تفسير قوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ..}

ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ۝ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَكُلٌّ كَانُوا ظَالِمِينَ [الأنفال:53-54].

يُخبر تعالى عن تمام عدله وقسطه في حكمه بأنَّه تعالى لا يُغير نعمةً أنعمها على أحدٍ إلا بسبب ذنبٍ ارتكبه، كقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ [الرعد:11].

الشيخ: وهذا يُبين للناس أنَّ الواجب على المسلمين الاستقامة على الحقِّ، والثبات عليه، والحذر من أسباب النِّقم، فالله سبحانه لا يُغير ما بقومٍ حتى يُغيروا ما بأنفسهم بالمعاصي والمخالفات، كما قال -جلَّ وعلا-: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ، وقال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ، فإذا غيَّروا الطَّاعات بالمعاصي والشُّرور تغيّرت الأحوال: تغيّر الأمن خوفًا، والنِّعَم بُؤْسًا، والرِّضا من الله غضبًا، إلى غير ذلك.

فالواجب على المسلمين أن يحذروا شرَّ المعاصي، وأن يتعاونوا على البرِّ والتقوى، وأن يأمروا بالمعروف، وينهوا عن المنكر، هذه أسباب السلامة، أسباب النَّجاة في الدنيا والآخرة، أسباب السَّعادة، كما قال سبحانه: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة:71]، فبين أسبابَ الرحمة: وهي طاعة الله ورسوله، وأسباب النِّقمة: وهي معاصي الله، ومُخالفة أمره.

وقد يُملي الله للناس، قد يفعلون المنكر والمعاصي، وقد يفعلون الكفر، ويُملي لهم، كما وقع لكثيرٍ من الكفرة، قال تعالى: وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ [إبراهيم:42]، فقد يُملي لقومٍ، وقد تُعجل العقوبة لقومٍ، وقد أملى اللهُ لقوم نوح ألف سنة إلا خمسين عامًا، ألف سنة ونوح يدعوهم إلى الله، ثم أخذهم بعد ذلك ، وهكذا أمهل عادًا، وثمود، وقوم شعيب، وقوم لوط، ثم أخذهم.

فلا ينبغي للعاقل أن يغترّ بإملاء الله، بل يحذر شرّ الذنوب والمعاصي، وشرّ الكفر، ولا يقول: الناس فعلوا، والناس فعلوا، بل الواجب أن يُحاسِب نفسه، وأن يتَّقي ربَّه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ [الحشر:18]، كل واحدٍ يُحاسِب نفسه: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت:69]، ويقول سبحانه: وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ [العنكبوت:6]، فإذا جاهدتَ نفسك، وأخذتَ الحذر لم يضرّك ذنبُ غيرك، إذا أدّيت الواجب، وقمتَ بما يلزم، فالله سبحانه هو أحكم الحاكمين، وهو الحكم العدل، لا يُؤاخِذ قومًا بذنب غيرهم: وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164]، لا يجني جانٍ إلا على نفسه، لكن إذا ساعدتَ على الباطل، وأعنتَ على المنكر؛ شاركتَ في الإثم، وشاركتَ في العقوبة، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله.

وقوله: كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ أي: كصنعه بآل فرعون وأمثالهم حين كذَّبوا بآياته، أهلكهم بسبب ذنوبهم، وسلبهم تلك النِّعم التي أسداها إليهم: من جناتٍ وعيون، وزروع وكنوزٍ ومقامٍ كريم، ونعمةٍ كانوا فيها فاكهين، وما ظلمهم الله في ذلك، بل كانوا هم الظالمين.

إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ۝ الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ ۝ فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ [الأنفال:55-57].

أخبر تعالى: أنَّ شرَّ ما دبَّ على وجه الأرض هم الذين كفروا، فهم لا يُؤمنون، الذين كلما عاهدوا عهدًا نقضوه، وكلما أكَّدوه بالأيمان نكثوه، وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ أي: لا يخافون من الله في شيءٍ ارتكبوه من الآثام.

الشيخ: وهذا يُبين أنَّ شرَّ الدواب هم الكفرة، يعني: شرّ مَن دبَّ على الأرض هم الكفرة: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ، وفي الآية الأخرى: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ ۝ وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ [الأنفال:22-23].

فشرّ الدَّواب الماشية على الأرض الكفَّار بالله، الظالمون لعباده، ثم يليهم أهل المعاصي من المعلنين المظهرين لمعاصيهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فيجب الحذر أن تكون من شرِّ الدواب، ويجب أن تحرص أن تكون من خير الدَّواب، المطيعين لله، القائمين بأمره، نعم.

فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ أي: تغلبهم وتظفر بهم في حربٍ، فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ أي: نكّل بهم. قاله ابن عباسٍ، والحسن البصري، والضّحاك، والسّدي، وعطاء الخراساني، وابن عيينة، ومعناه: غلِّظ عقوبتهم، وأثخنهم قتلًا؛ ليخاف مَن سواهم من الأعداء من العرب وغيرهم، ويصيروا لهم عُبرةً: لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ.

وقال السّدي: يقول: لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ [التوبة:122] أن ينكثوا فيصنع بهم مثل ذلك.

وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ [الأنفال:58].

يقول تعالى لنبيه ﷺ: وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ قد عاهدتهم خِيَانَةً أي: نقضًا لما بينك وبينهم من المواثيق والعهود، فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ أي: عهدهم عَلَى سَوَاءٍ أي: أعلمهم بأنَّك قد نقضت عهدهم، حتى يبقى علمُك وعلمُهم بأنَّك حربٌ لهم، وهم حربٌ لك، وأنَّه لا عهدَ بينك وبينهم على السّواء، أي: تستوي أنت وهم في ذلك. قال الراجز:

فاضرب وجوه الغدر للأعداء حتى يُجيبوك إلى السّواء

وعن الوليد بن مسلم: أنَّه قال في قوله تعالى: فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ أي: على مهلٍ، إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ أي: حتى ولو في حقِّ الكفَّار لا يُحبّها أيضًا.

قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر: حدثنا شعبة، عن أبي الفيض، عن سليم بن عامر، قال: كان معاوية يسير في أرض الروم، وكان بينه وبينهم أمد، فأراد أن يدنو منهم، فإذا انقضى الأمدُ غزاهم، فإذا شيخٌ على دابَّةٍ يقول: الله أكبر، الله أكبر، وفاءً لا غدرًا، إنَّ رسول الله ﷺ قال: ومَن كان بينه وبين قومٍ عهدٌ فلا يحلن عقدةً ولا يشدّها حتى ينقضي أمدها، أو ينبذ إليهم على سواءٍ، قال: فبلغ ذلك معاوية، فرجع، فإذا بالشيخ عمرو بن عنبسة .

الشيخ: عمرو بن عبسة.

وهذا الحديث رواه أبو داود الطيالسي عن شُعبة، وأخرجه أبو داود والترمذي والنَّسائي وابن حبان في "صحيحه" من طرقٍ عن شعبة به، وقال الترمذي: حسنٌ صحيحٌ.

وقال الإمام أحمد أيضًا: حدثنا محمد بن عبدالله الزبيري: حدثنا إسرائيل، عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري، عن سلمان –يعني: الفارسي -: أنَّه انتهى إلى حصنٍ أو مدينةٍ، فقال لأصحابه: دعوني أدعوهم كما رأيتُ رسول الله ﷺ يدعوهم. فقال: إنما كنتُ رجلًا منكم، فهداني الله  للإسلام، فإن أسلمتم فلكم ما لنا، وعليكم ما علينا، وإن أبيتم فأدّوا الجزية وأنتم صاغرون، وإن أبيتم نابذناكم على سواءٍ: إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ [الأنفال:58]. يفعل ذلك بهم ثلاثة أيام، فلمَّا كان اليوم الرابع غدا الناس إليها ففتحوها بعون الله.

وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ ۝ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ [الأنفال:59-60].

يقول تعالى لنبيه ﷺ: ولا تحسبنَّ يا محمد الذين كفروا سبقوا، أي: فاتونا، فلا نقدر عليهم، بل هم تحت قهر قُدرتنا، وفي قبضة مشيئتنا، فلا يُعجزوننا، كقوله تعالى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ [العنكبوت:4] أي: يظنون، وقوله تعالى: لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ [النور:57]، وقوله تعالى: لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ ۝ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ [آل عمران:196-197].

ثم أمر تعالى بإعداد آلات الحرب لمقاتلتهم حسب الطاقة والإمكان والاستطاعة، فقال: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ أي: مهما أمكنكم من قوةٍ ومن رباط الخيل.

قال الإمام أحمد: حدثنا هارون بن معروف: حدثنا ابن وهب: أخبرني عمرو بن الحارث، عن أبي علي ثمامة بن شفي -أخي عقبة بن عامر-: أنَّه سمع عقبة بن عامر يقول: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول وهو على المنبر: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ، ألا إنَّ القوة الرَّمي، ألا إنَّ القوة الرَّمي.

رواه مسلم عن هارون بن معروف، وأبو داود عن سعيد بن منصور، وابن ماجه عن يونس بن عبدالأعلى –ثلاثتهم- عن عبدالله بن وهب، به.

ولهذا الحديث طرقٌ أُخَر عن عقبة بن عامر: منها ما رواه الترمذي من حديث صالح بن كيسان، عن رجلٍ عنه.

وروى الإمام أحمد وأهل السنن عنه قال: قال رسولُ الله ﷺ: ارموا، واركبوا، وأن ترموا خيرٌ من أن تركبوا.

وقال الإمام مالك: عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح السّمان، عن أبي هريرة : أنَّ رسول الله ﷺ قال: الخيل لثلاثة: لرجلٍ أجر، ولرجل ستر، وعلى رجلٍ وزر، فأمَّا الذي له أجر فرجلٌ ربطها في سبيل الله، فأطال لها في مرج أو روضة، فما أصابت في طيلها ذلك من المرج أو الروضة كانت له حسنات، ولو أنها قطعت طيلها فاستنت شرفًا أو شرفين كانت آثارها وأرواثها حسنات له، ولو أنها مرّت بنهرٍ فشربت منه، ولم يرد أن يسقي به، كان ذلك حسنات له، فهي لذلك الرجل أجر. ورجلٌ ربطها تغنيًا وتعففًا، ولم ينسَ حقَّ الله في رقابها ولا ظهورها، فهي له ستر. ورجلٌ ربطها فخرًا ورياءً ونواءً، فهي على ذلك وزر.

وسُئل رسول الله ﷺ عن الحُمُر، فقال: ما أنزل اللهُ عليَّ فيها شيئًا إلا هذه الآية الجامعة الفاذّة: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ۝ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [الزلزلة:7-8]. رواه البخاري -وهذا لفظه- ومسلم، كلاهما من حديث مالك.

الشيخ: وهذه الآية عامّة: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ۝ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ في كل شيءٍ: في الخيل، والحمر، والبقر، والغنم، والمتاع، وفي الذَّهاب، وفي المجيء، وفي كل شيءٍ، كل مَن تعاطى الخير ولو قليلًا يراه في ميزانه ويُكتب له إذا أراد به وجه الله، ولو مثاقيل الذَّر، والعكس بالعكس، ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله.

فهذا يُوجب للإنسان أن يتحرّى في كل أعماله، قليلها وكثيرها، وإن تحرّى فيها الخير حصل له الخير، ولو مثاقيل الذَّر: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، ويقول -جلَّ وعلا-: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ [الأنبياء:47]، ويقول : إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:40]، فأمره -جلَّ وعلا- عظيم.

س: بالنسبة لدعوة الكفَّار إلى الإسلام قبل القتال ثلاثًا، هذه للوجوب، أو مرة واحدة تكفي؟

ج: الواجب مرة واحدة، والتَّكرار مُستحبّ مثلما كرر لأهل خيبر -عليه الصلاة والسلام-، والواجب مرة، إذا دعاهم وأصرُّوا قاتلهم، نعم.

س: ..............؟

ج: لأنَّ الرمي أنكى في العدو، يرميهم من بعيدٍ، قد يكون الغُزاة ما عندهم .....، ما عندهم إلا أقدامهم، فالرمي أهمّ.

س: ..............؟

ج: في التَّعلم؛ لأنَّ الحاجة إليه أشدّ من الحاجة إلى الركوب.

س: ..............؟

ج: لا بدَّ من الدَّعوة، نعم، فمَن أراد غزو قومٍ لا بدَّ أن يدعوهم قبل ذلك.

س: وانتشار الدَّعوة اليوم؟

ج: ولو، ولو، إمَّا أن يدخلوا في الإسلام، وإمَّا أن يُقاتلون، ما هو المقصود تعليمهم، المقصود دعوتهم إلى الإسلام حتى يُجيبوا أو يُقاتَلوا، نعم.

س: ...............؟

ج: كلّها، نهار الصَّائم دعاء ..... حين يفطر، وقبل أن يُفطر، نعم.