تفسير قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ}

وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ۝ فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ [الأعراف:130-131].

يقول تعالى: وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ أي: اختبرناهم وامتحناهم وابتليناهم بِالسِّنِينَ وهي سني الجوع بسبب قلّة الزروع، ونقص من الثّمرات. قال مجاهد: وهو دون ذلك.

وقال أبو إسحاق: عن رجاء بن حيوة: كانت النَّخلة لا تحمل إلا ثمرة واحدة.

الشيخ: الأقرب أنها تمرة؛ لأنَّ الثمرة تُطلق على جميع الثمار، كلّها ثمرة، ..... تُسمّى: ثمرة. نعم.

لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ۝ فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ أي: من الخصب والرزق قَالُوا لَنَا هَذِهِ أي: هذا لنا بما نستحقّه، وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ أي: جدب وقحط يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أي: هذا بسببهم وما جاءوا به.

أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ قال علي ابن أبي طلحة: عن ابن عباسٍ: أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ يقول: مصائبهم عند الله، وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ. وقال ابنُ جريج: عن ابن عباسٍ قال: أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ أي: إلا من قبل الله.

الشيخ: ربنا يقصّ علينا أخبار الماضين؛ لنتّعظ ونتذكّر ونحذر أعمالهم التي من أجلها عُوقبوا، كما قال -جلَّ وعلا-: لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ [يوسف:111]، وقال: فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ [الحشر:2]، وقال: هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ [إبراهيم:52]؛ ولهذا يقول -جلَّ وعلا-: وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ يعني: بأسباب أعمالهم الخبيثة: عصيانهم لموسى، وتكبرهم، وظلمهم، وعدوانهم، وطاعتهم لفرعون اللَّعين الذي يدّعي أنه ربّ العالمين؛ فلهذا أُخذوا بأنواع العذاب: بالسنين، بالجدب والقحط: وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ وقِلّة الثّمرات التي تحصل لهم من مزارعهم وبساتينهم وغير ذلك، لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ لعلهم يتَّعظون وينتبهون فيتوبوا.

فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ يعني: النعمة والخصب والرَّخاء قَالُوا لَنَا هَذِهِ هذه بأسباب أعمالنا ونشاطنا وجدّنا، وبأسباب كذا وكذا، لا يعرفون المنعم ، وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ إذا جاءتهم مصائب من الجدب وغيره، وهكذا ما جاءهم من القمل والضّفادع وما ذُكر معها تطيّروا بموسى ومَن معه؛ تشاءموا بموسى وأصحابه، قالوا: هذه من شرِّهم، ومن شؤمهم، ومن أعمالهم، تنصّلوا من الذَّم والأسباب منهم، وعلَّقوا ذلك بغيرهم، وهذا من ظلمهم وإعراضهم عن الحقِّ، واستكبارهم عن الإقرار بالحقِّ، وعن الخضوع لله .

قال الله -جلَّ وعلا: أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ يعني: ما أصابهم وما حصل لهم من الله بسبب ذنوبهم وأعمالهم الخبيثة، نحسهم وما أصابهم وما نزل بهم كلّه من الله؛ عدلًا منه بأسباب أعمالهم الخبيثة.

والآية الأخرى: قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ [يس:19] يعني: نحسكم وشرّكم معكم، ذنوبكم وسيئاتكم، فذنوبهم وسيئاتهم معهم، طائرهم معهم، وكون الله عاقبهم بذلك هو مما عند الله، فالطائر من عند الله، كونه أصابهم وعاقبهم بذنوبهم، والطائر الذي معهم ذنوبهم وسيئاتهم وكفر النعم.

فاحذروا يا أولي الأبصار، احذروا -أيها الناس- أن تكونوا مثلهم: وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ [آل عمران:28]، فإنَّ قيمة الإنسان والقبيلة وأهل البلد أو المصر أو الناحية إنما هي بأعمالهم الطّيبة أو بضدّها، لا بذواتهم وأنسابهم وأموالهم، لا، إنما ذلك بأعمالهم، فمَن قدّم الخير والعمل الصَّالح والصّدق والإخلاص استحقَّ من الله المثوبة والتيسير والتَّسهيل في الدنيا والآخرة: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ۝ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3]، ومَن قدّم المعاصي والشُّرور والكفر والضَّلال والاستكبار عن طاعة الله والعناد أحلَّ بنفسه عقابَ الله، نسأل الله العافية، نعم.

وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ۝ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ ۝ وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ۝ فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ [الأعراف:132-135].

هذا إخبارٌ من الله عن تمرد قوم فرعون، وعتوهم، وعنادهم للحقِّ، وإصرارهم على الباطل في قولهم: مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ يقولون: أي آيةٍ جئتنا بها ودلالة وحُجّة أقمتها رددناها، فلا نقبلها منك، ولا نؤمن بك، ولا بما جئت به.

قال الله تعالى: فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ اختلفوا في معناه.

الشيخ: وهذا التَّكبر غاية في الشَّر والشّؤم والفساد وسُوء الخلق: مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ، ما قالوا: إذا جئتنا بآيةٍ نفهمها قبلناها منك، مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ جميع الآيات لا يقبلونها، هذا غاية التَّمرد، نعوذ بالله، نسأل الله العافية.

فعن ابن عباسٍ في روايةٍ: كثرة الأمطار المغرقة، المتلفة للزروع والثِّمار. وبه قال الضّحاك بن مزاحم.

وعن ابن عباسٍ في روايةٍ أخرى: هو كثرة الموت. وكذا قال عطاء.

وقال مجاهد: الطُّوفَانَ الماء، والطَّاعون على كل حالٍ.

وقال ابنُ جرير: حدَّثنا ابن هشام الرّفاعي.

مُداخلة: في نسخة: أبو هاشم.

الشيخ: حطّ نسخة: أبو هاشم.

حدثنا يحيى بن يمان: حدثنا المنهال بن خليفة، عن الحجاج، عن الحكم بن ميناء، عن عائشة -رضي الله عنها- قالت.

الشيخ: "التقريب" حاضر؟ انظر: المنهال بن خليفة، وهذا الحجاج بن أوطاس ضعيف، والطوفان بلا شكّ هو الماء، أرسله الله عليهم حتى خرب الكثير من بلادهم، فالطّوفان إذا أُطلق مثلما في قصّة قوم نوح، وهو كثرة الماء وطُغيانه على الحدود المعروفة، نسأل الله العافية.

الطالب: المنهال بن خليفة العجلي، أبو قدامة، الكوفي، ضعيف، من السابعة. (أبو داود، والترمذي، وابن ماجه).

الشيخ: انظر: الحكم بن ميناء.

مُداخلة: في نسخة (الشعب): وقال ابنُ جرير: حدثنا أبو هشام الرّفاعي: حدثنا يحيى بن يمان: حدثنا المنهال بن خليفة، عن الحجاج، عن الحكم بن ميناء، عن عائشة -رضي الله عنها-، ثم ذكر الحديث، ذكر في الحاشية قال: في المخطوطة ابن هشام، والمثبت من "تفسير الطبري" و"التهذيب".

الشيخ: أبو هشام؟

الطالب: إي، نعم.

الشيخ: وجدته؟

الطالب: إي، نعم، الحكم بن ميناء -بكسر الميم، بعدها تحتانية، ثم نون، ومدّ- الأنصاري، المدني، صدوق، من أولاد الصحابة، من الثانية. (مسلم، والنسائي، وابن ماجه).

الشيخ: عندك أبو هشام الرّفاعي؟

الطالب: إيه، هنا في المخطوطة قال ابنُ هشام: والمثبت من تفسير الطبري والتَّهذيب.

الشيخ: انظر: أبو هشام الرّفاعي.

قال رسولُ الله ﷺ: الطوفان: الموت.

وكذا رواه ابنُ مردويه من حديث يحيى بن يمان، به، وهو حديثٌ غريبٌ.

الشيخ: حطّ على: غريب، بل ضعيف؛ لضعف المنهال والحجاج، وانظر: يحيى بن يمان، والكلام عليه.

وقال ابنُ عباسٍ في روايةٍ أخرى: هو أمرٌ من الله طاف بهم، ثم قرأ: فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ [القلم:19].

وأمَّا الجراد فمعروفٌ مشهور، وهو مأكولٌ؛ لما ثبت في "الصحيحين" عن أبي يعفور قال: سألتُ عبدالله ابن أبي أوفى عن الجراد، فقال: غزونا مع رسول الله ﷺ سبع غزوات نأكل الجراد.

وروى الشَّافعي وأحمد بن حنبل وابن ماجه من حديث عبدالرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر، عن النبي ﷺ قال: أُحلّت لنا ميتتان ودمان: الحوت والجراد، والكبد والطّحال.

ورواه أبو القاسم البغوي عن داود بن رشيد، عن سويد بن عبدالعزيز، عن أبي تمام الأيلي، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر مرفوعًا مثله.

وروى أبو داود عن محمد بن الفرج، عن محمد بن زبرقان الأهوازي، عن سليمان التّيمي، عن أبي عثمان، عن سلمان قال: سُئل رسول الله ﷺ عن الجراد، فقال: أكثر جنود الله، لا آكله، ولا أُحرّمه، وإنما تركه لأنَّه كان يعافه، كما عافت نفسه الشَّريفة أكل الضّب وأذن فيه.

وقد روى الحافظُ ابن عساكر في جزءٍ جمعه في الجراد من حديث أبي سعيدٍ الحسن بن علي العدوي: حدثنا نصر بن يحيى بن سعيد: حدثنا يحيى بن خالد، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباسٍ قال: كان رسول الله ﷺ لا يأكل الجراد، ولا الكلوتين، ولا الضب، من غير أن يُحرّمها، أمَّا الجراد فرجزٌ وعذابٌ، وأمَّا الكلوتان فلقُربهما من البول، وأمَّا الضّب فقال: أتخوّف أن يكون مسخًا. ثم قال: غريبٌ، لم أكتبه إلا من هذا الوجه.

وقد كان أميرُ المؤمنين عمر بن الخطاب يشتهيه ويُحبّه، فروى عبدالله بن دينار عن ابن عمر: أنَّ عمر سُئل عن الجراد فقال: ليت أنَّ عندنا منه قفعة أو قفعتين نأكله.

وروى ابنُ ماجه: حدَّثنا أحمد بن منيع، عن سفيان بن عيينة، عن أبي سعدٍ سعيد بن المرزبان البقّال، سمع أنس بن مالك يقول: كان أزواج النبي ﷺ يتهادين الجراد على الأطباق.

وقال أبو القاسم البغوي: حدّثنا داود بن رشيد: حدثنا بقية بن الوليد، عن يحيى بن يزيد القعنبي: حدثني أبي، عن صدي بن عجلان، عن أبي أمامة.

الشيخ: عن صدي بن عجلان أبي أمامة، هو أبو أمامة.

مُداخلة: نمير بن يزيد القيني.

الشيخ: والذي عندك؟

الطالب: يحيى بن يزيد القعنبي.

الشيخ: يُراجع البغوي، حطّ عليه إشارة، وحطّ نسخة: نمير بن يزيد.

الطالب: يحيى بن يمان العجلي، الكوفي، صدوق، عابد، يُخطئ كثيرًا، وقد تغيّر، من كبار التاسعة، مات سنة تسعٍ وثمانين. (البخاري في "الأدب"، ومسلم، والأربعة).

الثاني: أبو هشام، محمد بن يزيد بن محمد بن كثير، العجلي، أبو هشام الرفاعي، الكوفي، قاضي المدائن، ليس بالقوي، من صغار العاشرة، وذكره ابنُ عدي في شيوخ البخاري، وجزم الخطيب بأنَّ البخاري روى عنه، ولكن قد قال البخاري: رأيتهم مُجمعين على ضعفه. مات سنة ثمانين وأربعين. (مسلم، وأبو داود، وابن ماجه).

الشيخ: الله المستعان، حطّها: أبو هشام، عندك: ابن هشام، صلّحها: أبو هشام، في سند ابن جرير السَّابق.

وقال أبو القاسم البغوي: حدّثنا داود بن رشيد: حدثنا بقية بن الوليد، عن يحيى بن يزيد القعنبي: حدّثني أبي، عن صدي بن عجلان، عن أبي أمامة.

الشيخ: عن صدي بن عجلان أبي أمامة، عن زائدة، صدي بن عجلان هو أبو أمامة الباهلي.

عن صدي بن عجلان أبي أمامة قال: قال رسولُ الله ﷺ: إنَّ مريم بنت عمران -عليها السلام- سألت ربّها أن يُطعمها لحمًا لا دمَ له، فأطعمها الجراد، فقالت: اللهم أعشه بغير رضاعٍ، وتابع بينه بغير شياعٍ، وقال نمير: الشّياع: الصوت.

مداخلة: الآن قال: "وقال نمير: الشّياع: الصوت"، ويدل على أنَّه نمير، أحسن الله إليك؟

الشيخ: يُراجع البغوي.

مداخلة: في حاشية في نسخة (الشعب) يقول: في "مجمع الزوائد": رواه الطّبراني في "الكبير"، وفيه بقية، وهو ثقة، ولكنه مُدلّس، ويزيد القيني لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.

الشيخ: يُراجع، نعم.

الطالب: "التقريب" موجود: نمير بن يزيد القيني -بقاف ونون- شامي، مجهول، من السابعة. ابن ماجه في "التفسير".

الشيخ: صلّحه: نمير بن يزيد القيني، الذي عنده غير هذا يُصلحه، بدل: يحيى، نمير بن يزيد القيني، بدل: القعنبي.

وقال أبو بكر ابن أبي داود: حدثنا أبو بقي هشام بن عبدالملك اليزني.

مُداخلة: موجود في "التقريب": هشام بن عبدالملك بن عمران، اليزني -بفتح التَّحتانية والزاي ثم نون- أبو تقي -بفتح المثناة وكسر القاف- الحمصي، صدوق، ربما وهم، من العاشرة، مات سنة إحدى وخمسين. (أبو داود، والنسائي، وابن ماجه).

الشيخ: حطّها: تاء.

وقال أبو بكر ابن أبي داود: حدّثنا أبو تقي هشام بن عبدالملك اليزني: حدثنا بقية بن الوليد: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن ضمضم بن زرعة، عن شريح بن عبيد، عن أبي زهير النّمري.

مداخلة: النّميري.

الشيخ: راجع "التقريب": أبو زهير، سبحان الله! هذه الطّبعة فيها غلط.

قال: قال رسولُ الله ﷺ: لا تُقاتلوا الجراد؛ فإنَّه جند الله الأعظم، غريبٌ جدًّا.

وقال ابنُ أبي نجيح: عن مجاهدٍ في قوله تعالى: فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ [الأعراف:133] قال: كانت تأكل مسامير أبوابهم وتدع الخشب.

وروى ابن عساكر من حديث علي بن زيد الفرائضي.

مداخلة: في (الشعب): الخرائطي، علي بن زيد الخرائطي.

الشيخ: انظر "التقريب"، حطّ عليه نسخة: الخرائطي.

عن محمد بن كثير: سمعتُ الأوزاعي يقول: خرجتُ إلى الصّحراء، فإذا أنا برجلٍ من جرادٍ في السماء، فإذا برجلٍ راكبٍ على جرادةٍ منها، وهو شاكّ في الحديد، وكلما قال بيده هكذا مال الجرادُ مع يده، وهو يقول: الدنيا باطل، باطل ما فيها، الدنيا باطل، باطل ما فيها، الدنيا باطل، باطل ما فيها.

س: أحسن الله إليك، هذا من الجنِّ، أو من الملائكة؟

ج: الله أعلم، الأقرب -والله أعلم- أنَّه من الملائكة لو صحَّ، لو صحَّ فهو ملكٌ.

وروى الحافظ أبو الفرج المعافى بن زكريا الحريري: حدّثنا محمد بن الحسن بن زياد: حدثنا أحمد بن عبدالرحيم: أخبرنا وكيع، عن الأعمش: أنبأنا عامر، قال: سُئل شُريح القاضي عن الجراد فقال: قبّح الله الجرادة؛ فيها خلقة سبعة جبابرة، رأسها رأس فرس، وعنقها عنق ثور، وصدرها صدر أسد، وجناحها جناح نسر، ورجلاها رجل جملٍ، وذنبها ذنب حيةٍ، وبطنها بطن عقرب.

وقدمنا عند قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ [المائدة:96] حديث حماد بن سلمة، عن أبي المهزم، عن أبي هريرة قال: خرجنا مع رسول الله ﷺ في حجٍّ أو عمرةٍ، فاستقبلنا رجل جرادٍ، فجعلنا نضربه بالعصي ونحن مُحرمون، فسألنا رسول الله ﷺ فقال: لا بأس بصيد البحر.

الشيخ: هذا ضعيفٌ؛ لأنَّه صيد بري، يعيش في البرِّ، وأبو المهزم ضعيفٌ، ليس بمَن يحتجّ به، علّق عليه: الحديث ضعيفٌ؛ لضعف أبي المهزم.

س: قول شُريح: قبّح الله الجراد؛ فيها خلقة سبعة جبابرة؟

ج: يحتاج إلى ثبوتٍ، ولو فيها سبعة جبابرة هذا ما يضرّ، حِلّه لا شكّ فيه بإجماع المسلمين، والأحاديث صحيحة ثابتة: غزوا مع النبي ﷺ فأكلوها سبع غزوات في "الصحيحين".

س: قول الحافظ ابن كثير: "غريبٌ جدًّا" الغرابة في السَّند أم في المتن؟

ج: حديث أيش؟

س: الحديث الأول ..... في الجراد؟

ج: أي حديث متنه؟

س: لا تُقاتلوا الجراد؛ فإنَّه جند الله الأعظم؟

ج: لا، لا، هذا ضعيفٌ، ليس بصحيحٍ، نعم.