وهنا قاعدة ولاسيما في هذا العصر، كلما أمكن من بقاء النكاح وعدم إلغاء النكاح كلما أمكن من عدم وقوع الطلاق من وجه شرعي، فينبغي سلوكه لكثرة مشاكل الطلاق، وكثرة المطلقين، وكثرة أسباب الطلاق، فلو أخذ بكل سبب ذهب ضحية ذلك جمع غفير في كل يوم من النساء، فكلما أمكن بقاء النكاح الذي هو الأصل وعدم وقوع الطلاق بوجه شرعي ما أمكن ذلك فهو أولى بالمسلمين، وأولى بالمفتين؛ حفظًا للمسلمين عن الوقوع في معاطب الطلاق، وما يترتب عليه بعد ذلك من بقاء الرجال بدون نساء، وبقاء النساء بدون رجال، وتفرق العوائل، وتيتم الأولاد، فإنهم يكونون كالأيتام عند أمهاتهم، فمهما أمكن للمفتي والقاضي وطالب العلم الناظر في أمور الناس مهما أمكنه بقاء النكاح وعدم إيقاع الطلاق بوجه من الوجوه؛ لسكر وقع، أو ضاع عقله لغضب شديد أغلق عليه طرق الخير أغلق عليه عقله حتى ما شعر كيف يطلق، وما ضبط نفسه تعليق على أمر يقصد منع منه، أو الحث عليه أو التصديق أو التكذيب ولم يرد إيقاع الطلاق، وإنما أراد منع نفسه من كذا، أو حث نفسه على كذا، كالمثال الذي ذكر للشيخ صالح: طلق أن لا يأكل مع آل فلان، طلق لا يكلم فلانًا، طلق ألا يسافر إلى كذا يقصد منع نفسه، ما قصد إيقاع الطلاق، ولا قصد فراق أهله، هذا على الصحيح يكون في حكم اليمين، وعليه كفارة ذلك، فإن أراد إيقاع الطلاق وقع الطلاق بإجماع المسلمين إذا أراد وقوعه.
الأربعاء ١٦ / جمادى الآخرة / ١٤٤٦