أما بعد:
فقد سمعنا جميعًا هذه الندوة المباركة، والتي تولى أصحاب الفضيلة الكلام فيها، وهي مسألة: العمل في الإسلام، وقد أجادوا وأفادوا وأوضحوا ما ينبغي إيضاحه، فجزاهم الله خيرًا، وزادنا وإياكم وإياهم علمًا وهدى وتوفيقًا، ونفعنا جميعًا بما سمعنا وعلمنا، ومنَّ على الجميع بالاستقامة والثبات على الحق.
والتعليق على هذه الندوة أرجو أن يكون موجزًا فإنهم قد أوضحوا الأمر وبينوا ما ينبغي، والقول في ذلك كما قال أصحاب الفضيلة، فالإسلام جاء بالحث على العمل، والترغيب في العمل، والتحذير من البطالة والكسل، وندد بالسائلين وحث على العمل بما ينفع في الدنيا والآخرة، وأثنى على أصحاب اليد العليا، وقال: اليد العليا خير من اليد السفلى، والعليا هي المعطية هي المنفقة والسفلى هي الآخذة والسائلة، فكفى بهذا الحديث العظيم حثًا وتحريضًا على العمل والإنفاق والإحسان، وأنه ينبغي للمؤمن أن يكون أبدًا محسنًا ومنفقًا لا سائلًا آخذًا، وهكذا يكون المؤمن؛ لأن الإيمان يعز نفس صاحبه، ويرفع مكانته، ويجعله يحسن وينفق ويواسي ويحسن، ولا ينظر من غيره أن يعطيه، بل الإيمان يدعو إلى الإنفاق، والعمل، والإحسان، والمواساة، والنظر في أحوال الناس؛ حتى يسد حاجتهم، وحتى يعلمهم ما جهلوا، وحتى يرشدهم إلى ما ينبغي أن يأخذوا به، هكذا الإسلام والإيمان.
وسمعتم في ندوة المشايخ ما يكفي ومن ذلك قول النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: لا يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم متفق على صحته، يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم، هذه عقوبة وفي الحديث الآخر يقول عليه الصلاة والسلام: لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها فيكف بها وجهه خير له من سؤال الناس أعطوه أو منعوه خرجه مسلم وغيره. فالعمل له شأن.