طلب فاطمة خادماً من النبي صلى الله عليه وسلم

وفي قصة فاطمة أيضًا بقية لم يكملها الشيخ مصطفى، وهي بقية فيها خير وفيها فائدة عظيمة، فاطمة كانت تعمل في بيتها، وتقوم بحاجات البيت؛ حتى مجلت يداها من الطحن، وتعبت من ذلك، فجاء إلى النبي ﷺ وجاءه سبي من بعض السبي فجاءت تسأله خادمًا، يعني جارية تعينها على شغل البيت، فقال: والله لا أعطيك جارية وأدع أهل الصفة تطوي بطونهم، فردها، واعتذر إليها، ولكن أدلك على ما هو خير من خادم، قال لها النبي ﷺ: أدلك على ما هو أفضل من خادم: تسبحين الله عند النوم ثلاثا وثلاثين، وتحمدين الله عند النوم ثلاثا وثلاثين، وتكبيرينه عند النوم أربعا وثلاثين، فهذا خير لك من خادم، فقالت فاطمة: فعملت بهذا فما وجدت تعبًا بعد ذلك رضي الله عنها، وهي بنت النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا الحديث صحيح في الصحيحين عن النبي عليه الصلاة والسلام، من أصح الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فهذا يدل على أنه ينبغي للمؤمن أن يكون له عمل، وأن يحذر الكسل، ويبتعد عن الكسل، فالكسل لا خير فيه.

وذكر لكم الشيخ مصطفى أن النبي عليه السلام كان يشرط على من يبايعهم ألا يسألوا الناس شيئًا، والمحفوظ في الرواية والمعروف في الرواية أنه بايع جماعة من أصحابه، لم يكونوا كل المبايعين لكن بايع جماعة من أصحابه منهم: عوف بن مالك الأشجعي ، بايعهم على ألا يسألوا الناس شيئًا، وليس هذا لجميع الصحابة، ولا جميع المبايعين، بل كان يبايعهم كما ذكر غير واحد، كان يبايعهم على شهادة ألا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والسمع والطاعة، ويذكرهم بما استطاعوا، ويبايعهم على النصح لكل مسلم، كما روى جرير بن عبد الله البجلي ذلك وغيره، ويبايعهم على ألا يشركوا بالله شيئًا، كما في بيعت الممتحنة، لكنه بايعه جماعة من الصحابة على ألا يسألوا الناس شيئًا، قال: "وكان أحدهم يسقط سوطه فلا يطلب أحدًا أن يناوله إياه"، بل ينزل من دابته حتى يأخذ سوطه، تحقيقًا لهذه البيعة، فهذا يدل على أنه ينبغي للمؤمن مهما أمكن ألا يحتاج إلى الناس إذا أغناه الله ألا يسألهم شيئًا، فإن السؤال فيه ذلة، فينبغي للمؤمن أن يجتهد ألا يذل نفسه ويستغني عن السؤال مهما أمكن، وينبغي له أن يكون منفقًا ومحسنًا لا سائلًا ولا متكففًا للناس، فالسؤال فيه ذل، والإنفاق والإحسان فيه العز. وأسأل الله أن يوفق الجميع لما يرضيه.