أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتولاك في الدنيا والآخرة، وأن يجعلك مباركا أينما كنت، وأن يجعلك ممن إذا أعطى شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذ أذنب استغفر، فإن هؤلاء الثلاث عنوان السعادة.
اعلم أرشدك الله لطاعته أن الحنيفية ملة إبراهيم أن تعبد الله وحده مخلصا له الدين، كما قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات: 56]. فإذا عرفت أن الله خلقك لعبادته، فاعلم أن العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد، كما أن الصلاة لا تسمى صلاة إلا مع الطهارة؛ فإذا دخل الشرك في العبادة فسدت، كالحدث إذا دخل في الطهارة. فإذا عرفت أن الشرك إذا خالط العبادة أفسدها وأحبط العمل وصار صاحبه من الخالدين في النار، عرفت أن أهم ما عليك معرفة ذلك، لعل الله أن يخلصك من هذه الشبكة، وهي الشرك بالله، الذي قال الله تعالى فيه: إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء: 48]. وذلك بمعرفة أربع قواعد ذكرها الله تعالى في كتابه:
القاعدة الأولى: أن تعلم أن الكفار الذين قاتلهم رسول الله ﷺ مُقِرُّون بأن الله تعالى هو الخالق المدبر، وأن ذلك لم يدخلهم في الإسلام.
والدليل قوله تعالى: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ [يونس: 31].
القاعدة الثانية: أنهم يقولون: ما دعوناهم وتوجهنا إليهم إلا لطلب القربة والشفاعة.
فدليل القربة قوله تعالى: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ [الزمر: 3].
ودليل الشفاعة قوله تعالى: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ [يونس: 18] والشفاعة شفاعتان: شفاعة منفية، وشفاعة مثبتة. فالشفاعة المنفية ما كانت تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله.
والدليل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ [البقرة: 254] والشفاعة المثبتة هي التي تطلب من الله، والشافع مكرم بالشفاعة، والمشفوع له من رضي الله قوله وعمله بعد الإذن، كما قال تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ [البقرة: 255].
الشيخ: الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فهذه أربع قواعد نبه عليها المؤلف وهي قواعد مهمة من عقلها وفهمها جيدا فهم دين المشركين وفهم دين المسلمين وأغلب الخلق لا يفهمون هذه القواعد ولهذا التبست عليهم الأمور وعبدوا القبور وأصحاب القبور والأولياء والأشجار والأحجار من دون الله ويحسبون أنهم على شيء لجهلهم بحقيقة التوحيد وحقيقة الشرك وبدأ بقوله رحمه الله وهو الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه المجدد لما اندرس من معالم الإسلام في هذه الجزيرة في النصف الثاني من القرن الثاني عشر المتوفى سنة 1206 من الهجرة النبوية يقول رحمه الله: أسأل الله أن يتولاك في الدنيا والآخرة وأن يجعلك مباركا أينما كنت وأن يجعلك ممن إذا أعطي شكر وإذا ابتلي صبر وإذا أذنب استغفر فإن هؤلاء الثلاث يعني الخصال عنوان السعادة فالمؤلف رحمه الله يجمع بين الإفادة وبين الدعاء للطالب وهذا من النصح يدعو للطالب بالتوفيق ويفيده ولا شك أن الطالب إذا قبل الله هذا الدعاء في حقه سعد من إذا أعطي شكر وإذا ابتلي صبر وإذا أذنب استغفر ما بقي عليه ؟ تمت سعادته فهو يشكر الله على عطائه بفعل أوامره وترك نواهيه وإذا أذنب استغفر وتاب إلى الله هذا شأن المؤمن فإذا أعطي شكر وإذا ابتلي صبر وإذا أذنب استغفر ولهذا يقول ﷺ: عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وهذا هو الواجب على المؤمن أن يشكر عند الرخاء عند النعم في الصحة والعافية نعمة الإسلام نعمة الأولاد نعمة المال إلى غير هذا يشكر الله عليها بطاعة أمره وترك نهيه هذا الشكر اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا [سبأ: 13]يعني يطيع أوامره وينتهي عن نواهيه ويصرف النعم في طاعة المولى وعند البلاوي من المرض وموت القريب ونحو ذلك يصبر ويحتسب لا يجزع يتحمل فلا يضرب خدا ولا يشق جيبا لا يدعوى بجاهلية ولا يتكلم بفحش بل يتحمل بالصبر وعند الذنوب يبادر بالتوبة والاستغفار فإذا عرف المؤمن أن التوحيد إذا دخله شرك أفسده كما أن الحدث إذا دخل الطهارة أفسدها عرف أن أهم شيء عليه أن يعرف هذا التوحيد على حقيقته ويعرف الشرك على حقيقته فكما أن المتطهر إذا فسا أو بال أو تغوط بطلت طهارته فهكذا الموحد إذا أشرك بطل توحيده وبطل إسلامه فالتوحيد هو دين الله وهو الإسلام وهو الهدى فإذا فعل شيئا من أنواع الشرك بطل هذا الإسلام وبطل هذا الدين كأن يدعو الأموات ويستغيث بالأموات وينذر للأموات يسب الدين يسب الله يسب الرسول يستهزئ بالله ورسوله يستهزئ بالدين يجحد ما أوجب الله يعتقد حل ما حرم الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة كالزنا وأشباهه إذا أتى بشيء من هذه النواقض بطل إسلامه كما أن من أتى بناقض من نواقض الطهارة بطلت تطهر ثم تبول بطلت تطهر ثم خرج منه ريح أو ضراط بطلت وهكذا فهكذا توحيده وإسلامه إذا وجد منه ناقض بطل هذا التوحيد وهذا الإسلام فهو مسلم ثم سب الدين كفر حتى يتوب سب الله كفر استهزأ بالدين كفر جحد وجوب الصلاة كفر جحد تحريم الزنا كفر استغاث بالموتى نذر لهم كفر وهكذا فنواقض الإسلام تبطله كما أن نواقض الطهارة تبطلها ومما يبين حقيقة الدين ويشرح لك الحقيقة أن تعلم هذه القواعد الأربعة التي هي موجودة في كتاب الله فإذا درستها وتأملتها اتضح لك الأمر أكثر .
القاعدة الأولى ان تعلم أن المشركين مقرون بتوحيد الربوبية مقرون بأن الله خالقهم ورازقهم ومدبر أمورهم ليس عندهم في هذا شك وجهال المسلمين اليوم يحسبون أن هذا يكفي إذا أقروا أن الله خالق ورازق وأنه ربه كفى هذا من الجهل صار المشركين أعلم منه فإذا أقر بالربوبية وقال الله ربي وخالقي ورازقي ما يكفي هذا المشركون أقروا بهذا وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [الزخرف: 87] وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [لقمان: 25]مقرون بهذا قال تعالى : قُلْ [يونس: 31] يعني قل للمشركين يا محمد مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ [يونس: 31] يعني ما دمتم تعرفون هذا أفلا تتقون الإشراك بالله وترجعون إلى التوحيد والحق فهم يعرفون هذه الأمور ويقرون بها لله ومع هذا ما أسلموا قاتلهم النبي ﷺ لأنهم ما خصوا الله بالعبادة أشركوا مع الله اللات والعزى ومناة وأصنام كثيرة فالتوحيد صرف العبادة لله وحده والإيمان بأنه المستحق لها دون كل ما سواه ومما يبين لك هذا أن المشركين يقولون ما دعوناهم وتوجهنا إليهم كما في القاعدة الثانية إلا للقربة والشفاعة يعني ما قصدنا أنهم يخلقون أنهم يرزقون أو يدبرون الأمور أو يحييون الموتى لا ما قصدنا هذا نعرف أن هذا لله ولكن قصدناهم ليشفعوا لنا وليقربونا إلى الله زلفى لأنهم أحسن منا عندهم دين عندهم طاعات عندهم أعمال صالحات فنحن نعبدهم ندعوهم نستغيث بهم ليقربونا إلى الله وليشفعوا لنا لأنهم خير منا وأوجه منا كما قال جل وعلا عنهم في سورة التنزيل وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر: 3] يعني يقولون ما نعبدهم للأنبياء والصالحين إلا ليقربونا إلى الله زلفى يعني ما عبدناهم لأنهم يخلقون ويرزقون لا عبدناهم لأنهم يقربونا إلى الله زلفى قال الله تعالى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ [الزمر: 3] سماهم كذبة كفرة فهذا يدل على أن عبادة أولياءه لطلب التقريب من الكفر ولو ما قالوا إنهم يخلقون ويرزقون إذا دعوهم واستغاثوا بهم ونذروا لهم وذبحوا لهم بقصد القربة أنهم يقربونهم هذا هو الكفر الذي فعله المشركون الأولون ولهذا سماهم كذبة يعني كاذب كفار كذبة كفرة كذبوا في أنهم يقربونهم إلى الله وكفروا بهذا العمل وقال سبحانه وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ [يونس: 18] أقروا بأن آلهتهم لا تنفع ولا تضر وأنهم يشفعون لهم هم مقرون بهذا والله يقول جل وعلا فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ [المدثر: 48] مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ [غافر: 18] هذا الشرك أبطل حصول الشفاعة لهم ولم ينفعهم بل ضرهم وإنما الذي ينفعهم أن يتوبوا إلى الله وأن يستقيموا على التوحيد وأن يعبدوا الله وحده وأن يدعوا الإشراك به هذا هو الذي ينفعهم أن يوحدوا الله كما هو معنى لا إله إلا الله يعني يخصون الله بالعبادة دعاءهم خوفهم رجاءهم ذبحهم نذرهم كلها لله وحده لا يشركون مع الله لا نبيا ولا ملكا ولا جنيا ولا غير ذلك هذا هو دين الله والمشركون الذين قاتلهم النبي ﷺ فعلوا ما يدلك على ذلك فعلوا ما يدلك على أن التوحيد والدين والإسلام هو صرف العبادة لله وحده وعدم صرفها لغيره ولو زعم أن أولئك الغير لا يخلقون ولا يرزقون ما دام صرف لهم العبادة فقد كفر وإن اعتقد أن ذلك المعبود لا يخلق ولا يرزق فإن المشركين قد اعتقدوا هذا هم يعلمون أن مخلوقاتهم لا تخلق ولا ترزق وأنها فقيرة وأنها مملوكة فلم يعذرهم الله بذلك وكفرهم بطلبهم الشفاعة من غير الله وصرفوا لهم العبادة لأجل طلب الشفاعة فالحاصل أن دعاءهم غير الله واستغاثتهم بغير الله وصرف بعض العبادة لغير الله يجعل العبد مشركا وإن أقر بأن الله الخالق الرازق المدبر إلى آخره وإن أقر بأن معبوداتهم لا تنفع ولا تضر ولكنه يريد شفاعتهم أو يريد أن يقربوه هذا ما يخلصه من الشرك فالذي يعبد البدوي أو يعبد الشيخ عبد القادر الجيلاني أو يعبد الرسول ﷺ أو يعبد صنما أو جنيا ويقول أنا أعتقد أنه إنما يقربني ما يخلق ولا يرزق يبين له أن هذا هو الشرك الأكبر هذا دين المشركين الذي كان عليه ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى فالواجب عليه أن يحذر هذا بالتوبة النصوح والإقلاع وتعليم من لم يفقه ذلك من إخوانه وعشيرته وأهل بيته يكون عنده نشاط في الدعوة والحرص على تفهيمها وأن قولهم إن الآلهة التي عبدوها تقربهم إلى الله زلفى وأنهم لا يقصدون أنها تنفع وتضر وإنما قصدوا شفاعتها وتقريبها أن هذا هو الشرك الأكبر كونهم قصدوا تقريبها لله وشفاعته عنده وصرفوا لها العبادة هذا هو الشرك الأكبر . وفق الله الجميع.
س: بالنسبة للأحجار الأصنام يعلمون أنها أحجار لا تنفع ولا تضر فكيف يقولون ما نعبدها إلا لتقربنا إلى الله زلفى؟
ج: هم يظنونها تقربهم ما هو تنفعهم يظنون أن هبل وما أشباه هبل وأن مناة واللات والعزى تقربهم وإلا هم ينفعون أنها لا تنفع ولا تضر ولهذا قالوا مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا [الزمر: 3] نفي وحصر مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا [الزمر: 3] هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ [يونس: 18] ما قالوا خالقونا ورازقونا لا قالوا شفعاؤنا عند الله . عبدوهم بهذه العبادة استغاثوا بهم ونذروا لهم لأنهم وسائط عندهم منهم وسائط مثل ما قال أبو سفيان يوم أحد: لنا العزى ولا عزى لكم وقال : اعل هبل يعني نصرنا بشفاعة هبل وبتقريبنا إليه والعزى .
س: بعض الدول إذا أرسلنا لهم أشرطة يقولون أول كان عندكم قبور وكذا تعبدونهم فما يرد عليهم ؟
ج: الحمد لله على التوبة توبنا والحمد لله توبوا مثلنا والحمد لله وتوبوا مثل قريش لما تابت يوم الفتح.
س: الجاهل الذي لا يعرف أن الذبح عبادة؟
ج: يعلم أن هذا شرك يعلم أنه شرك فإذا مات عليه حكمه حكم المشركين لا يصلى عليه ولا يجهز ولا يرثه المسلمون وأمره إلى الله.
س: أيهما أولى دعا بعض الذين عندهم خلل في العقيدة يعني في نواحي هذه البلاد أو الخروج للدعوة في خارج هذه البلد؟
ج: يبدأ ببلده أوجب إن كان عنده شرك يبدأهم .
س: يقول بلد الله واحدة؟
ج: لا، يبدأ بهم الأقرب بالأقرب.
س: ...[20:12]
ج: بعض الفقهاء يسوي بينهم يقول الحمد والشكر شيء واحد وبعضهم يفرق بينهم يرى الحمد يتعلق بالقلب واللسان بس والثناء بالقلب واللسان ويرى الشكر يتعلق بالثلاثة بالقلب واللسان والعمل يقول:
أفادتكم النعماء مني ثلاثة | يدي ولساني والضمير المحجب |
الشكر وأما الحمد يكون بالثناء باللسان مع إيمان القلب بعظمة المنعم عليه واستحقاقه العبادة ولكن لا يدخل الصلاة والصوم في الحمد.
س:...[20:53]
ج: يعني الثناء والشكر، ابن جرير وجماعة يرونها شيء واحد معنى الحمد لله يعني الشكر لله يعني ثناء وعمل جميع وأن الحمد يكون بالقلب واللسان والعمل كله الأمر بسيط.
س: مسألة فهم الحجة هذه حصل فيها إشكال؟
ج: الواجب قيام الحجة بس الله قال وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ [التوبة: 115] لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [البقرة: 272]هو الذي يهدي بس أنه علينا البيان وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الشورى: 52] تهدي.. للبيان أما لزوم أنك تفهم لا ما هو بلزوم قد يقول ما فهمت نطيعه؟ إذا قلنا قل لا إله إلا الله ومعناها لا معبود بحق إلا الله ومعناها لا تدع اللات قال ما فهمت كلامك نطيعه وهو عربي يفهم؟ ما نطيعه.
س: هل يجوز صرف الحمد لغير الله ؟
ج: على النعمة التي منعه تشكره عليها وتحمد عليها إذا فعل شيئا يستحق من لا يشكر الناس لا يشكر الله.
س: لا يختلف الحكم باختلاف البلدان إذا كان إحدى البلدان فيها؟
ج: عباد البدوي...[22:18] ما يصلح عباد البدوي وأنت ترى البدوي مخلوق مثلك آدمي مثلك ما يصلح ما يعبد ما يدعا وقال ما فهمت كلامك هو عربي يفهم قال ما أنا مطيعك هذا ما يطاع هذا .
س: إذا كان في علماء سوء يحبذوا ذلك للجهال؟
ج: علماء السوء هم الذين غروهم مثل ما غر علماء السوء في مكة وغيرها نسأل الله العافية.
س: هل يأثم من اغتر بهم ؟
ج: يأثمون كلهم الداعي والمدعو نفسه نسأل الله العافية.
س: بعض الناس يغالط يقول صحيح أنه طلب الشفاعة شرك أكبر لكنه من المسائل الخفية؟
ج: الله يقول: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ [الأعراف: 179] ويش علينا يفهم؟ ما حاجتنا إلا البيان أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ [الأعراف: 179] من الأنعام ما هم بس مثل الأنعام أضل أضل من البقرة وأضل من الشاة وأضل من البعير وقال جل وعلا أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا [الفرقان: 44] فإذا قال الداعي لهم يا عبد الله اتق الله هذا ما يصلح هذا كذا هذا ما يجوز يكفي الحمد لله. وإن كان ما يفهم اللغة العربية يترجم له باللغة التي يفهمها.
س: بعض الناس يوافقك على أنه شرك أكبر لكن ما يوافقك على التكفير يقول هذه من المسائل الخفية؟
ج: لا ما هي بخفية أظهر شيء في الوجود الشرك الأكبر أظهر شيء الوجود واحد يصلي لغير الله ويصوم لغير الله أو يقول يا سيدي البدوي اغفر لي أو ارحمني أو اشف مريضي أو رد غائبي أو أنا في حبل جوارك وأنا مريض امنن علي بالشفاء هذا ويش بعد هذا؟
س: رأيكم أن جاهل التوحيد لا يعذر بجهله؟
ج: لا ، إذا علم ما يعذر أو كان بين المسلمين أما إن كان بعيدا فحكمه حكم أهل الفترة يعامل معاملة الكفار لكن أمره إلى الله لا نصلي عليه ولا يرثه المسلمون وأمره إلى الله .
س: من قام به الكفر ترى أنه يقام عليه الحجة هذا رأيك وإلا فيه تفصيل؟
ج: لا يقتل حتى يستتاب إذا يسر الله من يقتله إيه.
س: لكن كونه يكون كافرا فهو كافر؟
ج: هذا هو نعم من أظهر الكفر فهو كافر ما دام بين المسلمين أما إن كان في جهة بعيدة من أهل الفترة هذا يقال له حكم الفترة لا يحكم له بالإسلام ولا بالكفر أمره إلى الله .
س: إذا بلغه القرآن يقال أنه من أهل الفترة؟
ج: لا ، من بلغه القرآن والسنة لا ما هو من أهل الفترة الله قال: وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ [الأنعام: 19]ويقول: هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ [إبراهيم: 52].
س: من قال أنه لا يكفر حتى تقوم عليه الحجة لا يكون كافرا واستدل بأحاديث كثيرة منها مثلا حديث معاذ قال: سجوده للرسول ﷺ ولم يكفره الرسول عليه الصلاة والسلام وإنما أرشده إلى أن هذا لا ينبغي له وكذلك قول عائشة للرسول عليه الصلاة والسلام لما حصل الشجار وقالت : قل ولا تقل إلا حقا قال الرسول لا يقول إلى الحق والرسول ما كفر عائشة وأدلة كثيرة يقولون المقصود من هذا أنه لا يكفر حتى تقام عليه الحجة ويعتقد أن هذا العمل كفر أما أنه يكفر مباشرة ويحكم بكفره ويكون كافرا فلا؟
ج: هذا ما عنده خبر من أظهر الكفر فهو كافر لا شك في ذلك مادام بين المسلمين حكمه حكم الكفار حتى يتوب إلى الله لكن لا يقتل حتى يستتاب أما ما يروى عن عائشة هذه لها أشياء أخرى قد يكون لها أسباب ما هي من الأشياء الواضحة أما السجود حديث معاذ في صحته نظر لكن الرسول أنكر عليه وقال السجود لا يكون إلا لله وأنكر هذا يكفي.
س: يدخل في ذلك الجهل بالصفات السبع التي لم ينكرها أحد ...[26:57]؟
ج: يوم قاتل النبي ﷺ الناس في بدر كلهم يفهمون؟ دعاهم إلى الله فما قبل الحق فقاتلهم ما شرط كل واحد يقول له أنت فهمت وإلا ما فهمت وهذا كذا وهذا كله جاءه نحو ألف نفر قاتلهم النبي ﷺ فيهم الجاهل وفيهم المتبصر وفيهم القائد تبعوا قادتهم وبس تبعوا إنا وجدنا آباءنا على أمة.
س: لكن من عرف بخدمة الإسلام وخدمة السنة وشرح كتب السنة ثم بعد ذلك أنكر صفة من صفات الله سبحانه مثل العلو وأولها وحرف فيها ؟
ج: هذا مكذب لله من قال إن الله في كل مكان فقد كذب الله الله يقول عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه: 5] ويقول: وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة: 255] ، إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ [فاطر: 10] قد كذب القرآن.
س: طيب ما حكم هذا الرجل؟
ج: حكمه الكفر ما في شك.
والقاعدة الثالثة: أن النبي ﷺ ظهر على أناس متفرقين في عبادتهم منهم من يعبد الملائكة. ومنهم من يعبد الأنبياء والصالحين. ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار. ومنهم من يعبد الشمس والقمر. وقاتلهم رسول الله ﷺ ولم يفرق بينهم. والدليل قوله تعالى: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ [الأنفال: 39]
ودليل الشمس والقمر قوله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [فصلت: 37].
ودليل الملائكة قوله تعالى: وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا [آل عمران: 80].
ودليل الأنبياء قوله تعالى: وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ [المائدة: 116].
ودليل الصالحين قوله تعالى: أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ [الإسراء: 57].
ودليل الأشجار والأحجار قوله تعالى: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى [النجم: 19، 20] ، وحديث أبي واقد الليثي قال: "خرجنا مع النبي ﷺ إلى حنين ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط. فمررنا بسدرة فقلنا: يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط، كما لهم ذات أنواط". الحديث.
القاعدة الرابعة: أن مشركي زماننا أغلظ شركا من الأولين، لأن الأولين يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة، ومشركو زماننا شركهم دائما في الرخاء والشدة.
والدليل قوله تعالى: فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ [العنكبوت: 65].
تمت وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
الشيخ: هذه القاعدة الثالثة وذكر بعدها الرابعة من القواعد الأربع التي من عقلها وفهمها جيدا عقل دين المشركين وعقل دين المرسلين وعرف الفرق بينهما وهي قواعد مهمة وواضحة أوضح فيها رحمه الله حقيقة الشرك وحقيقة ما عليه المشركون وأوضح فيها حقيقة ما دعا إليه النبي ﷺ وما أرشد إليه وما بعثه الله به من عقل هذه القواعد الأربع كما ينبغي عرف دين المشركين على بصيرة وعرف دين الرسل على بصيرة وتقدمت القاعدة الأولى في بيان أنهم مقرون بتوحيد الربوبية وأنهم لا ينكرون أن الله هو الخالق الرازق المدبر المحيي المميت الرزاق لعباده يعرفون هذا ولهذا أقروا به لما سئلوا وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [الزخرف: 87] كما تقدم قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ [يونس: 31] وبين في القاعدة الثانية أنهم يقولون ما دعوناهم وتوجهنا إليهم إلا لطلب القربة والشفاعة ما توجهوا إليهم يعتقدون أنهم يخلقون ويرزقون لا ، يعرفون أن الخلاق والرزاق هو الله ولكن عبدهم يرجوا شفاعتهم وتقريبهم إلى الله ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى هؤلاء شفعاؤنا عند الله هذا شركهم يقولون دعوناهم وتوجهنا إليهم ليقربونا إلى الله ليشفعوا لنا عند الله والله هو الرزاق الخالق أما شرك المشركين المتأخرين فشرك دائم في الرخاء والشدة ومع الأنبياء ومع غيرهم وبعضهم أشرك في الربوبية واعتقد أن بعض المشايخ وبعض الصالحين يتصرف في الكون يتصرف في الناس هذا من سخافة العقول وضلال العقول وصاروا أسفه من المشركين الأولين وأقل عقلا وأعظم شركا تقدم تفسير الشفاعة شفاعتان شفاعة مرضية وهي التي يأذن الله فيها ويرضاها كشفاعة النبي في أهل الموقف حتى يقضى بينهم بإذنه سبحانه وشفاعته في أهل التوحيد حتى يدخلوا الجنة بإذنه ورضاه .
وشفاعة باطلة وهي الشفاعة التي يطلبها المشركون من غير الله يطلبونها من الأنبياء أو من الصالحين أو من الملائكة أو من الجن أو من الأشجار هذه باطلة قال الله فيها فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ [المدثر: 48] مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ [غافر: 18]لأنهم طلبوها من غير الله وتوسلوا إليها بالشرك فصارت باطلة ثم ذكر القاعدة الثالثة أن النبي ﷺ ظهر في أناس شركهم متنوع أقسام وأنواع منهم من يعبد الأنبياء ومنهم من يعبد الملائكة ومنهم من يعبد الصالحين ومنهم من يعبد الجن ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار ويعبد الشمس والقمر فقاتلهم جميعا وقاتلهم الصحابة ولم يفرقوا بينهم وذكر الآيات الدالة على ذلك كقوله جل وعلا وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: 80] فجعل عبادة الملائكة والأنبياء كفر وذكر قصة عيسى وقوله للنصارى مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [المائدة: 117] وذكر في الأشجار والأحجار والصالحين كذلك أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى [النجم: 19-20] مناة حجر والعزى شجرة واللات رجل صالح فالمقصود أن المشركين تنوعت عباداتهم لغير الله فمنهم من يعبد الشمس والقمر ومنهم من يعبد النجوم ومنهم من يعبد الجن إلى غير ذلك فقاتلهم ﷺ وقاتلهم الصحابة ولم يفرقوا بينهم فالشرك واحد وإن تنوع المعبودون فالذي يعبد الشمس أو القمر أو الملائكة أو الأنبياء أو الصالحين أو النجوم أو غيرهم كلهم مشركون سواء كان المعبود صالحا أو جمادا نبيا أو ملكا أو غير ذلك الله يقول: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [البينة: 5] وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء: 23] فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ [الزمر: 2] وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ [البقرة: 163] من خالف هذه الآيات وما جاء في معناها فقد أشرك سواء فعل ذلك مع الأنبياء أو مع الصالحين أو مع النجوم أو مع الشمس أو مع القمر أو غير ذلك ولهذا أنزل الله فيهم جل وعلا وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ [البقرة: 193] يعني شرك وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ [الأنفال: 39]الشرك يطلق على الفتنة وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى [البقرة: 193] يعني حتى لا يقع شرك بالله بل يكون الدين كله لله والاختلاف يسمى فتنة والمعاصي تسمى فتنة لكن هنا الفتنة الشرك كما قال جل وعلا يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ [البقرة: 217] ثم قال وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ [البقرة: 217] ثم قال وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ [البقرة: 217] يعني الشرك الفتنة وهي الشرك أكبر من القتل كونه يقتل نفسا هذا جريمة عظيمة منكر عظيم لكن كونه يشرك بالله أعظم من القتل نسأل الله العافية.
فدل ذلك على أن الواجب على ولاة الأمور أن يقاتلوا عباد غير الله مطلقا كائنا من كان بعد الدعوة إذا دعوا إلى الله وأرشدوا ولم يقبلوا وجب قتالهم مع القدرة فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16] مع القدرة كما قال تعالى وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ [الأنفال: 39] ويقول جل وعلا انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [التوبة: 41] ويقول جل وعلا يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الصف: 10- 11].
ومما يتعلق بعبادة الأشجار والأحجار حديث أبي واقد الليثي لما خرجوا إلى حنين وكانوا حدثاء عهد بكفر مروا على أناس مشركين يعبدون سدرة ويعظمونها ويعلقون عليها السلاح يقولون أنه إذا علق عليها يكون أمضى وأقوى فقالوا يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط قال النبي ﷺ: الله أكبر إنها السنن قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة فجعل طلب إيجاد شجرة تعبد مثل قول بني إسرائيل: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة فإذا قال نبي شجرة نعبدها نبي حجر نعبده قبر نعبده نعلق عليه السلاح ندعوه نستغيث به نذر له فهو مثل قول بني إسرائيل: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة وهذه قاعدة عظيمة مع القاعدتين السابقتين.
ثم أوضح القاعدة الرابعة أن شرك الأولين أخف من هؤلاء وشرك هؤلاء أعظم وأقبح فالأولون يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة وأما هؤلاء المشركون في غالب البلدان شركهم دائم في الرخاء والشدة عباد البدوي وعباد الحسين وعباد الشيخ عبد القادر الجيلاني وغيرهم شركهم دائم في الرخاء والشدة .
فالواجب الحذر من شرك المشركين في الشدة والرخاء دقيقه وجليله ومما يدلك على أن المشركين يشركون في الرخاء دون الشدة قوله تعالى فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ [العنكبوت: 65] يعني في الباخرة في السفينة دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [العنكبوت: 65] يعني أخلصوا لله خافوا خافوا أن يغرقوا في البحر خافوا أن تنقلب السفينة أو تغرق السفينة فعند هذا يخلصون لله العبادة فإذا نجاهم إلى البر وسلموا عادوا إلى الشرك نعوذ بالله وفي الآية الأخرى يقول جل وعلا وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ [الإسراء: 67] فهكذا في اللفظ الآخر وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [لقمان: 32] هكذا حال المشركين عند الشدائد يخلصون لله العبادة ويعلمون أنه هو المنجي في الشدائد وأنه لا إله غيره وإذا جاء الرخاء وقعوا في الشرك بآلهتهم وأصنامهم أما هؤلاء المشركون في أوقاتنا هذه شركهم دائم ما عندهم بصيرة يعبدون غير الله في الرخاء والشدة ولا عندهم تمييز لضعف العقول وغلبة الجهل نسأل الله العافية والسلامة وفق الله الجميع.
س: هل هناك فرق بين الشرك والكفر؟
ج: الشرك هو الكفر والكفر هو الشرك لكن في الغالب أن الشرك يطلق على عباد غير الله والكفر على من جحد شيئا مما أوجب الله أو جحد شيئا مما حرم الله يسمى كافرا أو فعلا شيئا كسب الدين أو سب الله هذا كافر أما إن كان يعبد غير الله يسمى مشرك والمشرك يسمى كافر كله واحد ويسمى الكافر مشرك أيضاً