وقال محمد بن جرير: حدثني عبدالوارث بن عبدالصمد: حدثنا أبي: حدثنا أبان العطار: حدثنا هشام بن عروة، عن عروة: أنَّ عبدالملك بن مروان كتب إليه يسأله عن أشياء، فكتب إليه عروة: سلامٌ عليك، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو.
أما بعد: فإنَّك كتبتَ إليَّ تسألني عن مخرج رسول الله ﷺ من مكّة، وسأخبرك به، ولا حول ولا قوة إلا بالله، كان من شأن خروج رسول الله ﷺ من مكة أنَّ الله أعطاه النبوة، فنعم النبي، ونعم السيد، ونعم العشيرة، فجزاه الله خيرًا، وعرفنا وجهه في الجنة، وأحيانا على ملّته، وأماتنا وبعثنا عليها.
وإنَّه لما دعا قومه لما بعثه الله به من الهدى والنور الذي أنزل عليه لم يبعدوا منه أول ما دعاهم إليه، وكانوا يسمعون له، حتى إذا ذكر طواغيتهم، وقدم ناسٌ من الطائف من قريشٍ لهم أموال؛ أنكر ذلك عليه ناسٌ واشتدّوا عليه، وكرهوا ما قال، وأغروا به مَن أطاعهم، فانعطف عنه عامَّة الناس، فتركوه إلا مَن حفظه الله منهم، وهم قليلٌ، فمكث بذلك ما قدر الله أن يمكث، ثم ائتمرت رؤوسهم بأن يفتنوا مَن اتَّبعه عن دين الله من أبنائهم وإخوانهم وقبائلهم، فكانت فتنة شديدة الزلزال، فافتتن مَن افتتن، وعصم الله مَن شاء منهم، فلمَّا فُعِل ذلك بالمسلمين أمرهم رسولُ الله ﷺ أن يخرجوا إلى أرض الحبشة.
وكان بالحبشة ملكٌ صالحٌ يُقال له: النَّجاشي، لا يُظلم أحدٌ بأرضه، وكان يُثنى عليه مع ذلك، وكانت أرضُ الحبشة متجرًا لقريش يتّجرون فيها، وكانت مساكن لتُجَّارهم، يجدون فيها رفاغًا من الرزق، وأمنًا، ومتجرًا حسنًا، فأمرهم بها النبي ﷺ، فذهب إليها عامّتهم لما قُهروا بمكّة، وخافوا عليهم الفتن، ومكث هو فلم يبرح.
فمكث بذلك سنوات، يشتدّون على مَن أسلم منهم، ثم إنَّه فشا الإسلامُ فيها، ودخل فيه رجالٌ من أشرافهم ومنعتهم، فلمَّا رأوا ذلك استرخوا استرخاءةً عن رسول الله ﷺ وعن أصحابه.
وكانت الفتنة الأولى هي التي أخرجت مَن خرج من أصحاب رسول الله ﷺ قِبَل أرض الحبشة مخافتها، وفرارًا مما كانوا فيه من الفتن والزلزال، فلمَّا استُرخي عنهم ودخل في الإسلام مَن دخل منهم تُحدّث باسترخائهم عنهم، فبلغ مَن كان بأرض الحبشة من أصحاب رسول الله ﷺ أنَّه قد استُرخي عمَّن كان منهم بمكّة، وأنَّهم لا يُفتنون؛ فرجعوا إلى مكّة، وكادوا يأمنون بها، وجعلوا يزدادون ويكثرون.
وأنَّه أسلم من الأنصار بالمدينة ناسٌ كثير، وفشا الإسلامُ بالمدينة، وطفق أهلُ المدينة يأتون رسول الله ﷺ بمكّة، فلمَّا رأت قريشٌ ذلك توامروا على أن يفتنوهم ويشتدّوا، فأخذوهم فحرصوا على أن يفتنوهم، فأصابهم جهدٌ شديدٌ، فكانت الفتنة الآخرة.
فكانت فتنتان: فتنة أخرجت مَن خرج منهم إلى أرض الحبشة حين أمرهم النبي ﷺ بها، وأذن لهم في الخروج إليها. وفتنة لما رجعوا ورأوا مَن يأتيهم من أهل المدينة.
ثم إنَّه جاء رسول الله ﷺ من المدينة سبعون نقيبًا، رؤوس الذين أسلموا، فوافوه بالحجِّ، فبايعوه بالعقبة، وأعطوه عهودهم ومواثيقهم على أنا منك، وأنت منا، وعلى أنَّ مَن جاء من أصحابك أو جئتنا فإنا نمنعك مما نمنع منه أنفسنا. فاشتدّت عليهم قريش عند ذلك، فأمر رسولُ الله ﷺ أصحابه أن يخرجوا إلى المدينة، وهي الفتنة الآخرة التي أخرج فيها رسول الله ﷺ أصحابه، وخرج هو، وهي التي أنزل الله فيها: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلِّه [الأنفال:39].
ثم رواه عن يونس بن عبدالأعلى، عن ابن وهب، عن عبدالرحمن ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن عروة بن الزبير: أنه كتب إلى الوليد –يعني: ابن عبدالملك بن مروان- بهذا، فذكر مثله، وهذا صحيحٌ إلى عروة -رحمه الله.
وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [الأنفال:41].
يُبين تعالى تفصيل ما شرعه مُخصصًا لهذه الأمّة الشَّريفة من بين سائر الأمم المتقدمة بإحلال الغنائم.
والغنيمة هي المال المأخوذ من الكفَّار بإيجاف الخيل والرِّكاب.
والفيء: ما أُخذ منهم بغير ذلك، كالأموال التي يُصالحون عليها، أو يتوفون عنها، ولا وارثَ لهم، والجزية، والخراج، ونحو ذلك. هذا مذهب الإمام الشَّافعي في طائفةٍ من علماء السَّلف والخلف.
ومن العلماء مَن يُطلق الفيء على ما تُطلق عليه الغنيمة، وبالعكس أيضًا؛ ولهذا ذهب قتادةُ إلى أنَّ هذه الآية ناسخة لآية الحشر: مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى الآية [الحشر:7]، قال: فنسخت آية الأنفال تلك، وجعلت الغنائم أربعة أخماس للمُجاهدين، وخمسًا منها لهؤلاء المذكورين.
وهذا الذي قاله بعيد؛ لأنَّ هذه الآية نزلت بعد وقعة بدر، وتلك نزلت في بني النَّضير، ولا خلافَ بين علماء السّير والمغازي قاطبةً أنَّ بني النَّضير بعد بدر، وهذا أمرٌ لا يشكّ فيه ولا يرتاب، فمَن يُفرّق بين معنى الفيء والغنيمة يقول: تلك نزلت في أموال الفيء، وهذه في الغنائم. ومَن يجعل أمر الغنائم والفيء راجعًا إلى رأي الإمام يقول: لا منافاة بين آية الحشر وبين التَّخميس إذا رآه الإمام، والله أعلم.
الشيخ: والصواب هو الأول: ما كان جاء به بالخيل والرِّكاب والقوة هذه الغنيمة، تُخمّس، وما كان من غير ذلك كالجزية والخراج والأموال التي مات عنها، ليس لها وارثٌ، وما أشبه ذلك، والصُّلح، كلّ هذه أموال فيء، لولي الأمر التَّصرف فيها في مصالح المسلمين، ولا تُخمّس، نعم.
فقوله تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ توكيدٌ لتخميس كل قليلٍ وكثيرٍ، حتى الخيط والمخيط، قال الله تعالى: وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ [آل عمران:161].
وقوله: فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ اختلف المفسّرون هاهنا، فقال بعضُهم: لله نصيبٌ من الخمس يُجعل في الكعبة.
قال أبو جعفر الرازي: عن الربيع، عن أبي العالية الرياحي، قال: كان رسولُ الله ﷺ يُؤتى بالغنيمة فيُخمّسها على خمسةٍ: تكون أربعة أخماسٍ لمن شهدها، ثم يأخذ الخمس فيضرب بيده فيه، فيأخذ منه الذي قبض كفّه فيجعله للكعبة، وهو سهم الله، ثم يقسم ما بقي على خمسة أسهم: فيكون سهمٌ للرسول، وسهمٌ لذوي القُربى، وسهمٌ لليتامى، وسهمٌ للمساكين، وسهمٌ لابن السَّبيل.
وقال آخرون: ذكر اللهُ هاهنا استفتاح كلامٍ للتَّبرك، وسهمٌ لرسوله .
الشيخ: والمقصود أنَّ ما لله وللرسول شيء واحد؛ لأنَّ الرسول يُبين عن الله، ويُبلّغ عن الله، فالسَّهم الذي لله وللرسول سهمٌ واحدٌ؛ لأنَّ سهم الله وسهم الرسول في مصالح المسلمين، وهو سهمٌ واحدٌ.
قال الضَّحاك: عن ابن عباسٍ -رضي الله عنهما-: كان رسولُ الله ﷺ إذا بعث سريةً فغنموا خمَّس الغنيمة، فضرب ذلك الخمس في خمسةٍ، ثم قرأ: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ، فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ مفتاح كلامٍ، لله ما في السَّماوات وما في الأرض، فجعل سهمَ الله وسهمَ الرسول ﷺ واحدًا.
وهكذا قال إبراهيم النَّخعي، والحسن بن محمد ابن الحنفية، والحسن البصري، والشَّعبي، وعطاء ابن أبي رباح، وعبدالله بن بُريدة، وقتادة، ومُغيرة، وغير واحدٍ: أنَّ سهم الله ورسوله واحد.
ويُؤيد هذا ما رواه الإمام الحافظ أبو بكر البيهقي بإسنادٍ صحيحٍ عن عبدالله بن شقيق، عن رجلٍ، قال: أتيتُ النبيَّ ﷺ وهو بوادي القرى، وهو يعرض فرسًا، فقلت: يا رسول الله، ما تقول في الغنيمة؟ فقال: لله خمسها، وأربعة أخماسها للجيش، قلت: فما أحدٌ أولى به من أحدٍ؟ قال: لا، ولا السّهم تستخرجه من جيبك ليس أنت أحقّ به من أخيك المسلم.
وقال ابنُ جرير: حدثنا عمران بن موسى: حدثنا عبدالوارث: حدثنا أبان، عن الحسن، قال: أوصى الحسنُ بالخمس من ماله.
مداخلة: قال: عن الحسن قال: أوصى أبو بكر بالخمس من ماله. نسخة (الشعب).
الشيخ: هو الصواب: الذي أوصى هو أبو بكر ، نعم.
قال: أوصى أبو بكر بالخمس من ماله، وقال: ألا أرضى من مالي بما رضي الله لنفسه.
ثم اختلف قائلو هذا القول: فروى علي ابن أبي طلحة، عن ابن عباسٍ، قال: كانت الغنيمةُ تُخمّس على خمسة أخماس، فأربعةٌ منها بين مَن قاتل عليها، وخمسٌ واحدٌ يقسم على أربعة أخماس: فربعٌ لله وللرسول ﷺ، فما كان لله وللرسول فهو لقرابة النبي ﷺ، ولم يأخذ النبي ﷺ من الخمس شيئًا.
وقال ابنُ أبي حاتم: حدَّثنا أبي: حدثنا أبو معمر المنقري: حدثنا عبدالوارث بن سعيد، عن حسين المعلم، عن عبدالله بن بُريدة في قوله: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ قال: الذي لله فلنبيِّه، والذي للرسول لأزواجه.
وقال عبدالملك ابن أبي سليمان: عن عطاء ابن أبي رباح، قال: خمس الله والرسول واحدٌ، يحمل منه ويصنع فيه ما شاء، يعني: النبي ﷺ.
وهذا أعمّ وأشمل، وهو أنَّه ﷺ يتصرف في الخمس الذي جعله الله بما شاء، ويرده في أمّته كيف شاء.
ويشهد لهذا ما رواه الإمام أحمد حيث قال: حدثنا إسحاق بن عيسى: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن أبي بكر ابن عبدالله ابن أبي مريم، عن أبي سلام الأعرج، عن المقدام بن معديكرب الكندي: أنه جلس مع عبادة بن الصَّامت وأبي الدَّرداء والحارث بن معاوية الكندي ، فتذاكروا حديث رسول الله ﷺ، فقال أبو الدَّرداء لعبادة: يا عبادة، كلمات رسول الله ﷺ في غزوة كذا وكذا في شأن الأخماس. فقال عبادة: إنَّ رسول الله ﷺ صلَّى بهم في غزوةٍ إلى بعيرٍ من المغنم، فلمَّا سلم قام رسولُ الله ﷺ فتناول وبرةً بين أنملتيه، فقال: إنَّ هذه من غنائمكم، وإنَّه ليس لي فيها إلا نصيبي معكم: الخمس، والخمس مردودٌ عليكم، فأدّوا الخيط والمخيط، وأكبر من ذلك وأصغر، ولا تغلوا، فإنَّ الغلول عارٌ ونارٌ على أصحابه في الدنيا والآخرة، وجاهدوا الناس في الله: القريب والبعيد، ولا تُبالوا في الله لومة لائم، وأقيموا حدود الله في السَّفر والحضر، وجاهدوا في الله، فإنَّ الجهادَ بابٌ من أبواب الجنة عظيم، يُنجي الله به من الهمِّ والغمِّ.
هذا حديثٌ حسنٌ عظيمٌ، ولم أره في شيءٍ من الكتب السّتة من هذا الوجه.
الشيخ: هذا غريبٌ من المؤلف -رحمه الله-، فإنَّ أبا بكر ابن عبدالله ابن أبي مريم هذا ليس بشيءٍ عند أهل العلم، فالإسناد ضعيفٌ جدًّا، والآية نصٌّ في أنَّ الخمس لله وللرسول ولذي القربى واليتامى، هذا أمرٌ واضحٌ، والغارمون ليس لهم إلا الأربعة فقط، وهو ﷺ يتصرف في الخمس، وهو الذي كان يعمل به -عليه الصلاة والسلام- في حياته في الفيء وفي الخمس في مصالح المسلمين.
وأمَّا رواية أبي بكر هذه -وهو أبو بكر ابن أبي مريم- فهو لا يحتجّ بروايته، نعم، رواها عن إسماعيل بن عياش أيضًا.
س: الخمس الذي لآل البيت يُؤدّى الآن إليهم؟
ج: داخلٌ في ذي القربى، هم أهل القربى.
س: ..... الرسول ﷺ الخمس في قرابة الرسول ﷺ؟
ج: لذي القربى واليتامى والمساكين، هم أقارب النبي ﷺ يُعطون من بيت المال؛ لأنَّ الله حرَّم عليهم الزكاة.
س: أبو بكر ليس بشيءٍ في الرِّواية؟
ج: ابن أبي مريم، نعم هو ضعيف.
س: مَن قال أنَّهم يأخذون من الزكاة؟
ج: قولٌ ضعيفٌ، لكن بعض أهل العلم يقول: إذا حُرموا ولم يُعطوا من بيت المال وهم محاويج يُعطون من الزكاة ..... قولٌ ضعيفٌ، يقول ﷺ: إنَّها لا تحلّ لمحمدٍ، ولا لآل محمدٍ.
س: أهل البيت إذا لم يجدوا شيئًا؟
ج: قد يُقال: تحلّ لهم الزكاة، من باب الضَّرورة: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ [الأنعام:119]، إذا لم يتيسر شيءٌ وهم مُضطرون مثلما قال شيخُ الإسلام ابن تيمية وجماعة: إذا اضطروا إليها جازت لهم، ولكن ينبغي لهم التَّحرز والحذر.
س: عمل أبي بكر الصّديق في الوصية هو الأفضل؟ الوصية بالخمس.
ج: نعم، هذا أفضل؛ لأنَّ الرسول قال: الثلث، والثلث كثير، قال ابنُ عباسٍ: لو أنَّهم غضّوا من الثلث إلى الربع. كونه ينزل عن الثلث إلى الربع أو الخمس أفضل.
الشيخ: ...........
الطالب: أبو بكر بن عبدالله ابن أبي مريم، الغساني، الشامي، وقد يُنسب إلى جدِّه، قيل: اسمه: بكير. وقيل: عبدالسلام. ضعيف، وكان قد سُرق بيته فاختلط، من السابعة، مات سنة ستٍّ وخمسين. (د، ت، ق).
الشيخ: غيره؟
الطالب: أبو بكر بن عبدالله الثَّقفي، الأصبهاني، مجهول، من السابعة، ووهم مَن زعم أنَّه يعقوب القمي. (بخ).
الشيخ: المقصود تحسين المؤلف له يُنبه عليه، إسناده ضعيف من أجل أبي بكر.
عن رسول الله ﷺ نحوه في قصّة الخمس، والنَّهي عن الغلول.
وعن عمرو بن عبسة: أنَّ رسول الله ﷺ صلَّى بهم إلى بعيرٍ من المغنم، فلمَّا سلم أخذ وبرةً من هذا البعير، ثم قال: ولا يحلّ لي من غنائمكم مثل هذه إلا الخمس، والخمس مردودٌ عليكم. رواه أبو داود والنَّسائي.
وقد كان للنبي ﷺ من الغنائم شيء يصطفيه لنفسه: عبد، أو أمة، أو فرس، أو سيف، أو نحو ذلك، كما نصَّ عليه محمد بن سيرين وعامر الشَّعبي، وتبعهما على ذلك أكثر العلماء.
وروى الإمام أحمد والترمذي –وحسَّنه- عن ابن عباسٍ: أنَّ رسول الله ﷺ تنفّل سيفه ذا الفقار يوم بدر، وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد.
وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كانت صفية من الصّفي. رواه أبو داود في "سننه".
وروى أيضًا بإسناده والنَّسائي أيضًا عن يزيد بن عبدالله قال: كنا بالمربد إذ دخل رجلٌ معه قطعة أديم، فقرأناها، فإذا فيها من محمدٍ رسول الله إلى بني زهير بن أخيس، إنَّكم إن شهدتم أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله، وأقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة، وأدّيتم الخمس من المغنم، وسهم النبي ﷺ، وسهم الصّفي، أنتم آمنون بأمان الله ورسوله، فقلنا: مَن كتب هذا؟ فقال: رسول الله ﷺ.
فهذه أحاديث جيدة تدلّ على تقرير هذا وثبوته؛ ولهذا جعل ذلك كثيرون من الخصائص له -صلوات الله وسلامه عليه-، وقال آخرون: إنَّ الخمس يتصرف فيه الإمامُ بالمصلحة للمسلمين، كما يتصرف في مال الفيء.
وقال شيخنا الإمام العلامة ابن تيمية -رحمه الله-: وهذا قول مالك وأكثر السلف، وهو أصحّ الأقوال. فإذا ثبت هذا وعلم، فقد اختلف أيضًا في الذي كان يناله من الخمس: ماذا يصنع به من بعده؟
فقال قائلون: يكون لمن يلي الأمر من بعده. رُوي هذا عن أبي بكر وعلي وقتادة وجماعة، وجاء فيه حديثٌ مرفوعٌ.
وقال آخرون: يُصرف في مصالح المسلمين.
وقال آخرون: بل هو مردودٌ على بقية الأصناف: ذوي القربى، واليتامى، والمساكين، وابن السَّبيل. اختاره ابن جرير.
وقال آخرون: بل سهم النبي ﷺ وسهم ذوي القربى مردودان على اليتامى والمساكين وابن السَّبيل.
قال ابنُ جرير: وذلك قول جماعةٍ من أهل العراق.
وقيل: إن الخمس جميعه لذوي القربى. كما رواه ابن جرير: حدثنا الحارث: حدثنا عبدالعزيز: حدثنا عبدالغفار: حدثنا المنهال بن عمرو: سألت عبدالله بن محمد بن علي، وعلي بن الحسين عن الخمس، فقالا: هو لنا. فقلت لعلي: فإنَّ الله يقول: وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ؟ فقالا: يتامانا ومساكيننا.
وقال سفيان الثوري وأبو نعيم وأبو أسامة: عن قيس بن مسلم: سألت الحسن بن محمد ابن الحنفية -رحمه الله تعالى- عن قول الله تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ، فقال: هذا مفتاح كلامٍ، لله الدنيا والآخرة، ثم اختلف الناسُ في هذين السهمين بعد وفاة رسول الله ﷺ، فقال قائلون: سهم النبي ﷺ تسليمًا للخليفة.
س: في بعض النسخ: زهير بن قيس، وبعضها: بني زهير بن أخيش.
الشيخ: مَن رواه؟
الطالب: رواه أبو داود في سننه ..... والنَّسائي أيضًا عن يزيد بن عبدالله قال.
الشيخ: يُراجع، حطّ عليه إشارة، يُراجع الأصل، النَّسائي.
س: قوله: "أحمد الله إليك الذي لا إله إلا هو"، قوله: "إليك"؟
ج: "أحمد إليك" يعني: أبلغك هذا الشَّيء.
س: هنا سؤال من الدرس الماضي، أحد الإخوان عنده سؤال يقول: اقرأه على الشيخ. يعني: يرى أنَّه مهمٌّ.
الشيخ: نعم.
س: يقول: أحسن الله إليك، هنا أمرٌ نود منكم -سلّمكم الله- إبداء رأيكم حوله، وهو ما يقوله بعضُ الناس: أنَّ الصَّحابي عبدالله بن الزبير خرج على بني أمية، علمًا بأنَّ شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وكذلك الحافظ ابن كثير يريان أنَّ ما فعله ابنُ الزبير إنما هي بيعة عامّة ..... الأقطار إلا أهل الشام، فهم مُختلفون في الأمر، وإنَّ الحافظ ابن رجب في "العلل" في الجزء الثاني نقل عن الإمام أحمد تبديعه للكرابيسي؛ لأنَّه قال: أنَّ ابن الزبير خرج. وقال: هذا .....، فما رأيكم في هذا الأمر؟ وهل تُسمّى بيعة ابن الزبير: خروجًا؟
ج: ليست خروجًا، بيعة ابن الزبير بيعة صحيحة؛ لأنَّها في وقتٍ ما فيه إمام، لما مات يزيدُ بن معاوية، ومات معاوية بن يزيد، ما في إمام، وهو أحقّ الناس بهذا الأمر؛ ولهذا بايعه الناسُ إلا طائفة من أهل الشام، ثم خرج مروان بعد ذلك، فالصواب أنَّ بيعته بيعة شرعية، والذي خرج عليه هو مروان، ثم جاء القتالُ والفتنة العظيمة حتى جرى ما جرى من قتله في سنة ثلاثٍ وسبعين، المقصود أنَّ خلافته صحيحة وشرعية، وعليها عامّة المسلمين، حتى خرج عليه بعد ذلك مروان، ثم عبدالملك، نسأل الله أن يعفو عن الجميع.
طالب: النَّسائي موجود في "سنن النسائي" يقول: ..... لبني زهير بن أقيش.
الشيخ: الذي عنده هذا ما دام موجودًا في النَّسائي الحمد الله: ابن أقيش.
س: .............؟
ج: مثلما تقدّم، الصواب: سهم النبي ﷺ الذي لله وللرسول هذا لمصلحة المسلمين، لولي الأمر –السلطان- بعده يتصرف فيه لمصالح المسلمين، وهكذا ذوي القربى واليتامى والمساكين إلى ولي الأمر، هو الذي يتصرف في هذا، يُعطي قرابات النبي ﷺ ما يكفيهم، ويُعطي اليتامى، ويُعطي أبناء السَّبيل حسب الطاقة، حسب الميسور، إلى ولي الأمر.
س: إذا وجدنا إنسانًا مُنقطعًا بين القصيم والرياض، هل نُعطيه من الزكاة على أنَّه ابن السَّبيل؟
ج: نعم، إذا كان محتاجًا يُعطى، هذا من أبناء السَّبيل.
س: ولو كان غنيًّا في بلده؟
ج: ولو، نعم.