تفسير قوله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ..}

مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ۝ لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ۝ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الأنفال:67-69].

قال الإمام أحمد: حدَّثنا علي بن هاشم.

مُداخلة: حدثنا علي بن عاصم.

الشيخ: لعل الصواب: علي بن عاصم، ما أعرف: علي بن هاشم، الظاهر أنَّه علي بن عاصم، فهو معروف، انظر: "التقريب" في علي بن هاشم، أو "التعجيل"، المعروف من شيوخ أحمد: علي بن عاصم، نعم.

حدثنا علي بن عاصم، عن حميد، عن أنسٍ قال: استشار النبي ﷺ الناس في الأسارى يوم بدر، فقال: إنَّ الله قد أمكنكم منهم، فقام عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله، اضرب أعناقهم. فأعرض عنه النبي ﷺ، ثم عاد رسولُ الله ﷺ فقال: يا أيُّها الناس، إنَّ الله قد أمكنكم منهم، وإنما هم إخوانكم بالأمس، فقام عمر فقال: يا رسول الله، اضرب أعناقهم. فأعرض عنه النبي ﷺ، ثم عاد النبي ﷺ فقال للناس مثل ذلك، فقام أبو بكر الصّديق فقال: يا رسول الله، نرى أن تعفو عنهم، وأن تقبل منهم الفداء. قال: فذهب عن وجه رسول الله ﷺ ما كان فيه من الغمِّ، فعفا عنهم، وقبل منهم الفداء. قال: وأنزل الله : لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ.

وقد سبق في أول السورة حديثُ ابن عباسٍ في "صحيح مسلم" بنحو ذلك.

وقال الأعمش: عن عمرو بن مرّة، عن أبي عبيدة، عن عبدالله قال: لما كان يوم بدر قال رسولُ الله ﷺ: ما تقولون في هؤلاء الأسارى؟ فقال أبو بكر: يا رسول الله، قومك وأهلك، استبقهم واستتبهم لعلَّ الله أن يتوبَ عليهم.

وقال عمر: يا رسول الله، كذَّبوك وأخرجوك، فقدّمهم فاضرب أعناقهم.

وقال عبدالله بن رواحة: يا رسول الله، أنت في وادٍ كثير الحطب، أضرم الوادي عليهم نارًا، ثم ألقهم فيه.

قال: فسكت رسولُ الله ﷺ فلم يردّ عليهم شيئًا، ثم قام فدخل، فقال ناسٌ: يأخذ بقول أبي بكر. وقال ناسٌ: يأخذ بقول عمر. وقال ناسٌ: يأخذ بقول عبدالله بن رواحة.

ثم خرج عليهم رسولُ الله ﷺ فقال: إنَّ الله ليلين قلوب رجالٍ حتى تكون ألين من اللَّبن، وإنَّ الله ليشدد قلوب رجالٍ فيه حتى تكون أشدّ من الحجارة، وإنَّ مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم ، قال: فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [إبراهيم:36]، وإنَّ مثلك يا أبا بكر كمثل عيسى ، قال: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [المائدة:118]، وإنَّ مثلك يا عمر كمثل موسى ، قال: رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ [يونس:88]، وإنَّ مثلك يا عمر كمثل نوحٍ ، قال: رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا [نوح:26]، أنتم عالة فلا ينفكن أحدٌ منهم إلا بفداءٍ، أو ضربة عنقٍ.

الشيخ: وهذا من رحمة الله -جلَّ وعلا- شرع لنبيه أن يستشيرهم، وهو لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحيٌ يُوحى، شرع الله لنبيِّه أن يستشيرهم ليظهر ما عندهم، ويتبين ما يرون في هؤلاء، ثم يحكم اللهُ شرعه ويُرشد نبيَّه إلى ما هو الصواب، فاستشارهم -عليه الصلاة والسلام- لما في الشُّورى من طيب القلوب وتقاربها: وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ [الشورى:38]، وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ [آل عمران:159]، ثم لما استشارهم أرشده اللهُ أن يأخذ برأي الألين والأرفق؛ رأي الصّديق ، وهو أخذ الجزية وعدم القتل، وقد هدى اللهُ الكثير منهم، ودخلوا في دين الله، وكان رأي الصّديق هو الرأي الصَّائب.

وكان هذا لمن بعدهم في الأسير، وليُّ الأمر بالخيار: إن شاء قتل، وإن شاء أخذ الفداء، وإن شاء أطلق وعفا، وقد فعل هذا النبي ﷺ، فمنَّ على قومٍ، وأخذ الفداء من قومٍ، وقتل قومًا يوم بدر، قتل النَّضر بن الحارث من الأسرى، وعقبة ابن أبي مُعيط؛ لخُبثهما وشدّة أذاهما للنبي ﷺ بمكّة، وعفا عن آخرين، وأخذ الفداء من آخرين، كل هذا من تيسير الله ومن رحمة الله لعباده، وأنَّ ولي الأمر ينظر في الأصلح، ينظر ويستشير ويأخذ بالأصلح: من الفداء، أو القتل، أو العفو، نعم.

س: أليست الآيةُ عتابًا؟

ج: أرشده الله، ثم بيّن فضله على عباده -جلَّ وعلا.

الطالب: علي بن هاشم بن البريد -بفتح الموحدة وكسر المهملة-، العامري –بواحدة- مولاهم، أبو الحسن، الكوفي، الخزاز –بمُعجمات-، أحد علماء الشِّيعة، عن: الأعمش وهشام بن عروة، وعنه: أحمد وابن معين وأحمد بن منيع وخلق، وثَّقه ابنُ معين، قال ابنُ المثنى: مات سنة ثمانين ومئة.

الشيخ: أيش علامته؟

الطالب: البخاري في "الأدب" ومسلم وأصحاب السُّنن.

الشيخ: أعد.

الطالب: علي بن هاشم بن البريد -بفتح الموحدة وكسر المهملة-، العامري –بواحدة- مولاهم، أبو الحسن، الكوفي، الخزاز –بمعجمات-، أحد علماء الشيعة، عن: الأعمش وهشام بن عروة، وعنه: أحمد وابن معين وأحمد بن منيع وخلق، وثَّقه ابنُ معين، قال ابنُ المثنى: مات سنة ثمانين ومئة.

وفي الحاشية قال أبو حاتم: كان يتشيّع، ويُكتب حديثه. وقال الجوزجاني: كان وأبوه غاليين في مذهبهما. انتهى.

الشيخ: وعلي بن عاصم؟

الطالب: في علي بن هاشم آخر: علي بن هاشم بن مرزوق، الهاشمي، أبو الحسن، الرازي، عن: هشيم وعبيدة بن حميد، وعنه: ابن ماجه. وأبو حاتم قال: صدوق.

الشيخ: مُتأخّر قليلًا.

الطالب: علي بن عاصم؟

الشيخ: إيه.

الطالب: علي بن عاصم بن صهيب، التيمي مولاهم، أبو الحسن، الواسطي، أحد الأعلام، عن: يحيى البكاء وعطاء بن السائب وبيان بن بشر وخلق، وعنه: أحمد وابن المديني وزياد بن أيوب وخلق، اجتمع في مجلسه أكثر من ثلاثين ألفًا، قال يعقوب بن شيبة: أصحابنا مُختلفون فيه؛ منهم مَن أنكر عليه كثرة الغلط، ومنهم مَن أنكر تماديه في ذلك وتركه للرجوع عمَّا يُخالف فيه الناس، ومنهم مَن تكلّم في سُوء حفظه، وقد كان من أهل الصَّلاح والدِّين والخير البارع، مات سنة إحدى ومئتين. (أبو داود، والترمذي، وابن ماجه).

الشيخ: روى عن؟ شيوخه؟

الطالب: عن الأعمش وهشام بن عروة، وعنه أحمد.

الشيخ: والذي عندكم عمَّن؟

.............

الشيخ: والذي عندك في "التقريب": علي بن عاصم؟

الطالب: علي بن عاصم بن صهيب، الواسطي، التيمي مولاهم، صدوق، يُخطئ .....، ورُمِيَ بالتَّشيع، من التاسعة، مات سنة إحدى ومئتين، وقد جاوز .....

الشيخ: محتمل أنَّه علي بن هاشم بن بريد، ومحتمل أنَّه علي بن عاصم، يُراجع "المسند"، حطّ عليه نسخة: علي بن عاصم، ونسخة: علي بن هاشم.

قال ابنُ مسعود: قلتُ: يا رسول الله، إلا سهيل ابن بيضاء، فإنَّه يذكر الإسلام. فسكت رسولُ الله ﷺ، فما رأيتني في يومٍ أخوف من أن تقع عليَّ حجارة من السَّماء مني في ذلك اليوم، حتى قال رسول الله ﷺ: إلا سهيل ابن بيضاء، فأنزل الله : مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى إلى آخر الآية.

رواه الإمام أحمد والترمذي من حديث أبي معاوية، عن الأعمش، به. والحاكم في "مستدركه"، وقال: صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

وروى الحافظ أبو بكر ابن مردويه، عن عبدالله بن عمر وأبي هريرة -رضي الله عنهما-، عن النبي ﷺ نحوه. وفي الباب عن أبي أيوب الأنصاري.

وروى ابنُ مردويه أيضًا -واللَّفظ له- والحاكم في "مستدركه" من حديث عبيدالله بن موسى: حدثنا إسرائيل، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن ابن عمر قال: لما أسر الأسارى يوم بدر أسر العباس فيمَن أُسر، أسره رجلٌ من الأنصار، قال: وقد أوعدته الأنصار أن يقتلوه، فبلغ ذلك النبي ﷺ، فقال رسولُ الله ﷺ: إني لم أنم الليلة من أجل عمِّي العباس، وقد زعمت الأنصارُ أنَّهم قاتلوه، فقال له عمر: أفآتهم؟ فقال: نعم، فأتى عمرُ الأنصار فقال لهم: أرسلوا العباس. فقالوا: لا والله لا نُرسله. فقال لهم عمر: فإن كان لرسول الله ﷺ رضًى؟ قالوا: فإن كان لرسول الله ﷺ رضًى فخُذه. فأخذه عمر، فلمَّا صار في يده قال له: يا عباس، أسلم، فوالله لأن تُسلم أحبّ إليَّ من أن يُسلم الخطاب، وما ذاك إلا لما رأيتُ رسول الله ﷺ يُعجبه إسلامك.

قال: واستشار رسولُ الله ﷺ أبا بكر فيهم، فقال أبو بكر: عشيرتك، فأرسلهم. فاستشار عمر، فقال: اقتلهم. ففاداهم رسولُ الله ﷺ، فأنزل الله: مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى الآية. قال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يُخرجاه.

الشيخ: هذا في صحّته نظر؛ لأنَّ إبراهيم بن مهاجر فيه ضعف، ويبعد أنَّ الأنصار يتوعدون العباس وهم يعرفون أنَّه عمّ النبي ﷺ، وهم أرغب الناس فيما يُحبّه ﷺ وفيما يرضاه -عليه الصلاة والسلام-، فهذا بعيدٌ من جهة المتن، نكارة المتن.

فالظاهر -والله أعلم- غلط إبراهيم في هذه الرِّواية، وأنَّ الأنصار لن يتوعدوا العباس، ولن يحرصوا على قتله وهم يعلمون قُربه من رسول الله ﷺ، وأنَّه عمّه، إلا بإذنٍ من النبي -عليه الصلاة والسلام- ومُوافقته -عليه الصلاة والسلام. انظر: إبراهيم بن مُهاجر.

الطالب: إبراهيم بن مهاجر بن جابر، البجلي، الكوفي، صدوق، لين الحفظ، من الخامسة. (مسلم، والأربعة).

وإبراهيم بن مهاجر بن سمار، ضعيف، من الثامنة. "التمييز".

الشيخ: هو الأول، نعم.

الطالب: إبراهيم بن مهاجر بن جابر، البجلي، أبو إسحاق، الكوفي، عن: إبراهيم النَّخعي وصفية بنت شيبة، وعنه: الثوري وزائدة وأبو عوانة، قال ابنُ المديني: له نحو أربعين حديثًا. وقال القطان: لم يكن بالقوي ...... قال ابنُ مهدي: عن سفيان الثوري: لا بأس به. وقال النَّسائي: ليس بالقوي في الحديث. وقال في موضعٍ آخر: ليس به بأس. وقال ابنُ عدي: هو عندي أصلح من إبراهيم الهجري، حديثه يُكتب في .....

الشيخ: نعم، نعم.

وقال سفيان الثوري: عن هشام بن حسان، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة، عن عليٍّ قال: جاء جبريلُ إلى النبي ﷺ يوم بدر، فقال: خيّر أصحابك في الأسارى: إن شاءوا الفداء، وإن شاءوا القتل، على أن يُقتل عامًا مُقبلًا منهم مثلهم، قالوا: الفداء ويُقتل منا. رواه الترمذي والنَّسائي وابنُ حبان في "صحيحه" من حديث الثوري، به. وهذا حديثٌ غريبٌ جدًّا.

وقال ابنُ عون: عن عبيدة، عن عليٍّ قال: قال رسولُ الله ﷺ في أسارى يوم بدر: إن شئتُم قتلتُموهم، وإن شئتُم فاديتُموهم واستمتعتم بالفداء، واستشهد منكم بعدّتهم، قال: فكان آخر السّبعين: ثابت بن قيس، قُتل يوم اليمامة . ومنهم مَن روى هذا الحديث عن عبيدة مُرسلًا، فالله أعلم.

وقال محمد بن إسحاق: عن ابن أبي نجيح، عن عطاء، عن ابن عباسٍ: مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى فقرأ حتى بلغ: عَذَابٌ عَظِيمٌ، قال: غنائم بدر قبل أن يحلّها لهم، يقول: لولا أني لا أُعذّب مَن عصاني حتى أتقدّم إليه: لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ.

وكذا روى ابنُ أبي نجيح، عن مجاهد.

وقال الأعمش: سبق منه أن لا يُعذّب أحدًا شهد بدرًا.

ورُوي نحوه عن سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن جبير، وعطاء.

وقال شُعبة: عن أبي هاشم، عن مجاهد: لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ أي: لهم بالمغفرة. ونحوه عن سفيان الثوري -رحمه الله.

وقال علي بن أبي طلحة: عن ابن عباسٍ في قوله: لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ يعني: في أمِّ الكتاب الأول: أنَّ المغانم والأسارى حلالٌ لكم، لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ من الأسارى عَذَابٌ عَظِيمٌ، قال الله تعالى: فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا الآية.

وكذا روى العوفي، عن ابن عباسٍ، ورُوي مثله عن أبي هريرة، وابن مسعود، وسعيد بن جبير، وعطاء، والحسن البصري، وقتادة، والأعمش أيضًا: أنَّ المراد لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لهذه الأُمّة بإحلال الغنائم، وهو اختيار ابن جرير -رحمه الله.

ويستشهد لهذا القول بما أخرجاه في "الصحيحين" عن جابر بن عبدالله قال: قال رسول الله ﷺ: أُعطيتُ خمسًا لم يُعطهنَّ أحدٌ من الأنبياء قبلي: نُصرتُ بالرعب مسيرة شهر، وجُعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، وأُحلّت لي الغنائم، ولم تُحلّ لأحدٍ قبلي، وأُعطيت الشَّفاعة، وكان النبيُّ يُبعث إلى قومه، وبُعثتُ إلى الناس عامَّة.

وقال الأعمش: عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله ﷺ: لم تحلّ الغنائم لسود الرؤوس غيرنا؛ ولهذا قال تعالى: فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا الآية، فعند ذلك أخذوا من الأسارى الفداء.

وقد روى الإمامُ أبو داود في "سننه": حدثنا عبدالرحمن بن المبارك العيشي: حدثنا سفيان بن حبيب: حدثنا شعبة، عن أبي العنبس، عن أبي الشَّعثاء، عن ابن عباسٍ: أنَّ رسول الله ﷺ جعل فداء أهل الجاهلية يوم بدر أربعمئة.

وقد استمرَّ الحكمُ في الأسرى عند جمهور العلماء: أنَّ الإمام مُخيّر فيهم: إن شاء قتل كما فعل ببني قُريظة، وإن شاء فادى بمالٍ كما فعل بأسرى بدر.

الشيخ: يعني: أو فادى بما أسر، نعم، إن شاء أخذ مالًا، وإن شاء فادى بإطلاق أسارى.

أو بمَن أُسِرَ من المسلمين، كما فعل رسولُ الله ﷺ في تلك الجارية وابنتها اللَّتين كانتا في سبي سلمة بن الأكوع، حيث ردَّهما وأخذ في مُقابلتهما من المسلمين الذين كانوا عند المشركين، وإن شاء استرقَّ مَن أسر.

هذا مذهب الإمام الشَّافعي وطائفة من العُلماء.

الشيخ: وهذا هو الصواب، هذا قول الجمهور، كما قال تعالى في سورة محمد: فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا [محمد:4]، فالرسول فعل الأمور الأربعة: الفداء بالمال، والفداء بالأسارى، والقتل، والعفو، كلّها فعلها -عليه الصلاة والسلام-، والاسترقاق، نعم.

س: النَّصر بالرعب مسيرة شهر: هل هو خاصٌّ في حياة النبي ﷺ أم لأتباعه من بعده أيضًا؟

ج: لأتباعه من بعده: نُصرتُ بالرعب مسيرة شهر، يعني: هو وأتباعه -عليه الصلاة والسلام.

س: متى أسلم العباس؟

ج: المشهور أنَّه تأخّر إسلامه ليوم الفتح ، لكنَّه في صفِّ المسلمين في كل شيءٍ .

س: في الحديث الثاني: سهيل، أم سهل بن بيضاء؟

ج: سهيل.

س: في روايةٍ عن الإمام أحمد: أنَّه سهل بن بيضاء؟

ج: محتمل، هم اثنان أخوان: سهل وسُهيل.

س: أليسا من البدريين: سهل وسُهيل؟

ج: سهل وسُهيل صلَّى عليهما في المسجد النبيُّ -عليه الصلاة والسلام- في المدينة.

س: لكنه بدري؟

ج: بدري، لكن الظَّاهر أنَّه ما قُتل في بدر، بل عاش.

وفي المسألة خلافٌ آخر بين الأئمّة مُقرر في موضعه من كتب الفقه.