تفسير قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ..}

حدثنا الحارث: حدثنا عبدالعزيز: حدثنا عبدالغفار: حدثنا المنهال بن عمرو: سألت عبدالله بن محمد بن علي، وعلي بن الحسين عن الخمس، فقالا: هو لنا. فقلتُ لعلي: فإنَّ الله يقول: وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ [الأنفال:41]؟ فقالا: يتامانا ومساكيننا.

وقال سفيان الثوري وأبو نعيم وأبو أسامة: عن قيس بن مسلم: سألتُ الحسن بن محمد ابن الحنفية رحمه الله تعالى عن قول الله تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ [الأنفال:41]. فقال: هذا مفتاح كلامٍ، لله الدنيا والآخرة، ثم اختلف الناسُ في هذين السَّهمين بعد وفاة رسول الله ﷺ، فقال قائلون: سهم النبي ﷺ تسليمًا للخليفة من بعده. وقال آخرون: لقرابة النبي ﷺ. وقال آخرون: سهم القرابة لقرابة الخليفة. واجتمع رأيهم أن يجعلوا هذين السَّهمين في الخيل والعدة في سبيل الله، فكانا على ذلك في خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.

قال الأعمش: عن إبراهيم: كان أبو بكر وعمر يجعلان سهم النبي ﷺ في الكراع والسلاح. فقلت لإبراهيم: ما كان عليٌّ يقول فيه؟ قال: كان أشدّهم فيه. وهذا قول طائفة كثيرة من العلماء رحمهم الله.

وأما سهم ذوي القربى فإنه يُصرف إلى بني هاشم وبني المطلب؛ لأنَّ بني المطلب وازروا بني هاشم في الجاهلية وفي أول الإسلام، ودخلوا معهم في الشِّعب غضبًا لرسول الله ﷺ وحمايةً له، مُسلمهم طاعةً لله ولرسوله، وكافرهم حميةً للعشيرة وأنفة وطاعة لأبي طالب عمّ رسول الله ﷺ.

وأما بنو عبد شمس وبنو نوفل، وإن كانوا بني عمّهم، فلم يُوافقوهم على ذلك، بل حاربوهم ونابذوهم ومالؤوا بطون قريش على حرب الرسول؛ ولهذا كان ذمّ أبي طالب لهم في قصيدته اللامية أشدّ من غيرهم؛ لشدّة قُربهم؛ ولهذا يقول في أثناء قصيدته:

جزى الله عنا عبد شمس ونوفلا عقوبة شرٍّ عاجل غير آجل

الشيخ: عاجلًا غير آجل.

بميزان قسط لا يخيس شعيرةً له شاهد من نفسه غير عائل

س: بالنصب أو بالكسر: عقوبة شر عاجل؟

ج: الذي يظهر أنها: عاجلًا، حال، يعني: عقوبة شر حالية؛ لأنَّ العقوبة مُضافة إلى الشَّر، مخصصة، ويصلح أن يكون "عاجل غير آجل" نعتًا للشَّر: شرّ عاجل.

بميزان قسط لا يخيس شعيرةً  له شاهد من نفسه غير عائل

الشيخ: كلّكم عندكم: "عاجل" بدون ألف؟

الطلاب: نعم.

الشيخ: لا بأس، المقصود أنَّ بني عدي وبني نوفل وبني المطلب وبني هاشم إخوة، فبنو المطلب صاروا مع بني هاشم في الجاهلية والإسلام؛ ولهذا أعطاهم النبي ﷺ من الخمس، وقال: ما فارقونا في جاهليةٍ ولا في إسلام، وأما بنو عدي وبنو نوفل فكانوا حربًا للرسول وبني هاشم وبني المطلب، وشاركوا بطون قريش في الأذى والعداء؛ فلهذا قال فيهم أبو طالب ما قال:

جزى الله عنا عبد شمس ونوفلا عقوبة شر عاجل غير آجل

الله المستعان، نعم.

لقد سفهت أحلام قوم تبدلوا بني خلف قيضا بنا والعياطل
ونحن الصميم من ذؤابة هاشم وآل قصي في الخطوب الأوائل

وقال جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل: مشيتُ أنا وعثمان بن عفان -يعني: ابن أبي العاص ابن أمية بن عبد شمس- إلى رسول الله ﷺ، فقلنا: يا رسول الله، أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا، ونحن وهم منك بمنزلةٍ واحدةٍ؟! فقال: إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد. رواه مسلم.

وفي بعض روايات هذا الحديث: إنهم لم يُفارقونا في جاهليةٍ ولا إسلام. وهذا قول جمهور العلماء: أنهم بنو هاشم وبنو المطلب.

قال ابنُ جرير: وقال آخرون: هم بنو هاشم. ثم روى عن خصيف، عن مجاهد.

مُداخلة: أحسن الله إليك، في حاشيةٍ قالوا: أنَّ الحديث ليس .....؟

الشيخ: الذي أذكر أنَّه في البخاري.

قارئ المتن: ..... في جميع النسخ: إنما رواه البخاري في عدّة أبواب قليلة، وهو سهو أو سقط قلمٍ من المؤلف.

الشيخ: هو المعروف، نعم، أنَّه من رواية البخاري، نعم.

قال ابنُ جرير: وقال آخرون: هم بنو هاشم. ثم روى عن خصيف، عن مجاهد قال: علم الله أنَّ في بني هاشم فُقراء، فجعل لهم الخمس مكان الصّدقة.

وفي روايةٍ عنه قال: هم قرابة رسول الله ﷺ الذين لا تحلّ لهم الصّدقة. ثم رُوي عن علي بن الحسين نحو ذلك.

قال ابنُ جرير: وقال آخرون: بل هم قريش كلّها. حدثني يونس بن عبدالأعلى: حدثني عبدالله بن نافع، عن أبي معشر، عن سعيد المقبري قال: كتب نجدة إلى عبدالله بن عباس يسأله عن ذوي القربى، فكتب إليه ابنُ عباس: كنا نقول: إنا هم، فأبى علينا ذلك قومنا، وقالوا: قريش كلّها ذوو قربى.

وهذا الحديث صحيحٌ، رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنَّسائي من حديث سعيد المقبري، عن يزيد بن هرمز: أنَّ نجدة كتب إلى ابن عباسٍ يسأله عن ذوي القربى. فذكره إلى قوله: فأبى ذلك علينا قومنا. والزيادة من أفراد أبي معشر نجيح بن عبدالرحمن المدني، وفيه ضعف.

وقال ابنُ أبي حاتم: حدثنا أبي: حدثنا إبراهيم بن مهدي المصيصي: حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن حنش، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ قال: قال رسولُ الله ﷺ: رغبت لكم عن غسالة الأيدي؛ لأنَّ لكم من خمس الخمس ما يُغنيكم، أو يكفيكم. هذا حديثٌ حسن الإسناد، وإبراهيم بن مهدي هذا وثَّقه أبو حاتم، وقال يحيى بن معين: يأتي بمناكير. والله أعلم.

الشيخ: انظر في "التقريب" الكلام على إبراهيم بن مهدي. نعم.

وقوله: وَالْيَتَامَى [الأنفال:41] أي: أيتام المسلمين، واختلف العُلماء: هل يختصّ بالأيتام الفقراء، أو يعمّ الأغنياء والفقراء؟ على قولين.

وَالْمَسَاكِينِ [الأنفال:41] هم المحاويج الذين لا يجدون ما يسدّ خلّتهم ومسكنتهم.

وَابْنِ السَّبِيلِ [الأنفال:41] هو المسافر، أو المريد للسفر إلى مسافةٍ تقصر فيها الصلاة، وليس له ما يُنفقه في سفره ذلك، وسيأتي تفسير ذلك في آية الصّدقات من سورة براءة إن شاء الله تعالى، وبه الثِّقة، وعليه التكلان.

الطالب: إبراهيم بن مهدي، المصيصي، بغدادي الأصل، مقبول، من العاشرة، مات سنة أربعٍ، وقيل: خمس وعشرين. (د).

الشيخ: و"الخلاصة"؟

الطالب: إبراهيم بن مهدي، البغدادي، ثم المصيصي، عن شريك وعلي بن مسهر وأبي المليح وأبي عوانة وخلق، وعنه (د)، وثَّقه أبو حاتم، قال ابنُ قانع: مات سنة خمسٍ وعشرين ومئتين.

الشيخ: نعم.

س: ..............؟

ج: الصواب أنَّه خاصّ بالفقراء، باليتامى، يعني: ليس عندهم ما يسدّ حاجتهم من الزكاة ومن الخمس جميعًا. نعم.

س: ما درجة صحة هذا الحديث؟

ج: لا بأس به.

وقوله: إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا [الأنفال:41] أي: امتثلوا ما شرعنا لكم من الخمس في الغنائم إن كنتم تُؤمنون بالله واليوم الآخر.

الشيخ: أعد حديث ابن أبي حاتم.

حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن حنش، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ قال: قال رسولُ الله ﷺ: رغبت لكم عن غسالة الأيدي؛ لأنَّ لكم من خمس الخمس ما يُغنيكم، أو يكفيكم. هذا حديثٌ حسنُ الإسناد، وإبراهيم بن مهدي هذا وثَّقه أبو حاتم، وقال يحيى بن معين: يأتي بمناكير، والله أعلم.

الشيخ: أحسن الأقوال أنهم بنو هاشم: أنَّ الله جلَّ وعلا عوَّضهم عن الزكاة بالسبيل والقربى، وحرَّم عليهم الزكاة، فلا تنبغي لمحمدٍ، ولا لآل محمدٍ، وإنما هي أوساخ الناس، والنبي ﷺ أعطاهم من الخمس وعوَّضهم، فالأقرب من الأقوال: أنَّ المراد بالقربى هم بنو هاشم، يُعطون من الخمس ما يسدّ حاجتهم. نعم.

س: وبنو المطلب؟

ج: وبنو المطلب معهم يعطون من الخمس أيضًا؛ لأنهم ناصروهم ..... في الجاهلية والإسلام، نعم.

س: ..............؟

ج: في الخمس –يعني- لا في الزكاة، الصحيح أنَّهم ما يُمنعون من الزكاة؛ لأنَّه خاصّ ببني هاشم، أما بنو المطلب فلا بأس أن يُعطوا من الزكاة على الصحيح، ولكن في الخمس يشتركون معهم، نعم.

س: ..............؟

ج: لأن ..... في بني هاشم، لا تنبغي لمحمدٍ، ولا لآل محمدٍ، خصّهم، نعم.

س: ما حكم الفُقراء؟

ج: الفقراء من أيش؟

س: يعني: الذي ما له وظيفة، ما له شغل؟

ج: يُعتبر من المساكين، داخلٌ في المساكين، له حقٌّ في بيت المال، يعمّ الفقراء كلهم، والزكاة تعمّهم كلهم، نعم.

والمقصود من هذا أنَّ الخمس أخماس: خمس لولي الأمر، وخمس لبني هاشم، وخمس لليتامى، وخمس للمساكين، وخمس لأبناء السبيل، يعني: إذا تزاحمت الأشياء، وإلا ولي الأمر يُنفقه في وجوه البرِّ، ولي الأمر يتصرف في هذه المسائل وغيرها، لكن إذا دعت الحاجةُ إلى أن رأى أبناء السَّبيل أعطاهم، أعطى المساكين، أما إذا تيسر ما يسدّ المساكين من الزكاة وأبناء السبيل وغيرهم، صارت في مصالح المسلمين، يتصرف ولي الأمر في هذا في مصالح المسلمين.

................

وقوله: إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا [الأنفال:41] أي: امتثلوا ما شرعنا لكم من الخمس في الغنائم إن كنتم تُؤمنون بالله واليوم الآخر وما أنزل على رسوله؛ ولهذا جاء في "الصحيحين" من حديث عبدالله بن عباس في حديث وفد عبدالقيس: أنَّ رسول الله ﷺ قال لهم: وآمركم بأربعٍ، وأنهاكم عن أربعٍ. آمركم بالإيمان بالله، ثم قال: هل تدرون ما الإيمان بالله؟ شهادة أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن تُؤدّوا الخمس من المغنم، الحديث بطوله، فجعل أداء الخمس من جملة الإيمان، وقد بوّب البخاري على ذلك في كتاب "الإيمان" من "صحيحه"، فقال: "باب أداء الخمس من الإيمان".

الشيخ: يعني: مبتدأ وخبر، نعم.

ثم أورد حديث ابن عباسٍ هذا، وقد بسطنا الكلام عليه في شرح البخاري، ولله الحمد والمنّة.

وقال مُقاتل بن حيان: وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ [الأنفال:41] أي: في القسمة.

وقوله: يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [الأنفال:41] يُنبه تعالى على نعمته وإحسانه إلى خلقه بما فرّق به بين الحقِّ والباطل ببدرٍ، ويُسمّى: الفرقان؛ لأنَّ الله أعلى فيه كلمة الإيمان على كلمة الباطل، وأظهر دينه، ونصر نبيّه وحزبه.

قال علي ابن أبي طلحة والعوفي: عن ابن عباسٍ: يوم الفرقان يوم بدر، فرّق اللهُ فيه بين الحقِّ والباطل. رواه الحاكم.

وكذا قال مجاهد، ومقسم، وعبيدالله بن عبدالله، والضحاك، وقتادة، ومقاتل بن حيان، وغير واحدٍ: أنَّه يوم بدر.

وقال عبدالرزاق: عن معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير في قوله: يَوْمَ الْفُرْقَانِ يوم فرّق الله بين الحقِّ والباطل، وهو يوم بدر، وهو أول مشهدٍ شهده رسولُ الله ﷺ، وكان رأسُ المشركين عتبة بن ربيعة، فالتقوا يوم الجمعة لتسع عشرة، أو سبع عشرة مضت من رمضان، وأصحاب رسول الله ﷺ يومئذٍ ثلاثمئة وبضعة عشر رجلًا، والمشركون ما بين الألف والتسعمئة، فهزم اللهُ المشركين، وقتل منهم زيادةً على السبعين، وأسر منهم مثل ذلك.

وقد روى الحاكم في "مستدركه" من حديث الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن ابن مسعودٍ قال في ليلة القدر: تحروها لإحدى عشرة يبقين، فإنَّ في صبيحتها يوم بدر. وقال: على شرطهما.

ورُوي مثله عن عبدالله بن الزبير أيضًا، من حديث جعفر بن برقان، عن رجلٍ عنه.

وقال ابنُ جرير: حدثنا ابنُ حميد: حدثنا يحيى بن واضح: حدثنا يحيى بن يعقوب أبو طالب، عن ابن عون، عن محمد بن عبدالله الثّقفي.

مُداخلة: عن ابن عونٍ محمد بن عبيدالله الثقفي.

الشيخ: كذا عندكم؟

قارئ المتن: عن ابن عون، عن محمد بن عبدالله الثقفي.

الشيخ: الظاهر أنَّه عن محمد.

الطالب: عن أبي عون محمد بن عبيدالله الثقفي.

الشيخ: انظر: "التقريب" أبي عون، وابن عون.

وقال ابنُ جرير: حدثنا ابنُ حميد: حدثنا يحيى بن واضح: حدثنا يحيى بن يعقوب أبو طالب، عن ابن عون، عن محمد بن عبدالله الثقفي.

الشيخ: انظر: "التقريب" محمد بن عبدالله الثقفي، أو "الخلاصة": محمد بن عبدالله، أو عبيدالله الثقفي.

عن أبي عبدالرحمن السّلمي قال: قال الحسن بن علي: كانت ليلة الفرقان يوم التقى الجمعان لسبع عشرة من رمضان. إسناد جيد قوي.

الشيخ: هذا ذهول من المؤلف، هذا الذهول يقع للمؤلف بعض المرات؛ لأنَّ ابن حميد ضعيف، شيخ المؤلف يتّهمونه بالكذب، وإن كان حافظًا في نفسه.

ولكن الصواب والمعروف أنَّ ليلة بدر هي يوم سبع عشرة، يوم بدر في يوم الجمعة سبع عشرة من رمضان، وهي السنة التي وُلد فيها، لا، ولد في السنة التي بعدها في رمضان سنة ثلاثٍ الحسن رحمه الله، نعم.

الطالب: محمد بن عبيدالله بن سعيد، أبو عون، الثقفي، الكوفي، الأعور، ثقة، من الرابعة. (البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي).

الشيخ: صلحها: أبي عون، عن أبي عون، نعم.

س: كيف يروي ابنُ جرير عن ابن حميد وهو متّهم؟

ج: يروي عنه ابنُ جرير وغير ابن جرير، هو مشهور، أقول: مشهور بالحفظ، حافظ، لكنه متّهم.

انظر: كلام الحافظ في ابن حميد، محمد بن حميد.

الطالب: محمد بن حميد بن حيان، الرازي، حافظ، ضعيف، وكان ابنُ معين حسن الرأي فيه، من العاشرة، مات سنة ثمانٍ وأربعين. (أبو داود، والترمذي، وابن ماجه).

الشيخ: له روايات كثيرة، حافظ، لكنه ضعيف.

ورواه ابنُ مردويه، عن أبي عبدالرحمن عبدالله بن حبيب، عن عليٍّ قال: كانت ليلة الفرقان ليلة التقى الجمعان في صبيحتها ليلة الجمعة لسبع عشرة مضت من شهر رمضان، وهو الصَّحيح عند أهل المغازي والسّير.

وقال يزيد ابن أبي حبيب إمام أهل الديار المصرية في زمانه: كان يوم بدر يوم الاثنين. ولم يُتابع على هذا، وقول الجمهور مُقدّم عليه، والله أعلم.

الشيخ: وهذا يدلّ على أنَّ العالم والكبير قد تكون له غلطات وسهو، فلا يقدح في دينه وعلمه، فإنَّ يزيد ابن أبي حبيب من الأئمّة، ومع هذا يقول: يوم الاثنين هو يوم بدر. وهذا خالف فيه الجميع، سهو، نعم.

س: الأعمال تُعتبر من الصحة، أو من الكمال في الإيمان؟

ج: جزء من الإيمان، الإيمان: قول وعمل وعقيدة في القلب: التَّصديق، ثم الأعمال قسمان: قسم يزول الإيمان بزواله، وقسم لا يزول الإيمان بزواله، فإنَّ الصلاة على الصحيح يزول الإيمان بزوالها إذا تركها، وكذلك إذا كان يخاف الله ولا يرجوه يزول الإيمان، نسأل الله العافية.

ويكون بالقلب: التَّصديق بأنَّ الله أوجب الواجبات، وحرّم المحرمات، لا بدَّ منه، فمَن لم يصدق أنَّ الصلاة واجبة، أو أنَّ الزنا مُحرّم؛ كفر.

وقولٌ: وهو النطق بالشَّهادتين، فإن لم ينطق بهما وهو قادرٌ كفر، نعم، نسأل الله العافية، وإنما يُنكر هذا المرجئة، ويقولون: العمل ليس من الإيمان. ويقولون: الإيمان قولٌ وتصديقٌ فقط. وبعضهم يقول: تصديقٌ فقط. وبعضهم يقول: معرفة فقط. وكلها أقوال باطلة.

الطالب: محمد بن حميد بن حيان –بتحتانية-، التميمي، أبو عبدالله، الرازي، الحافظ، عن يعقوب القمي وجرير وابن المبارك وطائفة، وعنه (د، ت، ق)، قال ابنُ معين: ثقة، كيس. وقال البخاري: فيه نظر. وكذبه الكوسج، وأبو زرعة، وصالح بن محمد، وابن خراش، قال البخاري: مات سنة ثمانٍ وأربعين ومئتين.

الشيخ: كذّبه جماعة، يقولون: أنه كذاب. جماعة كذَّبوه، والبخاري ضعفه، المقصود أنَّ العلماء على تضعيفه والتّهمة بالكذب: أنه يكذب. نعم.

..............

س: أحسن الله إليك يا شيخ، هناك منشورات، كتيبات تُوزع في الحرم فيها أحاديث يُكتب عليها: رواه ابن كثير؟

ج: يعني: في التفسير، يعني: ذكرها ابنُ كثير في التفسير، هذا الذي جمعها جاهل، نعم، ابن كثير يرويها عن غيره.

ومما يلزم على القول بأنَّ العمل ليس من الإيمان يلزم عليه أنَّ مَن ترك الصلاة والزكاة والصيام والحجّ يكون كامل الإيمان، وهذا ما يقوله عاقل، ما يقوله مَن يعقل ما يقول، ويلزم عليه أنَّ فعل الزنا والمعاصي لا ينقص الإيمان، وهذه لوازم خبيثة، نسأل الله العافية.

س: كذلك مَن سبَّ الله؟

ج: هذا ردّة، هذا ردّة، هذا قول، هذا من القول، نسأل الله العافية.

س: مَن قال أنَّه يشترط في التَّلفظ بالكفر والسجود للصنم أن يكون الشخصُ مُعتقدًا لها؟

ج: ما دام سجد يعبده ولو ما اعتقده، ما دام يسجد تعظيمًا له ويعبده، فهذا ..... يسجد له، أو يذبح له تقربًا إليه، هذا هو.

أمَّا إذا ذبح الذَّبيحة إكرامًا للضيف، هذا ما يكون تقربًا له، ما هو عبادة له، هذا إكرام للضيف .....، أما السجود للصنم فإذا قال: ما أعبده، فلأيش يسجد؟! أيش السبب؟! نسأل الله العافية.

س: يستدلّ بعضهم بقوله تعالى: وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا [النحل:106]؟

ج: هذا له تفسيرٌ آخر، هذا ضدّ المكره، المعنى: ضدّ المكره.

س: وإن كان جاهلًا بالحكم في بلدٍ ما وصل إليه .....؟

ج: يعلم أنَّه كفر، وعليه التوبة، إذا كان جاهلًا يعلم أنَّه كفر، وعليه التوبة.

س: ..............؟

ج: يعلم أنَّ هذا عمل كفري، وعليه التوبة إلى الله من ذلك إذا كان بين المسلمين، أما إذا كان في جاهليةٍ وفترةٍ ما عنده مَن يُعلّمه، يُعلّم: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا [الإسراء:15]، مَن كان بلغة القرآن فقد بلغته الحجّة.

س: لكن بمجرد هذا العمل نقول: أنَّه كافر؟

ج: نعم، يكفر، مَن سبَّ الله، أو سبَّ رسوله، أو سجد للصنم، أو ذبح له؛ يكفر، وبعد هذا يُستتاب إذا كان بين المسلمين، نسأل الله العافية.

مُداخلة: عفا الله عنكم، لو كتبتم في هذه الأمور، فإنَّه كثر الخبط فيها، يعني: أصبح كثيرٌ من الناس يتكلّم فيها بغير علمٍ.

الشيخ: إن شاء الله يكون خيرًا، إن شاء الله.