قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ [الأنعام:63-65].
يقول تعالى مُمتنًّا على عباده في إنجائه المضطرين منهم من ظُلمات البرِّ والبحر، أي: الحائرين، الواقعين في الْمَهَامِهِ البريّة، وفي اللُّجج البحرية، إذا هاجت الرياحُ العاصفة فحينئذٍ يُفردون الدُّعاء له وحده لا شريكَ له، كقوله: وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ الآية [الإسراء:67]، وقوله: هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ الآية [يونس:22]، وقوله: أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [النمل:63].
الشيخ: والمقصود من هذا أنَّ المشركين في حال الشَّدائد يُخلصون لله الدعاء عند اضطراب الأمواج وشدّة الأمر، وإذا جاء الرخاءُ أشركوا بالله، وهذا من جهلهم وضلالهم، فالذي يُنجي في الشَّدائد هو الذي يستحقّ أن يُعبد في الرخاء: فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ [العنكبوت:65]، هذا من الجهل العظيم، والإعراض الشديد، والظلم الأكبر.
فالواجب على المؤمن، بل الواجب على كل مُكلّف أينما كان أن يُخلص لله العبادة في الشّدة والرَّخاء، كما لا يُنجي في الشّدة إلا هو، فهكذا في الرَّخاء الواجب أن يُعبد وحده: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]، الواجب على جميع المكلّفين: جنًّا وإنسًا، عربًا وعجمًا، وذكورًا وإناثًا، أن يكونوا عبيدًا لله في الشّدة والرَّخاء جميعًا، هذا هو الواجب على الجنِّ والإنس، العرب والعجم، الذكور والإناث، الأغنياء والفقراء، يجب عليهم أن يعبدوا الله وحده أينما كانوا: في شدّةٍ أو رخاء، في غيبةٍ أو شهادةٍ، في جميع الأحوال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:23]، وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ [البينة:5]، فلا يجوز لأحدٍ أن يُشرك بالله: لا في الرخاء، ولا في الشّدة، بل يجب أن تكون العبادةُ لله وحده: وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18]، وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117].
ولكن المشركين لجهلهم وضلالهم وإعراضهم وقعوا في هذا البلاء العظيم: في الشرك في الرخاء، والإخلاص في الشدة، نعم.
.............
وقال في هذه الآية الكريمة: قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً أي: جهرًا وسرًّا، لَئِنْ أَنْجَانَا أي: من هذه الضَّائقة، لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ أي: بعدها، قال الله: قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْهَا وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ أي: بعد ذلك تُشْرِكُونَ أي: تدعون معه في حال الرَّفاهية آلهةً أخرى.
وقوله: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ، لما قال: ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ عقبه بقوله: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا أي: بعد إنجائه إياكم، كقوله في سورة سبحان: رَبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لَا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا [الإسراء:66-69].
قال ابنُ أبي حاتم: ذكر عن مسلم بن إبراهيم: حدثنا هارون الأعور، عن جعفر بن سليمان، عن الحسن في قوله: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قال: هذه للمُشركين.
الشيخ: والمعنى: أنَّ الذي نجاكم في البحر في الشّدة التي خفتم منها هو القادر على أن ينزل عليكم عذابًا في البرِّ في محل الأمن، قد ينزل العذاب من فوق، أو الخسف من تحت، أو أنواعًا من العذاب الأخرى، فالذي أنجاكم من البحر وخفتم وأخلصتم من أجل ذلك جديرٌ بكم أن تخافوا أن يُهلككم في البرِّ أيضًا بالخسف من تحت أرجلكم، أو من فوق؛ كأن ينزل عليهم من البلاء ما يُهلكهم به، لكن القوم لا يعقلون، وإنما يتبعون أهواءهم، نسأل الله العافية.
وقال ابنُ أبي نجيح: عن مجاهد في قوله: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ لأمّة محمدٍ ﷺ وعفا عنهم.
ونذكر هنا الأحاديث الواردة في ذلك والآثار، وبالله المستعان، وعليه التكلان، وبه الثِّقة:
قال البخاري رحمه الله تعالى في قوله تعالى: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ، يلبسكم: يخلطكم، من الالتباس، يلبسوا: يخلطوا، شيعًا: فرقًا. حدثنا أبو النعمان: حدثنا حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبدالله قال: لما نزلت هذه الآية: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ قال رسول الله ﷺ: أعوذ بوجهك، أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قال: أعوذ بوجهك، أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ قال رسولُ الله ﷺ: هذه أهون –أو: أيسر.
وهكذا رواه أيضًا في كتاب "التوحيد" عن قتيبة، عن حماد، به.
ورواه النَّسائي أيضًا في "التفسير" عن قتيبة، ومحمد بن النَّضر بن مساور، ويحيى بن حبيب بن عربي. أربعتهم عن حماد بن زيد، به.
الشيخ: هؤلاء ثلاثة، انظر السند الأول الذي قبله؛ البخاري.
حدثنا أبو النعمان: حدثنا حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبدالله قال: لما نزلت هذه الآية: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ قال رسولُ الله ﷺ: أعوذ بوجهك، أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قال: أعوذ بوجهك، أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ قال رسولُ الله ﷺ: هذه أهون –أو: أيسر.
وهكذا رواه أيضًا في كتاب "التوحيد" عن قتيبة، عن حماد، به.
ورواه النَّسائي أيضًا في "التفسير" عن قتيبة، ومحمد بن النَّضر بن مساور، ويحيى بن حبيب بن عربي. أربعتهم عن حماد بن زيد، به.
الشيخ: ساقط واحد، نعم.
س: ما هو قتيبة -أحسن الله إليك- في السند الأول؟
ج: الراوي سقط، أو غلط من .....: ثلاثتهم.
س: يقصد بالرابع أبا النعمان، حدثنا عن حماد بن زيد؟
ج: لا، ذاك بعيدٌ، سند بعيد.
س: يقول: ورواه أيضًا في "التوحيد"، كأنَّه تعقب؟
ج: هذا المذكور في رواية النَّسائي، هذا نقلٌ عن النَّسائي، نعم.
الشيخ: انظر "التقريب": محمد بن النضر بن مساور.
مُداخلة: في تعليق سابق قلتم يا شيخ بدل: "محمد بن النصر"، "محمد بن النضر"، وفي "يحيى بن حبيب بن عدي" قلتم: "يحيى بن حبيب بن عربي".
الشيخ: ابن عربي، نعم.
س: في بعض النُّسخ: عدي؟
ج: انظر: محمد وابن عربي في "التقريب".
الطالب: محمد بن النَّضر بن سلمة، العامري، أبو بكر، الجارودي، النيسابوري، ثقة، حافظ، من الثانية عشرة، مات سنة إحدى وتسعين. (س).
والآخر: محمد بن النَّضر بن مساور، المروزي.
الشيخ: كذا عندكم: ابن مساور؟
الطلاب: نعم.
الشيخ: ساقط واحد، نعم، ماشٍ، أربعتهم، نعم.
س: أحسن الله إليك، يكونون إما ثلاثة، أو يكون واحدٌ منهم ساقطًا؟
ج: ساقط واحد نعم، أو غلط؛ بدل "أربعتهم": "ثلاثتهم"، حطّ عليه إشارة: صوابه "ثلاثتهم".
وقد رواه الحميدي في "مسنده"، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، سمع جابرًا، عن النبي ﷺ، به.
ورواه ابنُ حبان في "صحيحه"، عن أبي يعلى الموصلي، عن أبي خيثمة، عن سفيان بن عيينة، به.
ورواه ابنُ جرير في "تفسيره"، عن أحمد بن الوليد القرشي، وسعيد بن الربيع، وسفيان بن وكيع، كلهم عن سفيان بن عيينة، به.
ورواه أبو بكر ابن مردويه من حديث آدم ابن أبي إياس، ويحيى بن عبدالحميد، وعاصم بن علي، عن سفيان بن عيينة، به.
ورواه سعيد بن منصور، عن حماد بن زيد، كلاهما عن عمرو بن دينار، به.
طريقٌ آخر: قال الحافظ أبو بكر ابن مردويه في "تفسيره": حدثنا سليمان بن أحمد: حدثنا مقدام بن داود: حدثنا عبدالله بن يوسف: حدثنا عبدالله بن لهيعة، عن خالد بن يزيد، عن أبي الزبير، عن جابرٍ قال: لما نزلت: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ قال رسولُ الله ﷺ: أعوذ بالله من ذلك، أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ قال رسولُ الله ﷺ: أعوذ بالله من ذلك، أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا قال: هذا أيسر، ولو استعاذه لأعاذه.
ويتعلق بهذه الآية أحاديث كثيرة:
الشيخ: ولبسهم شيعًا، ما يقع بينهم من الفتنة والقتال، يعني: ما يقع بينهم من الاختلاط والفتنة والحروب التي يحصل بها البلاء الكثير.
س: لكن هذه الزيادة تكون صحيحةً: لو استعاذه لأعاذه؟
ج: هذا من اجتهاد الراوي .....
أحدها: قال الإمام أحمد بن حنبل في "مسنده": حدثنا أبو اليمان: حدثنا أبو بكر –يعني: ابن أبي مريم-، عن راشد -هو ابن سعد المقرائي-، عن سعد ابن أبي وقاص قال: سُئل رسول الله ﷺ عن هذه الآية: قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ فقال: أما إنَّها كائنة، ولم يأتِ تأويلها بعد.
وأخرجه الترمذي، عن الحسن بن عرفة، عن إسماعيل بن عياش، عن أبي بكر ابن أبي مريم، به. ثم قال: هذا حديثٌ غريبٌ.
الشيخ: ..... ضعيف؛ لأنَّ أبا بكر ابن أبي مريم ضعيفٌ.
حديثٌ آخر: قال الإمام أحمد: حدثنا يعلى -هو ابن عبيد-: حدثنا عثمان بن حكيم، عن عامر بن سعيد ابن أبي وقاص، عن أبيه قال: أقبلنا مع رسول الله ﷺ حتى مررنا على مسجد بني معاوية، فدخل، فصلَّى ركعتين، فصلينا معه، فناجى ربَّه طويلًا، ثم قال: سألتُ ربي ثلاثًا: سألتُه أن لا يُهلك أمّتي بالغرق فأعطانيها، وسألتُه أن لا يُهلك أمّتي بالسّنة فأعطانيها، وسألتُه أن لا يجعل بأسَهم بينهم فمنعنيها.
انفرد بإخراجه مسلم، فرواه في كتاب "الفتن"، عن أبي بكر ابن أبي شيبة، عن محمد بن عبدالله بن نمير، كلاهما عن عبدالله بن نمير. وعن محمد بن يحيى ابن أبي عمرو، عن مروان بن معاوية، كلاهما عن عثمان بن حكيم، به.
الشيخ: وبهذا وقعت الفتنُ في عهد عثمان وعلي ومعاوية و..... كثيرة، ولله الحكمة سبحانه في ابتلاء الناس بما ابتلاهم به، حتى يتبين طالب الحقِّ من غيره، وحتى يتبين أصحاب المقاصد السَّليمة من غيرهم، فالفتن يُبين الله بها أحوال الناس، ويظهر بها المحقّ من المبطل، وطالب الخير من طالب الشَّر، نعم: وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ [الأنعام:53] سبحان الله، ما أعظم شأنه!
حديثٌ آخر: قال الإمام أحمد: قرأتُ على عبدالرحمن بن مهدي، عن مالك، عن عبدالله بن عبدالله بن جابر بن عتيك، عن جابر بن عتيك أنَّه قال: جاءنا عبدالله بن عمر في حرّة بني معاوية -قرية من قرى الأنصار- فقال لي: هل تدري أين صلَّى رسولُ الله ﷺ في مسجدكم هذا؟ فقلت: نعم. فأشرتُ إلى ناحيةٍ منه، فقال: هل تدري ما الثلاث التي دعاهنَّ فيه؟ فقلت: نعم. فقال: أخبرني بهنَّ. فقلت: دعا أن لا يُظهر عليهم عدوًّا من غيرهم، ولا يُهلكهم بالسنين، فأُعطيهما، ودعا بأن لا يجعل بأسهم بينهم، فمُنعها. قال: صدقتَ، فلا يزال الهرجُ إلى يوم القيامة.
ليس هو في شيءٍ من الكتب السّتة، وإسناده جيد قوي، ولله الحمد والمنة.
حديثٌ آخر: قال محمد بن إسحاق: عن حكيم بن حكيم بن عباد، عن خصيف، عن عبادة بن حنيف، عن علي بن عبدالرحمن: أخبرني حُذيفة بن اليمان.
الشيخ: قف على ابن إسحاق، سم.