بقي شيء واحد تكلم فيه الإخوان وهو العمرة في رجب، العمرة في رجب هذه قد جاء عن عمر رضي الله عنه وأرضاه أنه كان يفعلها، وثبت عن ابن عمر في الصحيحين أنه ذكر عن النبي ﷺ أنه اعتمر في رجب، وأنكرت عليه عائشة رضي الله عنها ذلك، وهكذا أكثر ما قالت الأخبار عن النبي ﷺ ذكروا عمرته في ذي القعدة، كل عمره في ذي القعدة، ولكن قد ثبت في الأصول أن المثبت مقدم على النافي، وأن من أثبت شيئًا حجة على من نفاه، هذه المسألة تحتاج إلى مزيد نظر، وإلى مزيد عناية، وهي العمرة في رجب هل هي من البدع أو من السنن هذا محل نظر، وسيكون فيها تعليق إن شاء الله مستوفى في الجمعة الآتية، إن شاء الله سيكون فيها تعليق في هذا الموضوع؛ لأنه مهم، وقد ذكره أهل العلم وبينوه، فأرى أن الموضوع يحتاج إلى مزيد عناية، وإلى مزيد بحث، وسوف الكلام في هذا إن شاء الله أعني مسألة العمرة في الجمعة الآتية إن شاء الله، والتعليق الآتي، وأسأل الله للجميع التوفيق.
أما ما يتعلق بالشهور الحرم الأربعة فهي لا شك أنها أشهر عظيمة محترمة، وقد ذهب الجمهور إلى نسخ حرمتها، وذهب قوم من أهل العلم من التحقيق أن حرمتها لم تنسخ، وأنها باقية، وهي الأشهر الحرم، ولكن لا يجوز أن يحدث بها عبادة إلا بدليل، لا يخص شيء إلا بدليل، قال الله جل وعلا: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ [التوبة:36]، فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ يحتمل أن يعود على الأشهر الحرم الأربعة، ويحتمل أن يعود على الجميع، الأشهر كلها.