باب قوله عز وجل {ونبئهم عن ضيف إبراهيم إذ دخلوا عليه}

باب قوله : وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ۝ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ الآية [الحجر:51، 52]

لَا تَوْجَلْ [الحجر:53] لا تخف.

وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى الآية [البقرة:260].

3372- حدثنا أحمد بن صالح: حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهابٍ، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن وسعيد بن المسيب، عن أبي هريرة : أن رسول الله ﷺ قال: نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال: رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي [البقرة:260]، ويرحم الله لوطًا، لقد كان يأوي إلى ركنٍ شديدٍ، ولو لبثت في السجن طول ما لبث يوسف لأجبتُ الداعي.

الشيخ: أيش قال الشارح على الحديث؟

القارئ: قوله: "باب قوله: وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الآية [الحجر:51]، لَا تَوْجَلْ [الحجر:53] لا تخف" كذا اقتصر في هذا الباب على تفسير هذه الكلمة، وبذلك جزم الإسماعيلي، وقال: ساق الآيتين بلا حديثٍ. انتهى.

والتفسير المذكور مرويٌّ عن عكرمة عند ابن أبي حاتم، ولعله كان عقب هذا في الأصل بياضٌ، فحذف.

وقصة أضياف إبراهيم أوردها ابن أبي حاتم من طريق السدي مبينةً، وفيها أنه لما قرَّب إليهم العجل قالوا: إنا لا نأكل طعامًا إلا بثمنٍ. قال إبراهيم: إن له ثمنًا. قالوا: وما ثمنه؟ قال: تذكرون اسم الله على أوله، وتحمدونه على آخره. قال: فنظر جبريل إلى ميكائيل فقال: حقٌّ لهذا أن يتَّخذه ربه خليلًا. فلما رأى أنهم لا يأكلون فزع منهم.

ومن طريق عثمان بن محصن قال: كانوا أربعةً: جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، ورفاييل.

ومن طريق نوح بن أبي شداد: أن جبريل مسح بجناحيه العجل فقام يدرج حتى لحق بأمه في الدار.

قوله: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى [البقرة:260] كذا وقع هذا الكلام لأبي ذرٍّ متصلًا بالباب.

ووقع في رواية كريمة بدل قوله: وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي [البقرة:260].

وحكى الإسماعيلي أنه وقع عنده: باب قوله: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ ... إلخ.

وسقط كل ذلك للنسفي، فصار حديث أبي هريرة تكملة الباب الذي قبله، فكملت به الأحاديث عشرين حديثًا، وهو متَّجهٌ.

قوله: "عن أبي سلمة بن عبدالرحمن وسعيد بن المسيب" في رواية الطبري من طريق عمرو بن الحارث، عن يونس، عن الزهري: أخبرني أبو سلمة وسعيد. كذا قال يونس بن يزيد، عن الزهري.

ورواه مالكٌ، عن الزهري، فقال: إن سعيد بن المسيب وأبا عبيدة أخبراه، عن أبي هريرة. وسيأتي ذلك للمصنف قريبًا.

وتابع مالكًا أبو أويس، عن الزهري، أخرجه أبو عوانة من طريقه، ورجح ذلك عند النسائي فاقتصر عليه، وكأن البخاري جنح إلى تصحيح الطريقين فأخرجهما معًا، وهو نظرٌ صحيحٌ؛ لأن الزهري صاحب حديثٍ، وهو معروفٌ بالرواية عن هؤلاء، فلعله سمعه منهم جميعًا، ثم هو من الأحاديث التي حدَّث بها مالكٌ خارج "الموطأ"، واشتهر أن جويرية تفرد به عنه، ولكن تابعه سعيد بن داود، عن مالك. أخرجه الدارقطني في غرائب من طريقه.

قوله: نحن أحق بالشك من إبراهيم سقط لفظ "الشك" من بعض الروايات، واختلف السلف في المراد بالشك هنا؛ فحمله بعضهم على ظاهره، وقال: كان ذلك قبل النبوة.

وحمله أيضًا الطبري على ظاهره، وجعل سببه حصول وسوسة الشيطان، لكنها لم تستقر، ولا زلزلت الإيمان الثابت، واستند في ذلك إلى ما أخرجه هو وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والحاكم من طريق عبدالعزيز الماجشون، عن محمد بن المنكدر، عن ابن عباسٍ قال: "أرجى آيةٍ في القرآن هذه الآية: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى الآية. قال ابن عباسٍ: هذا لما يعرض في الصدور، ويوسوس به الشيطان، فرضي الله من إبراهيم بأن قال: بَلَى [البقرة:260].

ومن طريق معمر، عن قتادة، عن ابن عباسٍ نحوه.

ومن طريق علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عباسٍ نحوه.

وهذه طرقٌ يشد بعضها بعضًا، وإلى ذلك جنح عطاء، فروى ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج: سألت عطاء عن هذه الآية، قال: دخل قلب إبراهيم بعض ما يدخل قلوب الناس فقال ذلك.

وروى الطبري من طريق سعيد، عن قتادة قال: ذُكر لنا أن إبراهيم أتى على دابَّةٍ توزَّعتها الدواب والسباع.

ومن طريق حجاج، عن ابن جريج قال: بلغني أن إبراهيم أتى على جيفة حمارٍ عليه السباع والطير، فعجب وقال: "رب، لقد علمت لتجمعنَّها، ولكن رب أرني كيف تُحيي الموتى؟".

وذهب آخرون إلى تأويل ذلك؛ فروى الطبري.

الشيخ: أطال على هذا؟

القارئ: ..........

الشيخ: المقصود أن هذا البحث سمَّاه "شكًّا"؛ لأنه مرتبةٌ بين علم اليقين وعين اليقين، فإن العلوم تختلف: منها ما هو عين اليقين، وهناك علم اليقين، وحق اليقين، فأراد عليه الصلاة والسلام أن يعرف وأن يعلم في إحياء الموتى من طريق عين اليقين، من طريق مسهل، ليس عنده شكٌّ، لكن جعل ما بين علم اليقين وعين اليقين نوع شكٍّ؛ ولهذا قال: نحن أولى بالشك من إبراهيم يعني: بهذه المرتبة التي هي الحاجة إلى عين اليقين؛ ولهذا قال له: أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى [البقرة:260] أنا مؤمنٌ بأن الله يُحيي الموتى، ولكن أريد شيئًا آخر زيادةً للطمأنينة، ولمزيد العلم؛ ولهذا قال: وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي [البقرة:260]، فقال له: فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ [البقرة:260]؛ ليرى كيف يُحيي الله؟

وفي قصة يوسف أثنى على يوسف أنه صبر المدة الطويلة، ومع هذا لما طلب توقف ولم يعجل حتى يسأل الداعي النسوة عما جرى، وما لهن حين قطعن أيديهن؛ ليظهر وتعلم براءته.

وكذلك قصة لوط ..... لوط ركنًا شديدًا من قومه، وإلا فالركن الشديد هو الله ، يعني: إلى الله جلَّ وعلا، لكن أراد -رحمه الله-: أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ [هود:80] يعني: من قومه وجنوده وعشيرته؛ لأنهم ضده، نعم.

س: يُطلق على الله أنه ركنٌ شديدٌ؟

ج: إيه، هذا المعنى، نعم، لا شك أنه أعظم الأركان وأهمها، وليس هناك مَن هو أقوى منه سبحانه.

س: قول الرسول ﷺ: لأجبتُ الداعي؟

ج: الداعي الذي طلب من يوسف أن يذهب إلى الملك، يعني: ما توقفت، ما قلت له ..... يسأل النسوة، يعني: بادرتُ؛ ثناءً على يوسف، وعلى ثباته وصبره.

س: ما ذكره الشارح عن ابن عباسٍ؟

ج: له بعض الوجاهة: الوسوسة.

س: قول: أن هذا قبل النبوة؟

ج: ليس بظاهرٍ، هذا بعد النبوة، نعم.

س: ألا يُحمل على قبل النبوة، عندما كنا قبل البعثة كنا أحقّ بالشك من إبراهيم؟

ج: لا، لا، المقصود أنها منقبةٌ لإبراهيم؛ لأنه خليل الرحمن، وإذا كان شكُّه في مرتبةٍ بين علم اليقين وعين اليقين فنحن أولى منه؛ تواضعًا منه ﷺ، من باب التواضع.

س: ..............؟

ج: نعم، كل هذا بعد النبوة.

ومن الأمثلة التي تُقرب الفرق بين علم اليقين، وعين اليقين، وحق اليقين، كلها جاءت في القرآن، من أمثلة ذلك: أن يُخبرك أن زيدًا قدم البلد، أو أخبرتك جماعةٌ؛ كان عندك علم اليقين، لا شك أنه وصل البلد، هذا علم اليقين، فإذا قابلته ورأيته بعينك هذا عين اليقين، فإذا صافحته وأخذت بيده فهذا حق اليقين.

ومن ذلك: لو أخبرك أن الوادي سال، أخبرك ثقاتٌ، هذا علم اليقين، فإذا شاهدته أنت وذهبت إليه وشاهدته بعينيك فهذا عين اليقين، وإذا خضته ولمسته بيدك فهذا حق اليقين.

المقصود أن أخبار الله جلَّ وعلا عن الآخرة، وعما كان ويكون؛ كله حق اليقين، نعم، كله واقعٌ.

مداخلة: ذكر الشارح قال: ومعناه: إذا لم نشك نحن، فإبراهيم أولى ألا يشك.

الشيخ: ليس بشيءٍ، أقول: ليس بشيءٍ.

س: الحق يشمل الأنواع كلها؟

ج: حق اليقين نهاية العلم، يعني: أنه إذا دخل الجنة ودخل النار صار حق اليقين.

س: يشمل العلم والعين؟

ج: إيه، إيه.

س: يشمل أنواع اليقين كلها؟

ج: العلمي، والعيني، نعم، هو فوقهما.

س: في قصة يوسف مشروعية: مَن سُجن مظلومًا أن يطلب البراءة؟

ج: هذا أراد إظهار البراءة، نعم.

باب قول الله تعالى: وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ [مريم:54]

3373- حدثنا قتيبة بن سعيد: حدثنا حاتم، عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة بن الأكوع قال: مرَّ النبي ﷺ على نفرٍ من أسلم ينتضلون، فقال رسول الله ﷺ: ارموا بني إسماعيل، فإن أباكم كان راميًا، ارموا، وأنا مع بني فلان، قال: فأمسك أحد الفريقين بأيديهم، فقال رسول الله ﷺ: ما لكم لا ترمون؟ فقالوا: يا رسول الله، نرمي وأنت معهم! قال: ارموا وأنا معكم كلكم.

الشيخ: فيه حثٌّ على الرمي والرماية؛ لأن هذا من الإعداد، والله يقول: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:60]، والنبي قال: ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي بالبندق، بالمدفع، وبغير ذلك من أنواع الرمي على حسب الأوقات، نعم، وهكذا سائر القوات التي يعدها العدو، يعدّ له مثلها، نعم.

س: الإعداد في هذا الوقت للوجوب؟

ج: وجوبٌ على الدول الإسلامية، نعم للوجوب.

س: القوة في الرمي يُعتبر من جوامع الكلم؟

ج: ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ، قال ﷺ: ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، هي أعظم السلاح، الرمي بالبندق وغيره مما يُتَّخذ الآن: كالصواريخ، والمدافع، ونحوها؛ لأنها من بعيدٍ، والمسايفة بالسيف عن قربٍ، الرماح والسيوف هذه عن قربٍ، لكن الرمي أنفع، قوة الرمي أنفع؛ لأنها تدافع من بُعْدٍ.

باب قصة إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام

فيه ابن عمر، وأبو هريرة، عن النبي ﷺ.

الشيخ: أيش قال على الترجمة؟

القارئ: قوله: "قصة إسحاق بن إبراهيم النبي ﷺ" ذكر ابن إسحاق أن هاجر لما حملت بإسماعيل غارت سارة، فحملت بإسحاق، فوضعتا معًا، فشبَّ الغلامان.

ونقل عن بعض أهل الكتاب خلاف ذلك، وأن بين مولدهما ثلاث عشرة سنة، والأول أولى.

الشيخ: المعروف أن إسماعيل هو الأكبر، هو البكر .....

القارئ: قوله: "فيه ابن عمر وأبو هريرة" كأنه يشير بحديث ابن عمر إلى ما سيأتي في قصة يوسف، وبحديث أبي هريرة إلى الحديث المذكور في الباب الذي يليه.

وأغرب ابن التين فقال: لم يقف البخاري على سنده فأرسله. وهو كلام مَن لم يفهم مقاصد البخاري؛ لأنه يستلزم أن يكون البخاري أثبت في كتابه حديثًا لا يعرف له سندًا، ومع ذلك ذكره مرسلًا، ولم تجرِ للبخاري بذلك عادةٌ حتى يحمل هذا الموضع عليها، ونحوه قول الكرماني.

قوله: "فيه -أي: الباب- حديثٌ من رواية ابن عمر في قصة إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام" فأشار البخاري إليه إجمالًا، ولم يذكره بعينه؛ لأنه لم يكن بشرطه. ا.هـ.

وليس الأمر كذلك؛ لما بينته، والله المستعان.

الشيخ: والعيني؟

الطالب: ردَّ على الحافظ عبارته.

الشيخ: أيش قال؟

الطالب: قال: قال الكرماني: "فيه" أي: في الباب، يعني: روى ابن عمر في حقِّ إسحاق وقصته حديثًا، فأشار البخاري إليه إجمالًا، ولم يذكره بعينه؛ لأنه لم يكن بشرطه.

وقال ابن التين: لم يقف البخاري على سنده فأرسله.

وقال بعضهم: هذا كلام مَن لم يفهم مقاصد البخاري. ونحوه قول الكرماني.

قلت: هذه مناقشةٌ باردةٌ؛ لأن كل مَن له أدنى فهم يفهم أن ما قاله ابن التين والكرماني هو الكلام الواقع في محله، وهذا الذي ذكره أوجه من كلامه الذي ذكره بالشك والتردد، حيث قال: كأنه يشير بحديث ابن عمر إلى ما سيأتي في قصة يوسف، وبحديث أبي هريرة إلى الحديث المذكور في الباب الذي يليه، فلينظر المتأمل الحاذق في حديث ابن عمر الذي في قصة يوسف: هل يجد لما ذكره من الإشارة إليه وجهًا قريبًا أو بعيدًا؟ وكذلك في حديث أبي هريرة.

الشيخ: فقط؟

الطالب: انتهى، أحسن الله إليك.

الشيخ: نعم.

الطالب: ذكر -أحسن الله إليك- نقلًا عن ابن كثير في قضية أنهما مولودان معًا.

الشيخ: أيش قال؟

الطالب: قال: ونقل ابن كثير عن أهل الكتاب: أن هاجر ولدت إسماعيل ولإبراهيم من العمر ستة وثلاثون سنةً، قبل مولد إسحاق بثلاث عشرة سنةً.

وقال ابن الجوزي في "أعمار الأعيان": إن إسحاق عاش مئةً وثمانين سنةً، وفي قول وهب بن منبه: عاش مئةً وخمسةً وثمانين سنةً، ودُفن عند قبر أبيه إبراهيم في مزرعة حبرون.

الشيخ: فقط؟

الطالب: انتهى، أحسن الله إليك.

الشيخ: نعم.

...........

باب أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ الآية [البقرة:133]

3374- حدثنا إسحاق بن إبراهيم، سمع المعتمر، عن عبيدالله، عن سعيد بن أبي سعيدٍ المقبري، عن أبي هريرة قال: قيل للنبي ﷺ: مَن أكرم الناس؟ قال: أكرمهم أتقاهم، قالوا: يا نبي الله، ليس عن هذا نسألك. قال: فأكرم الناس يوسف نبي الله، ابن نبي الله، ابن نبي الله، ابن خليل الله، قالوا: ليس عن هذا نسألك. قال: فعن معادن العرب تسألوني، قالوا: نعم. قال: فخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا.

الشيخ: ..... يوسف نبي الله، ابن نبي الله يعقوب، ابن نبي الله إسحاق ..... باب قصة إسحاق، فحديث أبي هريرة سهلٌ، وكلام العيني فيه تحاملٌ، نعم.

باب وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ۝ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ۝ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ۝ فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ الْغَابِرِينَ ۝ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ [النمل:54- 58].

3375- حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب: حدثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة : أن النبي ﷺ قال: يغفر الله للوط، إن كان ليأوي إلى ركنٍ شديدٍ.

باب فَلَمَّا جَاءَ آلَ لُوطٍ الْمُرْسَلُونَ ۝ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ [الحجر:61، 62]

بِرُكْنِهِ [الذاريات:39] بمَن معه؛ لأنهم قوته.

تَرْكَنُوا [هود:113] تميلوا، فأنكرهم، ونكرهم، واستنكرهم واحدٌ.

يُهْرَعُونَ [هود:78] يُسرعون.

دَابِرُ [الأنعام:45] آخر.

صَيْحَةً [يس:29] هلكة.

لِلْمُتَوَسِّمِينَ [الحجر:75] للناظرين.

لَبِسَبِيلٍ [الحجر:76] لبطريق.

...............

باب أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ [البقرة:133]

حدثنا إسحاق بن منصور: أخبرنا عبدالصمد: حدثنا عبدالرحمن بن عبدالله، عن أبيه، عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي ﷺ أنه قال: الكريم، ابن الكريم، ابن الكريم، ابن الكريم: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام.

الشيخ: كأنه يشير إلى الحديثين: حديث أبي هريرة الماضي، وابن عمر.

مداخلة: هذه الترجمة كررها، فقد سبقت: "باب أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ ..."، سبق الحديث الأول عن أبي هريرة، والحديث الثاني عن ابن عمر، نفس الترجمة: أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ.

الشيخ: كأنه يراه أنسب للمقام؛ ولهذا كرره.

الطالب: ذكر -أحسن الله إليك- يقول: ذُكرتْ قبل بثلاثة أبوابٍ؛ فلذلك لا توجد في كثيرٍ من النسخ.

الشيخ: لا بأس.

الطالب: يمكن أن يأتي بحديث ابن عمر بعد حديث أبي هريرة في الترجمة السابقة.

الشيخ: يمكن أن يقع لبعض النُّساخ بعض الشيء، نعم.

س: عندنا "الكريم" ثلاث مرات؟

ج: أربع مرات: الكريم، ابن الكريم، ابن الكريم، ابن الكريم، الرابع: إبراهيم.

باب قول الله تعالى: لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ [يوسف:7]

3382، 3383- حدثني عبيد بن إسماعيل، عن أبي أسامة، عن عبيدالله قال: أخبرني سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة : سئل رسول الله ﷺ: مَن أكرم الناس؟ قال: أتقاهم لله، قالوا: ليس عن هذا نسألك. قال: فأكرم الناس يوسف نبي الله، ابن نبي الله، ابن نبي الله، ابن خليل الله، قالوا: ليس عن هذا نسألك. قال: فعن معادن العرب تسألوني؟ الناس معادن، خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا.

حدثني محمد بن سلام: أخبرنا عبدة، عن عبيدالله، عن سعيد، عن أبي هريرة ، عن النبي ﷺ بهذا.

3384- حدثنا بدل بن المحبر: أخبرنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم قال: سمعت عروة بن الزبير، عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي ﷺ قال لها: مُرِي أبا بكر يُصلي بالناس، قالت: إنه رجلٌ أسيفٌ، متى يقم مقامك رَقَّ. فعاد، فعادت.

قال شعبة: فقال في الثالثة أو الرابعة: إنكن صواحب يوسف، مروا أبا بكر.

س: أحسن الله إليك، ألا يكون هذا ..... إشارة إلى كيد النساء؟

ج: هذا مراده: إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ [يوسف:28]، صواحب يوسف، والمعنى: أنكن قد تُظهرن شيئًا، وهناك شيءٌ آخر –يعني- فالواجب التحرز من كيدكن، فهي أشارت إلى أن يُولي عمر، وصرَّحت في الرواية الأخرى: أنها كرهت أن يقوم مقام النبي ﷺ بعد وفاته؛ لأنها تخشى أن الناس يكرهون مقامه، وهي لا تُحب ذلك لأبيها، وفاتها أن تعيينه يدل على فضله وتقدمه ، فاتها هذا المعنى.

س: كلامها هذا ألا يدل على الدفاع عن أبيها؛ لأنه ضعيفٌ؟

ج: ليس هذا المقصود، صرَّحت بما هو مقصودها، صرَّحت بما هو المقصود، وهذه منقبةٌ للصديق، فدمعة عينه ورقَّته هذه منقبةٌ عظيمةٌ.

3385- حدثنا الربيع بن يحيى البصري: حدثنا زائدة، عن عبدالملك بن عمير، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه قال: مرض النبي ﷺ فقال: مروا أبا بكر فليُصلِّ بالناس، فقالت عائشة: إن أبا بكر رجلٌ كذا. فقال مثله، فقالت مثله، فقال: مروا أبا بكر، فإنكن صواحب يوسف، فأمَّ أبو بكر في حياة رسول الله ﷺ.

وقال حسين: عن زائدة: رجل رقيق.

الشيخ: وهذا يفيد أن البكاء من خشية الله لا يؤثر في الصلاة، ولا يمنع من الإمامة، وقد أمره أن يؤم الناس وإن كان رقيقًا، وإن كان يبكي من خشية الله، هذا يجعل المأمومين كذلك ترق قلوبهم ويخشعون تبعًا لإمامهم، نعم.

س: أحسن الله إليك، ما يُذكر من الانقطاع بين أبي بردة وأبي موسى، بينه وبين أبيه؟

ج: أبو بردة سمع من أبيه، ما فيه انقطاعٌ، لعلك تقصد: أبا عبيدة بن عبدالله بن مسعود، هو الذي فيه الانقطاع: أبو عبيدة، عن ابن مسعودٍ، عن أبيه عبدالله.

3386- حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب: حدثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: اللهم أنجِ عياش بن أبي ربيعة، اللهم أنجِ سلمة بن هشام، اللهم أنجِ الوليد بن الوليد، اللهم أنجِ المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها سنين كسني يوسف.

الشيخ: وهذا فيه الدعاء للمستضعفين من المؤمنين، الدعاء لهم بالنصر والفرج، والدعاء على مَن آذى المسلمين بالانتقام والشدة والضيق، وهذا من أصول أحاديث قنوت النوازل.

3387- حدثنا عبدالله بن محمد بن أسماء -هو ابن أخي جويرية-: حدثنا جويرية بن أسماء، عن مالك، عن الزهري: أن سعيد بن المسيب وأبا عبيد أخبراه، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: يرحم الله لوطًا، لقد كان يأوي إلى ركنٍ شديدٍ، ولو لبثتُ في السجن ما لبث يوسف ثم أتاني الداعي لأجبته.

3388- حدثنا محمد بن سلام: أخبرنا ابن فضيل: حدثنا حصين، عن شقيق، عن مسروق قال: سألت أم رومان -وهي أم عائشة- عما قيل فيها ما قيل، قالت: بينما أنا مع عائشة جالستان، إذ ولجت علينا امرأةٌ من الأنصار وهي تقول: فعل الله بفلانٍ وفعل. قالت: فقلت: لِمَ؟ قالت: إنه نمَّى ذكر الحديث. فقالت عائشة: أي حديثٍ؟ فأخبرتها، قالت: فسمعه أبو بكر ورسول الله ﷺ؟ قالت: نعم. فخرَّت مغشيًّا عليها، فما أفاقت إلا وعليها حمى بنافضٍ.

فجاء النبي ﷺ فقال: ما لهذه؟ قلت: حمى أخذتها من أجل حديثٍ تُحدِّث به. فقعدت فقالت: والله لئن حلفتُ لا تُصدقوني، ولئن اعتذرتُ لا تعذروني، فمثلي ومثلكم كمثل يعقوب وبنيه، فالله المستعان على ما تصفون. فانصرف النبي ﷺ، فأنزل الله ما أنزل، فأخبرها، فقالت: بحمد الله، لا بحمد أحد.

س: بالنسبة للدعاء في النوازل .....؟

ج: لا بأس، لا حرج، يقنت في النوازل، يقنت للمسلمين في البوسنة، وفي غيرها في أرجاء الدنيا، يدعو لهم بالنصر والتأييد، ويدعو على أعداء الله بالخذلان والذل.

س: ويدخل فيها الشيشان؟

ج: المسلمون في كل مكانٍ.

3389- حدثنا يحيى بن بكير: حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهابٍ قال: أخبرني عروة: أنه سأل عائشة رضي الله عنها -زوج النبي ﷺ-: أرأيتِ قوله: حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا [يوسف:110].

الشيخ: قف على هذا.