2- من حديث (أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم..)

- وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبيُّ ﷺ يُقَبِّل وهو صائم، ويُباشِر وهو صائم، ولكنه كان أملَككم لإربه". متَّفقٌ عليه، واللفظ لمسلم، وزاد في رواية: "في رمضان".

- وعن ابن عباسٍ رضي الله تعالى عنهما: أن النبي ﷺ احتجم وهو مُحْرِمٌ، واحتجم وهو صائمٌ. رواه البُخاري.

- وعن شدّاد بن أوس: أن رسول الله ﷺ أتى على رجلٍ بالبقيع وهو يحتجم في رمضان، فقال: أفطر الحاجمُ والمحجوم.

رواه الخمسة إلا الترمذي، وصحَّحه أحمد، وابن خزيمة، وابن حبان.

- وعن أنس بن مالك قال: أول ما كُرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم، فمرَّ به النبيُّ ﷺ فقال: أفطر هذان، ثم رخَّص النبيُّ ﷺ بعد في الحجامة للصائم، وكان أنس يحتجم وهو صائم.

رواه الدارقطني، وقوَّاه.

الشيخ: الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهُداه.

أما بعد: فهذه الأحاديث تتعلق بمُباشرة المرأة حال الصيام، وبالحجامة:

أما مُباشرة المرأة في الصيام: فلا حرج في ذلك؛ لأنَّ الرسول ﷺ كان يُقَبِّل وهو صائم، ويُباشر وهو صائم، فلا حرج في ذلك.

ثبت أنه ﷺ قال لعمر لما قال: يا رسول الله، أصبتُ شيئًا، قال: وما هو؟ قال: قبَّلْتُ امرأتي وأنا صائم، قال: أرأيتَ لو تمضمضتَ، قال: لا شيء، قال: فهذا لا شيء، المعنى: أنها مثلها، المضمضة كما أنها لا تُفطر الصائم، فهكذا القبلة واللمس لا يفطر الصائم إذا ما خرج شيء، إذا كان ما خرج شيء، ما خرج مني خلاص الصيام صحيح، حتى المذي لا يضرُّ، لو خرج المذي فهنا يجب عليه الوضوء، والصوم صحيح، ومن رحمة الله جلَّ وعلا أن يسَّر ذلك، أن سامح العبدَ في ذلك.

ومن هذا رواية عمر بن أبي سلمة: أنه سأل النبيَّ عن ذلك فقال: سلها يعني: أمه، فقال: أنه كان يُقبِّلها وهو صائم، وقال: لسنا مثله، وقال: إني أخشاكم لله وأتقاكم.

المقصود أن تقبيل المرأة أو لمسها أو النوم معها في حال الصيام لا حرج في ذلك، الممنوع الجماع.

والحديث الثاني حديث الحجامة: احتجم وهو صائم، واحتجم وهو مُحرم، يدل على أن الحجامة في حال الإحرام لا حرج فيها إذا دعت الحاجةُ إليها، لا بأس أن يحتجم وهو مُحرم، سواء في رأسه، أو في غير ذلك من بدنه.

وإذا أخذ شيئًا من الرأس من أجل الحجامة يُكفِّر عن ذلك: إطعام ستة مساكين، كفَّارة الأذى، وإذا كانت الحجامةُ في غير محلِّ الشعر -كالكتف والظهر- فلا شيء في ذلك.

المقصود أن الحجامة جائزة للمُحرم؛ لأنَّ الحاجة قد تدعو إليها، لا سيما إذا طالت مدَّته في الإحرام، مثل: الذي يتوجه من المدينة إلى مكة على الإبل، يحتاج أسبوعًا تقريبًا، فقد يضطر إلى الحجامة، ويحتاج إليها.

والحجامة لا حرج فيها، وهي مجرد إخراج دم، ... يهدي بقرة، فلا حرج في الحجامة للمحرم.

أما الحجامة للصائم: فاختلف فيها العلماء: منهم مَن قال: لا حرج فيها لهذا الحديث، ومنهم من قال: تُمنع؛ لقوله ﷺ: أفطر هذان، أفطر الحاجم والمحجوم ... وما جاء في معناه، وبه قال جماعةٌ من أهل العلم.

وأجاب ابنُ القيم رحمه الله عن حديث ابن عباس: "احتجم النبيُّ ﷺ وهو صائم" أنه لا تكون فيه حُجَّة إلا بعد تمهيد أربع قواعد:

أولًا: أن تكون الحجامةُ في حال الإقامة، لا في حال السفر.

ثانيًا: أن يكون صائمًا صوم فريضة.

ثالثًا: أن تكون بعد النَّهي لا قبله.

رابعًا: يكون صحيحًا، ليس مريضًا، قد يكون احتجم من مرضٍ، أو يكون بحاجةٍ للحجامة وهو صائم، قد تكون لها أسباب، قد تكون في السفر، كما جاء في الحديث هذا أنه احتجم وهو قاعد، ما هو مسافر، وهو مسافر يجوز أن يُفطر بالحجامة وغير الحجامة، قد يكون صوم نافلةٍ، والمُتنفِّل له أن يُفطر بالحجامة وغيرها.

مقصوده رحمه الله أن الأصل الأخذ بنصِّ: أفطر الحاجم والمحجوم، الأصل المنع في حقِّ الصائم، هذا هو الأصل، فيكون قول ابن عباس: "احتجم النبي ﷺ وهو صائم" يحتمل أنَّ هذا كان في حال السفر، أو في العائلة، أو قبل منع الحجامة، أو حال المرض بعذرٍ شرعيٍّ.

أما رواية الدارقطني: "أن النبي رخَّص في الحجامة للصائم"، فرواية الدارقطني لا تُقاوم برواية الأئمَّة الكبار الذين رووا حديث: أفطر الحاجم والمحجوم، وكان أنسًا يحتجم وهو صائم وجماعة، وبعضُهم حكاه قول الجمهور: أن الحجامة لا تُفطر الصائم.

وبكل حالٍ، فأمر الحجامة في الصوم فيه شُبهة، وأنه ينبغي للمؤمن في مثل هذا ترك الحجامة، إلا في الليل؛ خروجًا من الخلاف، وعملًا بالأحاديث كلها، واحتياطًا للدين، فإذا دعت الحاجةُ للحجامة فليُؤجل ذلك إلى الليل، حتى يخرج من الخلاف، ويصحّ صومه إذا كان صومُه فريضةً.

وفَّق الله الجميع.

 

الأسئلة:

س: ما تكون وهمًا من بعض الرواة زيادة: "وهو صائم"؟

ج: لا، هذا رواه البخاري في "الصحيح".

س: رواية ابن عباس تكون ناسخةً لرواية شدّاد؟

ج: محتملة .....

س: يقول في الحاشية: يحيى بن سعيد الأنصاري؟

ج: محتملة؛ لأنه رواه البخاري في "صحيحه" رحمه الله، لكن محتملة أنها قبل النَّهي، ومحتملة أنها بعد النَّهي.

س: هل من ذلك سحب الدم الكثير؟

ج: لا حرج إن شاء الله إذا دعت الحاجةُ، يُسمونه "الفصد"، يعني: احتاج لمثل هذه ليُسعف بعض الناس بدمٍ كثيرٍ، ينبغي أن يُقضي خروجًا من الخلاف؛ لأنه يُشبه الحجامة -دم كثير.

س: ... يشهد لحديث أنسٍ عند ابن خزيمة وأحمد؟

ج: فيه عدة أحاديث، مثل: أفطر الحاجم والمحجوم، والمقصود أنه من باب: دع ما يريبُك إلى ما لا يريبُك، الأولى بالمؤمن اجتنابها حال الصيام إذا كان صومه فريضةً؛ خروجًا من الخلاف، وعملًا بالأحاديث كلها.

س: ابن القيم ذكرها ...؟

ج: ....

س: الله يُحسن عملك، الحكمة في إفطار الحاجم؟

ج: الله أعلم؛ سدًّا للذريعة، حتى لا يتعاونا على الإثم؛ لأنَّ الحاجم ...

س: قول بعضهم أنَّ الصحابة قد رووا كلَّ صفات الحج عن النبي ﷺ والعمرة، ولم يثبت عنهم أنَّ الرسول ﷺ فدى في حلقه للاحتجام، فدلَّ على أنه جائز، وخصّ حديث كعب فقط إذا كان شعرًا كثيرًا؟

ج: هو محتمل، قد يكون شعر رأسه قليلًا فيُعفى عنه، محتمل.

 

668- وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ اكْتَحَلَ فِي رَمَضَانَ وهُوَ صَائِمٌ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.

قَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَا يَصِحُّ فِي هذا الباب شَيْءٌ.

669- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ نَسِيَ وهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أو شَرِبَ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وسَقَاهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

670- ولِلْحَاكِمِ: مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ نَاسِيًا فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ ولَا كَفَّارَةَ وهُوَ صَحِيحٌ.

671- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: مَنْ ذَرَعَهُ الْقَيْءُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، ومَنِ اسْتَقَاءَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ.

رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وأَعَلَّهُ أَحْمَدُ، وقَوَّاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.

الشيخ: الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى أصحابه ومَن اهتدى بهداه.

أما بعد: فهذه الأحاديث تتعلق بالصيام، والكحل، وبالأكل والشرب ناسيًا:

الحديث الأول حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي ﷺ كان يكتحل في رمضان وهو صائم، وبيَّن المؤلفُ ضعفه، وأنه لا يصحّ في هذا الباب شيء، لا يصحّ في الباب شيءٌ يتعلق بالكحل من جهة الصائم، لا في فعله، ولا في ...، والصواب أنه لا يُفطر، وأن الكحل لا بأس به في حقِّ الصائم؛ لأنَّ العين ليس منفذًا عاديًّا، والاكتحال بها لا بأس به، وإذا أجَّله احتياطًا خروجًا من الخلاف فلا بأس إلى الليل، وكونه يكتحل بالليل أولى؛ لحديث: دع ما يريبُك إلى ما لا يريبُك، وإلا فالاكتحال في النَّهار لا يُفطر الصائم، هذا هو الصواب؛ لأنَّ الكحل لا يُقاس على الشرب والأكل.

والحديث الثاني: يدل على أن مَن أكل ناسيًا، أو شرب ناسيًا، أو جامع ناسيًا، فلا شيء عليه في رمضان؛ لقوله ﷺ: مَن نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه؛ لأنه لم يتعمد ما حرَّم الله عليه، والنِّسيان يقع من ابن آدم، حتى من الأنبياء، مثلما قال ﷺ: إنما أنا بشرٌ، أنسى كما تنسون، والله يقول سبحانه: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] قال الله: قد فعلتُ.

وفي رواية الحاكم: مَن أفطر في رمضان ناسيًا فلا قضاء عليه ...، والأكل والشرب والجماع وغير ذلك، وهذا هو الصواب: أن المفطرات في رمضان إذا وقعت من الشخص ناسيًا فلا قضاء عليه، ولا كفَّارة عليه، وهذا من فضل الله وتيسيره سبحانه وتعالى، ومن فضله على عباده أنه ما وقع منهم نسيانًا أو خطأ لا يُؤاخذ عليه؛ لأنه لم يتعمَّد المعصية، ولم يتعمَّد ما حرَّم الله عليه.

كذلك حديث أبي هريرة: مَن ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومَن استقاء فعليه القضاء، وهو حديثٌ صحيحٌ كما قال الدارقطني: وهو صحيح.

فمَن تعمَّد استخراج القيء أفطر، ومَن ذرعه القيء بلا اختياره فلا قضاء عليه.

والقيء: هو الذي يخرج من الفم مُتتابعًا، يُقال له: قيء، أما إذا كان مرةً واحدةً فيُسمَّى: قلس، إذا كان شيئًا ... يخرج فهذا ما يُفطر الصائم، أما المتتابع -الشيء بعد الشيء- فهذا يُسمَّى: القيء، فإن كان مُتعمدًا أفطر الصائم، وإن كان بغير اختيارٍ فلا يفطر الصائم؛ لأنه ليس باختياره، فلا يضرُّه ذلك.

 

الأسئلة:

س: القلس أيش يا شيخ؟

ج: القلس: ما يخرج من الفم من البطن مرةً واحدةً بسبب ما اعتراه ....

س: .........؟

ج: ما يُسمَّى: قيئًا، نعم.

س: أحسن الله إليك، مَن أفطر جاهلًا ما حكمه؟

ج: هذا محل نظرٍ؛ لأنه يُوصَف بالتَّحريض، لا بد أن يتعلم، جمهور العلماء على أنه إذا أفطر جاهلًا: مثل الذي أكل بعد طلوع الشمس وبعد الفجر جاهلًا بذلك، أو أفطر قبل غروب الشمس جاهلًا، الجمهور يرى أن عليه القضاء، وبعض أهل العلم يرون أنه لا قضاء عليه؛ لأنَّ هذا داخلٌ في الخطأ: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أو أَخْطَأْنَا [البقرة:286]، وقول الجمهور في هذا أنه يقضي؛ لأنه مُفرِّطٌ: ما نظر ولا تأمَّل الصبح، ولا تأمَّل طلوع الشمس.

واحتجَّ مَن قال بعدم القضاء بأن المسلمين في عهد النبي ﷺ أفطروا قبل غروب الشمس، ثم طلعت عليهم الشمس، ولم يُنقل أنه أمرهم بالقضاء، لكن قال هشام بن عروة: ........

فالاحتياط أنه يقضي إذا كان عن جهلٍ، فالاحتياط أنه يقضي، وإلا فالقول بعدم القضاء قولٌ قويٌّ؛ لأنه ما تعمَّد الباطل، ولكنَّه ظنَّ الصبح لم يطلع، وظنَّ الشمس قد غربت، فهذا مُستندهم، قد يكون غيمًا، قد يكون ظلمةً، يظنُّها قد غابت، ثم تطلع، يُمْسِك، إذا طلعت أمسك، لكن هل يقضي يومه؟ هذا محل نظرٍ، كذلك الصبح: قد يكون الصبح ويظنّ أنه في الليل، ثم يتبين له أن الناس قد صلوا صلاةَ الفجر.

س: ..... من حديث عمر والله لا نقضي .....

ج: يُروى عن عمر هذا.

س: ...............؟

ج: الأقرب أن يقال: ... القمر من جانبه؛ لأنه ...، بعض الناس قد يتعامى عن الصبح، ولا يُبالي.

س: استعمال القطرة؟

ج: هذه كالكحل لا تُفطر، لكن كونها تُؤجّل إلى الليل يكون أفضل، من باب الاحتياط.

س: الأنف ليس بمخرجٍ؟

ج: لا، الأنف منفذ يصبّ في الحنجرة، لا يحلّ، ولهذا قال ﷺ: وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا، الأنف يكون منفذًا.

س: هل الكحل سنة؟

ج: نعم، نعم.

س: الوضوء إذا شرب قليلًا منه؟

ج: إذا كان ما تعمَّد ما عليه شيء؛ لأنه يقع ويُبتلى به الناس.

س: استعمال البخاخ للربو؟

ج: لا حرج إن شاء الله إذا اضطرَّ إليه: في أنفه، أو في حلقه؛ لأنَّه ما هو بأكلٍ ولا شربٍ، قد يضطر إليه صاحبُ الربو.

س: ................؟

ج: .............

س: التَّطعيم في نهار رمضان؟

ج: هذا محلُّ اجتهادٍ ...؛ لأنها ما هي تغذية، هذا دواء.

س: القطرة ما بمنزلة نفس البخاخ حقّ الربو؟

ج: لا، القطرة يمكن تأخيرها إلى الليل، لكن صاحب الربو لا يستطيع، قد يموت.

س: القيء هل هو نجس ويُبطل الوضوء؟

ج: كثيرٌ من أهل العلم يرى أنه نجس، وينقض الوضوء، يُروى عن النبي ﷺ أنه قاء وتوضأ وصلَّى ركعتين، قال ثوبان: .....، وبعضهم يجعله كبول الصبي الذي لا يأكل الطعام، حكمه حكم بول الصبي؛ لأنَّ الصبي الذي لا يأكل الطعام قيؤه وبوله واحد، إن كان يأكل الطعام يُغسل، وإن كان ما يأكل الطعام يُرشّ ويُنضح، فالمقصود أنَّ القيء كثيرٌ من أهل العلم ألحقوه بالبول .....

س: إذا استعمل الإنسانُ المعجون في شهر رمضان، وخرج منه بعضُ الدم؟

ج: ما يضرُّ، شيء يسير يُعفى عنه، الأسنان أو بترة في الأنف، يعني: ..... في الأسنان، أو في العين يُعفى عنه إن شاء الله.

س: الصحيح في القيء ينقض؟

ج: إذا تعمَّد إخراجه يبطل الصيام.

س: وإذا ما تعمَّد؟

ج: أما إذا ما تعمَّد ما يبطل الصيام، أما الوضوء فينبغي الوضوء له؛ لحديث أنَّ النبي قاء وتوضأ وصلَّى ركعتين.

س: صحيح؟

ج: ما أعلم فيه علَّةً.

س: من وجهه هذا، قال: هذا فعل للرسول ﷺ؟

ج: من باب التَّأسي به عليه الصلاة والسلام.

س: القول بنجاسته قولٌ قويٌّ .....؟

ج: لا، ضعيف، العُمدة على حديث ثوبان: "قاء فتوضأ"، وحديث أبي الدَّرداء، وقوله: مَن ذرعه القيء فلا قضاءَ عليه، ومَن استقاء فعليه القضاء، تنجيسه محلّ نظرٍ، لكن الاحتياط للمؤمن، مثلما قال كثيرٌ من أهل العلم، كونه يغسل ما أصابه هو أحوط وأولى، وإن كان تشبيهه بالبول فيه نظر، لكن كونه يحتاط ويغسل ما أصابه لا شكَّ أنَّ هذا أولى وأحوط، أما التَّشبيه بالبول فمحلُّ نظرٍ.

س: هنالك تلازمٌ بين .....؟

ج: فيه خلافٌ بين أهل العلم: من أهل العلم مَن قال: في بينهم تلازمٌ: المحرَّم والنَّجِس، إلا ما استثناه الشارع، وبعض أهل العلم قال: لا يوجد بينهم تلازم، لا يلزم من التَّحريم النَّجاسة، فلبس الذهب ولبس الحرير على الرجال مُحرَّم، وليس بنجسٍ، وهكذا أشياء مثل: السم يقتل، وليس بنجسٍ.

س: يقول السائل: هل يجوز إفراد يوم الجمعة بصيام في أيام الست من شوال؟

ج: لا يفرد الجمعة، النبي نهى عن صوم يوم الجمعة إلا أن يصوم يومًا قبله، أو يومًا بعده، يصوم معه غيره، يصوم السبت مع الجمعة، أو الجمعة مع الخميس، والحمد لله.

س: إذا لم يتيسَّر إلا يوم الجمعة؟

ج: لا يصومه، ما هو بفرضٍ عليه، والحمد لله.

س: إذا تحرَّوا بصيام يوم الجمعة بين الصيام، ما يُؤخذ منه جواز؟

ج: الأصل ألا تصومه إلا أن تصوموا يومًا قبله، أو يومًا بعده، ولما صامته جويرية بنت الحارث قال: صُمْتِ أمس؟ قالت: لا، قال: تصومين غدًا؟ قالت: لا، قال: أفطري.

س: رجلٌ كان فاسدًا، كان يُفطر في رمضان، هل عليه قضاء؟

ج: نعم، الصواب أن عليه القضاء، ولو تعمَّد عليه القضاء والتوبة، نسأل الله السَّلامة.

س: ولو كان ما يُصلي؟

ج: لا، الذي ما يُصلي كافر، لكن مَن قال أنه لا يكفر إلا بالجحود يقضي، عند الجمهور لا يكفر إلا بالجحود، فعلى هذا يقضي مع التوبة.

س: ما يعرف الأيام؟

ج: يحتاط، يحتاط إذا شكَّ في خمسٍ وستٍّ يصوم ستًّا، شكَّ في ستٍّ وسبعٍ يصوم سبعًا، وهكذا.

 

672- وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ إِلَى مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ، فَصَامَ النَّاسُ، ثم دَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِلَيْهِ، وشَرِبَ، ثم قِيلَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ، فقَالَ: أُولَئِكَ الْعُصَاةُ، أُولَئِكَ الْعُصَاةُ.

وَفِي لَفْظٍ: فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمُ الصِّيَامُ، وإِنَّمَا يَنْتَظرُونَ فِيمَا فَعَلْتَ، فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَشَرِبَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

673- وعَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ : أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إني أَجِدُ بِي قُوَّةً عَلَى الصِّيَامِ فِي السَّفَرِ، فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: هِيَ رُخْصَةٌ مِنَ اللَّهِ، فَمَنْ أَخَذَ بِهَا فَحَسَنٌ، ومَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

674- وأَصْلُهُ فِي الْمُتَّفَقِ عليه مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ: أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو سَأَلَ.

675- وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُمَا قَالَ: "رُخِّصَ لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ أَنْ يُفْطِرَ ويُطْعِمَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا، ولَا قَضَاءَ عَلَيْهِ". رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، والْحَاكِمُ، وصَحَّحَاهُ.

الشيخ: الحمد لله، وصلَّى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.

أما بعد: فهذه الأحاديث فيما يتعلق بالصوم في السفر، وفي حال الجهاد:

يقول جابرٌ : أنهم توجَّهوا مع النبي ﷺ إلى مكة في رمضان عام الفتح، وأن الناس لما شقَّ عليهم الصيام قالوا للنبي ﷺ، فشرب والناس ينظرون، فأبلغوه بعد ذلك أنَّ بعض الناس قد صام، فقال: أولئك العُصاة، أولئك العصاة.

وفي حديث أبي سعيدٍ عند مسلمٍ: أن النبي ﷺ قال: إنكم قد دنوتم من عدوكم، والفطر أقوى لكم، فكانت رخصةً، منهم مَن أفطر، ومنهم مَن لم يُفطر، فلما دنا قال: إنَّكم مُصبحون عدوكم، والفطر أقوى لكم، فأفطروا، فأفطروا، قال: ثم صمنا بعد ذلك مع النبي ﷺ في السفر.

هذا يدل على أنَّ الصوم في السفر جائزٌ، ولا حرج فيه، والفطر أفضل، ولهذا جاء في حديث حمزة بن عمرو الأسلمي لما سأل النبيَّ ﷺ قال: هي رخصةٌ من الله، فمَن أخذ بها فحسنٌ، ومَن أحبَّ أن يصوم فلا جناح عليه، فدلَّ على أن الفطر أفضل، ومَن صام فلا جناح عليه.

وفي رواية عائشة في "الصحيحين": أنَّ حمزة سأل النبيَّ ﷺ قال: إني كثير السفر، أفلا أصوم في السفر؟ فقال: إن شئتَ فصم، وإن شئتَ فأفطر، خيَّره، فدلَّ على أن الأمر في هذا واسع، والله يقول جلَّ وعلا: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:185] يعني: فأفطر.

فالأدلة كلها تدل على أنَّ الفطر أفضل، والصوم جائزٌ، لكن إذا دعت إليه الحاجةُ، إذا اشتدَّ على الإنسان الصومُ تأكَّد عليه الفطر؛ لأنه ﷺ لما رأى رجلًا قد ظُلل عليه في السفر قال: ما شأنه؟ قالوا: إنه صائم، قال: ليس من البر الصوم في السفر يعني: مَن كان بمثابة هذا يشقُّ عليه فليس من البرِّ أن يصوم، بل يُفطر، وهكذا إذا كان في جهادٍ، والفطر أقوى له، أفطر، وإذا كان يشقّ عليه وجب عليه الفطر، حتى يكون جهاده أكمل، كما في قوله: أولئك العُصاة، أولئك العُصاة.

والحديث الأخير حديث ابن عباسٍ: "رخّص للشيخ الكبير أن يُفطر، .. ولا قضاء عليه"، فالإنسان إذا كان كبير السن، أو عجوز كبيرة السن؛ فله الفطر، لا يشقَّ على نفسه، لا يُكلِّف الله نفسًا إلا وسعها، ويُطعم عن كلِّ يوم مسكينًا، أما إن كان لا، يقوى، فإن الواجب عليه الصوم، لكن إذا كان في حكم المرض، يشقّ عليه مشقَّة بينة، فهو كالمريض يُفطر، ولا قضاء عليه، المريض يُرجى له البُرء، والشيخ الكبير يضعف، كلما تقدَّم نزل، فيكفيه الإطعام، وهكذا العجوز الكبيرة، وهكذا المريض الذي لا يُرجى برؤه، هذا حكمه، حكم كبير السن إذا أفطر يُطعم عن كل يوم مسكينًا.

 

الأسئلة:

س: إذا صام عرفة ثم أفطر؟

ج: لا حرج، إن صام فحسنٌ، وإلا ما هو بلازمٍ.

س: يُستحبّ الإفطار؟

ج: محل نظرٍ، ظاهر النصوص لا يُستحب، فإن شاء صام، وإن شاء أفطر.

س: لا يتعوّض؟

ج: وإذا صام فلا بأس، النبي صام في السفر، وأفطر عليه الصلاة والسلام، الأمر واسع.

س: .............؟

ج: أقول: إن صام فلا بأس، وإن أفطر فلا بأس، الأمر واسع، غالب الأدلة تعمّ.

س: قوله: "رُخِّص للشيخ الكبير" من كلام النبي ﷺ، أو من كلام ابن عباس؟

ج: في حكم المرفوع.

س: الذين يُفرِّقون بعد تبدل الأحوال في الوقت الحاضر في الأحكام، مثلًا يقولون: الآن سيارات أو مُكيِّفات؟

ج: الذي شرع الشرع ما عنده خبر؟! الرب جلَّ وعلا ما عنده خبر؟! ما يدري شيئًا عن السيارات، أو الطائرات أنها تأتي؟! سبحان الله! الحكم عامّ: سيارة، أو طيارة، أو باخرة، أو سفينة، كانت السفن موجودةً في عهد النبي وقبله عليه الصلاة والسلام، ..... السيارة.

س: مَن كان يصعب عليه القضاء هل الأفضل له أن يصوم في السَّفر؟

ج: الأمر واسعٌ، إن شاء صام، وإن شاء أفطر، مثلما قال النبيُّ لعمر بن حمزة: إن شئتَ فصم، وإن شئتَ فأفطر، والنبي صام في السفر وأفطر عليه الصلاة والسلام، هو أعلم بنفسه، لكن لا يشقّ عليه.

س: إذا ما كان في مشقَّة في السفر؟

ج: لا حرج.

س: فوَّت على نفسه ...؟

ج: لا حرج إذا كان ما عليه مشقَّة، ويشق عليه القضاء، يصوم في السفر والحمد لله، مثلما صام النبيُّ ﷺ، وصام المسلمون، والحمد لله.

س: إذا ثبتت المشقَّة فأيّهما أفضل في حقِّه؟

ج: الفطر أفضل، وإذا شعر بالمشقة تأكَّد الفطر، وكُره الصوم.

س: مَن نوى الجماع في رمضان ولم يُجامع؟

ج: ما عليه شيء حتى يُجامع، أقول: ما عليه كفَّارة إلا إذا جامع، لكن إذا كان نوى الفطر فالقول المشهور عند العلماء: أنَّ عليه القضاء، قضاء اليوم، ولا عليه كفَّارة إلا إذا جامع، فإذا نوى ولم يُجامع فما عليه كفَّارة، لكن يُفطر عند جمعٍ من أهل العلم بنية الإفطار، ويقضي.

س: بنية الإفطار؟

ج: إذا نوى الإفطار نعم، لو أفطر بالأكل، أو بالشرب، أو بالجماع، نعم.

س: المرأة الحائض في رمضان هل لها أن تأكل وتشرب أو تُمسك؟

ج: تُمسك وهي حائض؟!

س: يعني: على أساس أنها تتحرج من بعض النِّساء؟

ج: الله يهديني وإيَّاك، تأكل وتشرب والحمد لله، ما لها أصل، وما لها تمسك، الحائض والنُّفساء تأكل وتشرب والحمد لله، ما هي بصائمة، ولا لها حكم الصيام.

س: يعني: أحيانًا تتحرج؟

ج: التَّحرج باطل، لا وجهَ له.

س: إذا تكرر الجماعُ ما عليه إلا كفَّارة واحدة؟

ج: إذا كان في يومٍ ولم يُكفِّر فكفَّارة واحدة، وإن كان قد كفَّر يُكفِّر ثانيةً، وإن كان في أيام فكل يوم له كفَّارة.

س: في يومٍ واحدٍ؟

ج: إن كان في يومٍ واحدٍ فكفَّارة واحدة، إلا إذا كان كفَّر عن الأول، جامعها الضُّحى مثلًا وكفَّر، ثم جامعها الظهر، فعليه كفَّارة ثانية؛ لأنه قد يكون جامع الظّهر.

س: دائمًا في السفر تُقدّم الرخصة على العزيمة؟

ج: عند المشقة، والمريض والمجنون كذلك.

س: ضابط المشقَّة؟

ج: يعني: يتعب، أو مريض يتعب.

س: مثلًا لو تقدَّم أول الشهر وتصدَّق عن ثلاثين يومًا؟

ج: ما فيه بأس، في أول الشهر، سواء في وسطه، أو في آخره، أخرجها في أوله، وإلا في وسطه، وإلا في آخره، كله طيّب.

س: مقدار الإطعام هل لا بدّ أن يكون من ..؟

ج: من قوت البلد.

 

676- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: هَلَكْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ: وَمَا أَهْلَكَكَ؟ قَالَ: وقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ: هَلْ تَجِدُ مَا تَعْتِقُ رَقَبَةً؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ: لَا، ثم جَلَسَ، فَأُتِيَ النَّبِيُّ ﷺ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ، فَقَالَ: تَصَدَّقْ بِهَذَا، فَقَالَ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنَّا؟ فَمَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنَّا، فَضَحِكَ النَّبِيُّ ﷺ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثم قَالَ: اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ.

رَوَاهُ السَّبْعَةُ، واللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.

677 و678- وعَنْ عَائِشَةَ وأُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ كَانَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ ثم يَغْتَسِلُ ويَصُومُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

زَادَ مُسْلِمٌ فِي حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ: ولَا يَقْضِي.

679- وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنْ مَاتَ وعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

أما بعد: فهذه الأحاديث الثلاثة كلها تتعلق بالصيام:

الحديث الأول فيما يتعلق بالجماع في رمضان: جاءه رجلٌ يسأل ويقول: "يا رسول الله، هلكتُ!" قال: وما أهلكك؟ قال: "وقعتُ على امرأتي في رمضان"، هذا يدل على أنه مُتعمّد، ولهذا قال: "هلكتُ"، يعني: أن الناسي ما هو بهالك، فهذا يدل على أنه تعمَّد وغلبه هواه، ولهذا قال: "هلكتُ"، فأقرَّه النبيُّ ﷺ على ذلك، قال له ﷺ: تعتق رقبةً، قال: "ما أستطيع"، قال: تصوم شهرين مُتتابعين، قال: "ما أستطيع"، تُطعم ستين مسكينًا، قال: "ما عندي شيء"، فجيء إلى النبي ﷺ بعرقٍ فيه تمر، فقال: اذهب فتصدَّق بهذا، فقال: "أعلى أفقر مني، فما بين لابتيها أهلُ بيتٍ أحوج إليه منا"، فضحك النبيُّ ﷺ عجبًا من هذا الرجل؛ بينما هو يسأل عن الكفَّارة التي تبرؤه إذا هو يطمع بها، فقال: اذهب فأطعمه أهلك.

هذا الحديث فيه فوائد:

منها: تحريم الجماع في رمضان، لا يجوز للرجل أن يُجامع زوجته، وليس لها أن تُطيعه؛ لأنه هلاكٌ ومنكر، ولهذا سمَّاه: هلكة، وأقرَّه النبيُّ ﷺ على أنَّ هذا هلاك.

وفيه من الفوائد: أن الواجب على مَن اقترف هذه المعصية -الجماع في رمضان عمدًا- الكفَّارة، وأنها مثل كفَّارة الظِّهار: عتق رقبةٍ، فإن عجز يصوم شهرين متتابعين، فإن عجز أطعم ستين مسكينًا، مُرتَّبة، فإن عجز سقطت عنه؛ لأنَّ الرسول ﷺ أسقطها، ما قال: إذا أيسرت تصدَّق، قال: أطعمه أهلك، ولم يقل: إذا أيسرتَ تصدَّق، فدلَّ على أن كفَّارة الوطء في رمضان إذا عسر بها سقطت عنه، وإن كفَّر احتياطًا فحسنٌ، وإلا فظاهر الحديث أنها لا تجب عليه؛ لأنه لم يقل له: إذا أيسرت فتصدَّق، أو: إذا قدرت فتصدَّق، قال: اذهب فأطعمه أهلك، وسكت.

وهو عليه القضاء: قضاء اليوم هو وإيَّاها، في بعض الروايات: واقضِ يومًا مكانه، ولو لم تأتِ الرواية فالقضاء لا بدّ منه؛ لأنه أفسد يومًا من رمضان، والواجب عليه صيامه، كما لو أكل أو شرب عمدًا يأثم، وعليه التوبة، وعليه قضاء اليوم؛ لأنه واجبٌ عليه، يقضيه.

وفيه من الفوائد: أن النَّاسي لا شيء عليه؛ لأن الناسي ليس بهالكٍ؛ لأنه تقدَّم قوله ﷺ: مَن نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومَه، وفي روايةٍ أخرى: مَن أفطر ناسيًا فلا قضاء عليه، ولا كفَّارة، فالناسي لا شيء عليه.

وقيل: الجاهل هل يُلحق بالناسي أو بالعامد؟ الأقرب أنه يُلحق بالناسي؛ لأن الله قال: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أو أَخْطَأْنَا [البقرة:286]، والمخطئ هو الجاهل الذي لا يعرف الأحكام، فالأقرب إلحاقه بالناسي، وإذا كفَّر احتياطًا فهو أولى؛ خروجًا من الخلاف، وبراءةً للذمة: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.

المتعمّد يلزمه التوبة والكفَّارة، والناسي لا ذنبَ عليه، ولا كفَّارة عليه، والجاهل يحتمل إلحاقه بهذا وبهذا: يحتمل أن يلحق بالعالم؛ لأنه فرَّط وتساهل، ما تعلَّم الأحكام الشرعية، ويحتمل إلحاقه بالناسي؛ لأنه ما تعمَّد مخالفة الشرع، ما عنده خبر، والأقرب أنه يلحق بالناسي؛ لقوله: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أو أَخْطَأْنَا، والخطأ هو ما يفعله الجاهلُ، فهو أقرب إلى أن يلحق بالناسي، لكن إذا كفَّر من باب الاحتياط والخروج من الخلاف فحسنٌ.

وفي حديث أم سلمة وعائشة الدلالة على أنه لا بأس أن يُجامع في الليل، ويُصبح جنبًا، ولو تأخَّر الغسل لا حرج، فلو جامع أهله قبل الفجر، ثم تأخَّر غسله حتى أصبح فلا حرج، ولهذا في حديث عائشة في "صحيح مسلم": "ثم يُصبح جنبًا، ثم يغتسل، ولا يقضي"، فدلَّ ذلك على أنه لا حرج أن الإنسان يُجامع أهله في آخر الليل، ثم يشتغل بشيءٍ آخر، ثم يغتسل بعد الصبح، لا يضرُّ ذلك، ولا حرج في ذلك.

والحديث الثالث: حديث عائشة رضي الله عنها: يقول ﷺ: مَن مات وعليه صيامٌ صام عنه وليُّه، هذا يدل على أنه يُشرع للأولياء أن يصوموا عن أوليائهم، إذا ماتت المرأةُ وعليها صومٌ من رمضان، أو صوم كفَّارة، أو رجل عليه صوم كفَّارة، أو من رمضان؛ فيُشرع لأوليائه أن يقضوا عنه: لأخيه، أبيه، ابنه القضاء عنه؛ لقوله: مَن مات وعليه صيام صام عنه وليُّه يعني: قريبه، القريب المولى يُشرع له أن يصوم عن أخيه، عن قريبه إذا مات وعليه صيامٌ من رمضان، أو من كفَّارة.

وفي "مسند أحمد" بإسنادٍ جيدٍ عن ابن عباسٍ: أنَّ امرأةً قالت: يا رسول الله، إن أمي ماتت وعليها صوم رمضان، أفأصوم عنها؟ قال: صومي عن أمك، قال: أرأيتِ لو كان عليها دَيْنٌ؟ أكنتِ قاضيتَه؟ اقضوا الله، فالله أحقُّ بالقضاء، فأمرها أن تصوم ما أفطرته أمها من رمضان، فهذا من باب البرِّ والصِّلة.

وفَّق الله الجميع.

 

س: .............؟

ج: لا بدّ أن تكون مؤمنةً، المطلق محمول على المقيد في رمضان، والكفَّارة في القتل لابدّ أن تكون مؤمنة.

س: ............. قبل وفاته كان يُطعم ..... فإذا بقي عليه أيام لم يُطعم؟

ج: يُطْعَم عنه.

س: فهل يجوز لوليِّه أن يصوم بدل هذه الأيام؟

ج: الظاهر أنه لو صام من باب أولى، وإن أطعم فلا بأس؛ لأنه عاجزٌ، ما عليه صيام.

س: .............؟

ج: لا، يشمل كل شيء؛ لأنه قال: مَن مات وعليه صيام، نكرة في سياق الشرط ..... رمضان .....، وقال بعضُ أهل العلم أنَّ هذا يخصّ النذر، والصواب أنه عامٌّ.

س: .............؟

ج: إن صام عنه قريبه فجزاه الله خيرًا، صوم متطوع، جزاه الله خيرًا.

س: ............؟

ج: إذا كان قادرًا على الإطعام يُطعم، إذا كان قادرًا على الإطعام التي أدركها ما .....

س: وما بقي خلاص؟

ج: أما إذا كان ما أطعم يُطعم عنه .....

س: المُتبقي خلاص؟

ج: لا، الذي بعد موته ما عليه شيء.

س: ................؟

ج: لا حرج في رمضان خاصةً؛ لأنه ما يجب التتابع، في رمضان لا بأس، أما الكفَّارة فلا، يتولاها واحد، ويُتابع، كفَّارة القتل، كفَّارة الظِّهار: شهرين مُتتابعين.

س: ..............؟

ج: إذا كان في رمضان ما يُخالف .....

س: ...............؟

ج: واحد، أو امرأة واحدة.

س: إذا طلع الفجرُ عليه وهو يُجامع هل عليه كفَّارة؟

ج: الظاهر أنه ما عليه شيء إذا وقف، إذا ..... عليه الفجر ..... ما عليه شيء.

س: ..............؟

ج: ........ لما علم الفجر أمسك، والله قال: وَكُلُوا واشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة:187].

س: .............. ما عليه قضاء؟

ج: ما عليه شيء إذا نزع في الحال، أو ....... في الحال، لما علم بطلوع الفجر أمسك.

س: .............؟

ج: ما بلغنا إلا في الصيام، إذا كان شيء مالي ..... ما بلغنا فيها شيء.

س: إذا نذر في الصلاة ولم يُوفِ، هل يقطع عنه صلاته؟

ج: ما بلغنا فيها شيء.

س: رجلٌ عليه قضاء في رمضان، وجامع زوجته وهو صائم، فهل عليه كفَّارة أم عليه قضاء ذلك اليوم فقط؟

ج: عليه التوبة والقضاء عن اليوم الذي أفسده، ولا كفَّارة فيه، إلا إذا كان الجماعُ في رمضان، أما في القضاء فلا؛ لأنَّ حُرمة الزمن ذهبت.

س: ...... إذا سافر وأفطر لا يلزمه القضاء؛ لأنه مسافر ........؟

ج: إذا صار الجماعُ في السفر ما عليه شيء؛ لأنه له رخصة في السفر، إذا كان هو وإياها مسافرين وجامعها في السفر ما عليه شيء، مثلما يأكل ويشرب.