قال لي جبريل من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة أو لم يدخل النار

3222- حدثنا محمد بن بشار: حدثنا ابن أبي عدي، عن شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، عن زيد بن وهب، عن أبي ذر قال: قال النبي ﷺ: قال لي جبريل: مَن مات من أمتك لا يُشرك بالله شيئًا دخل الجنة، أو لم يدخل النار، قال: وإن زنى؟ وإن سرق؟ قال: وإن.

الشيخ: هذا من أحاديث الوعد والترغيب، يعني: أن زناه وسرقته لا يمنع من دخوله الجنة إذا مات على التوحيد، فهذا من أحاديث الوعد، أحاديث الترغيب والرجاء، تحت مشيئة الله جلَّ وعلا.

هذا فيه الرد على الخوارج والمعتزلة القائلين بأن العاصي يدخل النار ويُخلد فيها كالكافر، وهذا القول من أبطل الباطل، والله جلَّ وعلا فرَّق بينهما؛ فقال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ [النساء:48]، ثم قال: وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48]، ما جعلهما سواء، فالزنا والسرقة والعقوق وشُرب الخمر دون الشرك، فأصحابها تحت المشيئة؛ ولهذا قال النبي ﷺ: وإن زنى؟ وإن سرق؟ كرره، حتى قال في الثالثة: وإن رغم أنف أبي ذر.

فهذا من أحاديث الترغيب والرجاء، فالعاقل لا يُغلب جانب الرجاء ويتساهل، بل يجب الحذر، فإنه قد يُختم له بذلك، قد يموت على معصيةٍ، نسأل الله السلامة، فالواجب الحذر، كونه يُقدم على الآخرة في أمانٍ وعافيةٍ خيرٌ من أن يُقدم مُعرَّضًا للوعيد، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

س: قوله: أو لم يدخل النار محفوظةٌ، أو شكٌّ من الراوي؟

ج: شكٌّ من الراوي، نعم.

حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب: حدثنا أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال النبي ﷺ: الملائكة يتعاقبون: ملائكةٌ بالليل، وملائكةٌ بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج إليه الذين باتوا فيكم، فيسألهم -وهو أعلم- فيقول: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم يُصلون، وأتيناهم يُصلون.

س: الأحاديث التي تدل على عذاب الزاني وتعذيبه يوم القيامة، والسارق؟

ج: مَن لم يتب، مَن لم يتب، ومَن لم يُعف عنه، فيهم مَن يُعفا عنه، وفيهم مَن يُعذَّب، مثلما جاءت النصوص، النبي ﷺ يشفع في أهل المعاصي عدة شفاعات عليه الصلاة والسلام، وهكذا المؤمنون والأفراط يشفعون فيمَن دخل النار، وجملة كبيرة يعفو الله عنهم، لا يدخلون النار بأعمالٍ صالحةٍ قدَّموها.

أما التائبون فليسوا منهم، التائبون انتهى، لم يعودوا جُناةً، التائبون من أهل الجنة من أول وهلةٍ إذا تابوا من معاصيهم وقدموا على الله تائبين، هؤلاء من أهل الجنة، وهم تحت المشيئة.

س: يُعذَّب ثم يدخل الجنة، هذا إذا كان من أهل التوحيد؟

ج: نعم، ما يُخلد في النار أبدًا بإجماع أهل السنة والجماعة، لا يُخلد في النار مُوحِّدٌ أبدًا، إنما التخليد للكفرة، لكن عذاب العُصاة يتفاوت على حسب معاصيهم: منهم مَن تكون عنده المعصية، ومَن تكون عنده المعصيتان، والثلاث، والأربع، والخمس، وأكثر، أقسامٌ، ثم إذا خرجوا يُلقَون في نهر الحياة؛ فينبتون كما تنبت الحبَّة في حميل السَّيل بعدما احترقوا.

س: ثبت في حديثٍ: أن العلماء يشفعون؟

ج: هم من أولى ذلك في الشفاعة، هم خواص المؤمنين، ما أتذكر الآن شيئًا، لكن هم خواص المؤمنين، إذا شفع المؤمنون فهم خواصهم وأفضلهم.

س: إذا تاب أحدُ المطربين، ثم استمرت أفعاله، هل التبعة عليه، أو على مَن نشرها؟

ج: على مَن نشرها، إذا تاب تاب الله عليه، نعم.

س: إذا صُلي على المرأة، فهل يقال: "أبدلها زوجًا خيرًا من زوجها" كما في حديث عوف؟

ج: ما أعلم مانعًا، أقول: ما أعلم مانعًا، نعم.

س: حديث: اهجُهم وجبريل معك هل في هذا مشروعية هجاء المشركين ابتداءً، أو إذا بدأوا هم يرد عليهم؟

ج: لا أعلم مانعًا، هجاء المشركين إذا بدأوا، وهجاؤهم إذا لم يبدأوا ببيان باطلهم، وحثهم على الدعوة بالحكمة، وحثهم على الدخول في الإسلام، وبيان ما في الشرك من الشر، وأنه يُفضي بهم إلى النار والخلود فيها.

البادئون لهم حالٌ، والذين لم يبدأوا لهم حالٌ أخرى من جهة الدعوة والتوجيه وبيان ما هم فيه من الباطل والخطر عليهم؛ لأن النبي ﷺ سبَّ قومًا، ودعا لقومٍ، فالمؤذون يُسبون، وتُذكر شرورهم، والذين لم يبدأوا يُدعا لهم بالهداية، لما قيل: يا رسول الله، إن دوسًا تأخرت في إسلامها. قال: اللهم اهدِ دوسًا، وائتِ بهم، وقال: لعن الله اليهود والنصارى؛ اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، وقال: اللهم العن فلانًا وفلانًا من أهل مكة لما آذوا.

س: يسبونهم وما يعبدون، أو هم فقط دون آلهتهم، كما في قوله: وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ... [الأنعام:108]؟

ج: إذا كان يخشى من سبِّهم لله فلا تُسب آلهتهم، ويُسبون هم، إذا كان سبُّ آلهتهم يُفضي إلى سبِّ الله، نعم، هذا من باب ترك الذرائع المفضية إلى الشر، نعم.

س: في رواية الحديث قال: ثم يعرج الذين باتوا فيكم عندهم: كانوا .....؟

ج: المعنى واحدٌ، المعنى واحدٌ، صلاة الصبح يعرج الذين باتوا، وصلاة العصر يعرج الذين كانوا في النهار.

س: ويعرج إليهم الذين كانوا فيكم؟

ج: ما يُخالف، "كانوا فيكم" يعني: في الليل.

س: قوله عليه الصلاة والسلام: ابدأوهم بالنبل ألا يدل .....؟

ج: لأنهم في حربٍ مع النبي ﷺ، هذا في حال الحرب قبل صُلح الحديبية.