وقال الإمام أحمد: حدثنا عبدالرحمن بن مهدي: حدثنا سفيان، عن عمرو بن عامر الأنصاري: سمعتُ أنس بن مالك يقول: كان النبي ﷺ يتوضأ عند كل صلاةٍ. قال: قلتُ: فأنتم كيف كنتم تصنعون؟ قال: كنا نُصلي الصَّلوات كلّها بوضوءٍ واحدٍ ما لم نُحدث.
وقد رواه البخاري وأهل السنن من غير وجهٍ عن عمرو بن عامر، به.
الشيخ: تقدم أنَّه ﷺ بيَّن أنَّ هذا ليس على سبيل الوجوب، وإنما هو على سبيل الاستحباب: وضوؤه من كل صلاةٍ؛ ولهذا صلَّى يوم الفتح عدّة صلوات بوضوءٍ واحدٍ، فسأله عمر فقال: عمدًا فعلتُ؛ ليعلم الناس أنَّه لا يجب الوضوء لكل صلاةٍ، فمَن كان طاهرًا إذا حضرت الصلاةُ وهو على وضوءٍ كفاه الوضوء السَّابق، فلو توضّأ للظهر، ثم جاءه العصر وهو على وضوئه، وجاء المغربُ وهو على وضوئه، وجاء العشاء وهو على وضوئه؛ صلَّى به والحمد لله، وإذا توضّأ تجديدًا فهذا أفضل -فضل الأجر-، ولكن لا يلزم، ما دام على طهارةٍ له أن يُصلي ويطوف إذا كان في مكّة بالوضوء السابق، ولو تعددت الصّلوات والطّواف، نعم.
س: استحباب إعادة الوضوء لصلاة الفريضة أو للنَّافلة؟
ج: المقصود الفريضة، والنَّافلة تابعة.
س: يعني: لا يُستحبّ؟
ج: مُستحبٌّ عند النوم إن كان عن حدثٍ، وإلا كان على الوضوء والحمد لله، ينام على وضوءٍ.
س: إذا كان على جنابةٍ وتوضّأ فهل يقرأ القرآن؟
ج: ظاهر الحديث لا يقرأ حتى يغتسل، لكن يُستحبّ له أن ينام على وضوءٍ إن كان جنبًا، كما كان النبيُّ يفعل، لما سأله عمر: أينام أحدُنا وهو جنب؟ قال: نعم، إذا توضّأ فليرقد.
س: إذا شرع في الوضوء المستحبّ، وأُقيمت الصلاة، فهل يقطع الوضوء؟
ج: ما هو ببعيد، الوضوء أخفّ من الصلاة؛ لئلا يشغله، إذا كان يقطع الصلاة، فالوضوء من باب أولى، لكن الغالب أنَّه ما يقطع شيئًا .....، لكن لو قدر أنَّه قد يقطع يقطعه، إذا كان يقطع الصلاة: إذا أُقيمت الصلاةُ فلا صلاةَ إلا المكتوبة، فإذا أُقيمت وقد شرع في نافلةٍ يقطعها، ولو صلَّى ركعةً يقطعها ويشتغل بالفريضة.
س: .............؟
ج: يقطعها، إلا إذا كان بعد الركوع الثاني.
س: التيمم مثل الماء؟
ج: مثل الماء، الصواب أنَّه مثل الماء يكفي، الله جعله طهورًا، يقول ﷺ: جُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، هذا هو الصواب، وفي الحديث الآخر: الصعيد وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين، فلو تيمم للظهر وجاء العصرُ وهو على تيممه صلَّى، هذا الصَّواب.
س: ..............؟
ج: يترك الوضوء، نعم، ينهض للصلاة حتى يُدرك فضل ..... الأول للصلاة.
س: ..............؟
ج: ظاهر النَّص وجوبًا، كما في الحديث: إذا أُقيمت الصلاةُ فلا صلاةَ إلا المكتوبة، هذا وجوب.
وقال ابنُ جرير: حدَّثنا أبو سعيد البغدادي: حدثنا إسحاق بن منصور، عن هريم، عن عبدالرحمن بن زياد -هو الإفريقي-، عن أبي غطيف، عن ابن عمر، قال: قال رسولُ الله ﷺ: مَن توضّأ على طهرٍ كتب له عشر حسنات.
ورواه أيضًا من حديث عيسى بن يونس، عن الإفريقي، عن أبي غطيف، عن ابن عمر، فذكره، وفيه قصّة.
وهكذا رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث الإفريقي، به نحوه. وقال الترمذي: وهو إسنادٌ ضعيفٌ.
الشيخ: لأنَّ الإفريقي ضعيف، لكن استحباب الوضوء على الوضوء معروفٌ من أدلّةٍ أخرى، انظر: أبا غطيف في "التقريب".
الطالب: هذا أبو غطيف، قال: أبو غطيف –بالتصغير- الهذلي، مجهول، من الثالثة، وقيل: هو غطيف، أو غضيف -بالضاد المعجمة. (أبو داود، والترمذي، وابن ماجه).
الشيخ: تصير عِلّةً ثانيةً، الحديث ضعيف من أجل أبي غطيف، ومن أجل الإفريقي، نعم.
س: الإفريقي من رجال البُخاري؟
ج: لا، ما هو من رجال البخاري، جزاك الله خيرًا، ضعيف، ما هو من رجال البُخاري.
وقال ابنُ جرير: وقد قال قومٌ: إنَّ هذه الآية نزلت إعلامًا من الله أنَّ الوضوء لا يجب إلا عند القيام إلى الصَّلاة دون غيرها من الأعمال، وذلك لأنَّه كان إذا أحدث امتنع من الأعمال كلِّها حتى يتوضّأ.
حدثنا أبو كريب: حدثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن جابر، عن عبدالله ابن أبي بكر ابن عمرو بن حزم، عن عبدالله بن علقمة بن وقَّاص، عن أبيه، قال: كان رسول الله ﷺ إذا أراق البول نُكلّمه فلا يُكلّمنا، ونُسلّم عليه فلا يردّ علينا، حتى نزلت آيةُ الرخصة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ الآية [المائدة:6].
ورواه ابنُ أبي حاتم عن محمد بن مسلم، عن أبي كريب، به نحوه، وهو حديثٌ غريبٌ جدًّا، وجابر هذا هو ابن يزيد الجعفي، ضعَّفوه.
الشيخ: وهو مُرسل أيضًا، ضعيف مُرسل؛ لأنَّ علقمة بن وقاص تابعي، فهو ضعيف، مرسل، كان النبي ﷺ يعمل حاجاته وهو على غير طهارةٍ، إلا إذا قام للصَّلاة توضأ، اللهم صلِّ عليه وسلّم.
الطالب: .............
مداخلة: في الإسناد الأخير عبدالله بن علقمة بن الفغواء، قال في الحاشية: كذا في مخطوطتنا، وهو الصواب ..... الطبعات: علقمة بن وقاص، وهو خطأ، وينظر "تفسير الطبري".
الشيخ: هو عزاه لابن جرير؟
قارئ المتن: نعم.
الشيخ: يُراجع ابن جرير، علقمة بن وقاص مشهور، أمَّا عبدالله بن علقمة بن الفغواء فهذا غريبٌ، المعروف علقمة بن وقاص، نعم.
س: قوله: .............؟
ج: حديثٌ لا يصحّ، نعم.
س: ...............؟
ج: لا بدَّ أن يكون بينهما شيء، ما هو يتوضأ ثم يُعيد الوضوء، هذا ما له أصل، بدعة، لكن إذا توضّأ ثم جاءت الصَّلاة، أو أكسل -حصل له كسل- يتوضأ، أو ما أشبه ذلك، أما أن يتوضأ ثم يُعيد الوضوء فهذه بدعة، ما لها أصل، يتوضأ ثم يُعيده في الحال هذا ما له أصل.
الطالب: في ابن جرير: عبدالله بن علقمة بن وقاص.
الشيخ: مناسب، نعم. صلحه: ابن وقاص، الذي عنده غير ابن وقاص يحطّه: وقاص، نعم.
..............
س: من السُّنة الوضوء بعد كل حدثٍ؟
ج: إذا كان سيُصلي أو يقرأ القرآن نعم، وإن توضأ مثلما يُروى عن بلالٍ جيد: "ما أحدثتُ إلا توضّأت"، الحمد لله.
س: مَن توضأ تجديدًا وتبين أنَّه كان على حدثٍ؟
ج: يطهر، نعم.
س: بلال كلما أحدث توضأ، أو إذا توضّأ صلَّى ركعتين؟
ج: هو يقول لما ذكر له الرسول أنَّه رآه أمامه في الجنة، قال: أخبرني عن عملك، قال: ما أحدثتُ إلا توضّأت، ولا توضّأت إلا صليتُ ركعتين. قال: هو ذاك، نعم، الأمران.
س: قول عائشة: أنَّ النبي ﷺ كان يذكر الله على كل أحيانه؟
ج: يدلّ على أنه ما هو بلازم الوضوء والحمد لله، جاء في الحديث الصَّحيح: أنَّه ﷺ خرج من الغائط، وقُدّم طعامٌ فأكل ولم يتوضأ، فقالوا له: أفلا توضأ يا رسول الله؟ قال: لم أُرد الصلاة حتى أتوضّأ؛ ليُبين للأمّة أنَّه لا يلزم الوضوء إلا للصَّلاة ونحوها: كمسّ المصحف، والطّواف، نعم.
وقال أبو داود: حدثنا مسدد: حدثنا إسماعيل: حدثنا أيوب، عن عبدالله ابن أبي مليكة، عن عبدالله بن عباس: أنَّ رسول الله ﷺ خرج من الخلاء فقُدّم إليه طعامٌ، فقالوا: ألا نأتيك بوضوءٍ؟ فقال: إنما أُمرتُ بالوضوء إذا قمتُ إلى الصلاة.
وكذا رواه الترمذي عن أحمد بن منيع، والنَّسائي عن زياد بن أيوب، عن إسماعيل -وهو ابن عُليّة- به. وقال الترمذي: هذا حديثٌ حسنٌ.
الشيخ: مثلما قال، سنده جيد، نعم.
س: أحسن الله إليك، سؤال الصحابة للنبي ﷺ: "ألا تتوضأ؟" ألا يدلّ على أنهم كانوا يعرفون أنَّه ...؟
ج: يظهر أنَّهم كانوا يعرفون أنَّه كان يُحبّ الوضوء -عليه الصلاة والسلام-؛ ولهذا سألوه، نعم.
وقوله: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [المائدة:6] قد استدلّ طائفةٌ من العلماء بقوله تعالى: إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [المائدة:6] على وجوب النية في الوضوء؛ لأنَّ تقدير الكلام: إذا قمتم إلى الصَّلاة فاغسلوا وجوهكم لها، كما تقول العرب: إذا رأيت الأمير فقم، أي: له.
وقد ثبت في "الصحيحين" حديث: الأعمال بالنّيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى.
الشيخ: والنّية معروفة، لا بدَّ منها عند جميع أهل العلم؛ للحديث المرفوع، ولقوله: إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ إذا قام ناويًا الصلاة، نعم، لا بدَّ من النية في كل الأعمال، في كل العبادات: في الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، وغير ذلك، نعم.
الشيخ: وهذا هو الأفضل؛ لأنَّ طرقه كثيرة، وقد تُرقِّي الحديث إلى أنَّه من باب الحسن لغيره، وإن كانت طرقه ضعيفة، فالأفضل التَّسمية، وقال بعضُهم بالوجوب، والجمهور على أنها سنة عند بدء الوضوء، يقول: "بسم الله"، نعم.
س: إذا نسي التَّسمية في أول الوضوء؟
ج: يُسمِّي في أثنائه، وإن نسيها سقطت.
س: ألا يُقال أنَّ هذا الحديث يُخالف الأحاديث التي وردت في الصحاح بصفة وضوء النبي ﷺ ولم يذكر التَّسمية؟
ج: السُّكوت ما يمنع، السُّكوت ما يُعارض النص، والأقرب -والله أعلم- أنَّه من باب الحسن لغيره؛ لأنَّ له طرقًا كما قال الحافظ ابن كثير -رحمه الله-، وقال أحمد: لا يثبت في هذا الباب شيء؛ لضعف الأسانيد، نعم.
س: ..... طرق جيدة؟
ج: يشدّ بعضُها بعضًا، كل واحدٍ فيه ضعف.
س: الحسن لغيره لا يدلّ على أنَّه .....؟
ج: ولهذا قال أحمد بالوجوب، مع أنه لا يثبت في هذا شيء، لكن أخذه من باب أنَّه من باب الحسن لغيره؛ فلهذا قال: تجب التَّسمية مع الذكر. والأكثرون قالوا: لا تجب، مُستحبّة فقط، من باب الاحتياط.
أعد الحديث؛ حديث التَّسمية.
الشيخ: حكم عليها بأنَّها جيدة؛ لأنها تتعاضد، هذا رأي جمعٍ من أهل العلم.
س: إذا ذكر أثناء الوضوء؟
ج: يُسمِّي الله متى ذكر، نعم، ولكن إذا كان جاهلًا أو ناسيًا فلا حرج.
س: وإن كان في الحمَّام؟
ج: ولو في الحمَّام؛ لأنَّ الكراهة تزول مع الوجوب والتأكد، نعم.
س: بعضهم يقول: يُسنّ إذا ذكر أن يُسمِّي ويُكمل. وبعضهم قال: يُسمِّي ويُعيد؟
ج: لا، لا، يُسمِّي ويُكمل، معذور في أوله والحمد لله، نعم، مثل الأكل؛ يُسمِّي في الأكل في أوله، وإن نسي ولم يذكر إلا وهو في أثناء الأكل يُسمِّي ويقول: بسم الله أوله وآخره، نعم.
.............
الشيخ: وظاهر النَّص الوجوب، فإذا قام من نوم الليل يجب عليه غسل يديه ثلاثًا، أما بقية الوضوء فمُستحبٌّ؛ لفعل النبي ﷺ: كان إذا توضأ غسل كفّيه ثلاثًا، ثم توضأ -عليه الصلاة والسلام-.
............
س: ..... الوجوب في نوم النَّهار؟
ج: لا، أين باتت؟ هذا يختصّ بالليل، أين باتت يده؟ نعم، أما غير نوم الليل فمُستحبٌّ فقط، نعم.
س: ألا يُقال: إنَّ هذا وصفٌ أغلبي؟
ج: الأصل التَّقيد بالقيود الشَّرعية، نعم.
س: ما ورد عند الإمام أحمد: إذا قام أحدُكم من الليل؟
ج: المقصود أنَّ الأحاديث يُفسّر بعضُها بعضًا، نعم.
وحدّ الوجه عند الفُقهاء: ما بين منابت شعر الرأس -ولا اعتبار بالصّلع ولا بالغمم- إلى مُنتهى اللّحيين والذّقن طولًا، ومن الأذن إلى الأذن عرضًا.
وفي النزعتين والتّحذيف خلاف: هل هما من الرأس أو الوجه؟
وفي المسترسل من اللّحية عن محل الفرض قولان:
أحدهما: أنه يجب إفاضة الماء عليه؛ لأنَّه تقع به المواجهة.
ورُوي في حديثٍ: أنَّ النبي ﷺ رأى رجلًا مُغطِّيًا لحيته، فقال: اكشفها، فإنَّ اللحية من الوجه.
وقال مجاهد: هي من الوجه، ألا تسمع إلى قول العرب في الغلام إذا نبتت لحيته: طلع وجهه؟
الشيخ: هذا واجبٌ؛ لأنَّها من الوجه، لا بدَّ أن يمرها بالماء، ويجري عليها الماء. نعم.
س: ............؟
ج: هذا تبع الرأس، الذي فوق العضد تبع الرأس، نعم.
ويُستحبّ للمُتوضئ أن يُخلل لحيته إذا كانت كثيفةً.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبدالرزاق: حدثنا إسرائيل، عن عامر بن حمزة.
مُداخلة: في نسخة (الشعب): عن عامر بن شقيق بن جمرة، بالجيم.
الشيخ: أيش بعده؟
الشيخ: انظر "التقريب": عامر بن حمزة، أو عامر بن جمرة، في الجيم والحاء.
الشيخ: رحمه الله، نعم، وفيه أحاديث أخرى، السنة، الواجب كونه يعمّها بالماء، وتخليلها أفضل.
س: ما يكون للوجوب؟
ج: الواجب إجراء الماء عليها، نعم.
الطالب: هذا عامر: عامر بن شقيق بن جمرة -بالجيم والراء-، الأسدي، الكوفي، لين الحديث، من السادسة. (أبو داود، والترمذي، وابن ماجه).
الشيخ: نعم، إنما حسَّنه لأجل شواهده، نعم.
س: تكون السُّنة تخليلها؟
ج: نعم، نعم.
س: كيف يكون إجراء الماء؟
ج: إمرار الماء، يمرّ الماء عليها.
..............
الشيخ: زوران؟
الطالب: نعم.
الشيخ: انظر "التقريب".
الطالب: الوليد بن زوران: بزاي ثم واو ثم راء، وقيل: بتأخير الواو، السّلمي، الرقي، لين الحديث، من الخامسة. (أبو داود).
الشيخ: على كل حالٍ يشدّ أحدُهما الآخر، فالوليد يجبر نقص عامر بن شقيق بن جمرة، نعم.
عن أنس بن مالك: أنَّ رسول الله ﷺ كان إذا توضّأ أخذ كفًّا من ماءٍ فأدخله تحت حنكه يُخلل به لحيته، وقال: هكذا أمرني به ربي . تفرد به أبو داود، وقد رُوي هذا من غير وجهٍ عن أنسٍ.
قال البيهقي: وروينا في تخليل اللّحية عن عمار وعائشة وأمِّ سلمة، عن النبي ﷺ، ثم عن عليٍّ وغيره، وروينا في الرُّخصة في تركه عن ابن عمر والحسن بن علي، ثم عن النَّخعي وجماعة من التَّابعين.
الشيخ: ويدلّ على هذا كونه ﷺ توضّأ مرةً، مرةً، كما في الصحيح من حديث ابن عباسٍ: مرة، مرة. فـ"مرة، مرة" ما فيه إلا إجراء الماء على الوجه واللّحية، وتوضأ مرتين، مرتين، وتوضأ ثلاثًا، ثلاثًا.
معنى: "مرة، مرة" كلّ عضو مرّ عليه الماء فقط.
.............
الشيخ: لإخراج الأذى، والصواب أنَّهما فرضان؛ لأنهما من الوجه؛ ولهذا جاءت النصوص بذلك: كان يتمضمض ويستنشق، ففعله يُفسّر الوضوء، فعله يُفسّر قوله تعالى: إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [المائدة:6]، فعل النبي تفصيلٌ لذلك وتفسيرٌ، وجاء الأمر بالاستنشاق والانتثار والمضمضة، كلّ هذا جائز، إذا توضّأت فمضمض: إذا توضّأ أحدُكم فليستنشق بمنخريه من الماء، ثم لينتثر، فهما من الوجه في الوضوء والغُسل جميعًا، فرضٌ تبع الوجه، مرة واحدة، والتكرار مرتين أو ثلاثًا مُستحبٌّ في الوجه والمضمضة والاستنشاق جميعًا، نعم.
س: المبالغة في الاستنشاق؟
ج: المبالغة مُستحبّة، والواجب مرة في الوجه، الاستنشاق والمضمضة جميعًا مرة واحدة، ومَن بالغ ثلاثًا فهو أفضل.
س: الاستنثار هو المبالغة في الاستنشاق؟
ج: لا، لا، الاستنثار هو إخراج الأذى، إذا استنشق الماء يصعد إلى الأنف، وينتثر: يُخرجه من الأنف، نعم، مأمورٌ بهذا وهذا جميعًا.
س: لو نسيهما يُعيد الوضوء؟
ج: نعم، مثل: لو نسي إحدى يديه، أو رجليه.
س: وفي الغُسل؟
ج: والغُسل كذلك، الغُسل كالوضوء، لا بدَّ من المضمضة والاستنشاق؛ لأنَّهما من الوجه.
س: لكنَّه لا يُعيد الغُسل، أحسن الله إليك؟
ج: لا، لا، فقط يستنشق ويستنثر.