باب مَن يرث السدس
أهل السدس سبعة أصناف:
الأول: الأب، ويستحق السدسَ بشرطٍ وجودي، وهو وجود الفرع الوارث.
الثاني: الأم، وتستحقه بشرطٍ وجودي، وهو وجود الفرع الوارث، أو وجود جمعٍ من الإخوة، والجمع اثنان فأكثر.
الثالث: الجدّ، ويستحقه بشرطين وجوديين: وهو وجود الفرع الوارث، وعدمي: وهو الأب.
الرابع: بنت الابن فأكثر، وتستحقه بشرطين عدميين: وهما عدم المُعصب، وعدم الفرع الوارث الذي هو أعلى منها، سوى صاحبة النصف؛ فإنها لا ترث السدسَ إلا معها.
الخامس: الأخت لأب فأكثر، وتستحقّه بشرطين:
- الأول: أن تكون مع أختٍ شقيقةٍ وارثة النصف فرضًا.
- والثاني: عدم المُعصب.
السادس: الجدة فأكثر، وتستحقه بشرطٍ عدميٍّ؛ وهو عدم الأم.
السابع: ولد الأم، ذكرًا كان أو أنثى، ويستحقه بثلاثة شروط:
- الأول: عدم الفرع الوارث.
- الثاني: عدم الأصل من الذكور الوارث.
- الثالث: انفراده.
وأكثر مَن يرث من الجدَّات ثلاث: أم الأم وإن علت بمحض الإناث، وأم الأب وإن علت بمحض الإناث، وأم أبي الأب وإن علت بمحض الإناث، فإن تساوين في الدَّرجة فالسدس بينهنَّ أثلاثًا، ومَن قربت منهن فهو لها وحدها.
وإذا أدلت جدَّة بقرابتين ورثت بهما ثلثي السدس، كما لو تزوج رجلٌ بنت عمَّته، فولدت ولدًا، فجدته أم أم أمه، وأم أبي أمه، وكذا لو تزوج بنتَ خالته، فأتت بولدٍ، فجدة الولد أم أم أمه، وأم أم أبيه.
كل جدة أدلت بذكرٍ بين أُنثيين: كأم أبي أم، فلا شيء لها، وكذا كل جدة أدلت بأبٍ أعلى من الجدِّ: كأم أبي الجد.
واختار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى أنها ترث كأم الجدِّ.
حاشية: وهذا مذهب أبي حنيفة، ورواية المُزني عن الشَّافعي، وهو الصواب؛ لأنها جدَّة قد أدلت بأبٍ وارثٍ، فأشبهت أم الجد.
الشيخ: هؤلاء هم أهل السدس السبعة، والكلام فيهم واضح، وهم: الأب، والجدّ، والأم، والجدّة، والأخ لأم -ذكرًا كان أو أنثى- وبنت الابن مع البنت، أو بنت ابن نازلة مع بنت ابن أعلى منها، والأخت لأب مع الأخت الشقيقة.
هؤلاء هم أهل السدس السبعة بالاستقراء من الأدلة الشرعية، يتضح أنَّ الأب يأخذ السدس مع الفرع الوارث، والأم كذلك مع الفرع الوارث، ومع الجمع من الإخوة؛ لقوله تعالى: وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ [النساء:11]، والجد مثل الأب يأخذ السدس أيضًا مع الفرع الوارث عند عدم الأب.
وبنت الابن مع البنت تأخذ السدس، إن مات ميتٌ عن بنتٍ وبنت ابنٍ، تُعطى السدس بنت الابن مع البنت، كما ثبت في الصحيح -في البخاري- من حديث ابن مسعودٍ .
وهكذا لو كانت بنت ابنٍ عليا وبنت ابن نازلة، تُعطى بنت الابن العليا النصف، وبنت الابن النازلة السدس؛ كبنت الابن مع البنت سواء، فلو مات ميتٌ عن بنت ابنٍ، وعن بنت ابن ابنٍ، بنت الابن العليا لها النصف، وبنت ابن الابن النازلة لها السدس تكملة الثلثين.
وهكذا الشَّقيقة مع الأخت لأب؛ إن كانت أخت لأبٍ مع أختٍ شقيقةٍ، تُعطى الشَّقيقة النصف، والأخت لأب لها السدس تكملة الثُّلثين.
وهكذا الجدَّات، وهن: أم الأب، وأم أبي الأب، وأم الأم، كلهن يُعطين السدس، إذا مات ميتٌ عن أم أمه، أو أم أبيه، أو أم أبي أبيه، أو أم جده أيضًا الأعلى على الصحيح، تُعطى السدس؛ لأنَّ الرسول جعل للجدة السدس إذا لم يكن دونها أم، وإذا ارتفعت صار لها السدس، وتحجب مَن فوقها، كالأم تحجب الجدَّات، فهكذا الجدَّة القريبة تحجب الجدَّة البعيدة.
فإذا مات ميتٌ عن أم أم، وأم أبي أب، فأم الأم تُعطى السدس، وأم أبي الأب ما لها شيء؛ لبُعدها.
وهكذا أم أب، وأم أبي الأب، أم الأب لها السدس، وأم أبي الأب لا شيء لها؛ لأنَّ هذه أقرب، فهي كالأم مع الجدَّة، وكابن الابن مع الابن.
وإذا تساووا اشتركوا في السدس: أم أم، وأم أب، بينهما نصفين. أم أم أم، وأم أم أب، وأم أبي أب، بينهم أثلاثًا.
وهكذا لو كانت فيها جهتان فهي أم أمه، وهي أم أبيه، يكون ثلثا السدس لها، كأنها جدَّتان.
وولد الأم يأخذ السدس كما تقدم، ذكرًا كان أو أنثى يُعطى السدس، وهو الأخ لأم.
وفَّق الله الجميع.
س: أم الأم وأم الأب في درجةٍ واحدةٍ، لكن أم أبي الأب ..؟
ج: تنزل، تسقط، أم الأب وأم الأم مقدمات، إذا كان: أم أم أم، وأم أم أب، وأم أبي أب؛ يشتركن في درجةٍ، بينهن وبين الميت اثنان.
باب التَّعصيب
التَّعصيب: مصدر عصب يعصب تعصيبًا، وهو مشتق من العصب بمعنى: الشدّ والتَّقوية، أو الإحاطة، وعصبة الرجل بنوه وقرابته من الذكور من جهة أبيه، سمّوا بذلك لإحاطتهم به، أو لشدّ بعضهم أزرَ بعضٍ.
والعاصب اصطلاحًا: مَن يرث بلا تقديرٍ، والتَّعصيب هو النوع الثاني من نوعي الإرث.
والعصبة ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:
عصبة بالنفس، وعصبة بالغير، وعصبة مع الغير.
فالعصبة بالنفس أربعة عشر: الابن، وابن الابن وإن نزل، والأب، والجد من قبل الأب وإن علا، والأخ الشَّقيق، والأخ لأب، وأبناؤهما وإن نزلا، والعم الشقيق والعم لأب وإن عليا، وأبناؤهما وإن نزلا، والمُعتِق والمُعتِقة.
الشيخ: هذا واضح في بيان العصبة، فإنَّ الله جلَّ وعلا جعل الفرائضَ –يعني: المواريث- قسمين:
أحدهما: مُقدَّر له نصيبه، فهؤلاء هم أصحاب الفروض.
والقسم الثاني: لم يُقدر، حسبما تيسر؛ قد يأخذ المالَ، قد يأخذ ما بقي، هؤلاء هم العصبة.
وقد أوضح الله ذلك في سورة النساء في أولها وفي آخرها: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء:11]، لم يفرض لهم شيئًا، جعل المالَ بينهم، فإذا مات الإنسانُ عن ابنٍ وبنتٍ فالمال بينهما أثلاثًا. عن ابنين وبنتٍ فالمال بينهم أخماسًا: للابنين أربعة، وللبنت واحد. مات عن خمسةٍ وبنتٍ، المال بينهم أحد عشر: للخمسة البنين عشرة، وللبنت واحد، وهكذا.
فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ [النساء:11] فجعل النساء لهن فرضًا إذا اتَّحدنَ؛ كن ثنتين فأكثر لهما الثلثان، وإن كانت واحدةً لها النصف، وهكذا.
كما بيَّن سبحانه في شأن الأم، وشأن الإخوة لأم، وشأن الزوج والزوجة، فقسم من هؤلاء الورثة لهم فروض، وقسم لم يُحدد لهم حدًّا، بل يأخذون المالَ تارةً، ويأخذون ما بقي تارةً، وهم العصبة.
وهذا من لطف الله ورحمته؛ أن جعل الأموالَ التي يملكها الناسُ لا تضيع، بل تكون في أقاربهم ومواليهم؛ فينفعون أنفسهم، وينفعون مَن بعدهم؛ ولهذا قال ﷺ لسعد بن أبي وقاص في مرضه: إنَّك أن تذر ورثتك أغنياء خيرٌ من أن تذرهم عالةً يتكففون الناس، فكون الشَّخص يدع للورثة شيئًا ينفعهم خير من أن يدعهم عالةً.
وعلم الفرائض من أهم العلوم وأنفعها وأفرضها؛ لشدة الحاجة إليه؛ لأنَّ الناس في كلِّ وقتٍ محتاجون لهذا العلم، فما زال بنو آدم في الدنيا فهم يحتاجون: هذا يموت، وهذا يموت، وهذه تموت، محتاجون لمن يُقسم بينهم مواريثهم، فهو علم تستمر الحاجةُ إليه ليلًا ونهارًا، في الأيام والليالي والشهور، فجديرٌ بطلبة العلم أن يعتنوا به، وأن يتفقهوا فيه؛ لشدة الحاجة إليه.
وهؤلاء هم العصبة: أربعة عشر، هم العصبة بالنفس، معناه: يأخذون المال كله إذا انفردوا، هؤلاء هم العصبة بالنفس، إذا انفرد له المال كله، وإذا كان معه أهل فروضٍ أخذ الباقي، وإذا استغرقت الفروضُ المسألةَ سقط بعض العصبة إذا استغرقت الفروضُ: فلو مات ميت عن أبوين وبنتين وابن ابن، ما صار لابن الابن شيء، ما بقي له شيء، أخذ الأبوان السدسين، وأخذت البنات الثلثين، ما بقي شيء، من ستة: للأب واحد، وللأم واحد، وللبنات الثلثان أربعة، سقط إذا استغرقت الفروضُ المسألة.
وهكذا لو مات ميتٌ عن أم وأخ لأم وأختين شقيقتين وأخ لأب، سقط الأخ لأب؛ لأنَّ الأم تأخذ السدس، والأخ لأم يأخذ السدس، والشَّقيقتين تأخُذان الثلثين، تمَّت، فما بقي شيء، سقط.
وأحكام العصبة بالنفس ثلاثة:
- الأول: أنَّ مَن انفرد منهم حاز جميعَ المال.
- الثاني: أنه يأخذ ما أبقت الفروض.
- الثالث: أنه يسقط إذا استغرقت الفروض إلا ثلاثة: الابن، والأب، والجد.
الشيخ: هذه أحكامهم، أحكام العصبة بالنفس: مَن انفرد أخذ المالَ، فإذا مات ميتٌ عن أبيه فالمال له كله، مات ميتٌ عن ابنٍ فالمال له كله، مات ميتٌ عن أخيه الشَّقيق أو أخيه لأبٍ فالمال له كله عصبة، مات عن ابن عمه فالمال له كله، مات عن مُعتِقه، ما له وارثٌ إلا هو، فالمال له كله، يعني: العاصب.
وإن كانا اثنين اشتركا، إن كانا اثنين مستويين اشتركا، ثلاثة اشتركوا، عن ابنين يشتركان، ثلاثة يشتركون، أخوين شقيقين يشتركان، ثلاثة يشتركون، وهكذا، فإن كان معهم صاحب فرضٍ أخذوا ما بقي.
ماتت عن زوجٍ وابنها، الزوج له الربع، والباقي للابن.
مات الرجلُ عن زوجته وابنه، لها الثمن، والباقي لابنه.
مات عن أمِّه وابنه، الأم لها السدس، والباقي لابنه.
مات عن أمه وأخيه الشَّقيق، الأم تأخذ الثلث، والباقي لأخيه الشَّقيق، وهكذا يأخذ ما بقي.
مات عن أمٍّ وابن عمٍّ، الأم لها الثلث، والباقي لابن العمِّ تعصيبًا.
مات عن جدةٍ -أم أمه أو أم أبيه- وعن ابن عمٍّ، أو عن أخٍ، الجدة لها السدس، والباقي للعاصِب.
وتارةً يسقط عند استغراق الفروض للمال مثلما تقدم، إلا ثلاثة ما يمكن سقوطهم، ما يمكن أن تستغرق عنهم الفروض، وتقدم مثال سقوط؛ مثل: أبوين وبنتين وابن ابن، يسقط ابن الابن؛ لأنَّ الأبوين والبنتين أخذوا الفرض واستغرق.
زوج وأخت شقيقة وأخ لأب، من اثنين: الزوج له النصف، والشقيقة لها النصف، والأخ لأب سقط، ما له شيء، استكملوا الفروض.
إلا ثلاثة ما يجوز سقوطهم: الابن، والأب، والجدّ، ما تستغرق معهم الفروض، ما يتصور استغراقها، لا بدَّ أن يبقى شيءٌ للابن، ويبقى شيء للأب إن كان موجودًا، ويبقى شيء للجدِّ؛ لأنَّ الفروض الذين معهم قليلة، فيبقى معه شيء.
فإن ضاقت الفروض في حقِّ الأب والجد، فُرض لهم؛ لأنهم من أهل الفرض، تارةً بالفرض، وتارة بالتَّعصيب، فإذا ..... الفروض فهم من أهل الفروض، وإن قلَّت الفروض فهم من أهل التَّعصيب، فهم لا يسقطون.
والابن لا يمكن أن تستغرق معه الفروض؛ لأنه عاصب قوي، ما يمكنه مع الفروض أن تستغرق؛ فلهذا يبقى له شيء، وبالاستقراء يفهم طالبُ العلم هذا الشَّيء.
وجهات العصبة بالنفس ستّ: بنوّة، ثم أبوة، ثم جدودة، وأخوة، ثم بنو إخوة، ثم عمومة وبنوهم، ثم ولاء.
حاشية: وهذا على القول بتوريث الإخوة مع الجدِّ، وأما على القول الراجح دليلًا -وهو إسقاط الإخوة بالجد- فالجهات خمس:
- بنوة: والمراد بها: بنو الميت وبنوهم وإن نزلوا.
- ثم أبوة: والمراد بها: الأب والجد أبو الأب وإن علا بمحض الذكور.
- ثم إخوة وبنوهم: والمراد بهم: الأخ الشَّقيق، والأخ لأب، وبنوهما وإن نزلوا.
- ثم الأعمام وبنوهم: والمراد بهم: العم الشقيق والعم لأب وإن عليا، وبنوهما وإن نزلوا.
- ثم جهة الولاء: والمراد بها: المُعتِق وعصبته.
الشيخ: هذا هو الصواب؛ أنها خمس، وأنَّ الجدَّ أب يُسقط الإخوة، هذا هو المختار، فتكون خمس جهات، كل جهةٍ مُقدمة على التي بعدها: بنوة يدخل فيها البنون وأبناء البنين، ثم أبوة: الأب والجد وإن علا بمحض الذُّكور، ثم إخوة وبنوهم، ثم عمومة، ثم ولاء المعتِق والمعتِقة وبنوهم، كل جهةٍ تحجب التي بعدها، فلا يمكن أن يرث عصبُ الأب والجدِّ مع البنوة، إن كان ابنٌ معه أب أو جدّ، فالأب أو الجدّ ما له إلا فرض؛ لأنَّ الابن مُقدَّم من العصبة.
ثم إذا كان جدودة وإخوة، فالعصب للأب والجدّ، ليس للإخوة عصب معهم.
ثم الإخوة وبنوهم العصب لهم دون الأعمام، ويُقدم الأخ على ابنه لقرب الدَّرجة.
ثم العمومة وبنوهم لهم العصب، فيُقدم العمّ على ابنه لقرب الدرجة .......
ثم الولاء: المعتِق وعصبته، والمعتِقة وعصبتها.
فتُقدم كل جهةٍ على الجهة التي بعدها، ثم بعد الاستواء في الجهة يُعتبر التَّقديم بالقرب، أي: قرب الدَّرجة، ثم بعد استوائهم في القرب يُعتبر التَّقديم بالقوة، كما قال الجعبري رحمه الله تعالى:
فبالجهة التَّقديم ثم بقربه | وبعدهما التَّقديم بالقوة اجعلا |
الشيخ: هذا هو أولًا: الجهة: ابن وابن أخ، الابن له العصب، وابن الأخ يسقط؛ لأنه أقوى في الجهة.
أخ شقيق وابنه، الأخ له العصبة؛ لأنه أقرب درجةً من ولده.
أخ لأبٍ وابنه، الأخ لأب له العصبة؛ لأنه أقرب درجةً، ولو كان ابن أخ شقيق، ابن أخ شقيق وأخ لأب، فالأخ لأب يُقدم على ابن الأخ الشَّقيق؛ لأنه أقرب درجةً، مثلما يُقدم الابن على ابن الابن، وابن الابن على ابن ابن الابن، فإذا استووا في الدَّرجة: كأخ شقيق وأخ لأب؛ يُقدم الشَّقيق؛ لأنه أقوى، قد أدلى بالشطرين، والأخ لأب ما أدلى إلا بشطرٍ واحدٍ، فيكون الأخ الشَّقيق أقوى .....، وقوله ﷺ: ألحقوا الفرائضَ بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجلٍ يعني: أقرب، والقرب يكون بالدَّرجة، ويكون بالقوة.
س: .............؟
ج: يرث بالتَّبعيض، يرث بالجزء الذي عتق، وما يرث بالجزء الآخر، المبعض فيه تفصيل يأتي.
س: ..............؟
ج: لأنَّ الله سمَّاه أبًا، جعل له أحكام الأب، ويقوم مقامه في نكاح البنات، وفي الولاية، والله سمَّاه أبًا فقال: وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ [النساء:22].
س: ...............؟
ج: الإخوة لأم لهم فرض، وليسوا عصبةً، يُعطون فرضًا، يُقدمون .....
س: ...........؟
ج: قبل الأشقاء، يُعطون فرضهم، يُقدمون بالفرض على الأشقاء والإخوة لأب جميعًا، فإذا مات ميتٌ عن أخوين لأمٍّ مثلًا وزوج وأخ شقيق، فالزوج يُعطى النصف، فله ثلاثة من ستة، والأخوان لأم يُعطون الثلث اثنين، فيبقى واحد للأخ الشَّقيق؛ لأنه عاصب، والرسول يقول: ألحقوا الفرائضَ بأهلها ....... ما في فرائض، فما بقي فهو لأولى رجلٍ ذكرٍ.
وهنا ثلاث قواعد مهمة ذكرها الفرضيون رحمهم الله:
الأولى: لا ميراثَ لعصبة عصبات المُعتِق إلا أن يكونوا عصبةً للمُعتِق.
الثانية: لا ميراثَ لمُعتِق عصبات المُعتِق إلا مَن أعتق أباه أو جده.
الثالثة: لا يرث النساءُ بالولاء، إلا مَن أعتقن أو أعتقه مَن أعتقن.
حاشية: وهنا قاعدة رابعة، وهي: "لا يرث بنو أبٍ أعلى مع بني أبٍ أقرب وإن نزلوا"، ويُستفاد من هذه القاعدة أنَّ عمَّ الميت وبني عمه وإن نزلوا أولى بالإرث من عمِّ أبيه وابن عمِّ أبيه، وعم أب الميت وابن عم أبيه وإن نزل أولى بالإرث من عمِّ جده وابن عمِّ جده، وقس على ذلك.
الشيخ: هذه قواعد مهمَّة:
- لا ميراثَ لعصبة عصبات المعتِق إلا أن يكون عصبة المعتق.
- والثانية: لا ميراثَ لمعتق عصبات المعتِق إلا مَن أعتق أباه أو جدَّه، فإذا أعتق أخاه أو ابنه لا يرثهما، إنما إذا أعتق أباه أو جدَّه صارت الذريةُ لها نعمة عليه، إذا لم يُعتقهم غيره.
- وهكذا لا يرث النساء بالولاء إلا مَن أعتقن، أو أعتقه مَن أعتقن، يُخرج: بنات المعتق وأخواته، لا إرثَ لهم بالعتق، إلا إذا كن مُعتِقات الميت، أو ممن أعتق الميت.
- وهكذا لا يرث بنو أبٍ أعلى مع بني أبٍ أقرب وإن نزلوا، فإذا مات الإنسان عن عمِّه وعمِّ جده؛ فيرث عمُّه لأنه أقرب. وإن مات عن عمِّ جده، وعن عمِّ أبي جده؛ فالإرث لعمِّ جده لأنه أقرب. وبنوهم بمنزلتهم: بنو عمِّ أبيه أقرب من بني عمِّ جده، وهكذا.
القسم الثاني من العصبة: العصبة بالغير، وهم أربعة أصناف:
- البنت فأكثر مع الابن فأكثر.
- وبنت الابن فأكثر مع ابن الابن فأكثر الذي في درجتها، سواء كان أخاها، أو ابن عمِّها، أو مع ابن الابن الذي أنزل منها إن احتاجت إليه.
- والأخت الشَّقيقة فأكثر مع الأخ الشَّقيق فأكثر.
- والأخت لأبٍ فأكثر مع الأخ لأبٍ فأكثر.
الشيخ: هؤلاء يُقال لهم: العصبة بالغير، بخلاف العصبة بالنفس: الأب، والجد، والابن، وابن الابن، ونحوهم، هؤلاء عصبة بالنفس، كل واحدٍ بنفسه، ما يحتاج لغيره، الأب يرث بالتَّعصيب بنفسه، والجد، والابن، والأخ، والعم، هؤلاء العصبة بأنفسهم، متى وُجدوا ورثوا إذا لم يُوجد مَن هو أولى منهم: فالأب لا أحد أولى منه بالعصب إلا الابن إذا وُجد، والابن وابن الابن لا أحدَ أولى منهما بعد الأب والجدّ، فهم أولى من الإخوة، وهكذا.
المقصود أنَّ هؤلاء الذكور كلهم عصبة بالنفس، وهكذا المعتِق عصبة بنفسه، والمعتِقة، بخلاف البنت وبنت الابن والشقيقة والأخت لأب، هؤلاء عصبة بغيرهم؛ إما أن يكونوا عصبةً مع إخوتهم، فإذا وُجدوا وحدهم فهم من أهل الفروض؛ البنت لها فرض: إن كانت واحدةً لها النصف، وإن كان معها جماعة مع غيرها ترث الثلثين، وهكذا بنت الابن، وهكذا الأخت الشقيقة، وهكذا الأخت لأب، كلهم أهل فرائض، إلا إذا كان معهم إخوتهم، صاروا عصبةً بالغير، يعني: بالأخ الذي معهنَّ.
فالبنت عصبة بأخيها، وبنت الابن عصبة بأخيها، وابن عمِّها الذي في درجتها عصبة به، فلو مات ميتٌ عن بنت ابنه زيد، وعن ابن ابنه عمرو، صار عصبةً لها؛ لأنه في درجتها، له ولدان: زيد وعمرو، فمات الإنسانُ عن بنت زيدٍ وابن عمرو، فإنه يُعصبها عند فقد آبائهما؛ لأنه في درجتها.
وهكذا لو كان أنزل منها، وهي احتاجت إليه عصَّبها، فلو مات إنسانٌ عن زوجةٍ وبنتين، وعن بنت ابنٍ تسقط؛ لأنَّ ما لها شيئًا بعد استغراق البنات الثلثين، لكن لو وُجد ابن عمِّها -ابن ابنٍ في درجتها أو أنزل منها- عصَّبها، فإذا مات ميتٌ مثلًا عن بنتين، وعن بنت ابنٍ، وعن ابن ابن ابن عصَّبها؛ لأنها محتاجة إليه، لا يتركها، يأخذها معه؛ لأنها فوقه، أو في درجته، فإذا عصَّب مَن في درجته فالتي فوقه من باب أولى أن يُعصِّبها؛ لأنَّ كلا منهما أولاد للميت، فيدخلون في قوله تعالى: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء:11] .............
الشيخ: هؤلاء يُقال لهم: العصبة مع الغير، لا بغيرهن؛ لأنَّ البنت وبنت الابن ليسوا عصبةً؛ ولهذا قيل: مع الغير، بخلاف البنت مع الابن فهي عصبة بالغير، بنت الابن مع ابن الابن عصبة بالغير، الشَّقيقة مع الشَّقيق عصبة بالغير، وهكذا الأخت لأب مع الأخ لأب، لكن الأخوات مع البنات عصبات مع الغير، يعني: صحبتهن، إذا كانوا صحبةً -البنات- صاروا عصبةً، لا بهن، ولكن لصحبتهنَّ لهن.
فإذا مات ميتٌ عن بنتٍ وأختٍ شقيقةٍ أو أختٍ لأبٍ، تُعطى البنت النصف، والأخت لها الباقي عصبةً، سواء كانت شقيقةً أو لأبٍ؛ لأنه ثبت في "صحيح البخاري" عن ابن مسعودٍ : أن النبي ﷺ قضى في بنتٍ وبنت ابنٍ وأختٍ قال: للبنت النصف، ولبنت الابن السدس تكملة الثلثين، والباقي للأخت جعلها عصبةً معها.
وهنا مسألتان مُهمتان:
المسألة الأولى: إذا هلك هالكٌ عن أبي مُعتِقٍ، وعن مُعتِق أب، فالمال لأبي المُعتِق؛ لأنَّ الميت عتيق ابنه. وأما مُعتِق الأب فليس له ولاء عليه؛ لأنَّ من شرط ثبوت الولاء على فرع العتيق أن لا يمسّه رقٌّ لأحدٍ كما تقدم.
الشيخ: هذا واضح، إذا مات ميتٌ عن أبٍ مُعتقٍ، أو ابن مُعتِقٍ، أو أخٍ مُعتِقٍ، أو عن مُعتِق أب، فالإرث لأخ المعتِق وأبيه وابنه ونحوهم، وأبو المعتِق ومُعتِق الأب ليس .....؛ لأنه فرع عتيقه، معتق لغيره، مملوك لغيره، وشرط ثبوت الولاء على فرع العتيق ألا يمسّه رقٌّ لأحدٍ، وألا يكون حرَّ الأصل .....
المقصود أنَّ هذا مسّ رقّه لقريب العاصب الثاني، فإذا هلك هالكٌ عن أبي المعتِق، أو أخي المعتق، أو ابن المعتق، أو عم المعتق، مع معتق أب، أو أبي معتق أب، فالورث لأبي المعتق وابن المعتق وأخي المعتق؛ لأنهم هم عصبة المعتِق.
المسألة الثانية: إذا اشترى ابن وأخته أباهما، فعتق عليهما، ثم ملك الأب قنًّا فأعتقه، ثم مات الأب فورثاه بالنَّسب، ثم مات العتيقُ فميراثه للابن دون أخته؛ لكونه ابن ابن معتق، لا لكونه معتق معتق؛ لأنَّ جهة بنوة المُعتِق مقدمة على جهة الولاء.
ويُروى أنَّ مالكًا رحمه الله تعالى قال: سألتُ عنها سبعين قاضيًا من قُضاة العراق، فأخطأوا فيها؛ ولهذا تُسمَّى: مسألة القُضاة، والله تعالى أعلم.
الشيخ: وهذا واضح؛ لأنه إذا اشترى الإنسانُ، إذا كان مثلًا له أب رقيق واشتراه هو وأخته؛ عتق عليهما، فإذا مات ورثا بالنَّسب: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء:11]، أما إذا كان له عتيق، يعني: بعد إعتاقه اشترى عبيدًا وأعتقهم، فإرثهم للعصبة، والابن هو العصبة، والبنت ليست من العصبة، والولاء لا يورث، ما هو مثل المال يورث، فيكون له عصبة؛ لقول النبي ﷺ: الولاء لمن أعتق، فلما مات المعتِق صارت عصبته محلَّه.
فوائد:
الأولى: إذا اجتمع في شخصٍ جهتا تعصيبٍ فأكثر ورث بالجهة المُقدمة.
مثال ذلك: ابن هو مُعتِق، فيرث بكونه ابنًا، لا بكونه مُعتِقًا، وكذا ابنٌ هو ابن ابن عمٍّ، وابن مُعتِق، فيرث بكونه ابنًا، لا بكونه ابن ابن عمٍّ، ولا بكونه ابن مُعتِقٍ؛ لأنَّ جهة البنوة مُقدمة على غيرها.
الشيخ: نعم، هذا واضح، إذا اجتمعت فيه جهتان -جهتا تعصيبٍ- يرث بالمقدمة، لا بالمؤخرة، فإنسان هو ابن الميت وابن عمٍّ، فهو يرث بكونه ابن الميت أو المعتِق؛ لكونه ابنه، فلو كان الميتُ أعتق عتيقًا، وهو مُعتَق من شخصين؛ ورثه بنوه دون المعتِقين، وإن كان ابنه معه مُعتِقه.
الحاصل أنَّ جهة البنوة تُقدم على جهة بنوة العم، وعلى جهة الولاء.
وكذلك زوج وابن عمٍّ ومُعتِق أيضًا، فيرث ..... يرث بفرض الزوجية، ويرث الباقي بكونه ابن عمِّه، لا بكونه مُعتِقًا.
الشيخ: وهذه قد تخفى على بعض الناس، فإذا ماتت امرأةٌ عن زوجها، وهو ابن عمِّها، فإنه يُعطى النصف؛ لكونه زوجًا، ويُعطى الباقي تعصيبًا؛ لأنه ابن عمِّها، فلو هناك بنو عمٍّ آخرون اشتركوا معه، لو كانت امرأةٌ لها خمسة كلهم بنو عمِّها الشَّقيق، فتزوجها أحدُهم، ثم ماتت وليس لها ذرية، فإن زوجها يأخذ النصفَ، والنصف الثاني يكون بينه وبين بني عمِّها الآخرين الذين في درجته، سواء كانوا إخوةً أو غيرهم في درجته، فإن كانوا أنزل منه أخذ العصب هو، وإن كانوا هم أقرب منه أخذوا العصب دونه.
فالحاصل أنه إذا كان في الإنسان جهةُ فرضٍ وجهةُ تعصيبٍ يرث بهما، إلا أن تكون هناك جهةٌ بالعصب أقدم منها فتحجب.
امرأة مات عنها زوجها، ولها ابن، ثم أخذت أخاه، فجاء منها بابنٍ، فابنها هو أخو ابنها الأول، وهو ابن عمِّه أيضًا، فإذا مات الأول عن زوجةٍ مثلًا وعن أخيه لأمه، ورثت الزوجةُ فرضَها، وأخوه لأمه فرضه السدس، وأخذ الباقي بالعصبة؛ كونه ابن عمِّه.
الثالثة: إذا اجتمع في شخصٍ جهتا فرضٍ ورث بهما إن لم تحجب إحداهما الأخرى، فإن حجبت إحداهما الأخرى ورث بالحاجبة دون المحجوبة.
مثال ذلك: جدة هي أم أم أم، وأم أم أب، فترث ثلثي السدس بالجهتين.
الشيخ: لأنها جدَّة من الجهتين؛ هي جدة أم أمه، وجدة أم أبيه، فترث بهما، فإذا كانت معها جدة أخرى صار لها الثلث، مثل: أم أم أم، وأم أم أب، وأم أبي أب، فالثالثة لها سدس السدس، نعم.
ويُتصور هذا أيضًا في نكاح المجوس وفي الوطء بشبهةٍ.
مثال ذلك: ما لو تزوج مجوسي أُمَّه فأتت ببنتٍ، وكذا لو وطئ رجلٌ أمَّه بشبهةٍ فأتت ببنتٍ، فالبنت في المثالين قد اجتمع فيها جهتا فرضٍ: إحداهما كونها بنتًا للواطئ، والأخرى كونها أختَه من أمِّه، فترث الواطئ بكونها بنتًا، لا بكونها أختًا من أمٍّ؛ لأنَّ البنتَ تحجب أولاد الأم.
س: الأب إذا مات مع ابنه بحادث سيارةٍ؟
ج: المعروف عند العلماء: لا يرثون، ما دام القتل يُوجب الدية أو الكفَّارة أو القصاص لا يرثون، هذا المعروف عند أهل العلم؛ سدًّا لذريعة التَّساهل.
س: .............؟
ج: مطلقًا، ما دام وجبت عليه الكفَّارة أو الدية، أما إن كان ما وجب عليه شيء يرث.
س: ............؟
ج: إذا ما وُجد تفريط لا يمنع، يرث ولا ديةَ ولا كفَّارة.
س: المأموم إذا كان صلَّى صلاة نافلةٍ جماعة: كالتراويح، فهل المأموم القادر على القيام يُصلي جالسًا؟
ج: إيه، نعم، يُصلي جالسًا؛ لأنها نافلة، لو صلَّى التراويح وهو جالس وهو يقدر صحَّت، أو صلَّى الراتبة أو سنةَ الضُّحى جالسًا، تقول عائشة: كان النبيُّ يُصلي جالسًا في التطوع في الليل، يُصلي جالسًا.
س: قول النبي ﷺ: إذا صلَّى قائمًا فصلوا قيامًا، وإذا صلَّى جالسًا فصلوا جلوسًا؟
ج: هذه الفريضة.