باب (إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه، فإن في إحدى جناحيه داء وفي الأخرى شفاء)

باب إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه؛

فإن في إحدى جناحيه داءً وفي الآخر شفاءً،

وخمسٌ من الدَّواب فواسق يُقتلن في الحرم

3314- حدثنا مسدد: حدثنا يزيد بن زريع: حدثنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، عن النبي ﷺ قال: خمسٌ فواسق يُقتلن في الحرم: الفأرة، والعقرب، والحديا، والغراب، والكلب العقور.

3315- حدثنا عبدالله بن مسلمة: أخبرنا مالك، عن عبدالله بن دينار، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله ﷺ قال: خمسٌ من الدواب مَن قتلهن وهو مُحرمٌ فلا جناح عليه: العقرب، والفأرة، والكلب العقور، والغراب، والحدأة.

3316- حدثنا مسدد: حدثنا حماد بن زيد، عن كثير، عن عطاء، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما –رفعه- قال: خَمِّروا الآنية، وأوكوا الأسقية، وأجيفوا الأبواب، واكفتوا صبيانكم عند المساء؛ فإن للجن انتشارًا وخطفةً، وأطفئوا المصابيح عند الرقاد؛ فإن الفُويسقة ربما اجترَّت الفتيلة فأحرقت أهل البيت.

قال ابن جريج وحبيب: عن عطاء: فإن للشياطين.

الشيخ: هذه الشريعة المحمدية الإسلامية جاءت بكل خيرٍ، وجاءت بالتحذير من كل شرٍّ، والله سبحانه أنزل كتابه الكريم، وأوحى به إلى نبيه الأمين عليه الصلاة والسلام بما يدفع الشر في الدنيا والآخرة، ويجلب الخير في الدنيا والآخرة، فكل خيرٍ في الدنيا والآخرة قد دعا إليه كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وكل شرٍّ في الدنيا والآخرة قد حذَّر منه الكتاب والسنة: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9]، قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ [فصلت:44]، وفي الحديث الصحيح: ما بعث الله من نبيٍّ إلا كان حقًّا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، ويُنذرهم شرَّ ما يعلمه لهم، ونبينا هو أكملهم عليه الصلاة والسلام في البلاغ والبيان عليهم الصلاة والسلام جميعًا.

ومن ذلك: بيانه حال هذه الدواب لما كانت فيها مضرةٌ شرع الله قتلها في الحِلِّ والحرم، في الحرم الذي هو محل الأمن شرع الله فيه قتلها؛ لدفع مضرتها، والله خلقها لحكمةٍ؛ ليعلم الناس أنه سبحانه هو الخلَّاق العليم، القادر على كل شيءٍ، يخلق الشيء وضده؛ يخلق النافع والضار، الطيب والخبيث، ويأمر عباده أن يتقوا الخبيث، ويستعملوا الطيب: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف:157]، يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ [المائدة:4]؛ حتى يعلموا أسرار حكمته، ويعلموا عظمة شأنه، وأنه القادر على كل شيءٍ، الذي يخلق الشيء وضده، فهو قادرٌ على نفعك وضرِّك، وحياتك وموتك، وما يضرك، وما ينفعك؛ حتى تلجأ إليه وتستجير به مما يضرك، وحتى تخضع له بطاعته فيما أحبَّ منك وشرع لك.

هذه خمسٌ من الدواب كلهن فواسق، قال: خمسٌ فواسق يُقتلن في الحِلِّ والحرم، خمس دواب فواسق، يعني: مُؤذيات، الفاسق: الذي يخرج عن طبيعة غيره بالأذى، سُمي العاصي "فاسقًا" لخروجه عن الطاعة لفعل المعصية، وسُمي الكافر "فاسقًا" لذلك؛ لخروجه عما ينبغي وعما يجب إلى الأذى والشر.

فهكذا هذه الدواب بخروجها عن طبيعة غيرها من الدواب السليمة سُميت "فواسق"؛ فالحية تلدغ وتُؤذي، وقد تقتل، والعقرب تُؤذي كذلك، والغراب، والحدأة؛ فالغراب يُؤذي بأكل زروع الناس وإفسادها، وإيذائهم في دوابهم؛ إذا وقع على الدابة وفيها دبرة نقرها حتى تحيا، وحتى يزداد شرُّها وخُبثها.

والحدأة كذلك تأكل الطيور وتؤذي، والكلب العقور، وهكذا بقية السباع، وهكذا كل ما يؤذي: كقُطَّاع الطريق أمر بقتلهم، وتسليمهم، وتقطيع أيديهم وأرجلهم؛ لما كانوا مُؤذين بقطع الطريق شرع الله لهم أشنع عقوبة -أشد عقوبة- بالقتل، وتقطيع الأيدي والأرجل، والتصليب، إلى غير ذلك.

والسارق لما آذى تُقطع يده؛ دفعًا للشر، وحمايةً للمجتمع من الأذى: من أذى المكلَّفين، ومن أذى غيرهم.

وهكذا الذباب إذا وقع في الماء أو في اللبن يُغمس ليُتَّقى شرُّه؛ لأن في إحدى جناحيه داءً، وفي الآخر شفاءً، فإذا غُمس صار الداء يُقابله الدواء .....

وهكذا علَّمهم في إغلاق الباب الأخذ بالأسباب: إغلاق الأبواب، وإطفاء النار عند النوم، وكفّ الصبية عند إقبال الليل، إلى غير هذا من التعليم الذي فيه الخير والمصلحة للعباد، والتعوذ بكلمات الله التامات من شرِّ ما خلق، والتسمية، وأخذ الحيطة في كل شيءٍ، وأخذ الأسباب النافعة، والبُعد عن الأسباب الضارة.

كل هذا من حماية الله لعباده، ومن توصيته لهم بما ينفعهم، ومن إحسانه إليهم، ومن تربيتهم التربية التي تنفعهم في هذه الدار: دار الابتلاء، دار المحن، ثم يتأهبون للانتقال منها، ويستعدون للنقلة والارتحال منها إلى دار الراحة، والنعيم، والسرور، والغبطة، وعدم الأذى.

س: المصابيح يُقاس عليها اللَّمبات الآن، أو هذا خاصٌّ بالمصابيح ذات الفتائل؟

ج: ظاهر الخبر العموم، ظاهر خبر إطفاء المصابيح أنه عامٌّ.

س: وعدم الأخذ بهذه الأسباب يُنافي التوحيد؟

ج: ما في شكّ أنه سببٌ للشر، عدم الأخذ بها سببٌ للشر، فمَن أصابه الشر فلا يلومَنَّ إلا نفسه.

س: حديث: ألبان البقر شفاءٌ، ولحومها داءٌ؟

ج: ليس بصحيحٍ.

س: في الشرح تكلم عن المصابيح: أنها من أجل الإحراق؟

ج: إيه، لأجل الخطر.

س: العلة في الحديث؟

ج: متنه شاذٌّ مخالفٌ للأحاديث الصحيحة؛ لأن الله أباح لحومها، وجعلها فديةً سبحانه وبحمده.

س: الحديث الذي ورد عن فضل اليمن: أنه يخرج منها اثنا عشر ألفًا، هل هو صحيحٌ أم ضعيفٌ؟

ج: يحتاج إلى تأمل في سنده.

س: قتل بعض الحشرات بالكهرباء؟

ج: إذا تيسر قتلها بغير الكهرباء فهو الأحوط، إذا تيسر بغير هذه اللمبات يكون أحوط وأبعد عن الشبهة، وإلا فهي ترمي نفسها، ما هو الذي يحرقها، هي التي ترمي نفسها، إذا رأت النار رمت نفسها، مثلما أخبر النبي ﷺ ..... أكثر الناس مثل هذه الدواب يرمي نفسه في النار، إذا رأت النار رمت نفسها فيها، نعم.

س: والنمل؟

ج: والنمل كذلك إذا آذى يُقتل، أما إذا لم يكن مُؤذيًا لا يُقتل، الرسول ﷺ نهى عن قتل النملة، والنحلة، والهدهد، والصرد، فإذا وجدت النملة في محلٍّ وآذت فلا بأس بقتلها.

س: يعني: الأمر عامٌّ؛ كل ما يُؤذي يُقتل؟

ج: نعم، نعم.

3317- حدثنا عبدة بن عبدالله: أخبرنا يحيى بن آدم، عن إسرائيل، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبدالله قال: كنا مع رسول الله ﷺ في غارٍ، فنزلت: وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا [المرسلات:1]، فإنا لنتلقَّاها من فيه إذ خرجت حيةٌ من جحرها، فابتدرناها لنقتلها، فسبقتنا فدخلت جحرها، فقال رسول الله ﷺ: وُقيت شرَّكم، كما وُقيتم شرَّها.

وعن إسرائيل، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبدالله مثله، قال: وإنا لنتلقَّاها من فيه رطبةً.

وتابعه أبو عوانة، عن مغيرة.

وقال حفص، وأبو معاوية، وسليمان بن قرم: عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عبدالله.

الشيخ: نعم، ذكر أنه في منى الشارح؟ كانوا في منى؟

القارئ: الحديث الثالث عشر: حديث ابن مسعودٍ في قصة الحية.

قوله: "وعن إسرائيل، عن الأعمش" يعني: أن يحيى بن آدم رواه عن إسرائيل، عن شيخين أفردهما، ولم يختلف عليه في أنه من رواية إبراهيم -وهو النخعي- عن علقمة.

قوله: "رطبة" أي: غَضَّة، طرية، في أول ما تلاها، ووُصفت هي بالرطوبة، والمراد بالرطوبة رطوبة فيه، أي: أنهم أخذوها عنه قبل أن يجفَّ ريقه من تلاوتها.

ويحتمل أن يكون وصفها بالرطوبة لسهولتها، والأول أشبه.

وقوله: وقيت شركم، ووقيتم شرها أي: قتلكم إياها هو شرٌّ بالنسبة إليها، وإن كان خيرًا بالنسبة إليهم.

وفيه جواز قتل الحية في الحرم، وجواز قتلها في جحرها.

والجُحْر -بضم الجيم وسكون المهملة- معروفٌ.

الشيخ: ما قال: في منى؟

القارئ: ما قال شيئًا.

الشيخ: "في الحرم" إشارةٌ إليه، نعم، في الرواية الأخرى: "في منى". والعيني؟

الطالب: قال: وقد مضى في كتاب "الحج" في باب "ما يقتل المحرم من الدواب".

الشيخ: نعم، نعم.

3318- حدثنا نصر بن علي: أخبرنا عبدالأعلى: حدثنا عبيدالله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي ﷺ قال: دخلت امرأةٌ النار في هِرَّةٍ ربطتها، فلم تُطعمها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض.

الشيخ: وهذا فيه التحذير من الظلم، وأن الظلم عاقبته وخيمةٌ، حتى للدواب الحقيرة: كالهرة، ونحوها، وهذا يُوجب الحذر من ظلم الحيوانات التي لا تدفع عن نفسها، وأن ذلك من أسباب دخول النار، فهذه هِرَّةٌ معروفةٌ ربطتها، فلم تُطعمها، ولم تسقِها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت جوعًا؛ فدخلت فيها النار، مثل: دخل الجنة رجلٌ في ذبابةٍ، ودخل النار رجلٌ في ذبابةٍ، الذبابة أحقر من الهرة.

المقصود أن الواجب على العبد أن يتَّقي الله، وأن يلزم الشرع، ويتقي غضب الله بترك الظلم، ويتقي الظلم، فلا يظلم بهيمةً ولا غيرها، بل يجتهد في إقامة العدل، والبُعد عن الشر، فإذا حبس هرةً أو كلبًا أو دجاجةً أو حمامةً أو غير ذلك حتى ماتت جوعًا؛ فقد تعرض لهذا الخطر العظيم؛ لأنه ظلمٌ.

س: الحيات التي في البيوت ما حكم قتلها؟

ج: تقدم البحث في هذا غير مرةٍ، ولعلك ما حضرتَ، جنان البيوت تُستأمر ثلاث مراتٍ، فإن عادت وإلا قُتلت كما في حديث أبي لبابة.

س: باستثناء ذي الطفيتين والأبتر؟

ج: ما عدا ذا الطفيتين، وما عدا الأبتر يُقتلان.

س: بدون استئذانٍ؟

ج: بدون استئذانٍ، نعم.

س: لو حبس هذه الدواب ونسيها، ثم ماتت؟

ج: إذا نسيها ما عليه شيءٌ: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286]، قد يقع هذا؛ يُمسكون الدجاج أو الحمام ويروحون لشغلٍ، ويحصل عارضٌ ويتأخرون، فهذا ما فيه شيءٌ -إن شاء الله- لكن الإنسان يأخذ الحذر ويحتاط.

قال: وحدثنا عبيدالله، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ مثله.

3319- حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، قال: حدثني مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة : أن رسول الله ﷺ قال: نزل نبيٌّ من الأنبياء تحت شجرةٍ، فلدغته نملةٌ، فأمر بجهازه فأُخرج من تحتها، ثم أمر ببيتها فأُحرق بالنار، فأوحى الله إليه: فهلا نملة واحدة.

الشيخ: وفي هذا الحذر من الظلم، نملةٌ واحدةٌ ما تُجيز إحراق بيت النمل، نبَّه الله نبيَّه على هذا الأمر، وأن الواجب العدل، فالأذى اليسير لا يُوجب التعذيب، لكن إذا وجد الأذى البين جاز القضاء على المحل، نعم.

س: الحديث في النهي عن قتل النمل صحيحٌ؟

ج: نعم، لا بأس به، جيدٌ.

باب إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه؛

فإن في إحدى جناحيه داءً وفي الآخر شفاءً

3320- حدثنا خالد بن مخلد: حدثنا سليمان بن بلال، قال: حدثني عتبة بن مسلم، قال: أخبرني عبيد بن حنين، قال: سمعتُ أبا هريرة يقول: قال النبي ﷺ: إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه، ثم لينزعه، فإن في إحدى جناحيه داءً، والأخرى شفاءً.

الشيخ: "في إحدى"، أو "في أحد"؟

الطالب: ذكر هنا: وفي غالب النسخ: فإن أحد جناحيه.

الشيخ: هو الأظهر؛ لأن الجناح مُذكرٌ.

الطالب: بتذكير "أحد"، ووجه تأنيثها باعتبار أن جناح الطائر يده، والتأنيث باعتبار اليد.

طالب: أنا عندي: أخبرني عبيدالله.

الشيخ: أيش عندك: أخبرنا؟

القارئ: عبيد بن حنين.

الشيخ: عبيد بن حنين، نعم، بدون الجلالة.

الطالب: فإن في إحدى جناحيه داءً، والأخرى شفاءً.

الشيخ: جاء في رواية أبي داود: فإنه يتَّقي بجناحه الذي فيه الداء؛ لأنه اتَّقى الذي فيه الداء؛ ولهذا أمر بغمسه؛ حتى يعتدل، حتى يصير هنا الدواء مقابل الداء، نعم.

3321- حدثنا الحسن بن الصباح: حدثنا إسحاق الأزرق: حدثنا عوف، عن الحسن وابن سيرين، عن أبي هريرة ، عن رسول الله ﷺ قال: غُفِرَ لامرأةٍ مُومسةٍ مرَّت بكلبٍ على رأس رَكِيٍّ يلهث -قال: كاد يقتله العطش- فنزعت خُفَّها، فأوثقته بخمارها، فنزعت له من الماء؛ فغُفِرَ لها بذلك.

الشيخ: هذا يُبين فضل الله جلَّ وعلا، وأن الظلم وإن قلَّ شرّه كبيرٌ، والإحسان وإن قلَّ خيره عظيمٌ، ففي الأحاديث الحث على الخير والإحسان ولو قلَّ؛ حذرًا من الشر ولو قلَّ.

فالمؤمن هكذا يحذر الشرَّ ولو بالقتل: كالهرة وحيوانها، والنملة بغير حقٍّ، يحذر، ويحرص على الخير، ويبذل المعروف للإنسان والحيوان، وله به الأجر العظيم وإن قلَّ.

فهذه امرأةٌ بغيٌّ غفر الله لها برحمتها هذا الحيوان؛ أدلت خُفَّها وسقت الكلب، لما رأته يلهث عطشًا قالت: قد أصابه ما أصابني. فسقته، وكان سببًا في مغفرة الله لها. نعم.

س: النمل الذي في البيت هل يُقتل؟

ج: إذا ما آذى لا يُقتل، إذا ما حصل منه أذًى لا يُقتل، إنما يُقتل إذا آذى، نعم.

س: التي حبست الهرَّة هل كانت مسلمةً .....؟

ج: الله أعلم، نعم، على كل حالٍ الوعيد يكفي، سواءٌ كانت مسلمةً، أو غير مسلمةٍ، دخلت فيها النار، يعني: دخلت بسببها، سواءٌ كانت مسلمةً، أو غير مسلمةٍ، لكن ظاهر السياق أنها مسلمةٌ، نعم.

س: الترجمة كررها مرتين في بابين؟

ج: لكن ما ذكر الحديث إلا في هذه، تقدمت الترجمة ولم يذكر فيها الحديث.

س: الأولى: إذا وقع الذباب، والثانية: إذا وقع الذباب؟

ج: قد تكون إحدى الترجمتين غلطًا، قد يكون ذكره في الأولى غلطًا.

الطالب: أجاب ..... على هذا، قال: تنبيهٌ: وقع في رواية السرخسي هنا: باب إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه، ولا معنى لذكره هنا.

الشيخ: لأنه تقدم التبويب، نعم.

الطالب: العيني -أحسن الله إليك- فصل بينهما؛ في الأول قال: باب خمس من الدواب فواسق يُقتلن في الحرم، وفي الثاني ذكر: باب إذا وقع الذباب.

الشيخ: بهذا زال الإشكال، حذفه من الأولى أو من الثانية كله .....

3322- حدثنا علي بن عبدالله: حدثنا سفيان، قال: حفظته من الزهري كما أنك هاهنا: أخبرني عبيدالله، عن ابن عباسٍ، عن أبي طلحة ، عن النبي ﷺ قال: لا تدخل الملائكةُ بيتًا فيه كلبٌ ولا صورةٌ.

الشيخ: وهذا فيه التحذير من اقتناء الكلاب والصور، وأنها تمنع دخول الملائكة، والمراد الكلب الذي لم يُؤذن فيه، والصورة التي لم يُؤذن فيها، أما الكلب المأذون فيه: ككلب الصيد والماشية والزرع لا يمنع؛ لأن الرسول ﷺ أذن فيه للحاجة، وهكذا الصورة التي تُمْتَهن في البِساط ونحوه لا تمنع؛ ولهذا لما استأذن جبرائيل على النبي ﷺ وعنده في البيت كلبٌ وصورةٌ وسترٌ فيه تمثالٌ؛ أمر بقطع رأس التمثال، وجعل الصورة وسادةً تُنتبذ، وأمر بإخراج الكلب، فدخل عليه الصلاة والسلام.

س: كلب الحراسة للبيوت؟

ج: ما يجوز اتِّخاذه في البيوت، الرسول ﷺ لم يأذن إلا في ثلاثٍ: في الزرع، والماشية، والصيد، ثلاثةٌ فقط، أما اتِّخاذه عند الباب يُؤذي الناس ويشغلهم بالنباح والأذى، أو يعقرهم.

س: الآن كثيرٌ من القرى يربطون الكلاب عند الباب؟

ج: لا، ما يجوز مثل هذا، الواجب منع ذلك.

س: استخدامهم في الكشف عن المخدرات؟

ج: هذه كلابٌ من نوعٍ آخر، نوعٌ خاصٌّ من الكلاب، إذا نفع لا بأس باستعماله، إذا نفع وفيه مصلحةٌ للمسلمين من غير أذًى.

س: الطيور المحنَّطة؟

ج: ما يصلح اقتناؤها، لا تُقتنى؛ لأن فيها إسرافًا وإضاعة مالٍ، وفيها وسيلة إلى أن يُعتقد فيها شرٌّ، أو يُتوسل بها إلى تعليق الصور.

س: إذا كانت الصورة للوجه فقط .....؟

ج: ولو، ولو، هو الأساس، الوجه هو الأساس؛ ولهذا أمر بقطع الرأس عليه الصلاة والسلام.

س: في حديث البغي: هل تُغفر الذنوب بدون توبةٍ؟

ج: ظاهر الحديث أن الله غفر لها بهذا الشيء، بهذه الرحمة والإحسان، وهذه من الخواص، مما يخص بعض العمومات: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ [النساء:31]، نعم.

س: إذا كان في بعض القرى تكثر السرقة؟

ج: يحط حارسًا من بني آدم، لا يحط كلبًا يُؤذي الناس.

س: التحنيط للكراهة أو للتحريم؟

ج: الذي يظهر أنه مُحرَّمٌ.

3323- حدثنا عبدالله بن يوسف: أخبرنا مالك، عن نافع، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله ﷺ أمر بقتل الكلاب.

3324- حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا همام، عن يحيى قال: حدثني أبو سلمة: أن أبا هريرة حدثه قال: قال رسول الله ﷺ: مَن أمسك كلبًا ينقص من عمله كل يومٍ قيراطٌ، إلا كلب حرثٍ، أو كلب ماشيةٍ.

3325- حدثنا عبدالله بن مسلمة: حدثنا سليمان، قال: أخبرني يزيد بن خصيفة، قال: أخبرني السائب بن يزيد، سمع سفيان بن أبي زهير الشنئي: أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: مَن اقتنى كلبًا لا يُغني عنه زرعًا ولا ضرعًا نقص من عمله كل يومٍ قيراطٌ، فقال السائب: أنت سمعتَ هذا من رسول الله ﷺ؟ قال: إي ورب هذه القبلة.

الشيخ: في روايةٍ أخرى عن أبي هريرة: والصيد أيضًا، الثالث، وهذا لا بأس به، وفي اللفظ الآخر عن ابن عمر: نقص من أجره كل يومٍ قيراطان: مَن اقتنى كلبًا غير كلب صيدٍ أو ماشيةٍ أو زرعٍ انتقص من أجره كل يومٍ قيراطان.

والنبي ﷺ أمر بقتل الكلاب أولًا، ثم نهى عن ذلك وقال: إنها أمةٌ من الأمم، ونهى عن قتلها إلا ما كان أسود بهيمًا أو عقورًا، فالعقور يُقتل لأذاه، والأسود البهيم؛ لأنه شيطانٌ يُؤذي ويُخيف الناس، وما عداه لا يُقتل؛ لأنهم أمةٌ من الأمم، لكن ما آذى منها كالعقور يُقتل، والأسود البهيم، ولا تُقتنى إلا للصيد، أو الماشية، أو الزرع، نعم.

س: قوله: لا يُغني عنه زرعًا ولا ضرعًا؟

ج: لا يقتنيه لحماية زرعٍ ولا ضرعٍ.

س: يعني: لا يكفي عنه؟

ج: لا يحمي –يعني- الماشية .....

س: إحراق الحيوانات المؤذية بالنار؟

ج: ما يجوز الإحراق بالنار، النار لا يُعذِّب بها إلا الله.

س: وحديث إحراق النبي لقرية النمل؟

ج: الرب أنكر، قال: هلا نملة واحدة، هذا في شرع مَن قبلنا؛ لأنه عاقب النمل كله، بيت النمل، والله أنكر عليه، والنبي ﷺ أمرنا ألا نُعذب بالنار، وقال: إن النار لا يُعذب بها إلا الله.

س: في القصاص يُعذب بالنار؟

ج: لا يُعذب بها، يُقتل بغير النار.

س: في بعض البلاد الرجل الضرير يتَّخذ له كلبًا يدله على الأماكن؟

ج: ما يصلح.