22 من قوله: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ..)

وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ ۝ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ 
وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ تأكيد لما تقدم من الأمر بذلك النهي عن خلافه. ثم قال وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ أي واحذر أعداءك اليهود أن يدلسوا عليك الحق فيما ينهونه إليك من أمور، فلا تغتر بهم، فإنهم كذبة كفرة خونة، فَإِنْ تَوَلَّوْا أي عما تحكم به بينهم من الحق وخالفوا شرع الله، فاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ أي فاعلم أن ذلك كائن عن قدرة الله وحكمته فيهم أن يصرفهم عن الهدى لما لهم من الذنوب السالفة التي اقتضت إضلالهم ونكالهم وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ أي إن أكثر الناس لخارجون عن طاعة ربهم مخالفون للحق ناكبون عنه، كما قال تعالى: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف:103]. وقال تعالى: وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ الآية [الأنعام:116]
الشيخ: وهذا الأمر للنبي ﷺ وللعلماء بعده والأئمة بعده؛ لأن الأوامر التي توجه إليه ﷺ موجهة لأمته أيضاً، قوله جل وعلا: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ [المائدة:49] هذا وصية لجميع الأمة بلزوم الحق والحكم بين الناس وتحذير الأئمة والعلماء والقضاة أن يميلوا عن الحق اتباعًا لأهواء الناس، فيجب تنفيذ الحق وإن لم يرض الناس، ولهذا قال : وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ [المائدة:49] وفي الحق سعادة الجميع لو عقلوا، ولكن أكثر الخلق يتبع هواه، وإن كان فيه هلاكه ودماره لقلة بصيرته وضعف تمييزه وإيثاره العاجلة، ثم فيه أيضاً الحذر من تدليس الأعداء وتلبيسهم؛ لأن العدو قد يظهر الحق في قالب قد يخدع به الناس، ولكنه يريد شيئًا آخر وهو تلبيس الحق بالباطل وخلط الحق بالباطل كاليهود وأشباههم من دعاة الضلالة، قد يتظاهرون بقصد الحق وطلب الحق، ولكنهم يلبسونه بالباطل ويخدعون من استطاعوا خديعته حتى يقع في الباطل، فالوجب الحذر من مكائد الأعداء ومقاصد الخصوم الباطلة وأن يكون القاضي والعالم والوالي على حذر من مكائد الأعداء في حكمه وفي سائر تصرفاته التي يحكم بها بين الناس ويلزم بها الرعية يجب أن يكون على حذر من اتباع أهواء الناس ومن مكائدهم.
س:....؟
الشيخ: الحكم بغير ما أنزل الله لها حالان: إذا حكم بغير ما أنزل الله يعتقد حل ذلك أو أن ذلك أفضل وأنه مساو للشريعة كان كافرًا مرتدًا، أما إذا حكم بغير ما أنزل الله لهوى أو لمقاصد سيئة أو لطمع أو لرشوة فيكون عاصيًا وأتى ذنبًا عظيمًا وكفرًا أصغر، نسأل الله العافية.
وقال محمد بن إسحاق: حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة. عن ابن عباس قال: قال كعب بن أسد وابن صلوبا وعبد الله بن صوريا وشاس بن قيس، بعضهم لبعض: اذهبوا بنا إلى محمد لعلنا نفتنه عن دينه، فأتوه فقالوا: يا محمد إنك قد عرفت أنا أحبار يهود، وأشرافهم، وساداتهم، وإنا إن اتبعناك اتبعنا يهود ولم يخالفونا، وإن بيننا وبين قومنا خصومة فنحاكمهم إليك، فتقضي لنا عليهم، ونؤمن لك ونصدقك، فأبى ذلك رسول الله ﷺ، فأنزل الله فيهم وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ [المائدة:49] إلى قوله لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50]، رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.
وقوله تعالى: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50] ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شر وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكزخان الذي وضع لهم الياسق ، وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى: من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية وغيرها.
الطالب: .......؟
الشيخ: المعروف أنه يسمى الياسق ولا مانع أن يسمى اليساق، وهو كتاب له وضعه جنكيز خان يحكم به أتباعه، وهذا من الحكم بالطاغوت، وهكذا ما يوضع من القوانين بآراء الرجال وخلافًا للشريعة كله من الحكم بالطاغوت، والواجب على الحكام المسلمين أن يحكموا بما أنزل الله من الكتاب والسنة، وعلى العلماء أن يستنبطوا ما أشكل عليهم من قواعد الشرعية.
وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه، فصارت في بنيه شرعا متبعا يقدمونه على الحكم بكتاب الله وسنة رسول الله ﷺ، فمن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله، فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير، قال تعالى: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ [المائدة:50] أي يبتغون ويريدون، وعن حكم الله يعدلون، وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ [المائدة:50] أي ومن أعدل من الله في حكمه لمن عقل عن الله شرعه، وآمن به، وأيقن وعلم أن الله أحكم الحاكمين، وأرحم بخلقه من الوالدة بولدها، فإنه تعالى هو العالم بكل شيء، القادر على كل شيء، العادل في كل شيء.الشيخ: والله سبحانه أعلم بمصالح عباده، وأعلم بما ينفعهم وما يضرهم فلهذا ليس هناك شيء أحسن من حكمه، فحكمه سبحانه هو أحسن الأحكام التي فيها مصالح العباد العاجلة والآجلة وفيها درء المفاسد عنهم والضرر، وإن لم يشعروا بذلك ولم يعلموا لأنه سبحانه هو الحكيم العليم فالواجب التسليم له فيما حكم به سبحانه وإن جهل الحاكم الحكمة فعليه أن يسلم لأمر الله وفيما ثبت وإن خالف رأيه أو اجتهاده؛ فإن الله أحكم وأعلم وأحسن حكمًا من غيره سبحانه وتعالى.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا هلال بن فياض، حدثنا أبو عبيدة الناجي قال: سمعت الحسن يقول: من حكم بغير حكم الله فحكم الجاهلية. وأخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءة، حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح، قال: كان طاوس إذا سأله رجل: أفضل بين ولدي في النحل؟ قرأ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ [المائدة:50] الآية، وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني: حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي، حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع، أخبرنا شعيب بن أبي حمزة، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين، عن نافع بن جبير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: أبغض الناس إلى الله ، من يبتغي في الإسلام سنة الجاهلية، وطالب دم امرئ بغير حق ليريق دمه. وروى البخاري عن أبي اليمان بإسناده نحوه بزيادة .الشيخ: بزيادة من يبتغي في الإسلام سنة الجاهلية، أبغض الناس إلى الله ثلاثة: ملحد في حرم الله، ومطلب دم امرئ مسلم ليهريقه بغير حق، ومبتغ في الإسلام سنة الجاهلية. هكذا رواه البخاري رحمه الله نسأل الله السلامة.
...........
س: بعضهم يحكم بغير ما أنزل الله في مسألة واحدة، وبعضهم يغير أحكام الشريعة كلها؟
الشيخ: كلما زاد الحكم بغير ما أنزل زاد الإثم وزاد الشر نسأل الله العافية، فمن استحل حكم الله ولو في مسألة واحدة كفر، نسأل الله العافية، وكلما زاد الحكم بغير ما أنزل الله زاد الشر نسأل الله العافية.
س:......؟
الشيخ: الموالاة أقسام، إذا تولاهم ونصرهم على المسلمين صار ردة، أما موالاتهم لمجرد الجلوس معهم للأكل والشرب والمضاحكة فهذه معصية، بخلاف التولي، وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [المائدة:51] نسأل الله العافية.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ۝ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ ۝ وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ
ينهى تبارك وتعالى عباده المؤمنين عن موالاة اليهود والنصارى، الذين هم أعداء الإسلام وأهله -قاتلهم الله- ثم أخبر أن بعضهم أولياء بعض، ثم تهدد وتوعد من يتعاطى ذلك، فقال وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [المائدة:51] الآية.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا كثير بن شهاب، حدثنا محمد يعني ابن سعيد بن سابق، حدثنا عمرو بن أبي قيس عن سماك بن حرب، عن عياض أن عمر أمر أبا موسى الأشعري أن يرفع إليه ما أخذ وما أعطى في أديم واحد، وكان له كاتب نصراني، فرفع إليه ذلك، فعجب عمر وقال: إن هذا لحفيظ، هل أنت قارئ لنا كتابا في المسجد جاء من الشام؟ فقال: إنه لا يستطيع، فقال عمر: أجنب هو؟ قال: لا بل نصراني. قال: فانتهرني وضرب فخذي، ثم قال: أخرجوه، ثم قرأ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ [المائدة:51] الآية، ثم قال: حدثنا محمد بن الحسن بن محمد بن الصباح، حدثنا عثمان بن عمر، أنبأنا ابن عون عن محمد بن سيرين، قال: قال عبد الله بن عتبة: ليتق أحدكم أن يكون يهوديا أو نصرانيا وهو لا يشعر. قال: فظنناه يريد هذه الآية يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ [المائدة:51] الآية، وحدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا ابن فضيل عن عاصم، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه سئل عن ذبائح نصارى العرب، فقال: كل، قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [المائدة:51] وروي عن أبي الزناد نحو ذلك.
الشيخ: ومراد عمر بهذا أنه لا ينبغي إدخال الكفرة كتابًا وأمناء؛ لأنهم لا يؤمنون على المسلمين فلا يليق أن يتخذوا ولو كانوا في غير الجزيرة، لأن أبا موسى ليس في الجزيرة، لكن ولو كانوا في غير الجزيرة لأنهم لا يؤمنون، ولهذا قال : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا [آل عمران:118] أي لا يقصرون في إيجاد الخبال وهو النقص والخلل عن المسلمين وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ [آل عمران:118] يعني ودوا عنتكم ما مصدرية، المعنى ودوا عنتكم ومشقتكم، فدل ذلك على أنه لا يجوز اتخاذهم بطانة وكتابًا أو أمناء على شيء أو مديري أعمال أو ما أشبه ذلك مما يخشى منه الشر على المسلمين، بل يجب أن يعتاض عنهم بالمسلمين وأن لا يتخذوا بطانة في شيء من أمور المسلمين.
وأما الجزيرة فلها وضع خاص، لا يجوز أن يستقدم لها الكفرة، بل يجب إخراجهم منها كما أوصى النبي ﷺ بإخراجهم من الجزيرة، وإنما يستثنى من ذلك ما يرى ولي الأمر ما تدعو إليه الحاجة ومصلحة المسلمين، أو ما يرد من رسل الكفار إلى ولي أمر المسلمين إلى الجزيرة، أو من يقدم بالبريد أو بالفاكهة أو بشيء من الأشياء يبيعها ثم ينصرف.
وموالاتهم مصادقتهم ومحبتهم والأنس بهم ونحو ذلك، هذه موالاتهم، فإذا جعلوا على المسلمين وفوق المسلمين فهذا من أشد الموالاة ومن أعظم الخطر، أما توليهم فهو من مناصرتهم ومساعدتهم على المسلمين فهذا يكون كفر وردة، لأن مظاهرة المشركين على المسلمين ومساعدتهم على المسلمين وتقوية صفهم ضد المسلمين هذا من نواقض الإسلام نسأل الله العافية، ولهذا قال: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [المائدة:51]
س: محبتهم ما تكون تولي؟
الشيخ: المحبة الطبيعية من الموالاة ما هي من التولي. أما محبة الدين كفر، لكن المحبة الطبيعية؛ لأنه أب أو قريب أو نحو ذلك لا تجوز؛ لأنها وسيلة إلى ما هو أكبر، نسأل الله العافية.
س:.....؟
الشيخ: كله لا يجوز، في الجزيرة ما يجوز لا في لعب ولا في غير لعب، أما في غير الجزيرة فهذا ينظر فيه، إذا كان شيئًا لا يضر المسلمين، إذا كان فيه مصلحة للمسلمين أو عمالاً يعملون للمسلمين بناء خطر لا بأس أن يستخدموهم، لكن في الجزيرة لا، لا لخدمة ولا لغير خدمة إلا للضرورة القصوى التي يحتاجها المسلمون، كطبيب يحتاج إليه أو نحو ذلك مما يحتاج إليهم أو آكارين عمالاً كما أقر النبي ﷺ اليهود عمالاً في الحرث حرث خيبر للحاجة، ثم أجلاهم عمر.
.............
الشيخ: بقدر الحاجة يروى عن عمر أنه كان يحدد لهم ثلاثة أيام.. مناط بالحاجة
س: تحديد الجزيرة؟
الشيخ: المنطقة العربية والشرقية واليمن كله من الجزيرة.
الطالب: .......؟
الشيخ: لا هذا ما ينبغي، ينبغي ألا يبقى منهم إلا من تدعو الحاجة إليه أما هؤلاء.. السائقين والخدام والعمال فهذا خطره كبير.
وقوله تعالى: فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ [المائدة:52] أي شك وريب ونفاق، يُسَارِعُونَ فِيهِمْ [المائدة:52]، أي يبادرون إلى موالاتهم ومودتهم في الباطن والظاهر، يقولون نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ [المائدة:52] أي يتأولون في مودتهم وموالاتهم أنهم يخشون أن يقع أمر من ظفر الكافرين بالمسلمين، فتكون لهم أياد عند اليهود والنصارى، فينفعهم ذلك. عند ذلك قال الله تعالى: فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ [المائدة:52] قال السدي: يعني فتح مكة. وقال غيره: يعني القضاء والفصل، أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ [المائدة:52].
قال السدي: يعني ضرب الجزية على اليهود والنصارى، فَيُصْبِحُوا [المائدة:52] يعني الذين والوا اليهود والنصارى من المنافقين عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ [المائدة:52] من الموالاة، نَادِمِينَ [المائدة:52] أي على ما كان منهم مما لم يجد عنهم شيئا، ولا دفع عنهم محذورا، بل كان عين المفسدة، فإنهم فضحوا وأظهر الله أمرهم في الدنيا لعباده المؤمنين بعد أن كانوا مستورين، لا يدرى كيف حالهم، فلما انعقدت الأسباب الفاضحة لهم تبين أمرهم لعباد الله المؤمنين، فتعجبوا منهم كيف كانوا يظهرون أنهم من المؤمنين، ويحلفون على ذلك ويتأولون فبان كذبهم وافتراؤهم، ولهذا قال تعالى: وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ [المائدة:53].
وقد اختلف القراء في هذا الحرف فقرأه الجمهور بإثبات الواو في قوله وَيَقُولُ ثم منهم من رفع ويقول على الابتداء، ومنهم من نصب عطفا على قوله فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ [المائدة:52] فتقديره أن يأتي وأن يقول، وقرأ أهل المدينة يَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا بغير واو، وكذلك هو في مصاحفهم على ما ذكره ابن جرير. قال ابن جريج عن مجاهد فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ [المائدة:52] تقديره حينئذ.
الطالب: يقول كذا في النسخ التي بين أيدينا ولعل فيه سقطًا وعبارة روح المعاني وقرأ ابن كثير وابن عامر يقول بغير واو على أنه استئناف بياني كأنه قيل فماذا يقول المؤمنون حينئذ.
الشيخ: نعم.
وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ [المائدة:53] واختلف المفسرون في سبب نزول هذه الآيات الكريمات، فذكر السدي أنها نزلت في رجلين قال أحدهما لصاحبه بعد وقعة أحد: أما أنا فإني ذاهب إلى ذلك اليهودي فآوي إليه وأتهود معه، لعله ينفعني إذا وقع أمر أو حدث حادث. وقال الآخر أما أنا فإني ذاهب إلى فلان النصراني بالشام فآوي إليه وأتنصر معه، فأنزل الله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ الآيات [المائدة:51]، وقال عكرمة: نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر حين بعثه رسول الله ﷺ إلى بني قريظة فسألوه: ماذا هو صانع بنا؟ فأشار بيده إلى حلقه أي إنه الذبح، رواه ابن جرير.
وقيل: نزلت في عبد الله بن أبي ابن سلول، كما قال ابن جرير: حدثنا أبو كريب، حدثنا ابن إدريس قال: سمعت أبي عن عطية بن سعد قال: جاء عبادة بن الصامت من بني الحارث بن الخزرج إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله، إن لي موالي من يهود كثير عددهم، وإني أبرأ إلى الله ورسوله من ولاية يهود، وأتولى الله ورسوله، فقال عبد الله بن أبي: إني رجل أخاف الدوائر لا أبرأ من ولاية موالي، فقال رسول الله ﷺ لعبد الله بن أبي يا أبا الحباب، ما بخلت به من ولاية يهود على عبادة بن الصامت، فهو لك دونه قال: قد قبلت، فأنزل الله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ [المائدة:51] الآيتين.
ثم قال ابن جرير: حدثنا هناد، حدثنا يونس بن بكير، حدثنا عثمان بن عبد الرحمن عن الزهري: قال: لما انهزم أهل بدر، قال المسلمون لأوليائهم من اليهود: أسلموا قبل أن يصيبكم الله بيوم مثل يوم بدر، فقال مالك بن الصيف: أغركم أن أصبتم رهطا من قريش لا علم لهم بالقتال، أما لو أسررنا العزيمة.
الطالب: عندنا أما لو أمررنا العزيمة يقول: كذا في مخطوطة الأزهر ومثله في تفسير الطبري وذكر الصفحة والرقم، ومعنى أمررنا العزيمة أجمعناها من قولهم أمر الحبل يمره إمرارًا فتله فتلاً قويًا محكمًا، وكذا في الطبعات السابقة أسررنا العزيمة وهو خطأ.
الشيخ: محتمل.
أما لو أسررنا العزيمة أن نستجمع عليكم لم يكن لكم يد أن تقاتلونا، فقال عبادة بن الصامت: يا رسول الله، إن أوليائي من اليهود كانت شديدة أنفسهم كثيرا سلاحهم شديدة شوكتهم، وإني أبرأ إلى الله وإلى رسوله من ولاية يهود، ولا مولى لي إلا الله ورسوله، فقال عبدالله بن أبي: لكني لا أبرأ من ولاية يهود إني رجل لا بد لي منهم، فقال رسول الله ﷺ: يا أبا الحباب، أرأيت الذي نفست به من ولاية يهود على عبادة بن الصامت، فهو لك دونه فقال: إذا أقبل، قال: فأنزل الله يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ [المائدة:51] -إلى قوله تعالى- وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [المائدة:67].الشيخ: كان الأنصار من اليمن فلما انفجر سد مأرب عليهم تفرقت سبأ فمنهم من ذهب إلى الشام بنو غسان، ومنهم من ذهب إلى المدينة من الأوس والخزرج وهم من اليمن فنزلوا بالمدينة وكان فيها اليهود وتحالفوا معهم ووالوهم ليلجؤوا إليهم ويناصروهم؛ فلما جاء الله بالإسلام وهاجر النبي ﷺ إليهم ونزلت هذه الآية تبرأ عبادة منهم ولا حاجة به إلى ولايتهم واللجأ إليهم، أما ابن أبي فمعروف حاله ونفاقه، ولهذا بقي معهم حتى أجلاهم النبي من المدينة عليه الصلاة والسلام.
الطالب: ....
الشيخ: اليهود أول في المدينة قدم عليهم الأوس والخزرج من اليمن.
س:.....؟
الشيخ: كنية عبدالله بن أبي، كان النبي يتطلف به ويرفق به لإظهاره الإسلام.
وقال: محمد بن إسحاق: فكانت أول قبيلة من اليهود نقضت ما بينها وبين رسول الله ﷺ بنو قينقاع، فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال: فحاصرهم رسول الله ﷺ حتى نزلوا على حكمه، فقام إليه عبدالله بن أبي ابن سلول حين أمكنه الله منهم، فقال: يا محمد أحسن في موالي وكانوا حلفاء الخزرج، قال: فأبطأ عليه رسول الله ﷺ، فقال: يا محمد أحسن في موالي، قال: فأعرض عنه. قال: فأدخل يده في جيب درع رسول الله ﷺ، فقال له رسول الله ﷺ أرسلني، وغضب رسول الله ﷺ حتى رأوا لوجهه ظللا، ثم قال ويحك أرسلني قال: لا والله لا أرسلك حتى تحسن في موالي أربعمائة حاسر، وثلاثمائة دارع، قد منعوني من الأحمر والأسود، تحصدهم في غداة واحدة إني امرؤ أخشى الدوائر.الشيخ: خبيث يعني يخشى الدوائر على عادة المنافقين.
إني امرؤ أخشى الدوائر، قال: فقال رسول الله ﷺ هم لك.
قال محمد بن إسحاق: فحدثني أبو إسحاق بن يسار عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، قال: لما حاربت بنو قينقاع رسول الله ﷺ تشبث بأمرهم عبدالله بن أبي، وقام دونهم ومشى عبادة بن الصامت إلى رسول الله ﷺ وكان أحد بني عوف بن الخزرج له من حلفهم مثل الذي لعبدالله بن أبي، فجعلهم إلى رسول الله ﷺ، وتبرأ إلى الله ورسوله من حلفهم، وقال: يا رسول الله، أبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم، وأتولى الله ورسوله والمؤمنين، وأبرأ من حلف الكفار، وولايتهم، ففيه وفي عبدالله بن أبي نزلت الآيات في المائدة يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ [المائدة:51] - إلى قوله- وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ [المائدة:56].
وقال الإمام أحمد: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن محمد بن إسحاق، عن الزهري، عن عروة، عن أسامة بن زيد.
الطالب: يحيى بن زكريا بن أبي زياد.
الشيخ: زائدة زائدة.
عن أسامة بن زيد قال: دخلت مع رسول الله ﷺ على عبدالله بن أبي نعوده، فقال له النبي ﷺ قد كنت أنهاك عن حب يهود فقال عبدالله: فقد أبغضهم أسعد بن زرارة فمات، وكذا رواه أبو داود من حديث محمد بن إسحاق.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ۝ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ۝ وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ
يقول تعالى مخبرا عن قدرته العظيمة أنه من تولى عن نصرة دينه وإقامة شريعته، فإن الله يستبدل به من هو خير لها منه، وأشد منعة، وأقوم سبيلا، كما قال تعالى: وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ [محمد:38]. وقال تعالى: إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ [النساء:133] وقال تعالى: إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ ۝ وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ [إبراهيم:19-20]. أي بممتنع ولا صعب.
وقال تعالى هاهنا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ [المائدة:54] أي يرجع عن الحق إلى الباطل.
قال محمد بن كعب: نزلت في الولاة من قريش. وقال الحسن البصري: نزلت في أهل الردة أيام أبي بكر فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [المائدة: 54] قال الحسن: هو والله أبو بكر وأصحابه، رواه ابن أبي حاتم.
وقال أبو بكر بن أبي شيبة: سمعت أبا بكر بن عياش يقول: في قوله فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [المائدة:54] هم أهل القادسية. وقال ليث بن أبي سليم، عن مجاهد: هم قوم من سبأ.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا عبد الله بن الأجلح عن محمد بن عمرو، عن سالم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قوله فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [المائدة:54] قال: ناس من أهل اليمن، ثم من كندة، ثم من السَّكون.
الشيخ: والآية عامة وأن الله جل وعلا يستبدل أولئك بمن هو خير منهم، إذا ارتد قوم عن دين الله أتى الله من هو خير منهم وأفضل، سواء كانوا من اليمن أو من الشام أو من بقية العرب أو من أي جنس كانوا، فالله يأتي بمن يعوض عن أولئك المرتدين ويقيم أمر الله وينصح لدين الله بدلاً منهم وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ [محمد:38]
الطالب: قال الحسن البصري: نزلت في أهل الردة أيام أبي بكر؟
الشيخ: محل نظر، عامة الآية عامة تعمهم وتعم غيرهم.
وحدثنا أبي، حدثنا محمد بن المصفى، حدثنا معاوية يعني ابن حفص، عن أبي زياد الحلفاني،
الشيخ: التقريب موجود؟ شف أبا زياد هذا؟
الطالب: عن أبي زياد الحلفاني.
وحدثنا أبي، حدثنا محمد بن المصفى، حدثنا معاوية يعني ابن حفص، عن أبي زياد الحلفاني، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبدالله، قال: سئل رسول الله ﷺ عن قوله فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [المائدة:54]. قال «هؤلاء قوم من أهل اليمن، ثم من كندة، ثم من السكون، ثم من تجيب»، وهذا حديث غريب جدا.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا عمر بن شبة، حدثنا عبد الصمد يعني ابن عبدالوارث، حدثنا شعبة عن سماك، سمعت عياضا يحدث عن أبي موسى الأشعري، قال: لما نزلت فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ [المائدة:54] قال رسول الله ﷺ هم قوم هذا. ورواه ابن جرير من حديث شعبة بنحوه.
الشيخ: يعني من الأشعريين. لكن عياض ما أعرفه!
الطالب: موجود يا شيخ، عياض هو ابن عمرو الأشعري صحابي له حديث، وجزم أبو حاتم بأن حديثه مرسل وأنه رأى أبا عبيدة بن الجراح فيكون مخضرمًا أخرج له مسلم وابن ماجه، وقال في التهذيب: مختلف في صحبته روى عن النبي ﷺ وعن أبي موسى وامرأة أبي موسى، روى عنه الشعبي وسماك بن حرب وحميد بن عبدالرحمن، قال ابن أبي حاتم عن أبيه: روى عن النبي ﷺ مرسلاً، وروى عن أبي عبيدة بن الجراح، قلت القائل الحافظ: جاء عنه حديث يقتضي التصريح بصحبته ذكره البغوي في معجمه وفي إسناده لين. واختلف على شريك في اسمه، ثم قال البغوي: يشك في صحبته، وقال ابن حبان: له صحبة والحديث موصول.
الشيخ: موجود في التقريب؟
الطالب: نعم، هو هذا قوله: هو عياض بن عمرو الأشعري صحابي له حديث، وجزم أبو حاتم بأن حديثه مرسل وأنه رأى أبا عبيدة بن الجراح فيكون مخضرمًا أخرج له مسلم وابن ماجه.
الشيخ: بس؟
الطالب: نعم، الحديث يأتي موصول بعد ذلك عن أبي موسى.
الطالب:......؟
الشيخ: بطن من كندة نعم
وقوله تعالى: أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ [المائدة:54] هذه صفات المؤمنين الكمل أن يكون أحدهم متواضعا لأخيه ووليه، متعززا على خصمه وعدوه، كما قال تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ [الفتح:29] وفي صفة رسول الله ﷺ أنه الضحوك القتال، فهو ضحوك لأوليائه قتال لأعدائه.
وقوله يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ [المائدة:54] أي لا يردهم عما هم فيه من طاعة الله، وإقامة الحدود، وقتال أعدائه، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، لا يردهم عن ذلك راد، ولا يصدهم عنه صاد، ولا يحيك فيهم لوم لائم، ولا عذل عاذل.
الشيخ: بعض الناس قد يكسل عن الجهاد أو عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لئلا يلومه فلان يلومه أخوه أو عمه أو صديقه أو كذا، أما أولياء الله الكمل فلا يبالون ينفذون أمر الله وينفذون ما يعتقدون ولا يخافون لومة لائم أن يلومهم على هذا الشيء.
قال الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا سلام أبو المنذر عن محمد بن واسع، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر، قال: «أمرني خليلي ﷺ بسبع: أمرني بحب المساكين والدنو منهم، وأمرني أن أنظر إلى من هو دوني، ولا أنظر إلى من هو فوقي، وأمرني أن أصل الرحم وإن أدبرت، وأمرني أن لا أسأل أحدا شيئا، وأمرني أن أقول الحق وإن كان مرا، وأمرني أن لا أخاف في الله لومة لائم، وأمرني أن أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنهن من كنز تحت العرش».الشيخ: هذا حديث جيد، ذكر الحافظ ابن حجر رحمه الله جملة منه في البلوغ في كتاب الإقرار، (قل الحق وإن كان مرًا).. علق عندك على سلام أبو المنذر؟
الطالب: نعم، سلام بن سليمان المزني أبو المنذر القارئ النحوي البصري نزيل الكوفة، صدوق يهم، قرأ على عاصم وهو ابن أبي النجود من السابعة.
الشيخ: هذا ينبغي أن ينقل من المسند حديث جيد فيه هذه الخصال العظيمة التي جعلها شوارك لأحاديث أخرى لكنه حسن نقله وحفظه.
وقال الإمام أحمد أيضا: حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان عن أبي المثنى،الشيخ: عندكم أبو المثنى تكلم عليه؟
الطالب: أبو المثنى هو ضمضم المملوكي الحمصي، وثقه العجلي من الرابعة أخرج له أبو داود وابن ماجه، وذكره ابن حبان في الثقات، ومنهم من جعله اثنين، وقال ابن القطان: أبو المثنى مجهول سواء كان واحدًا أو اثنين، قال: وأما قول ابن عبد البر: أبو المثنى ثقة فلا يقبل منه، كذا قال، وتعقبه ابن المواق: بأنه لا فرق بين من وثقه الدارقطني أو ابن عبد البر، وقال أبو عمر الصبغي في تاريخه: حدثني أبو مسلم قال أملى عليّ أبي قال: وأبو المثنى الوصابي شامي تابعي ثقة، انتهى من التهذيب.
الشيخ: طيب، نعم.
الطالب: في الحاشية، قال: في المسند حدثنا صفوان عن أبي اليمان وأبي المثنى، فاختصر ابن كثير السند.
الشيخ: حط أبا اليمان،..... عندك شيء في هذا؟ راجعت المسند؟
الطالب: لا ما راجعته.
الشيخ: راجعه وحط عليه إشارة
الشيخ: أبو اليمان متأخر.
س: ما يسأل أحدًا شيئا؟
الشيخ: هذا أفضل، النبي ﷺ بايع بعض أصحابه ألا يسألوا الناس شيئًا حتى كان بعضهم إذا سقط سوطه نزل فأخذه يعني من كمال الإيمان وتمامه ألا يسأل إلا شيء تدعو إليه الضرورة.
وقال الإمام أحمد أيضا: حدثنا أبو المغيرة، حدثنا صفوان عن أبي المثنى، أن أبا ذر ، قال: بايعني رسول الله ﷺ خمسا، وواثقني سبعا، وأشهد الله علي سبعا أني لا أخاف الله في لومة لائم.الطالب: وأشهد الله عليّ تسعًا؟
الشيخ: حط عليه إشارة ويراجع المسند.
قال أبو ذر: فدعاني رسول الله ﷺ، فقال هل لك إلى بيعة، ولك الجنة؟ فقلت: نعم، وبسطت يدي، فقال النبي ﷺ وهو يشترط علي أن لا تسأل الناس شيئا قلت: نعم. قال ولا سوطك وإن سقط منك. يعني تنزل إليه وتأخذه.
وقال الإمام أحمد أيضا: حدثنا محمد بن الحسن، حدثنا جعفر عن المعلى القردوسي، عن الحسن، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله ﷺ ألا لا يمنعن أحدكم رهبة الناس أن يقول بحق إذا رآه أو شهده، فإنه لا يقرب من أجل ولا يباعد من رزق أن يقول بحق أو أن يذكر بعظيم تفرد به أحمد.
وقال أحمد: حدثنا عبدالرزاق، أخبرنا سفيان عن زبيد، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله ﷺ: لا يحقرن أحدكم نفسه أن يرى أمرا لله فيه مقال فلا يقول فيه.

الطالب: في تعليق على قول الحافظ تفرد به أحمد، بل رواه الترمذي وابن ماجه في الفتن.
الشيخ: نعم.
عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله ﷺ لا يحقرن أحدكم نفسه أن يرى أمرا لله فيه مقال فلا يقول فيه، فيقال له يوم القيامة: ما منعك أن تكون قلت في كذا وكذا؟ فيقول: مخافة الناس، فيقول: إياي أحق أن تخاف.
الشيخ: يحتمل في ، وفيّ.
ورواه ابن ماجه من حديث الأعمش عن عمرو بن مرة به.
وروى أحمد وابن ماجه من حديث عبدالله بن عبدالرحمن أبي طوالة، عن نهار بن عبدالله العبدي المدني.

الشيخ: أيش قال عندك عن نهار؟
الطالب: نهار العبدي، هو نهار بن عبدالله العبدي المدني، صدوق من الرابعة، أخرج له ابن ماجه، وهناك آخر يقال له نهار العبدي شامي، ولكنه من الثالثة، وقيل له صحبة ذكره الحافظ تمييزًا.
الشيخ: ضبطها الحافظ بالنون؟
الطالب: نعم.
عن نهار بن عبدالله العبدي المدني، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي ﷺ، قال: إن الله ليسأل العبد يوم القيامة، حتى إنه ليسأله يقول له: أي عبدي أرأيت منكرا فلم تنكره؟ فإذا لقن الله عبدا حجته، قال: أي رب وثقت بك، وخفت الناس.
وثبت في الصحيح ما ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه قالوا: وكيف يذل نفسه يا رسول الله؟
قال يتحمل من البلاء ما لا يطيق.

الشيخ: والقاعدة المعروفة فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] فالواجب على المؤمن إنكار المنكر والقول بالحق حسب ما أرشده إليه النبي ﷺ من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ولا ينبغي له أن يسكت لمجرد خوف الناس وهو يستطيع أن يتكلم فليتكلم ويقول الحق هذا حرام وهذا واجب للبلاغ والبيان، أما التغيير باليد فعلى حسب الطاقة، وكذلك القول باللسان إذا منع منه فلم يستطع؛ لأنه يضرب أو يهدد بالضرب من قادر يكون عذرًا له.
..........
الطالب: قوله في الصحيح يا شيخ حفظك الله، الحديث وجدته عند الترمذي وابن ماجه ولم أجد له طريقًا آخر وكله من طريق علي بن زيد وهو ابن الجدعان هو الحسن عن جندب عن حذيفة، وفيه علي بن زيد لا يسلم منه.
الشيخ: محتمل، قد يكون الصحيح قصده بالحديث الصحيح عنده، وقد يكون الصحيح وهم منه رحمه الله، وأنا ما أعرفه في الصحيح، أنا ما أذكر أنه مر معي في الصحيح لا في مسلم ولا في البخاري لكن ينبغي أن يتتبع ويستقصى ويلاحظ....
ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ [المائدة:54] أي من اتصف بهذه الصفات فإنما هو من فضل الله عليه وتوفيقه له، والله واسع عليم أي واسع الفضل، عليم بمن يستحق ذلك ممن يحرمه إياه.
وقوله تعالى: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا [المائدة:55] أي ليس اليهود بأوليائكم، بل ولايتكم راجعة إلى الله ورسوله والمؤمنين.
وقوله الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ [المائدة:55] أي المؤمنون المتصفون بهذه الصفات من إقام الصلاة التي هي أكبر أركان الإسلام، وهي عبادة الله وحده لا شريك له وإيتاء الزكاة التي هي حق المخلوقين ومساعدة للمحتاجين من الضعفاء والمساكين.
وأما قوله وَهُمْ رَاكِعُونَ [المائدة:55] فقد توهم بعض الناس أن هذه الجملة في موضع الحال من قوله وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ [المائدة:55] أي في حال ركوعهم، ولو كان هذا كذلك، لكان دفع الزكاة في حال الركوع أفضل من غيره، لأنه ممدوح، وليس الأمر كذلك عند أحد من العلماء ممن نعلمه من أئمة الفتوى، وحتى إن بعضهم ذكر في هذا أثرا عن علي بن أبي طالب أن هذه الآية نزلت فيه، وذلك أنه مر به سائل في حال ركوعه فأعطاه خاتمه.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا الربيع بن سليمان المرادي، حدثنا أيوب بن سويد عن عتبة بن أبي حكيم في قوله: إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا [المائدة:55] قال: هم المؤمنون وعلي بن أبي طالب، وحدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا الفضل بن دكين أبو نعيم الأحول، حدثنا موسى بن قيس الحضرمي عن سلمة بن كهيل، قال: تصدق علي بخاتمه وهو راكع، فنزلت إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ [المائدة:55].
وقال ابن جرير: حدثني الحارث، حدثنا عبدالعزيز، حدثنا غالب بن عبدالله،
الطالب: غالب بن عبيدالله.
الشيخ: حط نسخة ابن عبيدالله.
الطالب: وعزاه إلى ابن جرير الطبري.
وقال ابن جرير: حدثني الحارث، حدثنا عبدالعزيز، حدثنا غالب بن عبدالله، سمعت مجاهدا يقول في قوله إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ الآية. نزلت في علي بن أبي طالب، تصدق وهو راكع.
وقال عبدالرزاق: حدثنا عبدالوهاب بن مجاهد، عن أبيه،
الشيخ: عندك شيء يا محمد؟
الطالب: نعم، عبدالوهاب بن مجاهد بن جبر متروك وقد كذبه الثوري من السابعة، أخرج له ابن ماجه.
الشيخ: بس ما في غيره؟
الطالب: ما في غيره، وهو هكذا أيضاً يروي عنه عبدالرزاق وهو يروي عن أبيه.
الشيخ: نعم.
وقال عبدالرزاق: حدثنا عبدالوهاب بن مجاهد، عن أبيه، عن ابن عباس في قوله إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ الآية، نزلت في علي بن أبي طالب، عبدالوهاب بن مجاهد لا يحتج به.
وروى ابن مردويه من طريق سفيان الثوري، عن أبي سنان، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: كان علي بن أبي طالب قائما يصلي، فمر سائل وهو راكع، فأعطاه خاتمه، فنزلت إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ الآية، الضحاك لم يلق ابن عباس.
وروى ابن مردويه أيضا من طريق محمد بن السائب الكلبي، وهو متروك، عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: خرج رسول الله ﷺ إلى المسجد والناس يصلون بين راكع وساجد وقائم وقاعد، وإذا مسكين يسأل، فدخل رسول الله ﷺ، فقال: أعطاك أحد شيئا؟ قال: نعم. قال: من؟ قال: ذلك الرجل القائم. قال: على أي حال أعطاكه؟ قال: وهو راكع، قال: وذلك علي بن أبي طالب. قال: فكبر رسول الله ﷺ عند ذلك وهو يقول وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ [المائدة:56] وهذا إسناد لا يفرح به.
الشيخ: مثل ما تقدم يكون من رواية الكلبي وهو متروك، وهو لا يفرح به نعم.
ثم رواه ابن مردويه من حديث علي بن أبي طالب نفسه، وعمار بن ياسر وأبي رافع، وليس يصح شيء منها بالكلية لضعف أسانيدها وجهالة رجالها، ثم روى بإسناده عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس في قوله إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ نزلت في المؤمنين وعلي بن أبي طالب أولهم.
وقال ابن جرير: حدثنا هناد، حدثنا عبدة عن عبدالملك، عن أبي جعفر قال: سألته عن هذه الآية إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ [المائدة:55] قلنا: من الذين آمنوا؟ قال: الذين آمنوا. قلنا بلغنا أنها نزلت في علي بن أبي طالب، قال: علي من الذين آمنوا.
وقال أسباط عن السدي: نزلت هذه الآية في جميع المؤمنين، ولكن علي بن أبي طالب مر به سائل وهو راكع في المسجد، فأعطاه خاتمه.
وقال علي بن أبي طلحة الوالبي، عن ابن عباس: من أسلم فقد تولى الله ورسوله والذين آمنوا، رواه ابن جرير.
وقد تقدم في الأحاديث التي أوردناها أن هذه الآيات كلها نزلت في عبادة بن الصامت حين تبرأ من حلف اليهود، ورضي بولاية الله ورسوله والمؤمنين، ولهذا قال تعالى بعد هذا كله وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ [المائدة:56] كما قال تعالى: كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ۝ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [المجادلة:21، 22] فكل من رضي بولاية الله ورسوله والمؤمنين، فهو مفلح في الدنيا والآخرة، ومنصور في الدنيا والآخرة، ولهذا قال تعالى في هذه الآية الكريمة وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ [المائدة:56].
الشيخ: المؤلف أوضح أنها عامة وليست خاصة بعلي، وليس المراد أداء الزكاة وهم راكعون وإنما المراد الخضوع لله الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ [المائدة:55] لا عن رياء ولا عن سمعة ولا عن تكبر بل يؤدونها عن خضوع وذل لله، والراكع أي الخاضع لله الذليل لله المنكسر بين يديه، فأهل الإيمان يعبدونه وحده ويصلون ويزكون ويصومون ويحجون ويجاهدون وهم خاضعون لله ذليلون لله، ليسوا متكبرين ولا متعاظمين ولا مرائين بل يؤدون ما يؤدون من الأعمال الصالحة خضوعًا لله وإخلاصًا له وذلاً بين يديه سبحانه وتعالى، والخضوع هو الذل والانكسار.
الطالب: غالب بن عبيدالله تكلم عليه محمود شاكر، غالب بن عبيدالله العقيلي الجزري منكر الحديث متروك، مترجم في لسان الميزان والكبير للبخاري وابن أبي حاتم وذكر مواضعها.
الشيخ: ما ضبطه بالتصغير؟
الطالب: هكذا في الأصل وفي الحاشية في كتابتها عليها مصغرًا بدون ما يضبطه.
الشيخ: والأصل موجود؟
الطالب: نعم هذا أصل ابن جرير معي.
الشيخ: صلحه عندك غالب بن عبيدالله.