باب مناقب عمر بن الخطاب أبي حفص القرشي العدوي رضي الله عنه

باب مناقب عمر بن الخطاب، أبي حفص، القرشي، العدوي

3679- حدثنا حجاج بن منهال: حدثنا عبدالعزيز بن الماجشون: حدثنا محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قال النبي ﷺ: رأيتني دخلت الجنة، فإذا أنا بالرميصاء، امرأة أبي طلحة.

الشيخ: يعني: أم سليم، أم أنس.

وسمعت خشفةً، فقلت: مَن هذا؟ فقال: هذا بلالٌ، ورأيت قصرًا بفنائه جاريةٌ، فقلت: لمن هذا؟ فقال: لعمر، فأردت أن أدخله فأنظر إليه، فذكرت غيرتك، فقال عمر: بأبي وأمي يا رسول الله، أعليك أغار؟!

الشيخ: بسم الله، اللهم صلِّ وسلم على رسول الله ﷺ.

أما بعد: هذا الحديث فيه الدلالة على فضائل هؤلاء، لما ذكر -رحمة الله عليه- مناقب النبي ﷺ، وفضائل الصحابة على العموم، شرع في بيان فضائل مَن جاء فيه فضلٌ خاصٌّ: كالصديق -كما تقدم-، وبعده عمر.

وفي هذا الحديث الصحيح بيان فضل أم سليم رضي الله عنها، أم أنس، وفضل بلال، وأن النبي ﷺ رآهما في الجنة.

وفيه المنقبة العظيمة لعمر برؤية القصر العظيم له في الجنة رضي الله عنه وأرضاه، ولا يُستغرب ذلك؛ لما أعطاه الله من الخير والفضل، وما جرى على يديه من الخير والفضل رضي الله عنه وأرضاه.

3680- حدثنا سعيد بن أبي مريم: أخبرنا الليث، قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب قال: أخبرني سعيد بن المسيب: أن أبا هريرة قال: بينا نحن عند رسول الله ﷺ إذ قال: بينا أنا نائمٌ رأيتني في الجنة، فإذا امرأةٌ تتوضأ إلى جانب قصرٍ، فقلت: لمن هذا القصر؟ قالوا: لعمر، فذكرت غيرته؛ فوليتُ مُدبرًا، فبكى عمر وقال: أعليك أغار يا رسول الله؟!

3681- حدثني محمد بن الصلت، أبو جعفر الكوفي: حدثنا ابن المبارك، عن يونس، عن الزهري قال: أخبرني حمزة، عن أبيه: أن رسول الله ﷺ قال: بينا أنا نائمٌ شربت –يعني: اللبن- حتى أنظر إلى الري يجري في ظفري –أو: في أظفاري- ثم ناولت عمر، فقالوا: فما أوَّلته يا رسول الله؟ قال: العلم.

الشيخ: وهذا فضلٌ عظيمٌ أيضًا لعمر رضي الله عنه وأرضاه، وما أعطاه الله من العلم العظيم والفقه في الدين رضي الله عنه وأرضاه، وشواهد ذلك واضحةٌ في تصرفاته، وأوامره، ونواهيه، وجهاده رضي الله عنه وأرضاه.

والله جلَّ وعلا جعل هذا العلم مائدة القرآن والسنة، مائدة يردها الناس، وكل من كتب الله له من هذا العلم، فمُقلٌّ ومُستكثرٌ من هذا الخير العظيم، وكل من قسم الله له من الفهم والحفظ والذكر، والذي أعطى الله الخلفاء الراشدين من ذلك الخير الكثير: الصديق، وعمر، وعثمان، وعلي ، أعطاهم الله من العلم والفضل والبصيرة والفقه في الدين أكثر مما أعطى غيرهم، وكل من رزقه الله الإقبال على الكتاب والسنة، والعناية بهما، والصدق، والإخلاص، والصبر، وإتيان الأمور من أبوابها، واستعمال ما شرع الله في ذلك؛ يرزقه الله من العلم حسب اجتهاده وصدقه وإخلاصه، نعم.

3682- حدثنا محمد بن عبدالله بن نمير: حدثنا محمد بن بشر: حدثنا عبيدالله، قال: حدثني أبو بكر بن سالم، عن سالم، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: أن النبي ﷺ قال: أُريت في المنام أني أنزع بدلو بكرة على قليبٍ، فجاء أبو بكر فنزع ذنوبًا أو ذنوبين نزعًا ضعيفًا، والله يغفر له، ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت غربًا، فلم أرَ عبقريًّا يَفْرِي فَرْيَه حتى روي الناس، وضربوا بعطنٍ.

قال ابن جبير: العبقري: عتاق الزرابي.

وقال يحيى: الزرابي: الطنافس لها خملٌ رقيقٌ: مَبْثُوثَةٌ [الغاشية:16] كثيرةٌ.

الشيخ: تكلم عليه بشيءٍ، على تفسير الضعف؟ العيني تكلم بشيءٍ؟

الطالب: ما حضر.

الشيخ: نعم، عبدالله ..... تحرص على جمع كلام الناس في الضعف؛ لأني ما رأيت للحافظ ولا للعيني كلامًا شافيًا في مسألة الضعف: كان في نزعه ضعفٌ، انظر لعلك تجمع كلامه، وغيرك من الإخوان ممن يحب أن يعتني بهذا، فحتى الآن لم يتضح لي وجه الضعف الذي في نزع الصديق ، مع أن الله أعطاه قوةً في خلافته وصرامةً عظيمةً، وقتال أهل الردة، حتى كلَّمه عمر في ذلك فقال: "أتُقاتلهم وهم يقولون: لا إله إلا الله؟!" فقال كلمته المشهورة: "والله لو منعوني ..." الحديث، فكانت عنده قوةٌ وصلابةٌ في قتال أهل الردة، حتى قضى الله عليهم على يده ، [فكان عنده] نشاطٌ عظيمٌ في إظهار الدين وإعزازه، والقضاء على مُخالفيه.

حتى الآن ما اتَّضح لي الضعف الذي أشار له النبي ﷺ ما هو؟

س: مَن يقول بأن المراد بالضعف هنا مدة الخلافة؟

ج: لا، لا، قال: في نزعه، ما قال: في خلافته، قال: في نزعه، المدة ما هي بهواه، المدة قصيرةٌ، وفعل فيها فعلًا عظيمًا.

مداخلة: في هذه النسخة يقول: حدثني أبو بكر بن سالم، عن عبدالله بن عمر.

الشيخ: أول السند، أوله؟

الطالب: حدثنا محمد بن عبدالله بن نمير: حدثنا محمد بن بشر: حدثنا عبيدالله، قال: حدثني أبو بكر بن سالم، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما.

الشيخ: أيش عندكم؟

القارئ: أبو بكر بن سالم، عن سالم، عن عبدالله بن عمر.

الشيخ: أبو بكر بن سالم؟

الطالب: نعم.

الشيخ: أيش قال عليه الشارح؟ هذا غريبٌ! أبو بكر بن عبدالرحمن بن حارثة، عن سالم بن عبدالله بن عمر، يكون "ابن" مُصَحَّفًا.

القارئ: قوله: "حدثني أبو بكر بن سالم" أي: ابن عبدالله بن عمر، وهو من أقران الراوي عنه، وهما مدنيان، من صغار التابعين، وأما أبو سالم.

الشيخ: أبو أو أبوه؟

القارئ: أبو سالم.

الشيخ: أو: أبوه سالم.

القارئ: لا، الموجود: أبو سالم.

الشيخ: لا، ما يصلح، أبوه سالم، سالم بن عبدالله.

القارئ: وأما أبوه سالم فمعدودٌ من كبارهم، وهو أحد الفقهاء السبعة، وليس لأبي بكر بن سالم في البخاري غير هذا الموضع.

الشيخ: ولهذا أشكل، ما أتذكر: مرَّ معنا أبو بكر هذا إلا هذه المرة، انظر "التقريب".

الطالب: أبو بكر بن سالم بن عبدالله بن عمر، ثقة، من الخامسة. (البخاري، ومسلم).

الشيخ: و"الخلاصة"؟ ما معه في البخاري إلا هذا الموضع الواحد، سبحان الله! "الخلاصة" موجودةٌ؟

الطالب: موجودةٌ يا شيخ.

الشيخ: أيش يقول؟ أبو بكر في الكُنى.

الطالب: أبو بكر بن سالم بن عبدالله بن عمر، المدني، عن أبيه، وعن عبيدالله بن عمر. البخاري ومسلم، له عندهما فرد حديثٍ.

الشيخ: هذا هو، فقط؟

الطالب: قال في الحاشية: في مناقب عمر بن الخطاب.

الشيخ: فقط؟

الطالب: نعم.

الشيخ: هذا هو، أعد، اقرأه: عن أبي بكر بن سالم.

القارئ: قال: حدثني أبو بكر بن سالم، عن سالم، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: أن النبي ﷺ قال: أُريت في المنام أني أنزع بدلو بكرة على قليبٍ، فجاء أبو بكر فنزع ذنوبًا أو ذنوبين نزعًا ضعيفًا، والله يغفر له، ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت غربًا، فلم أرَ عبقريًّا يَفْرِي فَرْيَه حتى روي الناس، وضربوا بعطنٍ.

قال ابن جبير: العبقري: عتاق الزرابي.

وقال يحيى: الزرابي: الطنافس لها خملٌ رقيقٌ: مَبْثُوثَةٌ [الغاشية:16] كثيرةٌ.

الشيخ: المراد بالعبقري هنا غير مسألة الألبسة، العبقري يعني: رجلًا نشيطًا قويًّا يَفْرِي فَرْيَه، العبقري هنا عبارةٌ عن الرجل النشيط القوي، تقدم كلام المؤلف، انظر "القاموس" عندك.

3683- حدثنا علي بن عبدالله: حدثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن صالح، عن ابن شهابٍ: أخبرني عبدالحميد: أن محمد بن سعد أخبره: أن أباه قال. ح، حدثني عبدالعزيز بن عبدالله: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شهابٍ، عن عبدالحميد بن عبدالرحمن بن زيد، عن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه قال: استأذن عمر بن الخطاب على رسول الله ﷺ وعنده نسوةٌ من قريشٍ يُكلمنه ويستكثرنه، عاليةً أصواتهن على صوته، فلما استأذن عمر بن الخطاب قُمن فبادرن الحجاب، فأذن له رسول الله ﷺ، فدخل عمر ورسول الله ﷺ يضحك، فقال عمر: أضحك الله سنَّك يا رسول الله. فقال النبي ﷺ: عجبتُ من هؤلاء اللاتي كن عندي، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب، فقال عمر: فأنت أحق أن يهبن يا رسول الله. ثم قال عمر: يا عدوات أنفسهن، أتهبنني ولا تهبن رسول الله ﷺ؟! فقلن: نعم؛ أنت أفظُّ وأغلظ من رسول الله. فقال رسول الله ﷺ: إيهًا يا ابن الخطاب، والذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطان سالكًا فَجًّا قط إلا سلك فَجًّا غير فجك.

الشيخ: هذه منقبةٌ عظيمةٌ؛ لما أعطاه الله من قوة الإيمان، والصدع بالحق، والقوة في الغيرة، والهيبة العظيمة، لما أعطاه الله من الصدع بالحق والقوة في ذلك رضي الله عنه وأرضاه.

الطالب: هذا عبقر في "القاموس": عبقر: موضعٌ كثير الجن، وبلدةٌ ثيابها في غاية الحسن، وامرأةٌ، والعبقري: الكامل من كل شيءٍ.

الشيخ: هذا مراده، نعم.

الطالب: والسيد، والذي ليس فوقه شيءٌ، والشديد، وضرب من .....

الشيخ: الظاهر هو هذا: الرجل القوي الكامل على الخصال الحميدة، القوي ما له تعلقٌ بالبسط، نعم.

الطالب: في نسخةٍ عندنا اختلافٌ، عفا الله عنك.

الشيخ: إيه؟

الطالب: حدثني عبدالعزيز بن عبدالله: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شهابٍ، عن عبدالرحمن بن عبدالرحمن بن زيد، عن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه.

الشيخ: وأيش عندكم يا شيخ عبدالعزيز؟ السند؟

الطالب: أحسن الله إليك، فيه خطأٌ سبق تصحيحه في القراءة السابقة.

الشيخ: حدثنا.

الطالب: قال: حدثني عبدالعزيز بن عبدالله: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح، عن ابن شهابٍ، عن عبدالرحمن بن زيد.

الطالب: كذا في المخطوطة، وسبق تصحيحه، وصوابه: عبدالحميد بن عبدالرحمن بن زيد.

الشيخ: والذي عندهم أيش هو؟

الطالب: عبدالرحمن بن زيد، بدون: عبدالحميد.

الشيخ: إيه، عندك ساقطٌ: عبدالحميد؟

الطالب: إيه، نعم، وسبق تصحيحه.

الشيخ: وعندهم: عبدالرحمن بن عبدالرحمن؟

الطالب: نعم.

طالب: في بعض النسخ: عبدالرحمن بن زيد، فقط.

طالب: وفي بعضها: عبدالرحمن بن عبدالرحمن بن زيد.

الشيخ: لا، الصواب: عبدالحميد بن عبدالرحمن بن زيد بن الخطاب، ابن ابن أخي عمر بن الخطاب، صلحه عندكم: عبدالحميد، الذي عنده "عبدالرحمن" يُصلحه "عبدالحميد بن عبدالرحمن".

الطالب: أحسن الله إليك، "عبقري" تكلم عليها الحافظ.

الشيخ: إيه؟

الطالب: قوله: "قال ابن جبير: العبقري: عتاق الزرابي" وصله عبد بن حميد من طريقه، وكذا رويناه في "صفة الجنة" لأبي نعيم من طريق أبي بشر، عن سعيد بن جبير قال في قوله تعالى: مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ [الرحمن:76] قال: الرفرف: رياض الجنة، والعبقري: الزرابي.

ووقع في رواية الأصيلي وكريمة وبعض النسخ عن أبي ذرٍّ هنا: قال ابن نمير: وقيل: المراد محمد بن عبدالله بن نمير، شيخ المصنف فيه، وسيأتي بسط القول في كتاب "التعبير"، والمراد بالعتاق: الحسان، والزرابي جمع زربية، وهي البساط العريض الفاخر.

قال في "المشارق": العبقري: النافذ الماضي الذي لا شيء يفوقه. قال أبو عمر: وعبقري القوم: سيدهم وقيمهم وكبيرهم.

الشيخ: هذا المراد هنا، ليس المراد الثياب.

القارئ: وقال الفراء: العبقري: السيد.

الشيخ: فقط، يكفي.

3684- حدثنا محمد بن المثنى: حدثنا يحيى، عن إسماعيل: حدثنا قيس، قال: قال عبدالله: ما زلنا أعزَّةً منذ أسلم عمر.

الشيخ: ، ورضي الله عن الجميع.

3685- حدثنا عبدان: أخبرنا عبدالله: حدثنا عمر بن سعيد، عن ابن أبي مليكة: أنه سمع ابن عباسٍ يقول: وُضع عمر على سريره، فتكنفه الناس يدعون ويُصلون قبل أن يُرفع، وأنا فيهم، فلم يرعني إلا رجلٌ آخذ منكبي، فإذا علي بن أبي طالب، فترحم على عمر، وقال: ما خلفت أحدًا أحبّ إليَّ أن ألقى الله بمثل عمله منك، وايم الله، إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك، وحسبت إني كنت كثيرًا أسمع النبي ﷺ يقول: ذهبتُ أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر.

الشيخ: اللهم ارضَ عنهم، في هذا أن الأخيار والفضلاء يُبتلون، فقد قُتل بعض الأنبياء، وهم سادات الأمم، وهكذا جرى ما جرى على عمر، وعلى عثمان، وعلى عليٍّ من الشهادة، وهم سادات الأمة، وهم أفضل الأمة بعد نبيِّها ﷺ، وبعد أبي بكرٍ ، فالله جلَّ وعلا يبتلي عباده بالسراء والضراء، والشدة والرخاء، وأشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، نعم.

س: تكليم عليٍّ بصيغة المخاطب وهو ميتٌ؟

ج: لأنه مشاهدٌ، يعني: هذا الحاضر.

3686- حدثنا مسدد: حدثنا يزيد بن زريع: حدثنا سعيد بن أبي عروبة. ح، وقال لي خليفة: حدثنا محمد بن سواء، وكهمس بن المنهال، قالا: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك قال: صعد النبي ﷺ إلى أحدٍ ومعه أبو بكر وعمر وعثمان، فرجف بهم، فضربه برجله، قال: اثبت أحد، فما عليك إلا نبيٌّ، أو صديقٌ، أو شهيدان.

الشيخ: وهذا من علامات النبوة: الشهادة لعمر وعثمان بالشهادة، اللهم ارضَ عنهما.

والله جلَّ وعلا حرَّك الجبل ليقول النبي ﷺ هذه المقالة، جعله سببًا.

وفيه بيان أنه جلَّ وعلا القادر على كل شيءٍ، يُحرِّك الجبل إذا شاء، ويسيخه إذا شاء، وهكذا يجعل لمن شاء من أنبيائه ورسله من المعجزات ما يشاء ، فجعل حركة أحدٍ من أسباب أن يقول النبي ﷺ: اثبت أحد، فما عليك إلا نبيٌّ، أو صديقٌ، أو شهيدان.

س: مَن أنكر هذه المعجزة؟

ج: هذا يرجع إلى نظر ..... أقول: من أخبار الآحاد، فيها الكلام المعروف، لكن مَن أنكر معجزات النبي ﷺ كفر في الجملة، لكن [مَن أنكر] معجزةً واحدةً معينةً قد تكون له أسبابٌ وشبهةٌ.

س: أحسن الله إليك، مرتبة الصديقية هل هي خاصةٌ بأبي بكر، أو قد ينالها بعضهم؟

ج: لا، ما هي بخاصةٍ، ينالها غيره: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ [النساء:69]، لكن الصديق مشهورٌ؛ لأنه شهد له النبي ﷺ بذلك، نعم.

ولا مانع من أن يكون عمر وعثمان وعليٌّ وبقية العشرة وغيرهم من أعيان الصحابة أنهم من الصديقين أيضًا، وإن اختصَّ الصديق بالوصف الأكمل لا يُنافي أن يُشاركه غيره وإن كان دونه في بعض الصفات؛ لأن الصديق "فعيل" من كمال الصدق، وكمال التصديق، هو الصدق، التصديق بالحق، والصدق في العمل، مثل: "خريت" في الدلالة على الطرقات، ومثل: "عفريت" لشدة الأذى، نعم.

س: قوله: أو صديقٌ، أو شهيدٌ؟

ج: للتنويع، "أو" للتنويع.

س: في قوله تعالى: فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ هل يُستفاد من ترتيب ذكرهم أن الأول هو الأفضل؟

ج: مَن يُطع الله ورسوله ﷺ داخلٌ في هؤلاء، يُرافقهم، مَن أطاع الله ورسوله ﷺ ووافق هؤلاء على حسب مرتبته: قد يكون صديقًا، وقد يكون شهيدًا، وقد يكون صالحًا من غير صديقيةٍ ولا شهادةٍ، نعم.

س: هل تُنال مرتبة الصديقية بعد الصحابة؟

ج: إلى يوم القيامة.

س: يكون أقلّ من الصحابة؟

ج: ما في شكّ: خير الناس قرني، نعم، ينال وصف الصديقية جمٌّ غفيرٌ في جميع القرون.

3687- حدثنا يحيى بن سليمان، قال: حدثني ابن وهب، قال: حدثني عمر بن محمد: أن زيد بن أسلم حدثه، عن أبيه قال: سألني ابن عمر عن بعض شأنه، يعني: عمر.

الشيخ: هذا الشيخ هو مولى عمر، وابن عمر يسأله عن بعض ما لديه عن عمر.

فأخبرته، فقال: ما رأيت أحدًا قط بعد رسول الله ﷺ من حين قُبض كان أجد وأجود حتى انتهى من عمر بن الخطاب.

الشيخ: صدق .

3688- حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا حماد بن زيد، عن ثابتٍ، عن أنسٍ : أن رجلًا سأل النبي ﷺ عن الساعة، فقال: متى الساعة؟ قال: وماذا أعددت لها؟ قال: لا شيء إلا أني أُحب الله ورسوله ﷺ. فقال: أنت مع مَن أحببت، قال أنسٌ: فما فرحنا بشيءٍ فرحنا بقول النبي ﷺ: أنت مع مَن أحببت، قال أنسٌ: فأنا أُحب النبي ﷺ، وأبا بكر، وعمر، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم، وإن لم أعمل بمثل أعمالهم.

الشيخ: وهذا من كل مؤمنٍ، والله وعد بذلك: أنت مع مَن أحببت، سواءٌ في قرنه، أو بعده.

وفي الحديث الصحيح: المرء مع مَن أحب، لكن الشاهد صدق المحبة، فأكثر الناس يدَّعون ولا يصدقون، فلو صدق فهو كما قال ﷺ: أنت مع مَن أحببت، كونه يبذل الوسع ويجتهد فهو مع مَن أحبَّ وإن لم يبلغ درجته، إذا اجتهد في تقوى الله، واتباع شريعته، وتعظيم أمره ونهيه، والمسارعة إلى كل خيرٍ؛ فهو مع مَن أحبَّ، نعم.

س: هل يقال: إن عمر وعثمان من الشهداء، وليسا من الصديقين؟

ج: النبي ﷺ وصفهما بالشهادة، قال: نبيٌّ، أو صديقٌ، أو شهيدٌ، جعلهما من الشهداء، في مرتبة الشهداء.

3689- حدثنا يحيى بن قزعة: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: لقد كان فيما قبلكم من الأمم مُحدَّثون.

الشيخ: قف على هذا.