28 من قوله: ( لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ..)

والأحاديث في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كثيرة جدًا، ولنذكر منها ما يناسب هذا المقام، قد تقدم حديث جابر عند قوله: لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ [المائدة:63].
................
وسيأتي عند قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ [المائدة:105].
حديث أبي بكر الصديق وأبي ثعلبة الخشني. فقال الإمام أحمد: حدثنا سليمان الهاشمي، أنبأنا إسماعيل بن جعفر، أخبرني عمرو بن أبي عمرو عن عبدالله بن عبدالرحمن الأشهلي، عن حذيفة بن اليمان أن النبي ﷺ قال: والذي نفسي بيده، لتأمرن بالمعروف، ولتنهون عن المنكر، أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابًا من عنده، ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم، ورواه الترمذي عن علي بن حجر عن إسماعيل بن جعفر به، وقال: هذا حديث حسن.
الشيخ: أيش عندك عن عبدالله الأشهلي؟
الطالب: الحديث رواه الترمذي من طريقين: طريق آخر عن قتيبة عن الدراوردي عن عمرو بن أبي عمرو، وفيه عبدالله بن عبدالرحمن الأشهلي، وهو حجازي مقبول لم يوثقه غير ابن حبان، روى له الترمذي ثلاثة أحاديث: اثنان في أمور تقع قبل الساعة، ووافقه ابن ماجه في أحدهما، والآخر في الأمر بالمعروف في سؤالات عثمان الدارمي عن يحيى بن معين قال: لا أعرفه، ولم يوثقه غير ابن حبان.
الشيخ: ما له طريق ثاني؟
الطالب: تدور عليه، لكن غير الذي ذكره ابن كثير.
.............
الشيخ: وهذا يوجب على أهل الإيمان العناية بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولو لم يكن في هذا الباب إلا قوله جل علا: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ۝  كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ [المائدة:78، 79]، لو لم يكن في هذا الباب إلا هذه الآية لكانت كافية في الزجر عن التساهل في هذا الواجب العظيم، والحث على القيام به أكمل قيام؛ لما فيه [من] اللعن لمن ضيع ذلك وتساهل في ذلك، ثم انظر قوله تعالى في سورة التوبة: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ [التوبة:71] فجعل هذا من صفات أهل الإيمان يعني من الصفات الواجبة التي لا بدّ منها، وهي من صفات هذه الأمة التي جعلها الله بها خير أمة كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110]، وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [آل عمران:104]، فذكر أنهم هم أهل الفلاح، هذه الآيات وما جاء في معناها كافية في بيان عظم شأن هذا الواجب، ثم جاءت الأحاديث تؤيد ذلك السنة، تؤيد هذا الأمر العظيم، كما في حديث حذيفة هذا: لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله أن يبعث عليكم عقابًا من عنده، ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم، نسأل الله السلامة.
وقال أبو عبدالله محمد بن يزيد بن ماجه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا معاوية بن هشام عن هشام بن سعد، عن عمرو بن عثمان، عن عاصم بن عمر بن عثمان، عن عروة، عن عائشة قالت: سمعت رسول الله ﷺ يقول: مروا بالمعروف، وانهوا عن المنكر، قبل أن تدعوا فلا يستجاب لكم تفرد به، وعاصم هذا مجهول.
وفي الصحيح من طريق الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن أبيه، عن أبي سعيد، وعن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ﷺ: من رأى منكم منكرًا، فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان رواه مسلم.
...........
وقال الإمام أحمد: حدثنا ابن نمير، حدثنا سيف هو ابن أبي سليمان، سمعت عدي بن عدي الكندي يحدث عن مجاهد قال: حدثني مولى لنا أنه سمع جدي يعني عدي بن عميرة ، يقول: سمعت النبي ﷺ يقول: إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم، وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكرونه، فإذا فعلوا ذلك، عذب الله الخاصة والعامة، ثم رواه أحمد عن أحمد بن الحجاج، عن عبدالله بن المبارك، عن سيف بن أبي سليمان، عن عيسى بن عدي الكندي.
.............
حدثني مولى لنا أنه سمع جدي يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول، فذكره، هكذا رواه الإمام أحمد من هذين الوجهين.
الشيخ: .......... لأن مولى مجهول، لكن الأحاديث الصحيحة كافية .
قال أبو داود: حدثنا أبو العلاء.الطالب: عندنا محمد بن العلاء وفي الحاشية قال: مكانه في المخطوطات أبو، والمثبت في سنن أبي داود وترجمة محمد بن العلاء (التهذيب).
الشيخ: أيش عندك؟
الطالب: راجعته في سنن أبي داود وهو عن محمد بن العلاء عن أبي بكر بن عياش.
الشيخ: صوابه محمد بن العلاء كما في سنن أبي داود.
قال أبو داود: حدثنا محمد بن العلاء، حدثنا أبو بكر، حدثنا المغيرة بن زياد الموصلي، عن عدي بن عدي، عن العرس يعني ابن عميرة، عن النبي ﷺ قال: إذا عملت الخطيئة في الأرض كان من شهدها فكرهها، -وقال مرة فأنكرها- كان كمن غاب عنها، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها تفرد به أبو داود، ثم رواه عن أحمد بن يونس، عن ابن شهاب، عن مغيرة بن زياد، عن عدي بن عدي مرسلًا.
الشيخ: عندك شيء عن عرس؟
الطالب: عرس بن عميرة الكندي أخو عدي بن عميرة صحابي مقل قيل عميرة أمه، واسم أبيه قيس بن سعيد بن الأرقم قال أبو حاتم: هما اثنان، أخرج له أبو داود والنسائي.
الشيخ: ضبطه.
الطالب: بضم العين وإسكان الراء.
الشيخ: أعد سنده.
قال أبو داود حدثنا محمد بن العلاء حدثنا أبو بكر، حدثنا المغيرة بن زياد الموصلي عن عدي بن عدي، عن العرس يعني ابن عميرة، عن النبي ﷺ قال.الشيخ: المغيرة بن زياد عندك شيء؟
الطالب: نعم، المغيرة بن زياد هو البجلي أبو هشام أو هاشم الموصلي صدوق له أوهام من السادسة مات سنة ثنتين وخمسين أخرج له الأربعة.
الشيخ: وعدي بن عدي؟
الطالب: عدي بن عدي الكندي هو عدي بن عدي بن عميرة الكندي أبو فروة الجزري، ثقة، فقيه، عمل لعمر بن عبدالعزيز على الموصل، من الرابعة، مات سنة عشرين ومائة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجه، ورمز له في الخلاصة البخاري تعليقًا، زيادة على ما في التقريب وهكذا –أيضًا- هو في التهذيب.
الشيخ: سنده مقارب.
وقال أبو داود: حدثنا سليمان بن حرب وحفص بن عمر، قالًا: حدثنا شعبة وهذا لفظه، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري قال: أخبرني من سمع النبي ﷺ، وقال سليمان، حدثني رجل من أصحاب النبي ﷺ أن النبي ﷺ قال: لن يهلك الناس حتى يعذروا أو يعذروا من أنفسهم.الشيخ: يعني .........
حتى يعتذروا بأن من عاقبهم معذور.
وقال أبو داود: حدثنا سليمان بن حرب وحفص بن عمر، قالًا: حدثنا شعبة، وهذا لفظه، عن عمرو بن مرة، عن أبي البختري، قال: أخبرني من سمع النبي ﷺ، وقال سليمان، حدثني رجل من أصحاب النبي ﷺ أن النبي ﷺ قال: لن يهلك الناس حتى يُعذروا أو يعذروا من أنفسهم.
الشيخ: تقدم معنا الحديث، وأنهم يعترفون أنهم ظالمون، وأنهم مستحقون لما أصابهم من العقوبة، لن يهلك قوم حتى يعذروا من أنفسهم، حتى يعتذروا بأنهم ظالمون ومستحقون لما نزل بهم ، كما قال : فَمَا كَانَ دَعْوَاهُمْ إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا إِلَّا أَنْ قَالُوا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ [الأعراف:5].
وقال ابن ماجه: حدثنا عمران بن موسى، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا علي بن زيد بن جدعان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله ﷺ قام خطيبًا، فكان فيما قال: ألا لا يمنعن رجلًا هيبة الناس أن يقول الحق إذا علمه. قال: فبكى أبو سعيد، وقال: قد والله رأينا أشياء فهبنا.
وفي حديث إسرائيل عن عطية عن أبي سعيد قال: قال رسول الله ﷺ: أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ورواه أبو داود والترمذي وابن ماجه.
................
وقال الترمذي: حسن غريب من هذا الوجه.
وقال ابن ماجه: حدثنا راشد بن سعيد الرملي، حدثنا الوليد بن مسلم، حدثنا حماد بن سلمة عن أبي غالب، عن أبي أمامة: قال: عرض لرسول الله ﷺ رجل عند الجمرة الأولى، فقال: يا رسول الله، أي الجهاد أفضل؟ فسكت عنه، فلما رمى الجمرة الثانية سأله فسكت عنه، فلما رمى جمرة العقبة ووضع رجله في الغرز ليركب فقال: أين السائل؟ قال: أنا يا رسول الله. قال: كلمة حق تقال عند ذي سلطان جائر تفرد به.

الشيخ: هذا شاهد للذي قبله، كلاهما يشهد للآخر، وكلاهما يدل على أنه ينبغي للمؤمن أن يتكلم بالحق وأن يقوله عند الحاجة إلى ذلك، قال: لا يمنعن أحدكم هيبة الناس أن يقول الحق إذا علمه، وإن كان السند فيه علي بن زيد بن جدعان لكن له شواهد في المعنى، وهذا الأخير أفضل الجهاد كلمة حق عند ذي سلطان جائر أصح، وهو يدل على أن كلمة الحق عند ذي السلطان الجائر من أعظم الجهاد، وفي رواية: كلمة عدل، من باب النصيحة والتوجيه والبلاغ على الحق..
التقريب حاضر؟ شف أبو غالب؟
الطالب: أبو غالب صاحب أبي أمامة بصري نزل أصبهان قيل: اسمه حزور، قيل سعيد بن الحزور، وقيل نافع، صدوق يخطئ، من الخامسة.
الشيخ: أيش قال عن راشد بن سعيد؟
الطالب: راشد بن سعيد بن راشد القرشي أبو بكر الرملي صدوق من العاشرة مات سنة ثلاث وأربعين.
الشيخ: هذا السند أحسن من الذي قبله سند عطية، لكن كلاهما يشهد للآخر.
س:..............
الشيخ: ... لأن الجهاد يكون بالقول ويكون باللسان والعمل ويكون بالمال فهذا أفضل الجهاد، وهذا أفضل الجهاد من جهة القول؛ لأن ما كل أحد يستطيع أن يقول ذلك يخشى على نفسه ويخشى أن يقتل أو يتكلم عليه فكان من أفضل الجهاد؛ لأنه ليس كل واحد يقوله.
.................
 وقال ابن ماجه: حدثنا أبو كريب، حدثنا عبدالله بن نمير وأبو معاوية عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن أبي البحتري عن أبي سعيد قال: قال رسول الله ﷺ: لا يحقر أحدكم نفسه قالوا: يا رسول الله، كيف يحقر أحدنا نفسه؟ قال: يرى أمر لله فيه مقال، ثم لا يقول فيه، فيقول الله له يوم القيامة: ما منعك أن تقول في كذا وكذا وكذا؟ فيقول: خشية الناس، فيقول: فإياي كنت أحق أن تخشى تفرد به.
الشيخ: وهذا سند عظيم.. والواجب على المؤمن النطق بالحق والنصيحة وأن لا تمنعه مهابة الناس أو الحياء أن يقول الحق لكن بالأسلوب الحسن بالأسلوب الذي يرجو أن ينفع، يتحرى الأسلوب النافع الذي يرجا به إقامة الحجة.
الطالب: قوله: تفرد به؟ ما تفرد به، رواه أحمد في مسنده والطيالسي من حديث شعبة عن عمرو بن مرة عن الأعمش.
الشيخ: يعني على بقية الستة هذا مراده.
.................
وقال أيضًا: حدثنا علي بن محمد، حدثنا محمد بن فضيل، حدثنا يحيى بن سعيد، حدثنا عبدالله بن عبدالرحمن أبو طوالة، حدثنا نهار العبدي أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول: سمعت رسول الله ﷺ يقول: إن الله يسأل العبد يوم القيامة حتى يقول: ما منعك إذ رأيت المنكر أن تنكره؟ فإذا لقن الله عبدًا حجته قال: يا رب رجوتك وفرقت الناس تفرد به أيضًا ابن ماجه، وإسناده لا بأس به.الشيخ: أيش قال عندك عن نهار؟
الطالب: نهار بتشديد الهاء، نهار بن عبدالله العبدي المدني صدوق من الرابعة تفرد ابن ماجة بالرواية عنه، وهناك آخر: نهار العبدي شامي من الثالثة، وقيل له صحبة التمهيد.
الشيخ: أبو طوالة؟
الطالب: أبو طوالة عبدالله بن عبدالرحمن بن معمر بن حزم الأنصاري أبو طوالة المدني قاضي المدينة لعمر بن عبدالعزيز ثقة من الخامسة مات سنة أربع وثلاثين.
س:...............
الشيخ: يعني منعني الكلام رجاء عفوك وخوفي من الناس، فرق يعني خاف، يعني خفت من أذى الناس أو ظلم الناس أو تعديهم عليّ واطمأننت إلى رجاءك وحسن ظني بأنك تعفو عني.
س:...............
الشيخ: يختلف ، إذا كان من شخص .......... يضربه فهذا عذر له، لكن إذا كان مجرد خوف ومجرد خور وضعف أو سوء ظن، .......... خاف أن يضرب ممن يظن به ذلك أو يقتل أو يسجن فهذا عذر، مثل ما قال النبي ﷺ: من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان مثل بعض الناس عنده ضعف فأقل شيء يجبن.
وقال الإمام أحمد : حدثنا عمرو بن عاصم عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن الحسن، عن جندب، عن حذيفة، عن النبي ﷺ قال: لا ينبغي لمسلم أن يذل نفسه قيل: وكيف يذل نفسه؟ قال: يتعرض من البلاء لما لا يطيق.الشيخ: وهذا وإن كان في سنده علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف لكن معناه صحيح، إذا كان لا يستطيع لما يقع على الناهي والآمر من الأذى الذي يطيقه فهو عذر.
س:..............................
الشيخ: هذا يختلف بحسب الأحوال، قد يكون الأمر أفضل إذا كان منكرًا عظيمًا، ويخشى أن يفتن به الناس، ويضل به الناس، وهو لا يضره إذا قتل أو سجن، وتارة يكون لا، لأنه لو قتل وكان له شأن وله نفع للناس وأثر في توجيه الناس إلى الخير، والقضاء عليه يسبب شرًا عظيمًا على المسلمين، فينبغي التوقف عن ذلك؛ لأن بقاءه أصلح من تضييعه يخاطر بنفسه بشيء لا تكون منفعته مثل ما في مصلحة بقائه.
وكذا رواه الترمذي وابن ماجه جميعًا عن محمد بن بشار، عن عمرو بن عاصم به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
وقال ابن ماجه: حدثنا العباس بن الوليد الدمشقي، حدثنا زيد بن يحيى بن عبيد الخزاعي، حدثنا الهيثم بن حميد، حدثنا أبو معبد حفص بن غيلان الرعيني عن مكحول، عن أنس بن مالك قال: قيل: يا رسول الله، متى يترك الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر؟ قال: إذا ظهر فيكم ما ظهر في الأمم قبلكم قلنا: يا رسول الله، وما ظهر في الأمم قبلنا؟ قال: الملك في صغاركم، والفاحشة في كباركم، والعلم في رذالكم.
الطالب: قوله أبو معبد خطأ صوابه أبو معيب مصغرًا، وهو حفص بن غيلان الرعيني، وهو بكنيته أشهر شامي، صدوق، فقيه، رمي بالقدر، من الثامنة، أخرج له النسائي وابن ماجه.
وزيد بن يحيى بن عبيد الخزاعي هو أبو عبد الله الدمشقي، ثقة، من التاسعة، مات سنة سبع ومائتين، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجه.
الشيخ: أعد السند.
وقال ابن ماجه: حدثنا العباس بن الوليد الدمشقي، حدثنا زيد بن يحيى بن عبيد الخزاعي، حدثنا الهيثم بن حميد، حدثنا أبو معبد حفص بن غيلان الرعيني عن مكحول، عن أنس بن مالك قال:
الشيخ: الهيثم؟
الطالب: الهيثم بن حميد الغساني مولاهم أبو أحمد أو أبو الحارث، صدوق، رمي بالقدر، من السابعة، أخرج له الأربعة.
الشيخ: هذا يدل على استقامة السند، ولا شك أن هذه مصيبة عظيمة إذا كان الملك في الصغار، لا يقدرون الأمور ولا يعرفون مقاصد الشريعة والغالب عليهم قلة العلم، والفاحشة في الكبار، والعلم في الفساق، لا شك أن هذه علامة الهلاك.
قال زيد: تفسير معنى قول النبي ﷺ والعلم في رذالكم إذا كان العلم في الفساق، تفرد به ابن ماجه، وسيأتي في حديث أبي ثعلبة عند قوله لا يضركم من ضل إذا اهتديتم شاهد لهذا، إن شاء الله تعالى وبه الثقة.
وقوله تعالى: ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا قال مجاهد: يعني بذلك المنافقين. وقوله لبئس ما قدمت لهم أنفسهم يعني بذلك موالاتهم للكافرين، وتركهم موالاة المؤمنين التي أعقبتهم نفاقا في قلوبهم، وأسخطت الله عليهم سخطا مستمرا إلى يوم معادهم، ولهذا قال أن سخط الله عليهم وفسر بذلك ما ذمهم به، ثم أخبر عنهم أنهم وفي العذاب خالدون يعني يوم القيامة.
 قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا هشام بن عمار، حدثنا مسلم بن علي.
الطالب: في الحاشية عليه، قال المخطوطة.................. : مسلم بن علي ولا يوجد من يدعا بهذا والمثبت عن الجرح لابن أبي حاتم والتهذيب وهو مسلمة بن علي بن خلف الخشني أبو سعيد
الشيخ: بس؟ أيش عندك؟
الطالب: قوله مسلم بن علي مصحفة، وصوابه مسلمة بن علي الخشني، وهو مترجم في التقريب، قال أبو سعيد الدمشقي البلاطي: متروك، من الثامنة، مات قبل سنة تسعين، تفرد ابن ماجه بالرواية عنه، وهو الذي يروي عن هشام بن عمار وهو يروي عن الأعمش، وقد ذكر هذا الحديث أيضًا بهذا في ترجمته في ميزان الاعتدال.
الشيخ: نعم.
حدثنا مسلمة بن عُلَي عن الأعمش بإسناد ذكره، قال: يا معشر المسلمين، إياكم والزنا، فإن فيه ست خصال: ثلاثًا في الدنيا، وثلاثًا في الآخرة، فأما التي في الدنيا فإنه يذهب البهاء، ويورث الفقر، وينقص العمر، وأما التي في الآخرة فإنه يوجب سخط الرب، وسوء الحساب، والخلود في النار، ثم تلا رسول الله ﷺ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ [المائدة:80] هكذا ذكره ابن أبي حاتم.
وقد رواه ابن مردويه من طريق هشام بن عمار عن مسلمة، عن الأعمش، عن شقيق، عن حذيفة، عن النبي ﷺ فذكره، وساقه أيضًا من طريق سعيد بن عفير عن مسلمة، عن أبي عبد الرحمن الكوفي، عن الأعمش، عن شقيق، عن حذيفة، عن النبي ﷺ فذكر مثله، وهذا حديث ضعيف على كل حال، والله أعلم.

الشيخ: متنه منكر، ومسلمة هذا لعله ............... ولو صح لكان من باب الوعيد، لأن الله قال في هذا المعنى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا ۝ يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا إِلَّا مَنْ تَابَ  [الفرقان:68-70] وهذا وعيد شديد وهو خلود بمعنى طول الإقامة، والخلود عند العرب خلودان: خلود بمعنى طول الإقامة، والخلود الثاني الخلود المؤبد وهو خلود الكفار خلود مؤبد، وخلود العصاة مثل الزاني ومثل قاتل النفس بغير حق، خلود له نهاية، خلود مؤقت، لكن يدل على طول الإقامة، نسأل الله العافية.
وقوله تعالى: وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ [المائدة:81]  أي لو آمنوا حق الإيمان بالله والرسول والقرآن لما ارتكبوا ما ارتكبوه من موالاة الكافرين في الباطن، ومعاداة المؤمنين بالله والنبي وما أنزل إليه، وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ أي خارجون عن طاعة الله ورسوله، مخالفون لآيات وحيه وتنزيله.
الشيخ: وهذا يبين لطالب العلم أن الإيمان يمنع من موالاة الكفار، ومن اتخاذ أعداء الله أولياء، كما يمنع الإيمان من إتيان المعاصي والإقدام عليها، فالإيمان يمنع نواقض الإسلام وأسباب الردة، ويمنع المعاصي؛ لأنها تضعفه، فالإيمان القوي يمنع ذلك؛ لأن إيمانه بالله، وأنه حرم هذه الأشياء يقتضي ردعه عنها وكفه عنها، فإن ضعف الإيمان طاوع الهوى وأقدم على ما حرم الله.