فالأمر عظيم جدًا، وهذه الآلات التي بلي الناس، آلات الملاهي، فتن بها الكثير من الناس، وظلوا بها عن سواء السبيل، يجلس على التلفاز نشيطًا قويًا حتى يقفل، ثم يأتي جيفة ميتًا على فراشه لا يستيقظ إلا عند ذهابه لعمله، إن كان له عمل، يترك صلاة الفجر مع المسلمين وفي بيته ولا يستيقظ إلا لعمله، أو حاجاته الدنيوية، بعدما يموت هذا الموت العظيم، نسأل الله العافية، ولو كان إنسان يقرأ القرآن لو جلس يقرأ القرآن بعد العشاء حتى ذهب من الليل كثير منه وصار ذلك من أسباب ترك صلاة الفجر عظم عليه ذلك، حتى ولو هو يقرأ القرآن، حتى في حلقات العلم، لو جلسوا في حلقات العلم جلوسًا يفوتهم صلاة الفجر في الجماعة في وقتها حرم عليهم ذلك، وهم في عمل صالح، فكيف إذا كان جلوسهم على اللهو والغفلة، على سماع الملاهي، على القيل والقال، على الأكل والشرب، على الضحك واللعب، كيف تكون الحال، فالجريمة عظيمة، والله يقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [المنافقون:9]، إذا كان التهى بماله وتصريف ماله وأولاده في أشياء لهم إذا التهى بهم صار من الخاسرين، فكيف إذا كان اللهو فيما حرم الله؟! بالأغاني والمعازف، بالغيبة والنميمة، باستماع إلى ما حرم الله، بفعل ما حرم الله، تكون المصيبة أكبر، تكون الجريمة أعظم، والعقوبة أشد، نسأل الله العافية.
فالمقصود أن ما نصح به المشايخ ووجهوا إليه أمره عظيم، من العناية بالصلاة في جماعة، والمحافظة عليها، والحذر كل الحذر من التهاون بأدائها في بيوت الله سبحانه وتعالى، وينبغي لطالب العلم أن يقرأ كثيرًا، وينبغي لمن يستطيع ذلك أن يقرأ كثيرًا ما بينه الله وذكره في القرآن من أمر الصلاة، ويردد ذلك حتى يخشع قلبه، وكذلك ما في الأحاديث الصحيحة في كتب أهل العلم، وما ذكروه في الصلاة، يقرأها في مجلسه ومع إخوانه، يسمعها في إذاعة القرآن في إذاعة نور على الدرب حتى يستفيد، لا يكون غافلًا مشغولًا بالملاهي وأشباهها، مشغولًا بدنياه، مشغولًا بمزرعته، مشغولًا بكذا وكذا لا، يوم لدنياك ويوم لأخراك، القرآن ساعة وساعة، ساعة للمزرعة، وساعة للأولاد، وساعة لكذا، وساعة لكذا، وساعة تسمع العلم تستفيد، تسمع إذاعة القرآن، تسمع نور على الدرب، تسمع حلقات العلم ولو بعيدة، تسافر إليها، تسافر إليها، وتذهب إليها ولو سفرًا، تحضرها وتستفيد، ما يكون قلبك غافلًا، وتكون جاهلًا، أنت مخلوق لتعبد الله، كيف تعبد الله وأنت لا تعرف؟ وأنت ما تعلمت وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]، فهذه العبادة التي أنت مخلوق لها تحتاج إلى علم، لا بد أن تتعلم، ثم العلم لا بد من مواصلته، لو جلست يومًا من الدهر إذا مضى عليك أيام وشهور نسيت ذهب عنك ما علمت، فلا بد من المتابعة، والمواصلة في سماع العلم، في قراءة القرآن، في سماع الأحاديث، في قراءة الأحاديث، في سماع ما يذاع مما يتعلق بالدين، مما يتعلق بالتوجيه إلى الخير، حتى توفق، وحتى تعان على الخير، وحتى يحصل لك من العلم والفوائد ما يعينك على طاعة الله ورسوله ما يشجعك على الخير، ما يعينك على إنكار المنكر، على النصيحة.
كثير من القلوب ماتت بسبب الغفلة، مات صار مشغولًا بدنياه، موت القلب أعظم العقوبات، فإن القلوب ثلاث:
قلب صحيح سليم قد استنار بنور الله، مأمور بطاعة الله، موفق صاحبه على خير وهدى.
وقلب ميت هالك مشغول بشهواته وحظوظه العاجلة، لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا، قد شغل بدنياه وشهواته وحظه العاجل، فهذا قلب الكافر وأشباهه، كقلب الفاسق ممن ضيع أمر الله، شغل عن أمر الله ولم يستنر قلبه بنور الله ولم يهتد بهدى الله.
والقلب الثالث: قلب مريض فيه مادة خير ومادة شر، وهذه حال قلوب كثير من المسلمين، مريضة فيها مادة خير تحثه على الخير، وتدعوه إلى الخير؛ بما عنده من العلم والفائدة وذكر الله وقراءة القرآن، وفيها مادة الشر من المعاصي والسيئات والغفلة، هذه المادة تجره إلى الخير مادة الخير، ومادة الشر تجره إلى الشر، وهو لما غلب عليه، قد يغلب عليه الخير فيهتدي ويتوب إلى الله جل وعلا، وقد يغلب عليه الشر فيهلك مع الهالكين، نسأل الله العافية، لكن حلقات العلم، وتدبر القرآن الكريم، والإقبال عليه، وسماع الفوائد، وحضور حلقات العلم والنصائح، هذه من أسباب تقوية مادة الخير، من أسباب تقويتها حتى ينجر إلى الخير، وحتى ينجو من الشر، وحتى تغلب المادة الخيرية الطيبة على المادة اللئيمة الخبيثة الضارة. رزق الله الجميع التوفيق والهدى.