فَصْلٌ
وَاشْتَرَى سَرَاوِيلَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إِنَّمَا اشْتَرَاهَا لِيَلْبَسَهَا، وَقَدْ رُوِيَ فِي غَيْرِ حَدِيثٍ أَنَّهُ لَبِسَ السَّرَاوِيلَ، وَكَانُوا يَلْبَسُونَ السَّرَاوِيلَاتِ بِإِذْنِهِ.
الشيخ: والغالب على العرب الأُزُر؛ لأنها أكمل في السّتر، وقد يلبسون السَّراويل تحت القمص، ونهى عنها في حقِّ المحرم وقال: لا يلبس القميص، ولا العمائم، ولا السَّراويلات، فدلَّ على أنهم كانوا يلبسونها، ولكن يغلب عليهم الأُزر أكثر من السَّراويل.
س: .............؟
ج: الإزار أكمل من جهة عدم بيان حجم الأعضاء، وإلا فالسَّراويل قد يبين بعض الحجم، قد يكون هناك تحجيم لما يُشير إلى حجم الفرج، بخلاف الإزار فإنه إذا كان فاضيًا لا يُشير إلى شيءٍ.
س: .............؟
ج: إذا كانت ساترةً فهي سراويل.
س: .............؟
ج: هذا القميص، يُسمَّى: قميصًا.
س: .............؟
ج: إذا كانت ضيقةً تركها أفضل؛ لأنها تُبين حجم العورة، وقد تُؤذيه عند السجود أيضًا، فإذا كانت واسعةً فالأمر فيها واسع.
س: .............؟
ج: لا يلبسها إذا كان فيها مُشابهة للكفرة، لكن الآن اتَّسع فيها الناس، وصارت في المسلمين وفي غيرهم، توسع فيها الناس، لكن يُراعى فيها السِّعة والسَّتر، السعة وعدم الضيق.
س: ..............؟
ج: ما نعلم فيها شيئًا إذا كانت واسعةً ساترةً، أما إذا كانت ضيقةً تُكره أو تحرم إذا اشتدَّ الضيق.
س: ..............؟
ج: على الجميع فيما يظهر، الضَّيقة على الجميع، الذي يُبين حجم العورة يحرم، ينبغي أن يكون حرامًا على الجميع: للذكور والإناث؛ لأمرين: الأمر الأول أنه يُبين حجم العورة، وقد يشغله عن سجوده في الصلاة، والخشوع في الصلاة، ويشغل أيضًا عن بعض الأمور الهامَّة، لكن أهم ذلك أنَّ صاحبه شبه العاري.
س: .............؟
ج: إذا كانت على هيئةٍ يفعلها الكفرة، أما إذا كانت على ما اتَّسع به الناس، وصار الناسُ الآن يلبسوه: المسلمون وغيرهم، فلا بأس، يعني: ما كان من زيِّهم، ما بقي من زيهم، أما إذا كان من زيِّهم الخاص ما يلبسه المسلمون، فلا يجوز لبسه: مَن تشبَّه بقومٍ فهو منهم، أما إذا كان الزي مُشتركًا ما بقي تشبه، مثلما ركب السيارات والطائرات، صارت شيئًا مُشتركًا، والطائرات من أول عند الكفار، والسيارات عند الكفار، ثم اشترك فيها الناسُ، صارت للجميع.
س: الزي العسكري؟
ج: المقصود الضيق ما ينبغي، وأقل أحواله الكراهة الشَّديدة.
س: ..............؟
ج: ما يجوز الرقيق، صاحبه عارٍ، إذا كان يُبين اللحم يُعتبر عاريًا، يعتبر مكشوَف العورة، ما يجوز، لا بدّ من كون الثياب ساترةً غير ضيقةٍ ضيقًا يبين حجم الأعضاء والعورات.
وَلَبِسَ الْخُفَّيْنِ، وَلَبِسَ النَّعْلَ الَّذِي يُسَمَّى التَّاسُومَةَ.
وَلَبِسَ الْخَاتَمَ، وَاخْتَلَفَتِ الْأَحَادِيثُ: هَلْ كَانَ فِي يُمْنَاهُ أَوْ يُسْرَاهُ؟ وَكُلُّهَا صَحِيحَةُ السَّنَدِ.
الشيخ: وكلاها جائز: إن شاء لبسه باليمنى، وإن شاء لبسه باليسرى؛ لأنَّ الرسول لبسه باليمنى، وفي اليسرى، اللهم صلِّ عليه.
س: ..............؟
ج: الله أعلم.
وَلَبِسَ الْبَيْضَةَ الَّتِي تُسَمَّى: الْخُوذَةَ، وَلَبِسَ الدِّرْعَ الَّتِي تُسَمَّى: الزَّرَدِيَّةَ، وَظَاهَرَ يَوْمَ أُحُدٍ بَيْنَ الدِّرْعَيْنِ.
وَفِي "صَحِيحِ مسلم" عَنْ أسماء بنت أبي بكرٍ قَالَتْ: "هَذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ"، فَأَخْرَجَتْ جُبَّةَ طَيَالِسَةٍ كِسْرَوَانِيَّة، لَهَا لِبْنَةُ دِيبَاجٍ، وَفَرْجَاهَا مَكْفُوفَانِ بِالدِّيبَاجِ، فَقَالَتْ: "هَذِهِ كَانَتْ عِنْدَ عائشة حَتَّى قُبِضَتْ، فَلَمَّا قُبِضَتْ قَبَضْتُهَا، وَكَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَلْبَسُهَا، فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى يُسْتَشْفَى بِهَا".
وَكَانَ لَهُ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ، وَكِسَاءٌ أَسْوَدُ، وَكِسَاءٌ أَحْمَرُ مُلَبَّدٌ، وَكِسَاءٌ مِنْ شَعَرٍ.
وَكَانَ قَمِيصُهُ مِنْ قُطْنٍ، وَكَانَ قَصِيرَ الطُّولِ، قَصِيرَ الْكُمَّيْنِ، وَأَمَّا هَذِهِ الْأَكْمَامُ الْوَاسِعَةُ الطِّوَالُ الَّتِي هِيَ كَالْأَخْرَاجِ، فَلَمْ يَلْبَسْهَا هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ الْبَتَّةَ، وَهِيَ مُخَالِفَةٌ لِسُنَّتِهِ، وَفِي جَوَازِهَا نَظَرٌ، فَإِنَّهَا مِنْ جِنْسِ الْخُيَلَاءِ.
الشيخ: والسنة أن يكون إلى الرسغ، الكم يكون إلى الرسغ.
س: .............؟
ج: ما أتذكر فيها شيئًا.
س: ...............؟
ج: قد تقع، قد يقع في ..... غزوة تبوك كان عليه جُبَّة شامية، فضاقت عليه، فأخرج يديه من أسفل، فغسلهما، فيه العارض، أقول: الشيء العارض الذي لا يظهر العورات -مثل: اليدين- أمره أسهل، ولا سيما ما يُشترى من السُّوق وتدعو الحاجةُ إليه.
س: .............؟
ج: ما بلغني في هذا شيء، إنما ضاقت عنه عندما أراد أن يُخرج يديه لغسلهما، فأخرجهما من أسفل وغسلهما، كما في حديث المغيرة.
وَكَانَ أَحَبَّ الثِّيَابِ إِلَيْهِ الْقَمِيصُ وَالْحِبَرَةُ، وَهِيَ ضَرْبٌ مِنَ الْبُرُودِ فِيهِ حُمْرَةٌ.
وَكَانَ أَحَبَّ الْأَلْوَانِ إِلَيْهِ الْبَيَاضُ، وَقَالَ: هِيَ مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ، فَالْبَسُوهَا، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ.
الشيخ: يعني: البياض هو أحبُّ اللباس إليه: الأبيض، والسنة تكفين الموتى في ذلك.
س: ..............؟
ج: أجزأ، لكن السنة البياض.
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ عائشةَ أَنَّهَا أَخْرَجَتْ كِسَاءً مُلَبَّدًا، وَإِزَارًا غَلِيظًا، فَقَالَتْ: "قُبِضَ رُوحُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي هَذَيْنِ".
وَلَبِسَ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ، ثُمَّ رَمَى بِهِ، وَنَهَى عَنِ التَّخَتُّمِ بِالذَّهَبِ، ثُمَّ اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ فِضَّةٍ، وَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أبي داود: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ نَهَى عَنْ أَشْيَاءَ، وَذَكَرَ مِنْهَا: وَنَهَى عَنْ لُبُوسِ الْخَاتَمِ إِلَّا لِذِي سُلْطَانٍ. فَلَا أَدْرِي مَا حَالُ الْحَدِيثِ وَلَا وَجْهُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الشيخ: أيش قال المحشي عليه؟
الطالب: هو جزء من حديثٍ طويلٍ رواه أبو داود في "اللباس"، باب "مَن كره لبس الحرير"، والنَّسائي في "الزينة"، باب .....، وفي سنده .....، قال أبو داود عقب روايته: والذي تفرد به من هذا الحديث ذكر الخاتم.
الشيخ: على كل حالٍ ضعيف؛ لجهالة مَن فيه ..... بأنَّ الرسول ﷺ لبس الخاتم من فضَّةٍ، وأقرَّ الصحابة عليه، ونهى عن خاتم الذهب، ولما رأى رجلًا في يده خاتم من ذهبٍ نزعه وطرحه، وقال: يعمد أحدُكم إلى جمرةٍ من نارٍ فيضعها في يده.
فلبس الخواتم من الذهب للرجال أمرٌ لا يجوز، وإلا فهو من زينة النساء، وأما خاتم الفضة فهو مُشترك للرجال والنساء.
س: .............؟
ج: غلط هذا.
س: .............؟
ج: الشيخ الألباني غلط في هذا، وقد ثبتت الأحاديثُ عن رسول الله في لبس الذهب للنساء: مُحلَّق وغير مُحلَّق، أجمع عليه أهلُ العلم، وقد كتبنا في هذا فيما يدل على غلطه .....، وهو ذو علمٍ جيدٍ، وعلَّامة، لكن له بعض الأغلاط.
س: ...........؟
ج: بعض الأحاديث ظنّها تدل على التَّحريم، وهو غلط في ظنِّه، الأحاديث الصحيحة دالة على أنها منسوخة أو شاذَّة، وقد حكى غير واحدٍ إجماعَ أهل العلم على حلِّه للنِّساء.
.............
...........
وَأَمَّا الطَّيْلَسَانُ: فَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ أَنَّهُ لَبِسَهُ، وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، بَلْ قَدْ ثَبَتَ فِي "صَحِيحِ مسلم" مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: أَنَّهُ ذَكَرَ الدَّجال فَقَالَ: يَخْرُجُ مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ يَهُودِ أَصْبَهَانَ عَلَيْهِمُ الطَّيَالِسَةُ.
وَرَأَى أنسٌ جَمَاعَةً عَلَيْهِمُ الطَّيَالِسَةُ، فَقَالَ: "مَا أَشْبَهَهُمْ بِيَهُودِ خَيْبَرَ!".
وَمِنْ هَاهُنَا كَرِهَ لُبْسَهَا جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ؛ لِمَا رَوَى أبو داود والحاكم فِي "الْمُسْتَدْرَكِ" عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ.
وَفِي الترمذي عَنْهُ ﷺ: لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ غَيْرِنَا.
وَأَمَّا مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الْهِجْرَةِ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ جَاءَ إِلَى أبي بكرٍ مُتَقَنِّعًا بِالْهَاجِرَةِ. فَإِنَّمَا فَعَلَهُ النَّبِيُّ ﷺ تِلْكَ السَّاعَةَ لِيَخْتَفِيَ بِذَلِكَ، فَفَعَلَهُ لِلْحَاجَةِ، وَلَمْ تَكُنْ عَادَتُهُ التَّقَنُّع.
وَقَدْ ذَكَرَ أنسٌ عَنْهُ ﷺ أَنَّهُ كَانَ يُكْثِرُ الْقِنَاعَ، وَهَذَا إِنَّمَا كَانَ يَفْعَلُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ لِلْحَاجَةِ مِنَ الْحَرِّ وَنَحْوِهِ، وَأَيْضًا لَيْسَ التَّقَنُّعُ مِنَ التَّطَيْلُسِ.
الشيخ: الطيلسان هو ما يُجعل على الرداء، يشقّ وسط الرداء، يُدخل فيه رأسه، يكون في وسطه خرقٌ بقدر الرأس يلبسه ويستر كتفه وظهره وصدره، هذه الطيالسة، هذا من لبس اليهود المعروف؛ ولهذا لا ينبغي لبسه؛ لأنَّ فيه تشبُّهًا باليهود، وإنما يلبس الرداء هكذا على كتفيه.
س: ...........؟
ج: شقّ في الرداء، ويُدخله في رأسه ..... على صدره وعلى ظهره، يكون فيه خرقٌ يُدخل معه رأسه.
س: .............؟
ج: التَّقنع لا بأس به، لا كراهةَ فيه، مثل: يجعل الرداء على رأسه مع الحرِّ أو البرد، أو العباءة فوق رأسه، لا بأس به.
فَصْلٌ
وَكَانَ غَالِبُ مَا يَلْبَسُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ مَا نُسِجَ مِنَ الْقُطْنِ، وَرُبَّمَا لَبِسُوا مَا نُسِجَ مِنَ الصُّوفِ وَالْكَتَّانِ.
وَذَكَرَ الشَّيْخُ أبو إسحاق الأصبهاني بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ جابر بن أيوب قَالَ: دَخَلَ الصَّلتُ بن راشد عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَعَلَيْهِ جُبَّةُ صُوفٍ، وَإِزَارُ صُوفٍ، وَعِمَامَةُ صُوفٍ، فَاشْمَأَزَّ مِنْهُ محمد، وَقَالَ: أَظُنُّ أَنَّ أَقْوَامًا يَلْبَسُونَ الصُّوفَ وَيَقُولُونَ: قَدْ لَبِسَهُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ! وَقَدْ حَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ لَبِسَ الْكَتَّانَ، وَالصُّوفَ، وَالْقُطْنَ، وَسُنَّةُ نَبِيِّنَا أَحَقُّ أَنْ تُتَّبَعَ.
وَمَقْصُودُ ابْنِ سِيرِينَ بِهَذَا أَنَّ أَقْوَامًا يَرَوْنَ أَنَّ لُبْسَ الصُّوفِ دَائِمًا أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ، فَيَتَحَرَّوْنَهُ، وَيَمْنَعُونَ أَنْفُسَهُمْ مِنْ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ يَتَحَرَّوْنَ زِيًّا وَاحِدًا مِنَ الْمَلَابِسِ، وَيَتَحَرَّوْنَ رُسُومًا وَأَوْضَاعًا وَهَيْئَاتٍ يَرَوْنَ الْخُرُوجَ عَنْهَا مُنْكَرًا، وَلَيْسَ الْمُنْكَرُ إِلَّا التَّقَيُّدَ بِهَا، وَالْمُحَافَظَةَ عَلَيْهَا، وَتَرْكَ الْخُرُوجِ عَنْهَا.
الشيخ: والمعنى أنه ينبغي للمؤمن أن يلبس ما تيسر، ولا يُشدد، ولا يتقيد بلبسٍ خاصٍّ لا يوجد غيره، بل تارةً يلبس الصوفَ، وتارةً يلبس القطن، وتارةً يلبس الكتان، وتارةً يلبس القميص، وتارةً يلبس العمامة، وتارةً يلبس كذا وكذا، لا يكون عنده تقيد يُحرج نفسه ويشقّ عليها، أو يتعبَّد بذلك؛ ولهذا كان النبيُّ يلبس ما تيسر، وربما لبس الإزار والرداء، وربما لبس القميصَ، وربما لبس العباءة، وهي القباء، وشبه القباء، وربما لبس العمامة السَّوداء، والعمامة البيضاء، والعمامة الدسمة، وغير ذلك، فلا يتقيد، لا يشقّ على نفسه، فالأمر في اللباس واسع.
س: .............؟
ج: إذا كان في بلدٍ يستنكرونه لا يلبسه، يلبس ما يعتادوه مما هو جائز شرعًا، حتى لا يُلفت الأنظار؛ لأنَّ لبس الشُّهرة منهي عنه، يلبس ما يعتاده الناس من جماعته، من غير أن يتقيد بشيءٍ دونهم.
س: إذا مُنِعَ الإنسانُ من دخول الجامعة للبسه القميص؟
ج: يلبس الشيء المأذون فيه ما دام جائزًا شرعًا، ما دام جائزًا شرعًا فلا بأس، يتقيد بما قال أصحابُ الجامعة؛ لأنهم قد يمنعونه من شيءٍ لئلا يتفاخر على الناس؛ لئلا يتفاخر على الطلبة والطالبات، هذه تأتي بلباسٍ جيدٍ، وهذه تأتي، وقد يُؤذون الفقراء، فإذا منعوا من زيٍّ فيه شُهرة، أو فيه إيذاء للفقراء فلا بأس.
س: .............؟
ج: إذا كان ساترًا فلا بأس، يكون واسعًا وساترًا لا بأس، يتقيد بما قالوا حتى ينتهي طلب العلم.
س: ............؟
ج: هو الغالب على الصوفية، نعم.
وَالصَّوَابُ أَنَّ أَفْضَلَ الطُّرُقِ طَرِيقُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ الَّتِي سَنَّهَا وَأَمَرَ بِهَا وَرَغَّبَ فِيهَا وَدَاوَمَ عَلَيْهَا، وَهِيَ أَنَّ هَدْيَهُ فِي اللِّبَاسِ أَنْ يَلْبَسَ مَا تَيَسَّرَ مِنَ اللِّبَاسِ: مِنَ الصُّوفِ تَارَةً، وَالْقُطْنِ تَارَةً، وَالْكَتَّانِ تَارَةً.
وَلَبِسَ الْبُرُودَ الْيَمَانِيَّةَ، وَالْبُرْدَ الْأَخْضَرَ، وَلَبِسَ الْجُبَّةَ، وَالْقَبَاءَ، وَالْقَمِيصَ، وَالسَّرَاوِيلَ، وَالْإِزَارَ، وَالرِّدَاءَ.
الشيخ: والعباءة كذلك.
وَالْخُفَّ، وَالنَّعْلَ، وَأَرْخَى الذُّؤَابَةَ مِنْ خَلْفِهِ تَارَةً، وَتَرَكَهَا تَارَةً.
وَكَانَ يَتَلَحَّى بِالْعِمَامَةِ تَحْتَ الْحَنَكِ.
وَكَانَ إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ بِاسْمِهِ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ كَسَوْتَنِي هَذَا -الْقَمِيصَ أَوِ الرِّدَاءَ أَوِ الْعِمَامَةَ- أَسْأَلُكَ خَيْرَهُ وَخَيْرَ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ.
س: .............؟
ج: مثل العمامة، حكمه حكم العمامة، لكنه ما هو بحكمه في كل شيءٍ، يكون مثلها في الجواز والحلِّ، أما المسح لا؛ لأنَّ العمامة تحنك، تُدار على الحنك، فإذا أدار على الحنك مثل العمامة جاز المسحُ عليها، وإذا أطلقها هكذا لا يمسح عليها؛ لأنه لا يُكلف إزالتها عن الرأس ومسح الرأس، بخلاف ما إذا حنَّكها وأدارها وثبَّتها على رأسه، فلا بأس أن يمسح يومًا وليلةً للمُقيم، وثلاثة للمُسافر، إذا لبسها على طهارةٍ.
س: حفظك الله يا شيخ، البنطلون ليس هو السِّروال، السِّروال عريض، والبنطلون ضيق يُبين حجم العورة؟
ج: لا بدَّ أن يُلاحظ الواسع، يعتني بالواسع.
الشيخ: والمعنى أنه يبدأ بالميمنة مثلما في الحديث: إذا توضأتم ولبستم فابدؤوا بميامنكم يعني: يُدخل الكمَّ الأيمن قبل الأيسر في اللبس، وفي الخلع يبدأ بالأيسر، يخلع الأيسر قبل، ويبدأ بكم القميص الأيمن في اللبس، كمه الأيسر في الخلع، وهكذا السراويل في اللبس: يبدأ بالأيمن، وفي الخلع يبدأ بالأيسر، وهكذا في النَّعل والخفِّ: في اللبس يبدأ بالأيمن، وفي الخلع يبدأ بالأيسر.
وَكَانَ إِذَا لَبِسَ قَمِيصَهُ بَدَأَ بِمَيَامِنِهِ، وَلَبِسَ الشَّعَرَ الْأَسْوَدَ كَمَا رَوَى مسلم فِي "صَحِيحِهِ" عَنْ عائشةَ قَالَتْ: "خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ مِنْ شَعَرٍ أَسْوَدَ".
وَفِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَنْ قتادة: قُلْنَا لِأَنَسٍ: أَيُّ اللِّبَاسِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ؟ قَالَ: "الْحِبَرَةُ".
وَالْحِبَرَةُ: بُرْدٌ مِنْ بُرُودِ الْيَمَنِ، فَإِنَّ غَالِبَ لِبَاسِهِمْ كَانَ مِنْ نَسْجِ الْيَمَنِ؛ لِأَنَّهَا قَرِيبَةٌ مِنْهُمْ.
الشيخ: والحبرة فيها خطوط، وهي خطوط جميلة، الحبرة تكون مخططةً، فيها خطوط ونقوش جميلة.
وَرُبَّمَا لَبِسُوا مَا يُجْلَبُ مِنَ الشَّامِ وَمِصْرَ: كَالْقَبَاطِيِّ الْمَنْسُوجَةِ مِنَ الْكَتَّانِ الَّتِي كَانَتْ تَنْسِجُهَا الْقِبْطُ.
وَفِي "سُنَنِ النَّسَائِيِّ" عَنْ عائشة: أَنَّهَا جَعَلَتْ لِلنَّبِيِّ ﷺ بُرْدَةً مِنْ صُوفٍ فَلَبِسَهَا، فَلَمَّا عَرِقَ فَوَجَدَ رِيحَ الصُّوفِ طَرَحَهَا. وَكَانَ يُحِبُّ الرِّيحَ الطَّيِّبَ.
............
الشيخ: فلما عرق؟
الطالب: فَلَمَّا عَرِقَ فَوَجَدَ رِيحَ الصُّوفِ طَرَحَهَا.
الشيخ: أيش عندك؟ فلما عرق أيش بعدها؟
الطالب: فلما عرق فوجد ريح الصوف فطرحها.
الشيخ: لا، مثلما قال: طرحها، الفاء عندك ما لها محل، جواب لما، لما وجد ريح الصوف طرحها، جواب لما، مثل: لما رأى زيدًا أعطاه كذا.
وَفِي "سُنَنِ أبي داود" عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "لَقَدْ رَأَيْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَحْسَنَ مَا يَكُونُ مِنَ الْحُلَلِ".
وَفِي "سُنَنِ النَّسَائِيِّ" عَنْ أبي رمثة قَالَ: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَخْطُبُ وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ أَخْضَرَانِ".
وَالْبُرْدُ الْأَخْضَرُ: هُوَ الَّذِي فِيهِ خُطُوطٌ خُضْرٌ، وَهُوَ كَالْحُلَّةِ الْحَمْرَاءِ سَوَاءٌ.
الشيخ: وطاف مرة وعليه برد أخضر عليه الصلاة والسلام، ودخل مكة وعليه عمامة سوداء يوم الفتح.
س: .............؟
ج: يوم الفتح، لا.
الشيخ: يعني من عادة البرود أن تكون مخططةً، فإذا غلب الأخضرُ فهي خضراء، وإذا غلب الأحمرُ فهي حمراء، وإذا غلب الأصفرُ فهي صفراء، وإذا غلب الأسودُ فهي سوداء.
الشيخ: ومن هذا قول عمر: "تمعددوا، واخشوشنوا" يعني: حتى لا يعتادوا اللِّين ..... فيضعف عن لبس الخشن، وعن التَّعب، وعن المشي، فإذا ترفه تارةً، واخشوشن تارةً صار أكمل له على أخذ الأضداد.
الشيخ: أيش قال المحشي عليه؟
الطالب: رواه أبو داود في كتاب .....، باب مَن لبس شُهرةً من الثياب، وأحمد في "المسند"، وإسناده حسن.
وله شاهد عند ابن ماجه وأبي نعيم في "الحلية" من حديث أبي ذرٍّ مرفوعًا: مَن لبس ثوبَ شهرةٍ أعرض الله عنه حتى يضعه متى وضعه. وسنده حسن في الشَّواهد.
وقوله: ثوب شهرةٍ الشهرة: ظهور الشيء، والمراد أنَّ ثوبه يشتهر بين الناس.
الشيخ: وهذا يعمّ الشُّهرة من جهة العلو، والشُّهرة من جهة النَّقص: الذي يلبس ثوبًا مُرقَّعًا، أو خلقًا، وهو ممن لا يليق به ذلك؛ ليشتهر بهذا، ويُساء به الظنّ، ويكثر فيه الكلام، وكونه يلبس شيئًا فوق الناس كذلك، ولكن يتحرى التَّوسط في الأمور.
س: ..............؟
ج: ما هو بلازمٍ، ليس بلازمٍ أن يلبس زيَّهم، إلا إذا كان يخشى على نفسه شرًّا فلا بأس، وإذا كان ما يخشى يلزم زيَّه، ولا يجوز له التَّشبه بأعداء الله إذا ذهب إليهم، لكن إذا كان يخشى على نفسه هذا شيء آخر.
س: .............؟
ج: أيش عندك؟
الطالب: تلهب فيه النار.
الشيخ: رواه أبو داود ومَن غيره؟ يُراجع الأصل.
الطالب: ..........
وَهَذَا لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ الِاخْتِيَالَ وَالْفَخْرَ، فَعَاقَبَهُ اللَّهُ بِنَقِيضِ ذَلِكَ فَأَذَلَّهُ، كَمَا عَاقَبَ مَنْ أَطَالَ ثِيَابَهُ خُيَلَاءَ بِأَنْ خَسَفَ بِهِ الْأَرْضَ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَفِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَفِي "السُّنَنِ" عَنْهُ أَيْضًا ﷺ قَالَ: الْإِسْبَالُ فِي الْإِزَارِ وَالْقَمِيصِ وَالْعِمَامَةِ، مَنْ جَرَّ شَيْئًا مِنْهَا خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
الشيخ: وهذا وعيدٌ شديدٌ، وجاء في الأحاديث الأخرى الدلالة على تحريم ذلك مطلقًا، وإن لم يفعله خُيلاء؛ ولهذا في الحديث الآخر: ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار، رواه البخاري في "الصحيح"، ولم يُقيد.
والحديث الآخر: ثلاثٌ لا يُكلِّمهم الله، ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ولا يُزكيهم، ولهم عذاب أليم: المسبل إزاره، والمنان بما أعطى، والـمُنَفِّق سلعته بالحلف الكاذب خرَّجه مسلم في "الصحيح".
وحديث جابر .....: إياك والإسبال؛ فإنه من المخيلة.
المقصود أنَّ الواجب رفع الثياب للرجل، وألا تنقص عن الكعب، وإذا كانت عن خيلاء صار الإثمُ أكبر، وأما ما جاء في قصة الصديق أنه قد يرتخي إزاره وقال: إنك لا تفعله خيلاء، فالمراد أنه كان قد ينحلّ إزاره بعض الشيء، ثم يتعاهده، فهكذا المؤمن إذا انحلَّ إزاره ولم يتعمد سحبَه، فانحل إزاره وتعاهده وضبطه وخاطه لا يضرّه ذلك، لكن لو تعمَّد سحبه وجرَّه، ثم يدَّعي أنه ليس بخيلاء، مَن يقول أنه ليس بخيلاء؟! ومَن يُفتش عن قلبك؟! أنت تعاطيت ما يفعله المتكبرون، فأنت من جنسهم، وعليك أن تتَّقي الله، وأن ترفعه، بخلاف الذي قد يرتخي ثم يتعاهده ويرفعه، أما هؤلاء فيسحبونه دائمًا، ويجرونه دائمًا، ولا يرتفعون بالنَّصيحة، ولا يرعوون، فالأحاديث كلها تدل على تحريم هذا، وأن المختال المتكبر يكون إثمه أكبر، نسأل الله العافية.
س: ..............؟
ج: مثلما جاء في أحاديث: ثلاث، مَن فعلوا كذا، من باب التَّحذير، نسأل الله السلامة، ولا يلزم من هذا أن يكون غيرهم كذلك في أحاديث كثيرة: ثلاث، مَن فعل كذا، مثل: ثلاثة لا يُكلِّمهم الله، ولا ينظر إليهم، ولا يُزكيهم، ولهم عذاب أليم: شيخ زانٍ، وملك كذَّاب، وعائل مُستكبر، وفي الحديث الآخر: ثلاثٌ لا يُكلِّمهم الله ... الحديث: شيخ زانٍ، وعائل مُستكبر، ورجل جعل اللهَ بضاعته: لا يشتري إلا بيمينه، ولا يبيع إلا بيمينه، والحديث الآخر: ثلاثٌ لا يُكلمهم الله، ولا ينظر إليهم يوم القيامة، ولا يُزكيهم، ولهم عذاب أليم: رجل على فضل ماءٍ في فلاةٍ يمنعه ابن السَّبيل، ورجل بايع إمامًا، لا يُبايعه إلا لدنيا، فإن أعطاه منها وفى، وإذا لم يُعطه لم يفِ، ورجلٌ باع سلعةً بعد العصر وحلف بالله: لقد أعطيت بها كذا وكذا إلى غير ذلك، متَّفق عليه.
أحاديث في هذا الباب فيها: "ثلاثة" من باب التَّحذير والتَّرهيب.
س: .............؟
ج: يجره، يُطوله وراءه.
س: ..............؟
ج: يُطول الذُّؤابة حتى تنزل تحت الكعب.
س: ..............؟
ج: يعني أسبلها، هذا المراد: نزل عن الكعب.
س: ..............؟
ج: لا، ما له مفهوم؛ لهذا في اللفظ الآخر: ما أسفل من الكعبين من الإزار فهو في النار رواه البخاري، نعم.
س: ..............؟
ج: نحن ما نتكلم عن البنطلونات، نحن نتكلم عن اللباس كله.
س: ..............؟
ج: كل لباسٍ نزل عن الكعب فهو محرم مطلقًا، سواء بنطلون أو غيره.
س: .............؟
ج: فيه ..... العباءة، كذلك القباء، كذلك الحكم واحد، لكن هذا هو اللبس الغالب عندهم: القميص والإزار والعمامة، قد يكون في البشت المعروف العباءة، قد يكون في الجبة، وتُسمَّى: قميصًا أيضًا، قد يكون في غير ذلك من الملابس.
وَفِي "السُّنَنِ" عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا قَالَ: "مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي الْإِزَارِ فَهُوَ فِي الْقَمِيصِ".
وَكَذَلِكَ لُبْسُ الدَّنِيءِ مِنَ الثِّيَابِ يُذَمُّ فِي مَوْضِعٍ، وَيُحْمَدُ فِي مَوْضِعٍ، فَيُذَمُّ إِذَا كَانَ شُهْرَةً وَخُيَلَاءَ، وَيُمْدَحُ إِذَا كَانَ تَوَاضُعًا وَاسْتِكَانَةً، كَمَا أَنَّ لُبْسَ الرَّفِيعِ مِنَ الثِّيَابِ يُذَمُّ إِذَا كَانَ تَكَبُّرًا وَفَخْرًا وَخُيَلَاءَ، وَيُمْدَحُ إِذَا كَانَ تَجَمُّلًا وَإِظْهَارًا لِنِعْمَةِ اللَّهِ.
فَفِي "صَحِيحِ مسلمٍ" عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ، وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبِي حَسَنًا، وَنَعْلِي حَسَنَةً، أَفَمِنَ الْكِبْرِ ذَاكَ؟ فَقَالَ: لَا، إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ: بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ.
...........
الشيخ: هذا المعنى: لا يدخلها دخولًا يعني: مخلَّد، وإلا قد يدخلها، وفيه فوق مثاقيل الذَّر من الإيمان، لكن دخول غير خلود، ولا يبقى في النار مَن في قلبه مثقال حبَّةٍ من خردلٍ من الإيمان، بل يخرجون منها إذا دخلوها بعد التَّطهير والتَّمحيص، فهذا عند أهل السنة والجماعة محمولٌ على أنَّ الغالب دخول الخلد، أما الدخول للتَّعذيب على معاصيه فهذا واقعٌ، كما جاءت به الأحاديث الصَّحيحة.
...........
الشيخ: ومن ذلك: لا يدخل الجنةَ مَن كان في قلبه مثقال حبَّة خردلٍ من كبرٍ، هذا عند أهل السنة والجماعة من باب الوعيد، أو المراد الدخول مع الأولين، فهو يدخل النار ثم يُعذَّب، ثم يخرج منها بعدما يطهر من كبره الذي أصابه، فهذا من باب الوعيد، ومثل: لا يدخل الجنة قاطع رحم ..... كله من باب الوعيد والتحذير.
س: ...............؟
ج: على ظاهره من باب الوعيد.
فَصْلٌ
وَكَذَلِكَ كَانَ هَدْيُهُ ﷺ وَسِيرَتُهُ فِي الطَّعَامِ: لَا يَرُدُّ مَوْجُودًا، وَلَا يَتَكَلَّفُ مَفْقُودًا، فَمَا قُرِّبَ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الطَّيِّبَاتِ إِلَّا أَكَلَهُ، إِلَّا أَنْ تَعَافَهُ نَفْسُهُ فَيَتْرُكَهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ، وَمَا عَابَ طَعَامًا قَطُّ، إِنِ اشْتَهَاهُ أَكَلَهُ، وَإِلَّا تَرَكَهُ.
الشيخ: يعني ما كان يتكلَّف في تهيئته الطعام، وتحسين الطعام، والتأنق في الطعام، بل كان يتسامح في ذلك، لو قدم إليه ما قدمه إليه أهلُه أو مُضيفوه من الطعام أكل منه إذا كان سليمًا، ولا يتكلف شيئًا عليه الصلاة والسلام، وما عاب طعامًا قط، وإذا كان اللحمُ لا يُناسبه تركه، من غير عيبٍ، وبيَّن أسباب ذلك: كما قُدم له الضَّبُّ فلم يأكل منه، وقال: إنه لم يكن بأرض قومي، فأجدني أعافه، وترك الصحابة يأكلونه على مائدته عليه الصلاة والسلام.
...........
كَمَا تَرَكَ أَكْلَ الضَّبِّ لَمَّا لَمْ يَعْتَدْهُ، وَلَمْ يُحَرِّمْهُ عَلَى الْأُمَّةِ، بَلْ أُكِلَ عَلَى مَائِدَتِهِ وَهُوَ يَنْظُرُ.
وَأَكَلَ الْحَلْوَى وَالْعَسَلَ، وَكَانَ يُحِبُّهُمَا، وَأَكَلَ لَحْمَ الْجَزُورِ وَالضَّأْنِ وَالدَّجَاجِ، وَلَحْمَ الْحُبَارَى، وَلَحْمَ حِمَارِ الْوَحْشِ وَالْأَرْنَبِ، وَطَعَامَ الْبَحْرِ، وَأَكَلَ الشِّوَاءَ، وَأَكَلَ الرُّطَبَ وَالتَّمْرَ، وَشَرِبَ اللَّبَنَ خَالِصًا وَمَشُوبًا، وَالسَّوِيقَ، وَالْعَسَلَ بِالْمَاءِ، وَشَرِبَ نَقِيعَ التَّمْرِ، وَأَكَلَ الْخَزِيرَةَ، وَهِيَ حِسَاءٌ يُتَّخَذُ مِنَ اللَّبَنِ وَالدَّقِيقِ، وَأَكَلَ الْقِثَّاءَ بِالرُّطَبِ، وَأَكَلَ الْأَقِطَ.
الشيخ: يُقال: خزيرة، وخريرة، وعصيدة، فهي أنواع مما يتّخذ من الطحين من دقيق الحنطة، تارةً يكون فيه لحم، وتارة لا يكون فيه لحم، وتارة يكون باللبن فقط، كان يأكل من هذا وهذا عليه الصلاة والسلام، ولا يتكلَّف، والخبز كذلك.
الشيخ: والقديد هو اللَّحم الذي يُقدد وييبس، كان يأكله الناس من قديم الدهر، يُقددونه شرائح، ويبقى في البيت مدةً يأكلون منه، كان من عادة العرب أن يأكلوا القديد، وكان الناس يعرفون هذا، حتى في هذه البلاد -بلاد نجد- يعرفون هذا قبل توسع الدنيا، كانوا يُقددونه ويأكلون منه الأيام الطويلة، ثم إذا نفد اشتروا لحمًا وقدَّدوه، وهكذا كان يأكل منها عليه الصلاة والسلام، ولما رأى رجلًا فرق منه وارتعد قال له: إنما أنا رجلٌ من امرأةٍ كانت تأكل القديد، المقصود أنَّ هذا كان في عُرف العرب.
الشيخ: الدباء معروفة: القرع.
وَأَكَلَ الْمَسْلُوقَةَ، وَأَكَلَ الثَّرِيدَ بِالسَّمْنِ، وَأَكَلَ الْجُبْنَ، وَأَكَلَ الْخُبْزَ بِالزَّيْتِ، وَأَكَلَ الْبِطِّيخَ بِالرُّطَبِ، وَأَكَلَ التَّمْرَ بِالزُّبْدِ، وَكَانَ يُحِبُّهُ.
وَلَمْ يَكُنْ يَرُدُّ طَيِّبًا وَلَا يَتَكَلَّفُهُ، بَلْ كَانَ هَدْيُهُ أَكْلَ مَا تَيَسَّرَ، فَإِنْ أَعْوَزَهُ صَبَرَ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَرْبِطُ عَلَى بَطْنِهِ الْحَجَرَ مِنَ الْجُوعِ، وَيُرَى الْهِلَالُ وَالْهِلَالُ وَالْهِلَالُ وَلَا يُوقَدُ فِي بَيْتِهِ نَارٌ.
وَكَانَ مُعْظَمُ مَطْعَمِهِ يُوضَعُ عَلَى الْأَرْضِ فِي السُّفْرَةِ.
الشيخ: وكان في الأيام التي لا يُوجد فيها الطعام المطبوخ كان يعيش بالتَّمر والماء، كما قالت عائشةُ رضي الله عنها: "هلَّ هلال، ثم هلال، ثم هلال ما أُوقد في بيت محمدٍ نار"، فقال لها ابنُ أختها عروة: يا أماه، ما كان يعيشكم؟ قالت: "الأسودان: التمر والماء"، إلا أنه كان له جيرانٌ من الأنصار قد يُهدون إليه بعض اللَّبن.
س: ..............؟
ج: السفرة: المتاع الذي يُوضع عليه الطعام، يعني: ما كان يحطّه على كراسٍ في الغالب، وإلا قد يُوضع على كراسٍ، على خوانٍ، ولكنه قليل.
س: ...............؟
ج: يعني يُوضع على شيءٍ مُرتفعٍ، وهو الخوان، جاء في بعض الأحاديث أنه أكل على محلٍّ مرتفعٍ الطعام، لا أذكر مَن خرَّجه، لكن أذكر أنه ثابت.
س: ..... ما أكل على خوانٍ قط؟
ج: يعني: غالبًا.
س: ..............؟
ج: لا نعلم الكراهةَ إلا إذا كانت طريقةً خاصَّةً يكون فيها مُشابهة الكفرة، قد يقال بالكراهة إذا كان فيه شيء من المشابهة، وإلا الأصل عدم الكراهة، الأصل يُؤكل على الأرض، وعلى الكرسي، لا حرج.
الشيخ: الأكلة بهذه، يعني: بهذه الثلاث، وهذا إذا تيسر، مثل: التمر والخبز وأشباه ذلك، والشيء الذي يُستطاع، وإذا كان يحتاج إلى رابعةٍ وخامسةٍ فلا حرج، وإنما هذا هو الأفضل.
س: ............؟
ج: لا نعلم فيه بأسًا إذا لم تكن فيه مُشابهة لطريقة الكفرة.
س: .............؟
ج: الظاهر هذه الوسطى والسبابة والإبهام .....
فَإِنَّ الْمُتَكَبِّرَ يَأْكُلُ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ، وَالْجَشِعَ الْحَرِيصَ يَأْكُلُ بِالْخَمْسِ، وَيَدْفَعُ بِالرَّاحَةِ.
وَكَانَ لَا يَأْكُلُ مُتَّكِئًا، وَالِاتِّكَاءُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ:
أَحَدُهَا: الِاتِّكَاءُ عَلَى الْجَنْبِ.
وَالثَّانِي: التَّرَبُّعُ.
وَالثَّالِثُ: الِاتِّكَاءُ عَلَى إِحْدَى يَدَيْهِ، وَأَكْلُهُ بِالْأُخْرَى.
وَالثَّلَاثُ مَذْمُومَةٌ.
الشيخ: أما على جنبٍ أو على يده فهذا مسلم، وأما التَّربع فهو محل نظرٍ، ذكره الخطابي وجماعة، ولكن فيه نظر، تسميته "اتِّكاء" محل نظرٍ، قالوا: لأنه يُشبه الموكى الذي أوكأ مقعدته، يعني: تمكن. ولكن المعروف في عُرف اللغة أنَّ الاتِّكاء هو الميل: إما على جنبه، وإلا على يده؛ ولهذا في الحديث الصحيح: أن النبي ﷺ قال: ألا أُنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، قال: وكان مُتَّكئًا فجلس، فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور، فدلَّ على أن الاتِّكاء ضدّ الجلسة المعتادة، وأن الاتكاء شيء، والجلسة المعتادة شيء، والمتربع جلسة معتادة، هذا التربع جلسة مُعتادة.
س: .............؟
ج: المقصود الاتِّكاء: الميل، إذا مال على أحد جانبيه، هذا هو ظاهر الاتِّكاء من حيث اللغة العربية.
الشيخ: وهذا هو السنة: التَّسمية في أوله، والحمد في آخره، هذا هو السنة، قال النبي لعمر ابن أبي سلمة: سمِّ الله، وكُلْ بيمينك، وكُلْ مما يليك، وقال: مَن أكل طعامًا فقال: الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حولٍ مني ولا قوة؛ غُفر له ذنبه، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، وجاء في هذا الباب عدَّة أحاديث.
س: ..............؟
ج: أقلّها "بسم الله"، وإن قال: بسم الله الرحمن الرحيم، طيب، وأقلها: بسم الله.
س: .............؟
ج: "بسم الله" إذا أُطلقت ترجع إليها، لكن "بسم الله" التَّسمية ترجع إلى "بسم الله الرحمن الرحيم"، كالعلامة عليها، إلا الذبح، فالأفضل أن يقول: "بسم الله والله أكبر" عن الذبح، أما عند الأكل وعند الوضوء وعند دخول المسلمين فإن قال: "بسم الله" كفت، وإن قال: "بسم الله الرحمن الرحيم" كان أكمل؛ لأنها علم على هذه التسمية، هكذا عند قراءة السورة.
الشيخ: وفي الرواية الأخرى: ولا مكفور في الرواية الصَّحيحة.
الشيخ: علَّق على هذا؟
الطالب: رواه ابن حبان.
الشيخ: الأول، الأول.
الطالب: أخرجه البخاري في "الأطعمة" باب "ما يقول إذا فرغ من طعامه"، والترمذي في "الدعوات" باب "ما يقول إذا فرغ من الطعام"، وأبو داود بـ"الأطعمة" باب "ما يقول الرجل إذا طعم"، وابن ماجه ..... باب "ما يقول إذا فرغ من الطعام"، والحاكم في "المستدرك".
الشيخ: ما ساق لفظه.
الطالب: قوله: غير مكفي .....، ولا مُودع أي: ولا متروك .....، وقوله: ربنا بالنصب على النِّداء، أو بالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف.
الشيخ: أو بالجرِّ أيضًا، يجوز الجر: غير مستغني عنه ربنا عن بدلًا من الهاء في عنه ..... الثلاثة: الجر، والنصب، والرفع .....، ولا مكفور يعني: مجحود النعم، كما في الرواية.
.............
الشيخ: الحمد لله، نعم.
الشيخ: وجعل له مخرجًا .........
الشيخ: يعني كانوا يتسامحون؛ لأنَّ طعامهم قليل الدَّسم .....، ولكن جاء في الحديث الصحيح: إذا أكل أحدُكم طعامَه فلا يمسح يده حتى يَلعقها أو يُلعقها .....
س: .............؟
ج: سيأتي البحثُ فيه.
س: .............؟
ج: كأنَّ البخاري رحمه الله ظهر له أنه لا مانع أن يكون له ذرية صغار، وإن كان لم يشتهر هذا عن النَّسابين والمؤرخين؛ لأنَّ العُمدة على الرواية.
وَكَانَ أَكْثَرُ شُرْبِهِ قَاعِدًا، بَلْ زَجَرَ عَنِ الشُّرْبِ قَائِمًا، وَشَرِبَ مَرَّةً قَائِمًا، فَقِيلَ: هَذَا نَسْخٌ لِنَهْيِهِ. وَقِيلَ: بَلْ فَعَلَهُ لِبَيَانِ جَوَازِ الْأَمْرَيْنِ.
وَالَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّهَا وَاقِعَةُ عَيْنٍ شَرِبَ فِيهَا قَائِمًا لِعُذْرٍ، وَسِيَاقُ الْقِصَّةِ يَدُلُّ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ أَتَى زَمْزَمَ وَهُمْ يَسْتَقُونَ مِنْهَا، فَأَخَذَ الدَّلْوَ وَشَرِبَ قَائِمًا.
وَالصَّحِيحُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: النَّهْيُ عَنِ الشُّرْبِ قَائِمًا، وَجَوَازُهُ لِعُذْرٍ يَمْنَعُ مِنَ الْقُعُودِ، وَبِهَذَا تُجْمَعُ أَحَادِيثُ الْبَابِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الشيخ: هذا قول بعض أهل العلم، والأظهر القول الثاني، وهو أنه يجوز الشرب قائمًا وقاعدًا، ولكن قاعدًا أفضل، وقد ثبت عن عليٍّ رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: "شرب النبيُّ قائمًا وقاعدًا"، فأطلق، ولكن الأفضل أن يشرب قاعدًا.
...........
الشيخ: الفعل قاعدًا يُفسر القولَ، فحاله ﷺ لا تُناقض أقواله، فهو مُشرع قولًا وعملًا عليه الصلاة والسلام.
س: ...........؟
ج: لا، عند التعارض يُفسر هذا بهذا: إن كان أمرًا فللاستحباب، وإن كان نهيًا فللكراهة، أو ترك الأولى، والفعل يبين، إذا أمر بأمرٍ وتركه دلَّ على عدم الوجوب، وإذا نهى عن شيءٍ وفعله دلَّ على عدم التَّحريم.
س: .............؟
ج: جاء في بعض روايات مسلم: فليستقئ، ولكن ظاهر الأحاديث الصَّحيحة تدل على عدم وجوب ذلك، ولعلَّ هذا كان أولًا، ثم لما شرب قائمًا ولم يستقئ دلَّ على أنَّ هذا قد نُسخ، ولم يبقَ له حكم.
س: ............؟
ج: أفعاله وأقواله يُفسر بعضُها بعضًا.
الشيخ: هذا السنة: إذا شرب وبقيت فضلة يُناول مَن عن يمينه، ولو كان مَن عن يساره أفضل، إلا بإذنه، إذا أذن مَن عن اليمين قال: ناول مَن عن يسارك، فلا بأس.
س: ثبت استئذانه؟
ج: استأذن النبيُّ ﷺ الغلام، وهو ابن عباس، ولم يرضَ للأشياخ.
فَصْلٌ
فِي هَدْيِهِ فِي النِّكَاحِ وَمُعَاشَرَتِهِ ﷺ أَهْلَهُ
صَحَّ عَنْهُ ﷺ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ : أَنَّهُ ﷺ قَالَ: حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُم: النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ، هَذَا لَفْظُ الْحَدِيثِ، وَمَنْ رَوَاهُ: حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُمْ ثَلَاثٌ فَقَدْ وَهِمَ.
الشيخ: لأنَّ الصلاة ليست من الدنيا، بل هي من أمر الآخرة، من أمر الدين.
صَحَّ عَنْهُ ﷺ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ : أَنَّهُ ﷺ قَالَ: حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُم: النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ، هَذَا لَفْظُ الْحَدِيثِ، وَمَنْ رَوَاهُ: حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُمْ ثَلَاثٌ فَقَدْ وَهِمَ، وَلَمْ يَقُلْ ﷺ: ثَلَاثٌ، وَالصَّلَاةُ لَيْسَتْ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا الَّتِي تُضَافُ إِلَيْهَا.
وَكَانَ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ أَحَبَّ شَيْءٍ إِلَيْهِ، وَكَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي اللَّيْلَةِ الْوَاحِدَةِ، وَكَانَ قَدْ أُعْطِيَ قُوَّةَ ثَلَاثِينَ فِي الْجِمَاعِ وَغَيْرِهِ، وَأَبَاحَ اللَّهُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يُبِحْهُ لِأَحَدٍ مِنْ أُمَّتِهِ.
وَكَانَ يَقْسِمُ بَيْنَهُنَّ فِي الْمَبِيتِ وَالْإِيوَاءِ وَالنَّفَقَةِ، وَأَمَّا الْمَحَبَّةُ فَكَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ هَذَا قَسْمِي فِيمَا أَمْلِكُ، فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا لَا أَمْلِكُ.
الشيخ: وهذا هو المطلوب، المطلوب أن يقسم بينهن في المبيت والنَّفقة ونحو ذلك مما هو في طاقة الإنسان، أما الحبُّ وما يترتب عليه فليس في طاقة الإنسان، ومعلوم أنَّ الجماعَ يترتب على الحبِّ، فلا يلزمه أن يكون الجماعُ على السَّواء، وإنما يلزمه ..... الشيء المستطاع من القسم في المبيت والنَّفقة ونحو ذلك؛ ولهذا قال ﷺ: اللهم هذا قسمي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك.
.............
فَقِيلَ: هُوَ الْحُبُّ وَالْجِمَاعُ، وَلَا تَجِبُ التَّسْوِيَةُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا لَا يَمْلِكُ.
وَهَلْ كَانَ الْقَسْمُ وَاجِبًا عَلَيْهِ، أَوْ كَانَ لَهُ مُعَاشَرَتُهُنَّ مِنْ غَيْرِ قَسْمٍ؟
عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْفُقَهَاءِ، فَهُوَ أَكْثَرُ الْأُمَّةِ نِسَاءً، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "تَزَوَّجُوا؛ فَإِنَّ خَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَكْثَرُهَا نِسَاءً".
وَطَلَّقَ ﷺ، وَرَاجَعَ.
الشيخ: علَّق عليه؟
الطالب: نعم ......
س: .............؟
ج: الأقرب والله أعلم أنه في حكم المرفوع؛ لأنَّ هذا لا يظهر لي من جهة الرأي، لكن .....، لكن الأقرب والله أعلم أنه في حكم المرفوع؛ لأنَّ استنباطه يحتاج إلى تأمُّلٍ .....
س: .............؟
ج: إذا كان لمصلحةٍ شرعيةٍ لا بأس، أما للعب فلا، أما المصلحة: .....، أو لكثرة الأولاد، أو لأسبابٍ أخرى يريد من أهل الدّين وأهل العلم والبصيرة، فهذه مصلحة شرعية.
س: .............؟
ج: صحيح، على الصحيح، إذا تزوَّج عليها فلها الخيار؛ لقول النبي ﷺ: المسلمون على شروطهم، وإنَّ أحقَّ الشروط أن يُوفى به ما استحللتُم به الفروج متفق عليه.
............
الشيخ: لأنَّ الظِّهار مُنكر من القول وزور، فلم يقع منه ﷺ، وحماه الله من ذلك، وإنما آلى، يعني: حلف ألا يقربهن شهرًا، ثم رجع إليهن، اعتزلهنَّ شهرًا ثم رجع إليهنَّ، من باب الهجر، والهجر جائز للتَّأديب.
وَكَانَتْ سِيرَتُهُ مَعَ أَزْوَاجِهِ حُسْنَ الْمُعَاشَرَةِ، وَحُسْنَ الْخُلُقِ.
وَكَانَ يُسَرِّبُ إِلَى عائشةَ بِنَاتِ الْأَنْصَارِ يَلْعَبْنَ مَعَهَا، وَكَانَ إِذَا هَوِيَتْ شَيْئًا لَا مَحْذُورَ فِيهِ تَابَعَهَا عَلَيْهِ، وَكَانَتْ إِذَا شَرِبَتْ مِنَ الْإِنَاءِ أَخَذَهُ فَوَضَعَ فَمَهُ فِي مَوْضِعِ فَمِهَا وَشَرِبَ، وَكَانَ إِذَا تَعَرَّقَتْ عَرْقًا -وَهُوَ الْعَظْمُ الَّذِي عَلَيْهِ لَحْمٌ- أَخَذَهُ فَوَضَعَ فَمَهُ مَوْضِعَ فَمِهَا، وَكَانَ يَتَّكِئُ فِي حِجْرِهَا.
الشيخ: وهذا من شدة حبِّه لها، كانت أحبَّ النساء إليه.
الشيخ: وهذا ليس خاصًّا بها، تقبيلها ليس خاصًّا بها، بل فعل هذا لها ولغيرها من النساء؛ نسائه عليه الصلاة والسلام.
وَكَانَ مِنْ لُطْفِهِ وَحُسْنِ خُلُقِهِ مَعَ أَهْلِهِ أَنَّهُ يُمَكِّنُهَا مِنَ اللَّعِبِ، وَيُرِيهَا الْحَبَشَةَ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي مَسْجِدِهِ، وَهِيَ مُتَّكِئَةٌ عَلَى مَنْكِبَيْهِ تَنْظُرُ، وَسَابَقَهَا فِي السَّفَرِ عَلَى الْأَقْدَامِ مَرَّتَيْنِ، وَتَدَافَعَا فِي خُرُوجِهِمَا مِنَ الْمَنْزِلِ مَرَّةً.
وَكَانَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ.
الشيخ: علَّق على "تدافعا" بشيءٍ؟
...............
الشيخ: يعني إذا سافر بامرأةٍ لا يقضي للباقيات إذا رجع، يُقرع بينهنَّ، فمَن خرج لها السَّهم سافر بها، ولا يقسم للبقية عند الرجوع.
وَكَانَ يَقُولُ: خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي.
وَرُبَّمَا مَدَّ يَدَهُ إِلَى بَعْضِ نِسَائِهِ فِي حَضْرَةِ بَاقِيهِنَّ.
الطالب: ......
الشيخ: وهذا قبل أن تهب سودةُ يومَها، فلما وهبت سودةُ يومَها لعائشة صرن ثمانيًا، صارت ليلتان لعائشة، وسبعة للبقية، ومدّ يده إلى زينب قد يكون من باب المداعبة: كأن صافحها، أو ليأخذ شيئًا، أو يُعطي شيئًا، لا حرج في ذلك.
س: ..........؟
ج: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ [البقرة:222] هذا تفسيره يعني: الجماع، فسَّره النبيُّ بالجماع، ما هو باليد، النبي فسَّر هذا بالجماع، قال: اصنعوا كلَّ شيءٍ إلا النكاح، وكان يأمر أزواجه إذا كنَّ حيضًا أن يتزرن ويُباشرهن وهن حيض، وربما باشرهنَّ من وراء الإزار أيضًا، فالمحرم هو الجماع فقط، وأما غير الجماع: كونه يُقبلها، أو يضمّها إليه وينام معها، لا بأس بذلك، السنة تُفسِّر القرآن.
الشيخ: واجتماعهن عند التي هي صاحبة الليل واضح في أنه فائدة كبيرة ..... ﷺ يراهنَّ كل ليلةٍ، والمدة تطول، فاجتماعهن كل ليلةٍ عند مَن لها الليلة يكون فيه إحداث عهدٍ به عليه الصلاة والسلام، يراهن ويتحدث إليهن، وربما تكون لإحداهن حاجة ترفعها إليه، وربما يأمر إحداهن بشيءٍ، ففيه مصالح، وإذا فعل هذا مَن له أربع، ومَن له ثلاث واعتاده فهذا من جنس ما فعله النبيُّ ﷺ.
فَإِذَا جَاءَ اللَّيْلُ انْقَلَبَ إِلَى بَيْتِ صَاحِبَةِ النَّوْبَةِ فَخَصَّهَا بِاللَّيْلِ.
وَقَالَتْ عائشةُ: "كَانَ لَا يُفَضِّلُ بَعْضَنَا عَلَى بَعْضٍ فِي مُكْثِهِ عِنْدَهُنَّ فِي الْقَسْمِ، وَقَلَّ يَوْمٌ إِلَّا كَانَ يَطُوفُ عَلَيْنَا جَمِيعًا، فَيَدْنُو مِنْ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ، حَتَّى يَبْلُغَ الَّتِي هُوَ فِي نَوْبَتِهَا فَيَبِيتَ عِنْدَهَا".
وَكَانَ يُقَسِّمُ لِثَمَانٍ مِنْهُنَّ دُونَ التَّاسِعَةِ، وَوَقَعَ فِي "صَحِيحِ مسلم" مِنْ قَوْلِ عطاء: أَنَّ الَّتِي لَمْ يَكُنْ يَقْسِمُ لَهَا هِيَ صفية بنت حيي. وَهُوَ غَلَطٌ مِنْ عطاء رَحِمَهُ اللَّهُ، وَإِنَّمَا هِيَ سودة، فَإِنَّهَا لَمَّا كَبِرَتْ وَهَبَتْ نَوْبَتَهَا لعائشة.
وَكَانَ ﷺ يَقْسِمُ لعائشةَ يَوْمَهَا وَيَوْمَ سودة، وَسَبَبُ هَذَا الْوَهْمِ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ- أَنَّهُ كَانَ قَدْ وَجَدَ عَلَى صفية فِي شَيْءٍ، فَقَالَتْ لعائشة: "هَلْ لَكِ أَنْ تُرْضِي رَسُولَ اللَّهِ ﷺ عَنِّي وَأَهَبُ لَكِ يَوْمِي؟" قَالَتْ: "نَعَمْ"، فَقَعَدَتْ عائشةُ إِلَى جَنْبِ النَّبِيِّ ﷺ فِي يَوْمِ صفية، فَقَالَ: إِلَيْكِ عَنِّي يَا عائشة؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ يَوْمَكِ، فَقَالَتْ: "ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ"، وَأَخْبَرَتْهُ بِالْخَبَرِ فَرَضِيَ عَنْهَا.
وَإِنَّمَا كَانَتْ وَهَبَتْهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ، وَتِلْكَ النَّوْبَةَ الْخَاصَّةَ، وَيَتَعَيَّنُ ذَلِكَ، وَإِلَّا كَانَ يَكُونُ الْقَسْمُ لِسَبْعٍ مِنْهُنَّ، وَهُوَ خِلَافُ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ: أَنَّ الْقَسْمَ كَانَ لِثَمَانٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الشيخ: علَّق عليه؟
الطالب: رواه ابن ماجه في "النكاح"، باب "المرأة تهب يومها لزوجها"، وفي إسناده سمية البصرية الراوية عن عائشة، وهي لا تُعرف، وباقي إسناد رجاله ثقات.
وَلَوِ اتَّفَقَتْ مِثْلُ هَذِهِ الْوَاقِعَةِ لِمَنْ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ زَوْجَتَيْنِ، فَوَهَبَتْ إِحْدَاهُنَّ يَوْمَهَا لِلْأُخْرَى، فَهَلْ لِلزَّوْجِ أَنْ يُوَالِيَ بَيْنَ لَيْلَةِ الْمَوْهُوبَةِ وَلَيْلَتِهَا الْأَصْلِيَّةِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَيْلَةُ الْوَاهِبَةِ تَلِيهَا، أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ لَيْلَتَهَا هِيَ اللَّيْلَةَ الَّتِي كَانَتْ تَسْتَحِقُّهَا الْوَاهِبَةُ بِعَيْنِهَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أحمد وَغَيْرِهِ.
وَكَانَ ﷺ يَأْتِي أَهْلَهُ آخِرَ اللَّيْلِ وَأَوَّلَهُ، فَكَانَ إِذَا جَامَعَ أَوَّلَ اللَّيْلِ رُبَّمَا اغْتَسَلَ وَنَامَ، وَرُبَّمَا تَوَضَّأَ وَنَامَ.
الشيخ: وهذا من توسعة الله: إذا جامع أول الليل إن شاء اغتسل، وإن شاء استنجى وتوضأ وضوء الصلاة ثم نام، وجعل الغسلَ في آخر الليل، وهذا كان يفعله ﷺ، فأمر الصحابةَ بالوضوء، إذا أراد أن ينام يتوضأ ثم ينام، أما الغسل فهو مُخيَّر: إن شاء أخَّر الغسل، وإن شاء قدَّم الغسل، لكن السنة له ألا ينام إلا على وضوءٍ؛ لأنه بهذا يُخفف الحدثَ.
الشيخ: وهذا حمله بعضُهم على أنَّ المراد أنه لا يمسّ ماء الغسل، ليس ماء الوضوء، وبهذا يزول الإشكال، وهذا يُفيدنا أنَّ "زاد المعاد" كتبه بعد "تهذيب السنن".
وَكَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ، وَرُبَّمَا اغْتَسَلَ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدَةٍ، فَعَلَ هَذَا وَهَذَا.
وَكَانَ إِذَا سَافَرَ وَقَدِمَ لَمْ يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلًا، وَكَانَ يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ، والله أعلم.
الشيخ: كان يطوف عليهن ليلًا إذا قدم في الليل، أما إذا قدم نهارًا فكان ﷺ إذا قدم نهارًا في آخر النهار قال: أمهلوا حتى يبلغ الخبرُ أهل المدينة؛ حتى تستحد الشعثة ...........
س: ..........؟
ج: لا أصلَ له، لا أعرف له أصلًا، النبي ﷺ ذكر في حديث أبي هريرة وابن عمر ..... حديث حذيفة لما تأخَّر عنه سألهما قالا: لا نريد أن نُجالسك ونحن على غير طهارةٍ، قال: إنَّ المسلمَ لا ينجس.
س: ............؟
ج: مجالسة النبي ﷺ أعظم من مجالسة الملائكة.
فَصْلٌ
فِي هَدْيِهِ وَسِيرَتِهِ ﷺ فِي نَوْمِهِ وَانْتِبَاهِهِ
كَانَ يَنَامُ عَلَى الْفِرَاشِ تَارَةً، وَعَلَى النِّطْعِ تَارَةً، وَعَلَى الْحَصِيرِ تَارَةً، وَعَلَى الْأَرْضِ تَارَةً، وَعَلَى السَّرِيرِ تَارَةً، بَيْنَ رِمَالِهِ، وَتَارَةً عَلَى كِسَاءٍ أَسْوَدَ.
الشيخ: والمعنى أنه لا يتكلَّف ﷺ، لا يتكلَّف، ينام على ما تيسر عليه الصلاة والسلام، ينام على الحصير حتى يُؤثر في جنبه، كما فعل لما اعتزل نساءَه، كان ينام على الأرض عند عدم تيسر الفراش في الأسفار وغيرها، قد ينام على النطع، قد ينام على غير ذلك، وقد ينام على السرير، كما في حديث عائشة، إلى غير ذلك.
المقصود أنه كان لا يتكلف: لا في اللباس، ولا في الفراش، ولا في الطعا،م ما تيسر فعله عليه الصلاة والسلام، وهذا من لُطف الله ورحمته، حتى لا تتكلف أمته: قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ [ص:86]، فالمؤمن هكذا لا يُشدد: لا في طعامه، ولا في شرابه، ولا في ملابسه، ولا في فراشه، ولا في محل نومه، على ما يسَّر الله من الأمور، نعم.
س: .............؟
ج: فراش من الجلد يعني.
قَالَ عبَّاد بن تميم، عَنْ عَمِّهِ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ مُسْتَلْقِيًا فِي الْمَسْجِدِ، وَاضِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى.
وَكَانَ فِرَاشُهُ أُدُمًا، حَشْوُهُ لِيفٌ.
الشيخ: والمسجد معلوم أنه كان حصباء، ليس فيه فراش في عهد النبي ﷺ، وفي عهودٍ كثيرةٍ بعد ذلك، ثم فُرشت المساجد بعد ذلك بدهرٍ طويلٍ.
الشيخ: علَّق بشيء؟
الطالب: رواه الترمذي في "الشمائل" من حديث محمد بن علي، عن أبيه، عن عائشةَ، وهو منقطع.
الشيخ: والمتن فيه نظر، صحة المتن فيها نظر؛ فإنَّ محمد بن علي لم يُدرك عائشة، محمد بن علي الباقر يعني، والمعنى أنه ..... وسبب ثقل النوم لو صحَّ.
س: ...........؟
ج: ذكر العلماء أنَّ الجمع بين ذلك أنه إذا أمن ظهور العورة فلا بأس .....
وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ نَامَ عَلَى الْفِرَاشِ، وَتَغَطَّى بِاللِّحَافِ، وَقَالَ لِنِسَائِهِ: مَا أَتَانِي جِبْرِيلُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرَ عائشة.
وَكَانَتْ وِسَادَتُهُ أُدمًا، حَشْوُهَا لِيفٌ.
الشيخ: والأدم: الجلد، وأما الأدم بالضم فهو ما أُكل ..... ما أُكل بزيتٍ أو سمنٍ وغير ذلك يُقال: أدم، جمع: إدام، والأدم بالفتح: الجلد.
وَكَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ لِلنَّوْمِ قَالَ: بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ أَحْيَا وَأَمُوتُ.
وَكَانَ يَجْمَعُ كَفَّيْهِ ثُمَّ يَنْفُثُ فِيهِمَا، وَكَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص] وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق] وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس]، ثُمَّ يَمْسَحُ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ، يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
الشيخ: علَّق عليه في الحاشية؟
الطالب: رواه البخاري، وأبو داود، والترمذي، من حديث عائشة رضي الله عنها.
الشيخ: قالت: لما مرض قرأتُ في يديه، وكانت تمسح بهما على وجههﷺ؛ لأنَّ يديه أفضل من يديها.
س: ............؟
ج: يقرأ في يديه وينفث، ثم يمسح بهما.
س: كان جالسًا أو مُضطجعًا؟
ج: الله أعلم.
وَكَانَ يَنَامُ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، وَيَضَعُ يَدَهُ الْيُمْنَى تَحْتَ خَدِّهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ.
وَكَانَ يَقُولُ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَكَفَانَا وَآوَانَا، فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ وَلَا مُؤْوِيَ ذَكَرَهُ مسلم.
وَذَكَرَ أَيْضًا أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ.
الشيخ: هذا دعاء عظيم، ينبغي اعتياده عند النوم، فهو دعاء عظيم اشتمل على صفاتٍ عظيمةٍ، ودعواتٍ عظيمةٍ.
وفي روايةٍ: أعوذ بك من شرِّ كل ذي شرٍّ أنت آخذٌ بناصيته، وفي هذا ..... الأسماء الأربعة التي دلَّ عليها القرآنُ في سورة الحديد: اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء.
فيه ..... الغنى والفقر وقضاء الدَّين، وهو يدل على أنَّ هؤلاء لهم أهمية؛ لأنَّ الدَّين يُؤذي ويُتعب، والفقر كذلك؛ لهذا قال: اقضِ عنا الدَّين، وأغننا من الفقر، فقضاء الدَّين فيه راحة القلب، وراحة الضمير، وإيصال الحقِّ إلى أهله ..... من الفقر والغنى عن الناس، والنَّفقة في سبيل الله، والمساعدة للمساجين.
س: .............؟
ج: النوم وفاة، واليقظة بعث، ويُذكر بالآخرة، ويُذكر بالموت الأعظم، الموت وفاة، والنوم وفاة، كلاهما وفاة، كما قال : اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا [الزمر:42]، جعلها وفاةً، فالنوم يُذكر بالآخرة، ويُذكر بالموت، فسأل ربَّه أن يقيه عذابه يوم يبعث عباده في هذا الموطن الصغير الذي يكون بعده بعثٌ يُذكر ببعث الآخرة.
س: ............؟
ج: ما أتذكر شيئًا، يُروى: يوم تبعث، ويوم تجمع عبادك، عند النوم، المقصود ما أتذكر شيئًا.
س: .............؟
ج: ما أتذكر الآن، تُراجع، تُراجع.
الشيخ: أيش قال عليه؟
الطالب: رواه أبو داود في "الأدب" باب "ما يقول الرجلُ إذا تعار من الليل"، في سنده .....، وهو لين الحديث كما قال الحافظ في "التقريب"، ومع ذلك فقد صحَّحه ابنُ حبان والحاكم، ووافقهما الذهبي.