تفسير قوله تعالى: {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ..}

وقوله: وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ [النساء:113].

وقال الإمام ابنُ أبي حاتم: أنبأنا هاشم بن القاسم الحرَّاني فيما كتب إليَّ.

الشيخ: انظر: هاشم بن القاسم في "الخلاصة".

الطالب: هاشم بن القاسم القرشي مولاهم، أبو يحيى الحراني، عن يعلى بن الأشدق، وعن ابن وهب، وعنه ابن ماجه، قال ابن حبان في "الثقات": مات سنة ستين ومئتين. (ابن ماجه).

الشيخ: ماشٍ، نعم.

حدثنا محمد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري، عن أبيه، عن جدِّه قتادة بن النعمان. وذكر قصة بني أبيرق، فأنزل الله: لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ [النساء:113] يعني: أسيد بن عروة وأصحابه، يعني بذلك لما أثنوا على بني أبيرق، ولاموا قتادة بن النعمان في كونه اتَّهمهم وهم صُلحاء بُرآء، ولم يكن الأمر كما أنهوه إلى رسول الله ﷺ؛ ولهذا أنزل الله فصل القضية وجلاءها لرسول الله ﷺ، ثم امتنَّ عليه بتأييده إياه في جميع الأحوال، وعصمته له، وما أنزل عليه من الكتاب -وهو القرآن- والحكمة -وهي السُّنة: وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ [النساء:113] أي: قبل نزول ذلك عليك، كقوله: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ .. [الشورى:52] إلى آخر السورة، وقال تعالى: وَمَا كُنْتَ تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْكَ الْكِتَابُ إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ [القصص:86]؛ ولهذا قال: وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا [النساء:113].

الشيخ: لا شكَّ أنَّ الله -جلَّ وعلا- تفضّل على أنبيائه بفضلٍ عظيمٍ، وهم خيرة الناس وأفضلهم، وهم الدُّعاة إلى الله، وهم الواسطة في إبلاغ الرسالة، وأداء الأمانة، والتوجيه إلى الخير، وأفضلهم وخاتمهم وإمامهم محمد -عليه الصلاة والسلام-، جعله الله إمامًا وهاديًا ومُبَشِّرًا ومُنْذِرًا، ورحم اللهُ به الأُمّة، وجلى به الغمّة، وأرشد به إلى طريق الصواب، ومن فضل الله ورحمته أن حفظ فرقانه، وكفاه شرَّ الأعداء.

لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ۝ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [النساء:114-115].

يقول تعالى: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ يعني: كلام الناس، إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ أي: إلا نجوى مَن قال ذلك، كما جاء في الحديث الذي رواه ابنُ مردويه: حدَّثنا محمد بن عبدالله بن إبراهيم: حدثنا محمد بن سليمان بن الحارث: حدثنا محمد بن يزيد بن حنيش.

مداخلة: في نسخة (الشعب): يزيد بن خنيس.

الشيخ: أيش عندك؟

قارئ المتن: ابن حنيش.

الشيخ: انظر "التقريب": محمد بن يزيد.

مداخلة: في بعض النُّسخ: محمد بن زيد، وعند الشيخ: عمر بن يزيد.

الشيخ: وفي (الشعب)؟

الطالب: في (الشعب): ابن يزيد.

الشيخ: انظر محمد بن يزيد بن حنيش، أو ابن خنيس.

الطالب: محمد بن يزيد بن خنيس -أوّله مُعجمة، مُصغّر- المخزومي مولاهم، أبو عبدالله، المكي، عن ابن جريج وإسماعيل بن حسان، وعنه: قتيبة وبندار. وقال أبو حاتم: شيخ.

في حاشية زاد في "التهذيب": صالح، كتبنا عنه بمكّة. وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: كان من خيار الناس، وربما أخطأ، يجب أن يعتبر بحديثه إذا بيّن السّماع في خبره.

الشيخ: في "التقريب": محمد بن يزيد بن خنيس بالسين، خنيس مثلما في (الشعب) بالسين.

الطالب: محمد بن يزيد بن خنيس، المخزومي مولاهم، المكي، مقبول، وكان من العُبَّاد، من التاسعة، تأخّر إلى بعد العشرين ومئتين. (الترمذي، وابن ماجه).

الشيخ: نعم، بالخاء والسين.

س: إذا قيل في رجلٍ: شيخ، هل يُقبل حديثه عند التَّفرد؟

ج: "شيخ" أدنى مراتب التعديل، يعني: مُقارب، نعم.

س: حسن الحديث؟

ج: ما يكون ضعيفًا، يكون مُقاربًا، يستشهد به، نعم.

حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس، قال: دخلنا على سفيان الثوري نعوده، فدخل علينا سعيد بن حسان المخزومي، فقال له سفيان الثوري: الحديث الذي كنت حدّثتنيه عن أمِّ صالح، ردده عليَّ. فقال: حدّثتني أمُّ صالح، عن صفية بنت شيبة، عن أم حبيبة، قالت: قال رسولُ الله ﷺ: كلام ابن آدم كلّه عليه لا له، إلا ذكر الله ، أو أمرًا بمعروفٍ، أو نهيًا عن منكرٍ، فقال سفيان: أوما سمعت الله في كتابه يقول: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ؟ فهو هذا بعينه.

مداخلة: في نسخة (الشعب) زيادة بعد قوله: "أو نهيًا عن منكرٍ" قال: فقال محمد بن يزيد: ما أشدّ هذا الحديث! فقال سفيان.

الشيخ: حطّ نسخة.

أوما سمعت الله يقول: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا [النبأ:38]؟ فهو هذا بعينه، أوما سمعت الله يقول في كتابه: وَالْعَصْرِ ۝ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ [العصر:1-2] .. إلخ؟ فهو هذا بعينه.

وقد روى هذا الحديث الترمذي وابن ماجه من حديث محمد بن يزيد بن خنيس، عن سعيد بن حسان، به، ولم يذكر أقوال الثوري إلى آخرها، ثم قال الترمذي: حديثٌ غريبٌ، لا يُعرف إلا من حديث ابن خنيس.

الشيخ: حسن من جهة المعنى، من أدلة القرآن؛ لأنَّ الله يقول: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ.

والحديث: كل كلام ابن آدم عليه لا له، إلا ذكر الله، أو أمرًا بمعروفٍ، أو نهيًا عن منكرٍ، فالإنسان كلامه عليه خطر، كلامه عليه لا له، إلا إذا كان في هذه الأمور: في ذكر الله، أو في شيء معروف، أو في إصلاح بين الناس.

فالمؤمن ينبغي له أن يتحفظ ويحذر، ويصون هذا اللسان، إلا فيما ذكر الله -جلَّ وعلا-: في صدقةٍ يأمر بها، في معروفٍ يُرشد إليه من ذكر الله وتحميده، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، أو غير ذلك، أو في إصلاحٍ بين الناس، حتى لا يقع في خطر هذا اللسان: مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:18].

وحديث معاذٍ: قلتُ: يا رسول الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلّم به؟ قال ﷺ: ثكلتك أمّك يا معاذ، وهل يكبّ الناس في النار على وجوههم -أو قال: على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم؟!.

فالواجب على المؤمن أن يتحفظ، وأن يحذر شرَّ لسانه وجوارحه، وأن يعود نفسه الخير، إذا تكلّم تكلّم في الخير: بذكر الله، بالدَّعوة إلى الله، بالأمر بالمعروف، بالنهي عن المنكر، بالصّدقة: وَالْعَصْرِ ۝ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ۝ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:1-3].

فالمعروف يشمل كلّ ما فيه خير: من ذكر الله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والتوجيه إلى الخير، كلّ ما ينفع الناس فهو من المعروف، والصدقة معروف، والإصلاح بين الناس معروف، كل هذا خيرٌ، لكن المصيبة إذا كانت الكلمات تضرّ: في غيبةٍ، أو نميمةٍ، أو كذبٍ، أو تشجيعٍ على باطلٍ، هذا هو الخطر.

فالمؤمن يسكت، ويحفظ لسانه، وإذا أراد أن يتكلّم ينظر ماذا يقول؟ فإن كان كلامُه ينفع الناس في أمرٍ بمعروفٍ، ونهي عن منكرٍ، ونصيحةٍ، وتوجيهٍ إلى خيرٍ، وإرشادٍ إلى خيرٍ، وإصلاحٍ بين الناس، شيء ينفع فليتكلم، وإلا فليُنصت، ومن المعروف: تعليم الناس الخير، وإرشادهم إلى الخير، وتعليمهم ما أوجب الله عليهم، وما حرّم الله عليهم، وتشجيعهم على خير المندوبات والمستحبّات، كل هذا داخلٌ في المعروف، ومن الإصلاح بين الناس: حلّ مشاكلهم، والنّصح لهم حتى تعود المحبّة، وحتى يعود الوئام، وحتى يحذروا التَّقاطع والشَّحناء، نعم.

س: .............؟

ج: هذا خبرٌ مُرسلٌ عن النبي ﷺ، ومعناه صحيح، وكل واحدٍ مسؤول على قدر علمه، وعلى قدر قدرته مع أهله، ومع جيرانه، ومع جُلسائه، ومع غيرهم، يتَّقي الله، لا يكون شرًّا على المسلمين، أو يدعو إلى شرٍّ؛ ليحذر، نعم.

س: كلّكم راعٍ، وكلّكم مسؤول عن رعيَّته؟

ج: هذا حديثٌ صحيحٌ، كل إنسانٍ عليه مسؤولية: الرجل في أهل بيته، والأمير على الناس، والمرأة في بيت زوجها، والخادم، كل مسؤول على قدر علمه، وعلى قدر قُدرته، فليس له أن يتكلم إلا بعلمٍ، ولا يلزمه إلا أن يُطيع: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].

س: الذي يمزح بالكلام الفاحش هل يكون في خطرٍ؟

ج: نعم، يُنصح، لا يمزح بالباطل، يمزح بالحقِّ، بالاقتصاد، من غير إسرافٍ، ومن غير تكلّفٍ؛ لأنَّ المزح قد يضرّ أيضًا، لكن إذا كان قليلًا في محلِّه فلا بأس.

س: حديث: ..... شيطان ناطق، والسَّاكت عن الحقِّ شيطان أخرس؟

ج: هذا ما هو بحديثٍ، هذا من كلام بعض السَّلف، ليس بحديثٍ، من كلام بعض السَّلف.

وقال الإمام أحمد: حدّثنا يعقوب: حدثنا أبي: حدثنا صالح بن كيسان: حدثنا محمد بن مسلم بن عبيدالله بن شهاب: أنَّ حميد بن عبدالرحمن بن عوف أخبره: أنَّ أمّه أم كلثوم بنت عقبة أخبرته: أنها سمعت رسول الله ﷺ يقول: ليس الكذَّاب الذي يُصلح بين الناس؛ فيُنمي خيرًا، أو يقول خيرًا، وقالت: لم أسمعه يُرخّص في شيءٍ مما يقوله الناسُ إلا في ثلاثٍ: في الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها.

قال: وكانت أم كلثوم بنت عقبة من المهاجرات اللاتي بايعن رسول الله ﷺ.

وقد رواه الجماعة سوى ابن ماجه من طرقٍ عن الزهري، به، نحوه.

الشيخ: وهذا حديثٌ عظيمٌ: ليس الكذَّاب الذي يُصلح بين الناس: فيقول خيرًا، أو يُنمي خيرًا، إنما الكذَّاب الذي يُفسد بين الناس، ويضرّهم، ويفتري عليهم الكذب، هذا هو الكذَّاب، أمَّا مَن يُصلح بين الناس فيقول خيرًا، ويُنمي خيرًا؛ لإزالة الشَّحناء، فهذا مثلما قال الله -جلَّ وعلا-: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ.

قالت: ولم أسمعه يُرخّص في شيءٍ من الكذب إلا في ثلاثٍ: في الحرب، وفي الإصلاح بين الناس، وفي حديث الرجل امرأته، والمرأة زوجها.

في الحرب: كون الأمير يتظاهر بشيءٍ؛ ليخدع العدو، ويسلم من شرِّه، من غير خيانةٍ، ولا غدرٍ، مثلما في حديث كعب: كان النبيُّ إذا أراد غزوةً ورّى بغيرها. إذا أراد الشَّمال ورّى بالجنوب، أو أراد الشّرق ورَّى بالغرب؛ حتى يهجم على العدو على غرّةٍ، إذا كان العدو قد بلغته الدَّعوة وأصرّ.

ومثلما في فعل النبي ﷺ فإنَّه هجم على المشركين على غرّةٍ؛ لأنَّهم قد دُعوا وأُنذروا وأبوا، ونقضوا العهد، فلا بأس أن يُغير عليهم.

في حديث الصّعب بن جثّامة في "الصحيحين": أنَّ النبي ﷺ أغار على قومه وهم غارّون، فقتل مُقاتلتهم، وسبى ذُرّيتهم؛ لأنَّهم قد أُنذروا فأبوا؛ فلهذا أغار عليهم وهم غارّون -عليه الصلاة والسلام-، فهذا من الخداع في الحرب، يقال: خُدعة، وخَدعة.

ومن ذلك: لو كان العدو مُتحصنًا بحصونٍ يصعب على المسلمين الهجوم عليها، فأظهروا القفول والهزيمة والرجوع عنهم؛ حتى يخرجوا من هذه الحصون، فقال الأميرُ لهم: إنا قافلون. لعلهم يخرجون إذا رأوهم قافلين، فهذا من باب الحرب خدعة، فإذا تعدّوا المحلّ، ثم رآهم خرجوا كرّوا عليهم.

والإصلاح بين الناس مثل: قبيلتين، أو أهل قريتين، أو جماعتين يُصلح بينهم، يأتي هؤلاء ويقول: إنَّ الجماعة يدعون لكم، ويُحبّون الصّلح معكم، ويُثنون عليكم، وكذا. ويأتي بكلمات طيبة، ثم يأتي الآخرين كذلك ويقول: إنَّ إخوانكم يُحبّون الصلح معكم، ويُثنون عليكم، ويدعون لكم، ويرغبون. وهم ما أوصوه بهذا، لكن يُريد الإصلاح بينهم، فيُصلح بينهم بهذا الطَّريق، فلا بأس، مأجورٌ.

أما حديث الرجل امرأته، والمرأة زوجها: فهذا –معناه- الكلّ يحتاجه، كل رجلٍ يحتاجه مع زوجته، قد تشتدّ عليه فيقول: نعم، أنا سوف أشتري لك كذا، وسوف أفعل لك كذا، وسوف أشتري لك، اصبري. ولو كذب، ولو ما نوى، وهي كذلك تُبَشّره بالخير: أنا -إن شاء الله- سوف أفعل، وسوف أفعل. مما يسرّه ويُرضيه، ولا يتعلق بأحدٍ، لا يُؤذي أحدًا، فيما بينهما فقط، لا يضرّ أحدًا من الناس؛ لإصلاح الشأن، ولأم الصّدع بين الزوجين.

وهذه أم كلثوم أبوها قُتل يوم بدر صبرًا: عقبة ابن أبي مُعيط، قُتِل صبرًا يوم بدر، كان من المؤذين للنبي ﷺ، وكانت امرأةً صالحةً مُهاجرةً.

س: إذا طلب من المصلح بين الناس أن يحلف؟

ج: ولو حلف ما يُخالف، يجوز له الحلف، نعم.

س: إنسان يغتاب شخصًا، ثم قيل له: إنَّ هذا الشخص يُثني عليك؛ منعًا له عن غيبته، فهل هذا من الإصلاح؟

ج: ما هو ببعيد، يحذر من الغيبة، أولًا ينكر عليه الغيبة، يعلمها أنها مُنكر.

س: إذا حلف بالإصلاح بين الناس عليه كفَّارة؟

ج: لا بأس، إذا حلف لا بأس، إذا حلف للإصلاح بين الناس ما عليه شيء.

س: الحديث: لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصية الخالق؟

ج: هذا حقٌّ، حديثٌ صحيحٌ، لا تُطع أباك، ولا عمك، ولا أميرك في الزنا والخمر، لا تُطعهم.

قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن محمد.

مداخلة: في نسخة (الشعب): عمرو بن مرّة.

عن عمرو بن محمد، عن سالم ابن أبي الجعد، عن أمِّ الدَّرداء، عن أبي الدَّرداء.

الشيخ: حطّها نسخة، عندك نسخة: عمرو بن مرّة، ونسخة: عمرو بن محمد، ويُراجع "المسند": مسند أبي الدَّرداء.

عن سالم ابن أبي الجعد، عن أم الدَّرداء، عن أبي الدَّرداء، قال: قال رسولُ الله ﷺ: ألا أُخبركم بأفضل من درجة الصيام، والصلاة، والصدقة؟.

الشيخ: يعني: النافلة، نعم.

قالوا: بلى يا رسول الله. قال: إصلاح ذات البين، قال: وفساد ذات البين هي الحالقة.

ورواه أبو داود والترمذي من حديث أبي معاوية، وقال الترمذي: حسنٌ صحيحٌ.

وقال الحافظ أبو بكر البزار: حدَّثنا محمد بن عبدالرحيم: حدثنا شريج بن يونس.

الشيخ: سريج بالسين والجيم، يغلطون في هذا كثيرًا: سريج بن يونس، وسريج بن .....؛ لأنَّ الكثير في ألسنة الناس: شريح؛ ولهذا الكُتَّاب يغلطون فيه.

حدثنا سريج بن يونس: حدثنا عبدالرحمن بن عبدالله بن عمر.

الشيخ: عبدالرحمن بن عبدالله بن عمر، كذا عندكم؟

الطالب: بالتصغير: ابن عبيدالله.

الشيخ: عبدالرحمن بن عبيدالله بن عمر، وأيش بعده؟

حدثنا أبي، عن حميد، عن أنس: أن النبي ﷺ.

الشيخ: انظر "التقريب"، أو "الخلاصة": عبدالرحمن بن عبيدالله بن عمر.

قال لأبي أيوب: ألا أدلّك على تجارةٍ؟ قال: بلى يا رسول الله. قال: تسعى في إصلاحٍ بين الناس إذا تفاسدوا، وتقارب بينهم إذا تباعدوا، ثم قال البزار: وعبدالرحمن بن عبدالله العمري لين.

الشيخ: كذا كرره: عبدالله؟

قارئ المتن: نعم.

الطالب: عبدالرحمن بن عبدالله بن عمر بن حفص، العمري، أبو القاسم، المدني، نزيل بغداد، أحد الضعفاء، عن أبيه وعمِّه عبيدالله، وعنه محمد بن الصّباح ومحمد بن مقاتل، له في ابن ماجه فرد حديث. ابن ماجه.

الشيخ: إيه، ابن عبدالله، نعم، عبدالرحمن بن عبدالله، عمّه عبيدالله ثقة، نعم.

مداخلة: في "المسند" الإسناد السابق: قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمر بن مرّة.

الشيخ: أيش عندكم؟

الطالب: عن عمرو.

الشيخ: أيش الذي عندك، السّند؟

قارئ المتن: قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن محمد، عن سالم ابن أبي الجعد.

الشيخ: في "المسند": عمر بن مرّة.

الطالب: إي، نعم.

الشيخ: انظر "التقريب" أو "الخلاصة".

الطالب: الأول عمرو بن مرة الشني -بفتح المعجمة وتشديد النون- بصري، مقبول، من الرابعة. (أبو داود، والترمذي).

وعمرو بن مرّة بن عبدالله بن طارق، الجمري -بفتح الجيم والميم- المرادي، أبو عبدالله، الكوفي، الأعمى، ثقة، عابد، كان لا يُدلس، ورُمِيَ بالإرجاء، من الخامسة، مات سنة ثماني عشرة ومئة، وقيل: قبلها. الجماعة.

الشيخ: يحتمل هذا أو هذا، يعرف من مشايخه وتلاميذه في "التهذيب": عمرو بن مرّة، وعمر بن مرّة. انظر: حدَّثنا، نعم.

حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمرو بن محمد، عن سالم ابن أبي الجعد، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء.

الشيخ: المقصود ابن مرّة، محمد غلط، ابن مرة .....، نعم، كمل.

عن أبي الدَّرداء، قال: قال رسولُ الله ﷺ: ألا أُخبركم بأفضل من درجة الصيام، والصلاة، والصّدقة؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: إصلاح ذات البين، قال: وفساد ذات البين هي الحالقة.

ورواه أبو داود والترمذي من حديث أبي معاوية، وقال الترمذي: حسنٌ صحيحٌ.

الشيخ: قف على هذا ........

الطالب: نعم.

الشيخ: لو أنَّك أعطيت زوجك كذا وكذا، ولا أعطيتني، له أن يحلف كاذبًا، وعليه أن يعدل، نعم، هل زرت فلانًا وزرت فلانًا؟ وقال: والله ما زرتُه.

س: يُكفّر عن يمينه؟

ج: الكذب ما فيه شيء.

س: وعد الولد بالعطية؟

ج: لا، ثلاث، الرسول ذكر ثلاثًا.