باب {إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم فأثابكم غما بغم}

باب إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [آل عمران:153].

تُصْعِدُونَ تذهبون، أصعد وصعد فوق البيت.

4067- حدثني عمرو بن خالد: حدثنا زهير: حدثنا أبو إسحاق، قال: سمعتُ البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: جعل النبي ﷺ على الرجالة يوم أحد عبدالله بن جبير، وأقبلوا مُنهزمين، فذاك: إذ يدعوهم الرسول في أُخراهم.

الشيخ: مُراده -رحمه الله- أن الرسول ﷺ جعل عبدالله بن جبير على الرجالة الذين على الخيالة، وأمرهم أن يلزموا محلًّا مُعينًا؛ ليحموا ظهور المسلمين عن المشركين، وقال لهم: الزموا مكانكم، سواءٌ ظهرنا على عدونا، أو ظهر علينا عدونا، لا تبرحوا مكانكم، وهذا يوم أحدٍ، فلما انهزم المشركون وسقطت رايتهم قال بعض أصحاب عبدالله: إن المشركين انهزموا وانتهى الأمر، فهلمُّوا إلى جمع الغنيمة. فنهاهم أميرهم، قال: لا، الزموا مكانكم؛ لأن الرسول ﷺ أمركم بأن تلزموا مكانكم. فتأوَّلوا؛ قالوا: مقصوده عند الحاجة، والآن زالت الحاجة لما انهزم المشركون. فانصرفوا إلى جمع الغنيمة، فجاءت خيل المشركين ودخلت من المحل الذي خافه النبي ﷺ، وحصلت المصيبة والهزيمة، واضطرب الناس، وماج الناس بعضهم في بعضٍ، وانهزم كثيرٌ من الصحابة بسبب ذلك، وحصلت المصيبة العظيمة بقتل مَن قُتل، وجرح مَن جُرح، ولله الحكمة جلَّ وعلا، هو الحكيم العليم فيما يقضي ويُقدر جلَّ وعلا؛ ولهذا لما استنكر بعض الناس ذلك أنزل الله في ذلك قوله تعالى: أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ [آل عمران:165] يعني: أصابتكم بسبب أعمالكم، بسبب إخلاء الرماة للموقف، وانصراف جمعٍ من المسلمين وتوليهم الأدبار.

وقد أصاب المسلمون يوم بدر منهم مئةً وأربعين: سبعين قتيلًا، وسبعين أسيرًا، والمشركون أصابوا يوم أحدٍ سبعين قتيلًا؛ ولهذا قال سبحانه: قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا.

ففي هذه القصة الفائدة العظيمة: وهي لزوم الأوامر التي يُوجهها ولي الأمر، لزوم الأوامر التي تُحفظ بها شؤون المسلمين وحرماتهم ودمائهم وأموالهم، وليس للشخص أو أمير الفرقة أن يتأوَّل، بل عليه أن يلزم ما أُمِرَ به، وأن يصون المسلمين لا يُؤْتَون من جهته؛ ولهذا قال جلَّ وعلا: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59]، فإن ولاة الأمور ينظرون ويحتاطون، والواجب على الرعية السمع والطاعة بالمعروف، وكم جنى على المسلمين التأويل والتصرف بغير وجهٍ شرعيٍّ؟! كم جنى على المسلمين من الأمور الخطيرة والكثيرة الضَّارة؟! نعم.

باب ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [آل عمران:154].

4068- وقال لي خليفة: حدثنا يزيد بن زريع: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنسٍ، عن أبي طلحة رضي الله عنهما قال: كنتُ فيمن تغشَّاه النعاس يوم أحدٍ حتى سقط سيفي من يدي مرارًا، يسقط وآخذه، ويسقط فآخذه.

الشيخ: أمنةٌ من الله وطمأنينةٌ، غشاهم النعاس أمنةً من الله وطمأنينةً لأهل الإيمان والهدى: كأبي طلحة، أما المنافقون فلم يُصبهم ذلك: وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظنهم السوء.

س: عندي: عن قتادة، عن أبي طلحة؟

ج: لا، غلطٌ: عن أنسٍ، عن أبي طلحة.

باب لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ [آل عمران:128]

قال حميد وثابت: عن أنسٍ: شُجَّ النبي ﷺ يوم أحدٍ، فقال: كيف يُفلح قومٌ شجُّوا نبيَّهم؟! فنزلت: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ.

4069- حدثنا يحيى بن عبدالله السلمي: أخبرنا عبدالله: أخبرنا معمر، عن الزهري: حدثني سالم، عن أبيه: أنه سمع رسول الله ﷺ إذا رفع رأسه من الركوع من الركعة الآخرة من الفجر يقول: اللهم العن فلانًا وفلانًا وفلانًا بعدما يقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، فأنزل الله: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ إلى قوله: فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ.

الشيخ: كان يدعو على جماعةٍ من قريشٍ كان لهم نشاطٌ في مُعاداة المسلمين، وإضرار المسلمين، والصد عن سبيل الله، مثل: صفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو، والحارث بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وغيرهم، فأسلم صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو والحارث بن هشام، هداهم الله وأسلموا، وآخرون ممن هداهم الله، وقُتل بعضهم على الكفر يوم بدر: كعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأبي جهل بن هشام، وأمية بن خلف، وابنه علي، كل هؤلاء قبل الله فيهم دعاء النبي ﷺ وقُتلوا، نسأل الله العافية.

س: قوله: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ هل هو نسخ .....؟

ج: يعني: في كونه يشج هذا، أو يُقتل هذا، أو يُسلم هذا، أما القنوت فهو باقٍ، قنت بعد ذلك عليه الصلاة والسلام.

س: أما اللعن جائزٌ؟

ج: لعن المعين جائزٌ إذا اشتدَّ شرُّه، إذا اشتدَّ شرُّه نعم.

س: القنوت يستمر؟

ج: نعم، إذا نزلت بالمسلمين نازلةٌ، نعم.

4070- وعن حنظلة بن أبي سفيان: سمعت سالم بن عبدالله يقول: كان رسول الله ﷺ يدعو على صفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو، والحارث بن هشام، فنزلت: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ إلى قوله: فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ.

الشيخ: وهؤلاء الثلاثة أسلموا .

باب ذكر أم سَلِيط

4071- حدثنا يحيى بن بكير: حدثنا الليث، عن يونس، عن ابن شهابٍ، وقال ثعلبة بن أبي مالك.

الشيخ: كذا عندكم: عن ابن شهابٍ، وقال ثعلبة؟

الطلاب: نعم، نعم.

الشيخ: أيش قال الشارح عليه؟

القارئ: ما ذكر شيئًا.

الشيخ: والعيني؟

الطالب: عزاه سابقًا.

الشيخ: أيش قال؟

الطالب: نبحث عنه -أحسن الله إليك-، أقول: عزاه إلى موضعٍ سابقٍ.

الشيخ: وفي هذا الموضع ما قال شيئًا؟ نعم.

إن عمر بن الخطاب قسم مروطًا بين نساءٍ من نساء أهل المدينة، فبقي منها مرطٌ جيدٌ، فقال له بعض مَن عنده: يا أمير المؤمنين، أعطِ هذا بنت رسول الله ﷺ التي عندك. يريدون أم كلثوم بنت عليٍّ، فقال عمر: أم سَلِيط أحقُّ به.

وأم سَلِيط من نساء الأنصار، ممن بايع رسول الله ﷺ.

قال عمر: فإنها كانت تزفر لنا القِرَب يوم أحدٍ.

الشيخ: أيش قال المحشي على أم سليط؟

القارئ: تقدم شرحه في كتاب "الجهاد".

الشيخ: الترجمة عندكم: أم سليط؟

القارئ: نعم، قوله: "باب ذكر أم سليط".

الشيخ: بالطاء؟

القارئ: نعم: بفتح المهملة، وكسر اللام، ذكر في حديث عمر في قصة المروط، وقد تقدم شرحه في كتاب "الجهاد".

وأم سَلِيط المذكورة هي والدة أبي سعيدٍ الخدري ، كانت زوجًا لأبي سَلِيط، ومات عنها قبل الهجرة، فتزوجها مالك بن سنان الخدري، فولدت له أبا سعيدٍ.

الشيخ: كذا عند العيني؟

الطالب: ذكر أنه مضى في "الجهاد". نعم.

الشيخ: نعم.

س: ما ذكر أنها أم سليم في بعض الرِّوايات؟

ج: ما أذكر شيئًا في هذا.

والشاهد من هذا: أن عمر لاحظ أعمال الأنصار، وأن هؤلاء الذين عملوا واجتهدوا في حياة النبي ﷺ، وساعدوا المسلمين؛ أولى بالمنح والعطاء في الأشياء التي لا تتسع للجميع، بل هي قليلةٌ، يخص بها الأفضل فالأفضل، والذين هم أكثر أثرًا في الإسلام ونفعًا للمسلمين من غيرهم، وإن كانت أم كلثوم بنت عليٍّ لها فضلٌ خاصٌّ، وأمها فاطمة، لكن أولئك لهم أعمالٌ في نفع المسلمين؛ فراعى إعطاءهم وإظهار فضلهم لما سبق من أعمالهم الطيبة. نعم.

باب قتل حمزة بن عبد المطلب

4072- حدثني أبو جعفر محمد بن عبدالله: حدثنا حجين بن المثنى: حدثنا عبدالعزيز بن عبدالله بن أبي سلمة، عن عبدالله بن الفضل، عن سليمان بن يسار، عن جعفر بن عمرو بن أمية الضَّمري قال: خرجتُ مع عبيدالله بن عدي بن الخيار، فلما قدمنا حمص قال لي عبيدالله بن عدي: هل لك في وحشي نسأله عن قتل حمزة؟ قلت: نعم. وكان وحشي يسكن حمص، فسألنا عنه، فقيل لنا: هو ذاك في ظل قصره كأنه حميت.

الشيخ: حميت؟

القارئ: بالحاء والميم والياء والتاء: حميت.

قال في الشرح: قوله: "كأنه حميت" بمهملةٍ وزن رغيف، أي: زقّ كبير، وأكثر ما يُقال ذلك إذا كان مملوءًا.

وفي روايةٍ لابن عائذ: فوجدناه رجلًا سمينًا مُحمرة عيناه.

وفي رواية الطيالسي: فإذا به قد أُلقي له شيءٌ على بابه وهو جالسٌ صاح. وفي رواية ابن إسحاق: على طنفسةٍ له. وزاد: فإذا شيخٌ كبيرٌ مثل البَغَاث.

الشيخ: مثل البغاث، قد ضعف.

القارئ: يعني: بفتح الموحدة والمعجمة الخفيفة، وآخره مُثلثةٌ، وهو طائرٌ ضعيف الجثة كالرخمة ونحوها مما لا يصيد ولا يُصاد.

الشيخ: بفتح الباء: البغاث؟

القارئ: أي نعم، بفتح الموحدة والمعجمة .....

الشيخ: انظر "القاموس": البغاث، ..... فصل الباء.

قال: فجئنا حتى وقفنا عليه بيسيرٍ، فسلمنا، فردّ السلام، قال: وعبيدالله مُعتجرٌ بعمامته، ما يرى وحشيٌّ إلا عينيه ورجليه، فقال عبيدالله: يا وحشي، أتعرفني؟ قال: فنظر إليه، ثم قال: لا والله، إلا أني أعلم أن عدي بن الخيار تزوج امرأةً يُقال لها: أم قتال بنت أبي العيص، فولدت له غلامًا بمكة، فكنتُ أسترضع له، فحملتُ ذلك الغلام مع أمه فناولتُها إياه، فلكأني نظرتُ إلى قدميك.

الشيخ: عرفه بقدميه، وهو رآه طفلًا صغيرًا ..... عبرة!

قال: فكشف عبيدالله عن وجهه، ثم قال: ألا تُخبرنا بقتل حمزة؟ قال: نعم، إن حمزة قتل طعيمة بن عدي بن الخيار ببدرٍ، فقال لي مولاي جبير بن مطعم: إن قتلتَ حمزة بعمِّي فأنت حرٌّ. قال: فلما أن خرج الناس عام عينين -وعينين جبلٌ بحيال أحدٍ، بينه وبينه وادٍ- خرجتُ مع الناس إلى القتال، فلما أن اصطفُّوا للقتال خرج سباعٌ فقال: هل من مُبارزٍ؟ قال: فخرج إليه حمزة بن عبدالمطلب، فقال: يا سباع، يا ابن أم أنمار مُقطعة البظور، أتُحادُّ الله ورسوله ﷺ؟! قال: ثم شدَّ عليه فكان كأمس الذاهب.

الشيخ: يعني: قتله حمزة.

قال: وكمنتُ لحمزة تحت صخرةٍ، فلما دنا مني رميتُه بحربتي، فأضعها في ثنته حتى خرجت من بين وركيه، قال: فكان ذاك العهد به، فلما رجع الناس رجعتُ معهم، فأقمتُ بمكة حتى فشا فيها الإسلام، ثم خرجتُ إلى الطائف، فأرسلوا إلى رسول الله ﷺ رسولًا، فقيل لي: إنه لا يهيج الرسل. قال: فخرجتُ معهم حتى قدمتُ على رسول الله ﷺ، فلما رآني قال: أَأَنْتَ وحشيٌّ؟ قلت: نعم. قال: أنت قتلت حمزة؟ قلت: قد كان من الأمر ما بلغك. قال: فهل تستطيع أن تُغيب وجهك عني؟ قال: فخرجتُ، فلما قُبض رسول الله ﷺ فخرج مُسيلمة الكذَّاب، قلتُ: لأخرجنَّ إلى مُسيلمة، لعلي أقتله فأُكافئ به حمزة. قال: فخرجتُ مع الناس، فكان من أمره ما كان، قال: فإذا رجلٌ قائمٌ في ثَلْمَة جدارٍ.

الشيخ: ثَلْمَة أو ثُلْمَة؟

القارئ: أحسن الله إليك، شكلها بالفتح.

الشيخ: والعيني ضبطها؟

القارئ: قال في "الفتح": أي: خلل الجدار.

الشيخ: فقط، ما ضبط؟

القارئ: ما ضبط شيئًا.

الشيخ: نعم، الثُّلْمَة عند الناس الآن الفتحة، الفتحة في الجدار يُسمونها: ثُلْمَة، يعني: مدخلًا، والناس يقرؤونها: "ثلمة"، انظر "القاموس"، ويمكن أنها ثلمة، الواحدة من الثلم، مثل: الضربة، والقتلة، والأكلة، واحدةٌ، والثلمة مثل: الأكلة، واللقمة، واحدةٌ، من الثلم.

كأنه جملٌ أورق، ثائر الرأس.

الشيخ: قبَّحه الله، نعم.

قال: فرميته بحربتي، فأضعها بين ثدييه حتى خرجت من بين كتفيه، قال: ووثب إليه رجلٌ من الأنصار فضربه بالسيف على هامته.

قال: قال عبدالله بن الفضل: فأخبرني سليمان بن يسار: أنه سمع عبدالله بن عمر يقول: فقالت جاريةٌ على ظهر بيتٍ: وا أمير المؤمنين! قتله العبد الأسود.

الشيخ: "أمير المؤمنين" تعني: مُسيلمة الكذَّاب، قبَّحها الله وإياه، نعم.

مداخلة: "البغاث" قال في "القاموس": مُثلثة، طائرٌ أغبر، جمعٌ كغزلان، وشرار الطير .....

الشيخ: بُغاث، وبَغاث، وبِغاث، مُثلثةٌ. نعم.

الطالب: و"البغاث بأرضنا يستنسر" أي: مَن جاورنا عزَّ بنا.

الشيخ: ماشٍ، انظر "الثلمة".

الطالب: والثُّلْمَة -بالضم- فرجة المكسور والمهدوم.

الشيخ: وهذه أيضًا منقبةٌ لوحشيٍّ؛ كونه قتل مُسيلمة منقبة له، والله يغفر لوحشيٍّ، الإسلام يجُبُّ ما قبله والحمد لله، قتل حمزة! لكن النبي ﷺ لشدة المصيبة كره أن ينظر إليه عليه الصلاة والسلام، والحمد لله، الإسلام يجُبُّ ما قبله، والتوبة تجُبُّ ما قبلها والحمد لله: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ [الأنفال:38]، الحمد لله: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53]، نعم.

مُداخلة: أحسن الله إليك، قول ثعلبة بن أبي مالك في "الجهاد".

الشيخ: إيه، الزهري قال: ثعلبة؟

الطالب: إي نعم، السند في "الجهاد": حدثنا عبدان: أخبرني .....، عن ابن شهابٍ: قال ثعلبة بن أبي مالك: إن عمر بن الخطاب.

قوله: "قال ثعلبة بن أبي مالك" في رواية ابن وهب: "عن يونس" عند أبي نعيم في "المستخرج".

"عن ثعلبة القُرَظي" بضم القاف، وفتح الراء، بعدها مُعجمةٌ، مُختلفٌ في صُحبته؛ قال ابن معين: له روايةٌ. وقال ابن سعد: قدم أبو مالك -واسمه: عبدالله بن سام- من اليمن، وهو من كندة، فتزوج امرأةً من بني قُريظة فعُرف بهم، وحالف الأنصار.

قلت: وكانت اليهودية قد فشت في اليمن؛ فلذلك صاهرهم أبو مالك، وكأنه قُتل في بني قُريظة؛ فقد ذكر مصعب الزبيري: أن ثعلبة ممن لم يكن أثبت قوله فتُرك، وكان ثعلبة إمام قومه، وله حديثٌ مرفوعٌ عند ابن ماجه، لكن جزم أبو حاتم بأنه مُرسلٌ، وقد صرَّح الزهري عنه بالإخبار في حديثٍ آخر سيأتي في باب "لواء النبي ﷺ".

الشيخ: نعم؛ ولهذا ..... المؤلف قال ثعلبة؛ لأنه قد صرَّح فيه بالرواية الأخرى بالسماع، نعم، يعني: صرَّح الزهري، نعم.