شبيب من عروة، فأتيته فقال شبيب: إني لم أسمعه من عروة، قال: سمعت الحي يخبرونه عنه

3642- حدثنا علي بن عبدالله: أخبرنا سفيان: حدثنا شبيب بن غرقدة، قال: سمعت الحي يُحدِّثون عن عروة: أن النبي ﷺ أعطاه دينارًا يشتري له به شاةً، فاشترى له به شاتين، فباع إحداهما بدينارٍ، وجاءه بدينارٍ وشاةٍ، فدعا له بالبركة في بيعه، وكان لو اشترى التراب لربح فيه.

قال سفيان: كان الحسن بن عمارة جاءنا بهذا الحديث عنه، قال: سمعه شبيب من عروة فأتيته، فقال شبيب: إني لم أسمعه من عروة. قال: سمعت الحيَّ يُخبرونه عنه.

3643- ولكن سمعته يقول: سمعت النبي ﷺ يقول: الخير معقودٌ بنواصي الخيل إلى يوم القيامة، قال: وقد رأيت في داره سبعين فرسًا. قال سفيان: يشتري له شاةً كأنها أضحيةٌ.

الشيخ: ما دام اشتهر عند الحي، يعني: في حكم المشهور، الحي فيهم العدل، وفيهم غيره، لكن مقصود المؤلف ذكر الخيل: الخيل معقودٌ في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، هذا المتصل، وذاك فيه جهالة الحي.

س: ما زالت الجهالة؟

ج: لأن الحسن بن عمارة ضعيفٌ؛ ولهذا لما سأل كثير بن فرقد، كثير سأل عروة قال: ما سمعته إلا من الحي. يعني: حديث الشاة، ولكنه سمعه يرويه: الخيل معقودٌ في نواصيها الخير إلى يوم القيامة.

س: الحديث شاذٌّ؟

ج: الحديث شاذٌّ من طريق الحي، أيش قال العيني عليه؟ العيني زاد شيئًا؟

القارئ: قوله: "سمعت الحي يتحدثون" أي: قبيلته، وهم منسوبون إلى بارق -جبل باليمن- نزله بنو سعد بن عدي بن حارثة بن عمرو بن عامر مزبقيا فنُسبوا إليه، وهذا يقتضي أن يكون سمعه من جماعةٍ أقلهم ثلاثة.

قوله: "عن عروة" هو ابن الجعد، أو ابن أبي الجعد، وقد تقدم بيان الصواب من ذلك في ذكر الخيل من كتاب "الجهاد".

الشيخ: والعيني زاد شيئًا؟

الطالب: أحسن الله إليك، تكلم على الرجال.

الشيخ: لا، على "سمعت الحي" بنفسه.

الطالب: قوله: "سمعت الحي" أي: قبيلته المنسوبين إلى بارق، نزله بنو سعد بن عدي بن حارثة بن عمرو بن عامر مزيقاء، وهذه العبارة تقتضي أن يكون سمعه من جماعةٍ، وأقلهم ثلاثة.

وقال الخطابي والبيهقي وآخرون: هذا الحديث غير متصلٍ؛ لأن أحدًا من الحي لم يُسمّ.

وفي "التوضيح": وفيه جهالة الحي كما ترى، فهو غير متصلٍ.

والشافعي توقف فيه في: بيع الفضولي، وقال: إن صحَّ قلتُ به. كذا في البويطي، وحكى المزني عن الشافعي أنه حديثٌ ليس بثابتٍ عنده.

قال البيهقي: وإنما ضعفه الشافعي لأن شبيب بن غرقدة رواه عن الحي، وهم غير معروفين.

وفي موضعٍ آخر: إنما قال الشافعي لما في إسناده من الإرسال، وهو أن شبيب بن غرقدة لم يسمعه من عروة البارقي، إنما سمعه من الحي يُخبرونه عنه.

وقال في موضعٍ آخر: الحي الذي أخبر شبيب بن غرقدة عن عروة لا نعرفهم، وليس هذا من شرط أصحاب الحديث في قبول الأخبار.

وقال المنذري في اختصاره للسنن: تخريج البخاري لهذا الحديث في صدر حديث: الخير معقودٌ في نواصي الخيل يحتمل أن يكون سمعه من علي بن المديني على التمام فحدَّث به كما سمعه، وذكر فيه إنكار شبيب سماعه من عروة حديث الشاة، وإنما سمعه من الحي عن عروة، وإنما سمع من عروة قوله ﷺ: الخير معقودٌ بنواصي الخيل.

ويُشبه أن الحديث لو كان على شرطه لأخرجه في "البيوع والوكالة" كما جرت عادته في الحديث الذي يشتمل على أحكامٍ: أن يذكره في الأبواب التي تصلح له، ولم يُخرجه إلا هنا، وذكر بعده حديث الخيل من رواية ابن عمر وأنس وأبي هريرة رضي الله تعالى عنهم، فدلَّ ذلك على أن مراده حديث الخيل فقط؛ إذ هو على شرطه.

وقد أخرج مسلمٌ حديث شبيب بن غرقدة عن عروة مُقتصرًا على ذكر الخيل، ولم يذكر حديث الشاة. انتهى.

قلت: قوله: "فدلَّ ذلك على أن مراده حديث الخيل فقط؛ إذ هو على شرطه" فيه نظرٌ؛ لأنه لو كان الأمر كما ذكره يُعكر عليه ذكره بين أبواب علامات النبوة؛ لعدم المناسبة من كل وجهٍ.

وقال الكرماني: فإن قلت: فالحديث من رواية المجاهيل؛ إذ الحي مجهولٌ. قلت: إذا علم أن شبيبًا لا يروي إلا عن عدلٍ فلا بأس به، أو لما كان ذلك ثابتًا بالطريق المعين المعلوم اعتمد على ذلك؛ فلم يُبالِ بهذا الإبهام، أو أراد نقله بوجهٍ آكد؛ إذ فيه إشعارٌ بأنه لم يسمع من رجلٍ واحدٍ فقط، بل من جماعةٍ متعددةٍ ربما يُفيد خبرهم القطع به. انتهى.

قلت: كلامه يدل على أن الحديث المذكور متصلٌ عنده، وأن الجهالة بهذا الوجه غير مانعةٍ من القول بالاتصال، وأن الراوي إذا كان معروفًا عندهم بأنه لا يروي إلا عن عدلٍ، فإذا روى عن مجهولٍ لا يضره ذلك، وأن الرواية عن جماعةٍ مجهولين ليست كالرواية عن مجهولٍ واحدٍ.

القارئ: الحافظ تكلم في آخر الحديث.

الشيخ: إيه.

القارئ: وأما قول الخطابي والبيهقي وغيرهما: أنه غير متصلٍ؛ لأن الحي لم يُسمّ أحدٌ منهم. فهو على طريقة بعض أهل الحديث: يُسمون ما في إسناده مُبهمٌ: مرسلًا، أو مُنقطعًا، والتحقيق إذا وقع التصريح بالسماع أنه متصلٌ في إسناده مبهمٌ؛ إذ لا فرق فيما يتعلق بالاتصال والانقطاع بين رواية المجهول والمعروف، فالمبهم نظير المجهول في ذلك، ومع ذلك فلا يقال في إسنادٍ صرح كلُّ مَن فيه بالسماع من شيخه: إنه منقطعٌ، وإن كانوا أو بعضهم غير معروفٍ.

الشيخ: تُعيد كلام الحافظ.

القارئ: وأما قول الخطابي والبيهقي وغيرهما: أنه غير متصلٍ؛ لأن الحي لم يُسمّ أحدٌ منهم. فهو على طريقة بعض أهل الحديث: يُسمون ما في إسناده مُبهمٌ: مرسلًا، أو مُنقطعًا، والتحقيق إذا وقع التصريح بالسماع أنه متصلٌ في إسناده مبهمٌ؛ إذ لا فرق فيما يتعلق بالاتصال والانقطاع بين رواية المجهول والمعروف، فالمبهم نظير المجهول في ذلك.

الشيخ: المقصود من هذا أنه متصلٌ من جهة السماع، لكن العلة الجهالة، الإبهام، وإلا هو قوله: سمعت الحي يقولون: سمعوه من عروة. هذا متصلٌ، ولكن العلة جهالة الحي، أفراد الحي الذين أخبروه مَن هم؟ هذه هي العلة.

والمؤلف -رحمه الله- الظاهر أنه ساقه كما سمعه، والمقصود من ذلك قوله: الخيل معقودٌ في نواصيها الخير إلى يوم القيامة: الأجر والمغنم، وقد أخبر به النبي ﷺ، ووقع كما أخبر عليه الصلاة والسلام، ولكن يُؤخذ هذا من أدلةٍ أخرى؛ كون الوكيل يرى المصلحة، فهذا يُعرف من أدلةٍ أخرى، مثل: قصة الذي ترك عنده بعض العمال أجره، فنمَّاه له، حديث الثلاثة أصحاب الغار، الذي ترك عنده بعض العمال أجره، فنمَّاه له حتى صارت منه إبلٌ وبقرٌ وغنمٌ ورقيقٌ، ثم أعطاه إياها، وهو في هذا مشكورٌ، مأجورٌ؛ مشكورٌ: قد عمل عملًا كبيرًا، وإن كان غير مُوكلٍ، لكنه أصلح لأخيه، فالوكيل إذا أصلح لأخيه حتى لو كان ما هو بوكيلٍ، إذا أصلح له وفعل معروفًا فهو مشكورٌ، نعم.

القارئ: تكلم في موضعٍ آخر .....؟

الشيخ: إيه.

القارئ: قال: وزعم ابن القطان: أن البخاري لم يرد بسياق هذا الحديث إلا حديث الخيل، ولم يُرد حديث الشاة، وبالغ في الرد على مَن زعم أن البخاري أخرج حديث الشاة مُحتجًّا به؛ لأنه ليس على شرطه؛ لإبهام الواسطة فيه بين شبيب وعروة، وهو كما قال، لكن ليس في ذلك ما يمنع تخريجه، ولا ما يحطّه عن شرطه؛ لأن الحي يمتنع في العادة تواطؤهم على الكذب.

ويُضاف إلى ذلك ورود الحديث من الطريق التي هي الشاهد لصحة الحديث؛ ولأن المقصود منه الذي يدخل في علامات النبوة: دعاء النبي ﷺ لعروة، فاستُجيب له، حتى كان لو اشترى التراب لربح فيه.

وأما مسألة بيع الفضولي فلم يردها؛ إذ لو أرادها لأوردها في "البيوع"، كذا قرره المنذري، وفيه نظرٌ؛ لأنه لم يطَّرد له في ذلك عملٌ، فقد يكون الحديث على شرطه، ويُعارضه عنده ما هو أولى بالعمل به من حديثٍ آخر، فلا يُخرج ذلك الحديث في بابه، ويُخرجه في بابٍ آخر أخفى؛ ليُنبه بذلك على أنه صحيحٌ، إلا أن ما دلَّ ظاهره عليه غير معمولٍ به عنده، والله أعلم.

الشيخ: الحافظ -رحمه الله- اعتمده وذكره في "البلوغ"، قال: أخرجه البخاري، وفيه قصة حديث عروة في كتاب "البيع"؛ لأن مثل هذا كونه يشتهر بين الحي بسماع عروة من الحي يقال: أن مثل هذا يبعد أن الحي يكذبون على عروة في عهد التابعين، حيٌّ وقبيلةٌ يكذبون على عروة؟! وهذا فيه .....، فيغلب على الظن صحة ما ذكره الحي، هذا المقصود.

س: وظاهر كلام الشارح أنه اعتمده؟

ج: نعم، نعم، في كتاب "البيع" قال: رواه البخاري، وفيه قصةٌ.

س: تبقى مسألة الجهالة .....؟

ج: الأصل معروفٌ، الأصل أن المبهم لا يُحتج به، هذا الأصل، نعم.

3644- حدثنا مسدد: حدثنا يحيى، عن عبيدالله قال: أخبرني نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله ﷺ قال: الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة.

3645- حدثنا قيس بن حفص: حدثنا خالد بن الحارث: حدثنا شعبة، عن أبي التياح قال: سمعت أنس بن مالك، عن النبي ﷺ قال: الخيل معقودٌ في نواصيها الخير.

3646- حدثنا عبدالله بن مسلمة، عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة ، عن النبي ﷺ قال: الخيل لثلاثةٍ: لرجلٍ أجرٌ، ولرجلٍ سترٌ، وعلى رجلٍ وزرٌ؛ فأما الذي له أجرٌ: فرجلٌ ربطها في سبيل الله، فأطال لها في مرجٍ أو روضةٍ، وما أصابت في طِيَلِها من المرج أو الروضة كانت له حسناتٌ، ولو أنها قطعت طِيَلَها فاستَنَّت شَرَفًا أو شَرَفين كانت أرواثها حسناتٍ له، ولو أنها مرَّت بنهرٍ فشربت ولم يُرد أن يسقيها كان ذلك له حسنات، ورجلٌ ربطها تَغَنِّيًا وسترًا وتعففًا، ولم ينسَ حقَّ الله في رقابها وظهورها؛ فهي له كذلك سترٌ، ورجلٌ ربطها فخرًا ورياءً ونِواءً لأهل الإسلام؛ فهي وزرٌ.

وسئل النبي ﷺ عن الحُمُر فقال: ما أُنزل عليَّ فيها إلا هذه الآية الجامعة الفاذَّة: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ۝ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [الزلزلة:7، 8].

الشيخ: آيةٌ عظيمةٌ، جامعةٌ: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ... جامعةٌ في الحُمُر، وفي البغال، وفي كل شيءٍ، مَن تحرى الخير وعمل به وجد ذلك، ومَن تحرى الشر وعمل به وجد ذلك، قلَّ أو كثر، فذلك يُفيد المؤمن الحذر من الشر كله: دقيقه وجليله، وأن يبتعد عن أسباب الشر، وأن يحرص على الخير ولو قليلًا، لا يحتقر الخير ولو قليلًا، ولا يحتقر الشر ولو قليلًا، فالحزم هو الحذر من الشر كله، والحرص على الخير كله: قليله وكثيره، نعم.

س: قوله: "حق الله في رقابها" أليست الخيل لا زكاةَ فيها؟

ج: الصواب: ما فيها زكاة، إلا إذا كانت للبيع والشراء، وإن كانت قنيةً ما فيها زكاة: ليس على المسلم في فرسه ولا عبده صدقةٌ ..... الرقاب عند الحاجة، ركوبها عند الحاجة والمساعدة في الجهاد، وغير ذلك، قد يجب عليه فيها شيءٌ عند الحاجة إلى ذلك، نعم.

3647- حدثنا علي بن عبدالله: حدثنا سفيان: حدثنا أيوب، عن محمد: سمعت أنس بن مالك يقول: صبح رسول الله ﷺ خيبر بكرةً وقد خرجوا بالمساحي، فلما رأوه قالوا: محمدٌ والخميس. وأحالوا إلى الحصن يسعون، فرفع النبي ﷺ يديه وقال: الله أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قومٍ فساء صباح المنذرين.

الشيخ: الله أكبر، الله أكبر، نعم.

3648- حدثني إبراهيم بن المنذر: حدثنا ابن أبي الفديك، عن ابن أبي ذئب، عن المقبري، عن أبي هريرة قال: قلت: يا رسول الله، إني سمعت منك حديثًا كثيرًا فأنساه. قال: ابسط رداءك، فبسطت، فغرف بيده فيه، ثم قال: ضمّه، فضممته، فما نسيت حديثًا بعد.

الشيخ: هذه من آيات الله، ومن كرامة نبيه ومُعجزاته، اللهم صلِّ عليه وسلم.

س: بالنسبة لانشقاق القمر: لأهل مكة خاصةً، أو شاهده الناس عامةً؟

ج: شاهده الناس، شاهده المسافرون .....