10 من باب أحكام المفقود

باب ميراث الغرقى ونحوهم

إذا مات مُتوارثان فأكثر بهدمٍ أو غرقٍ أو حرقٍ أو طاعونٍ أو نحو ذلك، فلهما خمس حالات:

إحداهن: أن يتأخر موت أحد المُتوارثين ولو بلحظةٍ فيرث المُتأخِّر إجماعًا.

الثانية: أن يتحقق موتهما معًا فلا إرثَ إجماعًا.

الثالثة: أن تجهل الحال، فلا يُعلم أماتا معًا أم سبق أحدُهما الآخر.

الرابعة: أن يُعلم سبق أحدهما الآخر لا بعينه.

الخامسة: أن يُعلم السابق ثم يُنسى.

ففي الثلاث الأخيرة إذا لم يدَّع ورثةُ كل ميتٍ تأخَّر موت مورثهم يرث كل واحدٍ من تلاد مال الآخر دون ما ورثه؛ دفعًا للدور، وهذا مذهب الإمام أحمد رحمه الله، وهو قول عمر وعلي وابن مسعود رضي الله تعالى عنهم، وبه قال شريح وابن أبي ليلى وإبراهيم النَّخعي رحمهم الله تعالى.

وذهب زيد بن ثابتٍ رضي الله تعالى عنه إلى عدم التَّوريث، وهو مذهب الأئمة الثلاثة رحمهم الله تعالى.

حاشية: واختاره جمعٌ من الحنابلة، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وجده المجد، وهو أرجح دليلًا والله أعلم.

إذا عرفتَ ذلك فطريق العمل على مذهب أحمد رحمه الله أن تُقدر أنَّ أحد الميتين أو الأموات مات أولًا، ثم تقسم جميع ماله الأصلي -ويُسمى التلاد- على مَن يرثه من الأحياء ومَن مات معه، فما حصل لكل واحدٍ ممن مات معه -ويُسمى الطريف- فاقسمه على الأحياء من ورثته بعد أن تجعل لهم مسألة وتقسمها عليهم، فإن انقسم عليهم صحَّت مسألتهم مما صحَّت منه الأولى، وإن لم ينقسم نظرت بينه وبين مسألتهم كنظرك بين الفريق وسهامه، فإن باينها أثبتَّ جميعها، وإن وافقها أثبت وفقها، ثم بعد هذا تُقسم طريف الميت الثالث إن كان على الأحياء من ورثته بعد أن تجعل لهم مسألةً وتقسمها عليهم، فإن انقسم عليهم صحَّت مسألتهم مما صحَّت منه الأولى، وإن لم ينقسم نظرت بينه وبين مسألتهم كنظرك بين الفريق وسهامه، فإن باينها أثبت جميعها، وإن وافقها أثبت وفقها.

ثم إن كان هناك ميت رابع قسمت طريفه على الأحياء من ورثته وعملت كما سبق، وهكذا إلى أن تنتهي الأموات، ثم تنظر بعد ذلك بين المُثبتات من المسائل أو وفقها بالنسب الأربع، فما حصل بعد النظر والعمل فهو كجزء السهم يُضرب في مسألة الميت الأول، فما حصل فمنه تصح مسألة الميت الأول، ومسائل الأحياء من ورثة مَن مات معه، ومَن له شيء من الأولى أخذه مضروبًا في جزء السَّهم، ومَن له شيء من المسائل الأخيرة.

حاشية: هذا لا يصح إلا إذا كان الغرقى ونحوهم اثنين، فإن كانوا أكثر من ذلك فطريق القسم أن يُقال: بعد ضرب جزء السهم في المسألة الأولى، ثم تأخذ نصيب كل وارثٍ من المسألة الأولى فتضربه في جزء السهم، فما بلغ فهو لذلك الوارث إن كان حيًّا، وإن كان ميتًا فهو لورثته مُنقسمًا على مسألتهم.

وهذا الطريق صالح أيضًا فيما إذا كان الغرقى ونحوهم اثنين. وبذلك يُعلم أنَّ هذا الطريق أعمّ من الطريق المذكور وأسهل، والله أعلم.

الشيخ: هذا الباب في مسألة الغرقى: إذا مات اثنان فأكثر مُتوارثان بغرقٍ أو حرقٍ أو هدمٍ أو ما أشبه ذلك من الحوادث، ولم يُعرف السابق مثلما يقع الآن في حوادث السيارات، فهل يتوارثون أم لا؟

ذهب زيد بن ثابتٍ رحمه الله والجمهور إلى أنه لا توارث؛ لأنَّ من شرط الإرث تحقق حياة الوارث حين موت المورث، وهذا مفقود، فلا توارث إلا إذا علم السابق.

فالأحوال خمسة بالاستقراء:

تارةً يُعلم أنَّ أحدهم مات قبل الآخر، إذا عُرف أنَّ زيدًا مات قبل أبيه أو قبل زوجته فيتوارثان.

الحالة الثانية: أن يُعرف أنهما ماتا جميعًا، فلا توارث عند الجميع.

الحالة الثالثة: أن يجهل الحال، فلا توارث على الصحيح.

والرابعة: أن يُعلم سبق أحدهما، ولكن لا تُعرف عينه، فلا توارث عند الجمهور أيضًا.

الخامسة: أن يُعلم ثم يُنسى، فلا توارث.

فجميع الأحوال الأربع لا توارث فيها، أما الأولى التي عُلم فيها السابق ففيها التَّوارث.

وذهب أحمد رحمه الله وجماعة إلى أنَّ فيها توارثًا، أي الثالثة، الأخيرة: إذا جُهل السابق، أو عُلم السبق ولكن جُهل عين السابق، ولكن عُلم ونُسي، فهذه محل الخلاف، والصواب أنَّه لا توارث أيضًا، كما لو ماتا جميعًا، هذا هو الراجح، فلا .....، بل الشرط اختلَّ، ولم يُعلم حياة الوارث حين موت المورث، فلا توارث. وهذا هو قول الأكثر، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو الحق، وهو الذي نُفتي به، وهو أنه لا توارثَ؛ لعدم وجود الشروط التي يُعتمد عليها في الإرث، فإذا ماتا بغرقٍ أو هدمٍ أو حوادث السيارات ولم يُعرف السابق منهما أو منهم فلا توارث، وفَّق الله الجميع.

ومَن له شيء من المسائل الأخيرة أخذه مضروبًا في سهام مورثه أو وفقها، ثم بعد هذا تنتقل إلى الميت الثاني، فتُقدر أنه مات أولًا، وتعمل في تلاد ماله وطريف مَن مات معه مثل عملك في الميت الأول، وهكذا تعمل إن وُجد ثالثٌ فأكثر.

فلو ماتت امرأةٌ وابنها وجُهل الحال، أو عُلم السبق ولم يُعلم عين السابق منهما، أو عُلم ثم نُسي، وخلفت المرأةُ أبوين، وخلف الابنُ بنتًا، فمسألة المرأة من ستة: لكلٍّ من أبويها السدس= واحد، والباقي أربعة للابن. ومسألة ورثة الابن الأحياء من ستة: للجدة أم الأم السدس= واحد، وللبنت النصف= ثلاثة، والباقي اثنان للعاصب.

وبين المسألة وسهام الابن توافق بالنصف، فتأخذ وفق المسألة ثلاثة، وهو جزء السهم، فتضربه في مسألة المرأة ستة، فتبلغ ثمانية عشر، لكل واحدٍ من أبوي المرأة واحد من مسألتها يُضرب في جزء السهم ثلاثة، فيحصل له ثلاثة، وللجدة التي هي أم في الأولى من مسألة ورثة الابن واحد يُضرب في وفق السهام اثنين باثنين، فيكون جميع ما لها من المسألتين خمسة، ولبنت الابن من مسألة ورثة الابن ثلاثة تُضرب في وفق السهام اثنين بستة، وللعاصب منها اثنان يُضربان في وفق السهام اثنين بأربعة.

ومسألة تلاد الابن من ستة: لأمه السدس= واحد، ولبنته النصف= ثلاثة، والباقي اثنان للعاصب.

ومسألة ورثة الأم الأحياء من ستة: لكل واحدٍ من أبويها السدس= واحد، ولبنت ابنها النصف= ثلاثة، والباقي واحد لأبيها تعصيبًا.

وبين مسألة ورثة الأم وسهامها تباين، فتُضرب المسألة ستة -وهي جزء السهم- في مسألة الابن ستة، فتبلغ ستة وثلاثين: لبنت الابن من مسألته ثلاثة تُضرب في جزء السهم ستة، فيحصل لها ثمانية عشر، ولعاصب الابن من مسألته اثنان يُضربان في جزء السهم ستة، فيحصل له اثنا عشر، ولبنت الابن من مسألة ورثة الأم ثلاثة تُضرب في سهام الأم واحد بثلاثة، فيكون جميع ما لها من المسألتين واحدًا وعشرين، ولأب الأم من مسألة ورثتها اثنان يُضربان في سهمها واحد باثنين، ولأمها واحد يُضرب في سهمها واحد بواحدٍ.

ولو مات أخوان أحدهما عتيق لعمرو، والآخر عتيق لزيد، فمال عتيق عمرو لزيد، ومال عتيق زيد لعمرو، والله تعالى أعلم.

الشيخ: على كل حالٍ القسم على القول بالتَّوريث يحتاج إلى تأملٍ، ولكن الحمد لله الصواب عدم التَّوارث وينتهي الأمر.

باب الرد وبيان مَن يستحقه

الرد: نقص في سهام المسألة، زيادة في أنصباء الورثة، ضدّ العول، وشرطه: عدم جميع العصبة، ويرد على جميِع أهل الفروض إلا الزوجين، وأصول مسائل أهل الرد المُختلف إرثهم أربعة، كلها مقتطعة من أصل ستة: أصل اثنين، وأصل ثلاثة، وأصل أربعة، وأصل خمسة.

إذا عرفتَ هذا فاعلم أنه إن كان مَن يرد عليه شخصًا واحدًا: كأم أو بنت أو نحوهما، أخذ جميع المال فرضًا وردًّا، وإن كانوا عددًا قد استوى إرثهم: كإخوة لأم أو بنات أو بنات ابن ونحو ذلك، فمسألتهم من عدد رؤوسهم فرضًا وردًّا، وإن اختلف إرثهم فاجمع أنصباءهم من أصل ستة، فما اجتمع فهو أصل مسألة الرد، فاقسمه عليهم، ثم انظر بين كل فريقٍ وسهامه، فلا يخلو من أن تنقسم أو تُوافق أو تُباين، فإن انقسم على كل فريقٍ سهامه فالأمر واضح، وإن لم تنقسم أو انقسمت على بعضٍ دون بعضٍ فاعمل كما سبق في باب الحساب.

مثال ذلك: لو هلك هالك عن أم وأختين من أم، أصل مسألتهم من ستة، وترجع بعد الرد إلى ثلاثة: للأم واحد فرضًا وردًّا، وللأختين لأم اثنان فرضًا وردًّا، ونصيب الأختين منقسم عليهما.

ولو هلك هالكٌ عن بنتٍ وخمس بنات ابنٍ، فأصل المسألة من ستة، وترجع بعد الرد إلى أربعة: للبنت ثلاثة فرضًا وردًّا، ولبنات الابن واحد فرضًا وردًّا، وهو لا ينقسم عليهن، بل ينكسر ويُباين، فتضرب رؤوسهن خمسة -وهي جزء السهم- في أصل مسألة الرد أربعة، فتبلغ عشرين: للبنت من أصلها ثلاثة تُضرب في جزء السهم خمسة فيحصل لها خمسة عشر، ولبنات الابن منها واحد يُضرب في جزء السهم خمسة فيحصل لهنَّ خمسة، لكل واحدةٍ منهن واحد.

ولو هلك هالك عن جدَّتين وخمس أخوات لغير أم، فأصل المسألة من ستة، وترجع بعد الرد إلى خمسة: للجدتين واحد فرضًا وردًّا، لا ينقسم عليهما، بل ينكسر ويُباين، وللأخوات أربعة فرضًا وردًّا، لا تنقسم عليهن، بل تنكسر وتُباين، فتضرب رؤوسهن خمسة في رؤوس الجدَّتين فيحصل عشرة، وهي جزء السهم، فيضرب في أصل مسألة الرد خمسة، فيحصل خمسون: للجدتين من أصلها واحد يُضرب في جزء السهم عشرة، فيحصل لهما عشرة، لكل واحدةٍ خمسة، وللأخوات من أصلها أربعة تُضرب في جزء السهم عشرة، فيحصل لهن أربعون، لكل واحدةٍ ثمانية.

وهذا العمل فيما إذا لم يكن مع أهل الرد أحد الزوجين، فأما إن كان معهم أحد الزوجين فطريق العمل أن تُعطي الموجود من الزوجين فرضه من مخرجه، وما بقي فهو لأهل الرد، فإن كان مَن يرد عليه واحدًا أخذه فرضًا وردًّا: كزوج أو زوجةٍ مع بنتٍ أو بنت ابنٍ أو أم أو نحو ذلك، وإن كان مَن يرد عليه عدد قد استوى إرثهم فاقسم الباقي بعد فرض الموجود من الزوجين عليهم، كما لو كانوا عصبةً، فإن انقسم عليهم فواضح، وإن لم ينقسم فاضرب رؤوسهم إن باينت، أو وفقها إن وافقت في أصل مسألة الموجود من الزوجين، فما حصل فمنه تصح.

مثال ذلك: زوج وثلاث بنات، أصل المسألة من أربعة: للزوج الربع= واحد، وللبنات الباقي ثلاثة فرضًا وردًّا، وهي منقسمة عليهن، ولو كن خمسًا لم تنقسم الثلاثة عليهن، بل تنكسر وتباين، فتُضرب رؤوسهن خمسة -وهي جزء السهم- في أصل المسألة أربعة، فتبلغ عشرين: للزوج من أصلها واحد يُضرب في جزء السهم خمسة، فيحصل له خمسة، وللبنات من أصلها ثلاثة تُضرب في جزء السهم خمسة، فيحصل لهن خمسة عشر، لواحدتهن مثل ما لجماعتهن من أصلها، وهو ثلاثة.

ولو مات ميتٌ عن زوجةٍ وأربع عشرة بنتًا، فأصل المسألة من ثمانية: للزوجة الثمن= واحد، والباقي للبنات فرضًا وردًّا، لا ينقسم عليهن، بل ينكسر ويُوافق رؤوسهن بالسبع، فيُضرب سبع رؤوسهن اثنان -وهو جزء السهم- في أصل المسألة ثمانية، فيحصل ستة عشر: للزوجة من أصلها واحد يُضرب في جزء السهم اثنين، فيحصل لها اثنان، وللبنات من أصلها سبعة تُضرب في جزء السهم اثنين، فيحصل لهن أربعة عشر، لواحدتهن مثل ما لوفق جماعتهن من أصلها وهو واحد.

وإن اختلف إرث أهل الرد فاجعل مسألةً أخرى واقسمها عليهم وأعطها ما تستحقه من التَّصحيح إن احتاجت إليه، ثم انظر بينها وبين الباقي بعد فرض الموجود من الزوجين، فإن انقسم الباقي على مسألة أهل الرد صحَّت مسألتهم مما صحَّت منه مسألة الموجود من الزوجين.

مثال ذلك: زوجة وأم وأخوان لأم، مسألة الزوجة من أربعة: للزوجة الربع= واحد، والباقي لأهل الرد، ومسألة أهل الرد من ثلاثة: للأم واحد، وللأخوين لأم اثنان، والباقي بعد فرض الزوجة منقسم على مسألة أهل الرد، فصحَّت مسألتهم مما صحَّت منه مسألة الزوجة، وإن لم ينقسم الباقي بعد فرض الموجود من الزوجين على مسألة أهل الرد فلا يخلو: إما أن يوافق أو يُباين، فإن وافق ضربت وفق مسألة أهل الرد في كامل مسألة الموجود من الزوجين، فما بلغ صحَّت منه المسألتان. وإن باين الباقي بعد فرض الموجود من الزوجين مسألة أهل الرد ضربت جميعَ مسألتهم في كامل مسألة الموجود من الزَّوجين، فما بلغ فمنه تصح المسألتان، ثم بعد هذا تضرب نصيب الموجود من الزوجين في مسألة أهل الرد عند المُباينة، وفي وفقها عند الموافقة، فما حصل فهو له، وتضرب نصيب كل واحدٍ من أهل الرد في الباقي بعد فرض الموجود من الزوجين عند المُباينة، وفي وفقه عند المُوافقة، فما حصل فهو له.

فمثال المُوافقة: زوجة وجدَّتان وأخوان لأم، مسألة الزوجة من أربعة: للزوجة الربع= واحد، والباقي لأهل الرد. ومسألة أهل الرد أصلها من ستة، وترجع بالرد إلى ثلاثة: للجدّتين واحد، وللأخوين لأم اثنان، ونصيب الجدّتين لا ينقسم عليهما، بل ينكسر ويُباين، فتضرب رؤوسهما -وهي جزء السهم- في مسألة أهل الرد ثلاثة، فتبلغ ستة: للجدتين واحد في جزء السهم اثنين باثنين، لكل واحدةٍ واحد، وللأخوين لأم اثنان يُضربان في جزء السهم اثنين، فيحصل أربعة، لكل واحدٍ اثنان، وبين الباقي من مسألة الزوجة وما صحَّت منه مسألة أهل الرد توافق بالثلث، فيُضرب وفق مسألة أهل الرد وهو اثنان في مسألة الزوجة، فيحصل ثمانية: للزوجة واحد مضروب في وفق مسألة أهل الرد اثنين باثنين، ولكل واحدةٍ من الجدَّتين واحد مضروب في وفق الباقي بعد فرض الزَّوجة واحد بواحد، ولكل واحدٍ من الأخوين اثنان مضروبان في وفق الباقي بعد فرض الزوجة واحد باثنين.

ومثال المُباينة: زوج وبنت وبنت ابن، مسألة الزوج من أربعة: للزوج الربع= واحد، والباقي لأهل الرد، ومسألة أهل الرد من أربعة: للبنت ثلاثة، ولبنت الابن واحد، وبين الباقي بعد فرض الزوج ومسألة أهل الرد مُباينة، فتضرب مسألة أهل الرد في كامل مسألة الزوج فتبلغ ستة عشر: للزوج واحد مضروب في مسألة أهل الرد أربعة، فيحصل له أربعة، وللبنت ثلاثة مضروبة في الباقي من مسألة الزوج وهو ثلاثة، فيحصل لها تسعة، ولبنت الابن واحد  مضروب في الباقي من مسألة الزوج ثلاثة، فيحصل لها ثلاثة.

وعلى هذه الأمثلة يُقاس ما أشبهها، والله تعالى أعلم.

الشيخ: هذا البحث يتعلق بالرد، والرد هو نقص في السهام، وزيادة في الأنصباء. فإذا وُجد جماعة من أهل الفروض، وبقي بقية من السهام، فإنها تُرد عليهم، وهو ضد العول؛ فإنَّ العول زيادة في الأنصباء، نقص في السهام. فإذا وُجد واحدٌ من الورثة من ذوي الأرحام الأقارب يُعطى المال كله فرضًا وردًّا، وهذا هو القول الصواب.

المسألة فيها خلاف؛ بعض أهل العلم يرى أنَّ ما بقي بعد الفرض يكون لبيت المال، والصواب أنه يكون للأقارب، والزوجان لا يُرد عليهما؛ لأنهما ليسا من ذوي الأرحام، والله يقول سبحانه: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ [الأنفال:75]، والنبي ﷺ يقول: مَن ترك مالًا فلورثته، وفي الحديث الصحيح أنَّ امرأةً وهبت أمها جاريةً، ثم تُوفيت أمها، فقال النبيُّ ﷺ: وجب أجرك على الله، وردَّها عليها في الميراث فأعطاها الجارية كلها فرضًا وردًّا.

فإذا مات ميتٌ عن قريبٍ ذي فرضٍ: كأم أو بنت أو أخت، وليس له ورثة ولا عصبة، فإنَّ المال يكون لهذا القريب فرضًا وردًّا.

مات إنسانٌ عن أمه، ما له عصبة، المال كله لأمه، مات عن بنته، يكون لبنته، مات عن أخته، يكون لأخته فرضًا وردًّا، فإن كانوا جماعةً في درجةٍ واحدةٍ: كبنات وأخوات، أو جدَّات مستويات، يكون بينهن كالعصبة، مثلما بين، فإن اختلف ذلك اقتطعت مسائلهم من أصل ستة، وهي أربعة أصول: اثنين وثلاثة وأربعة وخمسة، كما بين، والأمر واضح فيما قرأت من تأمل.

والخلاصة: أن الميت إذا مات عن ذوي فرضٍ، وليس له عصبة، فإن ماله يُقسم بين أصحاب الفروض كالعصبة سواء، إن كانوا من جنسٍ واحدٍ أخذوه كالعصبة: كبنات وأخوات وجدَّات مستويات كالعصبة، فإن مات ميتٌ عن خمس بناتٍ يُقال: ماله بينهن، كل واحدةٍ لها الخمس كالعصبة، أو مات عن خمس أخوات أشقاء أو لأب أو لأم على السواء، يكون المالُ بينهن كالعصبة، وإن اختلف إرثهم: كبنت وبنت ابن، قسم بينهم أولًا على حسب فروضهم، يكون من ستة: للبنت النصف، ولبنت الابن السدس، واثنان ترجع إليهما على حسب فروضهما واحد، ونصف للبنت، ونصف لبنت الابن، فيكون أصل المسألة من أربعة، ترجع إلى أربعة فرضًا وردًّا: للبنت ثلاثة فرضًا وردًّا، ولبنت الابن واحد فرضًا وردًّا، وهكذا لو كانت أخت شقيقة وأخت لأب، أصلها من ستة، وترجع إلى أربعة: للشقيقة ثلاثة، وللأخت لأب واحد فرضًا وردًّا، وهكذا لو كانت أم وأخوات شقائق أو أخوات لأب أو بنات، فيكون أصلها من ستة، ترجع إلى خمسة: للأم واحد فرضًا وردًّا، وللبنات أو الأخوات الثلثان= أربعة فرضًا وردًّا.

أما الزوجان فيُعطى كل واحدٍ نصيبه كاملًا: إذا مات ميت عن زوجٍ وعن بنتٍ، فالزوج يُعطى الربع، من أربعة، والبنت تأخذ الباقي فرضًا وردًّا. أو مات ميت عن زوجةٍ وبنتٍ، تُعطى الزوجة فرضها الثمن= واحد، من ثمانية، والباقي للبنت فرضًا وردًّا، أو لبنت الابن فرضًا وردًّا، وأما الحساب ..... الانكسار فقد بين كما قرأت.

وفَّق الله الجميع.

س: مَن قال بالرد على الزَّوجين هل على قوله دليل؟

ج: يُروى عن عثمان، لكنه قول ضعيف، الذي عليه أهل العلم لا ردَّ على الزوجين؛ لأنهم ليسوا من ذوي الأرحام، والله يقول: وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ [الأنفال:75]، والنبي ردَّ الجارية على البنت ولم يسأل عن زوج.

س: ...............؟

ج: إذا هلك هالكٌ عن زوجٍ أو زوجةٍ، الباقي لبيت المال، يُعطى الزوج فرضه، والباقي لبيت المال.

س: ..............؟

ج: وإن كانت بنت عمِّه يُعطى الباقي تعصيبًا، وإن كان من ذوي الأرحام يُعطى الباقي؛ لأجل أنه من ذوي الأرحام، والزوجة كذلك؛ إذا كانت من أقاربه تُعطى الباقي؛ لأنها من ذوي الأرحام.

س: ..............؟

ج: من جهة العموم يعني.