٍ، وأمر بقتله يوم فتح مكّة وهو مُتعلق بالكعبة.

وإذا ثبت هذا بنقل أهل التفسير وعلماء الدين فلا ينبغي أن يُحمل على المسلمين، ثم ليس الأخذ بظاهر الآية بأولى من الأخذ بظاهر قوله: إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ [هود:114]، وقوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ [الشورى:25]، وقوله: وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، والأخذ بالظاهرين تناقض، فلا بدَّ من التَّخصيص.

ثم إنَّ الجمع بين آية الفرقان وهذه الآية ممكن، فلا نسخ، ولا تعارض، وذلك أن يُحمل مطلق آية النساء على مُقيد آية الفرقان.

الشيخ: وهذا هو الحقّ: أنه شيء صريح ما يتحمّل، آية الفرقان صريحة، هذه الرِّواية عن ابن عباسٍ قد يكون رجوعه، وقد يكون قاله في وقتٍ، وهذا في وقت، محتمل، والظنّ به أن يرجع، الظنّ في ابن عباسٍ أن يرجع؛ لأنَّ الأمر ظاهرٌ واضحٌ.

فأمَّا الآية الكريمة، وهي قوله تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا الآية [النساء:93]، فقد قال أبو هريرة وجماعة من السلف: هذا جزاؤه إن جازاه.

وقد رواه ابنُ مردويه بإسناده مرفوعًا من طريق محمد بن جامع العطار، عن العلاء بن ميمون العنبري، عن حجاج الأسود، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة مرفوعًا، ولكن لا يصحّ.

ومعنى هذه الصيغة أنَّ هذا جزاؤه إن جُوزي عليه، وكذا كلّ وعيدٍ على ذنبٍ، لكن قد يكون كذلك مُعارض من أعمال صالحة تمنع وصول ذلك الجزاء إليه على قولي أصحاب الموازنة والإحباط، وهذا أحسن ما يسلك في باب الوعيد، والله أعلم بالصواب، وبتقدير دخول القاتل في النار.

أما على قول ابن عباس ومَن وافقه: أنَّه لا توبةَ له، أو على قول الجمهور: حيث لا عملَ له صالحًا ينجو به، فليس بمخلدٍ فيها أبدًا، بل الخلود هو المكث الطَّويل.

الشيخ: يعني قوله: وَيَخْلُدْ يعني: يخلد مدةً طويلةً؛ لأنَّ الخلود خلودان: خلود دائم، وهو خلود الكفرة، وخلود دون الدائم، وهو طول الإقامة، هذا يقع لبعض أهل المعاصي: كالزاني والقاتل، خلودٌ له نهاية، كما في قول بعض الشُّعراء: "أقاموا فأخلدوا" يعني: طوّلوا.

فخلود الكفَّار خلود دائم، وخلود مَن يخلد من أهل المعاصي خلود مُؤقّت، نعم.

وقد تواترت الأحاديث عن رسول الله ﷺ أنَّه يخرج من النار مَن كان في قلبه أدنى مثقال ذرَّةٍ من إيمانٍ، وأمَّا حديث معاوية: كل ذنبٍ عسى الله أن يغفره، إلا الرجل يموت كافرًا، أو الرجل يقتل مؤمنًا مُتعمدًا، فعسى للترجي، فإذا انتفى الترجي في هاتين الصورتين لا ينتفي وقوع ذلك في أحدهما.

الشيخ: في إحداهما، الصورتين.

في إحداهما، وهو القتل؛ لما ذكرنا من الأدلة، وأمَّا مَن مات كافرًا فالنص أنَّ الله لا يغفر له البتة، وأمَّا مطالبة المقتول القاتل يوم القيامة فإنَّه حقٌّ من حقوق الآدميين، وهي لا تسقط بالتوبة، ولكن لا بدَّ من ردِّها إليهم، ولا فرق بين المقتول، والمسروق منه، والمغصوب منه، والمقذوف، وسائر حقوق الآدميين، فإنَّ الإجماع مُنعقد على أنها لا تسقط بالتوبة، ولكنَّه لا بدَّ من ردِّها إليهم في صحة التوبة، فإن تعذّر ذلك فلا بدَّ من المطالبة يوم القيامة، لكن لا يلزم من وقوع المطالبة وقوع المجازاة؛ إذ قد يكون للقاتل أعمال صالحة تُصرف إلى المقتول، أو بعضها، ثم يفضل له أجرٌ يدخل به الجنة، أو يعوض الله المقتول بما يشاء من فضله من قصور الجنة ونعيمها، ورفع درجته فيها، ونحو ذلك، والله أعلم.

الشيخ: والمقصود أنَّ التوبة الصَّادقة يمحو الله بها الذَّنب، ويدخل بها صاحبها الجنة، والمظلوم لا يضيع حقّه، المظلوم يُعوّضه الله عن حقِّه، ولا يضيع حقّه، نعم.

س: ..............؟

ج: التوبة يمحو اللهُ بها الذنب، ويبقى حقّ المخلوق الذي ما يضيع، يُعوّضه الله عنه؛ لأنَّ الله قبل توبته، وإذا قبل توبته يُعوّض الله المظلوم؛ لأنَّ التوبة تقضي على كل شيءٍ، التوبة الصَّادقة إذا قضت على الشرك الذي هو أعظم الذنوب تقضي على غيره من باب أولى.

س: أليس يُقال للقاتل: إنَّ من تمام توبتك أن تمكّن أولياء المقتول من قتلك؟

ج: إيه، هذا هو، هذا حقّ المخلوق، حقّ الأولياء، وحقّ الأولياء سقط بالقصاص، أو بالرضا، أو بالعفو، أو بالدية، وحقّ الله سقط بالتوبة، وحقّ المقتول يبقى، الله يُرضيه عنه -جلَّ وعلا- ويُعوّضه عنه .

س: قوله في حديث أسامة: كيف لك بلا إله إلا الله؟ ألا يدلّ على وقوع القصاص؟

ج: التوبة تجبّه، التوبة تجبّه، نعم.

ثم لقاتل العمد أحكام في الدنيا، وأحكام في الآخرة، فأمَّا في الدنيا فتسلط أولياء المقتول عليه، قال الله تعالى: وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا [الإسراء:33]، ثم هم مُخيرون بين أن يقتلوا، أو يعفوا، أو يأخذوا ديةً مُغلّظةً أثلاثًا: ثلاثون حقّة، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة، كما هو مُقرر في كتاب الأحكام.

واختلف الأئمّة: هل تجب عليه كفَّارة عتق رقبة، أو صيام شهرين مُتتابعين، أو إطعام، على أحد القولين كما تقدّم في كفَّارة الخطأ، على قولين؛ فالشَّافعي وأصحابه وطائفة من العلماء يقولون: نعم، يجب عليه؛ لأنَّه إذا وجبت عليه الكفَّارة في الخطأ فلأن تجب عليه في العمد أولى، فطردوا هذا في كفَّارة اليمين الغموس، واعتذروا بقضاء الصَّلاة المتروكة عمدًا.

الشيخ: على القول بقضائها.

مداخلة: في نسخة: "فاعتبروا".

الشيخ: لعلها: "اعتبروا" أحسن، واحتجّوا، "اعتبروا" أحسن.

مداخلة: في نسخة (الشعب): واعتضدوا.

الشيخ: و"اعتضدوا" يصلح، "اعتضدوا" و"اعتبروا" كلّها، والصواب أنَّه لا كفَّارة عليه، الصواب أنَّ العامد ليس عليه إلا التوبة مع أداء الحق، وهكذا اليمين الغموس أمرها أعظم وأكبر. الله -جلَّ وعلا- جعل الكفَّارة في قتل الخطأ؛ لأنها أخفّ، والكفَّارة تدخل في الذَّنب الأخف، وأمَّا هذا فهو ذنبٌ عظيمٌ لا دخلَ للكفَّارة فيه؛ ولهذا قال ﷺ لما خطب الناس قال: فأهله بين خيرتين: إما أن يأخذوا العقل، أو يقتلوا، ولم يذكر على القاتل كفَّارة.

كما أجمعوا على ذلك في الخطأ، وقال أصحابه -الإمام أحمد وآخرون: قتل العمد أعظم من أن يكفر، فلا كفَّارة فيه، وكذا اليمين الغموس. ولا سبيلَ لهم إلى الفرق بين هاتين الصورتين وبين الصلاة المتروكة عمدًا، فإنَّهم يقولون بوجوب قضائها إذا تركت عمدًا.

وقد احتجَّ مَن ذهب إلى وجوب الكفَّارة في قتل العمد بما رواه الإمام أحمد، حيث قال: حدثنا عارم بن الفضل.

الشيخ: محمد بن الفضل يقلب: عارم.

س: القاتل عليه صوم؟

ج: ما عليه، القاتل عمدًا ما عليه كفَّارة، لا صوم، ولا عتق، عليه التوبة والقصاص، عليه القصاص أو الدّية إن عفوا، والتوبة إلى الله -جلَّ وعلا-.

س: قوله : ولا سبيلَ لهم .....؟

ج: هذا على القول بهذا، والقول الآخر أنَّه لا يقضيها، وأنه كافر، يكفر بذلك، ولا يقضيها، وإذا قلنا بالقضاء ما يلزم من ذلك .....

حدَّثنا عبدالله بن المبارك، عن إبراهيم ابن أبي عبلة، عن الغريف بن عياش، عن واثلة بن الأسقع قال: أتى النبي ﷺ نفرٌ من بني سليم، فقالوا: إنَّ صاحبًا لنا قد أوجب، قال: فليُعتق رقبةً يفدي اللهُ بكل عضوٍ منها عضوًا منه من النَّار.

وقال أحمد: حدثنا إبراهيم بن إسحاق: حدثنا ضمرة بن ربيعة، عن إبراهيم ابن أبي عبلة، عن الغريف الدّيلمي قال: أتينا واثلة بن الأسقع الليثي، فقلنا له: حدّثنا حديثًا سمعته من رسول الله ﷺ. قال: أتينا رسول الله ﷺ في صاحبٍ لنا قد أوجب، فقال: أعتقوا عنه يُعتق اللهُ بكل عضوٍ منه عضوًا منه من النار.

وكذا رواه أبو داود والنَّسائي من حديث إبراهيم ابن أبي عبلة، به، ولفظ أبي داود: عن الغريف الدّيلمي قال: أتينا واثلة بن الأسقع فقلنا له: حدّثنا حديثًا ليس فيه زيادة ولا نقصان. فغضب، فقال: إنَّ أحدكم ليقرأ ومصحفه مُعلّق في بيته، فيزيد وينقص! قلنا: إنما أردنا حديثًا سمعته من رسول الله ﷺ. قال: أتينا رسول الله ﷺ في صاحبٍ لنا قد أوجب –يعني: النار- بالقتل، فقال: أعتقوا عنه يُعتق الله بكل عضوٍ منه عضوًا منه من النَّار.

الشيخ: هذا إن صحَّ فهو من باب التماس أسباب الأجر، وأسباب الفضل، وأسباب العتق ... مات ولم يتب، انظر: إبراهيم ابن أبي عبلة الغريف في "التقريب".

مُداخلة: في تعليق للشيخ مقبل على الحديث، يقول: الحديث يدور على الغريب، فما ذكروا راويًا عنه إلا إبراهيم ابن أبي عبلة، ولم يُوثّقه مُعتبر؛ فلذا قال ابنُ حزم: إنَّه مجهول كما في "تهذيب التهذيب".

الشيخ: طيب، وعلى كل حالٍ، حتى لو صحَّ كونه يُعتق عنه هذا من أسباب التَّكفير، فالعتق فيه خيرٌ عظيمٌ، سواء كان معاصٍ، أو قتل، أو غير ذلك، لكن ما هو بدليلٍ على أنَّ القاتل يجب عليه، قال: أعتقوا عنه، أرشدهم إلى أسباب الخير، اللهم صلِّ عليه.

الطالب: إبراهيم ابن أبي عبلة بسكون الموحدة، واسمه: شِبل -بكسر المعجمة- بن يقظان، الشامي، يكنى: أبا إسماعيل، ثقة، من الخامسة، مات سنة 52. (البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه).

الشيخ: انظر الغريف.

الطالب: الغريف -بفتح أوله- بن عياش -بتحتانية ومُعجمة- بن فيروز، الدّيلمي، وقد يُنسب إلى جدِّه، مقبول، من الخامسة. (أبو داود، والنسائي).

الشيخ: المقبول هو الذي لا يقبل إلا إذا تُوبع، نعم فيه ضعف، نعم. يصير ضعيفًا؛ لأنَّه لم يُتابع.

س: مَن قتل كافرًا خطأً هل تلزمه الكفَّارة؟

ج: إذا كان مُستأمنًا مثلما قال -جلَّ وعلا-: وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ [النساء:92] في الكافر والمسلم، فيه الكفَّارة إذا كان مُعاهدًا أو مُستأمنًا، أمَّا إذا كان حربيًّا فهو هدر، دمه هدر.

س: ...............؟

ج: قد يغلط، قد يأتي بكلمةٍ، قد يأتي بحرفٍ، المؤمن يتحرى، الراوي يتحرى ويجتهد؛ حتى لا يتكلم عن الرسول ﷺ إلا بالشيء الذي يعتقد أنَّه ضبطه عن الرواة وحفظه.

س: إذا كان يُصلي من الليل ويقرأ، والمصحف بعيد عنه، ويتردد في آيةٍ: هل هي "يعملون" أو نحوها؟ هل يجتهد فيها؟

ج: الأمر سهل: يعملون، وتعملون، يفعلون، وتفعلون، هذا يقع كثيرًا، اختلف القُرَّاء فيها، المعنى ما يضرّ، وإذا تقدّم للمصحف ونظر فيه لا بأس، نعم.