باب قصة يأجوج ومأجوج

باب قصة يأجوج ومأجوج

وقول الله تعالى: قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ [الكهف:94].

قول الله تعالى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا ۝ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا ۝ فَأَتْبَعَ سَبَبًا "سببًا" طريقًا، إلى قوله: آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ [الكهف:83- 96] واحدها: زبرة، وهي القطع.

حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ [الكهف:96]، يقال: عن ابن عباسٍ: الجبلين، والسدين: الجبلين.

خَرْجًا [الكهف:94] أجرًا.

قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا [الكهف:96] أصبب عليه رصاصًا، ويقال: الحديد، ويقال: الصفر، وقال ابن عباسٍ: النحاس.

فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ [الكهف:97] يعلوه، استطاع: استفعل، من أطعت له؛ فلذلك فتح "اسطاع، يسطيع"، وقال بعضهم: "استطاع، يستطيع"، وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا [الكهف:97].

قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ [الكهف:98] ألزقه بالأرض، وناقة دكاء: لا سنامَ لها، والدكداك من الأرض مثله، حتى صلب وتلبد.

الشيخ: يعني: المنبسط من الأرض.

س: مثله يعود إلى السَّنام؟

ج: مثل: الدك، الناقة التي ما لها سنام وأشباهها، نعم.

وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا ۝ وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ [الكهف:98، 99] حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ [الأنبياء:96] قال قتادة: حدب: أكمة، قال رجلٌ للنبي ﷺ: رأيت السد مثل البرد المحبر. قال: رأيته.

الشيخ: عليه شيءٌ من الشارح: قال رجلٌ؟

القارئ: قوله: "وقال رجلٌ للنبي ﷺ: رأيت السد مثل البرد المحبر. قال: رأيته" وصله ابن أبي عمر من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن رجلٍ من أهل المدينة: أنه قال للنبي ﷺ: يا رسول الله، قد رأيت سد يأجوج ومأجوج. قال: كيف رأيته؟ قال: مثل البرد المحبر، طريقة حمراء، وطريقة سوداء. قال: قد رأيته.

ورواه الطبراني من طريق سعيد بن بشير، عن قتادة، عن رجلين، عن أبي بكرة: أن رجلًا أتى النبي ﷺ فقال. فذكر نحوه، وزاد فيه زيادةً مُنكرةً، وهي: والذي نفسي بيده، لقد رأيته ليلة أُسري بي لبنةً من ذهبٍ، ولبنةً من فضةٍ.

وأخرجه البزار من طريق يوسف بن أبي مريم الحنفي، عن أبي بكرة ورجلٍ رأى السد. فساقه مطولًا.

مداخلة: في العيني: أن رجلًا.

الشيخ: المؤلف -رحمه الله- ذكره جازمًا به، مُعلَّقًا مجزومًا، والأسانيد التي ذكرها ضعيفةٌ إلا السند الأخير محل نظرٍ؛ الذي أخرجه البزار من طريق يوسف بن أبي مريم.

الشيخ: عندك العيني أيش؟

الطالب: في العيني: وأخرجه البزار من طريق يوسف بن أبي مريم الحنفي، عن أبي بكرة: أن رجلًا رأى السد. فساقه بطوله.

وعندنا -أحسن الله إليك- يقول: في العيني: وأخرجه ابن مردويه أيضًا في "تفسيره" عن سليمان بن أحمد قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى، قال: حدثنا أبو الجماهير.

الشيخ: أبو الجماهر، أبو الجماهر.

الطالب: قال: حدثنا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن رجلين، عن أبي بكرة الثقفي: أن رجلًا أتى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله، إني قد رأيته –يعني: السد- فقال: كيف هو؟ قال: كالبرد المحبر. قال: قد رأيته.

وحدثنا قتادة أنه قال: طريقة حمراء من نحاس، وطريقة سوداء من حديد. انتهى.

الشيخ: نعم، لكن الطرق فيها نظرٌ، كلها ضعيفةٌ ما عدا هذا: يوسف بن أبي مريم، رواية ابن مردويه؟ الذي رواه ابن مردويه أيش؟

الطالب: وأخرجه ابن مردويه أيضًا في "تفسيره" عن سليمان بن أحمد.

الشيخ: يعني: الطبراني، نعم.

الطالب: قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى، قال: حدثنا أبو الجماهر، قال: حدثنا سعيد بن بشير، عن قتادة، عن رجلين، عن أبي بردة الثقفي.

الشيخ: سعيد بن بشير ضعيفٌ، وقتادة عن رجلين مجهولين، المقصود أن هذه الطرق كلها فيها نظرٌ.

الطالب: ذكر -أحسن الله إليك- سندًا آخر، قال: وقال نعيم بن حماد في كتاب "الفتن": حدثنا مسلمة بن علي، قال: حدثنا سعيد بن بشير، عن قتادة: قال رجلٌ: يا رسول الله، قد رأيت الردم.

الشيخ: ضعيفٌ أيضًا، سعيد بن بشير ضعيفٌ، نعم.

على كل حالٍ، القرآن كافٍ، نعم.

المقصود أن هذا السد إذا قربت الساعة انفتح لهم وخرجوا، نعم.

3346- حدثنا يحيى بن بكير: حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير: أن زينب بنت أبي سلمة حدثته عن أم حبيبة بنت أبي سفيان، عن زينب بنت جحش رضي الله عنهن: أن النبي ﷺ دخل عليها فزعًا يقول: لا إله إلا الله، ويلٌ للعرب من شرٍّ قد اقترب؛ فُتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلَّق بإصبعه الإبهام والتي تليها.

الشيخ: يعني: شيئًا قليلًا مثل هذا، والمقصود أن هذا السد لا بد أن يُفتح، وهو خروجهم في وقت المسيح، بعدما ينزل المسيح ابن مريم لقتل الدجال يخرج يأجوج ومأجوج: وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ [الأنبياء:96] كما قال الله جلَّ وعلا، وهذا حقٌّ من أشراط الساعة القريبة، نسأل الله العافية من شرهم وشرِّ غيرهم، نعم.

س: ما ورد في صفاته من الأشياء الغريبة؟

ج: ما يعتمد عليها؛ لأنها ما لها أسانيد إلى النبي ﷺ، المعروف أنه من بني آدم، من جنس آدم.

س: ما هو معروفٌ الآن السد؟

ج: الله أعلم، هو جهة الصين، جهة الشرق.

قالت زينب بنت جحش: فقلت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم، إذا كثر الخبث.

الشيخ: وهذا فيه الحذر، وأنه إذا كثر الخبث جاء الهلاك: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال النبي ﷺ: نعم، إذا كثر الخبث، فشو المعاصي وكثرة الشرور من أسباب العقوبات العامَّة؛ ولهذا في حديث الصديق لما خطب الناس وقرأ عليهم قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ [المائدة:105]، وقال: يا أيها الناس، إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها في غير موضعها، وإني سمعت النبي ﷺ يقول: إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يُغيروه أوشك أن يعمَّهم الله بعقابه، ففي هذا الحذر من إظهار المنكرات، والحث على إزالتها والقضاء عليها بالطرق الشرعية، نعم، والله المستعان، نعم.

3347- حدثنا مسلم بن إبراهيم: حدثنا وهيب: حدثنا ابن طاووس، عن أبيه، عن أبي هريرة ، عن النبي ﷺ قال: فتح الله من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا، وعقد بيده تسعين.

3348- حدثني إسحاق بن نصر: حدثنا أبو أسامة، عن الأعمش: حدثنا أبو صالح، عن أبي سعيدٍ الخدري ، عن النبي ﷺ قال: يقول الله تعالى: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك، والخير في يديك، فيقول: أخرج بعث النار، قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألفٍ تسعمئة وتسعة وتسعين، فعنده يشيب الصغير، وتضع كل ذات حملٍ حملها، وترى الناس سُكارى، وما هم بسُكارى، ولكن عذاب الله شديد، قالوا: يا رسول الله، وأينا ذلك الواحد؟ قال: أبشروا، فإن منكم رجلًا، ومن يأجوج ومأجوج ألفًا، ثم قال: والذي نفسي بيده، إني أرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة، فكبرنا، فقال: أرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة، فكبرنا، فقال: أرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة، فكبرنا، فقال: ما أنتم في الناس إلا كالشعرة السوداء في جلد ثورٍ أبيض، أو كشعرةٍ بيضاء في جلد ثورٍ أسود.

الشيخ: وهذا يُوافق قوله جلَّ وعلا: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف:103]، وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [الأنعام:116]، وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [سبأ:20]، من كل ألفٍ تسعمئة وتسعة وتسعين، الله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

س: وعقد بيده تسعين، ما هي صفة التسعين هذه؟

ج: الظاهر هكذا .....، والرواية الأولى أوضح: بين الإبهام والتي تليها، هكذا، بين الإبهام والسبابة هكذا.

س: تسعمئة وتسعة وتسعون هؤلاء الكفار؟

ج: ظاهر الإطلاق أنهم بعث النار، أنهم أهلها، نسأل الله العافية.

تكلم عليه الشارح بكلامٍ طويلٍ أو قصيرٍ على حديث آدم؟

الطالب: لا، ما طول عليه.

الشيخ: وأيش قال عليه؟

الطالب: أحال عليه قال: ثم ذكر المصنف في الباب ثلاثة أحاديث موصولة:

أحدها: حديث زينب بنت جحش في ذكر ردم يأجوج ومأجوج، وسيأتي شرحه مُستوفًى في آخر كتاب "الفتن".

ثانيها: حديث أبي هريرة نحوه باختصارٍ، ويأتي هناك أيضًا.

ثالثها: حديث أبي سعيدٍ في بعث النار، وسيأتي شرحه في أواخر "الرقاق"، والغرض منه هنا ذكر يأجوج ومأجوج، والإشارة إلى كثرتهم، وأن هذه الأمة بالنسبة إليهم نحو عشر عشر العشر، وأنهم من ذرية آدم؛ ردًّا على مَن قال خلاف ذلك.

س: لكن في أول حديثٍ: أن بعث النار تسعمئة وتسعة وتسعون، وفي آخره قال: منكم واحدٌ، ومن يأجوج ومأجوج ألف ...؟

ج: من كل ألفٍ تسعمئة وتسعة وتسعون.

س: وفي آخر الحديث: منكم واحدٌ، ومن يأجوج ومأجوج ألف ..... ينقص عن الألف واحدٌ؟

ج: أيش قال: وما بعث النار؟

س: قال: أبشروا، فإن منكم رجلًا، ومن يأجوج ومأجوج ألفًا.

ج: الألف عشرهم مئة، وعشر المئة عشرة، وهم عشر العشر مثلما قال المؤلف: عشر عشر العشر، يعني: أن الأمة قليلٌ بالنسبة إلى كثرة يأجوج ومأجوج، يعني: فلا خطرَ عليكم من هذا، فمَن استقام على أمر الله فلا خطرَ عليه والحمد لله، والله بيَّن أصحاب الجنة وأصحاب النار، فمَن اتَّصف بصفات أهل الجنة فهو السعيد مهما كانت كثرة أهل النار، نعم.

المهم الأخذ بصفات أهل الجنة، والتقيد بها، والحذر من خلافها، نعم.

س: يكون قصده -أحسن الله إليك- في العدد منكم واحدٌ، ومنهم ألفٌ، عددًا، وليس .....؟

ج: المقصود من يأجوج ومأجوج، نعم.

باب قول الله تعالى: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا [النساء:125]

وقوله: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ [النحل:120]، وقوله: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ [التوبة:114]، وقال أبو ميسرة: "الرحيم" بلسان الحبشة.

3349- حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان: حدثنا المغيرة بن النعمان، قال: حدثني سعيد بن جبير، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، عن النبي ﷺ قال: إنكم محشورون حُفاةً، عُراةً، غُرْلًا، ثم قرأ: كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ [الأنبياء:104]، وأول مَن يُكسى يوم القيامة إبراهيم، وإن أناسًا من أصحابي يُؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: أصحابي! أصحابي! فيقول: إنهم لم يزالوا مُرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم، فأقول كما قال العبد الصالح: وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي إلى قوله: الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [المائدة:117، 118].

الشيخ: وهذه مزيةٌ لإبراهيم ومنقبةٌ عظيمةٌ: أنه أول مَن يُكسى عليه الصلاة والسلام، وهو أفضل الخلق بعد نبينا محمدٍ عليه الصلاة والسلام، ولكن هذه مزيةٌ، كما أعطاه الله المزية الثانية: الخُلَّة مع نبينا عليه الصلاة والسلام، نعم.

3350- حدثنا إسماعيل بن عبدالله، قال: أخبرني أخي عبدالحميد، عن ابن أبي ذئب، عن سعيدٍ المقبري، عن أبي هريرة ، عن النبي ﷺ قال: يلقى إبراهيمُ أباه آزر يوم القيامة، وعلى وجه آزر قترةٌ وغبرةٌ، فيقول له إبراهيم: ألم أقل لك: لا تعصني؟ فيقول أبوه: فاليوم لا أعصيك، فيقول إبراهيم: يا رب، إنك وعدتني ألَّا تُخزيني يوم يُبعثون، فأي خزيٍ أخزى من أبي الأبعد؟! فيقول الله تعالى: إني حرمتُ الجنة على الكافرين، ثم يقال: يا إبراهيم، ما تحت رجليك؟ فينظر، فإذا هو بذِيخٍ مُلتطخٍ، فيُؤخذ بقوائمه فيُلقى في النار.

الشيخ: ..... يوم القيامة ما هو بيوم عملٍ، ما ينفع التمني؛ ولهذا لا تُقبل شفاعته فيه، كما لا تُقبل شفاعة النبي ﷺ في أبي طالب في إخراجه من النار، وإنما خُفف عنه، أما هذا فكان كفره عظيمًا، وشره كبيرًا؛ ولهذا مُسخ إلى ذيخٍ: ذكر الضباع، ثم أُخذ بقوائمه فأُلقي في النار، حتى لا يبقى لإبراهيم تعلقٌ به، الله أكبر، الله أكبر.

أيش قال على "ذيخٍ متلطخٍ"؟ كأنه "متلطخ" يعني: بعذرته، نسأل الله العافية.

الطالب: يقول: "الذِّيخ" بكسر الذال المعجمة، وسكون الياء آخر الحروف، وبالخاء المعجمة، ذكر الضبع الكثير الشعر. وقال ابن صيدة: والجمع: أذياخ، وذيوخ، وذيخة، والجمع: ذيخات.

قوله: "متلطخ" صفة الذِّيخ، أي: مُتلطخ بالرجيع، أو بالطين، أو بالدم.

الشيخ: نسأل الله العافية، حتى تزول الشفقة، ما يبقى أب، يبقى ضبع .....، نسأل الله العافية، مسخ.

س: الإمام ابن سعدي -رحمه الله- ألم يقل: أن يأجوج ومأجوج من الصينيين؟

ج: قيل، لكن ما عليه دليلٌ واضحٌ، المقصود أنهم من جهة الشرق كما أخبر الله في قصة ذي القرنين، وأما أعيانهم فالله أعلم، لكن غالب الظن أن منهم أمةً كثيرةً، أمة الصين الآن ألف مليون ونحو مئتي مليون تقريبًا كما ذكروا، أكثر الأمم، ثلث أهل الدنيا، أو ربع أهل الدنيا، أغلب الظن أنهم منهم، نسأل الله العافية.

س: السعدي ما قاله كان قديمًا، ثم رجع عنه في التفسير؟

ج: ما أدري والله، على كل حالٍ، في هذا توقع، الله أعلم، قد يكونون من الصين، أو من غير الصين، من جهة الشرق فقط.

س: ألا يدل السد الذي يحجزهم عن البشر على أنهم غير الصينيين؛ لأنهم محجوزون؟

ج: الله أعلم، نعم، نسأل الله العافية.

3351- حدثنا يحيى بن سليمان، قال: حدثني ابن وهب، قال: أخبرني عمرو: أن بُكيرًا حدثه، عن كريب مولى ابن عباسٍ، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: دخل النبي ﷺ البيت، فوجد فيه صورة إبراهيم، وصورة مريم، فقال: أما لهم، فقد سمعوا أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورةٌ، هذا إبراهيم مُصور، فما له يستقسم؟!.

3352- حدثنا إبراهيم بن موسى: أخبرنا هشام، عن معمر، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أن النبي ﷺ لما رأى الصور في البيت لم يدخل حتى أمر بها فمُحيت، ورأى إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام بأيديهما الأزلام، فقال: قاتلهم الله! والله إن استقسما بالأزلام قط.

الشيخ: "إن" يعني: ما، يعني: ما استقسما، كانت العرب تستقسم بالأزلام، فإن ظهر الزلم بالإذن والموافقة فعلوا، أو الترك تركوا، وإن ظهر خاليًا أعادوا إجراء الأزلام، والنبي ﷺ أخبر أن إبراهيم ومريم لم يستقسما بها قط، والله قال فيها جلَّ وعلا: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90]، وكانت ثلاثة سهامٍ، سهمٌ يكتبون عليه: افعل، وسهمٌ يكتبون عليه: لا تفعل، وسهمٌ لا يُكتب عليه، يبقى خاليًا، ثم يجيلونها، إذا همُّوا بأمرٍ عظيمٍ يُجيلونها، فإن ظهر "افعل" فعلوا، وإن ظهر "لا تفعل" تركوا، وإن ظهر الخالي أعادوا، نعم.

س: يؤخذ من هذا أن الإنسان إذا دُعي إلى بيتٍ فيه صور ما يدخل فيه؟

ج: يُبين لهم، يقول لهم: لا ندخل بيتًا فيه صورةٌ. ينصحهم، يبين لهم أن هذه الأشياء تجب إزالتها.

س: وإن أبوا لا يدخل؟

ج: على حسب الحاجة، على حسب الحاجة، النبي ﷺ دخل الكعبة ومحاها هو بنفسه، بعدما دخل محاها هو عليه الصلاة والسلام، نعم.

س: قوله: أما هم فقد سمعوا أن الملائكة لا تدخل بيتًا ..... يعني: المشركين، قال: دخل النبي ﷺ البيت فوجد فيه صورة إبراهيم وصورة مريم، ثم قال: أما هم فقد سمعوا أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة؟

ج: كأنهم قد سمعوا، يقتضي السياق هذا، لكنهم لا يمتثلون، ما امتثلوا ما هو أكبر، وهو التوحيد، فكيف بغيره؟! والنبي ﷺ قال في الحديث الصحيح: لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورةٌ ولا كلبٌ، وقال: إن أصحاب هذه الصور يُعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم؛ ولهذا كسرها لما فتح الله عليه مكة، محاها من الجدران، وكسر الأصنام الموجودة في البيت عليه الصلاة والسلام، وهذا هو الواجب، نعم.

س: ألا يعود الضمير على مريم وإبراهيم؟

ج: ما هو بالظاهر.

س: محلات التصوير تنشر علاماتٍ وصورًا مُعلَّقةً؟

ج: على كل حالٍ، مَن كان في عافيةٍ فلا يدخل، ومَن دعت الحاجة فلا بأس مع النصيحة، مثلما يدخل بيوت المشركين وبيوت الكفار وفيها معبوداتهم من دون الله، فإذا دعت الحاجة إلى الدخول للمصلحة، أو لإنكار المنكر، أو دعوة إلى الخير، أو حاجة؛ فلا بأس، مثلما دخل الصحابة الكنائس للحاجة، نعم.

3353 – حدثنا علي بن عبدالله: حدثنا يحيى بن سعيد: حدثنا عبيدالله، قال: حدثني سعيد بن أبي سعيدٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة : قيل: يا رسول الله، مَن أكرم الناس؟ قال: أتقاهم، فقالوا: ليس عن هذا نسألك. قال: فيوسف نبي الله، ابن نبي الله، ابن نبي الله، ابن خليل الله، قالوا: ليس عن هذا نسألك. قال: فعن معادن العرب تسألون؟ خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا.

قال أبو أسامة ومعتمر: عن عبيدالله، عن سعيد، عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ.

الشيخ: وهو جواب: أن خيار الناس هم أتقاهم لله، كما قال الله جلَّ وعلا: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13]، هؤلاء هم خيار الناس: أتقى الناس لله، وأقومهم بحقه هم أفضل الناس، ومنهم الأنبياء، هم على رأسهم، ثم الأمثل فالأمثل.

أما العرب: فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام، وهكذا العجم: خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا في دين الله، وقاموا بأمر الله؛ نفع الله بهم: يأمرون، وينهون، ويُزيلون المنكرات، خيارهم في الجاهلية هم أهل الجود والكرم للفقراء ونصر المظلوم، هؤلاء هم خيار الناس في الجاهلية، فهكذا في الإسلام، هم خيارٌ في الإسلام إذا فقهوا في دين الله: يمنعون الظلم، وينصرون المظلوم، ويواسون الفقير، ويُعينون على نوائب الحق، هؤلاء هم خيار الناس.

س: قول شيخ الإسلام: أنه "إذا تساوت التقوى فإن العرب أفضل من غيرهم"، هل هذا صحيحٌ؟

ج: من جهة الأنساب، ذكر أهل السنة أن العرب أفضل من العجم من جهة النسب؛ لأن القرآن نزل بلغتهم، وهم أفصح الناس لغةً، لكن من جهة الدين أكمل الناس أتقاهم، أما من جهة الأنساب فأمرها سهلٌ، الأنساب أمرها بسيطٌ، خيار الناس مطلقًا أتقاهم لله: عجمي، أو عربي، في الدين، من جهة الدين.

س: اشتراط الكفاءة في الزواج؟

ج: الصواب أنها لا تُشترط، لكن إذا أبوا لا يُجبرون، إذا أبى العربي أن يُزوج عجميًّا لا يُجبر، هذا إليهم، ولا سيما إذا كانت تترتب عليه فتنةٌ.

نص القرآن: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13]، والنبي ﷺ -وهو أفضل الخلق- نكح صفية وهي عجميةٌ، من بني اليهود، عجمية، وتزوجها عليه الصلاة والسلام وهي عجميةٌ.

س: ..... قوله: خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا؟

ج: بهذا الشرط: إذا فقهوا.

س: لكن بالنسبة للعرب؟

ج: هكذا، الحكم واحدٌ، المعنى واحدٌ.

س: قال: أكرم الناس أتقاهم؟

ج: هذا عامٌّ، جميع العرب والعجم، أكرم الناس أتقاهم لله مطلقًا، وفي العرب: خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا في دين الله؛ لأنهم ينصرون الحقَّ، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، وينصرون المظلوم، نعم.

3354- حدثنا مؤمل: حدثنا إسماعيل: حدثنا عوف: حدثنا أبو رجاء: حدثنا سمرة، قال: قال رسول الله ﷺ: أتاني الليلة آتيان، فأتينا على رجلٍ طويلٍ، لا أكاد أرى رأسه طولًا، وإنه إبراهيم ﷺ.

الشيخ: أيش قال عليه الشارح؟

الطالب: يقول: سيأتي شرحه مُستوفًى -إن شاء الله- في كتاب "التعبير".

الشيخ: والعيني؟

الطالب: ذكر: مضى في آخر كتاب "الجنائز" مطولًا.

الشيخ: كأنه -والله أعلم- يعني: على صورة أبيه آدم طويل، أو أقل قليلًا، المقصود أن آدم طوله ستون ذراعًا، ولم يزل الخلق ينقص إلى يومه ﷺ، وكان إبراهيم له طولٌ، قد يكون طول نصف أبيه آدم، أو أكثر، أو أقل؛ ولهذا قال: لا أكاد أراه طولًا يعني: أنه ليس من جنس أجسامنا، بل في زمن إبراهيم كانوا طوالًا، ما بعد بلغ أحدًا النقص؛ لأن الرسول ﷺ لم يزل الخلق ينقص إلى وقته.

3355- حدثني بيان بن عمرو: حدثنا النضر: أخبرنا ابن عون، عن مجاهد: أنه سمع ابن عباسٍ رضي الله عنهما، وذكروا له الدجال: بين عينيه مكتوبٌ: كافر، أو: ك ف ر.

الشيخ: قف على هذا، بركة، سمِّ.