06 من قوله: (والله سبحانه وتعالى يقرن بين الحياة والنور)

 
قال الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى في فوائد الذكر:
(والله سبحانه وتعالى يقرن بين الحياة والنور، كما في قوله : أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا [الأنعام:122]، وكذلك قوله : وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا [الشورى:52]، وقد قيل: إن الضمير في (جعلناه) عائد إلى الأمر. وقيل: إلى الكتاب. وقيل: إلى الإيمان.
والصواب: أنه عائدٌ إلى الروح، أي: جعلنا ذلك الروح الذي أوحيناه إليك نورًا. فسمَّاه روحًا لما يحصل به من الحياة، وجعله نورًا لما يحصل به من الإشراق والإضاءة، وهما متلازمان، فحيث وُجدت هذه الحياة بهذا الروح وجدت الإضاءة والاستنارة، وحيث وُجدت الاستنارة والإضاءة وُجدت الحياة، فمَن لم يقبل قلبه هذا الروح فهو ميتٌ مظلم، كما أنَّ مَن فارق بدنه روح الحياة فهو هالك مُضمحل.
ولهذا يضرب سبحانه وتعالى المثلين: المائي، والناري معًا؛ لما يحصل بالماء من الحياة، وبالنار من الإشراق والنور، كما ضرب ذلك في أول سورة البقرة في قوله تعالى: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ [البقرة:17]، فقال: ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ ولم يقل: (بنارهم)؛ لأنَّ النار فيها الإحراق والإشراق، فذهب بما فيه الإضاءة والإشراق، وأبقى عليهم ما فيه الأذى والإحراق.
وكذلك حال المنافقين: ذهب نورُ إيمانهم بالنفاق، وبقي في قلوبهم حرارةُ الكفر والشكوك والشّبهات تغلي في قلوبهم، وقلوبهم قد صليت بحرِّها وأذاها وسمومها ووهجها في الدنيا، فأصلاها الله تعالى إيَّاها يوم القيامة نارًا موقدةً تطلع على الأفئدة.
فهذا مثل مَن لم يصحبه نورُ الإيمان في الدنيا، بل خرج منه وفارقه بعد أن استضاء به.
وهو حال المنافق: عرف ثم أنكر، وأقرّ ثم جحد، فهو في ظلمات أصم أبكم أعمى، كما قال تعالى في حقِّ إخوانهم من الكفار: وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ [الأنعام:39]، وقال تعالى: وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ [البقرة:171].
وشبَّه تعالى حال المنافقين في خروجهم من النور بعد أن أضاء لهم بحال مُستوقد النار، وذهاب نورها عنه بعد أن أضاءت ما حوله؛ لأن المنافقين بمُخالطتهم المسلمين وصلاتهم معهم وصيامهم معهم وسماعهم القرآن ومشاهدتهم أعلام الإسلام ومناره قد شاهدوا الضوء، ورأوا النور عيانًا، ولهذا قال تعالى في حقِّهم: فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ [البقرة:18] إليه؛ لأنَّهم فارقوا الإسلامَ بعد أن تلبَّسوا به واستناروا، فهم لا يرجعون إليه.
وقال تعالى في حقِّ الكفار: فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ [البقرة:171]؛ لأنَّهم لم يعقلوا الإسلامَ، ولا دخلوا فيه، ولا استناروا به، بل لا يزالون في ظلمات الكفر، صم بكم عمي، فسبحان مَن جعل كلامه لأدواء الصدور شافيًا، وإلى الإيمان وحقائقه مناديًا، وإلى الحياة الأبدية والنعيم المُقيم داعيًا، وإلى طريق الرشاد هاديًا.
لقد أسمع منادي الإيمان لو صادف آذانًا واعيةً، وشفت مواعظُ القرآن لو وافقت قلوبًا من غَيِّها خالية، ولكن عصفت على القلوب أهوية الشّبهات والشّهوات فأطفأت مصابيحها، وتمكّنت منها أيدي الغفلة والجهالة فأغلقت أبوابَ رُشدها، وأضاعت مفاتيحها، وران عليها كسبُها فلم ينفع فيها الكلام، وسكرتْ بشهوات الغي وشبهات الباطل فلم تُصغِ بعده إلى الملام، ووُعظتْ بمواعظ أنكى فيها من الأسنة والسّهام، ولكن ماتت في بحر الجهل والغفلة، وأسر الهوى والشّهوة، وما لجرحٍ بمَيِّتٍ إيلام).

الشيخ: الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.
أما بعد: فالله سبحانه جعل كتابه الكريم وسنة رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام حياةً للبشر، ونورًا للبشر، فمَن رُزق الاستضاءة بهذا النور، والاهتداء بهذا النور، فاستقام على كتاب الله وسنة رسوله ﷺ قولًا وعملًا وعقيدةً عاش في النور، ومات في النور، قال تعالى: أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ [الأنعام:122] يعني: باتِّباع الإسلام وتوحيد الله والإخلاص له وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ من العلم والبصيرة بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ هل يستوي مع مَن في الظلمات لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا [الأنعام:122]؟! لا يستويان.
فالمؤمن الموفَّق قد رزقه الله الحياةَ والنور، والكافر في ظلمته وضلاله وموته، فلا حياة؛ لأنه لم يدخل في الإسلام، ولا نور؛ لأنه لا علم عنده بالشَّريعة، ولا بصيرة له بما جاءت به الرسل، فهو في ظلمته وجهله، كما قال تعالى: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ [البقرة:171] صمٌّ: لا يسمعون الحقَّ، وبكمٌ: لا ينطقون به، وعميٌ: لا يُبصرونه، قد شُغِلُوا بشهواتهم وشبهاتهم وإعراضهم وجحودهم واستكبارهم عن الحقِّ، فهم لا يعقلون، ولا يفهمون، ولهذا قال جل وعلا: أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا [الفرقان:44] جعلهم سبحانه أضلّ من الإبل والبقر والغنم؛ لأنَّ هذه البهائم قد تهتدي إلى مصالحها، أمَّا هؤلاء فلم يهتدوا إلى مصالحهم، بل فارقوا مصالحهم، وحادوا عن طريق السَّداد، قال تعالى: وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ يعني: خلقنا لجهنم كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [الأعراف:179].
فمَن لم يستعمل عقلَه وسمعَه وبصرَه في الحقِّ فهو أردأ من الأنعام، الأنعام تستعمل ما أعطاها الله من القوى، فترعى، وتذهب إلى الماء، وتُجيب الداعي إذا دعاها لعلفها أو للشيء الذي اعتادته، أمَّا هؤلاء فشرٌّ من الأنعام، فلا يستجيبون للداعي، ولا ينظرون إلى مصالحهم، وليس همهم إلا الشَّهوات التي تُناسبهم، والشّبهات التي رانت على عقولهم، قال تعالى: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ۝ صِرَاطِ اللَّهِ ... [الشورى:52، 53]، فالروح هو الوحي: الكتاب والسنة، ما جاءت به الرسل هو الروح، تحصل به الحياة وعدم الموت، وهو النور أيضًا، ،تحصل به البصيرة والهداية والعلم، ولهذا قال: وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ [الشورى:52]، فالروح تحصل بها الحياة، والنور يحصل به البصيرة والعلم لمن رُزق التَّفقه في الدين والتَّبصر والتعلم، أمَّا مَن تابع الهوى والشيطان فإنه تفوته هذه الحياة، ويفوته هذا النور، ويبقى في الظلمة -ظُلمة الجهل والشُّبهات والشَّهوات.
فالواجب على العاقل الراغب في الحق أن يلجأ إلى الله، وأن يسأله الهداية، وأن يُشَمِّر عن ساعد الجد في التَّفقه في الدين، والتَّبصر في كتاب الله وسنة رسوله؛ حتى يأتي الأمورَ من أبوابها، وحتى تحصل له الحياة بهذا العلم، والنور بهذا العلم.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: رجل خطب امرأةً ثم أصابه مسّ، فخاف إن تزوجها أن يضرّها، فهل يتزوجها؟
ج: هل عقد؟
س: لا خطبة فقط.
ج: لا يخدعهم، يُعلمهم أنه أصابه مسّ، وأنَّه يُصْرَع؛ حتى لا يخدعهم، فإذا رضوا به فلا بأس.
س: ما حكم تقبيل المصحف؟
ج: ما فيه بأس، كان عكرمة بن أبي جهل الصحابي يُقبِّله، لكنه غير مُستحبٍّ، فليس عليه دليل، لكن من باب تعظيمه وتكريمه.
س: رجل استدان مالًا ثم نقصت تلك العملة بمقدار النصف، إذا أتى يرد هذا المال هل يُضاعف القيمة؟
ج: يرد المال بعينه فقط ولو تغيَّرت العملة، إلا إذا أحبَّ أن يتبرع فجزاه الله خيرًا، ولا تلزمه الزيادة.
س: قول "صدق الله العظيم" بعد القراءة؟
ج: تركها أولى، ما عليها دليل.
س: السجع في الدّعاء؟
ج: ما أعلم فيه شيئًا، إذا لم يكن فيه تكلُّف.
س: وإذا كان مُتكلِّفًا؟
ج: تركه أولى.
س: أحد الإخوان يكتب أدعيةً للأئمة في رمضان، كل ليلةٍ دعاء، ما رأيك في هذا؟
ج: يجمع الدعوات المأثورة فقط، أمَّا أن يُنَوِّع ويبتدع شيئًا جديدًا فتركه أولى.
س: إمام يترك صلاةَ الوتر دائمًا؟
ج: ما هو بواجبٍ، هو سنة مُؤكَّدة، الواجب الصَّلوات الخمس.
 
قال الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى:
(والمثل الثاني المائي: قوله تعالى: أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ [البقرة:19] الصيب: المطر الذي يصوب من السماء، أي: ينزل منها بسرعةٍ، وهو مثل القرآن الذي به حياة القلوب، كالمطر الذي به حياة الأرض والنبات والحيوان، فأدرك المؤمنين ذلك منه، وعلموا ما يحصل به من الحياة التي لا خطر لها، فلم يمنعهم منها ما فيه من الرعد والبرق، وهو الوعيد والتهديد والعقوبات والمثلات التي حذَّر الله بها مَن خالف أمره، وأخبر أنه مُنزلها بمَن كذَّب رسول الله ﷺ، أو ما فيه من الأوامر الشَّديدة: كجهاد الأعداء، والصَّبر على الهوى، أو الأوامر الشَّاقة على النفوس التي هي بخلاف إرادتها، فهي كالظّلمات والرعد والبرق، ولكن مَن علم مواقع الغيث وما يحصل به من الحياة لم يستوحش لما معه من الظُّلمة والرعد والبرق، بل يستأنس لذلك ويفرح به؛ لما يرجو من الحياة والخصب.
وأما المنافق: فإنه لعمى قلبه لم يجاوز بصره الظلمة، ولم يرَ إلا برقًا يكاد يخطف البصر، ورعدًا عظيمًا وظلمةً؛ فاستوحش من ذلك وخاف منه، فوضع أصابعَه في أذنيه؛ لئلا يسمع صوتَ الرعد، وهاله مشاهدةُ ذلك البرق، وشدة لمعانه، وعظم نوره، فهو خائف أن يختطف معه بصره؛ لأن بصره أضعف من أن يثبت معه، فهو في ظلمةٍ يسمع أصوات الرعد القاصف، ويرى ذلك البرق الخاطف، فإن أضاء له ما بين يديه مشى في ضوئه، وإن فقد الضوء قام متحيرًا لا يدري أين يذهب؟ ولجهله لا يعلم أن ذلك من لوازم الصيب الذي به حياة الأرض والنبات، وحياته هو نفسه، بل لا يُدرك إلا رعدًا وبرقًا وظلمةً، ولا شعور له بما وراء ذلك، فالوحشة لازمة له، والرعب والفزع لا يُفارقه.
وأما من أنس بالصيب، وعلم ما يحصل به من الخيرات والحياة والنفع، أنه لا بد فيه من رعدٍ وبرقٍ وظلمةٍ بسبب الغيم؛ استأنس بذلك ولم يستوحش منه، ولم يقطعه ذلك عن أخذه بنصيبه من الصيب.
فهذا مثلٌ مُطابقٌ للصيب الذي نزل به جبريل ﷺ من عند رب العالمين تبارك وتعالى على قلب رسول الله ﷺ ليُحيي به القلوب والوجود أجمع، اقتضت حكمته أن يُقارنه من الغيم والرعد والبرق ما يُقارن الصيب من الماء، حكمة بالغة وأسبابًا منتظمةً نظمها العزيز الحكيم.
فكان حظُّ المنافق من ذلك الصيب سحابه ورعوده وبروقه فقط، لم يعلم ما وراءه؛ فاستوحش بما أنس به المؤمنون، وارتاب بما اطمأنَّ به العالمون، وشكَّ فيما تيقنه المبصرون العارفون، فبصره في المثل الناري كبصر الخفاش نحو الظَّهيرة، وسمعه في المثل المائي كسمع مَن يموت من صوت الرعد، وقد ذُكِر عن بعض الحيوانات أنها تموت من صوت الرعد.
وإذا صادف هذه العقول والأسماع والأبصار شبهات شيطانية، وخيالات فاسدة، وظنون كاذبة، جالت فيها وصالت، وقامت بها وقعدت، واتسع فيها مجالها، وكثر بها قيلها وقالها، فملأت الأسماع من هذيانها، والأرض من دويانها.
وما أكثر المستجيبين لهؤلاء، والقابلين منهم، والقائمين بدعوتهم، والمحامين عن حوزتهم، والمقاتلين تحت ألويتهم، والمُكثرين لسوادهم عددًا، وما أقلهم عند الله وأوليائه قدرا.
ولعموم البلية بهم، وضرر القلوب بكلامهم؛ هتك الله أستارهم في كتابه غاية الهتك، وكشف أسرارهم غاية الكشف، وبيَّن علاماتهم وأعمالهم وأقوالهم، ولم يزل  يقول: (ومنهم.. ومنهم.. ومنهم) حتى انكشف أمرهم، وبانت حقائقهم، وظهرت أسرارهم.
وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في أول سورة البقرة أوصافَ المؤمنين والكفار والمنافقين، فذكر في أوصاف المؤمنين ثلاث آيات، وفي أوصاف الكفار آيتين، وفي أوصاف هؤلاء بضع عشرة آية؛ لعموم الابتلاء بهم، وشدة المصيبة بمُخالطتهم، فإنهم من الجلدة، مظهرون الموافقة والمُناصرة، بخلاف الكافر الذي قد تأبَّد بالعداوة، وأظهر السريرة، ودعاك بما أظهره إلى مُزايلته ومُفارقته).

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.
أمَّا بعد: فهذه الآية الكريمة مع التي قبلها فيها قبيحة المنافقين في سورة البقرة؛ فإنَّ الله جل وعلا ضرب لهم مثلين:
قال جل وعلا: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ ۝ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ۝ أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ ۝ يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة:17-20].
هذه حال المنافقين: فمنهم الأعمى الذي لا حيلة له، بل هو في ضلالٍ بعيدٍ، وفي ظلمةٍ دامسةٍ، يكون في ضلاله وإصراره على الباطل، ومنهم مَن يتردد ويتحير: فتارةً يفيق، وتارةً يرجع إلى باطله، مثل صاحب الضوء الذي تارةً تشب وتنور، وتارة تطفأ.
والمقصود أنهم أقسام، فمنهم: المُطْبِق في نفاقه، المعادي لله ولرسوله، الكافر في باطن أمره، المعادي للحق، فهذا في ظلمةٍ دائمةٍ، ومنهم مَن تارةً وتارةً، فتارةً يحصل عنده شيءٌ من الإقبال، وتارةً يعمى ويصدّ عن الحق، وتارةً يبقى مذبذبًا متحيرًا.
فالواجب الحذر من هذه الصفات، وأن يكون المؤمن في غاية من اليقين والاطمئنان للحق، والثبات عليه بأدلته الشرعية؛ حتى لا يُشابه أعداء الله المنافقين الحائرين، وهذا يحصل بالتَّفقه في الدين، والتعلم، والعناية بالقرآن، والإقبال عليه، والإكثار من تلاوته، وبهذا يظهر الحق ويتضح، وهكذا صحبة الأخيار الطيبين وملازمتهم، والحذر من صحبة الأشرار.
فهذه أسباب السعادة والطّمأنينة والإيمان الصادق، أمَّا إذا تساهل العبدُ، وصاحب الأشرار، وأعرض عن العلم؛ فإنه يبقى في الحيرة والظلمة والشّك والنفاق إلى أن يمنّ الله عليه بالهداية، أو يتوفَّاه على هذه الحالة السيئة -نسأل الله العافية.
ولا شكَّ أنَّ هذا يُنذر أصحاب القلوب الحية، ويُحذرهم من التساهل، وعدم العناية بأمر الدين، وأنَّ الواجب على كل مؤمنٍ أن يتفقَّه في الدين، وأن يتبصَّر، ولهذا يقول ﷺ: مَن يُرد الله به خيرًا يُفقهه في الدين، فلا بدّ من التفقه والإقبال على الحق، والنصح لله ولعباده، وعدم صحبة الأشرار، ويكون مع الأخيار، ويصبر على صحبتهم، وعلى التفقه معهم في الدين، وعلى لزوم الحق، وترك الباطل؛ لعله يبقى على هذا، ويموت على هذا.
رزق الله الجميع التوفيق والهداية.
 
قال الحافظُ ابن القيم رحمه الله تعالى:
(وفي "الصحيح" من حديث أبي موسى، عن النبي ﷺ قال: مثل ما بعثني الله تعالى به من الهدى والعلم كمثل غيثٍ أصاب أرضًا، فكان منها طائفة طيبة قبلت الماء؛ فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها طائفة أجادب أمسكت الماء؛ فسقى الناسُ وزرعوا، وأصاب منها طائفة أخرى، إنما هي قيعان لا تُمسك ماء، ولا تُنبت كلأ، فذلك مثل مَن فقه في دين الله تعالى ونفعه ما بعثني الله به فعَلِمَ وعلَّم، ومثل مَن لم يرفع بذلك رأسًا، ولم يقبل هدى الله الذي أُرسلتُ به، فجعل النبيُّ ﷺ الناسَ بالنسبة إلى الهدى والعلم ثلاث طبقات:
الطبقة الأولى: ورثة الرسل وخلفاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهم الذين قاموا بالدين علمًا وعملًا ودعوةً إلى الله ورسوله ﷺ، فهؤلاء أتباع الرسل صلوات الله عليهم وسلامه حقًّا، وهم بمنزلة الطائفة الطيبة من الأرض التي زكت فقبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، فزكت في نفسها، وزكا الناسُ بها.
وهؤلاء هم الذين جمعوا بين البصيرة في الدين والقوة على الدعوة، ولذلك كانوا ورثة الأنبياء صلى الله عليهم وسلم، الذين قال الله تعالى فيهم: وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ [ص:45]، فالأيدي: القوة في أمر الله تعالى، والأبصار: البصائر في دين الله ، فبالبصائر يُدرَك الحق ويعرف، وبالقوى يتمكّن من تبليغه وتنفيذه والدعوة إليه.
فهذه الطبقة كان لها قوة الحفظ والفهم في الدين والبصر بالتأويل، ففجرت من النصوص أنهار العلوم، واستنبطت منها كنوزها، ورُزقت فيها فهمًا خاصًّا، كما قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وقد سُئل: هل خصَّكم رسول الله ﷺ بشيءٍ دون الناس؟ فقال: "لا والذي فلق الحبَّة وبرأ النَّسمة، إلا فهمًا يُؤتيه الله عبدًا في كتابه".
فهذا الفهم هو بمنزلة الكلأ والعُشب الكثير الذي أنبتته الأرض، وهو الذي تميزت به هذه الطبقة عن الطبقة الثانية، فإنها حفظت النصوص، وكان همُّها حفظها وضبطها، فوردها الناسُ وتلقوها منهم، فاستنبطوا منها، واستخرجوا كنوزها، واتَّجروا فيها، وبذروها في أرضٍ قابلةٍ للزرع والنبات، فاستخرجوا غوامضَها وأسرارها، ووردوها كلّ بحسبه: قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ [البقرة:60].
وهؤلاء هم الذين قال فيهم النبيُّ ﷺ: نضَّر الله امرءًا سمع مقالتي فوعاها، ثم أدَّاها كما سمعها، فرُبَّ حامل فقهٍ غير فقيه، وربَّ حامل فقهٍ إلى مَن هو أفقه منه.
وهذا عبدالله بن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن، مقدار ما سمع من النبي ﷺ لم يبلغ نحو العشرين حديثًا الذي يقول فيه: "سمعتُ، ورأيتُ"، وسمع الكثير من الصَّحابة، وبُورك في فهمه والاستنباط منه حتى ملأ الدنيا علمًا وفقهًا، قال أبو محمد ابن حزم: "وجمعتُ فتاويه في سبعة أسفارٍ كبار"، وهي بحسب ما بلغ جامعها، وإلا فعلم ابن عباسٍ كالبحر، وفقهه واستنباطه وفهمه في القرآن بالموضع الذي فاق به الناس، وقد سمع كما سمعوا، وحفظ القرآنَ كما حفظوا، ولكن أرضه كانت من أطيب الأراضي، وأقبلها للزرع، فبذر فيها النصوص؛ فأنبتت من كل زوجٍ كريمٍ: ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ [الجمعة:4].
وأين تقع فتاوى ابن عباسٍ وتفسيره واستنباطه من فتاوى أبي هريرة وتفسيره؟ وأبو هريرة أحفظ منه، بل هو حافظ الأمة على الإطلاق، يؤدي الحديثَ كما سمعه، ويدرسه بالليل درسًا، فكانت همته مصروفةً إلى الحفظ وتبليغ ما حفظه كما سمعه، وهمَّة ابن عباس مصروفة إلى التفقه والاستنباط، وتفجير النصوص، وشقِّ الأنهار منها، واستخراج كنوزها.
وهكذا الناس بعده قسمان:
قسم حُفَّاظ: معتنون بالضبط والحفظ والأداء كما سمعوا، ولا يستنبطون، ولا يستخرجون كنوز ما حفظوه.
وقسم معتنون بالاستنباط، واستخراج الأحكام من النصوص، والتَّفقه فيها.
فالأول: كأبي زُرعة، وأبي حاتم، وابن وارة.
وقبلهم: كبندار محمد بن بشار، وعمرو الناقد، وعبدالرزاق.
وقبلهم: كمحمد بن جعفر غندر، وسعيد بن أبي عروبة، وغيرهم من أهل الحفظ والإتقان والضبط لما سمعوه، من غير استنباطٍ وتصرُّفٍ واستخراج الأحكام من ألفاظ النصوص.
والقسم الثاني: كمالكٍ، والليث، وسفيان، وابن المبارك، والشافعي، والأوزاعي، وإسحاق، والإمام أحمد بن حنبل، والبخاري، وأبي داود، ومحمد بن نصر المروزي، وأمثالهم ممن جمع الاستنباط والفقه إلى الرواية.
فهاتان الطائفتان هما أسعد الخلق بما بعث الله تعالى به رسوله ﷺ، وهم الذين قبلوه ورفعوا به رأسًا.
الطبقة الثالثة:
وأما الطائفة الثالثة: وهم أشقى الخلق، الذين لم يقبلوا هدى الله، ولم يرفعوا به رأسًا، فلا حفظ، ولا فهم، ولا رواية، ولا دراية، ولا رعاية.
فالطبقة الأولى: أهل روايةٍ، ورعايةٍ، ودرايةٍ.
والطبقة الثانية: أهل روايةٍ، ورعايةٍ، ولهم نصيبٌ من الدراية، بل حظّهم من الرواية أوفر.
والطبقة الثالثة: الأشقياء، لا رواية، ولا دراية، ولا رعاية: إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا [الفرقان:44]، فهم الذين يُضيِّقون الديار، ويغلون الأسعار، إن هم أحدهم إلا بطنه وفرجه، فإن ترقَّت همته كان همُّه مع ذلك لباسه وزينته، فإن ترقَّت همته فوق ذلك كان همه في داره وبستانه ومركوبه، فإن ترقَّت همته فوق ذلك لكان همه في الرياسة والانتصار للنفس الكلبية، فإن ارتفعت همَّته عن نصرة النفس الكلبية كان همّه في نصرة النفس السبعية، وأما النفس الملكية فلم يُعطَها أحدٌ من هؤلاء، فإن النفوس كلبية وسبعية وملكية.
فالكلبية تقنع بالعظم والكِسْرة والجيفة والعذرة، والسّبعية لا تقنع بذلك، بل بقهر النفوس، والاستعلاء عليها بالحق والباطل.
وأمَّا الملكية فقد ارتفعت عن ذلك، وشمرت إلى الرفيق الأعلى، فهمتها العلم والإيمان، ومحبة الله تعالى، والإنابة إليه، والطمأنينة به، والسكون إليه، وإيثار محبته ومرضاته، وإنما تأخذ من الدنيا ما تأخذ لتستعين به على الوصول إلى فاطرها وربِّها ووليها، لا لتنقطع به عنه).

الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.
أمَّا بعد: ففي هذا الحديث الصحيح ضرب النبيُّ عليه الصلاة والسلام مثلًا لما بعث الله به من العلم والهدى وإقبال الناس عليه وإعراض الأكثرين، ضرب المثل بغيثٍ -مطر عظيم- أصاب الأرضَ، فصارت الأرضُ ثلاثة أقسام:
قسمٌ منها طيّب، قبل الماء، وأنبت الكلأ والعُشب الكثير، وانتفع به الناس.
وطائفة ثانية من الأرض أجادب، أمسكت الماء، يعني: أرض مطمئنة يبقى فيها الماء، فصارت فيها المياه الكثيرة والغدران، فشرب منها الناس، وسقى الناس منها وزرعوا.
وطائفة ثالثة قيعان، لا تُمسِك ماء، ولا تُنبت كلأ، لا يستقر عليها ماء، ولا تُنبت، ولهذا قال ﷺ: مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيثٍ أصاب أرضًا، فكان منها طائفة طيبة قبلت الماء؛ فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء؛ فنفع الله به الناس، فشربوا وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة أخرى، إنما هي قيعان، لا تُمسك ماء، ولا تُنبت كلأ، قال: فذلك مثل مَن فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعَلِمَ وعلَّم، فهذا المثل لأصحاب الطبقة الأولى والثانية، وأما الثالثة فقال: ومثل مَن لم يرفع بذلك رأسًا، ولم يقبل هدى الله الذي أُرسلت به فهذا مثل الطبقة الثالثة، القيعان.
فالنفس أقسام ثلاثة فيما بعث الله به الرسولَ ﷺ:
قسمٌ تلقوه بالقبول، وتعلَّموا، وتفقَّهوا، وحفظوا، وعلَّموا الناس، ودعوا إلى الله، وأرشدوا الناس وبصَّروهم، هؤلاء مثل الأرض الطيبة التي قبلت الماء، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير.
وطائفة من الناس حفظوا العلم، ونقلوه إلى الناس، ورووه إليهم، ونقله عنهم العلماء والأخيار، وتفقَّهوا فيه، ولكن ما كان نصيبهم فيه التفقه، بل كان غالب نصيبهم الحفظ والنقل، والتفقه لغيرهم، فهم حفظوا ونقلوا واستفادوا واستنبطوا بعض الشيء، لكنَّهم لم يستكملوا ذلك؛ لأنَّ همتهم مصروفة إلى الحفظ والنقل.
والطائفة الثالثة من الناس هم الأكثرون -أكثر الخلق- لم يقبلوا الحقَّ، ولم يعترفوا به، بل أعرضوا عنه، وصارت همة أكثرهم همة البهائم: بطنه، وفرجه، فإذا ارتفع فإلى ملابسه ومزرعته ونحو ذلك، فإن زاد زاد في الظلم والفساد، وصار كالسباع والكلاب محروم من الخير، وهذا حال الأكثرين، ولهذا قال تعالى: وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ [سبأ:13]، وقال سبحانه: وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [سبأ:20]، وقال تعالى: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف:103].
فعليك يا عبدالله أن تكون من القسم الأول أو من الثاني على الأقل؛ تحفظ العلم، وتتفقه في الدين، وإذا تيسر لك أن تكون مُعلمًا ومُرشدًا ومُوجهًا للخير فاحرص على ذلك، حتى تكون نافعًا لنفسك، نافعًا لغيرك، هاديًا مهديًّا.
وهذه الطبقة -طبقة الرسل وأتباعهم من الفقهاء والعلماء- حفظوا العلم، وعلَّموه الناس، وفقَّهوا الناس فيه، واستنبطوا أحكامه.
والطائفة الثانية: حفظوا العلم ونقلوه، ولكن ليس لهم فيه العناية القوية في تفجير أنهاره، وبيان معانيه، بل أغلب حظِّهم النقل والرواية والتَّحفيظ، والعلماء الآخرون فجَّروا أنهارها، وأخذوا ما فيها من العلوم، وبيَّنوا للناس، ودعوا إليه.
فينبغي للمؤمن أن تكون همته عاليةً، وأن يتفقه ويتعلم ويحفظ، وإذا حفظ يتفقه حتى يعمل بما حفظ؛ لأنه خُلِقَ ليتعلَّم ويعمل، فعليه أن يجتهد في أن يتعلَّم الحقَّ، وأن يعملَ به.
وفَّق الله الجميع.

الأسئلة:

س: حديث أبي قتادة: إذا دخل أحدُكم المسجدَ فلا يجلس حتى يُصلي ركعتين الأمر للاستحباب أم للوجوب؟
ج: المشهور عند العلماء أنه للاستحباب؛ لقوله ﷺ لما سأله الأعرابي عن الصَّلوات الخمس: هل عليَّ غيرها؟ قال: لا، إلا أن تطوع، ولكن القول بالوجوب قولٌ قويٌّ؛ لأنَّ فيه الأمر فليركع ركعتين، وفيه النهي فلا يجلس، فينبغي ألا يتساهل في هذا، فإذا دخل وهو طاهر صلَّى ركعتين، ويحذر التَّساهل في هذا.
س: إذا كان الأمرُ للاستحباب وأتى للمسجد في وقت نهيٍ يُصلي أم يجلس؟
ج: ولو في وقت نهيٍ، السنة أن يُصلي؛ لأنَّ الأمر عامّ، وهذه من ذوات الأسباب، مثل: صلاة الكسوف، فلو كسفت الشمسُ في العصر يُصليها على الصَّحيح.
س: قول الرسول ﷺ للرجل عندما تخطَّى الرقابَ في المسجد يوم الجمعة، قال: اجلس، فقد آذيتَ وآنيتَ فلم يأمره بتحيَّة المسجد؟!
ج: لعله قد صلاها، وهذا ما هو بصريح.
س: طلب العلم مُقدَّم على كسب الرّزق؟
ج: يجمع هذا وهذا، يجعل وقتًا للعلم، ووقتًا لطلب الرزق، لا يخل هذا ولا هذا.
س: هل علم أبي بكر وحفظه أكثر من حفظ أبي هريرة أو أقل؟
ج: المشهور عند العلماء أن أبا هريرة كان أحفظ الناس، حفظ من العلم هو وعبدالله بن عمرو الشيء الكثير، ولكن أبو بكر وعمر وعلي وعثمان كانوا أفقهَ، من الطبقة الأولى، رضي الله عن الجميع.