قال عبد الله كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء

6929- حدثنا عمر بن حفص: حدثنا أبي: حدثنا الأعمش، قال: حدثني شقيق، قال: قال عبدالله: كأني أنظر إلى النبي ﷺ يحكي نبيًّا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه، فهو يمسح الدم عن وجهه، ويقول: ربِّ اغفر لقومي؛ فإنهم لا يعلمون.

الشيخ: بسم الله، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله.

هذا الخبر، هذا الحديث العظيم يدل على ما يُبتلى به الأنبياء من الأذى، وعلى صبرهم العظيم، وعلى أخلاقهم الكريمة، فهذا نبيٌّ يُضرب، ومع هذا قال: اللهم اغفر لقومي؛ فإنهم لا يعلمون يعني: جهالًا، لم يعلموا أنه نبيٌّ، ولو علموا أنه نبيٌّ ما أقدموا على ذلك.

وهذا الدعاء يتضمن طلب الهداية لهم، يُسامحهم؛ ولأن المغفرة تكون بعد الهداية، فهو في ضمن الدعاء، هذا طلب الهداية لهم، وهذا شاهدٌ للحديث الآخر الصحيح: أشد الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل.

وهكذا ما وقع لنبينا ﷺ من الأذى، فقد آذاه قومه أذًى كثيرًا في مكة، وفي المدينة، ومع ذلك صبر واحتسب، وجعل الله له العاقبة الحميدة، ونصره على أعدائه، ومكَّن له في الأرض، ومكَّن لدينه.

فهكذا ينبغي لغيره من الرسل ومن أتباعهم: أن يصبروا ويتأسوا بهم، كما أمر الله نبيَّه ﷺ قال: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الأحقاف:35]، فهكذا أتباعه مأمورون بالصبر: وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ [الأنفال:46]، إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [الزمر:10].

فالواجب على أهل العلم وأهل الدعوة، وعلى مَن أراد الحق، وعلى كل مؤمنٍ أن يصبر في أداء حق الله عليه، وفي الكف عن محارم الله، وفي الدعوة إلى الله، كما صبر أئمته من الرسل والأنبياء وأهل العلم والإيمان، ولا يجزع، ولا يستنكر سنة الله في عباده: وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا [الأحزاب:62]، فالناس أعداء مَن خالف أهواءهم، وخالف عوائدهم وما يعتقدون أنه صحيحٌ، فلا بد من صبرٍ، نعم.

تكلم عليه الشارح بشيءٍ؟ العيني تكلم؟

القارئ: قوله: "كأني أنظر إلى النبي ﷺ يحكي نبيًّا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه" لم أقف على اسم هذا النبي صريحًا، ويحتمل أن يكون هو نوح ، فقد ذكر ابن إسحاق في "المبتدأ"، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسير الشعراء من طريق ابن إسحاق قال: حدثني مَن لا أتهم، عن عبيد بن عمير الليثي: أنه بلغه أن قوم نوحٍ كانوا يبطشون به فيخنقونه حتى يُغشى عليه، فإذا أفاق قال: اللهم اغفر لقومي، فإنهم لا يعلمون.

قلت: وإن صحَّ ذلك فكأن ذلك كان في ابتداء الأمر، ثم لما يئس منهم قال: رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا [نوح:26].

وقد ذكر مسلمٌ بعد تخريج هذا الحديث حديث: أنه ﷺ قال في قصة أحدٍ: كيف يُفلح قومٌ دموا وجه نبيهم؟! فأنزل الله: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ [آل عمران:128]، ومن ثَمَّ قال القرطبي: أن النبي ﷺ هو الحاكي والمحكي كما سيأتي.

وأما النووي فقال: هذا النبي الذي جرى له ما حكاه النبي ﷺ من المتقدمين، وقد جرى لنبينا نحو ذلك يوم أحد.

قوله: وهو يمسح الدم عن وجهه يحتمل أن ذلك لما وقع للنبي ﷺ ذكر لأصحابه أنه وقع لشيءٍ آخر قبله، وذلك فيما وقع له يوم أحد لما شُجَّ وجهه، وجرى الدم منه، فاستحضر في تلك الحالة قصة ذلك النبي الذي كان قبله، فذكر قصته لأصحابه تطييبًا لقلوبهم.

وأغرب القرطبي فقال: إن النبي ﷺ هو الحاكي، وهو المحكي عنه. قال: وكأنه أُوحي إليه بذلك قبل وقوع القصة، ولم يُسم ذلك النبي، فلما وقع له ذلك تعين أنه هو المعني بذلك.

قلت: ويُعكر عليه أن الترجمة لبني إسرائيل، فيتعين الحمل على بعض أنبيائهم.

وفي "صحيح ابن حبان" من حديث سهل بن سعد: أن النبي ﷺ قال: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون، قال ابن حبان: معنى هذا الدعاء الذي قال يوم أحد لما شُجَّ وجهه: أي: اغفر لهم ذنبهم في شجِّ وجهي، لا أنه أراد الدعاء لهم بالمغفرة مطلقًا؛ إذ لو كان كذلك لأُجيب، ولو أُجيب لأسلموا كلهم.

كذا قال، وكأنه بناه على أنه لا يجوز أن يتخلف بعض دعائه على بعضٍ، أو عن بعضٍ، وفيه نظرٌ؛ لثبوت: أعطاني اثنتين، ومنعني واحدةً، وسيأتي في تفسير سورة الأنعام.

ثم وجدتُ في "مسند أحمد" من طريق عاصم، عن أبي وائل ما يمنع تأويل القرطبي، ويُعين الغزوة التي قال فيها رسول الله ﷺ ذلك، ولفظه: قسم رسول الله ﷺ غنائم حنين بالجعرانة، قال: فازدحموا عليه، فقال: إن عبدًا من عباد الله بعثه الله إلى قومه فكذَّبوه وشجُّوه، فجعل يمسح الدم عن جبينه ويقول: ربِّ اغفر لقومي، فإنهم لا يعلمون، قال عبدالله: فكأني أنظر إلى رسول الله ﷺ يمسح جبهته يحكي الرجل.

قلت: ولا يلزم من هذا الذي قاله عبدالله أن يكون النبي ﷺ مسح أيضًا، بل الظاهر أنه حكى صفة مسح جبهته خاصةً كما مسحها ذلك النبي، وظهر بذلك فساد ما زعمه القرطبي.

الشيخ: نعم.

3478- حدثنا أبو الوليد: حدثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن عقبة بن عبدالغافر، عن أبي سعيدٍ ، عن النبي ﷺ: أن رجلًا كان قبلكم رغسه الله مالًا، فقال لبنيه لما حضر: أي أبٍ كنت لكم؟ قالوا: خير أبٍ. قال: فإني لم أعمل خيرًا قط، فإذا متُّ فأحرقوني، ثم اسحقوني، ثم ذروني في يومٍ عاصفٍ. ففعلوا، فجمعه الله ، فقال: ما حملك؟ قال: مخافتك، فتلقاه برحمته.

وقال معاذ: حدثنا شعبة، عن قتادة: سمعت عقبة بن عبدالغافر: سمعت أبا سعيدٍ الخدري، عن النبي ﷺ.

3479- حدثنا مسدد: حدثنا أبو عوانة، عن عبدالملك بن عمير، عن ربعي بن حراش قال: قال عقبة لحذيفة: ألا تُحدثنا ما سمعت من النبي ﷺ؟ قال: سمعته يقول: إن رجلًا حضره الموت، لما أيس من الحياة أوصى أهله: إذا متُّ فاجمعوا لي حطبًا كثيرًا، ثم أوروا نارًا، حتى إذا أكلت لحمي، وخلصت إلى عظمي، فخذوها فاطحنوها، فذروني في اليم في يومٍ حارٍّ، أو راح. فجمعه الله، فقال: لِمَ فعلت؟ قال: خشيتك. فغفر له.

قال عقبة: وأنا سمعته يقول: حدثنا موسى: حدثنا أبو عوانة: حدثنا عبدالملك، وقال: في يوم راح.

الشيخ: وهذا يدل على أن جهل بعض المسائل التي قد تخفى قد يُغفر لصاحبها إذا حمله على ذلك خشية الله وخوفه، فإن كمال القدرة وعموم القدرة قد يخفى على بعض الناس كهذا الرجل؛ ظن أنه بهذا العمل إذا أُحرق وسُحق، ثم زُرَّ في يومٍ رائحٍ شديد الرياح: أنه يضيع، يذهب، فهذا يدل على أن دقائق الأمور التي قد تخفى يُعذر فيها الإنسان بالجهل؛ ولهذا عذره الله وغفر له؛ لشدة خوفه من الله، وجهله بكمال القدرة وعمومها.

وقوله: لم أعمل خيرًا قط يحتمل المراد –يعني- خيرًا مما لم يجب عليه من التطوعات، وإنما فعل الواجبات، ويحتمل خيرًا قط سوى التوحيد والإيمان بالله ورسوله، الرسول المرسل إليه؛ لأنه إذا كان مُشركًا فهو ليس محل المغفرة، يعني: خيرًا قط سوى التوحيد والإيمان، أو سوى الفرائض، أيش قال المحشي عليه؟

س: قالها على حسب ظنه؟

ج: لم أعمل خيرًا قط يحكي عن نفسه، نعم، أيش قال الشارح عليه؟ على قوله: لم أعمل خيرًا قط، على الحديث نفسه، حديثٌ مهمٌّ، حديثٌ عظيمٌ.

القارئ: قوله: رَغَسَه الله بفتح الراء والغين المعجمة، بعدها سين مهملة، أي: كثر ماله، وقيل: رغس كل شيءٍ أصله، فكأنه قال: جعل له أصلًا من مالٍ.

ووقع في مسلمٍ: رأسه الله بهمزٍ بدل الغين المعجمة.

قال ابن التين: وهو غلطٌ، فإن صحَّ –أي: من جهة الرواية- فكأنه كان فيه "راشه"، يعني: بألفٍ ساكنةٍ بغير همزٍ، وبشينٍ معجمةٍ، والريش والرياش: المال. انتهى.

ويحتمل في توجيه رواية مسلم أن يقال: معنى "رأسه" جعله رأسًا، ويكون بتشديد الهمزة.

وقوله: مالًا أي: بسبب المال.

قوله: "قال عقبة لحذيفة" هو عقبة بن عمرو، أبو مسعود، الأنصاري، البدري.

قوله: "حدثنا موسى" هو ابن إسماعيل التَّبوذكي. وفي رواية الكشميهني: "حدثنا مسدد"، وصوَّب أبو ذرٍّ رواية الأكثر، وبذلك جزم أبو نعيم في "المستخرج": أنه عن موسى، وموسى ومسدد جميعًا قد سمعا من أبي عوانة، لكن الصواب هنا: موسى؛ لأن المصنف ساق الحديث عن مسدد، ثم بيَّن أن موسى خالفه في لفظةٍ منه، وهي قوله: في يوم راح، فإن في رواية مسدد: يوم حار.

وقد تقدم سياق موسى في أول باب ذكر بني إسرائيل، وقال فيه: انظروا يومًا راحًا.

وقوله: راحًا أي: كثير الريح، ويقال ذلك للموضع الذي تخترقه الرياح.

قال الجوهري: "يوم راح" أي: شديد الريح، وإذا كان طيب الريح يقال: "الريح" بتشديد الياء.

وقال الخطابي: "يوم راح" أي: ذو ريح، كما يقال: "رجل مال" أي: ذو مالٍ.

وأما رواية الباب فقوله: "في يوم حار" فهو بتخفيف الراء.

قال ابن فارس: الحور: ريح تحنّ كحنين الإبل.

وقد نبَّه أبو علي الجياني على ما وقع من ذلك، وظن بعض المتأخرين أنه عنى بذلك ما وقع في أول ذكر بني إسرائيل، فاعترض عليه بأنه ليس هناك إلا روايته عن موسى بن إسماعيل في جميع الطرق، وهو صحيحٌ، لكن مراد الجياني ما وقع هنا، وهو بيِّنٌ لمن تأمل ذلك.

قوله: "حدثنا عبدالملك" هو ابن عمير المذكور في الإسناد الذي قبله، ومراده: أن عبدالملك رواه بالإسناد المذكور مثل الرواية التي قبله إلا في هذه اللفظة، وهذا يقتضي خطأ مَن أورده في الرواية الأولى بلفظ: "راح"، وهي رواية السرخسي، وقد رواه أبو الوليد، عن أبي عوانة فقال فيه: "في ريحٍ عاصفٍ"، أخرجه المصنف في "الرقاق".

قوله: "حدثنا هشام" هو ابن يوسف.

قوله: كان رجلٌ يُسرف على نفسه تقدم في حديث حذيفة أنه كان نبَّاشًا، وفي الرواية التي في "الرقاق" أنه كان يُسيء الظن بعمله، وفيه أنه لم يبتئر خيرًا، وسيأتي نقل الخلاف في تحريرها هناك، إن شاء الله تعالى.

وفي حديث أبي سعيدٍ: أن رجلًا كان قبلكم.

قوله: أوروا بفتح الهمزة، وسكون الواو، وضم الراء، أي: اقدحوا وأشعلوا.

قوله: إذا أنا مت فأحرقوني، ثم اطحنوني، ثم ذروني بضم المعجمة، وتشديد الراء، في حديث أبي سعيدٍ: فقال لبنيه لما حُضِرَ بضم المهملة، وكسر المعجمة، أي: حضره الموت، أي أبٍ كنت لكم؟ قالوا: خير أبٍ. قال: فإني لم أعمل خيرًا قط، فإذا مت فأحرقوني، ثم اسحقوني، ثم ذروني بفتح أوله والتخفيف، وفي رواية الكشميهني: ثم أذرني بزيادة همزةٍ مفتوحةٍ في أوله، فالأول بمعنى: دعوني، أي: اتركوني، والثاني من قوله: أذرت الريحُ الشيء؛ إذا فرَّقته بهبوبها، وهو موافقٌ لرواية أبي هريرة.

قوله: في الريح تقدم ما في رواية حذيفة من الخلاف في هذه اللفظة، وفي حديث أبي سعيدٍ: في يومٍ عاصفٍ أي: عاصف ريحه، وفي حديث معاذ، عن شعبة عند مسلم: في ريحٍ عاصفٍ، ووقع في حديث موسى بن إسماعيل في أول الباب: حتى إذا أكلت لحمي، وخلصت إلى عظمي، وامتُحِشْتُ وهو بضم المثناة، وكسر المهملة، بعدها شين معجمة، أي: وصل الحرق العظام، والمحش: إحراق النار الجلد.

قوله: فوالله لئن قدر الله عليَّ في رواية الكشميهني: لئن قدر عليَّ ربي.

قال الخطابي: قد يُستشكل هذا فيُقال: كيف يغفر له وهو مُنكرٌ للبعث والقدرة على إحياء الموتى؟

والجواب: أنه لم يُنكر البعث، وإنما جهل فظن أنه إذا فُعل به ذلك لا يُعاد، فلا يُعذب، وقد ظهر إيمانه باعترافه بأنه إنما فعل ذلك من خشية الله.

قال ابن قتيبة: قد يغلط في بعض الصفات قومٌ من المسلمين فلا يكفرون بذلك. وردَّه ابن الجوزي وقال: جحده صفة القدرة كفرٌ اتِّفاقًا.

الشيخ: ابن الجوزي في هذا واهمٌ، وكلام ابن قتيبة أصح؛ لأن دقائق الأمور قد تخفى على بعض الناس، وهو ما أنكر القدرة، لكن حاول أن يأتي بأشياء تبعد إعادته؛ لظنه وجهله ..... بعد الحرق والسَّحق الشديد، وكونه يذر في يومٍ شديد الرياح، يعني: غاية في تمزيقه وإبعاده وجمعه، وظن أنه بهذه الحيلة لا يُعاد، وهو مُقرٌّ بالبعث وقدرة الله جلَّ وعلا، لكن ظن أن هذا العمل من جهله يُفوِّت إعادته، نعم.

القارئ: وإنما قيل: إن معنى قوله: لئن قدر الله عليَّ أي: ضيَّق، وهي كقوله: وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ [الطلاق:7] أي: ضيّق.

وأما قوله: لعلي أضل الله فمعناه: لعلي أفوته. يقال: ضلَّ الشيء؛ إذا فات وذهب، وهو كقوله: لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى [طه:52].

ولعل هذا الرجل قال ذلك من شدة جزعه وخوفه، كما غلط ذلك الآخر فقال: أنت عبدي، وأنا ربك، أو يكون قوله: لئن قدر عليَّ بتشديد الدال، أي: قدر عليَّ أن يُعذبني ليُعذبني، أو على أنه كان مُثبتًا للصانع، وكان في زمن الفترة، فلم تبلغه شرائط الإيمان.

وأظهر الأقوال: أنه قال ذلك في حال دهشته وغلبة الخوف عليه حتى ذهب بعقله لما يقول، ولم يقله قاصدًا لحقيقة معناه، بل في حالةٍ كان فيها كالغافل والذَّاهل والناسي الذي لا يُؤاخذ بما يصدر منه.

وأبعد الأقوال قول مَن قال: إنه كان في شرعهم جواز المغفرة للكافر.

الشيخ: لا، هذا غلطٌ، المقصود أن قول قتيبة أظهر: مَن جهل بعض دقائق الصفات -بعض ما قد يخفى- لا يكون كفرًا، ولا سيما إذا حمله على ذلك خوف الله وتعظيمه وإجلاله، مثل هذا الذي حمله خوف الله على هذا العمل، فدقائق الأمور التي قد تخفى على العبد يغفرها الله جلَّ وعلا للمُوحد المؤمن، بسبب إيمانه وتوحيده وتعظيمه لله وشدة خوفه جهل شيئًا من الدقائق، نعم.

س: ..............؟

ج: مثلما تقدم، يعني: اهدهم، فإذا هداهم غفر لهم، إذا أسلموا هداهم، كانوا أحياء: "اللهم اغفر لهم"، معذرةً منه، "واهدهم"، فلا مانع؛ لأن المغفرة بدون هدايةٍ ما تنفعهم، يعني: اغفر لهم ذنوبهم بهدايتهم للحق، وإرشادهم إليه؛ لأن الكلام يُفسر بعضه بعضًا، فمَن هداه الله غفر له، ومَن لم يهده الله .....: وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا [التوبة:114]، مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى [التوبة:113].

المقصود أن المغفرة إنما تنفع مَن مات على الإسلام والتوحيد، فالدعاء بالمغفرة للمُشرك الحي والكافر الحي معناه: دعاءٌ له بالهداية. نعم.

3480- حدثنا عبدالعزيز بن عبدالله: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهابٍ، عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة، عن أبي هريرة: أن رسول الله ﷺ قال: كان الرجل يُداين الناس، فكان يقول لفتاه: إذا أتيت مُعسرًا فتجاوز عنه، لعل الله أن يتجاوز عنا، قال: فلقي الله فتجاوز عنه.

س: كان الرجل؟

ج: المعروف في الرواية: "كان رجلٌ"، أو المعنى: كان الرجل فيمَن قبلكم، يعني: جنسه، لكن المعروف في الرواية التنكير.

س: لا يحتمل هذا الشخص الذي أمر بحرق نفسه هو المراد؟

ج: لا، ما هو بلازمٍ.

وهذا فيه الحث على السماح بالبيع والشراء والتجاوز عن الموسرين، والتسامح مع المعسرين، فالإنسان كونه طيب الأخلاق، سمح الأخلاق في بيعه وشرائه من أعظم الأسباب في مغفرة الله له؛ ولهذا في الحديث الآخر: رحم الله امرأً سمحًا إذا باع، سمحًا إذا اشترى، سمحًا إذا اقتضى.

وقال الله في هذا: أنا أحق بالتجاوز منه.

والمقصود أن المؤمن ينبغي أن تكون أخلاقه ساميةً وعاليةً، يغلب عليه السماح والجود والكرم والإحسان والعفو والصَّفح في حدود الشريعة، نعم.

3481- حدثني عبدالله بن محمد: حدثنا هشام: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن حميد بن عبدالرحمن، عن أبي هريرة ، عن النبي ﷺ قال: كان رجلٌ يُسرف على نفسه، فلما حضره الموتُ قال لبنيه: إذا أنا مت فأحرقوني، ثم اطحنوني، ثم ذروني في الريح، فوالله لئن قدر عليَّ ربي ليُعذبني عذابًا ما عذَّبه أحدًا. فلما مات فُعل به ذلك، فأمر الله الأرض فقال: اجمعي ما فيك منه. ففعلت، فإذا هو قائمٌ، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ قال: يا رب، خشيتك. فغفر له، وقال غيره: مخافتك يا رب.

القارئ: في تقديم وتأخير.

الشيخ: أيش فيه؟

القارئ: الحديث هذا -حديث الرجل الذي أمر بحرقه- يكون بجوار الرواية السابقة.

الشيخ: تجاوز يعني؟

القارئ: إي، نعم، كأنه تجاوز.

الشيخ: ما يلزم، كون المؤلف جعلها مُتجاورةً ما يلزم، نعم؛ لأن هذا معنى، وهذا معنى، نعم.

وهذه الروايات إذا ضُمَّ بعضها إلى بعضٍ دلَّ على أنه كانت عنده معاصٍ قد خاف منها؛ ولهذا قال: أسرف على نفسه يعني: قد أتى معاصٍ، لكن بسبب أعماله الأخرى الطيبة وشدة خوفه من الله رحمةً من ربه جلَّ وعلا عفا عنه ، له حسناتٌ، وله سيئاتٌ، فخاف من سيئاته التي أسرف فيها ففعل ما فعل، نعم.

وهذا يُشبه من بعض الوجوه حديث الرجل الذي تقدم؛ الذي قتل تسعةً وتسعين، يعني: ظلمًا، ثم كمل المئة، ثم تاب؛ فتاب الله عليه، فالله جلَّ وعلا جوادٌ كريمٌ، لا يتعاظمه شيءٌ أعطاه؛ لجوده وكرمه.

فالكفار الذين فعلوا ما فعلوا بالنبي ﷺ يوم أحد ويوم الأحزاب مع هذا أسلموا يوم الفتح، وهداهم الله، وقبل منهم، مع عِظم جرائمهم يوم أحد، ومع عِظم جرائمهم يوم الأحزاب حين حاصروا المدينة وآذوا المسلمين، ومع هذا لما أسلموا تاب الله عليهم: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53]، أجمع العلماء على أنها في التائبين، فالله سبحانه جوادٌ كريمٌ لطيفٌ بعباده إذا أقبلوا إليه وتابوا إليه، فالله جلَّ وعلا يتقبل منهم، كما قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ [الشورى:25] .

س: عفا الله عنك، أمر الله الأرض أن تجمعه، وهو مُخاطبته إياه في الدنيا، أو إذا بعثه؟

ج: الظاهر أن هذا يوم القيامة، نعم.

3482- حدثني عبدالله بن محمد بن أسماء: حدثنا جويرية بن أسماء، عن نافع، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله ﷺ قال: عُذبت امرأةٌ في هرَّةٍ سجنتها حتى ماتت، فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها ولا سقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض.

الشيخ: هذا وأمثاله يبين لطالب العلم –للمؤمن- أن يحذر السيئات ولو قليلة، ولا يتساهل بالمعاصي، وألا يقنط عند وجود الأعمال السيئة، فالرجل عفا الله عنه مع عظم جريمته، والذي قتل مئةً أيضًا عفا الله عنه بتوبته، وهذا دخل النار بهرةٍ حبسها، فلم يُطعمها، ولم يسقها، ولم يتركها تأكل من خشاش الأرض.

فلا ينبغي لعاقلٍ أن يتساهل في معصيةٍ، ولا أن ييأس، لا هذا، ولا هذا، فأعمال ربنا وصفاته تدل على أن الواجب عدم القنوط وعدم الأمن، فالتعذيب في مثل حبس هرةٍ يُوجب الحذر وعدم الأمن، والمغفرة لقاتل المئة والذي أمر أولاده بسحقه في يومٍ عاصفٍ توجب الرجاء وعدم القنوط، فالله لا يتعاظم شيئًا فيما يتعلق بخوفه وتعظيمه إذا تاب صاحبه ورجع إليه، فهذا تائبٌ، وهذا خائفٌ، فلهم شأنٌ، وذاك مُتساهلٌ، مُجترئٌ على الله في حبس الهرة، فله شأنٌ آخر.

وهكذا الحديث: لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه مثقال حبة خردلٍ من كبرٍ، "حبة خردلٍ من كبرٍ" يتوعد لها بالنار؟!

يستفيد من هذا المؤمن ألا يكون قنوطًا لعظم سيئاته، ولا يكون آمنًا لكثرة حسناته، فقد يُعذَّب بسيئةٍ واحدةٍ اجترأ فيها على الله، وتساهل بأمر الله: كصاحب الهرة، وصاحب التكبر، وغيره مما وقع من كثيرٍ من الناس: نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ۝ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ [الحجر:49، 50]، وقال تعالى: أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ [الأعراف:99]، غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ [غافر:3].

وأعظم آيةٍ في الرجاء: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ [الزمر:53]، وقال: وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، لما ذكر ما دون الشرك لمن يشاء؛ حتى يبقى العاقل بين الرجاء والخوف، هل يشاء الله عذابه، أو يشاء الله المغفرة له؟ فيبقى بين الرجاء والخوف: نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ۝ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ.

وهذا لكمال التصرف والقدرة: يُعذِّب مَن يشاء، ويرحم مَن يشاء، لا أحد يعترض عليه، فهو المتصرف في عباده كيف يشاء: يرحم مَن يشاء إذا شاء فضلًا منه، ويُعذب مَن يشاء إذا شاء عدلًا منه، ولو بذنبٍ واحدٍ، فلا تأمن أيها العاقل، ولا تقنط، نعم.

س: صاحب التكبر المتوعد بالنار .....؟

ج: هذا من باب الوعيد.

س: تكبر المعصية دون الشرك؟

ج: نعم، المعاصي، وقد يقع في الكفر، قد يتكبر ولا يسلم أيضًا، قد يحمله الكبر والتعاظم على عدم الإسلام؛ إذا رأى أهله ضعفاء وليس لهم قوةٌ، فالحاصل أنه وعيدٌ بالكبر مطلقًا، نسأل الله العافية.

النبي ﷺ بيَّن الكبر لما قيل له فيما رواه مسلمٌ: يا رسول الله، الرجل يُحب أن يكون ثوبه حسنًا، ونعله حسنةً، أفذلك من الكبر؟ قال النبي ﷺ: لا، ما هو من الكبر، إن الله جميلٌ يُحب الجمال، فكون ثيابه حسنةً ونعله حسنةً هذا من الجمال، الكبر بطر الحق، وغمط الناس، بطر الحق: ردّ الحق، هذا من الكبر إذا ردَّ الحق، إذا خالف هواه تكبر، وإذا احتقر الناس: إما لقلة مالٍ، أو لدمامة خلقٍ، أو لمرضٍ، أو لغير ذلك من الأسباب، أو لفقرٍ.

فالمقصود أن ضابط الكبر هو هذا، ضابط الكبر: رد الحق إذا خالف هواه، واحتقار الناس، هذا الكبر.

س: يشمل الشرك وما دونه؟

ج: الشرك والمعاصي.

س: يقال للعاصي: "متكبر" من هذه الحيثية؟

ج: إيه؛ لأنه تابع هواه، وآثر هواه، وتكبر عن اتِّباع الحق، وردَّ الحق، نعم.

ومثل هذا إذا قيل له: صلِّ مع الجماعة، قال: هم ناسٌ ضعفاء، وفيهم ناسٌ وسخون، أيش هذا المعنى؟ من الكبر ما يُصلي مع الناس .....، نسأل الله العافية.

3483- حدثنا أحمد بن يونس، عن زهير: حدثنا منصور، عن ربعي بن حراش: حدثنا أبو مسعودٍ عقبة، قال: قال النبي ﷺ: إن مما أدرك الناس من كلام النبوة: إذا لم تستحي فافعل ما شئتَ.

الشيخ: وهذا خبرٌ عظيمٌ، وأن مَن فعل ما شاء قلَّ حياؤه، دلَّ ذلك على قلة حيائه، فالحياء من الإيمان؛ ولهذا في الحديث الصحيح: والحياء شعبةٌ من الإيمان، والنبي ﷺ لما رأى رجلًا يعظ أخاه في الحياء قال: دعه؛ فإن الحياء من الإيمان، وقالت أم سليم: إن الله لا يستحيي من الحق، فهل على المرأة من غسلٍ إذا هي احتلمت؟

فالذي يرفض الحياء ولا يُبالي يُقدم على المعاصي والكبائر ولا يُبالي، وقد يمنعه خوفه من الله، وقد يمنعه حياؤه أن يرى كائنًا في معصيةٍ؛ فيكفّ عن المعصية لما جعل الله في قلبه من الحياء، نعم.

3484- حدثنا آدم: حدثنا شعبة، عن منصورٍ قال: سمعت ربعي بن حراش يُحدِّث عن أبي مسعودٍ: قال النبي ﷺ: إن مما أدرك الناس من كلام النبوة: إذا لم تستحي فاصنع ما شئت.

الشيخ: كلامٌ حكيمٌ، وليس معناه الإذن، معناه التهديد والتحذير، مثل: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ [فصلت:40]، فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ [الكهف:29]، كله للتهديد، لكن افعلوا فلن تُعجزوا الله، لكم وعيدٌ مع الله بالعذاب؛ ولهذا ذكر بعد هذا النار والعذاب الأليم: إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا [الكهف:29] يعني: لن تفوتها ..... والعذاب أمامكم، فالذي لا يستحيي العذاب أمامه، والمقصود التهديد والتحذير.

قد يغلط بعض الناس ويقول: فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ يعني: أنه مُخيَّرٌ: مَن شاء أسلم، ما هو مقصود التخيير، المقصود التهديد والتحذير، وأنك لن تفوت الله، ولن تُعجزه، إذا لم تُؤمن فلك النار، نعم.

3485- حدثنا بشر بن محمد: أخبرنا عبدالله: أخبرنا يونس، عن الزهري: أخبرني سالم: أن ابن عمر حدَّثه: أن النبي ﷺ قال: بينما رجلٌ يجر إزاره من الخيلاء خُسف به، فهو يتجلجل في الأرض إلى يوم القيامة. تابعه عبدالرحمن بن خالد، عن الزهري.

الشيخ: لا حول ولا قوة إلا بالله، شُؤم المعصية، وأيش هذا العذاب العظيم؟ خسف به، أعجبته نفسه وتبختر تكبرًا وتعاظمًا فخسف به، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

المقصود أن المؤمن يجمع الأحاديث، لا يغلط، لا يأخذ جانبًا ويترك جانبًا، ينظر النصوص المرغبة والمرهبة، فلا يقنط، ولا ييأس، ولا يُقنط الناس، ولا يُؤمنهم، بل يُحذِّرهم ويُرهبهم ويُرغبهم؛ حتى لا يقنطوا، ولا ييأسوا.

فهذا قارون أيش جرى عليه؟ ومع ذلك فعل ناسٌ كثيرٌ كفريات كبيرة من أهل مكة وغيرهم، وما خسف بهم، والله حكيمٌ عليمٌ في تنويع العقوبات، وتصريف العقوبات وتنويعها بين الناس؛ حتى يكون الحذر أشد، والخوف أعظم، والرد أكثر، كل واحدٍ يقول: ما أدري ماذا يُفعل بي؟ فهذا يُخسف به، وهذا يُصاب بقتلٍ، وهذا يُصاب بمرضٍ شديدٍ، وهذا يُصاب بآفةٍ أخرى، وهذا يُصاب بالفقر والذل، إلى غير هذا من أنواع المصائب، نعم.

س: ما معنى: يجلجل؟

ج: يعني: ينزل، وفي اللفظ الآخر: يتجلجل، ينزل شيئًا فشيئًا، مثل: قارون يتجلجل فيها.

3486- حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا وهيب، قال: حدثني ابن طاووس، عن أبيه، عن أبي هريرة ، عن النبي ﷺ قال: نحن الآخرون السابقون يوم القيامة، بيد كل أمةٍ أوتوا الكتاب من قبلنا، وأوتينا من بعدهم، فهذا اليوم الذي اختلفوا فيه، فغدًا لليهود، وبعد غدٍ للنصارى.

3487- على كل مسلمٍ في كل سبعة أيامٍ يومٌ يغسل رأسه وجسده.

الشيخ: نعم، وهو غسل الجمعة، وهذا من حُجج مَن قال بالوجوب، والأكثر على أنه للسنية، يعني: متأكدًا، في حديث أبي سعيدٍ: غسل يوم الجمعة واجبٌ على كل مُحتلمٍ.

والأقوال فيه ثلاثةٌ:

الوجوب مطلقًا.

والوجوب على ذوي المهن والحرف التي يحصل بها تغير الروائح ووسخ.

والقول الثالث -وهو قول الأكثرين-: أنه للسنية مطلقًا؛ لحديث: مَن توضأ يوم الجمعة ثم أتى المسجد فصلَّى ما قُدِّر له وأنصت؛ غُفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وفضل ثلاثة أيامٍ، وحديث سمرة: مَن توضأ يوم الجمعة فبِهَا ونعمت، ومَن اغتسل فالغُسل أفضل، نعم.

س: ترون السنية؟

ج: فيه خلافٌ، والذي ينبغي للمؤمن ألا يُفرط فيه، أقول: ينبغي للمؤمن ألا يُفرط، وأن يحرص على هذا الغُسل.

س: يكون الوجوب على مَن حضر الجمعة، وإلا إذا كان الإنسان مسافرًا ليس عليه جمعةٌ؟

ج: لمن يحضر الجمعة، نعم.

الطالب: عندي: بشر بن محمد، عن عبيدالله.

الشيخ: أيش السند؟

القارئ: أي سندٍ؟

الشيخ: هذا آخر شيءٍ.

القارئ: ..... الذي قبله.

الشيخ: اقرأ السند.

القارئ: حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا وهيب، قال: حدثني ابن طاووس.

الشيخ: قبله.

القارئ: حدثنا بشر بن محمد: أخبرنا عبدالله: أخبرنا يونس، عن الزهري: أخبرني سالم.

الشيخ: وأيش عندكم أنتم؟

الطالب: عن عبيدالله.

الشيخ: لعله: عبيدالله بن يوسف، أيش قال الشارح عليه؟

القارئ: في الشرح يقول: إنه ابن المبارك، عبدالله هو ابن المبارك، صحح في القراءة السابقة: وعبدالله هو ابن المبارك.

الشيخ: حدثنا بشر بن محمد؟

القارئ: حدثنا بشر بن محمد: أخبرنا عبدالله: أخبرنا يونس، عن الزهري: أخبرني سالم.

الشيخ: ماشٍ، ما دام نبَّه عليه الشارح، نعم، الذي عنده "عبيدالله" يحطه "عبدالله".

"التهذيب" حاضر؟

الطالب: موجودٌ، أحسن الله إليك.

الشيخ: انظر: بشر بن محمد، انظر شيوخه؛ شيوخ بشر، وتلاميذ يونس، وهل هناك أحدٌ يُسمى: عبيدالله؟ نعم.

3488- حدثنا آدم: حدثنا شعبة: حدثنا عمرو بن مُرة: سمعت سعيد بن المسيب قال: قدم معاوية بن أبي سفيان المدينة آخر قدمةٍ قدمها، فخطبنا، فأخرج كُبَّةً من شعرٍ، فقال: ما كنتُ أرى أن أحدًا يفعل هذا غير اليهود، وإن النبي ﷺ سمَّاه: الزور، يعني: الوصال في الشعر. تابعه غندر، عن شعبة.

الشيخ: وهذا يدل على تحريم الوصل، وقد جاء النهي عنه: لعن الرسول ﷺ الواصلة والمستوصلة، والواشمة والمستوشمة، وهذا زائدٌ على الوصل، هذه كُبَّة تُشبه ما يُسمى: بالباروكة الآن، شعرٌ يصلح وتلبسه على أنه رأس خلقةٍ؛ لأن الوصل ما يكون كُبَّةً، الوصل يدخل في الشعر، نعم.

الطالب: بشر بن محمد السختياني، أبو محمد المروزي، روى عن ابن المبارك، والفضل بن موسى، وأبي تميلة، وعنه: البخاري، وأحمد بن سيار، وإسحاق بن الفيض الأصبهاني.

الشيخ: انتهى، انتهى، الذي عنده "عبيدالله" يُصلحه "عبدالله"، نعم.

س: ما معنى: وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ [الطارق:1]؟

ج: هذا حلفٌ من الله، حلف بالسماء والطارق، الطارق: الذي يأتي بالليل، الذي يطرق بالليل يُسمى: طارقًا: وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ؛ لأن النجوم تطرق بالليل، تظهر بالليل، نعم.