باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم

باب صفة النبي ﷺ

3542- حدثنا أبو عاصم، عن عمر بن سعيد بن أبي حسين، عن ابن أبي مليكة، عن عقبة بن الحارث قال: صلَّى أبو بكرٍ العصر، ثم خرج يمشي، فرأى الحسن يلعب مع الصبيان، فحمله على عاتقه، وقال: "بأبي، شبيهٌ بالنبي، لا شبيهٌ بعليٍّ"، وعليٌّ يضحك.

3543- حدثنا أحمد بن يونس: حدثنا زهير: حدثنا إسماعيل، عن أبي جُحيفة قال: رأيتُ النبي ﷺ، وكان الحسن يُشبهه.

3544- حدثني عمرو بن علي: حدثنا ابن فضيل: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، قال: سمعتُ أبا جُحيفة قال: رأيتُ النبي ﷺ، وكان الحسن بن علي عليهما السلام يُشبهه. قلت لأبي جحيفة: صِفْهُ لي. قال: كان أبيض، قد شَمِطَ، وأمر لنا النبي ﷺ بثلاث عشرة قَلُوصًا. قال: فقُبِضَ النبي ﷺ قبل أن نقبضها.

الشيخ: والحسن بن علي هو ابن ابنته عليه الصلاة والسلام فاطمة، والإنسان قد يُشبه جدَّه: والد أمه، وقد يُشبه والد أبيه، وقد يُشبه شخصًا آخر بعيدًا من أقاربه، وقد لا يكون به شبهٌ بهم.

وفي هذا تواضع الصديق ، وتلطفه مع الصبيان، فإن الحسن كان في خلافة الصديق في العاشرة، في أول خلافته في الثامنة، وفي آخرها في العاشرة، صغيرًا.

وقال النبي ﷺ في الحسن والحسين: إنهما سيدا شباب أهل الجنة رضي الله عنهما، فهما من المشهود لهما بالجنة رضي الله عنهما، والحسن هو الذي قال فيه النبي ﷺ: إن ابني هذا سيدٌ، أخذه على المنبر وقال: إن ابني هذا سيدٌ، ولعل الله يُصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين، فأصلح الله به بين أتباع عليٍّ وأتباع معاوية، لما قُتل عليٌّ رضي الله عنه وأرضاه، ووصلت الخلافة إلى الحسن، واستعد معاوية للحرب، وجيش عليٍّ مع الحسن للحرب، تنازل عن الإمرة لمعاوية؛ حقنًا للدماء، وجمعًا لكلمة المسلمين، فشكر الله له ذلك، وشكره المسلمون، وحقق الله قول النبي ﷺ: إن ابني هذا سيدٌ، ولعل الله يُصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين.

معنى "سيد" يعني: شريفًا، رئيسًا، "سيد القوم" رئيسهم، وكبيرهم، وذو الرأي فيهم، كانت العرب تُسمِّي الرؤساء: سادة، الرجل الحليم ذو العلم والفضل يُسمونه: سيدًا، والمعروف بالإصلاح بين الناس كذلك.

فالحسن حقق الله به ما رجاه النبي ﷺ، وهو الصلح، وتمَّت المصالحة بين الحسن وأهل الكوفة وبين معاوية وأهل الشام، وتمت الإمرة لمعاوية، واستقلَّ بها، وصار أمير المؤمنين، وهدأت الفتن، وحُقنت الدماء، واستقام أمر المسلمين -والحمد لله- بأسباب الحسن، رضي الله عنه وأرضاه.

وكان النبي ﷺ أبيض مُشْرَبًا بحُمْرَةٍ، شَيبه قليلٌ؛ ولهذا قال أبو جُحيفة: إنه أشبه بالنبي ﷺ. وهكذا قال الصديقُ ، نعم.

3545- حدثنا عبدالله بن رجاء: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن وهب أبي جُحيفة السُّوائي قال: رأيت النبي ﷺ، ورأيت بياضًا من تحت شفته السُّفلى: العنفقة.

3546- حدثنا عصام بن خالد: حدثنا حريز بن عثمان: أنه سأل عبدالله بن بُسر -صاحب النبي ﷺ- قال: أرأيت النبي ﷺ كان شيخًا؟ قال: كان في عنفقته شعراتٌ بيضٌ.

الشيخ: حين تُوفي كان به بعض الشَّيب في لحيته، والسواد أكثر عليه الصلاة والسلام، كان ابن ثلاثٍ وستين كما تقدم.

3547- حدثني ابن بُكير، قال: حدثني الليث، عن خالد، عن سعيد بن أبي هلال، عن ربيعة بن أبي عبدالرحمن قال: سمعتُ أنس بن مالك يصف النبي ﷺ، قال: كان رَبْعَةً من القوم، ليس بالطويل، ولا بالقصير، أزهر اللون، ليس بأبيض، أمهق، ولا آدم، ليس بجَعْدٍ قَطَطٍ، ولا سَبْطٍ رَجِلٍ، أُنزل عليه وهو ابن أربعين، فلبث بمكة عشر سنين ينزل عليه، وبالمدينة عشر سنين، وقُبض وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرةً بيضاء.

قال ربيعة: فرأيتُ شعرًا من شعره، فإذا هو أحمر، فسألتُ، فقيل: أحمر من الطِّيب.

الشيخ: وكان ﷺ يخضب بالحُمرة، وشعره الأبيض قليلٌ عليه الصلاة والسلام.

وقوله: "بمكة عشر سنين" حذف الكسرة؛ لأن من عادة العرب أنهم قد يحذفون الكسر، والصواب أنها ثلاث عشرة سنة في مكة، وعشرٌ في المدينة بعد الوحي، فالجميع ثلاثٌ وستون، نعم.

س: ما العنفقة؟

ج: الشعر الذي تحت الشفة السُّفلى، الشعر الذي تحت الشفة السُّفلى يُسمَّى: العنفقة.

س: يُعتبر من اللحية؟

ج: من اللحية، في حكم اللحية، لا يجوز أخذه؛ لأنه على اللحية، تحته اللحية، تُسمَّى: لحية.

س: أكان يخضب عليه الصلاة والسلام؟

ج: خضب عليه الصلاة والسلام، لكن ما كان شعره كله، إنما كان شيئًا قليلًا من البياض.

س: قول أنس: أحمر من الطِّيب؟

ج: قد يكون هذا من باب الظن والاجتهاد، وإلا فهو قد خضب عليه الصلاة والسلام.

3548- حدثنا عبدالله بن يوسف: أخبرنا مالك بن أنس، عن ربيعة بن أبي عبدالرحمن، عن أنس بن مالك : أنه سمعه يقول: كان رسول الله ﷺ ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير، ولا بالأبيض الأمهق، وليس بالآدم، وليس بالجعد القطط، ولا بالسَّبط.

الشيخ: يعني: وسطًا في الأمور كلها، كان وسطًا عليه الصلاة والسلام: أبيض مُشْرَبًا بحُمْرَةٍ، اللهم صلِّ عليه وسلم، وليس بالطويل، ولا بالقصير، وسطٌ بين الرجال عليه الصلاة والسلام.

بعثه الله على رأس أربعين سنةً، فأقام بمكة عشر سنين، وبالمدينة عشر سنين، فتوفاه الله وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرةً بيضاء.

الشيخ: تكلم الشارح على الخِضاب؟ على: "أحمر من الطيب"؟ تكلم عليه بشيءٍ؟ أو العيني؟

القارئ: فقيل: "أحمر من الطِّيب" لم أعرف المسؤول المجيب بذلك، إلا أن في رواية ابن عقيل المذكورة من قبل: أن عمر بن عبدالعزيز قال لأنسٍ: هل خضب النبي ﷺ؟ فإني رأيتُ شعرًا من شعره قد لون. فقال: إنما هذا الذي لون من الطِّيب الذي كان يُطيب به شعر رسول الله ﷺ، فهو الذي غيَّر لونه.

فيحتمل أن يكون ربيعة سأل أنسًا عن ذلك فأجابه، ووقع في رجال مالك للدارقطني، وهو في "غرائب مالك" له، عن أبي هريرة قال: لما مات النبي ﷺ خضب مَن كان عنده شيءٌ من شعره؛ ليكون أبقى لها.

قلت: فإن ثبت هذا استقام إنكار أنسٍ، ويُقبل ما أثبته سواه التأويل، وستأتي الإشارة إلى شيءٍ من ذلك في كتاب "اللباس"، إن شاء الله تعالى.

الشيخ: نعم، والعيني ما زاد شيئًا؟

الطالب: ما حضر.

الشيخ: جاء عن أم سلمة ما يدل على الخضاب: أنه خضب عليه الصلاة والسلام، نعم.

3549- حدثنا أحمد بن سعيد أبو عبدالله: حدثنا إسحاق بن منصور: حدثنا إبراهيم بن يوسف، عن أبيه، عن أبي إسحاق قال: سمعتُ البراء يقول: كان رسول الله ﷺ أحسن الناس وجهًا، وأحسنه خلقًا، ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير.

3550- حدثنا أبو نعيم: حدثنا همام، عن قتادة قال: سألتُ أنسًا: هل خضب النبي ﷺ؟ قال: لا، إنما كان شيءٌ في صُدْغَيه.

3551- حدثنا حفص بن عمر: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: كان النبي ﷺ مربوعًا، بعيد ما بين المنكبين، له شعرٌ يبلغ شحمة أذنه، رأيتُه في حُلَّةٍ حمراء، لم أرَ شيئًا قط أحسن منه. قال يوسف بن أبي إسحاق، عن أبيه: إلى منكبيه.

3552- حدثنا أبو نعيم: حدثنا زهير، عن أبي إسحاق قال: سُئل البراء: أكان وجه النبي ﷺ مثل السيف؟ قال: لا، بل مثل القمر.

3553- حدثنا الحسن بن منصور أبو علي: حدثنا حجاج بن محمد الأعور بالمصيصة: حدثنا شعبة، عن الحكم قال: سمعتُ أبا جحيفة قال: خرج رسول الله ﷺ بالهاجرة إلى البطحاء، فتوضأ، ثم صلَّى الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، وبين يديه عَنَزَةٌ.

قال شعبة: وزاد فيه عون، عن أبيه أبي جُحيفة قال: كان يمر من ورائها المرأة، وقام الناس فجعلوا يأخذون يديه فيمسحون بها وجوههم. قال: فأخذتُ بيده فوضعتها على وجهي، فإذا هي أبرد من الثلج، وأطيب رائحةً من المسك.

الشيخ: وهذا خاصٌّ به ﷺ، أي: التَّبرك بوضوئه، وشعره، وعرقه خاصٌّ به، لما جعل الله فيه من البركة عليه الصلاة والسلام؛ ولهذا أقرَّهم عليه الصلاة والسلام، ولا يجوز أن يُفعل هذا مع غيره؛ ولهذا لم يفعله الصحابة مع بعضهم، ولا التابعون مع الصحابة، وإنما هذا خاصٌّ به ﷺ، نعم.

س: أحسن الله إليك يا شيخ، ..... الكراهية في حُلَّة حمراء، لبس الأحمر؟

ج: هذا يدل على عدم الكراهة، وأن لبس الأحمر يدل على عدم الكراهة، إلا أنه ورد في بعض الروايات ما يدل على أن الحمرة الزائدة المستغرقة تركها أولى، ولكن أحاديث لبس الأحمر أصح وأكثر، والأسود والأخضر، كلها جائزةٌ والحمد لله، ولكن أفضلها البياض، نعم.

س: مَن قال: بعدم الحمرة، وإنما هي مُخططةٌ بخطوطٍ أخرى؟

ج: بعض أهل العلم حملها على أنها برودٌ يمنيةٌ مُخططةٌ، ولكن في نصوصٍ كثيرةٍ إطلاق الأحمر.

3554- حدثنا عبدان: حدثنا عبدالله: أخبرنا يونس، عن الزهري قال: حدثني عبيدالله بن عبدالله، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: كان النبي ﷺ أجود الناس، وأجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل عليه السلام يلقاه في كل ليلةٍ من رمضان، فيُدارسه القرآن، فلرسول الله ﷺ أجود بالخير من الريح المرسلة.

الشيخ: والمقصود أن الله جمع له الخير كله: خَلْقًا وخُلُقًا عليه الصلاة والسلام، جمع له الحُسن خَلْقًا، والحُسن خُلُقًا أيضًا، فكان أحسن الناس خَلْقًا، وأحسنهم خُلُقًا عليه الصلاة والسلام، جوادًا، كريمًا، مُتواضعًا عليه الصلاة والسلام، فجمع الله له الخير كله، فبلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، وصبر على الأذى حتى لقي ربه، وكان أحسن الناس خُلُقًا، حتى قال فيه سبحانه: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4]، وأحسن الناس خَلْقًا وجمالًا، فهو أحسن الناس خَلْقًا، وأحسنهم خُلُقًا عليه الصلاة والسلام.

س: حديث تبرك بني إسرائيل بجريج يُقال: إنه من خواص بني إسرائيل؟

ج: هذا مما نُقل عنهم: إما أنه جائزٌ في الشريعة التي أُنزلت في عهد جريج، أو أنهم فعلوه من غير تشريعٍ لجهلهم بجريج، والنبي ﷺ لم يُقرّ هذا في أمته، وإنما فُعل معه ﷺ، ولم يُقرّه مع أحدٍ من الناس عليه الصلاة والسلام، ولم يشرعه لأحدٍ من الناس، نعم.

س: ما يُروى في قصة دانيال في عهد عمر .....؟

ج: دانيال نبيٌّ من الأنبياء؛ ولهذا خاف عمر على الناس من الغلو؛ فدفنه وأخفى قبره عليه الصلاة والسلام، نعم.

3555- حدثنا يحيى بن موسى: حدثنا عبدالرزاق: حدثنا ابن جريج، قال: أخبرني ابن شهابٍ، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله ﷺ دخل عليها مسرورًا، تبرق أسارير وجهه، فقال: ألم تسمعي ما قال المدلجي لزيد وأسامة، ورأى أقدامهما: إن بعض هذه الأقدام من بعضٍ؟.

الشيخ: وما ذاك إلا لأن بعض الناس كان يقدح في نسب أسامة من زيد، فكان زيدٌ أبيض، وأسامة أسود، فلما قال مجزز: "إن هذه الأقدام بعضها من بعضٍ" سُرَّ به النبي ﷺ.

وفي هذا شرعية السرور بالحق، وأن المؤمن يُسر بالحق إذا ظهر وبان، سواءٌ له أو لغيره، ويكره الباطل منه ومن غيره.

وكان مجزز المدلجي رأى الأقدام ولم يعرف أصحابها، كانا مستورين، قد بانت أقدامهما، فلما رآها قال: "إن هذه الأقدام بعضها من بعضٍ"، نعم.

ومن هذا قصة الرجل الذي أتى النبي ﷺ وقال: يا رسول الله، إن امرأتي ولدت غلامًا أسود! وهو يعرض أن ينفيه، كان هو وهي أبيضين، والغلام أسود، هذا في "الصحيحين"، فقال له النبي ﷺ: هل لك من إبلٍ؟ قال: نعم. قال: فما ألوانها؟ قال: حمرٌ. قال: فهل فيها من أورق؟ يعني: أسود، قال: نعم. قال: فأنى أتاها ذلك؟ قال: لعله نزعه عرقٌ. قال: فلعل ابنك هذا نزعه عرقٌ، نعم.

3556- حدثنا يحيى بن بكير: حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهابٍ، عن عبدالرحمن بن عبدالله بن كعب: أن عبدالله بن كعب قال: سمعتُ كعب بن مالك يُحدِّث حين تخلَّف عن تبوك، قال: فلما سلمتُ على رسول الله ﷺ وهو يبرق وجهه من السرور، وكان رسول الله ﷺ إذا سُرَّ استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمرٍ، وكنا نعرف ذلك منه.

الشيخ: وهذا من أدلة حبه للحق عليه الصلاة والسلام، فالمؤمن من حبِّه للحق إذا بان الحق وظهر سُرَّ به سرورًا كثيرًا، والنبي ﷺ هو أحب الناس للحق، وأكرمهم، وأقومهم بالحق؛ فلهذا كان يستنير وجهه إذا ظهر الحق، ولما تاب الله على كعب وصاحبيه سُرَّ بذلك عليه الصلاة والسلام؛ لما فيه من الخير العظيم لكعب وصاحبيه: كون الله مَنَّ عليهما بالتوبة.

المقصود أن المؤمن يُشرع له أن يُسرَّ بالحق إذا ظهر على يد زيدٍ، أو عمرو، أو يده، ولا يكون حسودًا، ولا حاقدًا، ولكن يفرح بالحق إذا ظهر على يديه، أو على يدي غيره، وهذا من صفاء القلب، وكمال الإخلاص والمحبة للحق وأهله.

3557- حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا يعقوب بن عبدالرحمن، عن عمرو، عن سعيدٍ المقبري، عن أبي هريرة : أن رسول الله ﷺ قال: بُعثتُ من خير قرون بني آدم قرنًا فقرنًا، حتى كنتُ من القرن الذي كنتُ فيه.

3558- حدثنا يحيى بن بكير: حدثنا الليث، عن يونس، عن ابن شهابٍ قال: أخبرني عبيدالله بن عبدالله، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أن رسول الله ﷺ كان يَسدل شعره، وكان المشركون يفرقون رؤوسهم، فكان أهل الكتاب يَسدلون رؤوسهم، وكان رسول الله ﷺ يُحب مُوافقة أهل الكتاب فيما لم يُؤمر فيه بشيءٍ، ثم فرق رسول الله ﷺ رأسه.

الشيخ: نعم، استقرت السنة بهذا الفرق، والفرق يكون قسمين: هكذا قسمٌ من هنا، وقسمٌ من هنا: يمين وشمال، والسدل: سدل الرأس من دون الفرق، واستقرت السنة على أن الفرق خلافٌ لليهود هو السنة.

3559- حدثنا عبدان، عن أبي حمزة، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن مسروق، عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لم يكن النبي ﷺ فاحشًا، ولا مُتفحشًا، وكان يقول: إن من خياركم أحسنكم أخلاقًا.

3560- حدثنا عبدالله بن يوسف: أخبرنا مالك، عن ابن شهابٍ، عن عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها: أنها قالت: ما خُيِّر رسول الله ﷺ بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله ﷺ لنفسه إلا أن تُنتهك حُرمة الله، فينتقم لله بها.

الشيخ: وهذا من كمال خلقه ﷺ، ومن تأويل قوله جلَّ وعلا: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4]، وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى [البقرة:237]، فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى:40]، يسِّروا ولا تُعسِّروا، يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ [البقرة:185]، كلها من تأويل هذه النصوص.

فكان إذا خُيِّر بين أمرين اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا عليه الصلاة والسلام، وكان يُحب العفو في حقوقه، أما ما كان لله فينتقم لله، ويُقيم الحدود، ويغضب لله، ولما شفع إليه أسامة بن زيد في المرأة التي سرقت غضب وقال: أتشفع في حدٍّ من حدود الله؟! إنما هلك مَن كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله، لو أن فاطمة بنت محمدٍ سرقت لقطعتُ يدها، فغضب لله، وأما فيما يتعلق بحق نفسه فكان يأخذ بالمصلحة، فقد صادفه في بعض أسفاره أعرابيٌّ وأخذ بردائه وجرَّه، وقال: أعطني من مال الله الذي عندك. حتى أثَّر جرُّه في صفحة عنقه، فلم يُعاقبه، وتبسَّم عليه الصلاة والسلام، وأمر له بعطاءٍ، نعم.

س: كيفية فرق الرأس؟

ج: جانبٌ من يمينٍ، وجانبٌ من يسارٍ، عند التسريح على النصف، من حذاء الأنف.

س: حتى للمرأة، عفا الله عنك؟

ج: نعم، للمرأة والرجل.

س: حكمه؟

ج: سنة، ظاهر الكلام أنه سنةٌ، أيش قال الشارح عليه: كان يَسدل؟

وتوجد الآن شائعةٌ عند الناس يُسمونها: المشطة المائلة، يُقلدون فيها بعض الكفرة، وهذا أقل أحواله الكراهة، أو المنع؛ لمنع التَّشبه، فالسنة الفرق وعدم الميل.

القارئ: قوله: "يَسْدِل شعره" بفتح أوله، وسكون المهملة، وكسر الدال، ويجوز ضمها، أي: يترك شعر ناصيته على جبهته.

قال النووي: قال العلماء: المراد إرساله على الجبين، واتِّخاذه كالقُصَّة، أي: بضم القاف، بعدها مهملة.

قوله: "ثم فَرَق بعد" بفتح الفاء والراء، أي: ألقى شعر رأسه إلى جانبي رأسه، فلم يترك منه شيئًا على جبهته.

"ويفرقون" بضم الراء وبكسرها.

وقد روى ابن إسحاق عن محمد بن جعفر، عن عروة، عن عائشة قالت: أنا فرقتُ لرسول الله ﷺ رأسه –أي: شعر رأسه- عن يافوخه.

ومن طريقه أخرجه أبو داود.

وفي حديث هند بن أبي هالة في صفة النبي ﷺ: أنه إن انفرقت عقيقته –أي: شعر رأسه الذي على ناصيته- فرق، وإلا فلا يُجاوز شعره شحمة أذنه.

قال ابن قتيبة في "غريبه": العقيقة: شعر رأس الصبي قبل أن يُحلق، وقد يُطلق عليه بعد الحلق مجازًا.

وقوله: "كان لا يفرق شعره إلا إذا انفرق" محمولٌ على ما كان أولًا؛ لما بيَّنه حديث ابن عباسٍ.

قوله: "وكان يُحب مُوافقة أهل الكتاب" أي: حيث كان عبَّاد الأوثان كثيرين.

قوله: "فيما لم يُؤمر فيه بشيءٍ" أي: فيما لم يُخالف شرعه؛ لأن أهل الكتاب في زمانه كانوا مُتمسكين ببقايا من شرائع الرسل، فكانت مُوافقتهم أحبَّ إليه من مُوافقة عبَّاد الأوثان، فلما أسلم غالب عبَّاد الأوثان أحبَّ ﷺ حينئذٍ مُخالفة أهل الكتاب.

الشيخ: والمقصود أنه أُمر بالمخالفة، أمره الله بمُخالفتهم، وأمر الناس بمُخالفتهم، وشرع الله لنا أن نُخالفهم هم وغيرهم من الكفرة؛ فلهذا قال: إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم، وقال: قُصُّوا الشوارب، ووفروا اللِّحى، خالفوا المشركين، وقال: مَن تشبَّه بقومٍ فهو منهم.

المقصود أن الله شرع له بعد ذلك أن يُخالف الجميع: اليهود، وغير اليهود؛ ولهذا فرق وخالفهم، نعم.

القارئ: واستدل به على أن شرع مَن قبلنا شرعٌ لنا ما لم يجئ في شرعنا ما يُخالفه.

وتعقب بأنه عبَّر بالمحبة، ولو كان كذلك لعبر بالوجوب.

وعلى التسليم ففي نفس الحديث أنه رجع عن ذلك آخرًا، والله أعلم.

الشيخ: نعم.

3561- حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا حماد، عن ثابتٍ، عن أنسٍ قال: ما مسستُ حريرًا ولا ديباجًا ألين من كفِّ النبي ﷺ، ولا شممتُ ريحًا قط أو عَرْفًا قط أطيب من ريح أو عَرْف النبي ﷺ.

3562- حدثنا مسدد: حدثنا يحيى، عن شعبة، عن قتادة، عن عبدالله بن أبي عتبة، عن أبي سعيدٍ الخدري .

الشيخ: قف على حديث أبي سعيدٍ.

القارئ: يوجد كلامٌ للحافظ على الخِضاب.

..............

القارئ: قال: الحديث السابع: حديث قتادة: سألت أنسًا: هل خضب النبي ﷺ؟ قال: إنما كان شيءٌ في صُدْغَيه.

"الصُّدْغ" بضم المهملة، وإسكان الدال، بعدها معجمة، ما بين الأذن والعين، ويُقال ذلك أيضًا للشعر المتدلي من الرأس في ذلك المكان.

الشيخ: المقصود هذا: الصدغ.

القارئ: وهذا مُغايرٌ للحديث السابق: أن الشعر الأبيض كان في عنفقته، ووجه الجمع ما وقع عند مسلم من طريق سعيد، عن قتادة، عن أنسٍ قال: لم يخضب رسول الله ﷺ، وإنما كان البياض في عنفقته، وفي الصدغين، وفي الرأس نَبْذٌ. أي: مُتفرق.

وعُرف من مجموع ذلك: أن الذي شاب من عنفقته أكثر مما شاب من غيرها.

ومراد أنسٍ: أنه لم يكن في شعره ما يحتاج إلى الخِضاب، وقد صرح بذلك في رواية محمد بن سيرين، قال: سألت أنس بن مالك: أكان رسول الله ﷺ خضب؟ قال: لم يبلغ الخِضاب.

ولمسلم من طريق حماد، عن ثابتٍ، عن أنسٍ: لو شئتُ أن أعدَّ شَمَطَاتٍ كنَّ في رأسه لفعلتُ.

زاد ابن سعد والحاكم: ما شانه بالشيب.

ولمسلمٍ من حديث جابر بن سمرة: فقد شمط مقدم رأسه ولحيته.

الشيخ: هذا مقدم الصُّدْغين، ومقدم اللحية: العنفقة، الجمع بين رواية أنسٍ والرواية الأخرى، يعني: شيئًا قليلًا.

القارئ: وكان إذا ادَّهن لم يتبين، فإذا لم يدَّهن تبين.

وأما ما رواه الحاكم وأصحاب السنن من حديث أبي رمثة، قال: أتيت النبي ﷺ وعليه بردان أخضران، وله شعرٌ قد علاه الشيب، وشيبه أحمر مخضوب بالحناء. فهو موافقٌ لقول ابن عمر: رأيت رسول الله ﷺ يخضب بالصُّفرة. وقد تقدم في الحج وغيره، والجمع بينه وبين حديث أنسٍ: أن يُحمل نفي أنسٍ على غلبة الشيب، حتى يحتاج إلى خضابه، ولم يتفق أنه رآه وهو مخضب، ويُحمل حديث مَن أثبت الخضب على أنه فعله لإرادة بيان الجواز، ولم يُواظب عليه.

الشيخ: ويحتمل احتمالًا آخر، وهو: أن أنسًا نسي الخضاب؛ لأن أنسًا طالت حياته، وجاوز المئة، وربما يكون نسي الخضاب في آخر حياته، والقاعدة: مَن أثبت مُقدَّمٌ على النافي. فابن عمر وغيره -كأبي رمثة- أثبتوا، فالمثبت عنده زيادة علمٍ، وأظن أنه جاء أيضًا في حديث أم سلمة شيءٌ من ذلك: أنها أخرجت للناس إناءً فيه شعرٌ من شعر النبي ﷺ مخضوبٌ بالحناء والكتم.

المقصود أن مَن أثبت مُقدَّمٌ على مَن نفى، والنبي ﷺ كان أسرع الناس إلى ما يأمر به، وأبعد الناس عما ينهى عنه، وكان يأمر بالخضاب ويقول: غيِّروا هذا الشيب، وجنِّبوه السواد.

فالأظهر أنه قد خضب، هذا الشيء الذي حصل، كما في حديث ابن عمر، وهو في "الصحيحين"، وحديث أبي رمثة وما جاء في معناه يكون مُقدَّمًا، ويدل على هذا أن أنسًا ربما قال: في صدغه. وربما قال: في عنفقته شيباتٌ قليلةٌ. وربما قال: فيهما جميعًا.

وقد يكون السائلون سألوه في آخر حياته، فنسي بعض الشيب، فإذا جاء في رواية غيره ما يُثبت ما نفاه أو لم يذكره فالمثبت مُقدَّمٌ.

القارئ: وأما ما تقدم عن أنسٍ، وأخرجه الحاكم من حديث عائشة قالت: "ما شانه الله ببيضاء" فمحمولٌ على أن تلك الشعرات البيض لم يتغير بها شيءٌ من حُسنه ﷺ.

وقد أنكر أحمد إنكار أنسٍ أنه خضب، وذكر حديث ابن عمر: أنه رأى النبي ﷺ يخضب بالصفرة. وهو في "الصحيح".

ووافق مالكٌ أنسًا في إنكار الخضاب، وتأول ما ورد في ذلك.

الشيخ: نعم، يكفي.

مداخلة: أحسن الله إليك، في كتاب "اللباس" أحال إلى "المناقب" في موضعٍ، وفي موضعٍ تكلم عليه، تكلم في موضعٍ آخر في "اللباس" على: رأيت شعراتٍ حمرًا.

الشيخ: أيش يقول؟

الطالب: قوله: "فرأيت شعراتٍ حمرًا" في الرواية التي تليها: "مخضوبًا"، ويأتي البحث فيه.

قوله: "مخضوبًا" زاد يونس: "بالحناء والكتم"، وكذا لابن أبي خيثمة، وكذا لأحمد، عن عفان وعبدالرحمن بن مهدي، كلاهما عن سلام.

وله من طريق أبي معاوية -وهو شيبان بن عبدالرحمن-: "شعرًا أحمر مخضوبًا بالحناء والكتم".

وللإسماعيلي من طريق أبي إسحاق، عن عثمان المذكور: كان مع أم سلمة من شعر لحية النبي ﷺ فيه أثر الحناء والكتم.

والحناء معروفٌ، والكتم -بفتح الكاف والمثناة- سيأتي تفسيره بعد هذا.

قال الإسماعيلي: ليس فيه بيان أن النبي ﷺ هو الذي خضب، بل يحتمل أن يكون أحمر بعده لما خالطه من طيبٍ فيه صُفرة، فغلبت به الصفرة.

قال: فإن كان كذلك، وإلا فحديث أنسٍ: أن النبي ﷺ لم يخضب؛ أصحُّ.

كذا قال، والذي أبداه احتمالًا قد تقدم معناه موصولًا إلى أنسٍ في باب صفة النبي ﷺ، وأنه جزم بأنه إنما احمرَّ من الطيب.

قلت: وكثيرٌ من الشعور التي تفصل عن الجسد إذا طال العهد يؤول سوادها إلى الحمرة، وما جنح إليه من الترجيح خلاف ما جمع به الطبري، وحاصله: أن مَن جزم أنه خضب -كما في ظاهر حديث أم سلمة، وكما في حديث ابن عمر الماضي قريبًا: أنه ﷺ خضب بالصفرة- حكى ما شاهده، وكان ذلك في بعض الأحيان، ومَن نفى ذلك كأنسٍ فهو محمولٌ على الأكثر الأغلب من حاله.

وقد أخرج مسلمٌ وأحمد والترمذي والنسائي من حديث جابر بن سمرة قال: ما كان في رأس النبي ﷺ ولحيته من الشيب إلا شعراتٌ، كان إذا دهن واراهن الدهن. فيحتمل أن يكون الذين أثبتوا الخضاب شاهدوا الشعر الأبيض، ثم لما واراه الدهن ظنوا أنه خضبه، والله أعلم.

الطالب: في موضعٍ آخر أيضًا تكلم عليه، نقرأه أحسن الله إليك؟

الشيخ: إيه.

الطالب: وقوله: فخالفوهم في رواية مسلم: فخالفوا عليهم واصبغوا، وللنسائي من حديث ابن عمر –رفعه-: غيِّروا الشَّيب، ولا تشبَّهوا باليهود، ورجاله ثقاتٌ، لكن اختلف على هشام بن عروة فيه، كما بيَّنه النسائي، وقال: إنه غير محفوظٍ.

وأخرجه الطبراني في "الأوسط" من حديث عائشة، وزاد: والنصارى.

ولأصحاب السنن -وصححه الترمذي- من حديث أبي ذرٍّ –رفعه-: إن أحسن ما غيَّرتم به الشيب الحناء والكتم، وهذا يحتمل أن يكون على التعاقب، ويحتمل الجمع.

وقد أخرج مسلم من حديث أنسٍ قال: اختضب أبو بكرٍ بالحناء والكتم، واختضب عمر بالحناء بحتًا.

وقوله: "بَحْتًا" بموحدةٍ مفتوحةٍ، ومهملةٍ ساكنةٍ، بعدها مثناة، أي: صرفًا، وهذا يُشعر بأن أبا بكر كان يجمع بينهما دائمًا.

والكتم: نباتٌ باليمن يخرج الصبغ أسود يميل إلى الحمرة، وصبغ الحناء أحمر، فالصبغ بهما معًا يخرج بين السواد والحمرة.

واستنبط ابن أبي عاصم من قوله ﷺ: جنِّبوه السواد أن الخضاب بالسواد كان من عادتهم.

وذكر ابن الكلبي أن أول مَن اختضب بالسواد من العرب: عبدالمطلب، وأما مطلقًا ففرعون.

وقد اختُلف في الخضب وتركه: فخضب أبو بكر وعمر وغيرهما كما تقدم، وترك الخضاب عليٌّ وأبي بن كعب وسلمة بن الأكوع وأنسٌ وجماعةٌ.

وجمع الطبري بأن مَن صبغ منهم كان اللائق به: كمَن يُستشنع شيبه، ومَن ترك كان اللائق به: كمَن لا يُستشنع شيبه.

وعلى ذلك حُمل قوله ﷺ في حديث جابر الذي أخرجه مسلمٌ في قصة أبي قحافة، حيث قال ﷺ لما رأى رأسه كأنها الثغامة بياضًا: غيِّروا هذا، وجنِّبوه السواد، ومثله حديث أنسٍ الذي تقدمت الإشارة إليه أول باب "ما يُذكر في الشيب".

وزاد الطبري وابن أبي عاصم من وجهٍ آخر عن جابرٍ: فذهبوا به فحمَّروه.

الشيخ: يكفي، نعم.

س: في عقيقة الولد تجوز فيها البدنة؟

ج: السنة شاتان للذكر، وللأنثى واحدةٌ، ويُخلِّي البدنة، يترك البدنة، البدنة يُضحِّي بها، أضحيةٌ، أما العقيقة فقد سنَّها النبي ﷺ شاتين، وإذا كان ثمة دراهم يتصدق، صدقات، نعم.

س: بارك الله فيك، بالأمس جمعوا بين الظهر والعصر جمع تقديمٍ في المطر؟

ج: لا بأس، الصحيح لا حرج، إذا كانت فيه مشقةٌ لا حرج، جمع مشقة المطر، أو مشقة الدَّحض والسيل في الأسواق لا حرج.

س: إذا كان الظهر والعصر؟

ج: ولو الظهر والعصر، الصحيح لا حرج.

س: وإذا لم تكن فيه مشقةٌ؟

ج: إذا ما صارت فيه مشقةٌ لا يجمعون، الجمع من أجل مشقة الدحض أو المطر على الرؤوس.

س: ولو في مصلى المدرسة؟

ج: ظاهر كلام العلماء أنه يعمّ، لكن إذا كان ما عليهم مشقة الحمد لله .....، لكن إذا كانوا يحتاجون لخروج العصر جمعوا؛ لأنهم يحتاجون لخروج العصر إذا دخلوا بيوتهم.

س: في الواحدة والنصف يخرجون من المدرسة؟

ج: إذا جمعوا لا بأس؛ لأن العصر يحتاجون إلى الخروج إليها إذا ما جمعوا، والرخصة تعمّ.

س: تُشترط نية الجمع قبل الدخول في الصلاة الأولى؟

ج: الصحيح أنها ما تُشترط، لو ما نوى إلا بعدما سلَّم من الأولى صحَّ؛ لأن الرسول ﷺ ما يقول: إني ناوٍ أن أُصلي بكم جمعًا. ما كان يُخبرهم.

س: الراتبة البعدية تسقط؟

ج: بعد العصر تسقط؛ لأن بعد العصر نهيًا، أما في العشاء لا، يُصليها، بعد المغرب والعشاء يُصليها.

................

س: شخصٌ دخل وقد فاته المغرب، وأُقيمت صلاة العشاء .....؟

ج: يُصلي معهم، ويجلس في الثالثة، فإذا سلَّموا سلَّم، ثم قام وصلى العشاء بعد ذلك، هذا هو الأحسن؛ لأن اختلاف النية ما يضر، كما صلى معاذٌ العشاء مع النبي ﷺ، ثم صلى بأصحابه العشاء؛ فريضتهم.

س: هذا صلى العشاء معهم، ثم لما سلَّم أتى بالمغرب؟

ج: صلى العشاء بنية المغرب؟

س: صلى العشاء بنية العشاء؟

ج: يُعيد العشاء، لما صلى المغرب يُعيد العشاء والحمد لله؛ لأنه لا بد من الترتيب.

س: يصلي المغرب، ثم يصلي العشاء ثانيًا؟

ج: صارت صلاته معهم نافلةً، إذا أراد الخروج من الخلاف -وهو جاهلٌ- ما يُخالف.

س: لو تشهَّد وسلَّم وقام فصفَّ معهم؟

ج: لا، الأقرب أنه ينتظر؛ لأنه معذورٌ، الأقرب والأحوط ألا .....؛ لأن هذا يُفضي إلى عجلته وسلامه بدون دليلٍ، كونه يجلس حتى يُسلم، ثم يُسلم معهم.

س: هل يجوز وضع الحناء أو شيءٍ من الخبز عند قبر الميت؟

ج: لا، ما له أصلٌ، لا حناء، ولا غيره، غير كفنه.

س: مَن صلى معهم العشاء بناءً على قول مَن قال: إن الترتيب يسقط لأجل إدراك الجماعة؟

ج: لا، الصحيح أنه لا يسقط، يصلي العشاء نافلةً، ثم يصلي المغرب، ثم يصلي العشاء، فإذا كان صلى العشاء معهم بنية ..... يعيد، هذا الصواب: يُعيدها بعد المغرب، يُعيد العشاء بعد صلاته المغرب، إلا إذا كان نوى المغرب معهم وجلس في الثالثة وانتظرهم، ثم سلَّم معهم، ثم صلى العشاء بعد ذلك؛ لا حرج على الصحيح، والمسألة فيها خلافٌ، لكن هذا هو الأفضل، والحمد لله.

س: لكن هذه الصورة هل تدخل في قول مَن قال بسقوط الترتيب من أجل إدراك الجماعة؟

ج: نعم، قول مَن قال بالجماعة.

س: تدخل في هذه الحالة، أو في الصلاة التي فات وقتها وانتهت؟

ج: هذه تدخل فيها.

س: إذا جمع بين الظهر والعصر هل تسقط نافلة الظهر؟

ج: تسقط، نعم.

س: ووقت النهي أليس بعد صلاة العصر؟ يعني: في وقت صلاة العصر؟

ج: إذا صلى العصر دخل وقت النهي، ولو مجموعةً، ولو أنها مجموعةٌ، نعم.