تفسير قوله تعالى: {إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً..}

وقوله: وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي [المائدة:111] وهذا أيضًا من الامتنان عليه بأن جعل له أصحابًا وأنصارًا.

ثم قيل: إنَّ المراد بهذا الوحي وحي إلهام، كما قال تعالى: وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ الآية [القصص:7]، وهو وحي إلهامٍ بلا خلافٍ، وكما قال تعالى: وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ۝ ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا الآية [النحل:68-69].

وهكذا قال بعضُ السلف في هذه الآية: وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ أي: أُلهموا ذلك، فامتثلوا ما أُلهموا.

قال الحسنُ البصري: ألهمهم الله ذلك.

وقال السدي: قذف في قلوبهم ذلك.

ويحتمل أن يكون المرادُ: وإذ أوحيتُ إليهم بواسطتك، فدعوتهم إلى الإيمان بالله وبرسوله، واستجابوا لك، وانقادوا، وتابعوك، فقالوا: آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ.

إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ۝ قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ ۝ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ۝ قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ [المائدة:112-115].

هذه قصّة المائدة، وإليها تُنسب السورة، فيُقال: سورة المائدة، وهي مما امتنَّ اللهُ به على عبده ورسوله عيسى لما أجاب دعاءه بنزولها، فأنزلها اللهُ آيةً باهرةً، وحُجَّةً قاطعةً.

وقد ذكر بعضُ الأئمّة أنَّ قصتها ليست مذكورةً في الإنجيل، ولا يعرفها النَّصارى إلا من المسلمين، فالله أعلم.

فقوله تعالى: إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ وهم أتباع عيسى يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ هذه قراءة كثيرين، وقرأ آخرون: (هل تستطيع ربك) أي: هل تستطيع أن تسأل ربَّك أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ، والمائدة هي الخوان عليه الطَّعام.

وذكر بعضُهم: أنهم إنما سألوا ذلك لحاجتهم وفقرهم، فسألوه أن يُنزل عليهم مائدةً كل يومٍ يقتاتون منها، ويتقوون بها على العبادة.

قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ أي: فأجابهم المسيحُ قائلًا لهم: اتَّقوا الله، ولا تسألوا هذا، فعساه أن يكون فتنةً لكم، وتوكّلوا على الله في طلب الرزق إن كنتم مؤمنين.

قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا أي: نحن مُحتاجون إلى الأكل منها، وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا إذا شاهدنا نزولها رزقًا لنا من السَّماء، وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا أي: ونزداد إيمانًا بك وعلمًا برسالتك: وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا أي: ونشهد أنها آية من عند الله، ودلالة وحجّة على نبوتك وصدق ما جئتَ به.

قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا قال السدي: أي: نتخذ ذلك اليوم الذي نزلت فيه عيدًا نعظمه نحن ومَن بعدنا.

وقال سفيان الثوري: يعني: يومًا نُصلي فيه.

وقال قتادة: أرادوا أن يكون لعقبهم من بعدهم.

وعن سلمان الفارسي: عِظة لنا ولمن بعدنا.

وقيل: كافية لأوَّلنا وآخرنا.

وَآيَةً مِنْكَ أي: دليلًا تنصبه على قُدرتك على الأشياء، وعلى إجابتك لدعوتي، فيُصدّقوني فيما أُبلّغه عنك.

وَارْزُقْنَا أي: من عندك رزقًا هنيئًا بلا كُلفةٍ ولا تعبٍ.

وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ۝ قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ أي: فمَن كذّب بها من أُمَّتك يا عيسى وعاندها فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ أي: من عالمي زمانكم، كقوله تعالى: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ [غافر:46]، وكقوله: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ [النساء:145].

وقد روى ابنُ جرير من طريق عوف الأعرابي، عن أبي المغيرة القواس، عن عبدالله بن عمرو.

مُداخلة: عندنا في نسخة: عبدالله بن عمر.

الشيخ: يمكن، يُراجع ابن جرير.

س: في الآية: يوم تقوم الساعة، أو: يوم تقوم القيامة؟

ج: الساعة والقيامة واحد.

س: في الآية؟

ج: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ، نعم.

وقد روى ابنُ جرير من طريق عوف الأعرابي، عن أبي المغيرة القواس، عن عبدالله بن عمرو قال: إنَّ أشدَّ الناس عذابًا يوم القيامة ثلاثة: المنافقون، ومَن كفر من أصحاب المائدة، وآل فرعون.

الشيخ: بالواو أحسن؛ لأنَّ عبدالله بن عمرو هو الذي يروي عن الإسرائيليين. نعم.

ذكر أخبار رُويت عن السَّلف في نزول المائدة على الحواريين:

قال أبو جعفر ابن جرير: حدثنا القاسم: حدثنا الحسين: حدثني حجاج، عن ليث، عن عقيل، عن ابن عباسٍ: أنَّه كان يُحدِّث عن عيسى: أنَّه قال لبني إسرائيل: هل لكم أن تصوموا لله ثلاثين يومًا، ثم تسألوه فيُعطيكم ما سألتم، فإنَّ أجر العامل على مَن عمل له؟ ففعلوا، ثم قالوا: يا معلم الخير، قلت لنا: إنَّ أجر العامل على مَن عمل له، وأمرتنا أن نصوم ثلاثين يومًا ففعلنا، ولم نكن نعمل لأحدٍ ثلاثين يومًا إلا أطعمنا حين نفرغ طعامًا، فهل يستطيع ربُّك أن يُنزل علينا مائدةً من السَّماء؟ قال عيسى: اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ۝ قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ ۝ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ۝ قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ.

قال: فأقبلت الملائكةُ تطير بمائدةٍ من السَّماء عليها سبعة أحوات، وسبعة أرغفة، حتى وضعتها بين أيديهم، فأكل منها آخر الناس، كما أكل منها أوَّلهم. كذا رواه ابنُ جرير.

ورواه ابنُ أبي حاتم، عن يونس بن عبدالأعلى، عن ابن وهب، عن الليث، عن عقيل، عن ابن شهابٍ قال: كان ابنُ عباسٍ يُحدِّث ..، فذكر نحوه.

وقال ابنُ أبي حاتم أيضًا: حدثنا سعد بن عبدالله بن عبدالحكم: حدثنا أبو زُرعة.

مُداخلة: سعيد بن عبدالله.

الشيخ: ما أعرفه، لعلّ أخانا محمدًا يبحث عنه، انظر: "التقريب".

الطالب: سبق تصحيحه: سعد.

الشيخ: عندك: سعد؟

قارئ المتن: إيه، أحسن الله إليك.

الشيخ: انظر "التقريب" أو "الخلاصة".

الطالب: ما ذكر سعدًا ولا سعيدًا.

الشيخ: "التعجيل" موجود؟

الطالب: غير موجود .....

الشيخ: نعم، عندك: سعد؟

قارئ المتن: نعم.

الشيخ: ماشٍ، نعم، الذي عنده "سعيد" يحط نسخة: "سعد"، والذي عنده "سعد" يحط نسخة: "سعيد"، ويُراجع ابن جرير، نعم.

الطالب: يوجد -بارك الله فيكم- سعد بن عبدالله بن سعد، الأيلي -بفتح الهمزة-، أخو الحكم.

الشيخ: يمكن أن يكون غيره، نعم.

وقال ابنُ أبي حاتم أيضًا: حدثنا سعد بن عبدالله بن عبدالحكم: حدثنا أبو زرعة وهب الله بن راشد.

مداخلة: ..... وهبة الله.

الشيخ: وهبة الله، طيب.

الطالب: "الميزان" بارك الله فيكم.

الشيخ: أيش؟

الطالب: وهب الله بن راشد، أبو زرعة، المصري، غمزه سعيد ابن أبي مريم، وغيره. يروي عن يونس الأيلي، وغيره.

قال أبو حاتم: محلّه الصِّدق، وفضّل ابنُ وارة عليه عنبسة بن خالد.

الشيخ: أيش عندك؟ حدثنا؟

حدثنا سعد بن عبدالله بن عبدالحكم: حدثنا أبو زرعة وهب الله بن راشد: حدثنا عقيل بن خالد: أنَّ ابن شهابٍ أخبره، عن ابن عباسٍ: أنَّ عيسى ابن مريم قالوا له: ادعُ الله أن يُنزل علينا مائدةً من السَّماء. قال: فنزلت الملائكةُ بالمائدة يحملونها، عليها سبعة أحوات، وسبعة أرغفة، حتى وضعتها بين أيديهم، فأكل منها آخرُ الناس، كما أكل منها أوَّلهم.

وقال ابنُ أبي حاتم: حدثنا أبي: حدثنا الحسن بن قزعة الباهلي.

مُداخلة: الهاشمي.

الشيخ: الله المستعان، انظر "التقريب" أو "الخلاصة".

الطالب: الحسن بن قزعة بن عبيد، الهاشمي، أبو علي، البصري، عن فضيل بن عياض ومعتمر بن سليمان، وعنه الترمذي والنَّسائي وابن ماجه. قال أبو حاتم: صدوق. توفي قريبًا من سنة خمسين ومئتين.

الشيخ: وقال مَن؟ حدثنا؟

وقال ابنُ أبي حاتم: حدثنا أبي: حدثنا الحسن بن قزعة الباهلي.

الشيخ: صلحها: الهاشمي، نعم.

حدثنا الحسن بن قزعة الهاشمي: حدثنا سفيان بن حبيب: حدثنا سعيد ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن خلاس.

مُداخلة: جلاس.

الشيخ: لا، خلاس، المعروف: خلاس، نعم.

عن عمار بن ياسر، عن النبي ﷺ قال: نزلت المائدةُ من السَّماء عليها خبزٌ ولحمٌ، وأُمروا أن لا يخونوا، ولا يرفعوا لغدٍ، فخانوا وادَّخروا ورفعوا، فمُسخوا قردةً وخنازير.

وكذا رواه ابنُ جرير، عن الحسن بن قزعة.

ثم رواه ابنُ جرير، عن ابن بشار، عن ابن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن خلاس، عن عمَّار قال: نزلت المائدةُ وعليها ثمرٌ من ثمار الجنة، فأُمروا أن لا يخونوا، ولا يُخبئوا، ولا يدَّخروا. قال: فخان القومُ، وخبأوا، وادَّخروا، فمسخهم اللهُ قردةً وخنازير.

وقال ابنُ جرير: حدثنا ابنُ المثنى.

مُداخلة: حدثنا المثنى، بدون: ابن.

الطالب: ...........

الشيخ: محتمل، نعم.

وقال ابنُ جرير: حدثنا ابنُ المثنى.

الشيخ: حطّ نسخة: "حدثنا المثنى"، ويُراجع ابن جرير.

الطالب: هكذا في ابن جرير: "المثنى"، بدون: ابن.

الشيخ: معك؟

الطالب: راجعتُه بالأمس، بارك الله فيك.

الشيخ: صلّحه: المثنى.

حدثنا المثنى: حدثنا عبدالأعلى: حدثنا داود، عن سماك بن حرب، عن رجلٍ من بني عجل قال: صليتُ إلى جانب عمار بن ياسر، فلمَّا فرغ قال: هل تدري كيف كان شأن مائدة بني إسرائيل؟ قال: قلت: لا. قال: إنهم سألوا عيسى ابن مريم مائدةً يكون عليها طعامٌ يأكلون منه، لا ينفد. قال: فقيل لهم: فإنها مُقيمة لكم ما لم تُخبئوا، أو تخونوا، أو ترفعوا، فإن فعلتم فإني مُعذّبكم عذابًا لا أُعذّبه أحدًا من العالمين.

قال: فما مضى يومهم حتى خبّأوا، ورفعوا، وخانوا، فعُذِّبوا عذابًا لم يُعذّبه أحدٌ من العالمين، وإنَّكم يا معشر العرب كنتم تتبعون أذنابَ الإبل والشَّاء، فبعث اللهُ فيكم رسولًا من أنفسكم تعرفون حسبَه ونسبَه، وأخبركم أنَّكم ستظهرون على العجم، ونهاكم أن تكنزوا الذَّهب والفضّة، وايم الله، لا يذهب الليلُ والنَّهار حتى تكنزوهما، ويُعذّبكم الله عذابًا أليمًا.

س: أحسن الله إليك يا شيخ، في نوع الطَّعام الذي كان على المائدة؟

ج: مثلما سمعت: أرغفة وحوت .....

س: لكن هل هذه ثبتت عن النبي ﷺ؟

ج: ما تتبعته، نعم، نعم.

وقال: حدثنا القاسم: حدثنا حسين: حدثني حجاج، عن أبي معشر، عن إسحاق بن عبدالله: أنَّ المائدةَ نزلت على عيسى ابن مريم، عليها سبعة أرغفة، وسبعة أحوات، يأكلون منها ما شاءوا. قال: فسرق بعضُهم منها. وقال: لعلّها لا تنزل غدًا. فرُفعت.

وقال العوفي: عن ابن عباسٍ: نزلت على عيسى ابن مريم والحواريين خوان عليه خبزٌ وسمكٌ، يأكلون منه أينما نزلوا إذا شاءوا.

وقال خصيف: عن عكرمة ومقسم، عن ابن عباسٍ: كانت المائدةُ سمكةً وأرغفةً.

وقال مجاهد: هو طعامٌ كان ينزل عليهم حيث نزلوا.

وقال أبو عبدالرحمن السّلمي: نزلت المائدةُ خبزًا وسمكًا.

وقال عطية العوفي: المائدة: سمكٌ فيه طعم كل شيءٍ.

وقال وهب بن منبه: أنزلها الله من السَّماء على بني إسرائيل، فكان ينزل عليهم في كل يومٍ في تلك المائدة من ثمار الجنة، فأكلوا ما شاءوا من ضروبٍ شتى، فكان يقعد عليها أربعةُ آلاف، وإذا أكلوا أنزل اللهُ مكان ذلك لمثلهم، فلبثوا على ذلك ما شاء الله .

وقال وهب بن منبه: نزل عليهم قرصة من شعيرٍ وأحوات، وحشا الله بين أضعافهنَّ البركة، فكان قومٌ يأكلون ثم يخرجون، ثم يجيء آخرون فيأكلون ثم يخرجون، حتى أكل جميعُهم وأفضلوا.

وقال الأعمش: عن مسلم، عن سعيد بن جبير: أنزل عليها كل شيءٍ إلا اللحم.

وقال سفيانُ الثوري: عن عطاء بن السَّائب، عن زاذان وميسرة وجرير، عن عطاء، عن ميسرة قال: كانت المائدةُ إذا وُضعت لبني إسرائيل اختلفت عليها الأيدي بكل طعامٍ إلا اللَّحم.

وعن عكرمة: كان خبزُ المائدة من الأرز. رواه ابنُ أبي حاتم.

الشيخ: الله أعلم، كلها أخبار بني إسرائيل، وأخبار بني إسرائيل لا يُعتمد على شيءٍ منها إلا ما صحَّ به الحديث عن رسول الله، المهم أنَّ الله أنزل عليهم المائدة التي طلبوها، وتوعدهم على الكفر بها، نسأل الله العافية، سواء كانت من خبزٍ وحوتٍ، أو من غير ذلك، المائدة نزلت، والله المستعان.

............

س: الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام مما اختصّ به النبي على غيره من سائر الأنبياء؟

ج: لا، ما هو بخاصٍّ، لو قلت: اللهم صلِّ وسلّم على ..... جيد: سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ۝ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ۝ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الصافات:180-182] آخر سورة الصَّافات.

فلا بأس أن يقول الإنسانُ: اللهم صلِّ وسلّم على رسول الله، وعلى جميع المرسلين والأنبياء، اللهم صلِّ وسلّم على جميع أنبيائك ورسلك، نعم.

س: دائمًا يُذكر لفظ "عيسى " دون الصلاة عليه؟

ج: الظاهر أنَّه تسامح في العبارة .....، نعم.