تفسير قوله تعالى: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ..} (1)

حديثٌ آخر: قال محمد بن إسحاق: عن حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف، عن عبادة بن حنيف، عن علي بن عبدالرحمن: أخبرني حُذيفة بن اليمان، قال: خرجتُ مع رسول الله ﷺ إلى حرّة بني مُعاوية، قال: فصلَّى ثماني ركعات، فأطال فيهنَّ، ثم التفت إليَّ فقال: حبستُك يا حذيفة، قلت: الله ورسوله أعلم، قال: إني سألتُ الله ثلاثًا، فأعطاني اثنتين، ومنعني واحدة: سألتُه أن لا يُسلط على أمّتي عدوًّا من غيرهم، فأعطاني، وسألتُه أن لا يُهلكهم بغرقٍ، فأعطاني، وسألتُه أن لا يجعل بأسَهم بينهم، فمنعني. رواه ابنُ مردويه من حديث محمد بن إسحاق.

حديث آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا عبيدة بن حميد.

الشيخ: انظر "التقريب" أو "التعجيل": عبيدة بن حميد.

الطالب: عبيدة بن حميد، الكوفي، أبو عبدالرحمن، المعروف بالحذاء، التيمي، أو الليثي، أو الظبي، صدوق، نحوي، ربما أخطأ، من الثامنة، مات سنة تسعين وقد جاوز الثَّمانين. (البخاري، والأربعة).

الشيخ: نعم، نعم.

حدثني سليمان الأعمش، عن رجاء الأنصاري، عن عبدالله بن شداد، عن معاذ بن جبل قال: أتيتُ رسول الله ﷺ، فقيل لي: خرج قبل. قال: فجعلتُ لا أمرّ بأحدٍ إلا قال: مرَّ قبل، حتى مررتُ فوجدتُه قائمًا يُصلي، قال: فجئتُ حتى قمتُ خلفه، قال: فأطال الصلاة، فلمَّا قضى صلاته قلت: يا رسول الله، قد صليتَ صلاةً طويلةً! فقال رسولُ الله ﷺ: إني صليتُ صلاة رغبة ورهبة، إني سألتُ الله ثلاثًا، فأعطاني اثنتين، ومنعني واحدة: سألتُه أن لا يُهلك أمّتي غرقًا، فأعطاني، وسألتُه أن لا يُظهر عليهم عدوًّا ليس منهم، فأعطانيها، وسألتُه أن لا يجعل بأسَهم بينهم، فردّها عليَّ.

ورواه ابنُ ماجه في "الفتن" عن محمد بن عبدالله بن نمير، وعلي بن محمد، كلاهما عن أبي معاوية، عن الأعمش، به.

ورواه ابنُ مردويه من حديث أبي عوانة، عن عبدالله بن عمير، عن عبدالرحمن ابن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل، عن النبي ﷺ بمثله، أو نحوه.

حديثٌ آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا هارون بن معروف: حدثنا عبدالله بن وهب: أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج: أنَّ الضحاك بن عبدالله القرشي حدَّثه، عن أنس بن مالك أنَّه قال: رأيتُ رسول الله ﷺ في سفرٍ صلَّى سبحةَ الضحى ثماني ركعات، فلمَّا انصرف قال: إني صليتُ صلاة رغبة ورهبة، وسألتُ ربي ثلاثًا، فأعطاني اثنتين، ومنعني واحدة: سألتُه أن لا يبتلي أمّتي بالسنين، ففعل، وسألتُه أن لا يُظهر عليهم عدوهم، ففعل، وسألتُه أن لا يلبسهم شيعًا، فأبى عليَّ.

ورواه النَّسائي في "الصلاة" عن محمد بن سلمة، عن ابن وهب، به.

حديثٌ آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب ابن أبي حمزة، قال: قال الزهري: حدثني عبدالله بن عبدالله بن الحارث بن نوفل، عن عبدالله بن خباب، عن أبيه خباب بن الأرت مولى بني زُهرة -وكان قد شهد بدرًا مع رسول الله ﷺ- أنَّه قال: وافيتُ رسول الله ﷺ في ليلةٍ صلَّاها كلّها حتى كان مع الفجر، فسلّم رسولُ الله ﷺ من صلاته، فقلتُ: يا رسول الله، لقد صليت الليلة صلاةً ما رأيتُك صليتَ مثلها. فقال رسولُ الله ﷺ: أجل، إنها صلاة رغبٍ ورهبٍ، سألتُ ربي فيها ثلاث خصال، فأعطاني اثنتين، ومنعني واحدة، سألتُ ربي أن لا يُهلكنا بما أهلك به الأمم قبلنا، فأعطانيها، وسألتُ ربي أن لا يُظهر علينا عدوًّا من غيرنا، فأعطانيها، وسألتُ ربي أن لا يلبسنا شيعًا، فمنعنيها.

ورواه النَّسائي من حديث شعيب ابن أبي حمزة، به. ومن وجهٍ آخر. وابن حبان في "صحيحه" بإسناديهما عن صالح بن كيسان. والترمذي في "الفتن" من حديث النعمان بن راشد، كلاهما عن الزهري، به، وقال: حسنٌ صحيحٌ.

حديثٌ آخر: قال أبو جعفر ابن جرير في "تفسيره": حدثني زياد بن عبيدالله المزني: حدثنا مروان بن معاوية الفزاري: حدثنا أبو مالك: حدثني نافع بن خالد الخزاعي، عن أبيه: أنَّ النبي ﷺ صلَّى صلاةً خفيفةً تامَّةَ الركوع والسُّجود، فقال: قد كانت صلاة رغبةٍ ورهبةٍ، سألتُ الله فيها ثلاثًا، أعطاني اثنتين، ومنعني واحدة: سألتُ الله أن لا يُصيبكم بعذابٍ أصاب به مَن كان قبلكم، فأعطانيها، وسألتُ الله أن لا يُسلط عليكم عدوًّا يستبيح بيضتكم، فأعطانيها، وسألتُ الله أن لا يلبسكم شيعًا ويُذيق بعضكم بأس بعضٍ، فمنعنيها.

قال أبو مالك: فقلتُ له: أبوك سمع هذا من في رسول الله ﷺ؟ فقال: نعم، سمعتُه يُحدِّث بها القوم أنَّه سمعها من في رسول الله ﷺ.

مُداخلة: زياد بن عبدالله.

الشيخ: انظر "التقريب" أو "التعجيل" أو "الخلاصة": زياد بن عبدالله المزني، انظر: زياد بن عبدالله، أو عبيدالله.

س: الفِزاري أو الفَزاري؟

ج: الفَزاري نسبة إلى فزارة بفتح الفاء.

س: هنا قال يا شيخ: صلاة خفيفة تامَّة، كيف خفيفة وتامّة؟

ج: يعني: تامّة الركوع والسُّجود، ما طوّل فيها القراءة، أتمّ ركوعها وسجودها، ولكن ما طوّل فيها القراءة.

س: عبدالرحمن ابن أبي ليلى روى عن معاذ بن جبل؟

ج: يُقال أنَّه منقطع ..... لم يسمع؛ لأنَّ معاذًا مات قديمًا بطاعون عمواس .....، زياد عندك؟

الطالب: ما ذكره يا شيخ، لا زياد بن عبدالله، ولا زياد بن عبيدالله.

الشيخ: "التعجيل" موجود: "تعجيل المنفعة"؟

الطالب: موجود، يبحث عنه.

الشيخ: نعم.

حديثٌ آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا عبدالرزاق قال: قال معمر: أخبرني أيوب، عن أبي قلابة، عن الأشعث الصَّنعاني، عن أبي أسماء الرَّحبي، عن شداد بن أوس: أن رسول الله ﷺ قال: إنَّ الله زوى لي الأرض حتى رأيتُ مشارقها ومغاربها، وإنَّ مُلك أمّتي سيبلغ ما زُوي لي منها، وإني أُعطيتُ الكنزين: الأبيض والأحمر، وإني سألتُ ربي أن لا يُهلك أمّتي بسنةٍ عامَّةٍ، وأن لا يُسلط عليهم عدوًّا فيُهلكهم بعامَّةٍ، وأن لا يلبسهم شيعًا، وأن لا يُذيق بعضهم بأس بعضٍ، فقال: يا محمد، إني إذا قضيتُ قضاءً فإنَّه لا يُردّ، وإني قد أعطيتُك لأمّتك أن لا أُهلكهم بسنةٍ عامَّةٍ، وأن لا أُسلط عليهم عدوًّا ممن سواهم فيُهلكهم بعامَّةٍ حتى يكون بعضُهم يُهلك بعضًا، وبعضهم يقتل بعضًا، وبعضهم يسبي بعضًا، قال: وقال النبي ﷺ: إني لا أخاف على أمّتي إلا الأئمة المضلين، فإذا وُضع السيف في أمّتي لم يُرفع عنهم إلى يوم القيامة.

ليس في شيءٍ من الكتب الستة، وإسناده جيد قوي، وقد رواه ابنُ مردويه من حديث حماد بن زيد، وعباد بن منصور، وقتادة، ثلاثتهم عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان، عن رسول الله ﷺ بنحوه، والله أعلم.

مُداخلة: في حاشية يا شيخ: يقول المسند: وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصَّحيح.

الشيخ: نعم.

س: صحيحٌ عفا الله عنك؟

ج: أصله في مسلم رحمه الله، نعم، لكن غاب عن المؤلف، نعم.

حديثٌ آخر: قال الحافظ أبو بكر ابن مردويه: حدثنا عبدالله بن إسماعيل بن إبراهيم الهاشمي، وميمون بن إسحاق بن الحسن الحنفي، قالا: حدثنا أحمد بن عبدالجبار: حدثنا محمد بن فضيل، عن أبي مالك الأشجعي، عن نافع بن خالد الخزاعي، عن أبيه قال -وكان أبوه من أصحاب رسول الله ﷺ، وكان من أصحاب الشجرة- قال: كان رسولُ الله ﷺ إذا صلَّى والناس حوله صلَّى صلاةً خفيفةً تامَّة الركوع والسجود، قال: فجلس يومًا فأطال الجلوس حتى أومأ بعضُنا إلى بعضٍ: أن اسكتوا؛ إنَّه ينزل عليه. فلمَّا فرغ قال له بعضُ القوم: يا رسول الله، لقد أطلت الجلوس حتى أومأ بعضُنا إلى بعضٍ: إنه ينزل عليك. قال: لا، ولكنها كانت صلاة رغبةٍ ورهبةٍ، سألتُ الله فيها ثلاثًا، فأعطاني اثنتين، ومنعني واحدة، سألتُ الله أن لا يُعذّبكم بعذابٍ عذَّب به مَن كان قبلكم، فأعطانيها، وسألتُ الله أن لا يُسلط على أمّتي عدوًّا يستبيحها، فأعطانيها، وسألتُه أن لا يلبسكم شيعًا، وأن لا يُذيق بعضكم بأس بعضٍ، فمنعنيها.

قال: قلتُ له: أبوك سمعها من رسول الله ﷺ؟ قال: نعم، سمعته يقول: إنَّه سمعها من رسول الله ﷺ عدد أصابعي هذه، عشر أصابع.

حديثٌ آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا يونس -هو ابن محمد المؤدب-: حدثنا ليث -هو ابن سعد-، عن أبي وهب الخولاني، عن رجلٍ قد سمَّاه، عن أبي بصرة الغفاري صاحب رسول الله ﷺ: أنَّ رسول الله ﷺ قال: سألتُ ربي أربعًا، فأعطاني ثلاثًا، ومنعني واحدة، سألتُ الله أن لا يجمع أمّتي على ضلالةٍ، فأعطانيها، وسألتُ الله أن لا يُظهر عليهم عدوًّا من غيرهم، فأعطانيها، وسألتُ الله أن لا يُهلكهم بالسنين كما أهلك الأمم قبلهم، فأعطانيها، وسألتُ الله أن لا يلبسهم شيعًا، وأن لا يُذيق بعضهم بأس بعضٍ، فمنعنيها. لم يُخرجه أحدٌ من أصحاب الكتب السّتة.

مُداخلة: عفا الله عنك، في حاشيةٍ للحديث هذا: المسند، ورواه الطَّبراني في "المعجم الكبير" من طريق الليث، به.

تنبيه: وقع في "المسند" كما هو هنا: أبو وهب الخولاني، وفي "المعجم الكبير" للطبراني: أبو هانئ الخولاني، وهو الصحيح، كما ذكره المزي في "تهذيب الكمال"، وابن عبدالبر في "الاستغناء".

الشيخ: نعم.

حديثٌ آخر: قال الطبراني: حدثنا محمد بن عثمان ابن أبي شيبة: حدثنا منجاب بن الحارث: حدثنا أبو حُذيفة الثعلبي، عن زياد بن علاقة، عن جابر بن سمرة السّوائي، عن عليٍّ: أنَّ رسول الله ﷺ قال: سألتُ ربي ثلاث خصالٍ، فأعطاني اثنتين، ومنعني واحدة، فقلتُ: يا ربّ، لا تُهلك أمّتي جوعًا، فقال: هذه لك، قلتُ: يا ربّ، لا تُسلّط عليهم عدوًّا من غيرهم –يعني: أهل الشرك- فيجتاحهم، قال: ذلك لك، قلتُ: يا ربّ، لا تجعل بأسَهم بينهم -قال- فمنعني هذه.

حديثٌ آخر: قال الحافظ أبو بكر ابن مردويه: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم، عن أحمد بن محمد بن عاصم: حدثنا أبو الدَّرداء المروزي: حدثنا إسحاق بن عبدالله بن كيسان: حدثني أبي، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ: أن رسول الله ﷺ قال: دعوتُ ربي أن يرفع عن أمّتي أربعًا، فرفع اللهُ عنهم اثنتين، وأبى عليَّ أن يرفع عنهم اثنتين: دعوتُ ربي أن يرفع الرجم من السماء، والغرق من الأرض، وأن لا يلبسهم شيعًا، وأن لا يُذيق بعضهم بأس بعضٍ، فرفع اللهُ عنهم الرجم من السماء، والغرق من الأرض، وأبى الله أن يرفع اثنتين: القتل والهرج.

طريقٌ أخرى عن ابن عباسٍ أيضًا: قال ابنُ مردويه: حدثنا عبدالله بن محمد بن يزيد: حدثني الوليد بن أبان: حدثنا جعفر بن منير: حدثنا أبو بدر شجاع بن الوليد: حدثنا عمرو بن قيس، عن رجلٍ، عن ابن عباسٍ قال: نزلت هذه الآية: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ [الأنعام:65]، قال: فقام النبي ﷺ فتوضأ، ثم قال: اللهم لا تُرسل على أمّتي عذابًا من فوقهم، ولا من تحت أرجلهم، ولا تلبسهم شيعًا، ولا تذق بعضهم بأس بعضٍ، قال: فأتاه جبريلُ فقال: يا محمد، إنَّ الله قد أجار أمّتك أن يُرسل عليهم عذابًا من فوقهم، أو من تحت أرجلهم.

الشيخ: اللهم اغفر لنا وله، ويعفو عنا وعنه.

س: هذه الأيام تستقبل أعياد الكفَّار: كعيد الكريسمس، وغيره، فيُهدى لبعض المسلمين شيء من الحلويات، أو يُشترى لهم بطاقات أو هدايا في أعيادهم، هل يجوز هذا أحسن الله إليك؟

ج: والله الذي يظهر أنَّه ما يجوز، هذا نوع مُشاركة.

س: وأكل طعامهم الذي يُقدّمونه؟

ج: لا، ما يجوز: لا مشاركة، ولا قبول هداياهم؛ لأنَّه نوع مشاركة.

س: على بعض اللوحات مكتوب: بمناسبة الأسبوع الخامس فإنَّ ..... تخفض هذا الطّعام إلى خمسة ريالات ..... الشِّراء منهم هل يجوز؟ يُخفضون في أعيادهم؟

ج: يحتاج إلى تأمل، نعم، والأحوط الترك.