وفي فعل ابن عمر هذا ومداومته على إسباغ الوضوء لكل صلاة دلالة على استحباب ذلك، كما هو مذهب الجمهور.
وقال ابن جرير: حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة، حدثنا أزهر عن ابن عون، عن ابن سيرين: أن الخلفاء كانوا يتوضؤون لكل صلاة.
وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، سمعت مسعود بن علي الشيباني، سمعت عكرمة يقول: كان علي يتوضأ عند كل صلاة ويقرأ هذه الآية يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ [المائدة:6] الآية.
وحدثنا ابن المثنى، حدثني وهب بن جرير، أخبرنا شعبة عن عبدالملك بن ميسرة، عن النزال بن سبرة قال: رأيت عليا صلى الظهر ثم قعد للناس في الرحبة، ثم أتي بماء فغسل وجهه ويديه، ثم مسح برأسه ورجليه، وقال: هذا وضوء من لم يحدث، وحدثني يعقوب بن إبراهيم، حدثنا هشيم عن مغيرة عن إبراهيم: أن عليا اكتال من حب، فتوضأ وضوءا فيه تجوز، فقال: هذا وضوء من لم يحدث، وهذه طرق جيدة عن علي يقوي بعضها بعضا.
وقال ابن جرير أيضا: حدثنا ابن بشار، حدثنا ابن أبي عدي عن حميد، عن أنس، قال: توضأ عمر بن الخطاب وضوءا فيه تجوز خفيفا، فقال: هذا وضوء من لم يحدث، وهذا إسناد صحيح.الشيخ: الظاهر والله أعلم أنهما خففا بأن توضآ غرفة غرفة يعني غسلة غسلة فقط فإن هذا أدنى الواجب، الواجب مرة مرة، فإذا تمضمض مرة واستنشق مرة وأفاض الماء على وجهه مرة وغسل ذراعيه مرة مرة ومسح رأسه مرة، السنة في مسح الرأس مرة، وغسل رجليه مرة فهذا وضوء خفيف، والأفضل مرتين مرتين، والأكمل ثلاثًا ثلاثًا، فلعل عمر وعلي رضي الله عنهما في هذا تجوزا فخففا ولم يبالغا؛ لأنهما على طهارة.
........
وأما ما رواه أبو داود الطيالسي عن أبي هلال، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، أنه قال: الوضوء من غير حدث اعتداء، فهو غريب عن سعيد بن المسيب، ثم هو محمول على أن من اعتقد وجوبه فهو معتد، وأما مشروعيته استحبابا فقد دلت السنة على ذلك.الشيخ: وقد يكون قتادة ما سمعه من سعيد، قد يكون سمعه من ضعيف؛ لأن قتادة عنعن عن سعيد، فلعله لم يثبت عن سعيد، فإن ثبت فهو محمول على من توضأ بقصد الوجوب وأنه لا بدّ، فهذا اعتداء، أما من توضأ على سبيل الفضل وإدراك ما فيه من الوعد العظيم هذا لا بأس به نعم.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبدالرحمن بن مهدي، حدثنا سفيان عن عمرو بن عامر الأنصاري، سمعت أنس بن مالك يقول: كان النبي ﷺ يتوضأ عند كل صلاة، قال: قلت: فأنتم كيف كنتم تصنعون؟ قال: كنا نصلي الصلوات كلها بوضوء واحد ما لم نحدث، وقد رواه البخاري وأهل السنن من غير وجه عن عمرو بن عامر به.
وقال ابن جرير: حدثنا أبو سعيد البغدادي، حدثنا إسحاق بن منصور عن هريم، عن عبدالرحمن بن زياد، هو الإفريقي، عن أبي غطيف، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله ﷺ: من توضأ على طهر، كتب له عشر حسنات ورواه أيضا من حديث عيسى بن يونس عن الإفريقي، عن أبي غطيف، عن ابن عمر، فذكره، وفيه قصة. وهكذا رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، من حديث الإفريقي به نحوه. وقال الترمذي: وهو إسناد ضعيف.الشيخ: الإفريقي ضعيف وأبو غطيف محل نظر، شف التقريب.
الطالب: أبو غطيف بالتصغير الهذلي، مجهول من الثالثة وقيل هو غطيف أو غظيف بالظاء المعجمة، أبو داود والترمذي وابن ماجه.
الشيخ: أبو غطيف مجهول والإفريقي ضعيف، فاجتمع فيه ضعف من الجهتين، يعني كونه يكتب له عشر حسنات، هذا هو لفظ غريب، لكن يرجى له أكثر من ذلك، المتوضئ على طهر بقصد اتباع السنة يرجى له أكثر من ذلك، وهو موعود بالمغفرة.
وقال ابن جرير: وقد قال قوم: إن هذه الآية نزلت إعلاما من الله أن الوضوء لا يجب إلا عند القيام إلى الصلاة دون غيرها من الأعمال، وذلك لأنه عليه السلام كان إذا أحدث امتنع من الأعمال كلها حتى يتوضأ.
حدثنا أبو كريب، حدثنا معاوية بن هشام عن سفيان، عن جابر، عن عبدالله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عبدالله بن علقمة بن وقاص، عن أبيه، قال: كان رسول الله ﷺ إذا أراق البول، نكلمه فلا يكلمنا، ونسلم عليه فلا يرد علينا، حتى نزلت آية الرخصة يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ الآية [المائدة:6]، ورواه ابن أبي حاتم عن محمد بن مسلم عن أبي كريب به نحوه، وهو حديث غريب جدا، وجابر هذا هو ابن زيد الجعفي ضعفوه.الشيخ: ..... حدث أو المعنى إذا قمتم إلى الصلاة مطلقًا فإن كان عن حدث فهو واجب، وإن كان على الحال فهو مستحب، أو المعنى إذا قمتم من النوم، فبكل حال المقصود هو شرعية الوضوء للصلاة وأنه مقصود الآية، فإن كان عن حدث فهو أيضاً واجب لقوله ﷺ: لا تقبل صلاة بغير طهور رواه مسلم، ولقوله عليه الصلاة والسلام: لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ متفق عليه، ويشرع الوضوء ولو كان على طهارة من باب التجديد والحصول على فضل الطهور وما علق الله عليه من المغفرة.
وهكذا إذا قام من النوم وأراد الصلاة يتوضأ؛ لأنه ناقض.
الطالب: أحسن الله إليك! عبدالله بن علقمة بن وقاص الليثي مقبول من السادسة، البخاري في خلق أفعال العباد، والنسائي.
الشيخ: نعم.
.................
وقال أبو داود: حدثنا مسدد، حدثنا إسماعيل، حدثنا أيوب عن عبدالله بن أبي مليكة، عن عبدالله بن عباس: أن رسول الله ﷺ خرج من الخلاء فقدم إليه طعام، فقالوا: ألا نأتيك بوضوء؟ فقال: إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة وكذا رواه الترمذي عن أحمد بن منيع، والنسائي عن زياد بن أيوب عن إسماعيل وهو ابن علية به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
وروى مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن الحويرث، عن ابن عباس قال: كنا عند النبي ﷺ فأتى الخلاء ثم إنه رجع فأتي بطعام، فقيل: يا رسول الله ألا تتوضأ؟ فقال: لم؟ أصلي فأتوضأ.الشيخ: وهذا يبين خطأ هذا المرسل، وأنه أمر بالوضوء للصلاة، فإذا كان لا يريد الصلاة فلا يلزمه الوضوء لا في أكله ولا في شربه ولا في بقية أعماله، إنما يجب الوضوء للصلاة وهكذا ما في حكمها كالطواف أو لقراءة القرآن من المصحف، أما إذا أراد أعمالاً أخرى كالأكل أو الشرب أو أراد العمل بمزرعته أو يحفر بئرًا أو يصلح سيارة أو يصلح صنعة من الصنعات ليس عليه وضوء.
والأثر الذي تقدم من حديث عبدالله بن علقمة هذا لا وجه له، بل هو ضعيف جداً من جهتين: من جهة جابر الجعفي لا يحتج به لأنه رافضي، ومن جهة أنه مرسل أيضاً فهو ضعيف من الجهتين لا يساوي شيئًا ولا يحتج به.
......
وقوله فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [المائدة:6] قد استدل طائفة من العلماء بقوله تعالى إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [المائدة:6] على وجوب النية في الوضوء، لأن تقدير الكلام إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [المائدة:6] لها كما تقول العرب: إذا رأيت الأمير فقم، أي له.
وقد ثبت في الصحيحين حديث الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، ويستحب قبل غسل الوجه أن يذكر اسم الله تعالى على وضوئه، لما ورد في الحديث من طرق جيدة عن جماعة من الصحابة، عن النبي ﷺ أنه قال: لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه.الشيخ: في مسألة النية، النية شرط في العبادات، والصلاة أعظم العبادات بعد الشهادتين، فلا بدّ لها من النية، وهي أن يقوم إلى الصلاة بنية، وهكذا الوضوء أن يصدر عن نية الطهارة، فلو غسل أعضاءه من غير نية كالتبرد أو للأوساخ ما صار وضوءًا، لا بدّ أن يكون عن نية، ولو دخل في الصلاة ما له نية لا صلاة ظهر ولا نافلة ولا كذا، دخل فيها عن غير نية لكونه مشغول البال أو فيه نوم أو ما أشبه ذلك ما له نية لم تصح، حتى يدخلها بنية ظهر، عصر، مغرب، نافلة، يعرف أنه قام إلى صلاة.
وهكذا التسمية تشرع التسمية لهذا الحديث، وهو له طرق وإن كانت ضعيفة لكن المؤلف قواها بتعددها، ولهذا قال جمع من أهل العلم بوجوبها كأحمد رحمه الله وجماعة من أجل هذا الحديث الذي تعددت طرقه، وقال الجمهور أنها تستحب ولا تجب لأن الحديث في طرقه ضعف، فالاحتياط للمؤمن أن يسمي ويأخذ بالحزم إذا أراد أن يغسل كفيه للوضوء قال: بسم الله، كما يسمي عند غسله.
ويستحب أن يغسل كفيه قبل إدخالهما في الإناء ويتأكد ذلك عند القيام من النوم، لما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها ثلاثا، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده.الشيخ: هذا إذا كان من إناء، وإذا كان من الكبات مثل الآن يغسلها ثلاث من الكبات قبل أن يستعملها للمضمضة والاستنشاق، المقصود تنظيف اليدين وتطهيرها، ثم له أن يغسلهما ثلاثًا مطلقًا، ويتأكد هذا في القيام من النوم بل يجب لظاهر الحديث؛ لأن الرسول ﷺ أمر بذلك ونهى عن الترك قال: فلا يدخل يده حتى يغسلها، وفي اللفظ الآخر: فلا يغمس يده حتى يغسلها، ولفظ النهي للتحريم، وفي الأمر وجوب، فالواجب على من قام من النوم أن يغسلهما ثلاثًا قبل إدخالهما في الإناء قبل استعمالهما لأعمال الوضوء، ويتأكد هذا ويستحب في جميع الوضوء؛ لأنه كان عليه الصلاة والسلام إذا قام للوضوء غسل كفيه ثلاثًا في جميع أنواع الوضوء ليلاً ونهارًا.
وحد الوجه عند الفقهاء ما بين منابت شعر الرأس -ولا اعتبار بالصلع ولا بالغمم- إلى منتهى اللحيين والذقن طولا، ومن الأذن إلى الأذن عرضا وفي النزعتين والتحذيف خلاف: هل هما من الرأس أو الوجه؟ وفي المسترسل من اللحية عن محل الفرض قولان:
أحدهما: أنه يجب إفاضة الماء عليه لأنه تقع به المواجهة.الشيخ: وهذا هو الصواب أن النزعتان والتحذيف من الرأس، فإنما يغسل الجبهة وبقية الوجهة هو بين الأذنين، النزعتان والصدغان والتحذيف أطراف الشعر من القرنين كلها تبع الرأس، والصلع بعد الشعر هكذا، هذا تبع الرأس ولو أنه أصلع، كذلك الغمم كونه تنزل الشعور على جبهته فإذا كان نزل الشعر على خلاف العادة يغسل محل ما نزل.
س: نوم النهار يغسل منه كفيه؟
الشيخ: كذلك ينبغي إلحاقًا له بالليل، ولكن اختلفوا في وجوبه هل يجب أو ما يجب؟ وينبغي للمؤمن لأن العلة فإنه لا يدري أين باتت يده وهو لا يدري أين كانت يده في حال النوم.
وروي في حديث أن النبي ﷺ رأى رجلا مغطيا لحيته فقال: اكشفها فإن اللحية من الوجه وقال مجاهد: هي من الوجه، ألا تسمع إلى قول العرب في الغلام إذا نبتت لحيته: طلع وجهه.الشيخ: ..... أن اللحية من الوجه، واللحية تبين وجه الرجال وتميز وجه الرجل عن المرأة، فالمرأة بخلقة الله لا لحية لها غالبًا، والرجل غالبًا له لحية، وميزه الله بها، وقد يكون أمردًا لا لحية له، قد تكون المرأة ذا لحية قد يقع لكن هذا خلاف الأكثر في سنة الله سبحانه وتعالى، فاللحية تغسل مع الوجه ولو طالت يمر عليهما الماء، لكن إذا طالت لا يلزمه عركها وإدخال الماء إلى جوفها إذا عمها بالماء كفى؛ لأنها وجه.
س: تحديد المسترسل؟
الشيخ: الظاهر أنه أطراف الشعر.
س: المرأة تحلق لحيتها؟
الشيخ: إذا كان لها لحية لها أن تأخذها؛ لأنها تشوه خلقتها، المرأة تزيل اللحية والشارب لأنها تشوهها ولكنه بحمد الله نادر قليل.
الطالب: ...........؟
الشيخ: المقصود هو أطراف الشعر مثل القرنين والنزعتان ما أسفل من فوق الأذن..
.............
وروي في حديث أن النبي ﷺ رأى رجلا مغطيا لحيته فقال: اكشفها فإن اللحية من الوجه وقال مجاهد: هي من الوجه، ألا تسمع إلى قول العرب في الغلام إذا نبتت لحيته: طلع وجهه.
ويستحب للمتوضئ أن يخلل لحيته إذا كانت كثيفة.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبدالرزاق، حدثنا إسرائيل عن عامر بن حمزة، عن شقيق.الشيخ: كذا عندكم ابن حمزة؟
الطالب: عامر بن شقيق بن جمرة.
الشيخ: أيش عندكم أنتم؟
الطالب: هكذا عامر بن حمزة خطأ، وصوابه عامر بن جمرة، وهو عامر بن شقيق بن جمرة الأسدي الكوفي لين الحديث من السادسة، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجه، ذكره في التقريب بالجيم والراء، وفي الخلاصة بالجيم والزاي ابن جمزة، وهو يروي عن شقيق وهو ابن سلمة أبي وائل ويروي عنه إسرائيل، قال ابن معين: ضعيف الحديث، وقال أبو حاتم: ليس بقوي، وليس من أبي وائل بسبيل، وقال النسائي ليس به بأس، وذكره ابن حبان في الثقات. قلت: هذا قول الحافظ: صحح الترمذي حديثه في التخليل، وقال في العلل الكبير قال محمد: أصح شيء في التفسير عندي حديث عثمان، قلت: إنهم يتكلمون في هذا. فقال: هو حسن، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وغيرهم، والحديث رواه الترمذي وابن ماجه.
الشيخ: في التقريب حطها جمرة؟
الطالب: نعم، وفي الخلاصة جمزة. بالجيم والزاي، وفي التقريب: بالجيم والراء.
الشيخ: صلحها، عامر بن شقيق بن جمرة، يعني نسبه إلى جده.
.............
الطالب: يقول النزعة محركة ويسكن، يقول موضع النزع من الرأس، وهو انتشار الشعر من جانبي الجبهة.
الشيخ: نعم، شف التحذيف؟ طرف الرأس من الجانبين النزعة.
........
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبدالرزاق، حدثنا إسرائيل عن عامر بن شقيق بن جمرة عن شقيق قال: رأيت عثمان توضأ، فذكر الحديث، قال: وخلل اللحية ثلاثا حين غسل وجهه، ثم قال: رأيت رسول الله ﷺ فعل الذي رأيتموني فعلت، رواه الترمذي وابن ماجه من حديث عبدالرزاق، وقال الترمذي: حسن صحيح، وحسنه البخاري.
وقال أبو داود: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع، حدثنا أبو المليح، حدثنا الوليد بن زوران.الشيخ: زروان؟
الطالب: الوليد بن زوران، وقيل: زروان، يعني بتقديم الواو، ومرة بتأخيرها، زوران، وزروان، السلمي الرقي، لين الحديث، من الخامسة، قال الآجري عن أبي داود لا ندري سمع من أنس أولا وذكره ابن حبان في الثقات.
..........
حدثنا الوليد بن زوران، عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ كان إذا توضأ، أخذ كفا من ماء فأدخله تحت حنكه يخلل به لحيته، وقال: هكذا أمرني به ربي تفرد به أبو داود. وقد روي هذا من غير وجه عن أنس.الشيخ: وهو شاهد لحديث عثمان، وهو يقوي ما قال البخاري حسن، وقد يكون البخاري أراد بتحسينه تقويه برواية أنس، يشده نعم.
والخلاصة من هذا أنه يستحب التخليل إذا كانت كثيفة وإذا كانت شعرات خفيفة ما تحتاج إلى تخليل، يغسلها حتى يصل الماء إلى جلده، إن كان الشعر ما يستر جلده، فإذا كان كثيفًا تستر الجلد كفى غسل ظاهرها وإن خللها كان أفضل وأكمل، ولهذا ثبت عنه ﷺ أنه ربما غسل وجهه حتى أسال الماء على لحيته، ولم يخلل، جاء هذا عنه وهذا، فالتخليل مستحب وإسالة الماء على اللحية وإمراره عليها إن كانت كثيفة يكفي لأنه حصل به الغسل.
قال البيهقي: وروينا في تخليل اللحية عن عمار وعائشة وأم سلمة، عن النبي ﷺ، ثم عن علي وغيره، وروينا في الرخصة في تركه عن ابن عمر والحسن بن علي، ثم عن النخعي وجماعة من التابعين.
وقد ثبت عن النبي ﷺ من غير وجه في الصحاح وغيرها أنه كان إذا توضأ تمضمض واستنشق، فاختلف الأئمة في ذلك هل هما واجبان في الوضوء والغسل كما هو مذهب أحمد بن حنبل رحمه الله، أو مستحبان فيهما كما هو مذهب الشافعي ومالك، لما ثبت في الحديث الذي رواه أهل السنن، وصححه ابن خزيمة عن رفاعة بن رافع الزرقي أن النبي ﷺ قال للمسيء صلاته توضأ كما أمرك الله، أو يجبان في الغسل دون الوضوء كما هو مذهب أبي حنيفة، أو يجب الاستنشاق دون المضمضة كما هو رواية عن الإمام أحمد، لما ثبت في الصحيحين أن رسول الله ﷺ قال: من توضأ فليستنشق،الطالب: في نسخة (فليستنثر).
الشيخ: نعم.
وفي رواية: إذا توضأ أحدكم فليجعل في منخريه من الماء ثم لينتثر والانتثار هو المبالغة في الاستنشاق.الشيخ: والصواب أنها تجري فيهما جميعًا، الغسل والوضوء، يجب المضمضة والاستنشاق فيهما جميعًا؛ لأن الأحاديث ثابتة في هذا عن النبي ﷺ، ولأن الأنف والفم في حكم الوجه لأنهما ظاهران، فهما في حكم الوجه، ولهذا كان يتمضمض ويستنشق عليه الصلاة والسلام وأمر بذلك، فهما من جنس الوجه وقطعة من الوجه لا بدّ من ذلك، والواجب مرة والتثليث أفضل.
س: قص المرأة شعر رأسها بغير التشبه هل فيه بأس؟
الشيخ: ما نعلم فيه شيء، قد قص أمهات المؤمنين رؤوسهن لما توفي النبي ﷺ للتخفيف.
وقال ابن جرير: حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة، حدثنا أزهر عن ابن عون، عن ابن سيرين: أن الخلفاء كانوا يتوضؤون لكل صلاة.
وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، سمعت مسعود بن علي الشيباني، سمعت عكرمة يقول: كان علي يتوضأ عند كل صلاة ويقرأ هذه الآية يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ [المائدة:6] الآية.
وحدثنا ابن المثنى، حدثني وهب بن جرير، أخبرنا شعبة عن عبدالملك بن ميسرة، عن النزال بن سبرة قال: رأيت عليا صلى الظهر ثم قعد للناس في الرحبة، ثم أتي بماء فغسل وجهه ويديه، ثم مسح برأسه ورجليه، وقال: هذا وضوء من لم يحدث، وحدثني يعقوب بن إبراهيم، حدثنا هشيم عن مغيرة عن إبراهيم: أن عليا اكتال من حب، فتوضأ وضوءا فيه تجوز، فقال: هذا وضوء من لم يحدث، وهذه طرق جيدة عن علي يقوي بعضها بعضا.
وقال ابن جرير أيضا: حدثنا ابن بشار، حدثنا ابن أبي عدي عن حميد، عن أنس، قال: توضأ عمر بن الخطاب وضوءا فيه تجوز خفيفا، فقال: هذا وضوء من لم يحدث، وهذا إسناد صحيح.الشيخ: الظاهر والله أعلم أنهما خففا بأن توضآ غرفة غرفة يعني غسلة غسلة فقط فإن هذا أدنى الواجب، الواجب مرة مرة، فإذا تمضمض مرة واستنشق مرة وأفاض الماء على وجهه مرة وغسل ذراعيه مرة مرة ومسح رأسه مرة، السنة في مسح الرأس مرة، وغسل رجليه مرة فهذا وضوء خفيف، والأفضل مرتين مرتين، والأكمل ثلاثًا ثلاثًا، فلعل عمر وعلي رضي الله عنهما في هذا تجوزا فخففا ولم يبالغا؛ لأنهما على طهارة.
........
وأما ما رواه أبو داود الطيالسي عن أبي هلال، عن قتادة، عن سعيد بن المسيب، أنه قال: الوضوء من غير حدث اعتداء، فهو غريب عن سعيد بن المسيب، ثم هو محمول على أن من اعتقد وجوبه فهو معتد، وأما مشروعيته استحبابا فقد دلت السنة على ذلك.الشيخ: وقد يكون قتادة ما سمعه من سعيد، قد يكون سمعه من ضعيف؛ لأن قتادة عنعن عن سعيد، فلعله لم يثبت عن سعيد، فإن ثبت فهو محمول على من توضأ بقصد الوجوب وأنه لا بدّ، فهذا اعتداء، أما من توضأ على سبيل الفضل وإدراك ما فيه من الوعد العظيم هذا لا بأس به نعم.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبدالرحمن بن مهدي، حدثنا سفيان عن عمرو بن عامر الأنصاري، سمعت أنس بن مالك يقول: كان النبي ﷺ يتوضأ عند كل صلاة، قال: قلت: فأنتم كيف كنتم تصنعون؟ قال: كنا نصلي الصلوات كلها بوضوء واحد ما لم نحدث، وقد رواه البخاري وأهل السنن من غير وجه عن عمرو بن عامر به.
وقال ابن جرير: حدثنا أبو سعيد البغدادي، حدثنا إسحاق بن منصور عن هريم، عن عبدالرحمن بن زياد، هو الإفريقي، عن أبي غطيف، عن ابن عمر، قال: قال رسول الله ﷺ: من توضأ على طهر، كتب له عشر حسنات ورواه أيضا من حديث عيسى بن يونس عن الإفريقي، عن أبي غطيف، عن ابن عمر، فذكره، وفيه قصة. وهكذا رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه، من حديث الإفريقي به نحوه. وقال الترمذي: وهو إسناد ضعيف.الشيخ: الإفريقي ضعيف وأبو غطيف محل نظر، شف التقريب.
الطالب: أبو غطيف بالتصغير الهذلي، مجهول من الثالثة وقيل هو غطيف أو غظيف بالظاء المعجمة، أبو داود والترمذي وابن ماجه.
الشيخ: أبو غطيف مجهول والإفريقي ضعيف، فاجتمع فيه ضعف من الجهتين، يعني كونه يكتب له عشر حسنات، هذا هو لفظ غريب، لكن يرجى له أكثر من ذلك، المتوضئ على طهر بقصد اتباع السنة يرجى له أكثر من ذلك، وهو موعود بالمغفرة.
وقال ابن جرير: وقد قال قوم: إن هذه الآية نزلت إعلاما من الله أن الوضوء لا يجب إلا عند القيام إلى الصلاة دون غيرها من الأعمال، وذلك لأنه عليه السلام كان إذا أحدث امتنع من الأعمال كلها حتى يتوضأ.
حدثنا أبو كريب، حدثنا معاوية بن هشام عن سفيان، عن جابر، عن عبدالله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عبدالله بن علقمة بن وقاص، عن أبيه، قال: كان رسول الله ﷺ إذا أراق البول، نكلمه فلا يكلمنا، ونسلم عليه فلا يرد علينا، حتى نزلت آية الرخصة يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ الآية [المائدة:6]، ورواه ابن أبي حاتم عن محمد بن مسلم عن أبي كريب به نحوه، وهو حديث غريب جدا، وجابر هذا هو ابن زيد الجعفي ضعفوه.الشيخ: ..... حدث أو المعنى إذا قمتم إلى الصلاة مطلقًا فإن كان عن حدث فهو واجب، وإن كان على الحال فهو مستحب، أو المعنى إذا قمتم من النوم، فبكل حال المقصود هو شرعية الوضوء للصلاة وأنه مقصود الآية، فإن كان عن حدث فهو أيضاً واجب لقوله ﷺ: لا تقبل صلاة بغير طهور رواه مسلم، ولقوله عليه الصلاة والسلام: لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ متفق عليه، ويشرع الوضوء ولو كان على طهارة من باب التجديد والحصول على فضل الطهور وما علق الله عليه من المغفرة.
وهكذا إذا قام من النوم وأراد الصلاة يتوضأ؛ لأنه ناقض.
الطالب: أحسن الله إليك! عبدالله بن علقمة بن وقاص الليثي مقبول من السادسة، البخاري في خلق أفعال العباد، والنسائي.
الشيخ: نعم.
.................
وقال أبو داود: حدثنا مسدد، حدثنا إسماعيل، حدثنا أيوب عن عبدالله بن أبي مليكة، عن عبدالله بن عباس: أن رسول الله ﷺ خرج من الخلاء فقدم إليه طعام، فقالوا: ألا نأتيك بوضوء؟ فقال: إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة وكذا رواه الترمذي عن أحمد بن منيع، والنسائي عن زياد بن أيوب عن إسماعيل وهو ابن علية به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
وروى مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن سعيد بن الحويرث، عن ابن عباس قال: كنا عند النبي ﷺ فأتى الخلاء ثم إنه رجع فأتي بطعام، فقيل: يا رسول الله ألا تتوضأ؟ فقال: لم؟ أصلي فأتوضأ.الشيخ: وهذا يبين خطأ هذا المرسل، وأنه أمر بالوضوء للصلاة، فإذا كان لا يريد الصلاة فلا يلزمه الوضوء لا في أكله ولا في شربه ولا في بقية أعماله، إنما يجب الوضوء للصلاة وهكذا ما في حكمها كالطواف أو لقراءة القرآن من المصحف، أما إذا أراد أعمالاً أخرى كالأكل أو الشرب أو أراد العمل بمزرعته أو يحفر بئرًا أو يصلح سيارة أو يصلح صنعة من الصنعات ليس عليه وضوء.
والأثر الذي تقدم من حديث عبدالله بن علقمة هذا لا وجه له، بل هو ضعيف جداً من جهتين: من جهة جابر الجعفي لا يحتج به لأنه رافضي، ومن جهة أنه مرسل أيضاً فهو ضعيف من الجهتين لا يساوي شيئًا ولا يحتج به.
......
وقوله فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [المائدة:6] قد استدل طائفة من العلماء بقوله تعالى إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [المائدة:6] على وجوب النية في الوضوء، لأن تقدير الكلام إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [المائدة:6] لها كما تقول العرب: إذا رأيت الأمير فقم، أي له.
وقد ثبت في الصحيحين حديث الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، ويستحب قبل غسل الوجه أن يذكر اسم الله تعالى على وضوئه، لما ورد في الحديث من طرق جيدة عن جماعة من الصحابة، عن النبي ﷺ أنه قال: لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه.الشيخ: في مسألة النية، النية شرط في العبادات، والصلاة أعظم العبادات بعد الشهادتين، فلا بدّ لها من النية، وهي أن يقوم إلى الصلاة بنية، وهكذا الوضوء أن يصدر عن نية الطهارة، فلو غسل أعضاءه من غير نية كالتبرد أو للأوساخ ما صار وضوءًا، لا بدّ أن يكون عن نية، ولو دخل في الصلاة ما له نية لا صلاة ظهر ولا نافلة ولا كذا، دخل فيها عن غير نية لكونه مشغول البال أو فيه نوم أو ما أشبه ذلك ما له نية لم تصح، حتى يدخلها بنية ظهر، عصر، مغرب، نافلة، يعرف أنه قام إلى صلاة.
وهكذا التسمية تشرع التسمية لهذا الحديث، وهو له طرق وإن كانت ضعيفة لكن المؤلف قواها بتعددها، ولهذا قال جمع من أهل العلم بوجوبها كأحمد رحمه الله وجماعة من أجل هذا الحديث الذي تعددت طرقه، وقال الجمهور أنها تستحب ولا تجب لأن الحديث في طرقه ضعف، فالاحتياط للمؤمن أن يسمي ويأخذ بالحزم إذا أراد أن يغسل كفيه للوضوء قال: بسم الله، كما يسمي عند غسله.
ويستحب أن يغسل كفيه قبل إدخالهما في الإناء ويتأكد ذلك عند القيام من النوم، لما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها ثلاثا، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده.الشيخ: هذا إذا كان من إناء، وإذا كان من الكبات مثل الآن يغسلها ثلاث من الكبات قبل أن يستعملها للمضمضة والاستنشاق، المقصود تنظيف اليدين وتطهيرها، ثم له أن يغسلهما ثلاثًا مطلقًا، ويتأكد هذا في القيام من النوم بل يجب لظاهر الحديث؛ لأن الرسول ﷺ أمر بذلك ونهى عن الترك قال: فلا يدخل يده حتى يغسلها، وفي اللفظ الآخر: فلا يغمس يده حتى يغسلها، ولفظ النهي للتحريم، وفي الأمر وجوب، فالواجب على من قام من النوم أن يغسلهما ثلاثًا قبل إدخالهما في الإناء قبل استعمالهما لأعمال الوضوء، ويتأكد هذا ويستحب في جميع الوضوء؛ لأنه كان عليه الصلاة والسلام إذا قام للوضوء غسل كفيه ثلاثًا في جميع أنواع الوضوء ليلاً ونهارًا.
وحد الوجه عند الفقهاء ما بين منابت شعر الرأس -ولا اعتبار بالصلع ولا بالغمم- إلى منتهى اللحيين والذقن طولا، ومن الأذن إلى الأذن عرضا وفي النزعتين والتحذيف خلاف: هل هما من الرأس أو الوجه؟ وفي المسترسل من اللحية عن محل الفرض قولان:
أحدهما: أنه يجب إفاضة الماء عليه لأنه تقع به المواجهة.الشيخ: وهذا هو الصواب أن النزعتان والتحذيف من الرأس، فإنما يغسل الجبهة وبقية الوجهة هو بين الأذنين، النزعتان والصدغان والتحذيف أطراف الشعر من القرنين كلها تبع الرأس، والصلع بعد الشعر هكذا، هذا تبع الرأس ولو أنه أصلع، كذلك الغمم كونه تنزل الشعور على جبهته فإذا كان نزل الشعر على خلاف العادة يغسل محل ما نزل.
س: نوم النهار يغسل منه كفيه؟
الشيخ: كذلك ينبغي إلحاقًا له بالليل، ولكن اختلفوا في وجوبه هل يجب أو ما يجب؟ وينبغي للمؤمن لأن العلة فإنه لا يدري أين باتت يده وهو لا يدري أين كانت يده في حال النوم.
وروي في حديث أن النبي ﷺ رأى رجلا مغطيا لحيته فقال: اكشفها فإن اللحية من الوجه وقال مجاهد: هي من الوجه، ألا تسمع إلى قول العرب في الغلام إذا نبتت لحيته: طلع وجهه.الشيخ: ..... أن اللحية من الوجه، واللحية تبين وجه الرجال وتميز وجه الرجل عن المرأة، فالمرأة بخلقة الله لا لحية لها غالبًا، والرجل غالبًا له لحية، وميزه الله بها، وقد يكون أمردًا لا لحية له، قد تكون المرأة ذا لحية قد يقع لكن هذا خلاف الأكثر في سنة الله سبحانه وتعالى، فاللحية تغسل مع الوجه ولو طالت يمر عليهما الماء، لكن إذا طالت لا يلزمه عركها وإدخال الماء إلى جوفها إذا عمها بالماء كفى؛ لأنها وجه.
س: تحديد المسترسل؟
الشيخ: الظاهر أنه أطراف الشعر.
س: المرأة تحلق لحيتها؟
الشيخ: إذا كان لها لحية لها أن تأخذها؛ لأنها تشوه خلقتها، المرأة تزيل اللحية والشارب لأنها تشوهها ولكنه بحمد الله نادر قليل.
الطالب: ...........؟
الشيخ: المقصود هو أطراف الشعر مثل القرنين والنزعتان ما أسفل من فوق الأذن..
.............
وروي في حديث أن النبي ﷺ رأى رجلا مغطيا لحيته فقال: اكشفها فإن اللحية من الوجه وقال مجاهد: هي من الوجه، ألا تسمع إلى قول العرب في الغلام إذا نبتت لحيته: طلع وجهه.
ويستحب للمتوضئ أن يخلل لحيته إذا كانت كثيفة.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبدالرزاق، حدثنا إسرائيل عن عامر بن حمزة، عن شقيق.الشيخ: كذا عندكم ابن حمزة؟
الطالب: عامر بن شقيق بن جمرة.
الشيخ: أيش عندكم أنتم؟
الطالب: هكذا عامر بن حمزة خطأ، وصوابه عامر بن جمرة، وهو عامر بن شقيق بن جمرة الأسدي الكوفي لين الحديث من السادسة، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجه، ذكره في التقريب بالجيم والراء، وفي الخلاصة بالجيم والزاي ابن جمزة، وهو يروي عن شقيق وهو ابن سلمة أبي وائل ويروي عنه إسرائيل، قال ابن معين: ضعيف الحديث، وقال أبو حاتم: ليس بقوي، وليس من أبي وائل بسبيل، وقال النسائي ليس به بأس، وذكره ابن حبان في الثقات. قلت: هذا قول الحافظ: صحح الترمذي حديثه في التخليل، وقال في العلل الكبير قال محمد: أصح شيء في التفسير عندي حديث عثمان، قلت: إنهم يتكلمون في هذا. فقال: هو حسن، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وغيرهم، والحديث رواه الترمذي وابن ماجه.
الشيخ: في التقريب حطها جمرة؟
الطالب: نعم، وفي الخلاصة جمزة. بالجيم والزاي، وفي التقريب: بالجيم والراء.
الشيخ: صلحها، عامر بن شقيق بن جمرة، يعني نسبه إلى جده.
.............
الطالب: يقول النزعة محركة ويسكن، يقول موضع النزع من الرأس، وهو انتشار الشعر من جانبي الجبهة.
الشيخ: نعم، شف التحذيف؟ طرف الرأس من الجانبين النزعة.
........
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبدالرزاق، حدثنا إسرائيل عن عامر بن شقيق بن جمرة عن شقيق قال: رأيت عثمان توضأ، فذكر الحديث، قال: وخلل اللحية ثلاثا حين غسل وجهه، ثم قال: رأيت رسول الله ﷺ فعل الذي رأيتموني فعلت، رواه الترمذي وابن ماجه من حديث عبدالرزاق، وقال الترمذي: حسن صحيح، وحسنه البخاري.
وقال أبو داود: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع، حدثنا أبو المليح، حدثنا الوليد بن زوران.الشيخ: زروان؟
الطالب: الوليد بن زوران، وقيل: زروان، يعني بتقديم الواو، ومرة بتأخيرها، زوران، وزروان، السلمي الرقي، لين الحديث، من الخامسة، قال الآجري عن أبي داود لا ندري سمع من أنس أولا وذكره ابن حبان في الثقات.
..........
حدثنا الوليد بن زوران، عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ كان إذا توضأ، أخذ كفا من ماء فأدخله تحت حنكه يخلل به لحيته، وقال: هكذا أمرني به ربي تفرد به أبو داود. وقد روي هذا من غير وجه عن أنس.الشيخ: وهو شاهد لحديث عثمان، وهو يقوي ما قال البخاري حسن، وقد يكون البخاري أراد بتحسينه تقويه برواية أنس، يشده نعم.
والخلاصة من هذا أنه يستحب التخليل إذا كانت كثيفة وإذا كانت شعرات خفيفة ما تحتاج إلى تخليل، يغسلها حتى يصل الماء إلى جلده، إن كان الشعر ما يستر جلده، فإذا كان كثيفًا تستر الجلد كفى غسل ظاهرها وإن خللها كان أفضل وأكمل، ولهذا ثبت عنه ﷺ أنه ربما غسل وجهه حتى أسال الماء على لحيته، ولم يخلل، جاء هذا عنه وهذا، فالتخليل مستحب وإسالة الماء على اللحية وإمراره عليها إن كانت كثيفة يكفي لأنه حصل به الغسل.
قال البيهقي: وروينا في تخليل اللحية عن عمار وعائشة وأم سلمة، عن النبي ﷺ، ثم عن علي وغيره، وروينا في الرخصة في تركه عن ابن عمر والحسن بن علي، ثم عن النخعي وجماعة من التابعين.
وقد ثبت عن النبي ﷺ من غير وجه في الصحاح وغيرها أنه كان إذا توضأ تمضمض واستنشق، فاختلف الأئمة في ذلك هل هما واجبان في الوضوء والغسل كما هو مذهب أحمد بن حنبل رحمه الله، أو مستحبان فيهما كما هو مذهب الشافعي ومالك، لما ثبت في الحديث الذي رواه أهل السنن، وصححه ابن خزيمة عن رفاعة بن رافع الزرقي أن النبي ﷺ قال للمسيء صلاته توضأ كما أمرك الله، أو يجبان في الغسل دون الوضوء كما هو مذهب أبي حنيفة، أو يجب الاستنشاق دون المضمضة كما هو رواية عن الإمام أحمد، لما ثبت في الصحيحين أن رسول الله ﷺ قال: من توضأ فليستنشق،الطالب: في نسخة (فليستنثر).
الشيخ: نعم.
وفي رواية: إذا توضأ أحدكم فليجعل في منخريه من الماء ثم لينتثر والانتثار هو المبالغة في الاستنشاق.الشيخ: والصواب أنها تجري فيهما جميعًا، الغسل والوضوء، يجب المضمضة والاستنشاق فيهما جميعًا؛ لأن الأحاديث ثابتة في هذا عن النبي ﷺ، ولأن الأنف والفم في حكم الوجه لأنهما ظاهران، فهما في حكم الوجه، ولهذا كان يتمضمض ويستنشق عليه الصلاة والسلام وأمر بذلك، فهما من جنس الوجه وقطعة من الوجه لا بدّ من ذلك، والواجب مرة والتثليث أفضل.
س: قص المرأة شعر رأسها بغير التشبه هل فيه بأس؟
الشيخ: ما نعلم فيه شيء، قد قص أمهات المؤمنين رؤوسهن لما توفي النبي ﷺ للتخفيف.